الصفحة 97

وفي رواية أحمد فرفعت الكساء لأدخل معهم فجذبه من يدي وقال إنك على خير(1). وفي هذا كفاية في إثبات أن أهل البيت هم أصحاب الكساء بأوضح العبارات وأصرح الألفاظ، فيكونون بذلك ثقل القرآن الذي أمرنا رسول الله (ص) في حديث الثقلين بالتمسك بهم.

ومن قال بأن العترة بمعنى القربى حتى يشوه المعنى فقوله غير مقبول، لان هذا لم يقل به أحد من أئمة اللغة، فقد نقل ابن منظور في لسان العرب: (إن عترة رسول الله (ص) وولد فاطمة رضي الله عنها) هذا قول ابن سيده، وقال الأزهري (ره)، وفي حديث زيد بن ثابت قال: قال رسول الله (ص).. ويذكر حديث الثقلين ـ فجعل العترة أهل البيت، وقال أبو عبيد وغيره: عترة الرجل وأسرته وفصيلته رهطه الأدنون، ابن الأثير عترة الرجل أخص أقاربه وقال ابن الأعرابي: العترة ولد الرجل وذريته وعقبه من صلبه. قال: فعترة النبي (ص) ولد فاطمة البتول (ع))(2). فيتضح من هذا المعنى أن أهل البيت ليس مطلق الأقارب وإنما هم أخص أقاربه، ولذلك عندما سئل زيد بن أرقم في رواية مسلم قالوا فمن أهل بيته؟ نساؤه؟

قال: لا وأيم الله.. إن المرأة تكون مع الرجل العصر من الدهر، ثم يطلقها فترجع إلى أبيها وقومها.. أهل بيته أصله وعصبته الذين حرموا الصدقة من بعده..

كما أن شرف الانتماء لأهل البيت لم يدَّعِهِ أحد من أقارب رسول الله (ص) ولا زوجاته، وإلا لحدثنا التاريخ بذلك، فلا يوجد في التاريخ ولا الحديث أن زوجات النبي (ص) احتججن بهذه الآية

____________

1- مسند أحمد ج3 ص292ـ323.

2- لسان العرب ج9 ص34.


الصفحة 98
وهذا الشرف بعكس أهل البيت، فهذا أمير المؤمنين (ع) يقول: (إن الله عز وجل فضلنا أهل البيت، ويكف لا يكون كذلك والله عز وجل يقول في كتابه: (إنما يريد ليذهب أهل البيت أهل البيت ويطهركم تطهيراً) فقد طهرنا الله من الفواحش ما ظهر منها وما بطن، فنحن على منهاج الحق).

وقال ابنه الحسن (ع): أيها الناس من عرفني فقد عرفني، ومن لم يعرفني فأنا الحسن بن علي، وأنا ابن البشير النذير الداعي على الله فإذنه والسراج المنير، أنا من أهل البيت الذي كان ينزل فيه جبرئيل ويصعد، وانا من أهل البيت الذين أهب الله عنهم الرجس وطهركم تطهيراً). وفي موضع آخر يقول: (وأقول معشر الخلائق فاسمعوا، ولكم أفئدة وأسماع فعوا، عن أهل بيت كرمنا بالإسلام واختارنا واصطفانا واجتبانا فأذهب عنا الرجس وطهرنا تطهيرا).

واحتجاج ابن كثير بالسياق في لزوم إدخال أزواجه (ص) في هذه الآية لا مجال له، لأن حجية الظهور متوفقة على وحدة الكلام، ومن المعلوم أن الخطاب قد تغير من التأنيث في الآيات السابقة لهذه الآية إلى التذكير فغذا كان المراد من هذه الىية نساءه يكون الخطاب ـ إنما يريد الله ليذهب عنكن الرجس أهل البيت ويطهركن تطهيراً ـ لأن الايات خاصة بالنساء ولذلك استأنف الله قوله بعد هذه الآية (واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة..)(1). ولم يقل أحد أن آية التطهير نازلة في أزواج النبي (ص) غير عكرمة ومقاتل، فكان عكرمة يقول: (من شاء باهلته أنها نازلة في أزواج النبي (ص)(2). وهذا الكلام من

____________

1- الأحزاب، آية 34.

2- الدر المنثور ج5 ص198.


الصفحة 99
عكرمة غير مقبول لتعارضه مع روايات صحيحة صريحة كما سبق في أن أهل البيت هم أصحاب الكساء.

وثانيا ماهو الذي حرك عكرمة وأثار غضبه حتى ينادي في الأسواق للمباهلة؟.

