والاهم من هذا ان ائمه اهل البيت(ع)،لا ينطلقون فى قراراتهم من رويه آنيه وانما من رويه كونيه تحدد مهامهم بدءا من بعثه محمد صلى اللّه عليه وآله وسلم الى ظهور المهدى المنتظر جعلنا اللّه من انصاره وجنده.
هولاء، اى الرسول والائمه(ع)، لم تحملهم الامه المسووليه وانما حملوها بامر من اللّه عز وجل، فكان امداد السماء لهم بالتسديد والتاييد والتعزيه والتسليه امرا ضروريا.
من هنا كانت رويه رسول اللّه، صلى اللّه عليه وآله وسلم، لاولئك القرده الذين كانوا ينزون على منبره ونزول قوله تعالى:(وما جعلنا الرويا التى اريناك الا فتنه للناس والشجره الملعونه فى القرآن) «الاسراء/60»، ثم تعزيته من قبل جبرائيل(ع) بمقتل الحسين فى كربلاء، ولم يكن شيئا من هذه السياقات محجوبا لا عن الامام على(ع) الذى ما فتىء يتعجل اشقاها ان ياتى ليضربه على راسه فيستريح من هذه الامه التعسه، ولا كانت غائبه عن الامام الحسن(ع)، حين عقد صلحا مع امام البغاهوهادنه (36).
ولكن هذا لا يغنى عن ايراد شروط الصلح والمهادنه فهى كما اوردها الشيخ الصدوق فى كتاب (علل الشرائع) قال: (بايع الحسن بن على، صلوات اللّه عليه، معاويه على الا يسميه امير المومنين، ولا يقيم عنده شهاده، وعلى الا يتعقب على شيعه على شيئا، وعلى ان يفرق فى اولاد من قتل مع ابيه يوم الجمل واولاد من قتل مع ابيه بصفين الف الف درهم، وعلى ان يجعل ذلك من خراج دار ابجرد.
لم يكن ذلك الصلح شيئا سارا لخواص اصحاب الامام على الذى امضهم هذا فدخل احدهم على الامام الحسن(ع) قائلا: السلام عليك يا مذل المومنين، فقال الحسن: اجلس يرحمك اللّه، ان رسول اللّه، صلى اللّه عليه وآله وسلم، رفع له ملك بنى اميه فنظر اليهم يعلون منبره واحدا واحدا فشق ذلك عليه فانزل اللّه فى ذلك قرآنا قال له:(وما جعلنا الرويا التى اريناك الا فتنه للناس والشجره الملعونه فى القرآن) (وسمعت ابى عليا رحمه اللّه، يقول: سيلى امر هذه الامه رجل واسع البلعوم، كبير البطن، فسالته: من هو؟ فقال: معاويه وقال لى: ان القرآن قد نطق بملك بنى اميه ومدتهم، قال تعالى:(ليله القدر خير من الف شهر) القدر/3» قال ابى: هذا ملك بنىاميه) (37).
الفصل الثانى
تحقق الرويا وقيام ملك (ارباب السوء)
1-مسووليه من ارادها امويه وكرهها اسلاميه
قام ملك (بنى فلان) الذين راى النبى(ص) انهم ينزون على منبره نزو القرده.
ولا نعفى احدا من المسووليه، لا الذين اضعفوا سلطان آل محمد على قلوب الناس وجعلوا منهم مستشارين عند الضروره، ولا الذين جعلوا الامام عليا سادسا فى ما اسموه بالشورى، وقد قال(ع) فى ذلك: (متى اعترض الريب فى مع الاول منهم، حتى صرت اقرن الى هذه النظائر)، ولا الذينمهدوا لمعاويه سلطانه فى الشام، ولما راوا ما هو فيه من الابهه والسلطان قالوا: (لا نامرك ولا ننهاك)، كان ابن آكله الاكباد استثناء، ولا الذين حرصوا على سلب اهل البيت اموالهم التى اعطيت لهم من قبل السماء، فاخذوا فدكا من الزهراء وحرموا آل محمد حقهم فى الخمس، ولا الذين حرصوا على اعطاء بنى اميه ما يتقوون به لاقامه دولتهم، فاعطوا مروان بن الحكم وابن ابى سرح خمس غنائم افريقيا، ولا الذين اشعلوا نار الفتنه فى موقعه الجمل،... الخ الخ، كلهم مسوولون وشركاء فى هذه الكارثه(وقفوهم انهم مسولون× ما لكم لا تناصرون× بل هم اليوم مستسلمون) «الصافات/24-26»، كلهم ارادوها امويه وكرهوها اسلاميه خالصه للّه.
2-خطبه الافتتاح وشريعه ملوك السوء
ولنسمع خطبه الافتتاح من ابن آكله الاكباد: (ما قاتلتكم لتصلوا، ولا لتصوموا، ولا لتحجوا، ولا لتزكوا، انكم لتفعلون ذلك، وانما قاتلتكم لاتامر عليكم، وقد اعطانى اللّه ذلك وانتم كارهون.
كل شىء اعطيته الحسن بن على تحت قدمى هاتين، لا افىبه) (38).
ولا باس بان نورد نماذج من تطبيق الشريعه الاسلاميه، على الطريقه الامويه، وهو ما يتمناه بعض المخدوعين فى هذا الزمان:
اولا: النهج الاموى يبيح شرب الخمور
روى احمد بن حنبل فى مسنده عن عبداللّه بن بريده قال: (دخلت انا وابى على معاويه فاجلسنا على الفرش، ثم اتينا بالطعام، فاكلنا.
ثم اتينا بالشراب، فشرب معاويه، ثم ناول ابى، ثم قال: ما شربته منذ حرمه رسولاللّه) (39).
ثانيا: النهج الاموى يبيح الربا
اخرج مالك والنسائى وغيرهما، من طريق عطاء بن يسار ان معاويه باع سقايه من ذهب، او ورق، باكثر من وزنها فقال له ابو الدرداء رضى اللّه عنه: سمعت رسول اللّه، صلى اللّه عليه وآله وسلم، ينهى عن مثل هذا الا مثلا بمثل، فقال له معاويه: ما ارى بمثل هذاباسا (40).
ثالثا: استلحاق زياد
(وصى رسول اللّه، صلى اللّه عليه وآله وسلم، ان الولد للفراش وللعاهر الحجر). متفق عليه.
(وقال صلى اللّه عليه وآله وسلم من ادعى الى غير ابيه، وهو يعلم انه غير ابيه، فالجنه عليه حرام).
رواه البخارى ومسلم وابو داود.
اما ابن آكله الاكباد فجاء بزياد، وكان يدعى زياد ابن ابيه، وتاره زياد ابن امه، وتاره زياد بن سميه، واقام الشهاده ان اباه ابا سفيان قد وضعه فى رحم سميه، وكانت بغيا، وسماه زياد بن ابى سفيان ليستخدمه فى قمع المسلمين الشيعه وقتلهم.
رابعا: قتل الاحرار من اصحاب محمد، صلى اللّه عليه وآله وسلم.
قال تعالى:(من اجل ذلك كتبنا على بنى اسرائيل انه من قتل نفسا بغير نفس او فساد فى الارض فكانما قتل الناس جميعا ومن احياها فكانما احيا الناس جميعا) «المائده/32».
