الصفحة 90
العمامة عن جبهته (1).

وحديث نافع: إن عبد الله بن عمر كان إذا سجد وعلية العمامة يرفعها حتى يضع جبهته بالأرض.

وحديث عبادة بن الصامت أنه كان إذا قام إلى الصلاة كان لا يصلي ولا يسجد إلا على لأرض.

وحديث أبو عبيدة: إن ابن مسعود كان لا يصلي أو لا يسجد إلا على الأرض.

وحديث إبراهيم: إنه كان يقوم على البردي ويسجد على الأرض، قلنا وما البردي قال الحصير.

وحديث صالح بن حيوان السبائي: إن رسول الله (ص) رأى رجلا يسجد بجنبه وقد أعتم على جبهته فحسر رسول الله (ص) عن جبهته (2)

التبين الثاني - فيما ورد من السجود على غير الأرض من دون أي عذر:

حديث أنس بن مالك: إن جدته ملكية دعت رسول الله (ص) لطعام صنعته له فأكل منه ثم قال قوموا فلأصلي لكم. قال أنس: فقمت إلى حصير لنا قد اسود من طول ما لبث فنضحته بماء فقام رسول الله (ص) وصففت واليتيم وراءه والعجوز من ورائنا.

وعنه أيضا أن أم سليم سألت رسول الله (ص) أن يأتيها فيصلي في بيتها فتتخذه مصلى فأتاها فعمدت إلى حصير فنضحته بماء فصلى عليه وصلوا

____________

(1) أخرجه أحمد في المسند: ج 1، ص 327. البيهقي في السنن: ج 2، ص 105 و 106 و 107. ونيل الأوطار: ج 2، ص 228. وأبو داود: ج 1، ص 75.

(2) أخرجه البيهقي في السنن: ج 2، ص 105. الهيثمي في المجمع: ج 2، ص 57. ونصب الراية للزيلعي. ج 1، ص 386

الصفحة 91
معه.

وعنه أيضا قال: صنع بعض عمومتي للنبي طعاما، فقال للنبي (ص):

إني أحب أن تأكل في بيتي وتصلي فيه، قال: فأتاه وفي البيت فحل من هذه الفحول فأمر بناحية منه فكنس ورش فصلى وصلينا معه.

فقال: قال أبو عبد الله بن ماجة: الفحل هو الحصير الذي قد اسود.

وعنه أيضا: كان رسول الله (ص) يقيل عند أم سليم فنبسط له نطعا فتأخذ من عرقه فتجعله في طيبه وتبسط له الخمرة ويصلي عليها.

وعنه أيضا: كان رسول الله (ص) أحسن الناس خلقا فربما تحضره الصلاة وهو في بيتنا فيأمر بالبساط الذي تحته فيكنس ثم ينضح ثم يقوم فنقوم خلفه فيصلي بنا، قال: وكان بساطهم من جريد النخل.

وعنه أيضا: إن رسول الله (ص) دخل بيتا فيه فحل فكسح ناحية منه ورش فصلى عليه.

قال في هامش السنن: الفحل: هو حصير معمول من سعف فحال النخل (1).

وحديث ابن عباس: كان رسول الله (ص) يصلي على الخمرة.

وحديث أبو سعيد الخدري: أنه دخل على النبي (ص) فرأيته يصلي على حصير يسجد عليه.

وحديث ميمونة أم المؤمنين: كان رسول الله (ص) يصلي وأنا حذائه وربما أصابني ثوبه إذا سجد وكان يصلي على خمرة (2).

____________

(1) أخرجها البخاري: ج 1، ص 101. والنسائي: ج 2، ص 75. وابن ماجة: ج 1: ص 255. البيهقي في السنن: ج 2، ص 421 و 436. والترمذي: ج 2، ص 128.

(2) أخرجها الترمذي: ج 2، ص 126. ومسلم: ج 2، ص 62 وابن ماجة: ج 1، ص 320.

الصفحة 92
وحديث عائشة قالت: قال لي رسول الله (ص): ناوليني الخمرة من المسجد. فقلت: إني حائض، فقال إن حيضك ليست في يدك.

وحديث ابن عمر: كان رسول الله (ص) يصلي على الخمرة ويسجد عليها.

وحديث أم سلمة أم المؤمنين: كان لرسول الله (ص) حصير وخمرة يصلي عليها.

وحديث أنس: كان رسول الله (ص) يصلي على الخمرة ويسجد عليها (1).

التبيين الثالث - فيما ورد من السجود على غير الأرض لعذر:

حديث أنس بن مالك: كنا إذا صلينا مع النبي (ص) فلم يستطع أحدنا أن يمكن جبهته من الأرض من شدة الحر طرح ثوبة ثم سجد علية.

وعنه: كنا نصلي مع النبي (ص) في شدة الحر فإذا لم يستطع أحدنا أن يمكن جبهته من الأرض بسط ثوبة فسجد عليه.

وعنه: كنا نصلي مع النبي (ص) فيضع أحدنا طرف الثوب من شدة الحر وعنه: كنا نصلي مع النبي (ص) فيضع أحدنا طرف الثوب مكان السجود من شدة الحر (2)

قال الشوكاني في النيل: الحديث يدل على جواز السجود على الثياب لاتقاء حر الأرض وفيه إشارة إلى أن مباشرة الأرض هي الأصل لتعليق بسط الثوب بعدم الاستطاعة وقد استدل بالحديث على جواز السجود على الثوب

____________

(1) أخرجها الهيثمي في مجمع الزوائد: ج 2، ص 57.