هل حباص في أزواج النبي أم بغضاً لأصحاب الكساء؟! وما هوالداعي للمباهلة إذا كانت مسلمة أنها في أزواج النبي (ص)؟! أم كان الرأي العام والسائد أنها نزلت في علي وفاطمة والحسن والحسين؟! أم كان الرأي العام والسائد أنها نزلت في علي وفاطمة والحسن والحسين؟! بل هو كذلك. ويدل على ذلك فحوى كلامه: (ليس بالذي تذهبون إليه، إنما هو نساء النبي)(1) وهذا يعني أن الآية كانت واضحة عند بقية التابعين أنها في ـ علي وفاطمة والحسن والحسين ـ عليهم سلام الله.

كما أننا لا يمكن أن نقبل عكرمة حكماً وشاهداً في هذا الأمر لما عُرف عنه من شدة العداء لأمير المؤمنين (عليه السلام) فهو من الخوارج الذين قاتلوا علياً، فكان عليه أن يقول أنها نزلت في نساء النبي (ص)، لأنه لو أقر في نزولها فيعلي (ع) يكون حكم بنفسه على مذهبه وهدَّ أسس عقيدته التي سوغت له ولأصحابه الخروج على علي (ع). وغير ذلك من اشتهار عكرمة بالكذب على ابن عباس حتى أن ابن المسيب كان يقول لمولى له اسمه برد: لا تكذب عليَّ كما كذب عكرمة على ابن عباس، وفي ميزان الاعتدال أن ابن عمر قال ذلك أيضاً لمولاه نافع.

وقد حاول علي بن عبد الله بن عباس صد عكرمة وردعه عن ذلك، ومن وسائله التي اتخذها معه أنه كان يوقفه على الكنيف ليرتدع عن الكذب على أبيه، يقول عبد الله بن أبي الحرث: (دخلت على ابن عبد الله بن عباس

____________

1- المصدر السابق.


الصفحة 100
وعكرمة موثق على باب الكنيف، فقلت: أتفعلون هذا بمولاكم؟! فقال: إن هذا يكذب على أبي)(1).

وأما مقاتل فإنه لا يقل عن عكرمة في عداءه لأمير المؤمنين (ع) واشتهاره بالكذب، حتى عده النسائي في جملة الكذابين المعروفين بوضع الحديث(2).

وقال الجوزاني كما في ترجمة مقاتل من ميزان الذهب: كان مقاتل كذاباً جسوراً(3).

وقال مقاتل للمهدي العباسي: إن شئت وضعت لك أحاديث في العباس، قال: لا حاجة لي فيها(4).

ومثل هؤلاء لا يمكن أن نأخذ من كلامهم، فذلك ضرباً من الغرور والجهل، لأن الأحاديث الصحيحة المتواترة خلاف ذلك كما تقدم. وهذا غير الروايات التي تقول بعد نزول هذه الآية أن رسول الله (ص) بقي تسعة أشهر يأتي باب علي بن أبي طالب (ع) عند وقت كل صلاة فيقول: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أهل البيت (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) كل يوم خمس مرات(5).

وفي صحيح الترمذي ومسند أحمد ومسند الطيالسي ومستدرك الحاكم على الصحيحين وأسد الغابة وتفسير الطبري وابن كثير والسيوطي: إن رسول

____________

1- وفيات الأعيان ج1 ص320.

2- دلائل الصدق ج2 ص95.

3- الكلمة الغراء، لشرف الدين ص217.

4- الغدير ج 5 ص 266.

5- تفسير الآية عن ابن عباس في الدر المنثور ج5 ص199.


الصفحة 101
الله (ص) كان يمر بباب فاطمة (ع) ستة أشهر كلما خرج إلى صلاة الفجر يقول: الصلاة يا أهل البيت (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا)(1).. وغيرها من الروايات المشابهة التي وردت في هذا الباب.

وبهذا اتضح لنا جلياً أن أهل البيت هم (علي وفاطمة والحسن والحسين) ولا مجال للمنكر المراوغ، فإن الشك في هذا كالشك في الشمس في رابعة النهار.

____________

1- مستدرك الصحيحين ج3 ص158، وقال حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجه.


الصفحة 102

الصفحة 103

أهل البيت في آية المباهلة

إن الصراع بين جبهتي الحق والباطل في ساحات القتال أمرٌ صعب ولكنه أكثر صعوبة إذا كان في ساحة المحراب، عندما كل واحد نفسه أمام علام الغيوب، ويجعلونه حاكماً وقاضياً بينهم، ففي هذه الحالة لاينجح من قلبه شك أو ريبة.

