الصفحة 214
المقولات المعروفة في الكيف فقد كفر، ووصف الله بأوصاف المادة، لأن الكيفية من لوازم الجسمية والمحدودية والله غير محدود وغير مادة، وهذا هو الخطأ الذي وقع فيه الكاتب، عندما تصور الله سبحانه وتعالى يكف بكيف وهذا رجع على نزعته الحسية فلا يستطيع أن يفهم إلا في حدود الحس، ولذلك ينكر وجود كل موجود خارج عن اطار الكيف.

إما إذا كان يقصد كيفاً خارجاً عن مقولات الكيف المعروفة، فلا يسمى هذا كيفاً. فكلامه إذن لا وجه له.

ثم يذكر جزء من رواية ليؤيد بها كلامه ويثبت التناقض في روايات الشيعة، يقول: كما أن هذا يناقض ما رواه صاحب الكافي عن أبي عبد الله أنه: (.. ولكن لا بد من إثبات أن له كيفية لا يستحقها غيره، ولا يشارك فيها ولا يحاط به، ولا يعلمها غيره(1).

وإليك الرواية يتمامها لكي أثبت لك خلاف ما ادعاه:

(قال السائل: فقد حددته إذا أثبت وجوده، قال أبو عبد الله (ع): (لم أحدده، ولكني أثبته، إذ لم تكن بين النفي والاثبات منزلة، قال السائل: فله أنية وماهية؟ قال (ع): نعم لايثبت الشيء إلا بأنية وماهية. قال السائل: فله كيف؟ قال: لا، لأن الكيفية جهة الصفة والإحاطة، ولكن لا بد من الخروج من جهة التعطيل والتشبيه، لأن من نفاه فقد أنكره ورفع ربوبيته وأبطله، ومن شبهه بغيره فقد أثبته بصفة المخلوقين المسموعين الذي لا يستحقون الربوبية ولكن لا بد من إثبات ان له كيفية لا يستحقها غيره، ولا يشارك فيها ولا يحاط بها ولا يعلمها غيره)(2).

____________

1- المصدر السابق.

2- الشافي شرح الكافي ج2 ص62.


الصفحة 215
اقرأ وتأمل المعنى الذي يستفاد من هذه الرواية، فإنه مغاير تماماً لما قاله: (ما لا كيفية له مطلقاً لا وجود له) فقول الإمام للسائل: (فله كيفية؟ قال: لا).

رداً على هذه القاعدة التي استدل عليها بالحديث وهو مبتور، فالكيفية التي يقصدها الكاتب ويعتقد بها هي الكيفية التي من عوارض الموضوع، وقد نزهه الإمام منها بجوابه للسائل: (لن الكيفية جهة الصفة والإحاطة) وهذا لا يجري على الله سبحانه وتعالى وأما الكيفية التي قالها الإمام في آخر الحديثك0كيفية لا يستحقها غيره، ولا يشارك فيها.. فهذه الكيفية إن سميت كيفية فهي ضرب من المجاز لقصور مفردات اللغة وما سميت كيفية إلا من باب الاشتراك اللفظي، فاشترك اللفظ واختلف المعنى.

وقد روى هذه الرواية ابن بابويه القمي بنفس السند ونفس المتن: (.. ولكن لا بد من إثبات ذات بلا كيفية لا يستحقها غيره ولا يشارك فيها ولا يحاط بها ولا يعلمها غيره)(1).

فهذه الرواية ترفع الاشتباه وتبين تمام المقصود، وهي نفي كل كيفية، لأن إثباتها لله هو عين التشبيه بل المراد منها إثبات جميع صفاته الكمالية، وهي عين ذاته.

2ـ إحسان إلهي ظهير:

وهو من أكثر الكتاب عداوة للشيعة، وله في الرد عليهم مجموعة من الكتب بين يدي منها أربعة:

(1) الشيعة والسنة.

(2) الشيعة وأهل البيت.

____________

1- التوحيد، للشيخ الصدوق ص247.


الصفحة 216
(3) الشيعة والقرآن.

(4) الشيعة والتشيع.

وقد استخدم كل طاقاته في الرد عليهم والتعرض فأكابرهم، ويا ليته كان نزيهاً أميناً حسن الخلق والأدب، فقد افترى على الشيعة ما يشيب منه الصغير ويهرم فيه الكبير، وأنا أدعو كل صاحب عقل صائب أن يقرأ كتبه، ثلم يلاحظ، أولاً: أسلوبه، وثانياً: افتراءاته، وثالثاً: تزويره. بعد مراجعة كتب الشيعة التي تتناول نفس الموضوع.

وأكتفي في هذا المقام، بذكر بعض الشواهد، لأن المقام لا يسمح بالرد والتفصيل، وقبل أن أتعرض لتزويره للحقائق، أشير إلى ملاحظتين سريعتين على منهجه في الطرح وأسلوبه في عرض الأفكار.

آ ـ الملاحظة الأولى:

يرتكز منهجه على سرد معتقدات الشيعة بأسلوب مشوه، تحت عناوين منفرة. حتى يشكل حجابا بين القارئ وبين معتقدات الشيعة، ومن المفتر أن يتبع منهجاً سليماً في الرد بأن يذكر معتقدات الشيعة أولاً، ثم يذكر أدلتهم عليها وبعد ذلك يردها بالدليل والبرهان، ثم يستدل على ما يعتقد به.