روى الطبرى فى تاريخه: (استعمل معاويه المغيره بن شعبه على الكوفه واوصاه: لا تتحم عن شتم على وذمه والترحم على عثمان والاستغفار له، والعيب على اصحاب على والاقصاء لهم، وترك الاستماع منهم، وباطراء شيعه عثمان رضوان اللّه عليه والادناءلهم والاستماع منهم.
واقام المغيره على الكوفه عاملا لمعاويه سبع سنين واشهرا، وهو من احسن شىء سيره، واشده حباللعافيه غير انه لا يدع ذم على والوقوع فيه والعيب لقتله عثمان واللعن لهم، والدعاء لعثمان بالرحمه والاستغفار له والتزكيه لاصحابه، فكان حجر بن عدى اذا سمع ذلك قال: بل اياكم فذمم اللّه ولعن.
ثم قام فقال: ان اللّه عز وجل يقول:(كونوا قوامين بالقسط شهداء للّه) «النساء/135» وانا اشهد ان من تذمون وتعيرون لاحق بالفضل وان من تزكون وتطرون اولىبالذم) (41).
واستمرت هذه الحال حتى ولى زياد الكوفه فقال مثلما كان يقول المغيره، ورد عليه حجر رضوان اللّه عليه بمثل ما كان يرد على المغيره، فارسل زياد الى اميره معاويه فامر باعتقاله (وفقا لقانون طوارىء بنى اميه) وارسل الى ابن آكله الاكباد مشدودا فى الحديد فامر بقتله، فقال حجر للذين يلون امره: دعونى حتى اصلى ركعتين، فقالوا: صل، فصلى ركعتين خفف فيهما ثم قال: لولا ان تظنوا بى غير الذى انا عليه، لاحببت ان تكونا اطول مما كانتا، ثم قال لمن حضره من اهله: لا تطلقوا عنى حديدا ولا تغسلوا عنى دما فانى الاقى معاويه غدا على الجاده، ثم قدم فضربت عنقه.
لم يكن حجر بن عدى النموذج الوحيد الدال على ظلم هذه الدوله الجائره التى يزعم جاهلو امرها، وحدهم، انها كانت تحكم او تحكم بشريعه الاسلام.
لقد كان بنو اميه يدابون ليل نهار لاطفاء نور اللّه، وفى الوقت نفسه كان خط الائمه(ع) قد تحول الى مشروع تاسيس لاقامه دوله المهدى المنتظر وان تاخر ذلك قرونا وقرونا.
اما بنو اميه فيجهدون لاحداث اكبر قدر من الدمار بالامه الاسلاميه وبرجالاتها وبقيمها.
وفى الوقت نفسه كان خط آل بيت محمد حريصا على ابقاء قيم الاسلام الرسالى الاصيل حيه ومتوهجه، والتاكيد على ان مرحله التمهيد وتاسيس دوله الامام المهدى ليست مرحله هدنه سلبيه، وليست ايثارا للابقاء على حياه مجموعه من البشر وانما ابقاء للقيم وامدادها بكل ما يبقيها متالقه وحيه حتى زمن الظهور.
3-مواجهه التزييف، واحياء قيم الاسلام
لم تتوقف المواجهه بين ائمه اهل البيت(ع)، وبين بنى اميه خلال هذه المرحله.
وان ابتعدت عن المعارك العسكريه الكبرى، فقد سال الكثير من الدماء، فى هذه المرحله، ومنها دماء حجر بن عدى واصحابه وعمرو بن الحمق الخزاعى وغيرهم، من خواص اصحاب الامام على(ع).
وفى مواضع اخرى كان الائمه(ع)، يتصدون لعمليات التزييف التى تمارسها الدعايه الامويه ويدعون الناس الى الحق وتغيير الباطل وعدم السكوت عليه.
ولناخذ بعض الامثله على ذلك من تاريخ الامام الحسن(ع)، قبيل استشهاده، ثم من تاريخ الامام الحسين(ع).
يروى ابو الفرج: (قال: خطب معاويه بالكوفه حين دخلها والحسن والحسين(ع) جالسان تحت المنبر، فذكر عليا(ع) فنال منه، ثم نال من الحسن، فقام الحسين ليرد عليه، فاخذه الحسن بيده فاجلسه، ثم قام فقال: ايها الذاكر عليا، انا الحسن، وابى على، وانت معاويه وابوك صخر، وامى فاطمه وامك هند، وجدى رسول اللّه وجدك عتبه بن ربيعه، وجدتى خديجه وجدتك قتيله، فلعن اللّه اخملنا ذكرا، والامنا حسبا وشرنا قديما وحديثا، واقدمنا كفرا ونفاقا! فقال طوائف من اهل المسجد:آمين) (42).
روى ابو الحسن المدائنى قال: (سال معاويه الحسن بن على، بعد الصلح، ان يخطب الناس، فامتنع فناشده ان يفعل، فوضع له كرسى، فجلس عليه، ثم قال: الحمد للّه الذى توحد فى ملكه، وتفرد فى ربوبيته، يوتى الملك من يشاء، وينزعه عمن يشاء، والحمد للّه الذى اكرم بنا مومنكم، واخرج من الشرك اولكم، وحقن دماء آخركم، فبلاونا عندكم قديما وحديثا احسن البلاء، ان شكرتم او كفرتم.
ايها الناس ان رب على كان اعلم بعلى حين قبضه اليه، وقد اختصه بفضل لم تعتادوا مثله، ولم تجدوا سابقته، فهيهات هيهات! طالما قلبتم له الامور حتى اعلاه اللّه عليكم، وهو صاحبكم، وعدوكم فى بدر واخواتها، جرعكم رنقا، وسقاكم علقا، واذل رقابكم، واشرقكم بريقكم، فلستم بملومين على بغضه، وايم اللّه لا ترى امه محمد خفضا ما كان سادتهم وقادتهم فى بنى اميه، ولقد وجه اللّه اليكم فتنه لن تصدروا عنها حتى تهلكوا، لطاعتكم طواغيتكم، وانضوائكم الى شياطينكم، فعند اللّه احتسب ما مضى وما ينتظر من سوء دعتكم، وحيفحكمكم) (43).
يقولابو الفرج: (لما اراد معاويه البيعه لابنه يزيد فلم يكن عليه شىء اثقل من امر الحسن بن على وسعد بن ابى وقاص فدس اليهما سما فماتا).
استشهد الامام الحسن(ع) فى ربيع الاول عام تسعه واربعين، وحمل الامام الحسين(ع) عبء مواجهه الامويين طوال هذه المرحله حتى استشهاده(ع) فى واقعه كربلاء.
وكما اسلفنا كانت هذه المرحله مرحله مواجهه (غير مسلحه)، وهى كلمه غير دقيقه والا فبماذا نصف قتل حجر بن عدى وعمرو بن الحمق الخزاعى واصحابهما ومئات غيرهم ممن لم تشتهر اسماوهم على يد شرطه معاويه وزياد وابن زياد وسمره بن جندب وغيرهم، واذا قلنا غير مسلحه فاننا نعنى عدم حدوث معارك كبرى فقط.
كانت هذه المرحله التى امتدت، من عام تسع واربعين حتى هلاك الطاغيه، مرحله تسابق.