(2) أخرجها البخاري: ج 1، ص 101. ومسلم: ج 2، ص 109. وابن ماجة: ج 1، ص 321. وأبو داود: ج 1، ص 106. وأحمد في المسند: ج 1، ص 100. ونيل الأوطار: ج 2، ص 268.

الصفحة 93
المتصل بالمصلي، قال النووي: وبه قال أبو حنيفة والجمهور.

وحديث أنس بن مالك: كنا إذا صلينا خلف رسول الله (ص) بالظهائر سجدنا على ثيابه اتقاء الحر.

شرحة: الظهائر - جمع ظهيرة وهي شدة الحر في نصف النهار (سجدنا على ثيابنا).

الظاهر أنها التي هم لابسوها، ضرورة أن الثياب في ذلك الوقت قليلة فمن أين لهم ثياب فاضلة فهذا يدل على جواز أن يسجد المصلي على ثوب هو لابسه كما هو عليه الجمهور.

وعلى هذه الصورة يحمل ما جاء عن ابن عباس: رأيت رسول الله (ص) يصلي ويسجد على ثوبة (1)

هذا تمام ما ورد في الصحاح والمسانيد: فيما يجوز السجود عليه برمته ولم يبق هناك حديث لم نذكره وهي تدل بنصها على أن الأصل في ذلك لدى القدرة والإمكان الأرض كلها ويتبعها المصنوع مما ينبت منها أخذا بأحاديث الخمرة والفحل والحصير والبساط مندوحة عند فقدان العذر.

وأما في حال العذر وعدم التمكن منها... فيجوز السجود على الثوب المتصل دون المنفصل، لعدم ذكره في السنة.

السجود على الفراش:

وأما السجود على الفراش والسجاد والبسط المنسوجة من الصوف والوبر والحرير وأمثالها. والثوب المنفصل، فلا دليل يسوغها قط، ولم يرد في السنة أي مسند لجوازها وهذه الصحاح الست وهي تتكفل بيان أحكام الدين ولا سيما الصلاة التي هي عماده.

____________

(1) أخرجه البخاري: ج 1، ص 101. وأبو يعلى والطبراني في الكبير.

الصفحة 94
لم يوجد فيها ولا حديث واحد ولا كلمة إيماء وإيعاز إلى جواز ذلك وكذلك بقية أصول الحديث من المسانيد والسنن المؤلفة في القرون الأولى والثلاثة ليس فيها أي أثر يمكننا الاستدلال به على جواز ذلك من مرفوع أو موقوف أو مسند أو مرسل.

القول بجواز السجود على الفرش:

فالقول بجواز السجود على الفرش والسجاد والالتزام بذلك وافتراش المساجد بها للسجود عليها كما تداول بين الناس بدعة محضة وأمر محدث غير مشروع يخالف سنة الله وسنة رسوله (ص) ولقوله تعالى: (ولن تجد لسنت الله تحويلا) (1)... وقد أخرج الحافظ الكبير بن أبي شيبة بإسناده في المصنف في المجلد الثاني عن سعيد بن المسيب وعن محمد بن سيرين: أن الصلاة على الطنفسة محدث.

وقد صح عن رسول الله (ص) قوله: شر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ظلال.

السجود على التربة عند الشيعة الإمامية:

الشيعة الإمامية لا يتدينون ولا يقولون إلا بما نطق به الكتاب وجاء به من نزل عليه الروح الأمين والتزم به وقدره أهل البيت (ع) الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا وجعلهم سفينة النجاة والأئمة الهداة وعدل الكتاب وقدوة أولي الألباب وجعلهم أئمة يهدون بأمره إلى الحق المبين والصراط المستقيم.

ولكن من العجب وإن عشت أراك الدهر عجبا أن اتجاه الفتاوى قد انقلب إلى الترخيص بالسجود على الحرير والصوف والقطن وكل شئ خطأ

____________

(1) سورة فاطر: آية 43.

الصفحة 95
في الاجتهاد.

ثم ازداد الأمر شدة حتى انقلب ظهرا وبطنا فعدت السنة بدعة والبدعة سنة حتى آل الأمر إلى تكفير شيعة أهل البيت (ع) في العمل بالسنة الإلهية ورميهم بالزندقة والشرك. (وإلى الله نشكوا وهو المستعان) هذا ما نلاقيه من إخواننا في دير الزور والحسكة وفي أماكن أخرى من الاستخفاف والإهانة بدل الالتزام بكتاب الله تعالى وسنة نبية (ص).

السجود على تربة الحسين (ع):

تختص الشيعة الإمامية بالقول باستحباب السجود على التربة الحسينية (وهي تربة الحسين (ع) اتباعا لمنهج رسول الله (ص) والأئمة أئمة أهل البيت (ع) ومنهج أهل البيت هو منهج الرسول (ص) لا يخالفونه قيد شعرة أبدا.

وفي تكريمه للحسين سيد الشهداء (ع) وتكريم تربة قبره (ع) فاللازم علينا إذن هو الاتيان ببعض الأحاديث عن أهل البيت (ع).

عن الصادق (ع) قال: السجود على طين قبر الحسين ينور في الأراضين السبعة ومن كانت معه سبحة من طين قبر الحسين (ع) كتب مسبحا وإن لم يسبح بها (1)

وعن أبي الحسن (ع) قال: لا يستغني شيعتنا عن أربع: خمرة يصلي عليها، وخاتم يتختم به وسواك يستاك به، وسبحة من طين قبر الحسين (ع) (2).