ومثال لذلك، يذكر في كتابه (الشيعة والسنة) ص53، تحت عنوان، مسألة البداء يقول: (وكان من الأفكار التي روجها اليهود، وعبد الله بن سبأ 0أن الله يحصل له البدا) أي النسيان والجهل تعالى الله عما يقولون).

ثم يذكر روايات من كتب الشيعة حول البداء، من غير أن يذكر أدلة الشيعة على البداء من الكتاب وروايات البخاري ومسلم، وأقوال علماء السنة، ومن العقل، ومن غير أن يوضح مفهوم الشيعة للبداء. بل يعرفه من عنده بـ (النسيان والجهل) ويبني على هذا التعريف الخاطئ تفسيره لروايات الشيعة للبداء. وحاله هذا كحاله في مسألة التقية، فيذكر ص127 تحت

الصفحة 217
عنوان (الشيعة والكذب). ويبدأ قوله: (الشيعة والكذب كأنهما لفظان مترادفان لا فرق بينهما، تلاما من أول يوم أسس فيه هذا المذهب وكون فيه، هذا فما كانت بدايته إلا ن الكذب وبالكذب) ثم يبرهن على ذلك فيقول: (ولما كان التشيع وليد الكذب أعطوه صبغة التقديس التعظيم وسموه بغير اسمه، واستعملوا له لفظة (التقية)..).

أسألكم ـ بالله ـ أي منهج هذا في المناقشة العلمية، تهجم وسخرية من غير فهم، فكيف جاز له أن يفسر التقية بالكذب؟، وقد استخدم القرآن هذا الفظ قال تعالى: (لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء غلا أن تتقوا منهم تقاة..) آل عمران /28.

وبالمعنى في آية أخرى:

(من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالايمان..) النحل/106.

والتقية بمعنى إخفاء الايمان وإظهار خلافه، إذا خاف الإنسان على نفسه وماله وعرضه، وهذا ما لا يخالف فيه أحد من المسلمين، لأن الذي يكره لا يحاسب فيما أكره عليه، بل أحياناً يجب عليه ذلك إذا تعلق الضرر بالآخرين، أو على مصلحة الرسالة والدين كما فعل مؤمن آل فرعون، وفي حالة الاضطرار يرتفع الحكم من الموضوع.

قال تعالى: (فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم) البقرة/173.

ولم يرد إحسان ظهير من هذا إلا الخدعة والمكر بطريقة ذكية. فيفسر التقية بالكذب ويرسلها إرسال المسلمات، وعندما يثبت هذا في ذهن القارئ

الصفحة 218
يحشد له مجموعة من الروايات الشيعية التي تصرح بالتقية، فيضع القارئ في مكان (التقية) كلمة (الكذب)، فيخرج بمعان تجعله ينفر مما يقوله الشيعة.

ولست هنا في مقام الرد أو إثبات ما يقوله الشيعة لأنه لم يكن أهلاً للمناقشة والأدلة ولم يذكر دليلاً واحداً مخالفاً حتى يرد عليه، وما يهمنا هنا هو بيان أسلوبه فقط. ومنهجه فقط.

ب ـ الملاحظة الثانية:

من غير المنطقي التهكم على عقائد الغير ومحاكمتها لأنها تخالف معتقداتك، ولكنمع الاسف هذا أسلوبه وأسلوب غيره من الكتاب ـ كل شيء يخالف ما قلناه. صلاتهم غير صلاتنا وصومهم غير صومنا وزكاتهم غير زكاتنا...

كأنما هم محور الدين وائمة المسلمين، لا بد أن يدور كل شيء حول رحاهم، متجاوزين بذلك القاعدة التي تقول (نحن مع الدليل نميل معه حيثما مال).

وهذا مخالف لمنهج القرآن في المباحثة والمناظرة العلمية، الذي يعترف بالطرفين، فيعلم الله رسوله، كيف يخاطب الكفار والمشركين.

قال تعالى: (وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين) سبأ/25.

فانظر هذا التعامل الأخلاقي النبيل، فلم يقل لهم إني على حق وأنتم على حق أو على باطل.. فهذا هو منهج القرآن عندما طرح للجميع حرية المناقشة قائلاً: (قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين).

فكان رسول الله (ص) يسمع براهينهم ويردها بالتي هي أحسن، وقد سجل القرآن نماذج كثيرة سواء كانت مع رسول الله (ص) أو مع الأنبياء

الصفحة 219
السابقين، ففي قصص ابراهيم ونمرود، وموسى وفرعون، خير عبر، وقد اثبت الله سبحانه وتعالى حجج وبراهين الكافرين في قرآنه، وأعطاها من القداسة ما أعطى غيرها من الآيات ولم يجوز لمسلم أن يمسها من غير وضوء. بناء على الفقه الشيعي.

أين إحسان.. ظهير، وأمثاله من هذا المنهج القرآني الأصيل، وهو يفتخر بنفسه وجماعته قائلاً: (قراء القرآن الذين يتلونه آناء الليل وآناء النهار).

فما فائدة من يقرأ القرآن ويتلوا آياته ولا يتدبرها، ويستخلص منها الرؤى والبصائر، التي تكشف له طريقه في الحياة، ويستنطقها كيفية التعامل مع الآخرين، الذين يخالفونه في العقيدة والمذهب، ولكن صدق الإمام علي (ع) حينما قال: (كم قارئ للقرآن والقرآن يلعنه).

