وباختصار، فالقاعدة العريضة منهم ودوا لو يردون الذين آمنوا من بعد إيمانهم كفارا، وهناك فرق حملت أعلام هذه القاعدة وانطلقت رجاء تنفيذ هذا الهدف، وهناك طائفة من أهل الكتاب مهمتها إطفاء الأنوار رغبة منها في أن تضل قافلة الذين آمنوا عن الطريق، والمعنى: أن الطائفة في خدمة الفريق، والفريق في خدمة القاعدة، وليس معنى هذا أن قاعدة أهل الكتاب خالية من العلماء الذين يبحثون عن الحقيقة، فهؤلاء أثر أقدامهم على الطريق، والإسلام لم يغلق أبوابه أمام الذين يريدون الاستبصار منهم في الدين، وقد أمر الله - تعالى - بمجادلتهم بالتي هي أحسن، فقال في آية محكمة: (ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم) [ العنكبوت: 46 ]، وقوله: (إلا الذين ظلموا منهم) يعني أهل الحرب، وذكر - تعالى - في كتابه أن الذين قالوا إنهم من أتباع عيسى عليه السلام وعلى منهاج إنجيله، فيهم مودة للإسلام وأهله، وما ذاك إلا لما في قلوبهم من الرقة والرحمة، ويوجد فيهم قسيسون، وهم خطباؤهم وعلماؤهم، ورهبانا، من صفتهم بأن فيهم العلم والعبادة والتواضع والانقياد للحق واتباعه والإنصاف، وإذا سمعوا ما أنزل الرسول الخاتم صلى الله عليه وآله وسلم، ترى أعينهم تفيض
فمن هذه النصوص ومن غيرها نعلم أن الدعوة الإلهية الخاتمة حذرت من اتباع أي مشروع تقدمه الطوائف أو الفرق التي تهدف من وراء برامجها الصد عن سبيل الله، وفي الوقت نفسه فتحت الدعوة أبوابها للباحثين عن الحقيقة من أهل الكتاب لتقيم الحجة عليهم وعلى غيرهم في كل مكان وزمان..
الفصل الثاني
من وصايا الدعوة الخاتمة
أولا: ظل المنزلة الممدود
على امتداد المسيرة الإسرائيلية كان لشجرة الأنبياء فيها علامات وبصمات، وفي التوراة الحاضرة يمكن للباحث أن يتبين نبوة هارون ومنزلته هو وبنيه من موسى عليه السلام، فالتوراة تنص على وحي الله - تعالى - لهارون، وهنا تكون النبوة، ولما كان موسى عليه السلام هو رسول الله إلى بني إسرائيل وعليه أنزلت التوراة، فإن نبوة هارون أو وحي الله - تعالى - لهارون، كان يتعلق بتفسير الشريعة التي أنزلها الله - تعالى - على موسى عليه السلام، بمعنى:
أن التوراة أنزلها الله - تعالى - على موسى، وأن تفسير الشريعة أوحى الله - تعالى - به إلى هارون عليه السلام، فكان هارون مشاركا لموسى عليه السلام في تفسير الشريعة، وموسى عليه السلام منفردا عن هارون بتلقي التوراة من الله سبحانه وتعالى، وهو قول الله - تعالى - في القرآن حاكيا عن موسى قوله:
(واجعل لي وزيرا من أهلي، هارون أخي، اشدد به أزري، وأشركه في أمري) [ طه: 29 - 32 ]، فالنص القرآني يقول: إن موسى عليه السلام سأل ربه أن يجعل له وزيرا من أهله، وأن يكون هذا الوزير هارون أخاه، وسأله أن يشركه في أمره، والوزير في لغة العرب: الذي يحمل ثقل الملك، وقيل: هو الذي يلتجئ إليه الملك في آرائه وأحكامه، وقيل: هو الذي يعين الملك ويقويه (1)، وفي التوراة الحاضرة: كان هارون الكاهن الأكبر الذي يفسر الشريعة، والكاهن في لسان العرب: هو من يقوم بأمر الرجل ويسعى في حاجته، وقال: والعرب تسمي كل من يتعاطى علما دقيقا كاهنا (2).
____________
(1) أنظر: لسان العرب: مادة: وزر، ص: 4824.
(2) أنظر: المصدر نفسه، مادة: كهن، ص: 3950.
في مشاورتي " (1).