سئل أبو عبد الله (ع) عن استعمال التربتين من طين قبر الحسين (ع) والتفاصيل بينها.

____________

(1) الوسائل: ج 3: ج 3، ص 607

(2) البحار: ج 101، ص 132.

الصفحة 96
فقال (ص): السبحة التي من طين قبر الحسين (ع) تسبح بيد الرجل من غير أن يسبح (1).

قال الحميري: كتبت إلى الفقيه أسأله هل يجوز أن يسبح الرجل بطين القبر وهل فيه من فضل فأجاب وقرأت التوقيع ومنه نسخت.. تسبح به فما من شئ من التسبيح أفضل منه (2)

كان الصادق (ع) لا يسجد إلا على تربه الحسين (ع) تذللا لله واستكانة له (3)

ولا غرو أن يجعل سبحانه الفضل في السجود على تربة سيد الشهداء (ع) وهو سيد شباب أهل الجنة وقرة عين رسول الله (ص) ومهجة السيدة فاطمة الزهراء (ع) وابن أمير المؤمنين (ع) وأحد أصحاب الكساء وهو وأخوه. المراد من الأبناء في الكتاب الكريم في قصة المباهلة وهو شريك أبية وأمه في سورة (هل أتى) وإحدى سفن النجاة للأمة وأحد الأئمة الكرام الهداة وأحد الخلفاء الاثني عشر وهو مصباح الهدى.

ولا تخفى.. على من له أدنى حظ من الحديث والتاريخ فضائله (ع) المأثورة عن الرسول الأعظم (ص) فيه وفي أئمة أهل البيت (ع) أجمع، فأي مانع من تشريف الله تعالى له وتكريمه إياه بتفضيل السجود على تربته وليس اتخاذ تربة كربلاء مسجدا لدى الشيعة من الفرض المحتم ولا من واجب الشرع والدين بل تيمنا بسيد الشهداء وتبركا بالأرض التي ضمت جسده الشريف.

ولقد.. اتضح بما ذكرناه من الأحاديث كون السجود على التربة الزكية

____________

(1) الوسائل: ج 4، ص 1033.

(2) البحار: ج 101، ص 132 و 133.

(3) البحار: ج 5، ص 158.

الصفحة 97
مندوبا إليه في سنة رسول الله (ص) لما تقدم من أئمة أهل البيت (ع) كل ما يفتون ويحكمون به فإنما هو رواية عن آبائهم (ع) عن الرسول (ص): فكل ما أفتى به جعفر الصادق (ع) مثلا فهو يرويه عن أبيه أبي جعفر بن محمد بن علي وهو عن أبيه علي بن الحسين وهو عن أبيه الحسين بن علي وهو عن علي بن أبي طالب (ع).

وقد صرحوا بذلك بل قالوا إنا لا نقول شيئا برأينا من عند أنفسنا وكل ما نقول مكتوب عندنا بخط علي أمير المؤمنين (ع) وإملاء رسول الله (ص) أضف إلى ذلك أن أئمة أهل البيت (ع) هم المرجع الوحيد العلمي للأمة الإسلامية بعد القرآن الكريم وإذا أرادت الوقوف على ذلك فعليك بكتاب: المراجعات للسيد شرف الدين - رحمة الله عليه - وكتب الفضائل ككتاب: ينابيع المودة والفصول المهمة وكفاية الطالب ونور الأبصار وتذكرة الخواص وذخائر العقبى وغيرها.

السنة وروايتهم لتربة الحسين (ع):

عن معاذ بن جبل قال: خرج علينا رسول الله (ص) متغير اللون فقال:

نعي إلي حسين وأتيت بتربته وأخبرت بقاتله والذي نفسي بيده لا يقتل بين ظهراني قوم يمنعوه إلا خالف الله بين صدورهم وقلوبهم وسلط عليهم شرارهم وألبسهم شيعا (1).

وعن أبي الطفيل قال: استأذن ملك القطر أن يسلم على النبي (ص) في بيت أم سلمة فقال: لا يدخل علينا أحد فجاء الحسين بن علي (ع) فدخل، فقالت أم سلمة: هو الحسين (ع) فقال النبي (ص) دعية فجعل يعلو رقبة النبي (ص) ويعبث به والملك ينظر فقال الملك: أتحبه يا محمد قال: إي والله إني لأحبه قال: أما إن أمتك ستقتله وإن شئت أريتك المكان فقبض بيده

____________

(1) أخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد: ج 9، ص 304، و ح 1512. والطبراني في الكبير: ج 3، ص 38،

الصفحة 98
فتناول كفا من تراب فأخذت أم سلمة التراب فصرته في خمارها فكانوا يرون أن ذلك التراب من كربلاء (1)

عن ابن عباس قال: كان الحسين جالسا في حجر النبي (ص) فقال جبريل: (ع): أتحبه، فقال: وكيف لا أحبه وهو ثمرة فؤادي، فقال: أما إن أمتك ستقتله ألا أريك موضع قبره، فقبض قبضة فإذا تربة حمراء (2).

وعن أبي أمامة من حديث طويل قال: خرج رسول الله (ص) إلى أصحابه وهم جلوس فقال: إن أمتي يقتلون هذا (أي الإمام الحسين (ع)) وفي القوم أبو بكر وعمر وكانا أجرأ القوم عليه فقالا، يا نبي الله وهم مؤمنون قال:

نعم وهذه تربته وأراهم إياها (3).