نعم، قد يكون مقاتلاً جلداً في ساحات القتال، لذلك نجد رسول الله (ص) في مقاومته للكفار يدعو للجهاد كل من يقدر على حمل السلاح ولو كان منافقاً. ولكن عندما تحولت نوعية الصراع من الحرب إلى الدعاء و المباهلة مع النصارى لم يَدْعُ رسول الله (ص) لهذه النوعية الجديدة من الصراع أي واحدٍ من أصحابه، لأن في مثل هذا المقام لا يتقدم إلا من كان له قلب سليم مطهرٌ من الرجس والذنب، وهم النخبة المصطفاة، ومثل هؤلاء لا يكونون كُثُراً بين البشر، وإنما هم قلة، ولكنهم خير أهل الأرض.

فمن هؤلاء النخبة المصطفون؟

عندما جادل رسول الله (ص) علماء النصارى بالتي هي أحسن. لم يجد منهم إلا الكفر والجحود والعصيان، ولم يعد هناك سبيل سوى الابتهال، وهو أن يدعو كل واحد منهم بما عنده، ويجعلوا لعنة الله على الكاذبين، فحينها جاء الأمر الإلهي (فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءكم وأنفسنا

الصفحة 104
وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنت الله على الكاذبين)(1). وعندها استجاب القساوسة إلى عرض الرسول الجديد حتى تكون المعركة حاسمة بينهم، فجمع القساوسة خواصهم استعداداً لهذا اليوم، وعندما جاء الموعد واحتشدت الجماهير وتقدم النصارى وهم يعتقدون بأن الرسول سوف يخرج إليهم بجمع منأصحابه ونسائه ظهر رسول اله (ص) وهو يتقدم بخطوات ثابتة مع كوكبة صغيرة من أهل البيت الحسن على يمينه والحسين على شماله، وعلي وفاطمة خلفه، وعندما رأى النصارى هذه الوجوه المشرقة ارتعشوا خوفاً، فالتفتوا جميعاً إلى الأسقف زعيمهم:

ـ يا أبا حارثة، ماذا ترى في الأمر؟

فأجابهم الأسقف: أرى وجوهاً لو سأل الله بها أحد أن يزيل جبلاً من مكانه لأزاله.

فازدادت دهشتهم، وعندما أحس الأسقف منهم ذلك قال:

ـ أفلا تنظرون محمداً رافعاً يديه ينظر ما تجيبان به، وحق المسيح إذا نطق فوه بكلمة لا نرجع إلى أهل ولا مال(2).

وحين ذاك قرروا التراجع وترك المباهلة، ورضوا بالذل ودفع الجزية.

فبهؤلاء الخمسة هزم رسول الله (ص) النصارى وردهم صاغرين. وبذلك قال رسول الله (ص) (والذي نفسي بيده إن العذاب تدلى على أهل نجران ولولا عفوه لمُسخوا قردة وخنازير واضرم عليهم الوادي ناراً ولأستأهل الله نجران وأهله حتى الطير على الشجر وما حال الحول على النصارى كلهم).

____________

1- سورة آل عمران: 61.

2- الدر المنثور، السيوطي ج2 من سورة آل عمران آية 61.


الصفحة 105
ولكن لماذا أحضر الرسول (ص) هؤلاء الخمسة فقط، ولم يحضر أصحابه وزوجاته؟

والإجابة على ذلك بكلمة، وهي: أهل البيت هم أوجه الخلق بعد الرسول عند الله وأكثرهم نقاءاً وتطهيراً، ولم تتح لغيرهم هذه الصفات التي أثبتها الله لأهل البيت في آية التطهير كما تقدم. ولذلك نجد رسول الله (ص) في تطبيق هذه الآية كيف يلفت أنظار الأمة لمنزلة أهل البيت، فيفسر قوله تعالى (أبناءنا) بالحسن والحسين و(نساءنا) بالسيدة فاطمة الزهراء (ع) و(أنفسنا) بـ علي (ع)، وذلك لأن الإمام لا يدخل ضمن النساء ولا ضمن الأولاد فينحصر دخوله في كلمة أنفسنا ولأن التعبير بـ (أنفسنا) يكون قبيحاً إذا كانت الدعوة موجهة إلى ذاته فقط.

فكيف يدعو نفسه؟!. ويؤيد ذلك قول الرسول (ص) (أنا وعلي من شجرة واحدة وسائر الناس من شجر شتى).

فإن كان الإمام علي (ع) هو نفس الرسول (ص) فيكون له ما للرسول من قيادة وولاية على المسلمين إلا منزلة واحدة وهي منزلة النبوة كما عبر رسول الله (ص) في صحيح البخاري وسلم: (يا علي أنت مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لا نبي بعدي)(1).