هذا ما يتعلق بوزارة هارون ومساعدته موسى في تبليغ الدين أو شئ من أجزائه، وموسى عليه السلام سأل ربه ذلك، لأن الأمر كثير الجوانب، متباعد الأطراف، فهو كان يخاف التكذيب مع ما معه من ضيق الصدر وعدم انطلاق اللسان، وكان على علم بفرعون وقومه وما هم عليه من الشوكة والقوة، وكان على علم بالانحطاط الفكري وبجهل بني إسرائيل وضعفهم، لهذا سأل ربه بعض الأمور التي كان يحتاجها في رسالته لا في نبوته، ومنها طلب الوزير، أما في ما يتعلق بخلافة هارون لموسى عليه السلام في قومه، فجاء في قوله تعالى: (وقال موسى لأخيه هارون اخلفني في قومي وأصلح ولا تتبع سبيل المفسدين) [ الأعراف: 142 ]، قال ابن كثير: " استخلف موسى على بني إسرائيل أخاه هارون، ووصاه بالإصلاح وعدم الافساد، وهذا تنبيه وتذكير، وإلا فهارون عليه السلام نبي شريف كريم على الله، له وجاهه وجلاله صلوات الله وسلامه عليه وعلى سائر الأنبياء " (2)، والاستخلاف لا يكون إلا في غيبة، وكانت غيبة موسى عن بني إسرائيل حين كان يفارقهم للميقات، وقوله لأخيه: (ولا تتبع سبيل المفسدين)، فيه أنه كان في قومه يومئذ جمع من المفسدين يفسدون ويقلبون عليه الأمور، ويتربصون به الدوائر، فنهى موسى
____________
(1) تفسير ابن كثير: 3 / 147.
(2) المصدر نفسه: 2 / 243.
وبالجملة، كان هارون وزيرا لموسى عليهما السلام، وكان يساعده في تبليغ الدين أو شئ من أجزائه، وكان يخلف موسى عليه السلام في غيبته، ويحافظ على سبيل موسى عليه السلام من الذين يتربصون به، ليكون السبيل حجة على بني إسرائيل وهم تحت سقف الامتحان والابتلاء، ويكون شاهدا على المفسدين على امتداد المسيرة كي يتبين الباحث عن الحقيقة خطاهم، وسبيل الأنبياء، فقد ذرأ الله ذرية آدم، لا يضره من خالفه أو من خذله أو من عاداه.
أما في ما يتعلق بأبناء هارون عليه السلام، فلقد ذكرت التوراة الحاضرة، أن الله - تعالى - اصطفى أبناء هارون من بعده ليفسروا الشريعة لبني إسرائيل، وعلى امتداد المسيرة الإسرائيلية بعث منهم الأنبياء والربانيون، وآخر الأنبياء الذين بعثوا من ذرية هارون، كان المسيح عيسى بن مريم عليهما السلام، ولقد قلب بنو إسرائيل الأمر على أنبيائهم، وقتلوا بعضهم، وكذبوا البعض الآخر، وعندما جاؤوهم بما لا تهوى أنفسهم.
والدعوة الإلهية الخاتمة - على نبيها الصلاة والسلام - امتد ظلها من حيث انتهت ظلال أنبياء بني إسرائيل، بمعنى: في بداية الدعوة جعل الله قياس النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى موسى عليه السلام، وجعل قياس أمة النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى فرعون وقومه، قال تعالى: (إنا أرسلنا إليكم شاهدا عليكم كما أرسلنا إلى فرعون رسولا، فعصى فرعون الرسول فأخذناه أخذا وبيلا) [ المزمل: 15 - 16 ]، فبتدبر الآية، نجد أن دائرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقابلها دائرة موسى عليه السلام، ودائرة الأمة يقابلها دائرة فرعون، والقرآن عبر عن موسى بالرسول، وفي هذا إشارة إلى أن السبب الموجب لأخذ فرعون مخالفته أمر رسالة موسى لا موسى نفسه بما أنه موسى، وإذا كان السبب هو مخالفة الرسالة، فيقابله تحذير الأمة من مخالفة رسالة محمد، لأن المخالفة تؤدي
كما جعل الله - تعالى - قياس أذى النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى أذى موسى عليه السلام، قال تعالى: (يا أيها آمنوا لا تكونوا كالذين آذوا موسى فبرأه الله مما قالوا) [ الأحزاب: 69 ]، قال ابن كثير: وفيه نهي للمؤمنين أن ينالوا من النبي صلى الله عليه وآله وسلم، أو يوصلوا إليه أذى، وقال تعالى مخبرا عن رسوله موسى عليه السلام أنه قال لقوله: (لم تؤذونني وقد تعلمون أني رسول الله إليكم فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم والله لا يهدي القوم الفاسقين) [ الصف: 5 ]، ولما كانت عقوبة الذين آذوا موسى عليه السلام وعدلوا عن الحق مع علمهم به، أن الله أزاغ قلوبهم عن الهدى وأسكنها الشك والحيرة والخذلان، فإن الله - تعالى - توعد الذين يؤذون النبي صلى الله عليه وآله وسلم باللعن في الدنيا والآخرة، قال تعالى: (إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذابا مهينا) [ الأحزاب: 57 ]، قال ابن كثير: والظاهر أن الآية عامة في كل من آذاه بشئ، ومن آذاه فقد آذى الله، كما أن من أطاعه فقد أطاع الله.