آ ـ نماذج من تزويراته:

(1) نقل في كتابه الشيعة وأهل البيت ص 40 نصاً للإمام علي (ع) من نهج البلاغة، مستدلاً على أن الإمام علي (ع) معترف بالشورى وليس بالنص، وأن شورى المهاجرين والأنصار هي رضا لله، ولا تنعقد الغمامة بدونهم، هذا ما استخلصه من النص، وهو كما تعلم نقض كامل لما تقوله الشيعة، وإليك النص الذي استنتج منه ذلك: (إنما الشورى للمهاجرين والأنصار، فإن اجتمعوا على رجل، وسموه إماماً كان ذلك رضا لله، فإن خرج خارج بطعن أو بدعة ردوه إلى ما خرج منه، فإن أبى قاتلوه على أتباعه غير سبيل المؤمنين، وولاه الله ما تولى).


الصفحة 220
وبعد رجوعي إلى المصدر تبين لي أن الرجل غير أمين في نقله، فإنه اقتطع ما يعجبه من وسط الكلام وترك صدره وآخر، حتى يزيف الحقيقة ويحرفها.

وإليكتمام النص الذي يتغير بتمامه كل المفهوم، ويتضح أن ما ذكره الإمام (ع) كان من باب ألزموهم بما ألزموا به أنفسهم، وهو عبارة عن خطاب من علي (ع) إلى معاوية:

(إنه بايعني القوم، الذين بايعوا أبا بكر وعمر وعثمان على ما بايعوهم عليهِ، فلم يكن للشاهد أن يختار ولا للغائب أن يرد، وإنما الشورى للمهاجرين والأنصار فإن اجتمعوا.. ولعمري يا معاوية لئن نظرت بعقلك دون هواك لتجدني أبرأ الناس من دم عثمان، ولتعلمن أني كنت في عزلة عنه، إلا أن تتجنى فتجن ما بدا لك والسلام)(1).

فاحتج أمير المؤمنين على معاوية بنفس ما يحتج به معاوية وأتباعه إلى اليوم بصحة خلافة ابي بطر وعمر وعثمان، فألزمه علي (ع) بحجته ـ أي حجة معاوية نفسه ـ، فقال: إن كانت بيعة الخلفاء قبلي صحيحة فبيعتي مثلهم، فقد بايعني الناس ولا طريق لمنكر بعد ذلك، فليس لشاهد البيعة أن يختار كما حدث في بيعة عمر بعدما عينه أبو بكر، فلم يكن لهم خيرة بعد تعيينه، ولا للغائب أن يرد ذلك، كما لم يتمكن الإمام (ع) من رد بيعة أبي بكر في السقيفة، لأنها كانت خفية، فهذه هي الشورى التي أدعيتموها، سواء كانت في إمرة أبي بكر أو عمر أو عثمان، فهي رضا لله كما تدعون، فلا يجوز أن يخرج منها خارج وإلا رد كما ردوا مانعي الزكاة عندما امتنعوا عن دفعها إلى أبي بكر، لأنه لم يكن الخليفة الشرعي في نظرهم فليس

____________

1- نهج البلاغة، شرح محمد عبده ص22.


الصفحة 221
لك مناص يا معاوية لأنه قد اجتمع الناس إلى مبايعتي. إلا أن تتجنى، فتجن ما بدا لك.

هذا هو المعنى الذي يستفاد من جملة السياق، ولكنه لم يرق لهوى إلهي ظهير.

(2) أورد في كتابه حديثاً من التفسير المنسوب إلى الحسن العسكري، يقول فيه: (إن رجلاً ممن يبغض آل محمد، وأصحابه الخيرين.. أو واحد منهم يعذبه الله عذاباً.. لو قسم على مثل عدد خلق الله لأهلكهم أجمعين)(1).

ثم يقول: ولأجل ذلك قال جده الأكبر، علي بن موسى الملقب بالرضا ـ الإمام الثامن عند الشيعة ـ حينما سئل: عن قول النبي (ص): أصحابي كالنجوم فبأيهم اقتديتم أهتديتم. وعن قوله (ع): دعوا لي أصحابي: فقال (ع): هذا صحيح)(2).

ويريد أن يستدل بذلك على أن نظرة أهل البيت للصحابة، كانت تعتبر عدالتهم جميعاً فلا يحق للشيعة الطعن أو الجرح في أحد منهم، وإلا يكونوا مخالفين لأقوال أئمتهم.

تأمل إلى هذا الكذب الصريح عندما أنقل إليك تمام النص.

(قال: حدثني أبي، قال سئل الرضا (ع) عن قول النبي (ص): أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم، وعن قوله: دعوا لي أصحابي، فقال (ع): هذا صحيح يريد من لم يغير بعده ولم يبدل، قيل: وكيف يعلم أنهم قد غيروا أو بدّلوا؟ قال: لما يروونه من أنه (ص) قال: ليذادن رجال من أصحابي يوم القيامة عن حوضي، كما تذاد غرائب الإبل عن الماء، فأقول: يا رب أصحابي، أصحابي.

____________

1- الشيعة وأهل البيت ، ص41ـ42.

2- الشيعة واهل البيت. ص41،42.


الصفحة 222
فيقال لي: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك. فيؤخذ بهم ذات الشمال فأقول: بعداً لهم وسحقاً لهم. فترى هذا لمن لم يغير ولم يبدل)(1).