إن استدلالنا من هذه الآية لم يكن في هذا المقام وإنما هو في بيان من هم أهل البيت، والحمد لله لم يكن هناك خلاف في أن هذه الآية نزلت في أصحاب الكساء، وهناك أخبار وأحاديث في هذا المجال.

فقد روى مسلم والترمذي كلاهما في باب فضائل علي (ع): (عن سعد بن أبي وقاص قال: لما نزلت هذه الآية (قل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم

____________

1- راجع البخاري كتاب المناقب، وصحيح مسلم كتاب فضائل الصحابة، والمسند ج3 رواية رقم 1463.


الصفحة 106
ونساءنا..) دعا رسول الله (ص) علياً وفاطمة وحسناً وحسيناً، فقال: اللهم هؤلاء أهلي)(1). وذكره السيوطي والحاكم والبيهقي، وقوله هؤلاء أهلي يدل على تحديد أهل البيت في هؤلاء الأربعة.

____________

1- صحيح مسلم ج2 ص360 ط. عيسى الحلبي، وج15ط. مصر ص176 بشرح النووي، صحيح الترمذي ج4 ص293 رقم الحديث 3085، ج5 ص301 الحديث 3808، المستدرك على الصحيحين ج3 ص150.


الصفحة 107


الفصل الخامس
ولاية علي (ع) في القرآن


  البحث الفاصل
  آية الولاية
  وجه الاستدلال من هذه الآية
  المصادر التي أثبتت نزولها في أمير المؤمنين علي (ع)
  آية التبليغ نص صريح في الولاية
  الغدير في المصادر الإسلامية
  المصادر التي أثبت نزولها في الإمام علي (ع)
  نص الخطبة



الصفحة 108

الصفحة 109

ولاية علي في القرآن

  البحث الفاصل:

بعد فراغي من بحثي الأول الذي كلفني مجهوداً فكرياً ونفسياً، وجعلني أعيش صراعات مع ضميري وأخرى مع زملائي وأساتذتي في الجامعة، وصلت فيه إلى قناعة كافية أشك في الشمس ولا أشك فيها، وكانت النتيجة من ذلك كما وضحت وجوب اتباع أهل البيت (ع) وأخذ الدين عنهم، وكانت هذه قناعاتي الأولى لفترة من الزمن، لم أتمكن بعد من تحديد الموقف واختيار مذهبي رغم وجداني الذي كان يلح علي باتباع مذهب التشيع، ورغم أن أصدقائي وأهلي وزملائي كانوا يصنفونني شيعياً، وكثير منهم يناديني بالشيعي وبعضهم بالخميني؟، وأنا بعد لم أحدد موقفي، لا أشك فيما توصلت إليه، ولكن نفسي الأمارة بالسوء هي التي تنهاني وتوسوس لي:

كيف تترك ديناً وجدت عليه آباءك؟!

وماذا تصنع مع هذا المجتمع الذي هو بعيدٌ عن اعتقادك؟!

وأنت من حتى تصل إلى هذا؟! أغفل عنه أعاظم العلماء؟!! بل جل المسلمين؟!... وآلاف من الأسئلة والتشكيكات التي غالباً ما كانت تتغلب عليّ وتسكتني!. وأحياناً ينتفض عقلي وضميري.. وهكذا.. دفع وجذب ومد وجزر وتوتر عصبي وانفصام في نفسي، لا مفر ولا أنيس ولا صديق ولا حبيب..


الصفحة 110
فطفقت أسأل وأبحث عن الكتب التي ردت على الشيعة لعلها تنقذني مما أنه فيه وتوضح لي حقائق لعلها غائبة عني، ولقد كفاني الوهابية عن جمعها، فقد كان إمام الجماعة في مسجد قريتنا يحضر لي كل ما أطلبه..

وبعد البحث فيها تعقدت مشكلتي وازداد توتري ولم أجد فيها بغيتي، لأنها خالية من الموضوعية والنقاش المنطقي وكل ما فيها سب ولعن وشتم، وافتراءات وكذب، شكلت لي حجاباً في أول الأمر، ولكن بعد تجريدها من هذه التأثيرات الإعلامية تبينت أمامي أوهن من بيت العنكبوت.

فعزمت بعد ذلك على مواصلة البحث، رغم اقتناعي بما توصلت غليه في البحث الأول مقاوماً تسويلات نفي ومتطلعاً لرؤية الحقيقة أكثر ظهوراً وضياءً، فوقع اختياري على بحث أدلة ولاية الإمام علي (ع) والناصة على إمامته وكان في ذهني مجموعة من الأدلة التي تؤدي هذا العرض رغم أنها كافية لمن كان له عقل صاف وقلب سليم، ولكن أردت أن يكون هو البحث الفاصل بين أن أكون سنياً أعتقد بخلافة أبي بكر وعمر وعثمان وبين أن أكون شيعياً، أقول بإمامة علي (ع).