ولما كان الناس يختبرون على امتداد المسيرة البشرية لينظر الله إلى عباده كيف يعملون، فإننا نجد موسى عليه السلام يبين معالم هذا الاختبار لبني إسرائيل في ما أخبر الله - تعالى - أنه قال لقومه: (عسى ربكم أن يهلك عدوكم ويستخلفكم في الأرض فينظر كيف تعملون) [ الأعراف: 129 ]، وهذه المعالم بينها الله - تعالى - لرسوله الخاتم في قوله: (ولقد أهلكنا القرون من قبلكم لما ظلموا وجاءتهم رسلهم بالبينات وما كانوا ليؤمنوا كذلك نجزي القوم المجرمين، ثم جعلناكم خلائف في الأرض من بعدهم لننظر كيف تعملون) [ يونس: 13 - 14 ].
فالدعوة الإلهية ظلالها ممتدة، ودوائر الهدى فيها تشبه بعضها بعضا، والعذاب الذي توعد الله به الظالمين هناك من جنس العذاب الذي ينتظر
____________
(1) تفسير ابن كثير: 4 / 438.
ولما كان الناس يختبرون بالأنبياء والرسل، فإنهم يختبرون أيضا بتلاميذ الأنبياء والرسل وحواريهم وأوصيائهم، ولقد تم اختبارهم بأبناء هارون وبتلاميذ المسيح عليه السلام. ويشهد بذلك كتب التراجم والتواريخ والسير، والأمة الخاتمة لم تستثن من ذلك، ولقد قابلت دائرة هارون وبنيه في الشريعة الموسوية، دائرة علي بن أبي طالب وبنيه في الشريعة المحمدية، ففي الحديث الصحيح روي أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لعلي بن أبي طالب: " أنت مني
____________
(1) الميزان: 15 / 194.
(2) تفسير ابن كثير: 3 / 313.
" أنت مني بمنزلة هارون من موسى " (3)، وعن سعيد بن المسيب عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لعلي: " أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي "، قال سعيد بن المسيب:
فأحببت أن أشافه بها سعد بن أبي وقاص، فلقيت سعدا، فحدثته بما حدثني عامر بن سعد، فقال سعد: أنا سمعته، فقلت: أنت سمعته؟ فوضع إصبعيه على أذنيه فقال: نعم، وإلا فاسكتا (أي اصمتا) (4) وعن موسى الجهني قال: دخلت على فاطمة بنت علي، فقال لها رفيقي أبو سهل: كم لك؟
قالت: ست وثمانون سنة، قال: ما سمعت من أبيك شيئا؟ قالت: حدثتني أسماء بنت عميس أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال لعلي: " أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه ليس بعدي نبي " (5).
وحديث المنزلة حديث صحيح، رواه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي والحاكم وأحمد والطبراني وغيرهم، وقال ابن كثير: " تقصى الحافظ ابن عساكر هذا الحديث في ترجمة علي بن أبي طالب في تاريخه
____________
(1) البخاري، الصحيح: 2 / 300، مسلم، الصحيح: 15 / 174، الترمذي، الجامع الصحيح:
5 / 640.
(2) رواه ابن أبي عاصم، وقال الألباني: إسناده حسن، ورجاله ثقات، كتاب السنة: 2 / 565، وأحمد والحاكم، كنز العمال: 11 / 606، مستدرك الحاكم: 3 / 133، الفتح الرباني، شرح مسند الإمام أحمد: 21 / 204.
(3) كنز العمال: 13 / 151.