انظر ما فعلته الخيانة في نقل الحديث كيف غيرت مفهومه تماماً، ألم أقل لكم أنه كذاب؟!

وقول الإمام (ع): (لما يروونه) أي ما يرويه محدثوهم وحفاظهم من أهل السنة والجماعة، وتصديقاً لقول الإمام (ع)، سوف أنقل لك بعض الروايات التي جاءت في البخاري ومسلم.

روى البخاري في تفسير سورة المائدة، باب أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك، وتفسير سورة الانبياء كما رواه الترمذي في أبواب صفة القيامة، باب ما ء جاء في شأن الحشر، وتفسير سورة طه: (وإنه يجاء برجال من أمتي، فيؤخذ بهم ذات الشمال، فأقول يا رب أصحابي فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك، فأقول كما قال العبد الصالح (وكنت عليهم شهيداً ما دمت فيهم، فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم)، فيقال: إن هؤلاء لم يزالوا مرتدين على أعقابهم، مذ فارقتهم).

وروى البخاري في كتاب الدعوات باب الحوض، وابن ماجه كتاب المناسك باب الخطبة يوم النحر، حديث رقم 5830، كما أورده أحمد في مسنده بطرق متعددة:

(ليردن علي ناس من أصحابي الحوض حتى إذا عرفتهم، اختلجوا دوني فأقول: أصحابي، فيقال: لا تدري ما أحدثوا بعدك).

وفي صحيح مسلم: كتاب الفضائل باب إثبات حوض نبينا، الحديث 40: (ليردن علي الحوض رجال ممن صاحبني حتى إذا رأيتهم رفعوا لي

____________

1- عيون أخبار الرضا، ص85.


الصفحة 223
اختلجوا دوني، فلأقولن: أي رب أصحابي، فليقالن لي: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك).

وروى البخاري ـ أيضاُ ـ: (إني فرطكم على الحوض، من مر علي شرب، ومن شرب لم يظمأ أبداً ليردن علي أقوام، أعرفهم ويعرفونني، ثم يحال بيني وبينهم، فأقول: أصحابي، فيقال: إنك لا تدري ما حدثوا بعدك، فأقول: سُحقاً لمن غيري بعدي).

ولولا الخوف من الخروج عن الموضوع، لوسعت في هذا المقام.

فيا إحسان، إذا امتدت يدك لتحرف ما جاء في أحاديث الشيعة، فإنك لا تستطيع أن تحرِّف ما جاء في صحاحكم.

(3) أورد في ص66، من نفس الكتاب، حديثاً للإمام علي (ع) من نهج البلاغة وإليك ما نقل: (دعوني، والتمسوا غيري، فأنا كأحدكم، ولعلي أسمعكم وأطوعكم لمن وليتموه أمركم، وأنا لكم وزيراً خير لكم مني أميراً).

وعندما رجع إلى مصدر النص، وجدت مكره وحيلته، حيث أخذ أول الكلام وآخره وترك ما بينهما، فتغير بذلك المعنى، وإليك تمام النص.

قال عندما أراده الناس على البيعة، بعد قتل عثمان: (دعوني والتمسوا غيري، فإذا مستقبلون أمراً له وجوه، وألوان لا تقوم له القلوب ولا تثبت عليه العقول، وإن الآفاق قد أغامت. والمحجة قد تنكرت، واعلموا أني إن أجبتكم ركبت بكم ما أعلم ولم أصغ إلى قول القائل وعتب العاتب، وإن تركتموني فأنا كأحدكم، ولعلي أسمعكم وأطوعكم لمن وليتموه أمركم، وأنا لكم وزيراً خير لكم مني أميراً)(1).

____________

1- نهج البلاغة ص136، الخطبة رقم 92.


الصفحة 224
فانظر إلى النص الذي حذفه، كيف ينقلب المعنى رأساً على عقب من دونه، فماذا تسمى هذا ـ يا إحسان ـ؟! ومن هو الذي يكذب على أهل البيت؟!

ليس فقط من أ نواع الكذب أن تقول قولاً وتنسبه إلى من لم يقله، وإنما من الكذب أيضاً أن تحرّف مراد كلامه وتنسبه إليه.

سبحان الله قد عرف أمير المؤمنين (ع) أنهم لا يثبتون على هذه البيعة، وسوف يرتدون عليه ويقاتلونه في الجمل وصفين والنهروان، ويحتجون عليه بآلاف التبريرات، ولذلك أقام عليهم الحجة، وأخبرهم بمنهجه في الحكم، وهو الحق والحق مر صعب (وأكثرهم للحق كارهون).

وحدث ما قاله (ع) بالفعل، ولكن لم أكن أتوقع أن يستمر هذا الانقلاب والتبرير إلى يومنا هذا فيحرفون كلامه، لما فيه من كشف عن سوء نية وزيف من بايعه.

(4) وأختم بهذا التزوير والتحريف الواضح، وأترك لك التعليق، وأكتفي به، لأني لو جاريت هذا النسق من التزوير والتحريف لطال بنا المقام، وباختصار فإن الرجل لم يكن صادقاً حتى مع نفسه، وحمله على هذه الأفعال شدة عداوته لأهل البيت وشيعتهم، وإلا لماذا هذا التعسف الواضح أريد به أن يثبت للناس حقاً مضيعاً؟ وهو يتبع الباطل والتزوير وسيلة وهدفاً؟!