وبعد البحث كانت المفاجأة! حيث لم أستطع وإلى الآن أن أجمع وأحصي وتتبع كل الأدلة سواء أكانت نقلية أو عقلية، التي تصرح وبكل وضوح بإمامة أمير المؤمنين (ع)، بعضها ظاهر في الدلالة وبعضها يحتاج إلى مقدمات مطولة.

وما أسجله في هذا الفصل هو مقتطف يسير، وذلك مراعاةً للاختصار وتشويقاً للباحث، ولاعتقادي بأن فيه الكفاية بعد الشرح والتوضيح.

(1) قوله تعالى:

(إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون)(1) صدق الله العظيم.

____________

1- سورة المائدة: الآية 54.


الصفحة 111

  وجه الاستدلال من هذه الآية:

تكون هذه الآية واضحة في ولاية أمير المؤمنين وإمامته إذا ثبت أن المراد من قوله تعالى: (الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون) هو الإمام علي (ع)، وإذا ثبت أيضاً أن كلمة الولي بمعنى الأولى بالتصرف.

  المصادر التي أثبتت نزولها في علي (ع):

لقد قامت الأدلة وتواترت الروايات من الطرفين على أن هذه الآية نزلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بخصوص الإمام علي (ع) عندما تصدق بالخاتم وهو راكع. وقد روى هذا الخبر جمع من الصحابة منهم:

(1) أبو ذر الغفاري: وقد رواه عنه مجموعة من الحفاظ مثل:

أـ أبو إسحاق أحمد بن إبراهيم الثعلبي في التفسير ـ (الكشف والبيان عن تفسير القرآن).

ب ـ الحافظ الكبير الحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل ج1 ص 177 ط. بيروت.

جـ ـ سبط ابن الجوزي في التذكرة ص 18.

د ـ الحافظ ابن حجر العسقلاني في (الكاف الشاف) ص 56.

... وغيرهم من المحدثين والحفّاظ.

(2) المقداد بن الأسود: وأخرجه عنه الحافظ الحسكاني في (شواهد التنزيل) ج 1ص 171 ط. بيروت تحقيق المحمودي.

(3) أبو رافع القبطي: مولى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) _: أخرجها عنه مجموعة من الأعلام مثل:

أـ الحافظ بن مردويه في كتاب (الفضائل).

ب ـ الحافظ جلال الدين السيوطي في (الدر المنثور) ج2 ص 293.


الصفحة 112
جـ ـ المحدث المتفي الهندي في (كنز العمال) ج1 ص 305... وآخرون.

(4) عمار بن ياسر: وأخرج روايته:

أ ـ المحدث الكبير الطبراني في (معجمه الأوسط).

ب ـ الحافظ أبو بكر بن مردويه في (الفضائل).

ج ـ الحافظ الحاكم الحسكاني في (شواهد التنزيل).

د ـ الحافظ بن حجر العسقلاني في (الكاف الشاف) ص 56 عن الطبراني وابن مردويه.

(5) أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) وأخرجها:

أ ـ الحاكم النيسابوري، الحافظ الكبير في كتاب (معرفة علوم الحديث) ص 102 ط. مصر سنة 1937.

ب ـ الفقيه ابن المغازلي الشافعي في (المناقب) ص 311.

ج ـ الحافظ الحنفي الخوارزمي في (المناقب) ص 187.

د ـ الحافظ ابن عساكر الدمشقي (تاريخ دمشق) ج2 ص 409 تحقيق المحمودي.

هـ ـ ابن كثير الدمشقي في (البداية والنهاية) ج7 ص 357 ط. بيروت.

وـ الحافظ بن حجر العسقلاني في (الكاف الشاف في تخريج أحاديث الكشاف) ص56 ط. مصر.

ز ـ المحدث المتقي الهندي في (كنز العمال) ج 15 ص 146 في باب فضائل علي (ع).

(6) عمرو بن العاص: أخرجها عنه الحافظ أخطب خوارزم الحافظ أبو المؤيد في (المناقب) ص 128.


الصفحة 113
(7) عبد الله بن سلام: أخرجها عنه محب الدين الطبري في (ذخائر العقبي) ص 102. وفي الرياض النضرة ج2 ص 227.