عن أم سلمة قالت: كان الحسن والحسين يلعبان بين يدي رسول الله (ص) في بيتي فنزل جبريل (ع) فقال: يا محمد إن أمتك تقتل ابنك هذا من بعدك وأومأ بيده إلى الحسين فبكى رسول الله (ص) وضمه إلى صدره ثم قال رسول الله (ص): يا أم سلمة وديعة عندك هذه التربة فشمها رسول الله (ص)، وقال: ويح وكرب وبلاء قالت: وقال رسول الله (ص) يا أم سلمة إذا تحولت هذه التربة دما فاعلمي أن ابني قد قتل قال: فجعلتها أم سلمة في قارورة ثم جعلت تنظر إليها وتقول: إن يوما تحولين دما ليوم عظيم (4).

عن زينب بنت جحش من حديث طويل قالت: ثم قام (ص) يصلي واحتضنه (أي الحسين (ع)) فكان إذا ركع وسجد ضمه وإذا قام حمله.

فلما جلس جعل يدعو ويرفع يديه ويقول: فلما قضى الصلاة قلت: يا

____________

(1) الهيثمي في مجمع الزوائد: ج 9، ص 305، ح 15121.

(2) أخرجه البزار: حديث 2640. ومجمع الزوائد: ص 307، ح 15129.

(3) أخرجه الطبراني في الكبير: رقم الحديث 2817. الهيثمي في مجمع الزوائد: ج 9، ص 303، ح 15119.

(4) أخرجه الطبراني في الكبير: حديث 2817. والهيثمي في مجمع الزوائد: ج 9، ص 303، ح 15118.

الصفحة 99
رسول الله لقد رأيتك تصنع اليوم شيئا ما رأتك تصنع، قال: إن جبريل أتاني فأخبرني أن ابني يقتل. قلت: فأرني إذا فأتاني بتربة حمراء (1)

وقد أفرد في هذه المسألة عدة كتب ورسائل منها:

ما ألف في السجود على الأرض(*)

1 - الأرض مسجدا وطهورا:

الشيخ محمد نديم بن داود بن أيوب بن مصطفى بن ملا محمد بن ملا عبد الله بن ملا أحمد آل فليح الطائي الموصلي المعاصر المولود 1942 م. ط 1 الكويت (الجهراء) مطبعة الكيلاني، 1979 ص 62 ق 17 * 12.

2 - الأرض والتربة الحسينية:

الشيخ محمد حسين بن علي بن محمد رضا بن موسى بن جعفر بن خضر بن يحيى الجناجي آل كاشف الغطاءت 1373 هـ . ط 1 النجف الأشرف - ط 1 بيروت مؤسسة أهل البيت (سلسلة المكتبة الإسلامية رقم 4) 1981 ص 63 ق 7 * 12 - ط 5 القاهرة مطبوعات النجاح ضمن كتاب الوضوء في الكتاب والسنة - ط 1 بيروت مؤسسة الأعلمي 1985.

3 - تربة كربلاء:

مولوي محمد حسن بن الميرزا محمد أكبر بن يوسف علي القندهاري المولود 1319 هـ 1901 م. معجم الأميني 359.

4 - خير التحف في حواز السجود على الآجر والخزف:

محمد مهدي العلوي السبزواري ت 1931. ط 1 بغداد 1929 - مستدرك معجم المؤلفين لكحاله 754.

5 - رسالة في التربة الحسينية (الاستشفاء في التربة الحسينية):

الشيخ الميرزا أبو المعالي بن محمد إبراهيم بن حسن الكرباسي

____________

(1) أخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد: ج 9، ص 302، حديث 15115 و 1572.

(*) عن كتاب معجم ما ألف في المسائل الخلافية للأستاذ عبد الله عدنان المنتفكي

الصفحة 100
(الكلباسي) الإصفهاني ت 1315 هـ . ط 1 طهران ضمن مجموعة من رسائله أعيان الشيعة 2 / 433 - الذريعة 2 / 23 رقم 78 - ماضي النجف وحاضرها 3 / 235 - نقباء البشر 1 / 80 - معجم المؤلفين 1 / 15 - ريحانة الأدب 7 / 269.

6 - السبيكة اللجينية في التربة الحسينية:

السيد علي بن حسين الزنجفوري الهندي. أعيان الشيعة 8 / 208.

7 - السجود على الأرض:

الشيخ علي الأحمدي. ط 1 بيروت دار التعارف 1980 ص 128 6 24 - * 17 - ط 2 قم مطبعة سلمان الفارسي - ط 4 بيروت مركز الجواد 1993 ص 154 ق 24 * 17.

8 - السجود على الأرض غاية الخضوع أمام الله تعالى:

السيد رضا الحسيني، تعريف الشيخ جعفر الهادي، بإشراف الشيخ جعفر السبحاني. ط 1 قم منشورات مدرسة الإمام المهدي 1413، ص، 78 ق 22 * 14.

9 - السجود على التربة الحسينية:

السيد عبد الرضا الحسيني المرعشي الشهرستاني. ط 4 كربلاء مطبعة النعمان (النجف) 1968 ص 24 ق 12 * 15.

10 - السجود على التربة الحسينية عند الشيعة الإمامية:

الشيخ عبد الحسين بن أحمد بن نجف علي أمين الشرع بن الله يار بن محمد التبريزي الأميني النجفي 1287 - 1370 هـ تقديم السيد أبو صفاء محمد عبد الحليم الصافي الموسوي. ط 1 بيروت دار الزهراء 1977 ص 69 ق 17 * 12.