(4) رواه مسلم، الصحيح: 15 / 174.
(5) أخرجه الإمام أحمد، وقال الهيثمي: رواه أحمد والطبراني، ورجال أحمد رجال الصحيح، غير فاطمة بنت علي وهي ثقة، الفتح الرباني: 23 / 129.
" وحديث: " أنت مني بمنزلة هارون من موسى "، حديث متواتر، جاء عن نيف وعشرين صحابيا " (2)، وروى الحديث كل من: أبي سعيد الخدري، وابن عباس، وابن عمر، وجابر بن سمرة، والبراء بن عازب، وزيد بن أرقم، ومالك بن الحويرث، وسعد بن أبي وقاص، وقيس بن جنادة، وعلي بن أبي طالب، وعمر بن الخطاب، وأم سلمة، وأسماء بنت عميس، وغيرهم (3).
ولما كانت الدعوة الإلهية لبني إسرائيل جعلت هارون وبنيه مع التوراة على خط واحد، فإن الدعوة الإلهية الخاتمة جعلت أهل البيت مع القرآن على خط واحد، فعن زيد بن أرقم قال: " قام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوما فينا خطيبا بماء يدعى خما بين مكة والمدينة، فحمد الله وأثنى عليه ووعظ وذكر، ثم قال: أما بعد ألا أيها الناس، فإنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب، وأنا تارك فيكم ثقلين، أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به، فحث على كتاب الله ورغب فيه، ثم قال: وأهل بيتي، وأذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي " (4).
وعن زيد بن ثابت قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إني تارك فيكم خليفتين، كتاب الله حبل ممدود ما بين السماء والأرض، وعترتي أهل بيتي، وإنهما لا يتفرقا حتى يردا على الحوض " (5)، وعن أبي سعيد قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إني تارك فيكم الثقلين، أحدهما أكبر من الآخر، كتاب الله
____________
(1) البداية والنهاية، ابن كثير: 7 / 342.
(2) نظم المتناثر في الحديث المتواتر، الكتاني، ص 195.
(3) المصدر نفسه.
(4) رواه مسلم، الصحيح: 15 / 179، أحمد والحاكم، الفتح الرباني: 22 / 104.
(5) رواه أحمد، وقال الهيثمي: إسناده جيد، الزوائد: 9 / 193، الفتح الرباني: 22 / 105.
والطبراني، كنز العمال: 1 / 186.
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: " إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي، أحدهما أعظم من الآخر، كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض، وعترتي أهل بيتي، ولن يتفرقا حتى يردا علي الحوض، فانظروا كيف تخلفوني فيهما " (2).
والعترة - كما جاء في لسان العرب - هي: ولد الرجل وذريته وعقبه من صلبه، وعترة النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ولد فاطمة البتول عليها السلام (3)، وفي قوله: " إني تارك فيكم الثقلين "، قال النووي: " سميا ثقلين لعظمهما وكبير شأنهما، وقيل: لثقل العمل بهما " (4).
وحديث الثقلين حديث صحيح، رواه أحمد والطبراني عن زيد بن ثابت والطبراني وأبو نعيم عن حذيفة بن أسيد، وابن أبي عاصم وأحمد والطبراني وأبو يعلى عن أبي سعيد الخدري، والترمذي والنسائي والحاكم عن زيد بن أرقم، وابن أبي شيبة والترمذي والنسائي والخطيب عن جابر، ومسلم عن زيد بن أرقم (5).
فمنذ ذرأ الله ذرية آدم وهو - سبحانه - يزكي من يشاء، ويجعل بعض الناس لبعض فتنة يمتحنون بها، وعلى امتداد المسيرة الإسرائيلية امتحن الله - تعالى - بني إسرائيل امتحانات شتى، ومنها امتحانهم بهارون وبنيه، ولم
____________
(1) رواه أحمد والترمذي، وقال: حديث حسن، والطبراني، وقال المناوي: رجاله موثقون، الفتح الرباني: 1 / 186، كتاب السنة: 2 / 644.
(2) رواه الترمذي، وقال: حديث حسن غريب، الجامع: 5 / 663، وقال في تحفة الأحوازي:
رواه مسلم من وجه آخر، التحفة: 10 / 290.
(3) لسان العرب، ص 2796.
(4) رواه مسلم، شرح النووي: 15 / 179.