(8) عبد الله بن عباس: وأخرجها عنه:

أ ـ أحمد بن يحيى البلاذري في (أنساب الأشراف) ج2 ص 150 ط. بيروت أحمد الصمد.

ب ـ الحاكم الحسكاني في (شواهد التنزيل) 1 ص 18.

د ـ ابن المغازلي الشافعي في (المناقب) ص 314 تحقيق المحمودي.

هـ ـ الحافظ بن حجر العسقلاني في (الكاف الشاف في تخريج أحاديث الكشاف) ط. مصر.

وـ جلال الدين السيوطي.

(9) جابر بن عبد الله الأنصاري: ومن الذين أخرجوها عنه الحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل ج1 ص174.

(10) أنس بن مالك ـ خادم رسول الله ـ: وأخرجها:

أ ـ الحافظ الحسكاني في (شواهد التنزيل) ج1 ص 145.

ب ـ المحدث الكبير الحموي الجويني الخرساني في (فرائد السمطين) ج1 ص 187.

ونختار من هذه الروايات العديدة ما رواه أبو ذر الغفاري (رضي الله عنه) في رواية طويلة أخرجها عنه الحاكم الحسكاني بسنده ص 177 ج1 ط. بيروت.

قال أبو ذر الغفاري (رضي الله عنه): (أيها الناس من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فأنا جندب بن جنادة البدري أبو ذر الغفاري، سمعت النبي صلى الله عليه وآله وسلم بهاتين وإلا فصمتا ورأيته بهاتين وإلا فعميتا، وهو يقول:


الصفحة 114
علي قائد البررة قاتل الكفرة منصور من نصره ومخذول من خذله، أما إني صليت مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يوماً من الأيام صلاة الظهر، فسأل سائل في المسجد، فلم يعطه أحد، فرفع السائل يده إلى السماء وقال: اللهم أشهد أني سألت في مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فلم يعطني أحد شيئاً، وكان علي (ع) راكعاً فأومأ إليه بخنصره اليمنى وكان يتختم فيها، فأقبل السائل حتى أخذ الخاتم من خنصره، وذلك بعين النبي (ص) فلما فرع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من صلاته، رفع رأسه إلى السماء، وقال: اللهم إن أخي موسى سألك، فقال: (رب اشرح لي صدري، ويسر لي أمري، واحلل عقدة من لساني، يفقهوا قولي، واجعل لي وزيراً من أهلي، هارون أخي، اشدد به أزري، وأشركه في أمري) فأنزلت عليه قرآناً ناطقاً: (سنشد عضدك بأخيك)، اللهم وأنا محمد نبيك وصفيك. اللهم فاشرح لي صدري، ويسر لي أمري، واجعل لي وزيراً من أهلي علياً أخي أشدد به أزري، قال: فو الله ما استتم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الكلام حتى نزل عليه جبرائيل من عند الله، وقال: يا محمد هنيئاً ما وهب لك في أخيك. قال (صلى الله عليه وآله وسلم: وما ذاك يا جبرائيل؟

قال: أمر الله أمتك بموالاته إلى يوم القيامة. وأنزل عليك: (إنما وليكم اتلله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون)).

وهذه الرواية جاءت بألفاظ متعددة نقتصر في هذا المقام بهذه الرواية فإنها كافية لبيان الطلب.


الصفحة 115
وهذا من الفضائل التي لم يشارك بها أحد أمير المؤمنين، فلم نجد أحداً في التاريخ ادعى إعطاء الزكاة وهو راكع، وفي هذا حجة كافية ودلالة واضحة على أن أمير المؤمنين هو المقصود لا غير.

وقد يحاول البعض التشكيك في هذه الآية ونسبتها لأمير المؤمنين متذرعاً لذلك بحجج فارغة لا معنى لها. فتجد الألوسي مثلاً يصرف معنى الركوع إلى غير معناه الظاهر، فيقول: المقصود منه الخشوع، وهذا تأويل غير مقبول، لأنه لا توجد قرينه تصرف المعنى الحقيقي الظاهر في الآية ـ وهو الركوع ذو الحركة المعهودة ـ وقد حدث لي ذات يوم، وأنا أناقش مجموعة من زملائي في الجامعة بخصوص هذه الآية، فبعدما أثبت لهم أنها نزلت في أمير المؤمنين (ع)، استشكل أحدهم قائلاً:

ـ إذا أثبت نزولها في علي فقد أثبت له بذلك منقصه.

ـ قلت له: كيف ذلك؟

ـ قال: إن ذلك دلالة على عدم خشوعه في الصلاة، وإلا كيف سمع السائل وكيف أجابه؟ والمعروف أن العباد والأتقياء لا يحسون بمن حولهم في حالة توجههم إلى الله.