ان الطاغيه يحاول تكريس نهج الدوله الامويه وتحويله الى قدر ابدى (وهو ما نجح فى بعضه)، والامام الحسين يحاول احياء موات هذه الامه، وردهم الى الدين الصحيح، دين محمد وعلى.
4-محاوله تحويل (النهج الاموى) الى قدر ابدى
نفذ معاويه سياسه واضحه المعالم، من ابرز معالمها:
ا - لعن آل البيت(ع)، وخاصه امام الائمه على بن ابى طالب(ع) على منابر الامه، صباح مساء.
ب- العمل على رفع مكانه مناوئى اهل البيت ومنافسيهم باختلاق الروايات المنسوبه الى رسول اللّه، صلى اللّه عليه وآله وسلم.
ج - القضاء على خطوط الدفاع بقتل رجال الشيعه واغتيالهم، مثل حجر وعمرو بن الحمق، كما اسلفنا بل وحتى قتل اى معارض آخر له وزن وان لم يكن من شيعه اهل البيت، ومثال ذلك سعد بن ابى وقاص وعبد الرحمن بن خالد بن الوليد.
د - استعمال سياسه الرشوه وافساد الذمم لاستماله من تبقى.
وهذه السياسات نفسها هى التى بدا بها تمدده السرطانى فى جسد الامه.
5-امتداد الملك يزيد ولى عهد
اراد ابن آكله الاكباد ان يمهد الامر ليزيد ابنه ليمتد الملك فى عقبه حتى قيام الساعه.
ومن يتتبع اخبار الرواه، فى هذا الصدد، يجد تباينا، فمن قائل يقول: ان هذا الامر كان بمبادره من المغيرهبن شعبه ليمد له معاويه فى ولايته على الكوفه، ومن قائل يقول: ان هذا كان بامر من معاويه، واتفاق مع الضحاك بن قيس.
وما اعتقده ان هذه امور واحده.. كل المنافقين يعلمون رغبه سيدهم والكل يتبارى فى اختيار الاسلوب الملائم للتنفيذ، ولا باس بايراد بعض النماذج التى توضح طبيعه الملك الاموى وسياسته:
(اوفد المغيره بن شعبه عشره من شيعه بنى اميه الى معاويه، ليطالبواببيعه يزيد، وعليهم موسى بن المغيره، فقال معاويه:
لا تعجلوا باظهار هذا، وكونوا على رايكم، ثم قال لموسى: بكم اشترى ابوك هولاء من دينهم، قال: بثلاثين الفا، قال: لقد هان عليهم دينهم).
لما اجتمعت عند معاويه وفود الامصار بدمشق، باحضار منه، دعا الضحاك بن قيس، فقال له: اذا جلست على المنبر، وفرغت من بعض موعظتى وكلامى، فاستاذنى للقيام، فاذا اذنت لك، فاحمد اللّه تعالى، واذكر يزيد، وقل فيه الذى يحق له عليك، من حسن الثناء عليه، ثم ادعنى الى توليته من بعدى، فانى قد رايت واجمعت على توليته، فاسال اللّه فى ذلك، وفى غيره الخيره وحسن القضاء.
ثم دعا عده رجال فامرهم ان يقوموا اذا فرغ الضحاك، وان يصدقوا قوله، ويدعو الى يزيد.
ثم خطب معاويهفتكلم القوم بعده على ما يروقه من الدعوه الى يزيد فقال معاويه: اين الاحنف؟ فاجابه، قال: الا تتكلم؟ فقام الاحنف، فحمد اللّه واثنى عليه وقال بعد مقدمه: ان اهل الحجاز واهل العراق لا يرضون بهذا، ولا يبايعون ليزيد ما كان الحسن حيا.
فغضب الضحاك ورد غاضبا: ما للحسن وذوى الحسن فى سلطان اللّه الذى استخلف به معاويه فى ارضه؟ هيهات ولا تورث الخلافه عن كلاله ولا يحجب غير الذكر العصبه، فوطنوا انفسكم يا اهل العراق على المناصحه لامامكم، وكاتب نبيكم وصهره، يسلم لكم العاجل، وتربحوا من الاجل.
ثم قام الاحنف بن قيس فحمد اللّه واثنى عليه فقال: قد علمت انك لم تفتح العراق عنوه، ولم تظهر عليها قصعا، ولكنك اعطيت الحسن بن على من عهود اللّه ما قد علمت، ليكون له الامربعدك (44).
اما عبد الرحمن بن خالد بن الوليد، وكان من خواص اصحاب معاويه فقد لقى حتفه مسموما حيث حدثته نفسه بالسلطه والاماره بدلا من يزيد.
جاء فى تاريخ الطبرى: (ان عبد الرحمن بن خالد بن الوليد كان قد عظم شانه بالشام، او مال اليه اهلها لما كان عندهم من آثار ابيه خالد بن الوليد ولغنائه عن المسلمين فى ارض الروم وباسه حتى خافه معاويه، وخشى على نفسه منه لميل الناس اليه فامر ابن آثال ان يحتال فى قتله وضمن له ان هو فعل ذلك ان يضع عنه خراجه ما عاش وان يوليه جبايه خراج حمص.
فلما قدم عبد الرحمن بن خالد لحمص منصرفا من بلاد الروم دس اليه ابن آثال شربه مسمومه مع بعض مماليكه فشربها، فمات بحمص) (45).
ويحكى لنا التاريخ صوره اخرى من مشاورات معاويه فى خلافه يزيد، ومن بينها كلمات ذلك الاحمق الذى قام فقال: (هذا امير المومنين واشار الى معاويه فان هلك فهذا واشار الى يزيد ومن ابى فهذا واشار الى سيفه قال معاويه: اجلس فانت سيد الخطباء) (46).
لم يكن عبد الرحمن بن خالد وحده هو الذى طمع فى الخلافه بعد معاويه، فهناك سعيد بن عثمان بن عفان الذى وجد له انصارا من اهل المدينه يقولون: واللّه لا ينالها يزيد حتى يعض هامه الحديد، ان الامير بعده سعيد، ولكن كان امره هينا، حيث خرج من حلبه المنافسه راضيا بولايهخراسان (47).
من الواضح ان الصراع السياسى كان دائرا على اشده حول قضيه خلافه معاويه، وقد هددت هذه القضيه الصف الاموى بالتفكك والانهيار، وان الخلافه اليزيديه لم تكن امرا مستقرا حتى فى داخل البيت الاموى نفسه، حتى ان معاويه اضطر لتاجيل اعلان هذا الامر الى ما بعد هلاك زياد، وان مروان بن الحكم، والى معاويه على المدينه، عارض هذا الامر بشده ما اضطر معاويه الى اعفائه من منصبه، ويمكننا ان نرجع هذه المعارضه الداخليه لعده اسباب منها:
ا- ان انتقال السلطه الى يزيد، من طريق ولايه العهد، كان اقتباسا من النظام السياسى البيزنطى الذى لم يعرفه العرب فى سابق تاريخهم، ولعل قرب موقع معاويه من دوله الروم كان مصدر معرفته بهذا النظام الملكى الامبراطورى الذى صار هو النظام السياسى فى الامه الاسلاميه فى ما بعد.
ب - ان هذا الاسلوب كان اهدارا لنظام الشورى الذى توهم المسلمون انه القانون الاساسى للمسلمين.