(5) أنظر: كنز العمال: 1 / 172، 173، 186، 187، 4 / 435، 5 / 290، وكتاب السنة:
2 / 351، 644، والبداية والنهاية: 5 / 209.
وعندما بعث النبي صلى الله عليه وآله وسلم امتحن الله أمته بامتحانات شتى بعد أن أقام عليهم الحجة، ومنها الامتحان بعترة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وشاء الله أن يجعل امتداد النبي في ابنته فاطمة وعلي بن أبي طالب، ولما كانت منزلة علي من النبي صلى الله عليه وآله وسلم بمنزلة هارون من موسى عدا النبوة فإن الدعوة الخاتمة أقامت الحجة في أكثر من موضع على مكانة علي بن أبي طالب من الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، لتعليم القافلة دوائر التحذير فلا تقترب منها على امتداد المسيرة.
ومن الأحاديث التي تبين مكانة علي بن أبي طالب من الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، أن الله - تعالى - جعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم خير الناس نفسا، وجعل علي بن أبي طالب كنفس النبي صلى الله عليه وآله وسلم، قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: " إن الله خلق الخلق، فجعلني في خيرهم فرقة، ثم جعلهم فرقتين فجعلني في خيرهم فرقة، ثم جعلهم قبائل فجعلني في خيرهم قبيلة، ثم جعلهم بيوتا، فجعلني في خيرهم بيتا، وخيرهم نفسا " (1)، وعن جابر بن عبد الله أنه قال في قوله تعالى: (فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين) [ آل عمران: 61 ]:
قدم على النبي صلى الله عليه وآله وسلم العاقب والطيب، فدعاهما إلى الملاعنة فواعداه على أن يلاعناه الغداة، فغدا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأخذ بيد علي وفاطمة والحسن والحسين، ثم أرسل إليهما، فأبيا أن يجيبا وأقرا له بالخراج، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: والذي بعثني بالحق، لو قالوا: لا، لأمطر عليهم الوادي نارا،
____________
(1) رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح، الجامع: 5 / 584، ورواه أحمد، الفتح الرباني:
21 / 266.
وجعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم علي بن أبي طالب على ذروة العشيرة الأقربين، كما وضع موسى هارون على ذروة الأسباط، وروي عن علي بن أبي طالب أنه قال: " لما نزل قوله تعالى: (وأنذر عشيرتك الأقربين) [ الشعراء: 214 ] جمع النبي صلى الله عليه وآله وسلم من أهل بيته فاجتمع ثلاثون، فأكلوا وشربوا، فقال لهم: من يضمن عني ديني ومواعيدي ويكون معي في الجنة، ويكون خليفتي في أهلي، قال رجل: يا رسول الله، أنت كنت بحرا! من يقوم بهذا؟ ثم قال الآخر، فعرض النبي صلى الله عليه وآله وسلم هذا على أهل بيته واحدا واحدا، فقال علي:
أنا " (2)، وفي رواية: قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: " فأيكم يبايعني على أن يكون أخي وصاحبي ووارثي، فلم يقم إليه أحد، قال علي: فقمت إليه، وكنت من أصغر القوم، فقال: اجلس، ثم قال مرة أخرى، كل ذلك أقوم إليه فيقول لي: اجلس، حتى كان في الثالثة ضرب بيده علي يدي " (3)، وفي رواية: قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: " إني - والله - ما أعلم شابا في العرب جاء قومه بأفضل مما جئتكم به، إني قد جئتكم بخير الدنيا والآخرة، وقد أمرني الله أن أدعوكم إليه، فأيكم يؤازرني على أمري هذا، فقال علي: أنا يا نبي الله أكون وزيرك عليه، فأخذ برقبتي، وقال: إن هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم فاسمعوا وأطيعوا (4).
____________
(1) تفسير ابن كثير: 1 / 370.
(2) رواه أحمد، وقال الهيثمي: رجاله ثقات، الفتح الرباني: 23 / 122، ورواه ابن جرير وصححه، والطحاوي والضياء بسند صحيح، كنز العمال: 13 / 129.
(3) رواه أحمد وابن جرير والضياء بسند صحيح، كنز العمال: 13 / 175.
(4) رواه ابن إسحاق وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه وأبو نعيم والبيهقي، كنز العمال:
13 / 133.
وجعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم بيت علي بن أبي طالب ذروة البيوت، فعن زيد بن أرقم قال: " كان لنفر من أصحاب رسول الله أبواب شارعة في المسجد، فقال النبي يوما: سدوا هذه الأبواب إلا باب علي، فتكلم في ذلك الناس، فقام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد، فإني أمرت بسد هذه الأبواب إلا باب علي، وقد قال فيه قائلكم، وإني - والله - ما سددت شيئا ولا فتحته، ولكن الله أمر بشئ فاتبعته " (4)، وفي رواية، قال صلى الله عليه وآله وسلم: " ما أخرجتكم من قبل نفسي، ولا أنا تركته، ولكن الله أخرجكم وتركه، وإنما أنا عبد مأمور، ما أمرت به فعلت، إن أتبع إلا ما يوحى إلي " (5).
وهذا الحديث رواه جمع من الصحابة، منهم: سعد بن أبي وقاص، وزيد بن أرقم، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمر، وجابر بن سمرة، وأنس بن مالك، وبريدة الأسلمي، وعلي بن أبي طالب، وقال السيوطي:
ثبت بهذه الأحاديث الصحيحة، بل المتواترة أنه صلى الله عليه وآله وسلم منع فتح باب شارع في المسجد ولم يأذن لأحد ولا لعمه العباس ولا لأبي بكر، إلا لعلي، وقال
____________
(1) رواه أحمد وأبو يعلى، كنز العمال: 13 / 140، تحفة الأحوازي: 10 / 222.
(2) رواه الترمذي والحاكم وصححه، كنز العمال: 11 / 598.
(3) البداية والنهاية: 7 / 336.
(4) رواه أحمد، وقال الهيثمي: رجاله ثقات، الزوائد: 9 / 114، الفتح الرباني: 23 / 118، والحاكم والضياء بسند صحيح، كنز: 11 / 598.
(5) رواه البزار، وقال الهيثمي: رجاله ثقات، الزوائد: 9 / 115، والطبراني، كنز العمال: 11 / 600.
وجعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم علي بن أبي طالب على ذروة الجنود، عن أبي هريرة قال: إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال يوم خيبر: " لأعطين هذه الراية رجلا يحب الله ورسوله "، وفي رواية عن مسلم: " رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله، يفتح الله على يديه "، قال عمر بن الخطاب: " ما أحببت الإمارة إلا يومئذ، فتساورت لها رجاء أن أدعى لها، فدعا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم علي بن أبي طالب، فأعطاه إياها.. وقال امش ولا تلتفت حتى يفتح الله عليك، فسار علي شيئا ثم وقف ولم يلتفت، وصرخ: يا رسول الله، على ماذا أقاتل الناس؟
قال: قاتلهم حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، فإذا فعلوا ذلك فقد منعوا منك دماءهم وأموالهم إلا بحقها، وحسابهم على الله " (2).
ومن أحاديث الذروة أيضا ما روي عن جابر بن عبد الله قال: " دعا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عليا يوم الطائف فانتجاه فقال الناس: لقد طال نجواه مع ابن عمه، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ما انتجيته ولكن الله انتجاه " (3)، وفي رواية:
" قال أبو بكر: يا رسول الله: قد طالت مناجاتك عليا، فقال: ما أنا انتجيته ولكن الله انتجاه " (4)، قال في تحفة الأحوازي: " أي أني بلغت عن الله ما أمرني أن أبلغه إياه، فحينئذ انتجاه الله لا انتجيته "، وقال الطيبي: " كان ذلك أسرارا إلهية وأمورا غيبية جعله من خزانها " (5).
____________
(1) نظم المتناثر في الحديث المتواتر، ص: 195.
(2) رواه مسلم، الصحيح: 15 / 176، وأحمد، الفتح الرباني: 23 / 132، والبخاري عن سلمة بن الأكوع، الصحيح: 2 / 166، والحاكم عن جابر، المستدرك: 3 / 38.
(3) رواه الترمذي، وقال: حديث حسن، الجامع: 5 / 639، وابن كثير، البداية والنهاية: 7 / 357.
(4) رواه الطبراني عن جنوب بن ناجية، كنز العمال: 13 / 139.
(5) تحفة الأحوازي: 10 / 231.
