الصفحة 143
وعن مالك بن أنس: " كان إمام الناس عندنا بعد عمر بن الخطاب زيد بن ثابت يعني بالمدينة ".

كان زيد من علماء الصحابة وبلغ من عظم القدر ان ابن عباس كان يمسك بركابه حين يركب. شهد زيد أحدا والمشاهد كلها، توفي سنة 54 هـ‍ وقيل 52 هـ‍ وقيل 51 هـ‍ (1).

هذا هو زيد بن ثابت، ومع ذلك لا نجد له في كتب السنن إلا حديثا واحدا (2)!!

ولا أدري هل هذا علم الفقهاء والراسخين في العلم، أم إن عند زيد الآلاف من الأحاديث حتى أصبح من الراسخين في العلم وممن يشار لهم بالفتوى؟! أي الرأيين قد جانب الصواب؟

إن قلنا الأول فهو ظاهر البطلان لأن الإنسان لا يصبح فقيها ومتميزا على أقرانه بحفظه حديثا واحدا، فيبقى الاحتمال الثاني وهو: إن عند زيد آلاف الأحاديث.

قال ابن عباس وهو قائم على قبر زيد بن ثابت: " هكذا يذهب العلم " (3)، وبموت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أخذ زيد الحديث عن الصحابة ولمدة أربعين سنة فانظر كم تصبح ثروته من الأحاديث؟ ثم سل: أين ذهبت هذه الثروة الحديثية التي تحملها زيد؟ ولماذا لم يصلنا الينا منها إلا حديث واحد؟ وأليس فقدها فقدا للسنة؟!

أحاديث عبد الله بن عمر بن الخطاب:

أسلم ابن عمر في مكة وهاجر إلى المدينة وشهد الخندق وما بعدها، يعد من فقهاء الصحابة. جاءنا عن ابن عمر 2630 حديثا (4). وقد يظن البعض أن هذا الرقم كبير

____________

1 - راجع ترجمة زيد في الاستيعاب: 2 / 537 - 540، والإصابة: 3 / 22 - 23.

2 - أسماء الصحابة الرواة: ص 450.

3 - إعلام الموقعين 1 / 18.

4 - أسماء الصحابة الرواة: ص 38.

الصفحة 144
ولكننا إذا عرفنا حياة ابن عمر وشغفه بطلب الحديث، سنجد أن ابن عمر عنده أضعاف هذا العدد. قال مالك: " إن ابن عمر كان يتبع أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وآثاره وحاله ويهتم به حتى كاد خيف على عقله من اهتمامه بذلك " (1).

وقال الزبير بن بكار: إن كان ابن عمر ليحفظ ما سمع من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ويسأل من حضر - إذا غاب - عن قوله وفعله.

وروى البيهقي في المدخل عن الزهري أنه قال: لا يعدل برأي ابن عمر فإنه أقام بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ستين سنة فلم يخف عليه شئ من أمره ولا من أصحابه (2). وقال نافع: " لو نظرت إلى ابن عمر إذا اتبع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لقلت هذا مجنون ".

وعن مالك أنه قال: " أقام ابن عمر بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ستين سنة تقدم عليه وفود الناس " (3).

لقد عاش ابن عمر مع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) راشدا أكثر من عشر سنين. وبعد وفاة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يسأل أصحابه. ولو عاش ابن عمر مع النبي ثلاث سنين لوجب أن يروي أكثر من 5000 حديث حاله حال أبي هريرة ولا فرق، فابن عمر كان يحضر عند النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ويتتبع آثاره حتى خيف على عقله وإذا غاب سأل. فلماذا وصل إلينا عن أبي هريرة أكثر مما وصل إلينا عن ابن عمر مع تقدم إسلام ابن عمر وشدة اهتمامه بالحديث؟!

وأضف لهذا، ستين سنة قضاها ابن عمر ووفود الناس تقدم عليه وهو يأخذ عن الصحابة الجديد فكم سيصبح لديه من الأحاديث؟ وأين ذهبت أحاديثه؟

الجواب:؟؟؟

____________

1 - سير أعلام النبلاء: 3 / 213.

2 - تذكرة الحفاظ: 1 / 39.

3 - راجع الحديث والمحدثون، محمد زهو: ص 141.

الصفحة 145

أحاديث عبد الله بن عمرو بن العاص:

له في كتب السنن 700 حديث (1)، فلنر هل يتناسب هذا العدد من الأحاديث مع علم عبد الله وما قيل فيه.