والواقع ان الشورى لم تكن قد مورست بصوره جيده فى الحقب السابقه مما يسمح باستقرار معالمها واساليب ممارستها.
فان ياتى معاويه لينقل المداراه الى ديكتاتوريه صريحه كان هذا امرا ثقيلا على كثيرين، وخاصه على اولئك الذين توهموا انهم اهل الحل والعقد، ولم يكن معاويه ليبقى على نفوذهم ولا على وجودهم نفسه، اذا تعارض ذلك مع رغباته السلطويه الجامحه.
ج - صفات يزيد الشخصيه وافتقاده الحد الادنى من المقومات جعلت زيادا، وهو من هو فى بغيه وعدوانه ونسبه، كارها لبيعته وامارته قائلا: (ويزيد صاحب رسله وتهاون مع ما قد اولع به من الصيد) (48) وكتب الى معاويه يامره بالتوده والا يعجل).
لم تستعص الاغلبيه على معاويه ولا على اساليبه، فهناك المتطوعون السابقون الى مرضاه الطواغيت، مثل الضحاك بن قيس والمغيره بن شعبه وسمره بن جندب، ولا باس هنا بان نورد بعضا من منجزات سمره، هذا (الصحابى) الذى استخلفه زياد على الكوفه ثم عاد اليه فوجده قد قتل ثمانيه آلاف من الناس فقال له: (هل تخاف ان تكون قد قتلت احدا بريئا؟، قال:
لو قتلت اليهم مثلهم ما خشيت.
او كما قال، وعن ابى سوار العدوى قال: قتل سمره من قومى فى غداه سبعه واربعين رجلا كلهم قد جمع القرآن) (49).
(ثم عزله معاويه فقال
سمره: لعن اللّه معاويه واللّه لو اطعت اللّه كما اطعت معاويه ما عذبنىابدا) (50).
لقد اجاد معاويه سياسه (فرق تسد)، فلما احس ان رجالات المدينه يمتنعون من بيعه يزيد، راسلهم اولا ثم ذهب اليهم بنفسه، فى عام خمسين للهجره، مستخدما سياسه المخادعه عازفا على اوتار النفوس ومكامن الاهواء، عالما ان الامه التى اسلمت عليا والحسن لن تجتمع كلمتها خلف الحسين(ع)، ومن ثم فان المطلوب هو كسب الوقت وتفتيت المعارضه وضرب الناس بعضهم ببعض حتى يصل الملك الى يزيد غنيمه بارده.
الفصل الثالث
الثوره الحسينيه: النهوض بمهمه حفظ الدين
كانت للحسين بن على(ع)، وهو الامام المنصوب من السماء، خطته، وهى خطه تهدف الى انتصار الحق وابقائه حيا متوهجا.
كان الحسين(ع)، عالما بان شجره الحق لكى تنبت اغصانا تبقى مدى القرون ولكى تضرب جذورها فى عمق الارض، فتقضى على جذور الشجره الخبيثه، لا بد لها من ان تروى بدماء الحسين وعترته الطاهره كى يعلم الجميع الى قيام الساعه ان ائمه اهل البيت(ع) هم قاده السيف والعلم والزهد، وان دماءهم رخيصه فى مرضاه اللّه والامام الحسين هو القاتل: (اذا كان دين جدى لا يستقيم الا بقتلى فيا سيوف خذينى).
لم يكن بنو اميه يفهمون هذا، ولا يملكون القدره حتى على الاقتراب من فهمه، الحياه عندهم متعه وخداع وقتل وسفك دماء، وصولا الى اهداف حيوانيه يتم تغليفها، بعد هذا، بشعارات دينيه، ولا مانع لديهم ان يصعد الى المنبر من يحدث الناس عن الدين والزهد ويفاخر بصحبته لرسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم، طالما انه ينهى الخطبه بلعن امام الهدى على بن ابى طالب، فاى دين هذا!؟.
وقد اسلفنا فى قصه حجر بن عدى واسباب مقتله، وقد امتلات كتب الروايات بهذه القصه الفاجره: (مالك الا تسب ابا تراب؟) ولما ابطل السب يوما قال قائلهم: (لا صلاه الا بلعن ابى تراب).
لم يكن هناك نفوذ غربى ولا شرقى آنئذ، ولا كانت القاره الامريكيه قد اكتشفت يومها حتى تبرر لنا هذه الحاله المزريه بالقول بان معاويه كان عميلا امريكيا او ان هذا مخطط صهيونى.
انهم يقولون عنه انه كاتب الوحى وخال المومنين وموسس الدوله الاسلاميه، يقولون اى شىء الا الحقيقه التى قلنا طرفا منها هنا، وسنقولها يوما ما ان شاء اللّه بمزيد من التفصيل.
1-نهج الثوره الحسينيهوالقول الفصل
الان، وفى هذه اللحظات، وعلى وجه التحديد، ومنذ استشهاد الامام الحسن، ومحاوله اخذ البيعه ليزيد، بدات الثوره الحسينيه واستمرت حتى كان عرس الدم فى كربلاء عام واحد وستين.
ايضا لا بد ان نوكد على حقيقه ان ائمه اهل البيت(ع) لم تكن ميزتهم الوحيده، انهم اقدر من غيرهم على فهم حقائق الاسلام والنطق بها، وانما كانوا هم الاقدر من غيرهم على تجسيد هذه المفاهيم وتحويلها الى واقع والى تطبيق ونموذج، فى وقت كثر فيه المتكلمون وقل فيه الفاعلون.
ولنتامل هذه الروايه التى اوردها اصحاب الصحاح وننقلها عن النسائى فى كتابه (خصائص الامام على): (ان منكم من يقاتل على تاويل القرآن كما قاتلت انا على تنزيله، قالوا: من يا رسول اللّه؟ قال: هذا، واشار الى على(ع)).
نعم لقد نزل القرآن على رسول اللّه(ص)، وبلغه للامه كاملا غير منقوص، مشفوعا بسنته(ص)، وبقى باب التطبيق مفتوحا بتطور الحوادث والايام من خلال اقامه المجتمع المسلم ومعايشته لكثير من المستجدات.
فقط ائمه اهل البيت كانوا وحدهم قادرين على الفعل الصحيح فى كل موقف لا فى موقف دون موقف، كما قال عنهم رسولنا الاكرم ورواه اصحاب الصحاح:(انى تارك فيكم ما ان تمسكتم به بعدى لن تضلوا ابدا، كتاب اللّه وعترتى اهل بيتى).
انهم حمله النص الصحيح والتطبيق الصحيح وما احوجنا اليهم، والى نهجهم، سلام اللّه عليهم.
وما احوج الامه، وسط هذا الظلام الاموى وهذه الفتنه العمياء الى موقف حسينى يبدد الظلمات، موقف حسينى لا يتحدث عن الحق وانما يفعله، ولا يفعله فعلا يراه بعض الناس ويغفل عنه بعضهم الاخر، وانما يفعله فعلا يبقى مسطورا ومحفورا فى عمق الارض وفى عمق الوجدان البشرى.
ما احوج الامه الاسلاميه والبشريه كلها الى هذا النور المتوهج لتبقى شمس الحسين تهدى الحائرين وتدل السائلين على الحدود الفاصله بين الحق والباطل، بين مرضاه اللّه وسخطه.