أورد في كتابه، الشيعة وأهل البيت ص67: (والطبرسي أيضاً ينقل عن محمد الباقر، ما يقطع أن علياً كان مقراً بخلافته، ومعترفاً بإمامته، ومبايعاً له بإمارته، كما يذكر أن أسام بن زيد حب رسول الله لما أراد الخروج، انتقل رسول الله إلى الملأ الأعلى: فلما ورد الكتاب على أسامة، انصرف بمن معه حتى دخل المدينة فلما رأى اجتماع الخلق على أبي بكر، انطلق إلى علي بن

الصفحة 225
أبي طالب (ع) فقال: ما هذا؟ قال علي (ع): هذا ما ترى، قال أسامة: فهل بايعته؟ فقال: نعم.

وقد نقل هذه الحادثة من كتاب الاحتجاج للطبرسي، وإليك تمام النص من المصدر:

(وروى عن الباقر (ع)، أن عمر بن الخطاب قال لأبي بكر: أكتب إلى أسامة بن زيد يقدم عليك، فإن في قدومه قطع الشنيعة عنا. فكتب أبو بكر إليه:

من أبي بكر خليفة رسول الله (ص)، إلى أسامة بن زيد أما بعد:

فانظر إذا أتاك كتابي، فأقبل إلي أنت ومن معك، فإن المسلمين قد اجتمعوا علي وولوني أمرهم، فلا تتخلفن، فتعصي ويأتيك مني ما تكره، والسلام.

قال: فكتب أسامة إليه جواب كتابه: (من اسامة بن زيد عامل رسول الله (ص) على غزوة الشام. أما بعد: فقد أتاني منك كتاب ينقض أوله آخره، ذكرت ف أوله أنك خليفة رسول الله وذكرت في آخره أن المسلمين قد اجتمعوا عليك فولوك أمرهم ورضوك، فاعلم أني ومن معي من جماعة المسلمين والأنصار فلا والله ما رضيناك ولا وليناك أمرنا، وانظر أن تدفع الحق إلى أهله، وتخليهم وإياه فإنهم أحق به منك، فقد علمت ما كان من قول رسول الله (ص) في علي يوم الغدير فما طال العهد فتنسى، انظر مركز ولاتخالف فتعصي الله ورسوله (ص) ونعصي من استخلفه رسول الله عليك وعلى صاحبك ولم يهذلني حتى قبض رسول اله (ص) وإنك وصاحبك رجعتما، وعصيتما ـ يعني عمر ـ فأقمتما في المدينة بغير إذن).

فأراد أبو بكر، يأن يخلعها من عنقه، قال: فقال له عمر: لا تفعل، قميص قمصك الله لا تخلعه فتندم، ولكن ألح عليه بالكتب والرسائل، ومُرْ

الصفحة 226
فلاناً وفلاناً أن يكتبوا على أسامة أن لا يفرق جماعة المسلمين، وأن يدخل معهم فيما صنعوا. قال: فكتب إليه أبو بكر وكتب إليه الناس من المنافقين: أن إرض بما اجتمعنا عليه وإياك أن تشمل المسلمين فتنة من قبلك فإنهم حديثوا عهد بالكفر) قال: فلما وردت الكتب على أسامة انصر فبمن معه حتى دخل المدينة، فلما أي اجتماع الخلق على أبي بكر انطلق إلى علي بن أبي طالب (ع) فقال له: ما هذا؟ قال له علي: هذا ما ترى، قال له أسامة: فهل بايعته؟ فقال: نعم يا أسامة، فقال: طائعاً أو مكرهاً؟، فقال: لا بل كارهاً.

قال: فانطلق أسامة فدخل على أبي بكر وقال له: السلام عليك يا خليفة المسلمين، قال: فرد عليه أبو بكر وقال: السلام عليك أيها الأمير)(1).

ولا نقول له أكثر مما قاله عز وجل في محكم كتابه الكريم:

(انظر كيف يفترون على اله الكذب وكفى به إثماً مبيناً)(2).

(فيما نقضهم ميثاقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم قاسية يحرّفون الكلم عن مواضعه ونسوا حظاً مما ذكروا به ولا تزال تطلع على خائنة منهم إلا قليلاً منهم فاعف عنهم واصفح إن الله يحب المحسنين)(3).

(3) كتاب (تبديد الظلام وتنبيه النيام إلى خطر التشيع على المسلمين والإسلام) لابن الجبهان:

لم أرَ كاتباً أكثر منه عداءاً لأهل البيت وشيعتهم، فقد شدَّ عزمه على التشنيع بهم والافتراء عليهم من غير منهج في النقاش أو أسلوب في الحوار

____________

1- الاحتجاج ، للطبرسي ص87.

2- سورة النساء/ الآية 50.

3- سورة المائدة، الآية 13.


الصفحة 227
وكل ما عنده تكفير وتفسيق لآراء الآخرين، والذي يقرأ الكتاب سيجدني متسامحاً جداً.

وقد ثبت لي أنه لا يريد من كتابه هذا إلا إثارة الفتنة بين الشيعة والسنة وتفريق صفوف المسلمين بشتى الوسائل والطرق، لكي يزدادوا بلاء وضعفاً على ضعفهم، وكان من الأفضل أن يوجه كتابه إلى أعداء الإسلام والمسلمين دويلة (إسرائيل).