يقول أبو هريرة: " ما من أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أحد أكثر حديثا عنه مني، إلا ما كان من عبد الله بن عمرو فإنه كان يكتب ولا أكتب " (2).

هذا أبو هريرة وهو أكثر الصحابة رواية للحديث، يعترف أن عبد الله أكثر رواية للحديث منه! يقول ابن حجر: " إن أبا هريرة كان جازما بأن ليس في الصحابة أكثر حديثا عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) منه إلا عبد الله، مع أن الموجود المروي عن عبد الله أقل من الموجود المروي عن أبي هريرة بأضعاف مضاعفة " (3).

وقال محمد زهو: " من هنا ترى عبد الله بن عمرو قد توفر لديه من أسباب التحمل للحديث والإكثار منه ما لم يتوفر لغيره فقد تقدم إسلامه وحفظ الحديث بصدره ووعاه بقلبه ودونه بقلمه في الصحف حتى نقل عنه أنه قال: " حفظت عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ألف مثل " (4).

لقد روى عبد الله بن عمرو 700 حديث والمفترض به، أن يروي أكثر مما روى أبو هريرة، فالذي روي عن عبد الله كما يقول محمد زهو: " لا يتناسب مع غزارة علمه وكثرة ما حفظه وكتبه عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فلم يصلنا عنه سوى سبعمائة حديث " (5).

وهكذا نجد أن الفرق بين أحاديث أبي هريرة وعبد الله 4674 حديثا. وهذا الرقم

____________

1 - أسماء الصحابة الرواة: ص 43.

2 - صحيح البخاري: كتاب العلم، باب كتابة العلم. سنن الدارمي: 1 / 125.

3 - فتح الباري: 1 / 167.

4 - الحديث والمحدثون: ص 143.

5 - المصدر السابق: ص 144.

الصفحة 146
على الأقل كان يجب أن يصل إلينا عن عبد الله لما قرره علماء الحديث، وقبلهم أبو هريرة، من أن عبد الله تحمل أكثر من أبي هريرة.

إن الذي ينبغي أن يقف عنده الباحثون هو: أين بقية العلم الذي حمله عبد الله والذي يفوق ما حمله أبو هريرة؟! لو قال العلماء إن مرويات عبد الله تساوي مرويات أبي هريرة لكانت خسارتنا 4674 حديثا، ولكن الطامة: ان عبد الله كما يقولون: تحمل أكثر من أبي هريرة!

وعبد الله يقول: إنه حفظ عن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ألف مثل، فأين هذه الألف من السبعمائة؟! فليلاحظ حجم هذه الثروة التي خسرناها. لقد خسرنا على الأقل 4674 حديثا، وبطبيعة الحال، هذه الأحاديث تحتوي على تشريعات وعقائد وآداب...

وفي هذه اللحظة يستطيع كل مسلم أن يختبر نفسه. فالغيور على الإسلام وعلى السنة ستثور ثائرته على فقدان هذه الثروة والتي تفوق ما في صحيح البخاري - بدون تكرار -!!! ولا نعجب إذا ثار البعض علينا بعد هذه الحقيقة الناصعة حمية منهم على موروثاتهم، فإنا لله وإنا إليه راجعون.

أحاديث عبد الله بن مسعود:

كان من السابقين إلى الإسلام، شهد المشاهد كلها، روي له في كتب السنن 848 حديثا (1). فهل يتناسب هذا الرقم مع طبيعة حياة ابن مسعود وطول فترة ملازمته للرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)؟ لنر.

ورد في الصحيحين أن أبا موسى الأشعري قال: " قدمت أنا وأخي من اليمن فمكثنا حينا لا نرى ابن مسعود وامه إلا من أهل بيت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لما نرى من كثرة دخوله ودخول أمه على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ولزومه له ".

____________

1 - أسماء الصحابة الرواة: ص 42.

الصفحة 147
ويؤكد القاسم بن عبد الرحمن علاقة ابن مسعود بالرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) حيث يقول:

" كان عبد الله بن مسعود يلبس رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) نعليه ثم، يمشي بالعصا حتى إذا أتى مجلسه نزع نعليه فأدخلهما في ذراعيه وأعطاه العصا " (1).

وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): " استقرؤا القرآن من أربعة من عبد الله،... " (2).