11 - السجود على التربة والجمع بين الصلاتين:

السيد محمد إبراهيم بن محمد كاظم بن محمد إبراهيم بن هاشم بن محمد علي الموحد القزويني المعاصر. ط 1 بيروت مؤسسة الوفاء، ق 17 * 12 - ط 1 (بدون مكان) 1993 ص 66 ق 17 * 12.

12 - لمعة لمعاني في فضل السجود على التربة:

السيد علي بن أبي القاسم بن الحسين بن النقي الرضوي القمي اللاهوري ت 1343 هـ . نقباء البشر 4 / 1339.


الصفحة 101

المسألة السادسة
الجمع بين الصلاتين


الصفحة 102

الصفحة 103

الجمع بين الصلاتين

تعريف الصلاة:

لصلاة لغة: الدعاء أو الدعاء بخير.

قال الله تعالى: (وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم)(*).. أي ادع لهم.

وشرعا: هي أقوال وأفعال مخصوصة مفتتحة بالتكبير مختتمة بالتسليم.

مشروعيتها: الصلاة واجبة بالكتاب والسنة والإجماع أما الكتاب: فقوله تعالى: (وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء يقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة) (**)..

وأما السنة: حديث معاذ بن جبل حين بعثة (ص) إلى اليمن قال له:

أخبرهم أن الله تعالى فرض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة (1)

وأما الاجماع: فقد أجمعت الأمة على وجوب خمس صلوات في اليوم والليلة.

الموضوع الجمع بين الصلاتين:

لا خلاف بين المسلمين قاطبة في جواز الجمع بعرفة وقت الظهر بين فرضي الظهر والعصر كما لا خلاف بينهم في جواز الجمع في المزدلفة وقت

____________

(*) سورة التوبة: آية 103.

(**) سورة البينة: آية 5

(1) أخرجه الصنعاني في سبل السلام: ج 2، ص 120.

الصفحة 104
العشاء بين فرضي المغرب والعشاء واختلفوا فيما عدا ذلك فالمذاهب الأربعة ومن تبعهم اختلفوا اختلافا كبيرا في ذلك، فإليك صورة عن الخلاف المتشعب.

منهم من جوز الجمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء تقديما وتأخيرا بعذر السفر (1)

أما أبو حنيفة فمنع من ذلك وقال: لا يجوز الجمع بين الصلاتين بعذر السفر بحال.

وفي قول آخر لا يجوز الجمع بين صلاتين في وقت واحد سوى الظهر والعصر بعرفة والمغرب والعشاء في وقت واحد بعذر السفر أو المطر تقديما أو تأخيرا (2)

أما عند المطر فقد أجاز الشافعي الجمع بين الصلاتين تقديما.

وقال أبو إسحاق الشيرازي الشافعي: ويجوز الجمع بين الصلاتين (3).

وأحمد يوافق مالك في جواز الجمع بين العشائين فقط لعذر المطر لا بين الظهر والعصر سواء قوي المطر أو ضعف إذا كان المطر يبل الثوب ويوجد معه مشقة وكذلك يجوز للوحل وريح باردة شديدة في ليلة مظلمة.

وذهب جماعة إلى جواز الجمع في الحضر للحاجة لمن لا يتخذه عادة وهو قول ابن سيرين وأشهب من أصحاب مالك وحكاه الخطابي عن القفال عن ابن إسحاق المرزوي عن جماعة من أصحاب الحديث واختاره ابن

____________

(1) عند مالك والشافعي وأحمد.

(2) راجع غنية المتملي: ص 244.

(3) راجع الجوهر النقي في الرد على البيهقي: 226.

الصفحة 105
المنذر (1).

إلى غير ذلك من الأقوال بين موافق لبعض ومخالف لبعض آخر.

أما أئمة أهل البيت (ع) فقد صدر منهم كلام واحد بأن الجمع جائز بين المغرب والعشاء تقديما وتأخيرا ويجوز الجمع بين الظهر والعصر تقديما وتأخيرا.

قالوا بذلك تبعا للنبي (ص) ويدل على صحة هذا القول علاوة على الأحاديث الكثيرة الواردة عن أئمة أهل البيت (ع) آيات كريمة وأحاديث نبوية شريفة من طرق دعاة السنة فلا بد أن يقع الاستدلال في مقامين.

المقام الأول:

الاستدلال بالآية الكريمة: (أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا) (2). ولنترك الكلام لأحد علماء السنة الأعلام وهو الفخر الرازي فخر المفسرين حيث قال: فإن فسرنا الغسق بظهور أول الظلمة كان الغسق عبارة عن أول المغرب وعلى هذا التقدير يكون المذكور في الآية ثلاثة أوقات. وقت الزوال ووقت المغرب ووقت الفجر وهذا يقتضي أن يكون الزوال وقتا للظهر والعصر. فيكون هذا الوقت مشتركا بين الصلاتين وأن يكون أول المغرب وقتا للمغرب والعشاء فيكون هذا الوقت مشتركا أيضا بين هاتين الصلاتين فهذا يقتضي جواز الجمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء مطلقا. إلا أنه دل الدليل على أن الجمع في الحضر من غير عذر لا يجوز، فوجب أن يكون الجمع في

____________

(1) راجع النووي لصحيح مسلم: ج 5، ص 218 و 219.