ـ قلت: كلامك لا وجه له، بدلالة نفس الآية، إن الصلاة لله والخضوع والخشوع له، والله سبحانه أخبرنا بقبول هذه الصلاة بل أثبت بها إمامة وولاية لصاحبها، ومقام المدح واضح في السياق، فسواء كان المتصدق علياً أو غيره فالحالة سواء، فإذا كان عندك إشكال على خشوع علي فبالأولى أن يكون على القرآن.

وفي الواقع إن هذه الآية أعلى إحكاماً من تشكيكات المشككين، فهي واضحة الدلالة في ولاية أمير المؤمنين، مع العلم أن إثبات ولاية أمير المؤمنين من أوضح الأمور في القرآن. وكنتُ أقول هذا الكلام لبعض الأصدقاء فانبرى أحدهم قائلاً: أذكر لنا آية تبين مدعاك.


الصفحة 116
قلت: قبل ذلك نرى ماذا قال رسول الله (ص) في علي (ع)، فقد روى البخاري في صحيحه أن رسول الله (ص) قال لعلي:

(أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي)(1).

فيظهر من ذلك أن كل ما لهارون لعلي (ع)، فله الإمامة والخلافة والوزارة وغير ذلك إلا النبوة، كما كان لهارون.

فاستنفروا جميعاً:

من أين لك هذا؟!.. قلت: مهلاً ما هي مكانة هارون من موسى؟ أو لم يقل موسى (واجعل لي وزيراً من أهلي، هارون أخي أشدد به أزري وأشركه في أمري).. قالوا: لم نسمع بذلك لعل الآية ليست بهذه الطريق..! فعرفت منهم العصبية والجدل، قلت وأنا متحير في أمرهم: إن هذا أمرٌ واضح لم ينكره أحد.

قال أحدهم: لماذا المخاصمة وهذا القرآن أمامك.. أخرج لنا الآية إن كنت صادقاً..!! وهنا اضطرب حالي، لأني كنت ناسياً تماماً في أي سورة وفي أي جزء، وبعد برهة منا لزمن تشجعت وقلت في سري: (اللهم صل على محمد وآل محمد) وفتحت المصحف بطريقة عشوائية، فأول ما وقع عليه بصري كانت هذه الآية (رب اشرح لي صدري... واجعل لي وزيراً من أهلي).

فخنقتني العبرة وجرت دموعي على خدي، ولم أستطع قراءة الآية من شدة الدهشة، فسلمتهم المصحف مفتوحاً وأشرت لهم إلى الآية، فبهتوا جميعاً لشدة المفاجأة.

____________

1- البخاري، كتاب المناقب، وصحيح مسلم، كتاب فضائل الصحابة.


الصفحة 117

  دلالة الآية (إنما وليكم الله...) على ولاية أمير المؤمنين.

وبعدما ثبت في البحث الأول أن الآية نزلت في الإمام علي (ع)، فيكون معناها (إنما وليكم الله ورسوله وعلي بن أبي طالب)..

ولا يستشكل أحد، كيف خاطب الله الفرد بصيغة الجمع؟!

لأنه أمر جائز في لغة العرب، فيكون الجمع في هذه الآية التعظيم، والشواهد على ذلك كثيرة. كقوله تعالى: (الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء) فالقائل هو حي بن أخطب وكقوله تعالى: (ومنهم الذي يؤذون النبي ويقولون هو أذن) التوبة 61. وهذه الآية نزلت في رجل من المنافقين إما في الجلاس بن سيويله أو نبتل بن الحرث أو عتاب بن قشيرة، تفسير الطبري ج8 ص 198.

وبعد ذلك يتعين البحث عن معنى الولي.

تتمسك الشيعة بأن الولي ـ في هذه الولاية ـ بمعنى الأولى بالتصرف..

فتقول: ولي أمر المسلمين أو ولي أمر السلطان، يعني الأولى بالتصرف في أمورهم.