وجعل عمر عبد الله على بيت مال الكوفة وكتب إلى أهلها: " بعثت إليكم عمار أميرا، وعبد الله بن مسعود معلما ووزيرا، وهما من النجباء من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، ومن أهل بدر، فاقتدوا بهما، قد آثرتكم بعبدالله على نفسي " (3).

وقال أحد معاصريه فيه وهو ابو مسعود: " ما أعلم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ترك بعده أعلم بما أنزل الله من هذا القائم - يقصد ابن مسعود - ".

وسئل علي (عليه السلام) عن عبد الله فقال: " علم القرآن والسنة ثم انتهى وكفى بذلك علما " (4).

وقال عقبة بن عامر: " ما أدري أحدا أعلم بما نزل على محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) من عبد الله بن مسعود، فقال أبو موسى: إن تقل ذلك، فإنه كان يسمع حين لا نسمع من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، ويدخل حين لا ندخل على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ".

وقال عبد الله عن نفسه: " والذي لا إله غيره ما من كتاب الله سورة إلا وأنا أعلم حيث أنزلت، وما من آية إلا وأنا أعلم فيما انزلت، ولو علمت أني أعلم أن رجلا أعلم بكتاب الله مني تبلغه الإبل لأتيته " (5).

____________

1 - طبقات ابن سعد: 3 / 81.

2 - صحيح البخاري: كتاب المناقب، باب مناقب عبد الله بن مسعود.

3 - سير أعلام النبلاء: 1 / 491.

4 - المستدرك: 3 / 318 وصححه. الحلية، أبي نعيم: 1 / 133. إعلام الموقعين: 1 / 15.

5 - إعلام الموقعين: 1 / 17. مع ان هذا القول هو لعلي (عليه السلام) ولكن لا بأس بالاحتجاج به على من يثبتونه لابن مسعود.

الصفحة 148
وقال أبو الدرداء حين توفي ابن مسعود: " ما ترك بعده مثله ".

هذا ما جاء في ابن مسعود وهذه أحاديثه 848 والبصير يدرك إن عند عبد الله أضعاف هذا الرقم من الأحاديث. انظر إلى قول عقبة بن عامر: ما أدري أحدا أعلم بما نزل على محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) من عبد الله. وقال علي فيه: (علم القرآن والسنة ثم انتهى وكفى بذلك علما).

فلا يعقل أن يكون هذا العدد المروي هو ما أخذه عن رسول الله. إذ كيف يعقل أن رجلا عاش مع النبي ثلاث وعشرين سنة لا يفارقه حتى عد من أهل بيته لا يحفظ عن النبي سوى 848 حديثا.

أحاديث عمران بن حصين:

عمران بن حصين، من السابقين إلى الإسلام له في كتب السنن 180 حديثا (1)!

عن مطرف قال: " قال لي عمران بن حصين: أي مطرف، والله إن كنت لأرى أني لو شئت حدثت عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يومين متتابعين لا أعيد حديثا... " (2).

وعن عمران بن حصين قال: " سمعت من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أحاديث سمعتها وحفظتها ما يمنعني أن أحدث بها إلا أن أصحابي يخالفونني فيها " (3).

عمران - إذن - يستطيع أن يتحدث عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يومين متتابعين لا يعيد حديثا. وأنه سمع من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أحاديث وحفظها ولكن يمتنع أن يتحدث بها! فهل هناك أبلغ من هذين النصين دلالة على ضياع السنة؟!

لقد وصلنا عن عمران 180 حديثا وهذه الأحاديث يستطيع أن يقرأها المرء

____________

1 - أسماء الصحابة الرواة: ص 51.

2 - مسند أحمد 5 / 599. مجمع الزوائد 1 / 141.

3 - مجمع الزوائد 1 / 141، وقال الهيثمي: رواه الطبراني في الكبير ورجاله وثقون.

الصفحة 149
خلال ساعتين أو أقل. ولكن لنحاول أن نخمن كم عند عمران من الأحاديث. فلو افترضنا أنه كان يقرأ حديثا واحدا كل دقيقة ففي ثمان وأربعين ساعة - يومين متتابعين - يستطيع أن يقرأ 2880 حديثا!!! ولنفترض أنه يقرأ ألف حديث في يومين متتابعين حتى لا يقال أننا مبالغون، فهذا يعني إننا خسرنا حوالي ثمانمائة حديثا كان يحفظها عمران ولم يتحدث بها، وهذه الكمية التي بقيت في صدر عمران نستطيع أن نعمل منها موطأ أكبر من موطأ مالك!!!

فيالهؤلاء القوم الذين استخفوا بسنة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)!!