(2) سورة الإسراء: آية 78.

الصفحة 106
السفر وعذر المطر وغيره (1).

وهذا كما ترى بعد أن اعترف بدلالة الآية وصراحتها على جواز الجمع مطلقا إلا أنه تشبث بما روي مخالفا لكتاب الله تعالى وكيف غاب عنه إنما يؤخذ بالسنة فيما إذا لم تعارض كتاب الله على أن السنة الشريفة أيضا ناطقة بصريح القول بجواز الجمع مطلقا كما سيأتيك إن شاء الله تعالى.

وقال البغوي: تأييدا لما ذكرناه عن الفخر الرازي حيث قال: حمل الدلوك على الزوال أولى القولين لكثرة القائلين به ولأنا إذا حملنا عليه كانت الآية جامعة لمواقيت الصلاة كلها فدلوك الشمس يتناول صلاة الظهر والعصر وغسق الليل يتناول المغرب والعشاء وقرآن الفجر هو صلاة الفجر (2).

المقام الثاني:

الاستدلال بالأحاديث الواردة عن طريق أهل السنة وإليك بعضا منها.

حديث ابن عباس قال (ص): الظهر والعصر جميعا والمغرب والعشاء في غير خوف ولا سفر (3).

حديث ابن عباس قال: صليت مع النبي (ص) ثمانيا جميعا وسبعا جميعا، قال عمرو بن دينار قلت يا أبا الشعثاء أظنه أخر الظهر وعجل العصر وأخر المغرب وعجل العشاء قال وأنا أظن ذلك (4).

وظن عمرو بن دينار وكذا أبي الشعثاء لا يغني من الحق شيئا حيث

____________

(1) الفخر الرازي في تفسيره الكبير: ج 21، ص 27.

(2) راجع معالم التنزيل بهامش تفسير الخازن: ج 4، ص 141.

(3) أنظر صحيح مسلم باب الجمع بين الصلاتين في الحضر: ج 1، ص 284.

(4) أخرجه أحمد بن حنبل في مسنده: ج 1، ص 221. وابن أبي شيبة في المصنف: ج 2، ص 344. ومسلم: ج 1، ص 285.

الصفحة 107
يقول سبحانه وتعالى (إن الظن لا يغني عن الحق شيئا) (1)

وحديث ابن عباس قال: أن رسول الله (ص) صلى بالمدينة سبعا وثمانية الظهر والعصر والمغرب والعشاء (2)

وحديث عبد الله بن شقيق قال: خطبنا ابن عباس يوما بعد العصر حتى غربت الشمس وبدت النجوم وجعل الناس يقولون الصلاة الصلاة قال:

فجاءه رجل من بني تميم لا يفتر ولا ينثني الصلاة الصلاة، قال: فقال: ابن عباس أتعلمني بالسنة لا أم لك ثم قال: رأيت رسول الله (ص) جمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء، قال: عبد الله ابن شقيق فحاك في صدري من ذلك شئ فأتيت أبا هريرة فسألته فصدق مقالته (3).

وحديث عبد الله بن شقيق العقيلي قال: رجل لابن عباس الصلاة فسكت ثم قال: الصلاة فسكت ثم قال: الصلاة فسكت، فقال ابن عباس لا أم لك. أتعلمنا بالصلاة كنا نجمع بين الصلاتين على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله (4).

وحديث ابن عباس قال: صلى رسول الله (ص) الظهر والعصر جميعا بالمدينة من غير خوف أو سفر، قال أبو الزبير: فسألت سعيد لم فعل ذلك فقال: سألت ابن عباس كما سألتني فقال: أراد أن لا يحرج أحدا من أمته (5)

وحديث معاذ بن جبل قال: جمع رسول الله (ص) في غزوة تبوك بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء، قال: فقلت ما حمله على ذلك فقال

____________

(1) سورة يونس: آية 36.

(2) أخرجه مسلم في الصحيح باب الجمع بين الصلاتين في الحضر: ج 1، 285.

(3) مسلم: ج 1، ص 285. أخرجه أيضا أحمد بن حنبل في مسنده: ج 1 ص 251.

(4) مصنف ابن أبي شيبة: ج 2، ص 244، ح 6. ومسلم: ج 1، ص 284.

(5) مصنف ابن أبي شيبة: ج 1، ص 244، ج 5. ومسلم: ج 1، ص 284.

الصفحة 108
أراد أن لا يحرج أمته (1)

وحديث وكيع قال: قلت لابن عباس لم فعل ذلك قال: كيلا يحرج أمته.

وفي حديث أبي معاوية: قيل لابن عباس ما أراد إلى ذلك قال: أراد أن لا يحرج أمته (2).

حديث ابن عباس أن النبي (ص) صلى بالمدينة سبعا وثمانية الظهر والعصر والمغرب والعشاء فقال أيوب: لعله في ليلة مطيرة، قال: عسى (3)

ونقول هنا كما قلناه سابقا أن لعل وعسى ظن والظن لا يغني من الحق شيئا والحديث مطلق والتقيد تبرعي.

وحديث ابن عباس: صلى النبي (ص) سبعا جميعا وثمانيا جميعا (4)

والغريب من البخاري أنه مع وجود هذه الروايات الكثيرة في الصحاح لم يورد إلا النزر القليل مع أنه أورد هذه الأحاديث في غير موضعها اللائق.