هكذا كانت ثوره الحسين.
لم تكن حاله انفعاليه نشات عن حاله الحصار التى تعرض لها ابو عبداللّه الحسين ولا كانت حركه الى المجهول املتها اجواء رسائل البيعه المشكوك فى صدقها، منذ البدء كانت فعلا مدروسا ومخططا منذ لحظه ولادته وبدات خطوات تنفيذها فى اللحظه التى تخيل فيها ابن آكله الاكباد انه لا اسلام حقيقيا بعد اليوم، وليبق الدين لعق على السنه بعض القاده يصعدون به على اعناق الناس يطلبون الدنيا بادعاء النسك والزهاده على ان يدعوا ما لقيصر لقيصر، وما تبقى ان تبقى شىء فهو للّه.
لم يبدا الفصل الاخير بعد، الفصل الاخير سيفتتحه الامام محمد بن الحسن المهدى(ع)، حيث سيسمع الجميع القول الفصل:(ان فى ذلك لايه لمن خاف عذاب الاخره ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود) «هود/103»،(والسماء ذات الرجع× والارض ذات الصدع× انه لقول فصل× وما هو بالهزل× انهم يكيدون كيدا× واكيد كيدا× فمهل الكافرين امهلهم رويدا) «الطارق/11-17».
2-التمهيد للثوره
بيان فضائل آل البيت،ومساوىء الحزب الفئه الحاكمهخرجت جماعه من الشيعه الى الامام الحسن(ع)، بعد صلحه مع ابن آكله الاكباد، وطلبوا منه نقض الصلح، فلم يجبهم فجاءوا الى الامام الحسين(ع) فقال: (قد كان صلحا، وكانت بيعه كنت بها كارها، فانظروا ما دام هذا الرجل حيا فان يهلك نظرنا ونظرتم.
فانصرفوا عنه، فلم يكن شىء احب اليهم والى الشيعه من هلاك معاويه) (51).
ثم لما استشهد الامام الحسن(ع)، عاودوا الاتصال بالامام الحسين قائلين: (ان اللّه قد جعل فيك اعظم الخلف ممن مضى، ونحن شيعتك المصابه بمصيبتك، المحزونه بحزنك، المسروره بسرورك، المنتظره لامرك.
فكتب اليهم: انى لارجو ان يكون راى اخى فى الموادعه ورايى فى الجهاد رشدا وسدادا، فالصقوا بالارض واخفوا الشخص واكتموا الهدى واحترسوا من الاظاء ما دام ابن هند حيا فان يحدث به حدث، وانا حى، ياتكم رايى ان شاءاللّه) (52).
ولما كثر اختلاف اشراف الحجاز ورجال العراق الى الحسين(ع)، حجبهم الوليد بن عتبه، والى المدينه عنه، ومنعهم من ملاقاته فقال له الحسين: (يا ظالما نفسه، وعاصيا لربه، علام تحول بينى وبين قوم عرفوا من حقى ما جهلته انت وعمك) (53).
كتب معاويه الى الحسين(ع): (اما بعد، فقد انتهت الى منك امور، لم اكن اظنك بها رغبه عنها، وان احق الناس بالوفاء لمن اعطى بيعه من كان مثلك، فى خطرك وشرفك ومنزلتك التى انزلك اللّه بها، فلا تنازع الى قطيعتك، واتق اللّه، ولا تردن هذه الامه فى فتنه، وانظر لنفسك ودينك وامه محمد، ولا يستخفنك الذين لايوقنون) (54).
يظهر من هذا الخطاب ان الدوله الامويه كانت ترصد حركات ابى عبداللّه الحسين وسكناته وانه، سلام اللّه عليه، لم يكن نائما على فراشه ينتظر هلاك الطاغيه ليسرع الى اعلان نفسه خليفه كما يحلم الكسالى والواهمون.
ولعل كلمه معاويه (انتهت الى منك امور) يعنى انه لم يكن تقريرا واحدا من مخابراته بل كانت تقارير عده.
وكان الحسين(ع)، حريصا على ابلاغ كلمه الحق الى جميع افراد الامه.
اما السياسه الامويه تجاه الحسين(ع)، فى هذه الحقبه فيلخصها سعيد بن العاص عندما يقول: (فذر الحسين بمنبت النخله، يشرب الماء ويصعد فى الهواء ولا يبلغ الى السماء).
فالنخله، مهما طالت، لا تبلغ السماء، وهذا المطلوب عينه، من دون اراقه دماء، ومن دون احداث ضجيج غير مطلوب ولا مرغوب، فى وقت كان يتعين فيه اظهار البيعه ليزيد وكانها جاءت طواعيه وبملء اراده الامه.
فكان رد الامام عليه: (اما بعد، فقد جاءنى كتابك تذكر فيه انه انتهت اليك عنى امور، لم تكن تظننى بها، رغبه بى عنها، وان الحسنات لا يهدى لها ولا يسدد اليها الا اللّه تعالى، اما ما ذكرت انهرقى اليك عنى، فانما رقاه الملاقون، المشاءون بالنميمه، المفرقون بين الجمع، وكذب الغاوون المارقون، ما اردت حربا ولا خلافا، وانى لاخشى اللّه فى ترك ذلك، منك ومن حزبك، القاسطين المحلين، حزب الظالم، واعوان الشيطان الرجيم.
الست قاتل حجر، واصحابه العابدين المخبتين، الذين كانوا يستفظعون البدع، يامرون بالمعروف، وينهون عن المنكر، فقتلتهم ظلما وعدوانا، من بعد ما اعطيتهم المواثيق الغليظه، والعهود الموكده، جراه على اللّه واستخفافا بعهده، اولست بقاتل عمرو بن الحمق، الذى اخلقت وابلت وجهه العباده، فقتلته من بعد ما اعطيته من العهود ما لو فهمته العصم نزلت من شعف الجبال، اولست المدعى زيادا فى الاسلام، فزعمت انه ابن ابى سفيان، وقد قضى رسول اللّه(ص)، ان الولد للفراش وللعاهر الحجر، ثم سلطته على اهل الاسلام، يقتلهم ويقطع ايديهم وارجلهم من خلاف، ويصلبهم فى جذوع النخل.
سبحان اللّه! يا معاويه، لكانك لست من هذه الامه، وليسوا منك، اولست قاتل الحضرمى الذى كتب اليك فيه زياد انه على دين على كرم اللّه وجهه؟ ودين على هو دين ابن عمه(ص)، الذى اجلسك مجلسك الذى انت فيه، ولولا ذلك كان افضل شرفك وشرف آبائك تجشم الرحلتين: رحله الشتاء والصيف، فوضعها اللّه عنكم بنا، منه عليكم.
وقلت فى ما قلت: لا ترد هذه الامه فى فتنه، وانى لا اعلم لها فتنه اعظم من امارتك عليها، وقلت فى ما قلت: انظر لنفسك ولدينك ولامه محمد، وانى واللّه ما اعرف افضل من جهادك، فان افعل فانه قربه الى ربى، وان لم افعله فاستغفر اللّه لدينى، واساله التوفيق لما يحب ويرضى.