أحاديث عبد الله بن عباس:

ولد ابن عباس في شعب أبي طالب قبل الهجرة بثلاث سنوات، روي له في كتب السنن 1660 حديثا (1) وهذاالرقم لا يتناسب مع علم ابن عباس وماقيل فيه.

دعا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) له فقال: " اللهم علمه الحكمة وتأويل الكتاب " (2)، و " اللهم علمه الكتاب " (3)، و " اللهم فقهه " (4).

قال الحسن بن علي (عليه السلام) عنه: " كان ابن عباس من الإسلام وكان من القرآن بمنزل، وكان يقوم على منبرنا هذا فيقرأ البقرة وآل عمران فيفسرهما آية آية " (5).

وكان عمر إذا عرضت له معضلة قال لابن عباس: " انها قد طرأت علينا أقضية وعضل فأنت لها ولأمثالها " (6)، وكان يقول لابن عباس " أشهد إنك تنطق عن بيت

____________

1 - أسماء الصحابة الرواة: ص 40.

2 - صحيح البخاري: كتاب المناقب، باب ذكر ابن عباس رضي الله عنهما.

3 - نفس المصدر.

4 - صحيح مسلم: كتاب فضائل الصحابة، باب فضائل عبد الله بن عباس رضي الله عنهما.

5 - الحلية: 1 / 318.

6 - أسد الغابة: 3 / 187.

الصفحة 150
نبوة "، وقال فيه عبد الله بن مسعود: " نعم ترجمان القرآن ابن عباس " (1).

وقيل لطاووس بن كيسان - أحد تلامذته -: لزمت هذا الغلام - أي ابن عباس -، وتركت الأكابر من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)؟!

قال طاووس: " إني رأيت سبعين رجلا من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا تدارؤوا في أمر صاروا إلى قول ابن عباس ".

وقال تلميذه عطاء بن أبي رباح يصف مجلسه: " ما رأيت أكرم من مجلس ابن عباس، أصحاب الفقه عنده، وأصحاب القرآن عنده، وأصحاب الشعر عنده، يصدرهم كلهم من واد واسع ".

وقال ابن أبي مليكة: رأيت مجاهدا سأل ابن عباس عن تفسير القرآن ومعه ألواحه، فقال ابن عباس: اكتب، حتى سأله عن التفسير كله " (2).

وقد انكب ابن عباس بعد وفاة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) على طلب العلم. روى الدارمي في مسنده عن عبد الله بن عباس أنه قال: " لما قبض رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قلت لرجل من الأنصار: هلم فلنسأل أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فانهم اليوم كثير. قال واعجبا لك، أترى الناس يفتقرون إليك، قال: فتركت ذلك الرجل واقبلت اسأل، فإن كان ليبلغني عن رجل فآتي بابه وهو قائل فأتوسد ردائي على بابه يسفي الريح علي من التراب فيخرج فيراني، فيقول: يا ابن عم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ما جاء بك؟ هلا أرسلت إلي فآتيك فأقول: لا، أنا أحق أن آتيك فأسألك عن الحديث. فعاش ذلك الرجل الأنصاري حتى رآني وقد اجتمع الناس حولي يسألونني فقال: هذا الفتى كان أعقل مني " (3).

____________

1 - طبقات ابن سعد: 2 / 434.

2 - التفسير والمفسرون: 1 / 104 نقلا عن ابن تيمية.

3 - الحديث والمحدثون: ص 139 - 140. المستدرك: 1 / 106 - 107.

الصفحة 151
يقول ابن عباس عن نفسه: " إن كنت لأسأل عن الأمر الواحد ثلاثين من أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) " (1).

وكان ابن عباس يأتي أبا رافع فيقول: ما صنع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يوم كذا، ومع ابن عباس من يكتب ما يقول " (2).

هذا هو ابن عباس " ولا غرو إنه بهذا الجد والجهد والحرص والنشاط تمكن من جمع ثروة علمية قل نظيرها في ذلك الزمان " (3).

ولا ننسى أن ابن عباس عاش بعد النبي 58 عاما أخذ بها عن الصحابة الكثير، يقول الاستاذ محمد أبو النصر عن ابن عباس: " ولم يقتصر في أخذ الحديث عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لحداثة سنه وصغره عند موت النبي الكريم، بل أخذ عن أصحاب رسول الله علما عظيما " (4).