حيث يقول شيخ الإسلام الأنصاري عند بلوغه هذا الباب من شرحه تحفة الباري فقال: (المناسب للحديث الأول باب صلاة الظهر مع العصر والمغرب مع العشاء ففي التعبير بما قاله تجوز وقصور).. انتهى.

وعلى كل حال إن من أورد هذه الأحاديث وغيرها كثيرة فراجع (5).

____________

(1) مصنف ابن أبي شيبة: ج 2، ص 244، ح 2. ومسلم: ج 1، ص 284.

(2) أخرجه مسلم: ج 1، ص 284.

(3) أخرجه مسلم: ج 1، ص 285. أخرجه البخاري: باب تأخير الصلاة الظهر إلى العصر في كتاب مواقيت الصلاة: ج 1، ص 234.

(4) أخرجه البخاري: ج 1 ص 233.

(5) الهداية في تخريج أحاديث البداية: ج، ص 346 و 347. وشرح الموطأ للزرقاني: ج 1، ص 291 و 294. وسنن أبي داود: ج 1، ص 277.

الصفحة 109
وهذه الأحاديث كلها نص في جواز الجمع مطلقا وتقيدها بما ذكر في الأقوال ما هي إلا ظنون لا تغني من الحق شيئا.

وحديث سهل بن حنيف قال: سمعت أبا إمامة يقول صلينا مع عمر بن عبد العزيز الظهر ثم خرجنا حتى دخلنا على أنس بن مالك فوجدناه يصلي العصر، فقلت: يا عم ما هذه الصلاة التي صليت، قال العصر وهذه صلاة رسول الله (ص) (1).

اتفاق الكتاب والسنة:

وقد اتفقت مرويات أهل البيت (ع) مع الآية الكريمة السابقة والأحاديث الشريفة المذكورة فمن راجع الأحاديث الواردة عن أهل البيت وجدها أنها تنص على ذلك، فمنها:

حديث الإمام جعفر بن محمد الصادق (ع) قال: أن رسول الله (ص) جمع بين الظهر والعصر بأذان وإقامتين، وجمع بين المغرب والعشاء في الحضر من غير علة بأذان واحد وإقامتين.

وعنه أيضا (ع) قال: صلى رسول الله (ص) بالناس الظهر والعصر حين زالت الشمس في جماعة من غير علة وصلى بهم المغرب والعشاء والآخرة قبل الشفق في غير علة في جماعة وإنما فعل رسول الله (ص) ليتسع الوقت على أمته (2)، إلى غير ذلك من الأخبار الكثيرة.

تعقيب فيه تساؤلات:

التساؤل الأول:

كيف يصح الإتيان بصلاة الظهر في وقت العصر وصلاة المغرب في

____________

(1) البخاري: ج 1، ص 137.

(2) راجع وسائل الشيعة للحر العاملي: ج 5، ص 277.

الصفحة 110
وقت العشاء وبالعكس في حين أن معنى الظهر غير معنى العصر ومعنى المغرب غير معنى العشاء. ولا بد أن تكون الصلاة في وقتها فصلاة الظهر لا تكون إلا في وقتها، وصلاة العصر لا تكون إلا في وقت العصر وهكذا المغرب والعشاء.

جواب التساؤل الأول:

نقول في الجواب عن هذا السؤال أنه ينحل إلى أمرين:

الأول: أنه لا خلاف في وجوب الاتيان بالصلاة في وقتها ولكن الخلاف في هذا الوقت متى يكون ومتى يتحقق، فتارة نقول أن وقت صلاة الظهر من الزوال إلى ساعة، وتارة نقول إلى أربع ساعات وهذا يدخل في تحديد الوقت أما كون الصلاة لا بد وأن تصلي في وقتها فهذا لا خلاف فيه.

الثاني:

أن معنى الظهر هو وقت الزوال مأخوذ من ميل الشمس نحو المغرب في وسط النهار فالزوال إذا أخذ بالمعنى الحدث المصدري فهو لحظة الزوال وهي أهل من الثانية وإذا أخذ معنى الاسم المصدري فهو مستمر إلى ما قبل الغروب.

ولا بد أن يكون المراد من الزوال:، هو الوقت الذي بعد الزوال من دون تحديد لآخره النهاري سوى ما قبل الغروب كما أن تحديده ابتداء بعد الزوال الحدث المصدري ونفس الكلام يجري في المغرب والعشاء.

علاوة على ذلك أنه ورد كما مر عليك التعليل بأنه حتى لا يشق على أمته أو حتى يوسع (ص) الوقت على أمته. فالقضية يمكن أن تكون تعبدية وتسليم لما يريده الله سبحانه وتعالى وقد فعله نبيه محمد (ص).

التساؤل الثاني:

كيف نشأ الخلاف بين الصحابة وكيف يصح أن حملناهم على الصدق

الصفحة 111
والإخلاص والتقوى والهداية؟

جواب التساؤل الثاني:

نقول: أن النبي (ص) ملتزم بالمستحبات كالتزامه بالواجبات فلما كان يشتغل بالعبادة بين فرضي الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء فبعض الصحابة يذهب لقضاء بعض شؤونه القريبة ويرجع إلى مسجد النبي (ص) فتوهم البعض أن التفريق واجب في حين من كان ملتصقا بالنبي (ص) عرف إن الفصل إنما هو للنوافل فلو لم يأت بالنوافل كما في بعض الروايات فإنه يجمع بين الصلاتين، فأمثال ابن عباس وأنس بن مالك وأهل البيت (ع) لما كانوا على مقربة قريبة من النبي (ص) عرفوا معنى التفريق الصوري وأنه لأجل النوافل فقط. ولقد أدرك الدكتور وهبة الزحيلي في موسوعته ذلك فقال:

الحق جواز الجمع لثبوته بالسنة والسنة مصدر تشريعي كالقرآن (1).