وعلى ضوء ما ذكرنا من الأحاديث الصحيحة، تشرق منزلة علي بن أبي طالب من رسول الله داخل أحياء قريش، فهو بين العشيرة الأقربين أخو النبي ووصيه وخليفته، وهو بين المهاجرين والأنصار عبد الله وأخو رسول الله لا يدعيها بعد إلا كذاب، وبابه بين الأبواب هو الباب المفتوح، وعلم الجميع أن الله أخرجهم وتركه، وأن النبي في هذا مأمور، وما أمر به فعله إن يتبع إلا ما يوحى إليه، وفي ميادين القتال علم الخاص والعام أن عليا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله، وعلموا أن الله انتجاه، ويوم بناء المسجد علموا أن الناقة مأمورة، وعلموا أن الكتاب والعترة لا يفترقا حتى يردا على الحوض، وأن العترة في صلب علي وفاطمة عليهما السلام، لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ".. علي أصلي.. " (2).
وبين إشراق منزلة علي من النبي صلى الله عليه وآله وسلم وبين منزلة هارون من موسى عليهما السلام، يمتد ظلال الدعوة الإلهية، وتحت هذا الظلال تسير الأمة الخاتمة بمنهجها المهيمن على جميع المناهج، وقد حذرهم الله - تعالى - من السلوك في طريق الفراعنة، بعد أن جعل قياس النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى موسى، وقياس الأمة إلى فرعون وقومه (3)، وبعد أن حذرهم من أن يكونوا كالذين آذوا موسى (4)، وبعد أن علموا أن الله يزكي من يشاء، ويجعل بعض الناس لبعض فتنة يمتحنون بها.
____________
(1) رواه الطبراني في الكبير، كنز العمال: 13 / 139.
(2) رواه الطبراني والضياء بسند صحيح، كنز العمال: 13 / 602.
(3) المزمل: 15 - 16.
(4) الأحزاب: 19.
ثانيا: أضواء على المنزلة العالية
قامت الدعوة الإلهية على امتداد المسيرة البشرية، بمخاطبة الإنسان الذي يسلك طريقها، وإرشاده إلى ما فيه سعادته، وحذرت من الذين يتلبسون بالدين، لأن مهمة النفاق في ديار الذين آمنوا لا تنفصل عن مهمة الشيطان الذي اعتمد في برنامجه القعود على الصراط المستقيم: (قال فبما أغويتني لأقعدن لهم صراطك المستقيم) [ الأعراف: 16 ]، وتيار الصد عن سبيل الله اعتمد على المنافقين في حفر الحفر العديدة، التي على امتداد مسيرة الذين آمنوا، ومن خلال هذا الحفر رفعت الأعلام العديدة، التي تقوم برامجها بالتعتيم على الفطرة، والقافلة الإسرائيلية لم تسقط في مستنقع عبادة العجول نتيجة لغزوها من الخارج، وإنما سقطت أولا من الداخل، على أيدي الذين يجلسون تحت خيامها ويتلبسون بالدين.
والدعوة الإلهية الخاتمة بينت أن المنافقين يلقون الناس بالأيمان الكاذبة الآثمة، ليصدقوا ما يقولون، فيغتر بهم من لا يعرف جلية أمرهم، ويقتدي بهم في ما يفعلون، ويصدقهم في ما يقولون، فيحصل بهذا ضرر كبير وبينت الدعوة أن منهم أصحاب أشكال حسنة وألسنة ذي فصاحة، وإذا سمعهم السامع يصغي إلى قولهم لبلاغتهم، ولهذا قال تعالى: (هم العدو فاحذرهم قاتلهم الله أنى يؤفكون) [ المنافقين: 4 ]، وقال تعالى: (إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيرا) [ النساء: 145 ].
ولقد وصفهم القرآن بأوصاف، منها أنهم رجس، قال تعالى: (إنهم رجس ومأواهم جهنم جزاء بما كانوا يكسبون) [ التوبة: 95 ]، فهم في دائرة الخبث والتنجس نتيجة لما تحتويه بواطنهم واعتقاداتهم، والذين في قلوبهم مرض ويتلبسون بالدين الخاتم ورثوا قلوب الذين سبقوهم من بني إسرائيل
ولأن تيار النفاق لا يزداد إلا رجسا، ولأنهم أصحاب السنة، وإذا سمعهم السامع أصغى إلى قولهم لبلاغتهم، ولأن برنامج الصد عن سبيل الله إذا تلبس بالدين كان أشد خطرا على الدعوة، فإن الدعوة الخاتمة قامت بعزل هذا التيار عن ساحتها، وأقامت حجتها بطائفة الحق، وتحت سقف الامتحان والابتلاء تسير القافلة، فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا.