فهل يعقل بعد هذا أن يكون مقدار ما حفظه ابن عباس عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) هو 1660 حديثا؟! من قال هذا فهو مزر بكل الشهادات المتقدمة. ولو قلنا: إن ابن عباس عاش مع النبي راشدا ثلاث سنين لوجب أن يصل إلينا عنه أكثر من خمسة آلاف حديث حاله حال أبي هريرة، أضف لهذا 58 سنة قضاها يأخذ عن الصحابة، فيصبح عنده آلاف الأحاديث.

قال عنه عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود - أحد الفقهاء السبعة: " إن ابن عباس قد فاق الناس بخصال تتمثل بعلم من سبقه، وفقه فيما احتيج إليه من رأيه، وحلم ونسب، وتأويل، وما رأيت أحدا كان أعلم - منه - بما سبقه من حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)... ولقد كان يجلس يوما ولا يذكر فيه إلا الفقه، ويوما التأويل، ويوما

____________

1 - سير أعلام النبلاء: 3 / 344.

2 - الإصابة: 2 / 332.

3 - دراسات في الحديث النبوي وتاريخ تدوينه، محمد الأعظمي: 1 / 116.

4 - حبر الأمة وترجمان القرآن: ص 42.

الصفحة 152
المغازي، ويوما الشعر، ويوما أيام العرب، ولا رأيت عالما قط جلس إليه إلا خضع له، وما رأيت سائلا قط سأله إلا وجد عنده علما " (1).

وهذا دليل على ما توصلنا إليه، فابن عباس حسب قول عبيدالله لا يفوقه أحد في العلم بحديث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لا أبوهريرة ولا ابن عمر ولا أنس، وقال ابن عباس عن نفسه: " حفظت السنة كلها " (2) فهل هذه الألف والستمائة حديث كل السنة؟! وتصور بربك إنه كان يجعل يوما للفقه ويوما للتأويل... فهل كان يقضي عشرات السنين بهذه الألف والستمائة والستين حديثا؟!! فكم يا ترى حصيلة ابن عباس من السنن؟ يقول محمد الأعظمي: " ومن الممكن تقدير مكتبته ولو على سبيل الظن والتخمين من قول موسى بن عقبة: " وضع عندنا كريب - مولى ابن عباس توفي 98 هـ‍ - حمل بعير، أو عدل بعير من كتب ابن عباس " (3).

وقال ابن حزم: " وقد جمع أبو بكر محمد بن موسى بن يعقوب بن أمير المؤمنين المأمون فتيا عبد الله بن العباس في عشرين كتابا " (4).

لقد بلغ ما كتبه ابن عباس عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) حمل بعير ومع ذلك لم يصل إلينا منه إلا 1660 حديثا، فأين ذهب باقي حمل البعير هذا؟

وكل مسلم يعرف أن الصحاح الستة يمكن أن يحملها بعير (5) وفيها آلاف الأحاديث!!

____________

1 - التفسير والمفسرون: 1 / 66، وراجع إعلام الموقعين: 1 / 19.

2 - مجمع الزوائد 7 / 323.

3 - دراسات في الحديث النبوي: 1 / 116 نقلا عن ابن سعد: 5 / 216. تاريخ ابن خيثمة: 3 / 111.

4 - الإحكام: 5 / 869.

5 - نحن لا ننكر أن هناك فرقا بين كتب هذا العصر والكتب القديمة ولكن يبقى الإشكال قائما، إنه حمل بعير ياقوم!!

الصفحة 153

أحاديث زيد بن أرقم:

غزا زيد بن ارقم مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) سبع عشرة غزوة (1) توفي سنة 68 هـ‍ (2).

وصل إلينا عن زيد 70 حديثا (3)!! أفنصدق أن زيدا الذي عاش مع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ثلاثا وعشرين سنة، وبعده 58 سنة لم يحفظ إلا سبعين حديثا؟

قيل لزيد بن أرقم: حدثنا، فقال: " والله لقد كبرت سني وقدم عهدي ونسيت بعض الذي كنت أعي من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)... " (4).

إن زيدا لا يتحدث بحجة أنه كبر ونسي والحديث صعب. وكلامه هذا يدل على أن عنده سننا ولكنه نسيها...!

فأين هذه السنن التي نسيها والتي يصعب التحدث بها؟!!

ومن يضمن لنا أن لا يكون زيد قد تفرد بأحاديث تشريعية نسيها فيما نسى أو استصعب نطقها؟ لا أحد.