وبما أنه أتفقه من أن يناقش لأنه لم يذكر دليلاً حتى يكون أهلاً لذلك، وإنما ومجموعة من الأكاذيب والافتراءات على أهل البيت وشيعتهم، فينفي كل فضل جاء في حقهم وينكر الايات الواضحة والاحاديث الدالة على وجوب التمسك بهم.

وإليك نماذج من أساليبه في كيفية تضعيف الأحاديث التي تذكر فضائل أهل البيت.

أ ـ بعد أن يورد مجموعة من الأحاديث يقول: (ونرد عليها وعلى الأمساخ البشرية التي تشبثت بها)(1).

1ـ الحديث الأول: (مثل أهل بيتي فيكم كمثل باب حطة من دخله كان آمناً).

(مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من تمسك بها نجا ومن تخلف عنها غرق).

.. يضعّف هذا الحديث بأوهن ما يكون من الأدلة، فيقول أن هذا الحديث يستوجب أن النجاة والأمن في التمسك بأهل البيت، والهلاك والضياع في التخلف عنهم وهذا لا يجوز بمنطوق القرآن، لأن القرآن لا يشترط في النجاة إلا الإيمان بالله والعمل الصالح، ولا ينذر بالهلاك إلا على

____________

1- تبديد الظلام ص90.


الصفحة 228
الكفر واقتراف المعاصي، ولا توجد في كتاب الله آية واحدة تنقض قولنا هذا(1).

أقول: ولكن ما علاقة قولك بهذا الحديث! فإثبات الشيء لا ينفي ما عداه.. هذا أولاً.

ثانياً: كل القرآن ينقض قولك، فهذا القرآن بين يديك يأمرنا بالتمسك بالأنبياء والرسل، ويحكم بكفر من لم يتمسك بهم (ما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا)، كما يأمرنا بالتمسك بالأولياء: (أ"يعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم)، فالأمر في هذا الآية واضح في الوجوب فيلزم التمسك بهم، وأوجب الله علينا أيضاً التمسك بالمؤمنين واتباع سبيلهم.

قال تعالى: (ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيراً)(2).

فعدم التمسك بهم يعني الهلاك ـ ومع الاسف ـ لم يرجع الجبهان على كتاب الله حتى يرى كيف كان دخول الباب لبني اسرائيل غفراناً لذنوبهم.

(وادخلوا الباب سجداً وقولوا حطة، نغفر لكم خطاياكم وسنزيد المحسنين)(3).

لم يجهل الجبان ذلك لكن شدة عداوته لأهل البيت حملته على ذلك، ونزيده غيظاً بقوله تعالى: (قل لا أسألكم عليه أجراً غلا المودة في القربى)(4).

فقد جعل الله أجر رسالته في موالاة أهل البيت.

____________

1- المصدر السابق ص91.

2- سورة النساء، الآية 115.

3- سورة البقرة، الآية 58.

4- سورة الشورى، الآية 23.


الصفحة 229
ويضيف مستدلاً بقوله: لماذا نتبع أهل البيت، هل لهم علم لم يبلّغه رسول الله (ص) للمسلمين عامة. إن اعتقاد ذلك، يعني اتهام النبي (ص) بالمحاباة وكتمان الرسالة… وما دام الدين قد اكتمل فما الذي نحتاجه من أهل البيت.

انظر إلى سخافة الاستدلال، فإذا كان تبليغ أحكام الدين وتوضيحها لبعض الناس دون غيرهم محاباة فلم على رسول الله (ص) ـ وهو رسول لكل البشر ـ أن يبلغ بنفسه كل البشر فرداً فرداً، أو على الأقل الذين في زمانه، هذا ما لا يقول به عقال كما أن هذا الأمر خارج عن نطاق التبليغ، فقد امتاز أهل البيت بصفات أهلتهم لقيادة الأمة، فمن الواضح اختلاف الناس في مدى فهمهم واستيعابهم، واختلافهم في درجات الإيمان، فقد بلغ رسول الله (ص) للكل ولكن أهل البيت كانوا أسبق الناس إيمانا وأكثرهم جهاداً وأفضلهم تقوى وورعاً، ولذلك طهرهم الله من الرجس في كتابه.. فما هذا الحقد الدفين يا ابن الجبهان؟!

أما أن اكتمال الدين ينفي حاجة المسلمين، فلماذا نحتاج غلى الصحابة والسلف الصالح لنقلدهم؟!!

وبهذه الأدلة السخيفة رد هذا الحديث.

2ـ الحديث الثاني: (إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي).

يقول: (محرف، وصحته (كتاب الله وسنتي)، وعلى فرض أنه غير محرف. فمن هم العترة المشار إليه في هذا الحديث)(1).

.. بهذه البساطة رد حديث (كتاب الله وعترتي)!

وقد مر البحث حوله في أول الكتاب.

____________

1- ص 40.


الصفحة 230
من الواضح كما أقر علماء الأصول أن القضية لا تثبت موضوعها، فالحديث هنا في مقام إثبات مجمل القضية وهو وجوب التمسك بكتاب الله وعترة أهل البيت أما معرفة ما هو الكتاب، وما هي العترة، لا يعرف من هذا الحديث، فيحتاج على دليل آخر خارج عنه، حتى يفصل المراد منهما.

فكي يستشكل على الحديث بقوله: من هم أهل البيت؟!

فهذا سؤال يفترض عليه أن يوجهه إلى رسول الله (ص) لأنه افترض صحة الحديث.

3ـ الحديث الثالث: (يا علي لا يحب إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق).