ومن قرأ التاريخ بإمعان عرف أن المدينة المنورة صغيرة نسبيا فبناء المنزل يقتصر فيه على ما يكفي للمنام وإيواء الضيف ولا يوجد تلك المساحات الكبيرة في المنازل ومما يدل على صغر حجم المدينة المنورة آنذاك أن المسجد النبوي كان في وسط المدينة والبقيع كان خارج المدينة في حين أن البعد بين المسجد والبقيع بضعة أمتار لا يتجاوز الخمسمائة متر في أبعد التقادير.

كما إن المدينة تشكل دائرة نصف قطرها خمسمائة متر تقريبا، وهذا القدر من المساحة يمكن الوصول إليه في وقت قصير والنبي (ص) يطيل في نوافله. كما أن من رأى بعض الآثار إلى وقت قريب يرى مدى صغر المنازل وتلاصقها.

____________

(1) الموسوعة الفقهية: ج 2، ص 351.

الصفحة 112

الأحاديث النبوية في الجمع بين الصلاتين من معاجم السنة:

عن ابن عباس قال: جمع رسول الله (ص) بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء بالمدينة من غير خوف ولا مطر، قيل لابن عباس: وما أراد إلى ذلك، قال: أراد أن لا يحرج أمته (1).

عن ابن عباس: وأزاد (في غير خوف ولا سفر) وقال مالك بعده:

(أرى ذلك كان في مطر).

أقول هذا الذي ظنه مالك تبين أنه خطأ بهذه الرواية التي فيها (في غير خوف ولا مطر) (2).

وحديث عبد الله بن شقيق قال: خطبنا ابن عباس يوما عند العصر حتى غربت الشمس وبدت النجوم وعلق الناس ينادونه: الصلاة وفي القوم رجل من بني تميم فجعل يقول: الصلاة الصلاة، قال: فغضب قال: أتعلمني بالسنة شهدت رسول الله (ص) جمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء، قال عبد الله: فوجدت في نفسي من ذلك شيئا فلقيت أبا هريرة فسألته فوافق (3).

وعن جابر بن زيد قال: سمعت ابن عباس يقول: (ص) ثمانيا جميعا وسبعا جميعا (4)

وعن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: جمع النبي (ص) بين الظهر والعصر بالمدينة في غير سفر ولا خوف، قال: قلت يا أبا العباس ولم فعل ذلك، قال: أراد أن لا يحرج أحدا من أمته (5).

____________

(1) مسند أحمد بن حنبل شرح أحمد شاكر: ج 3، ص 292، ح 1953. والموطأ: ج 1، ص 161.

(2) وهذه الرواية رواها البخاري ورواها مسلم: ج 1، ص 284.

(3) صحيح مسلم: ج 1، ص 197. مسند أحمد بن حنبل شرح أحمد محمد شاكر: ج 1، ص 7، ح 2269.

(4) مسند أحمد بن حنبل شرح أحمد محمد شاكر: ج 4، ص 154، ح 2465. ومسلم: ج 1، ص 285.

(5) مسند أحمد بن حنبل شرح أحمد محمد شاكر: ج 4، 192، ح 7 255.

الصفحة 113
وعن جابر بن زيد عن ابن عباس عن النبي (ص): أنه صلى سبعا جميعا وثمانيا جميعا (1).

تعجيل وقت الصلاة:

تعجيل وقت الصلاة في أول وقتها مستحب بلا إشكال بل هو مجمع على استحبابه عند علماء الشيعة ومتفق عليه عند علماء السنة كما يظهر من ملازمتهم لفعل الصلوات في أول الوقت ولكن التعجيل ليس مستحبا مطلقا عند أئمة مذاهبهم، فإن لهم في استحبابه تفصيلا ذكره عنهم صاحب كتاب الفقه على المذاهب الأربعة ج 1: ص 159 إلى 162.

فالصلاة عندهم قد يستحب تأخيرها لعوارض ومزاحمات لفضيلة الوقت كالإبراد بالصلاة في وقت شدة الحر وإنتظار جماعة وغير ذلك.

فاستحباب التعجيل بالصلاة مراعاة لفضيلة أول الوقت مما لا إشكال فيه وقد يدل عليه مضافا إلى ما ذكرنا من الاجماع. آية المسارعة إلى المغفرة والخير. وروايات كثيرة وردت من طرق أهل البيت (ع).

عن أبي جعفر الباقر (ع): وقد سئل عن الفضل من الوقت أوله أم وسطه أو آخره. فقال (ع): أوله أن رسول الله (ص) قال: إن الله عز وجل يحب من الخير ما يعجل.

وعنه أيضا (ع) قال: إعلم أن أول الوقت أبدا أفضل فعجل الخير ما استطعت.

وعنه أيضا قال: أحب الوقت إلى الله عز وجل أوله حين يدخل وقت الصلاة فصل الفريضة فإن لم تفعل فإنك في وقت منها - الظهر والعصر - حتى تغيب الشمس. (أخرج هذه الروايات العاملي في كتابه الوسائل: كتاب الصلاة، باب المواقيت).

____________

(1) مسند أحمد بن حنبل شرح أحمد محمد شاكر: ج 4، ص 210، ح 2582.