ولكن الله (5) ضمن إيصال سنة نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) لعباده كاملة، ولا يمكن أن يتركهما عند الصحابة، لأنه يعلم ان منهم من سينسى كزيد وأنس أو يستصعب نطقها... وهذا هو المطلوب.

أحاديث معاذ بن جبل:

معاذ بن جبل الخزرجي له في كتب السنن 155 حديثا (6). روي أن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) شهد له بالعلم، حيث جعله أعلم أمته بالحلال والحرام (7).

____________

1 - الاستيعاب بهامش الإصابة.

2 - الإصابة: 3 / 21.

3 - أسماء الصحابة الرواة: ص 69.

4 - صحيح مسلم: كتاب فضائل، الصحابة باب من فضائل علي بن أبي طالب.

5 - أسماء الصحابة الرواة: ص 55.

6 - سنن الترمذي: كتاب المناقب، باب مناقب معاذ.

الصفحة 154
ولما خرج النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى حنين استخلف معاذا على أهل مكة ليعلم الناس القرآن ويفقههم في الدين (1). واختاره الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ليكون قاضيا على اليمن (2) وروي أنه كان يفتي على عهد رسول الله (3).

وكان عمر يقول: " من أراد الفقه فليأت معاذ بن جبل " (4).

ولما خرج معاذ إلى الشام قال عمر: " لقد أخل خروجه بالمدينة وأهلها في الفقه، وفيما كان يفقههم به " (5).

" وقد كان لمعاذ بن جبل (رضي الله عنه) نشاط علمي في كثير من أقطار الدولة الإسلامية، ففي أي بلد حل اتخذ له مجلسا في مسجد يفقه الناس ويفتيهم ويعلمهم أمور دينهم " (6).

قال أبو مسلم الخولاني: " أتيت مسجد دمشق، فإذا حلقة فيها كهول من أصحاب محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، وإذا شاب فيهم أكحل العين، براق الثنايا، كلما اختلفوا في شئ ردوه إلى الفتى، قال: قلت لجليس لي: من هذا؟ قال هذا معاذ بن جبل " (7).

بعد هذا، هل نصدق أن ما أخذه معاذ عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) 155 حديثا؟! من قال هذا فهو مزر بمعاذ، ومن قال إن عنده الكثير، قلنا له: أين هذا الكثير؟ وأين علم الحلال والحرام الذي احتمله معاذ؟

أليس من المؤسف أن تجدوا السنن التي أخذها معاذ عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والتي جعلت منه مفتي الصحابة وأعلم الأمة بالحلال والحرام: في صدر معاذ لا غير!

____________

1 - المستدرك: 3 / 270.

2 - سنن أبو داود: 3 / 203، سنن الترمذي: 3 / 616.

3 - سير أعلام النبلاء: 1 / 452.

4 - المصدر السابق.

5 - المصدر السابق.

6 - ثلة من الأولين، محمد أبو فارس: ص 277.

7 - صفة الصفوة: 1 / 490.

الصفحة 155

أحاديث أبي هريرة:

على الرغم من أننا أنكرنا على أبي هريرة تفرده بهذا الرقم من الأحاديث - 5374 - في أبحاث متقدمة إلا أننا سنقتصر في هذا البحث على قوله بأن عنده سننا لم يخرجها.

ورد عن أبي هريرة قوله: " أحفظ عن رسول الله وعاءين: فأما أحدهما فبثثته وأما الآخر لو بثثته لقطع هذا البلعوم ".

وفي المحدث الفاصل: " أن أبا هريرة حفظ عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) خمسة جرب أحاديث، وقال: إني أخرجت منها جرابين، ولو أخرجت الثالث لرميتموني بالحجارة " (1).

اذا كان أبو هريرة يحفظ من الأحاديث خمسة جرب وأخرج منها جرابين فكانت 5374 حديثا فكيف لو أخرج الجرب الثلاثة الباقية؟!! بل قل: لماذا لم يخرجها؟ هل خاف أن يقطعوا بلعومه؟ ألم يكن هذا الصحابي الكبير قد عاش في خير القرون؟ فلماذا الخوف إذن؟!! وهل يأتمن الله على دينه من يخاف تبليغه؟!

إن جرابين من جرب أبي هريرة، كان فيهما 5374 حديثا، ففي الجرب الثلاثة الباقية خفيت قرابة ثمانية آلاف حديث على أقل تقدير، وكلها بقيت مع أبي هريرة، وهذا العدد من الأحاديث نستطيع أن نعمل منه كتابين بعدد صحيحي البخاري ومسلم!!