يقول: موضوع ولا أساس له من الصحة، لأن محبة غير الله ورسوله لا تصلح معياراً للايمان ولا مقياساً، لأن محبة الله ورسوله تستتبع حتماً محبة الصالحين ولا تنفصل عنها.

أولاً ـ لماذا يا ترى استثنى رسول الله (ص)، فإذا كان المعيار هو الاستتباع فحب الله يستتبع أيضاً حب رسوله وعباده الصالحين.

ثانياً ـ فإذا كان حب الله ورسوله يستتبع حب الصالحين، فأيضاً حب الصالحين يستتبع حب رسوله وحب اله، وهذا يثبت صحة الحديث لأن الحديث في بيان كيفية معرفة المنافق، وبما أن الذي يظهر الايمان بالله ورسوله لا يستطيع أن يعلن عن عدم حبه لله ورسوله وغلا لا يسمى منافقاً ولكن يستطيع أن يعلن بغضه لأي شخص آخر، وبما ان الإمام علياً (ع) من الصالحين بل من أصدق المصاديق فمن أ[غضه يكون بالاستتباع يبغض الله ورسوله، فيشكل لنا هذا الحديث معياراً دقيقاً في معرفة المنافقين.


الصفحة 231
ثالثاً ـ وإذا كان عنوانك أن الحب والبغض ليس معياراً للإيمان ولا مقياساً للعقيدة فلماذا تكفر الشيعة، بسبب بغضهم لبعض الصحابة ـ على حسب زعمك ـ؟!

ألا ترجو من ذلك ثواباً؟!

فإن كان، لا، فكلامك كله لغو وضياع للوقت.

4ـ الحديث الرابع: (أنا مدينة العلم وعلي بابها).

يقول إن صبغة الحديث تدل على تفاهته، وتافهة من نسبه إلى رسول الله (ص) فإن النفور واضح بين كلمة (المدينة) وكلمة (العلم) ولا يوجد أي انسجام لا تلقى بين مفهومهما ولا بين منطوقهما، ولو قال (أنا بحر العلم وعلي شاطئه) لكان أليق.

ويستدل أيضاً: لماذا جعل رسول الله هذا العلم في مدينة وجعل مفاتحه عند علي ولم يجعلها مشاعاً من غير أبواب، حتى يتيسر لكل الناس الدخول إليها من حيث شاءوا..

هذا مبلغ علمه وغاية استدلاله. أي منافاة، والحديث لم يكن بخصوص تعريف العلم حتى يقول: بحر.

هذا مبلغ علمه وغاية استدلاله. أي منافاة، والحديث لم يكن بخصوص تعريف العلم حتى يقول: بحر.

وإنما أراد بيان الرابطة بينه وبين علي (ع)، فالحديث ناظر إلى مجمل العلاقة بينهما، فكان مثال المدينة أوضح لعدم التمكن من الدخول إليها إلا عن طريق الباب.

أما قوله: ولم يجعلها مشاعاً من غير أبواب...


الصفحة 232
فيكفيه قوله تعالى: (فأسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون)(1).

هذا هو منهجه الذي يدل على نصبه وشدة عداوته لرسول الله وعترته الطاهرة. فبهذا التفكير الساذج والأدلة المضحكة لا يثبت لأهل البيت منقبة، وفي المقابل يصحح كل الروايات الضعيفة والأحاديث المردودة متناً وسنداً لأنها تثبت فضيلة لأي واحد آخر من السلف.

فيا علماء أهل السنة والجماعة، أتقبلون مثل هذا عالماً من علمائكم، يدافع عنكم ويمثل رايكم، فإذا كان نعم. فعلى أهل السنة والجماعة السلام.وإذا كان. لا، فلماذا لا تعترضون عليه وتوقفونه عند حده، وهذا الكتاب الذي بين يدي هو الطبعة الثالثة، وقد يكون طبع عشرات المرات.. فأوقفوه.

ومن المؤسف جداً. أنه مكتوب عليه (طبع هذا الكتاب بإذن من رئاسة إدارات البحوث العلمية والافتاء والدعوة والارشاد.

فسبحان الله!، اسم مناقض تماماً لهذا الكتاب، فاي بحوث علمية وهي لم تبحث هذا الكتاب نفسه، وإلا ينسب إليها ما نسب على مؤلفه من الجهالة وحماقة العقل وقلة الفهم، والتحريف وتزوير الحقائق لأن الإقرار بالشيء هو التصديق به.

وأي دعوة، وأي إرشاد؟!

اللهم إلا الدعوة إلى الافتراق والاختلاف، والإرشاد إلى هذه المتناقضات المخزية فإلى متى تعيش الوهابية في هذا التناقض، فعندما ضعف الدكتور الترابي حديث الذبابة بأدلة منطقية وبراهين علمية، شهروا عليه سيوفهم وأفتوا بكفره، ولكن عندما يضعف الجبهان عشرات الأحاديث

____________

1- سورة النحل، الآية 43.


الصفحة 233
الصحيحة والمتواترة عندكم، التي رواها البخاري ومسلم، لا يحرك له ساكن..!

فهل عندكم الذبابة أكثر شرفاً من أهل بيت رسول الله (ص)؟!!

(وحقاً يا علي لا يحبك إلا مؤمن ولا بغضك إلا منافق).