وطائفة الحق من خصائصها أن الله أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، وبهذه الصفة كانوا مع كتاب الله، ولن ينفصلا حتى يردا على حوض النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ومعنى أنهم مع كتاب الله أنهم أعلم الناس بكتابه، وهم أمان للأمة من الوقوع في دائرة التأويل الخاطئ له، وخاصة الآيات المتشابهة، وذلك لأن تيار الذين في قلوبهم زيغ يتخذ من المتشابه حقلا له ابتغاء الفتنة، قال تعالى: (هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولوا الألباب) [ آل عمران: 7 ]، قال المفسرون:
(فأما الذين في قلوبهم زيغ) أي: ضلال وخروج عن الحق إلى الباطل (فيتبعون ما تشابه منه) أي: إنما يأخذون منه بالمتشابه الذي يمكنهم أن
ولأن تيار الذين في قلوبهم زيغ والذين في قلوبهم مرض يتلبس بالدين ويجلس في خيام القافلة، أقام الله الحجة بالكتاب وبالعترة التي لا يضرها من عاداها أو من خذلها أو من خالفها، لأنها شعاع يهدي، والله - تعالى - ينظر إلى عباده كيف يعملون، وتطهير أهل البيت والشهادة لهم بالعلم والعمل، والتحذير من مخالفتهم، وغير ذلك، وردت فيه أحاديث صحيحة، سنقدمها ونقابلها بما في منزلة هارون من موسى عليهما السلام.
1 - مقام التطهير
قال تعالى: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) [ الأحزاب: 33 ]، قال ابن عباس: (يذهب عنكم الرجس) أي عمل الشيطان وما ليس لله فيه رضا، وقال الأزهري: الرجس: اسم لكل مستقذر من كل عمل، وقال ابن حجر: والمعنى: التطهير من الأرجاس والأدناس ونجاسة الآثام (1).
وروى مسلم عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: " خرج النبي صلى الله عليه وآله وسلم غداة، وعليه مرط مرحل من شعر أسود، فجاء الحسن بن علي فأدخله، ثم جاء الحسين فدخل معه، ثم جاءت فاطمة فأدخلها، ثم جاء علي فأدخله، ثم قال: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) [ الأحزاب: 33 ] " (2) وروي عن عمر بن أبي سلمة أنه قال: لما نزلت هذه
____________
(1) أنظر: الفتح الرباني: 18 / 238.
(2) رواه مسلم، الصحيح: 15 / 194، والحاكم، المستدرك: 3 / 147.
وأنا معهم يا نبي الله، قال: أنت على مكانك وأنت على خير " (1)، وعن شداد بن عمار قال: " دخلت على واثلة بن الأسقع وعنده قوم فذكروا عليا - رضي الله عنه - فشتموه، فشتمته معهم، فلما قاموا، قال لي: شتمت هذا الرجل؟ قلت: قد شتموه فشتمته معهم، قال: ألا أخبرك بما رأيت من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ قلت: بلى، قال: أتيت فاطمة - رضي الله عنها - أسألها عن علي - رضي الله عنه -، فقالت: توجه إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فجلست أنتظره حتى جاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومعه علي وحسن وحسين - رضي الله عنهم - آخذا كل واحد منهما بيده حتى دخل، فأدنى عليا وفاطمة - رضي الله عنهما - وأجلسهما بين يديه، وأجلس حسنا وحسينا، كل واحد منهما على فخذه، ثم لف عليهم كساءه، ثم تلا صلى الله عليه وآله وسلم هذه الآية: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) [ الأحزاب: 33 ]، وقال: اللهم هؤلاء أهل بيتي وأهل بيتي أحور " (2)، وعن أبي الحمراء قال: رابطت المدينة سبعة أشهر على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا طلع الفجر جاء إلى باب علي وفاطمة - رضي الله عنهما - فقال: " الصلاة الصلاة، إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا " (3)، وعن أنس بن مالك قال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يمر بباب فاطمة - رضي الله عنها - ستة أشهر إذا خرج إلى صلاة الفجر، يقول: " الصلاة يا أهل البيت، إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا " (4).
____________
(1) رواه الترمذي، الجامع: 5 / 351، وابن جرير والطبراني وابن مردويه، تحفة الأحوازي:
9 / 97، وابن كثير في التفسير: 3 / 485.
(2) قال ابن كثير: رواه الإمام أحمد وابن جرير، التفسير: 3 / 483.
(3) قال ابن كثير: رواه ابن جرير، المصدر نفسه.