____________

1 - المحدث الفاصل بين الراوي والواعي، الرامهرمزي: ص 556، وقال محمد عجاج الخطيب محقق الكتاب في الحاشية: " انظر نحوه في طبقات ابن سعد 4 / 57 قسم 2 و 2 / 118 قسم 2، وانظر فتح الباري 1 / 227، حلية الأولياء 1 / 381، البداية والنهاية 8 / 105، وتذكرة الحفاظ ص 1 / 34 ".

الصفحة 156

أحاديث أنس بن مالك:

يعد أنس من المكثرين في الصحابة، له 2286 حديثا (1). عاش مع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ثلاثا وعشرين سنة، أما كم حصل من الأحاديث في هذه المدة؟ فنتركها للقارئ اللبيب، ولكننا سنأخذ قول أنس التالي ونعلق عليه، قال: إنه ليمنعني أن أحدثكم حديثا كثيرا، أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: " من تعمد علي كذبا فليتبوأ مقعده من النار " (2).

لنعد النظر في قول أنس: إنه ليمنعني أن أحدثكم حديثا كثيرا... فماذا يعني هذا؟

هل ما رواه أنس قليل وعنده الكثير غيره؟!

إن قول أنس ينطق بهذا المعنى.

فأين هذا الحديث الكثير الذي امتنع أنس عن التحدث به؟! الجواب: ستجدونه في صدر أنس!

ولا بد أنه أضعاف ما جاء عنه لأن قول أنس السابق يجعل ما جاء عنه قليلا.

قال إبراهيم الشهاوي: " وكان (رضي الله عنه) - أي أنس - أعلم الصحابة بسنة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) " (3) وعلى قول الشهاوي هذا فإن أنس أعلم من أبي هريرة، ولكن ماذا يساوي رقم 2286 أمام رقم 5374؟!!

____________

1 - أسماء الصحابة الرواة: ص 39.

2 - رواه مسلم: المقدمة، باب تغليظ الكذب على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، صحيح البخاري: كتاب العلم، باب إثم من كذب على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).

3 - مصطلح الحديث.

الصفحة 157

أحاديث حسان بن ثابت:

هو الصحابي المعروف وشاعر الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم). عاش مع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عشر سنين، فحفظ حديثا واحدا (1)!!

عاش حسان ستين سنة في الجاهلية وستين سنة في الإسلام. نعم، عاش بعد النبي خمسين سنة ولا ندري هل بقي خلال هذه الخمسين سنة يتحدث بحديث واحد؟!!

أم أنه كان يحفظ الآلاف من الأحاديث كما يقرر العقل السليم؟ ولماذا يروي أحد الصحابة خلال سنتين 5374 حديثا ولا يروي حسان في عشر سنين إلا حديثا واحدا؟

فأين ذهبت أحاديثه؟! نحتاج لجواب.

أحاديث صهيب الرومي:

عن عمرو بن دينار عن صيفي بن صهيب قال: قلت لأبي صهيب: مالك لاتحدث عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كما يحدث أصحابك؟ قال: أي بني قد سمعت كما سمعوا، ولكن يمنعني من الحديث أني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: " من كذب علي متعمدا... " (2).

وعن صهيب قال: " صحبت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قبل أن يوحى إليه " (3).

مع أن صهيب صحب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وسمع منه وعاش بعده فترة طويلة. إلا انه لم يردنا عنه سوى ثلاثين حديثا (4)! فلماذا يمتنع صهيب عن رواية الحديث؟ وأليس في عدم تحدثه بأحاديث سمعها تضييع لهذه السنن؟!

____________

1 - أسماء الصحابة الرواة: ص 465.

2 - مستدرك الحاكم: 3 / 401. مجمع الزوائد: 4 / 131.

3 - كنز العمال: 13 / 439.

4 - أسماء الصحابة: ص 103.

الصفحة 158

أحاديث أبي أسيد الساعدي:

عن أبي أسيد الساعدي قال: " كنت أصغر أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأكثرهم منه سماعا " (1).

إذا كان أبو أسيد الساعدي أكثر أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) سماعا فهو أكثر سماعا من عبد الله بن عمر وأنس وأبي هريرة، ولكن، ما وصل إلينا عنه أقل مما وصل إلينا عن هؤلاء بكثير. نعم، وصل إلينا عنه ثمانية وعشرون حديثا (2)!! فكم فقدنا من حديث هذا الصحابي يا ترى؟

من لم يرو شيئا من الصحابة:

1 - عبد الرحمن بن حنبل (3).