ولذلك قالت الشيعة بوجوب اتباع أمير المؤمنين علي (ع) لكونه أولى بالتصرف في أمور المسلمين، والذي يجل على ذلك هو أن الله تعالى نفى أن يكون لنا وليٌ غيره تعالى وغير رسوله وغير (الذي آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون) بلفظة [إنما]، ولو كان المقصود الموالاة في الدين، ما خُصّ بها المذكورون، لأن الموالاة في الدين عامة المؤمنين جميعاً. قال تعالى: (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض) فالتخصيص يدل على أن نوع الولاية يختلف عن ولاية المؤمنين لبعضهم البعض، فلا يكون المراد من (الذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة..) مجمل ومطلق المؤمنين، وإنما تكون خاصة بعلي (ع) بدليل [إنما] التي تفيد التخصيص

الصفحة 118
فتنفي جملة المؤمنين وهذا بالإضافة إلى الأحاديث السابقة التي ذكرت الآية في علي بن أبي طالب (ع)، فالوصف الذي جاء فيها (يؤتون الزكاة وهم راكعون) لم ينطبق على أحد ولم يََّعِهِ أحد غير أمير المؤمنين (ع)، وهو كونه أتى الزكاة وهو راكع، لأن (وهم راكعون) حال لـ (يؤتون الزكاة) والركوع هو الحركة المخصوصة، وصرف الركوع لغير هذا المعنى الحقيقي يكون ضرباً من التأويل من غير دليل، لأنه ليس في الآية قرينه تصرف الركوع عن معناه الحقيقي، كما (وهم راكعون) لا يجوز جعله عطفاً على ما تقدم لأن الصلاة قد تقدمت. والصلاة مشتملة على الركوع فكانت إعادة ذكر الركوع تكراراً، فوجب جعله حالاً، وهذا بالإضافة لإجماع الأمة على أن علياً (ع) أتى الزكاة وهو راكع فتكون الآية مخصوصة به، وقد نقل القوشجي ـ شارح التجريد ـ عن المفسرين أنهم أجمعوا على أن الآية أن نزلت في علي (ع) في حالة تصدقه بالخاتم وهو راكع، وأيضاً نقله ابن شهراشوب في كتاب ـ الفضائل ـ حيث قال في محكي كلامه:

(اجتمعت الأمة على أن هذه الآية نزلت في أمير المؤمنين (ع)(1)، والأحاديث التي تؤيد ذلك قد بلغت حد التواتر فقد نقل السيد هاشم البحراني في كتابه ـ غاية المرام ـ من طرق أهل السنة والجماعة أربعة وعشرين حديثاً في نزولها في علي (ع) ومن طرق الشيعة تسعة عشر حديثاً).. فتأمل.

فإذا تخصصت الآية في أمير المؤمنين فلا يكون المراد من الولي، الولاية العامة أي بمعنى النصرة والمحبة، إنما هي ولاية من نوع خاص فتكون أقرب إلى معنى الأولى بالتصرف. وقد قال العلامة المظفر في ذلك: (ولو سُلِّم أن المراد الناصر فحصر الناصر بالله ورسوله وعلي لا يصح إلا بلحاظ إحدى

____________

1- الخاتم لوصي الخاتم ص 392.


الصفحة 119
جهتين، الأولى: (أن نصرتهم للمؤمنين مشتملة على القيام والتصرف بأمورهم، وحينئذٍ يرجع إلى المعنى المطلوب). الثانية (أن تكون نصرة غيرهم للمؤمنين كلا نصرة بالنسبة إلى نصرتهم، وحينئذٍ يتم المطلوب أيضاً إذ من لوازم النصرة الكاملة للمؤمنين)(1).

فثبت بذلك أن ولاية الله ورسوله، والذين آمنوا ـ علي ـ ولاية من سنخ واحد وهي ولاية حق التصرف، والدليل على ذلك استخدام لفظة واحدة لكل المستويات، ولو لم يكن المعنى واحداً لكان في التباس مقصود، وحاشا الله أن يضل عباده، لأنه لو أراد معنى آخر لولاية المؤمنين لكان الأنسب أن تفرد ولاية أخرى للمؤمنين بالذكر رفعاً للالتباس، كما في آية أخرى (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول) فكرر لفظة الطاعة. وبذلك كان أمير المؤمنين جديراً أن يكون إمام المتقين وولي المؤمنين.

(2) آية التبليغ نص صريح في الولاية:

قوله تعالى: (يا أيها الرسول بلغ ما أُنزل إليك من ربك، وإن لم تفعل فما بلغت رسالته، والله يعصمك من الناس).

قد نزلت هذه الآية لبيان فضل أمير المؤمنين (ع) في غدير خم كما مرت الإشارة إليه في حديث زيد بن أرقم في صحيح مسلم.

كنت أفكر في البداية أن أكتفي بمجرد الإشارة لهذه الحادثة لبداهتها عند من تتبع كتب الحديث والتاريخ، ولكن أثارني كاتب سوداني ـ هو المهندس الصادق الأمين ـ وهو يرد ويتهجم على الشيعة في صحيفة سودانية (آخر خبر). وقد جاء في معرض كلامه. (والحقيقة أن هذه الواقعة التي

____________

1- دلائل الصدق ج2 ص 60.