ب ـ نماذج من افتراءاته على الشيعة:

1ـ قال في ص4949: (وزد على ذلك أن أذانهم يختلف عن أذاننا، وصلاتهم تختلف عن صلاتنا وصيامهم يختلف عن صيامنا، وهم لا يعترفون بالزكاة ولا بمستحقيها).

2ـ يقول في ص495: (وأنهم لا يعذبون بكبيرة ولا صغيرة، وأن من سواهم مخلدون في النار، ثم إباحتهم إعارة فروج النساء، وإسقاطهم الجمعة والجماعة والحدود بحجة غيبة الإمام، وتسميتهم أمة محمد بالأمة الملعونة، واعتقادهم بأن لعن الصحابة وأمهات المؤمنين من أعظم القربات إلى الله).

3ـ ويذكر في ص222: (وقد لا يصدق القارئ الكريم أن نكاح الأم عندهم هو من البر بالوالدين، وأنه عندهم من أعظم القربات).

4ـ وفي ص: (يمد الشيعي إليك يده مصافحاً، ولكن ليشغلك عن اليد الأخرى التي امتدت إلى جيبك).

5ـ وفي ص28: (كل من يولد في أيام عاشوراء فهو سيد، وكل من حملت به أمه في أيام عاشوراء فهو سيد حتى ولو كان حملاً غير شرعي).

بل لم يقف عند ذلك، فقد امتد لسانه إلى الإمام جعفر الصادق (ع) ابن رسول (ص)، الذي اعتقد فيه مجموعة من

الصفحة 234
المسلمين، أنه إمام معصوم، والمجموعة الأخرى تعتقد فيه أنه من جهابذة العلم والعلماء، وقد دان بفضله أئمة المذاهب الأربعة.

ولم يذكر لنا التاريخ أن احداً قدح فيه، ولو كان من أشد أعدائه، إلى أن أتى ابن الجبهان قائلاً في حقه: (إن قول جعفر: (من أراد الدنيا لا ينصحك ومن أراد الآخرة لا يصحبك) قول من برع في أسالي المراوغة وأتقن فنون الدجل). ولكن إذا كان القول بأن الناس على دين ملوكهم صحيحاً فصحة القول بأنهم على دين أئمتهم من باب أولى، وبما أنكم نسخة مطابقة لأصل (جعفر) الذي تعترفون بأنه المؤسس الأكبر لكل معتقداتكم)(1).

فانظر إلى أي مدى بلغ به النصب والعداء لأهل بيت الرسالة.

8ـ ولم يكن هذا المنهج من إبداعات الجبهان، فقد سبقه إليه أستاذه مؤسس الوهابية محمد بن عبد الوهاب، فقد جاء في رسالة (في الرد على الرافضة9: ص34:) إباحتهم نكاح المتعة، بل يجعلونها خيراً من سبعين نكاحاً دائماً، وقد جوّز لهم شيخهم الغالي علي بن العالي، أن يتمتع أثنا عشر نفساً في ليلة واحدة بإمرأة واحدة. وإذا جاء الولد منهم أقرعوا بينهم فمن خرجت قرعته كان الولد له.

9ـ ص 44: (ومنها أن اليهود مسخوا قردة وخنازير، وقد نقل أنه وقع ذلك لبعض الرافضة في المدينة المنورة وغيرها، بل قد قيل أنهم يمسخ صورهم ووجوههم عند الموت، والله أعلم.

فهذا هو منهجهم في الرد على الشيعة، لا يخرج عن أساطير ألف ليلة وليلة وأحلام قمر الزمان وشهرزاد.

____________

1- ص 206.


الصفحة 235
رابعاً ـ وأما افتراءات أحمد أمين في ـ ضحى الإسلام ـ فسوف نضرب عنها صفحاً، خاصة بعدما بلغنا اعتذاره عما كتبه عن الشيعة، ويذكر ذلك الإمام الشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء في كتابه ـأصل الشيعة وأصولها ـ ص72:

(ومن غريب الاتفاق أن احمد أمين في العام الماضي 1349هـ بعد انتشار كتابه، ووقوف العديد من علماء النجف عليه ـ زار مدينة العلم ـ النجف، وحظي بالتشرف بأعتاب تلك المدينة، في الوافد المصري المؤلف من زهاء 30 بين مدرس وتلميذ وزارنا بجماعته، ومكثوا هزيعاً من ليلة من ليالي رمضان، في نادينا في محفل حاشد، فعاتبناه على تلك الهفوات، عتاباً خفيفاً، وصفحنا عنه صفحاً جميلاُ. وأردنا أن نمر عليه كراماً، ونقول له سلاماً، وكان أقصى ما عنده من الاعتذار عدم الإطلاع وقلة المصادر، فقلنا: وهذا أيضاً غير سديد، فإن من يريد أن يكتب عن موضوع يلزم عليه أولاً أن يستحضر العدة الكافية ويستقصي الاستقصاء التام، وغلا فلا يجوز له الخوض والتعرض له، وكيف أصبحت مكتبات الشيعة ومنها مكتبتنا مشتملة على ما يناهز 5000 مجلداً أكثرها من كتب علماء السنة وهي في بلدة كالنجف فقيرة من كل شيء إلا من العلم والصلاة إن شاء اله، ومكتبات القاهرة ذات العظمة والشأن خالية من كتب الشيعة إلا من شيء لا يذكر.

نعم، القوم لا علم لهم من الشيعة بشيء وهم يكتبون عنهم كل شيء)..


الصفحة 236