2 - ثمامة بن عدي من المهاجرين الأولين شهد بدرا (4) ولم يحفظ عنه حديث.

3 - زياد بن حنظلة التيمي " شهد مع علي المشاهد كلها " (5).

4 - تمام بن العباس: " ولا يحفظ له عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) رواية من وجه ثابت " (6).

____________

1 - سنن البيهقي: 4 / 61.

2 - أسماء الصحابة الرواة: ص 106.

3 - الاستيعاب: 2 / 828.

4 - الإصابة: 1 / 202.

5 - الإصابة: 1 / 557.

6 - الإصابة: 1 / 186.

الصفحة 159

من روى حديثا واحدا:

1 - مهران مولى رسول الله (1).

2 - سهل بن حنيف: وهو من السابقين شهد المشاهد كلها توفي سنة 38 هـ‍ (2).

3 - ابن أبي عمارة المدني. قال المزني: له حديث واحد في المسح على الخفين (3).

4 - سعد بن عباد: له في مسند بقي بن مخلد حديث واحد (4).

5 - آبى اللحم الغفاري.

6 - أدرع السلمي.

7 - بشير بن جحاش القرشي.

8 - ربيعة بن عامر (5).

من روى حديثين:

1 - عبد الله بن حنظلة الغسيل (6).

2 - شرحبيل بن حسنة (7) أسلم قديما ومات سنة 18 هـ‍.

3 - حارثة بن النعمان: شهد بدرا والمشاهد كلها وأدرك خلافة معاوية (8).

إن هناك الكثير من الصحابة لم يرووا إلا حديثا واحدا أو اثنين.. وهذه عينات نتركها للقارئ اللبيب ليعمل حساباته!

____________

1 - الإصابة: 3 / 463.

2 - الإصابة: 3 / 139.

3 - تدريب الراوي: 2 / 396.

4 - الإصابة: 3 / 80.

5 - راجع هؤلاء في تدريب الراوي: 2 / 397، وأسماء الصحابة الرواة.

6 - الإصابة: 4 / 59، أسماء الصحابة الرواة: 197.

7 - الإصابة: 2 / 199.

8 - المصدر السابق: 1 / 312.

الصفحة 160

مائة واثنا عشر ألف صحابي لم يرووا شيئا!!!

قال الحافظ أبو زرعة الرازي: " توفي النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ومن رآه وسمع منه زيادة على مائة ألف إنسان من رجل وامرأة وهذا لا تحديد فيه، وكيف يمكن الإطلاع على تحرير ذلك مع تفرق الصحابة في البلدان والبوادي والقرى ".

وقال: " قبض رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عن مائة ألف وأربعة عشر ألفا من الصحابة ممن روى وسمع منه " (1).

قال العراقي: " وروى الساجي في المناقب بسند جيد عن أبي زرعة قال: قبض رسول الله والمسلمون ستون ألفا، ثلاثون ألفا بالمدينة وثلاثون ألفا في قبائل العرب وغير ذلك. قال: ومع هذا فجميع من صنف من الصحابة لم يبلغ مجموع ما في تصانيفهم عشرة آلاف مع كونهم يذكرون من توفي في حياته (صلى الله عليه وآله وسلم) ومن عاصره وأدركه صغيرا " (2).

وقال ابن حجر: " فجمعت كتابا كبيرا في ذلك - أي في إحصاء عدد الصحابة وتراجمهم - ميزت فيه الصحابة من غيرهم، ومع ذلك لم يحصل لنا من ذلك جميعا الوقوف على العشر من أسامي الصحابة " (3).

إن عدد الصحابة مائة وأربعة عشر ألف صحابي، وكلهم رأى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وسمع منه كما يقول أبو زرعة، ولكن المعروف من هؤلاء أحد عشر ألف وستة وعشرون صحابيا كما في الإصابة، فهناك مائة وثلاثة آلاف صحابي (4) لا نعرف أسمائهم ولم يردنا عنهم خبر!!! وهذه والله النازلة الكبرى والمصيبة العظمى، فالصحابة المعروفون - وهم

____________

1 - تدريب الراوي: 2 / 220 و 221.

2 - نفس المصدر.

3 - الإصابة: 1 / 2.

4 - مع العلم أن هناك رأيا يذهب إلى أن عدد الصحابة مائة وعشرون ألفا!