وقلت فى ما قلت: متى تكدنى اكدك، فكدنى يا معاويه فى ما بدا لك، فلعمرى لقديما يكاد الصالحون، وانى لارجو ان لا تضر الا نفسك، ولا تمحق الا عملك، فكدنى ما بدا لك، واتق اللّه يا معاويه.
واعلم ان للّه كتابا لا يغادر صغيره ولا كبيره الا احصاها.
واعلم ان اللّه ليس بناس لك قتلك بالظنه واخذك بالتهمه، وامارتك صبيا يشرب الشراب، ويلعب بالكلاب، ما اراك الا وقد اوبقت نفسك، واهلكت دينك، واضعت الرعيهوالسلام) (55).
كانت هذه الرساله اعلانا موجلا للحرب وليست محاوله للاسترضاء، فها هو الامام الحسين يضع النقاط على الحروف، ويعلن موقفه من بنى اميه الذين وصفهم بانهم حزب الظالم واعوان الشيطان الرجيم.
ثم يرد على تلبيس ابليس بادعائه خوف الفتنه على امه محمد بانه، (ع)، لا يرى فتنه اخطر ولا اضل على امه محمد من اماره معاويه والقاسطين من حزبه، وهو تاكيد لما ذكرناه من قبل فى تفسير قوله تعالى: (ومنهم من يقول ائذن لى ولا تفتنى الا فى الفتنه سقطوا)«التوبه/49»، فليس هناك اضل على الامه من اماره الظلمه اعداء اللّه حزب الشيطان، وان ترك جهادهم ذنب والبراءه منهم وقتالهم هدف نبيل يتضاءل الى جواره كل بذل وتضحيه، وبين اعلان موقفه من بنى اميه واعلانه وجوب الجهاد ضدهم يفصل جرائمهم ونكايتهم بالصالحين من امه محمد(ص).
ان هذه الرساله تاكيد لما اسلفنا، وهو ان خروج الامام الحسين(ع)، لم يكن رد فعل وانفعال بل هو فعل مدروس وترجمه عمليه لموقف عقيدى راسخ وتنفيذ لتكليف الهى.
كل هذه الكلمات والمواقف لم تردع معاويه عن غيه بل هو ماض فى ما نوى فيذهب الى المدينه، ويلتقى وجوه الامه، ويلوح لهم تاره بالوعود وتاره بالوعيد، يلبس الحق بالباطل ويزور ويزيف ليمهد الامر ليزيد اللعين، فقام الحسين (ع) يجبهه بالحق: (اما بعد يا معاويه لم يناده بامره المومنين فلن يودى القائل، وان اطنب، فى صفه الرسول(ص)، من جميع جزءا، وقد فهمت ما لبست به الخلف بعد رسول اللّه من ايجاز الصفه والتنكب عن استبلاغ النعت، وهيهات هيهات يا معاويه: فضح الصبح فحمه الدجى، وبهرت الشمس انوار السرج، ولقد فضلت حتى افرطت، واستاثرت حتى اجحفت، ومنعت حتى محلت، وجزت حتى جاوزت ما بذلت لذى حق من اسم حقه بنصيب حتى اخذ الشيطان حظه الاوفر، ونصيبه الاكمل، وفهمت ما ذكرته عن يزيد من اكتماله، وسياسته لامه محمد، تريد ان توهم الناس فى يزيد كانك تصف محجوبا، او تنعت غائبا او تخبر عما كان مما احتويته بعلم خاص.
وقد دل يزيد من نفسه على موقع رايه، فخذ ليزيد فى ما اخذ فيه، من استقرائه الكلاب المهارشه عند التحارش، والحمام السبق لاترابهن، والقيان ذوات المعازف وضرب الملاهى تجده باصرا، ودع عنك ما تحاول، فما اغناك ان تلقى اللّه من وزر الخلق باكثر مما انت لاقيه، فواللّه ما برحت تقدم جور باطلا فى جور وحنقا فى ظلم حتى ملات الاسقيه وما بينك وبين الموت الا غمضه، فتقدم على عمل محفوظ، فى يوم مشهود، ولات حين مناص، ورايتك عرضت بنا بعد هذا الامر، ومنعتنا عن آبائنا، ولقد لعمر اللّه اورثنا الرسول(ص)، ولاده وجئت لنا بها، ما حججتم به فاذعن للحجه بذلك، ورده الايمان الى النصف، فركبتم الاعاليل، وفعلتم الافاعيل، وقلتم كان ويكون، حتى اتاك الامر يا معاويه من طريق كان قصدها لغيرك، فهناك اعتبروا يا اولى الابصار، وذكرت قياده الرجل القوم بعهد رسول اللّه(ص) وتاميره له، وقد كان ذلك، ولعمرو بن العاص يومئذ فضيله بصحبه الرسول، وبيعته له، وما صار لعمرو يومئذ مبعثهم حتى انف القوم امرته، وكرهوا تقديمه، وعدوا عليه افعاله، فقال(ص): لا جرم معشر المهاجرين، لا يعمل عليكم بعد اليوم غيرى، فكيف يحتج بالمنسوخ من فعل الرسول، فى اوكد الاحكام، واولاها بالمجمع عليه من الصواب؟ ام كيف صاحبت بصاحب تابعا، وحولك من لا يومن فى صحبته، ولا يعتمد فى دينه وقرابته، وتتخطاهم الى مسرف مفتون، تريد ان تلبس الناس شبهه يسعد بها الباقى فى دنياه، وتشقى بها فى آخرتك، ان هذا لهو الخسران المبين، واستغفر اللّه لى ولكم.
قال: فنظر معاويه الى ابن عباس فقال: ما هذا يا ابن عباس؟ ولما عندك ادهى وامر، فقال ابن عباس: لعمر اللّه، انها لذريه الرسول، واحد اصحاب الكساء، ومن البيت المطهر، ما له عما تريد، فان لك فى الناس مقنعا، حتى يحكم اللّه بامره وهو خير الحاكمين) (56).
تامل قوله، (ع)، عن يزيد: (تريد ان توهم الناس فى يزيد كانك تصف محجوبا وتنعت غائبا).
لم تكن شخصيه يزيد شخصيه مجهوله، ولا كانت اخلاقياته امرا غائبا عن الناس ولا كانت الامه المسلمه قد صارت الى ما هى عليه الان من فساد اخلاقى ومجاهره بالمعاصى وشرب الخمور حتى يتجاوز المسلمون عن ذلك الفاسق المستهتر، وهل عجزت امه محمد عن ايجاد رجل منها يتمتع بالخلق الحميد والسمعه الطيبه حتى تسلم امرها الى يزيد؟
3- التصميم والتخطيط
لم يتوقف الحسين، (ع)، عن تذكير الناس بحق اهل البيت (ع)، سواء فى مواجهه معاويه ام فى مجلسه، فها هو يجمع رجالات بنى هاشم ورجالات الشيعه والتابعين والانصار، وعددهم حوالى تسعمئه رجل، فلما اجتمعوا قام خطيبا فحمد اللّه واثنى عليه ثم قال: (اما بعد، فان هذا الطاغيه قد فعل بنا وبشيعتنا ما قد رايتم وعلمتم وشهدتم، وانى اريد ان اسالكم عن شىء، فان صدقت فصدقونى وان كذبت فكذبونى، اسمعوا مقالتى واكتموا قولى ثم ارجعوا الى امصاركم وقبائلكم من امنتموه ووثقتم به فادعوهم الى ما تعلمون فانى اخاف ان يندرس هذا الحق ويذهب، واللّه متم نوره ولو كره الكافرون.
قال الراوى: فما ترك الحسين شيئا مما انزل اللّه فيهم الا تلاه وفسره، ولا شيئا مما قاله رسول اللّه فى ابيه واخيه وفى نفسه واهل بيته الا رواه، وفى كل ذلك يقول اصحابه: اللهم نعم، قد سمعنا وشهدنا.
وقد ناشدهم فقال: انشدكم اللّه، اتعلمون ان على بن ابى طالب كان اخا لرسول اللّه حين آخى بين اصحابه فاخى بينه وبين نفسه، وقال: انت اخى وانا اخوك فى الدنيا والاخره؟، قالوا: نعم.
قال: انشدكم اللّه، هل تعلمون ان رسول اللّه اشترى موضع مسجده ومنازله فابتناه ثم ابتنى فيه عشره منازل، تسعه له، وجعل عاشرها فى وسطها لابى، ثم سد كل باب شارع الى المسجد غير بابه فتكلم فى ذلك من تكلم، فقال: ما انا سددت ابوابكم وفتحت بابه ولكن اللّه امرنى بسد ابوابكم وفتح بابه ثم نهى الناس ان يناموا فى المسجد غيره، ومنزله فى منزل رسول اللّه فولد لرسول اللّه وله فيه اولاد؟، قالوا: اللهم نعم.
قال: انشدكم اللّه افتعلمون ان عمر بن الخطاب حرص على كوه قدر عينيه يدعها فى منزله الى المسجد فابى عليه، ثم خطب فقال: ان اللّه امرنى بان ابنى مسجدا طاهرا لا يسكنه غير اخى وغير اخى وبنيه؟، قالوا: اللهم نعم.
قال: انشدكم اللّه اتعلمون ان رسول اللّه قال فى غزوه تبوك: انت منى بمنزله هارون من موسى، وانت ولى كل مومن بعدى؟، قالوا: اللهم نعم.
قال: انشدكم اللّه اتعلمون ان رسول اللّه دفع اليه اللواء يوم خيبر، ثم قال: لادفعه الى رجل يحبه اللّه ورسوله ويحب اللّه ورسوله، كرار غير فرار فيفتحها اللّه على يده؟، قالوا: اللهم نعم.
قال: اتعلمون ان رسول اللّه بعثه ببراءه وقال: (لا يبلغ عنى الا انا او رجل منى؟، قالوا: اللهم نعم).
قال: اتعلمون ان رسول اللّه لم تنزل به شده قط الا قدمه لها ثقه به وانه لم يدعه باسمه قط الا يقول: يا اخى؟، قالوا: اللهم نعم.
قال: انشدكم اللّه اتعلمون ان رسول اللّه قضى بينه وبين جعفر وزيد فقال: يا على انت منى وانا منك وانت ولى كل مومن بعدى؟، قالوا: اللهم نعم.
قال: انشدكم اللّه اتعلمون انه كانت له من رسول اللّه كل يوم خلوه وكل ليله دخله اذا ساله اعطاه واذا سكت ابداه؟، قالوا: اللهم نعم.
قال: انشدكم اللّه اتعلمون ان رسول اللّه فضله على جعفر وحمزه حين قال لفاطمه، عليها السلام، زوجتك خير اهل البيت، اقدمهم سلما واعظمهم حلما واكثرهم علما؟، قالوا: اللهم نعم.
قال: انشدكم اللّه اتعلمون ان رسول اللّه قال: انا سيد ولد آدم، واخى على سيد العرب وفاطمه سيده نساء اهل الجنه والحسن والحسين سيدا شباب اهل الجنه؟، قالوا: اللهم نعم.
قال: انشدكم اللّه اتعلمون ان رسول اللّه امره بتغسيله واخبره ان جبرائيل يعينه عليه؟، قالوا: اللهم نعم.
قال: انشدكم اللّه اتعلمون ان رسول اللّه قال فى آخر خطبه خطبها: انى تركت فيكم الثقلين كتاب اللّه واهل بيتى فتمسكوا بهما لن تضلوا؟، قالوا: اللهم نعم.
فلم يدع، شيئا انزله اللّه فى على بن ابى طالب خاصه واهل بيته من القرآن ولا عن لسان نبيه الا ناشدهم، فيقول الصحابه: اللهم نعم، قد سمعناه.
ويقول التابعون: اللهم نعم قد حدثنيه من اثق به فلان وفلان.
ثم ناشدهم ان كانوا قد سمعوا رسول اللّه(ص)، يقول: من زعم انه يحبنى ويبغض عليا فقد كذب، ليس يحبنى ويبغض عليا، فقال له قائل: يا رسول اللّه وكيف ذلك؟، قال: لانه منى وانا منه، من احبه فقد احبنى ومن احبنى فقد احب اللّه، ومن ابغضه فقد ابغضنى ومن ابغضنى فقد ابغض اللّه، فقالوا: اللهم نعم قد سمعناه، وتفرقوا علىذلك) (57).
ثم ها هو يخاطب الامه ويحثها على القيام بواجب الامر بالمعروف والنهى عن المنكر: (اعتبروا، ايها الناس، بما وعظ اللّه به اولياءه من سوء ثنائه على الاحبار اذ يقول: (لعن الذين كفروا من بنى اسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون× كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون)«المائده/78-79» وانما عاب اللّه ذلك عليهم لانهم كانوا يرون من الظلمه الذين بين اظهرهم المنكر والفساد فلا ينهونهم عن ذلك، رغبه فى ما كانوا ينالون منهم ورهبه مما يحذرون، واللّه يقول: (فلا تخشوا الناس واخشون ولا تشتروا باياتى ثمنا قليلا..)«المائده/44»، وقال: (والمومنون والمومنات بعضهم اولياء بعض يامرون بالمعروف وينهون عن المنكر..)«التوبه/71»، فبدا اللّه بالامر بالمعروف والنهى عن المنكر فريضه منه لعلمه بانها اذا اديت واقيمت استقامت الفرائض كلها هينها وصعبها، وذلك الامر بالمعروف والنهى عن المنكر دعاء الى الاسلام مع رد المظالم ومخالفه الظالم وقسمه الفىء والغنائم واخذ الصدقات من مواضعها ووضعها فى حقها.
ثم انتم، ايها العصابه، بالعلم مشهوره وبالخير مذكوره وبالنصيحه معروفه وباللّه فى انفس الناس مهابه، يهابكم الشريف ويكرمكم الضعيف ويوثركم من لا فضل لكم عليه ولا يدلكم عنده، تشفعون فى الحوائج اذا امتنعت من طلابها، وتمشون فى الطريق بهيئه الملوك وكرامه الاكابر، اليس كل ذلك انما نلتموه بما يرجى عندكم من القيام بحق اللّه، وان كنتم عن اكثر حقه تقصرون، فاستخففتم بحق الائمه فاما حق الضعفاء فضيعتم واما حقكم بزعمكم طلبتم، فلا مالا بذلتموه ولا نفسا خاطرتم بها للذى خلقها ولا عشيره عاديتموها فى ذات اللّه، انتم تتمنون على اللّه جنته ومجاوره رسله وامانا من عذابه، لقد خشيت عليكم ايها المتمنون على اللّه ان تحل بكم نقمه من نقماته لانكم بلغتم من كرامه اللّه منزله فضلتم بها، ومن يعرف باللّه لا تكرمون وانتم فى عباده تكرمون وقد ترون عهود اللّه منقوضه فلا تفزعون وانتم لبعض ذمم آبائكم تفزعون.
وما امركم اللّه به من النهى والتناهى انتم عنه غافلون وانتم اعظم الناس مصيبه لما غلبتم عليه من منازل العلماء لو كنتم تسعون، ذلك بان مجارى الامور والاحكام على ايدى العلماء باللّه الامناء على حلاله وحرامه، فانتم المسلوبون تلك المنزله وما سلبتم ذلك الا لتفرقكم عن الحق واختلافكم فى السنه بعد البينه الواضحه، ولو صبرتم على الاذى وتحملتم الموونه فى ذات اللّه كانت امور اللّه عليكم ترد وعنكم تصدر واليكم ترجع، ولكنكم مكنتم الظلمه من منزلتكم واستسلمتم، امور اللّه فى ايديهم يعملون بالشبهات ويسيرون فى الشهوات سلطهم على ذلك فراركم من الموت واعجابكم بالحياه التى هى مفارقتكم، فاسلمتم الضعفاء فى ايديهم فما بين مستعبد مقهور وبين مستضعف على معيشه مغلوب، يتقلبون فى الملك بارائهم ويستشعرون الخزى باهدائهم اقتداء بالاشرار وجراه على الجبار، فى كل بلد منهم على منبره خطيب يصقع فالارض لهم شاغره وايديهم فيها مبسوطه والناس لهم خول لا يدفعون يد لامس، فمن بين جبار عنيد وذى سطوه على الضعيف شديد مطاع لا يعرف المبدى المعيد، فيا عجبا وما لى لا اعجب والارض من غاش غشوم ومتصدق ظلوم وعامل على المومنين غير رحيم، فاللّه الحاكم فيما فيه تنازعنا والقاضى بحكمه فيما شجر بيننا.
اللهم انك تعلم انه لم يكن ما كان منا تنافسا فى سلطان ولا التماسا من فضول الحكام، ولكن لنرى المعالم من دينك ونظهر الاصلاح فى بلادك ويامن المظلومون من عبادك ويعمل بفرائضك وسنتك فى بلادك، فانكم ان لم تنصرونا وتنصفوناقوى الظلمه عليكم وعملوا فى اطفاء نور نبيكم، وحسبنا اللّه وعليه توكلنا واليه انبنا واليهالمصير) (58).
انظروا الى هذه الخطبه العظيمه، فى التمهيد، واعداد الارضيه للثوره الحسينيه.
والخطبه التى سبقتها فى ذكر فضائل اهل البيت وفضائله (ع).
ما احوجنا الى استخراج هذه المعانى وشرحها وتاكيدها لاصحاب العقول الراجحه، انها دستور ومنهج فى فهم حقائق الاسلام تنسف ما حاول بنو اميه ترسيخه من صوره كهنوتيه للاسلام تكرس فصل الدين عن الدوله فصلا عمليا منذ البدايه، بل وتجعل من مفاهيم الدين خادمه لظلم الظالمين وجور السلاطين وتستفيد من مقالات بعض المتقاعصين الذين خدمهم الاسلام باكثر مما خدموه.
ان بنى اميه واصحاب السلطه من بعدهم مهدوا فى الاغداق على افراد هذه الطبقه والادناء لهم واسماع صوتهم للناس، وكبت المخلصين فى ولائهم لال بيت محمد(ص) بدءا من ابى ذر الغفارى رضوان اللّه عليه ومرورا بحجر بن عدى وعمرو بن الحمق الخزاعى حتى لا تصل الى مسمع العالم الا هذه الكلمات المشبوهه المنسوبه الى اصحابها او المكذوبه على رسول اللّه(ص)، داعيه الناس للخنوع والخضوع بدعوى تجنيب الناس الوقوع فى الفتنه، وتحاول ان تعطى الغاصبين شرعيه يحلمون بها وتعطل فريضه الامر بالمعروف والنهى عن المنكر.
فها هو ابو عبداللّه الحسين يوكد على هذه الفريضه المعطله ويرى انها ضروره لازمه لاقامه احكام الدين، فيقول: انها اذا اديت استقامت الفرائض جميعها هينها وصعبها، وتجنب المجتمع الوقوع فى الظلم الذى هو راس كل مصيبه تنزل بالناس، وها هو (ع) ينبه الى ضياع حقوق الضعفاء وينبه الى انهم اسلموا الضعفاء فى يد الظلمه، فصار الناس ما بين مستعبد مقهور وبين مستضعف على معيشه مقهور.
ويلفت الانظار الى التوازن المفقود فى المجتمع المسلم بين هولاء الجبابره واعوانهم الذى كان يفترض فيهم اقامه العدل، فها هم ينطلقون فى خدمه شهواتهم وحقدهم على الاسلام واهله فيصف حالهم: (فى كل بلد منهم على منبره خطيب فيصقع، فالارض لهم شاغره وايديهم فيها مبسوطه والناس لهم خول اى خدم لا يدفعون يد لامس، فمن بين جبار عنيد وذى سطوه على الضعيف شديد مطاع لا يعرف المبدى المعيد).
هذا هو حال المسلمين، كما وصفه ابو عبداللّه، ولا بد من ان يستعيد الذهن ما فعله زياد وابن زياد وسمره بن جندب من قتلهم للمسلمين وسفكهم للدماء، هذه هى الصوره الحقيقيه للدوله الامويه التى وجدت وما زالت تجد من يدافع عنها ويدعو الناس للخنوع والخضوع باسم الدين، والدين براء من هولاء وهولاء.
ان هذه الخطب الثلاث ترسم معالم التصور الاسلامى لنظام الحكم، هذا التصور الذى افتتح معسكر النفاق جهدهم بالهجوم عليه، عالمين بان انتقاضه يسهل عليهم كل عسير، والحسين (ع) يعيد التاكيد على معالمه الرئيسيه خاصه بعدما جرب الناس حكومه بنى اميه وراوا جراتهم على سفك الدماء واستئثارهم بالاموال، انها حكومه الظلمه التى امرنا اللّه تبارك وتعالى بان نجاهد حتى ننهى وجودها سواء رفعت شعارات الكفر ام ادعت الاسلام فقال عز من قائل: (وقاتلوهم حتى لا تكون فتنه ويكون الدين كله للّه)«الانفال/ 39»، فكيف يكون الدين كله للّه اذا كان الناس مجبرون على الخضوع للظلم والا قتلوا او جاعوا؟!، كيف يكون الدين كله للّه، والحاكم الجائر يمتلك ازهاق الارواح بكلمه لا تستند الى شرع ولا قانون؟!، كيف يكون الدين كله للّه وقد صارت سلطه الحاكم الجائر هدفا مقدسا وصنما يعبد من دون اللّه ومن دون شريعته؟!.
وننهى خطب الحسين (ع)، فى التمهيد للثوره بهذه الخطبه الرائعه: