الأستاذ الفذ عبدالفتاح عبد المقصود:
" إن في عقيدتي أن الشيعة هم واجهة الإسلام الصحيحة، ومرآته الصافية، ومن أراد أن ينظر إلى الإسلام، عليه أن ينظر إليه من خلال عقائد الشيعة ومن خلال أعمالهم، والتاريخ خير شاهد على ما قدمه الشيعة من الخدمات الكبيرة في ميادين الدفاع عن العقيدة الإسلامية.
وإن علماء الشيعة الأفاضل هم الذين لعبوا أدوارا لم يلعبها غيرهم في الميادين المختلفة، فكافحوا وناضلوا وقدموا أكبر التضحيات، من أجل إعلاء الإسلام ونشر تعاليمه القيمة وتوعية الناس وسوقهم إلى القرآن " (1).
الدكتور علي سامي النشار:
" إن الأفكار الفلسفية للشيعة الاثني عشرية هي في مجموعها إسلامية بحتة ".
" وأكاد أقول، أن لا تكاد تختلف الاثنا عشرية المعاصرة في عقائدها، عن عقائد الخلف من أهل السنة، ومذهب الخلف هو عقيدة الملايين من جمهور أهل السنة " (2).
أحمد الحصري - أستاذ مساعد للفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر:
" يجب أن نفهم جميعا، أنه لا خلاف بين الإمامية وأهل السنة في أصول العقائد، وأنه لا خلاف بينهما أيضا في مصادر الفقه الإسلامي الأساسية (الكتاب والسنة)، فالإمامية كأهل السنة في توحيد الله والإيمان برسوله محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) ".
" ونحن إذا نظرنا إلى فقه الإمامية: في العبادات البحته مثلا، كالصلاة والصوم والزكاة، نجد أنه لا خلاف يذكر بين فقههم وفقه أهل السنة، فكثير ما نجد قولا لهم في العبادات يتفق ورأي الشافعية أو المالكية.. الخ. كما انه لا اختلاف - ايضا - في أحكام
____________
1 - في سبيل الوحدة الإسلامية: ص 573.
2 - نشأة الفكر الفلسفي: ص 13.
الدكتور مصطفى السباعي - أحد مفكري الإخوان المسلمين:
" فأعود فأكرر دعوتي للمخلصين من علماء الشيعة - وفيهم الواعون الراغبون في جمع كلمة المسلمين - أن نواجه المشاكل التي يعانيها العالم الإسلامي اليوم في انتشار الدعوات الهدامة، التي تجتث جذور العقيدة من قلوب شباب السنة وشباب الشيعة على السواء ".
" يجب أن تنصب جهود المخلصين من أهل السنة والشيعة، إلى جمع الشتات وتوحيد الكلمة، إزاء الأخطار المحدقة بالعالم الإسلامي وبالعقيدة الإسلامية من أساسها " (2).
الدكتور صابر طعيمة:
" ومن الحق أن يقال: أنه ليس بين الشيعة والسنة من خلاف في الأصول العامة، فهم جميعا على التوحيد، وإنما الخلاف في الفروع، وهو خلاف يشبه ما بين مذاهب السنة نفسها (الشافعية والحنفية...) فهم يدينون بأصول الدين كما وردت في القرآن الكريم والسنة المطهرة، كما يؤمنون بكل ما يجب الإيمان به ويبطل الإسلام بالخروج منه في الأحكام المعلومة من الدين بالضرورة. ومن الحق أن السنة والشيعة هما مذهبان من مذاهب الإسلام يستمدان من كتاب الله وسنة رسوله " (3).
____________
1 - من الفقه الإسلامي: ص 105 و 110 و 113 و 114.
2 - السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي: ص 12 و 469.
3 - تحديات أمام العروبة والإسلام: ص 208.
بدران أبو العينين:
أستاذ الشريعة في كلية الحقوق بجامعتي الإسكندرية وبيروت:
" الشيعة جماعة من المسلمين تشيعوا لآل بيت الرسول... وهم يقيمون مع أهل المذاهب السنية، وتربطهم بهم روابط التسامح والسعي إلى تقريب وجوه الخلاف، لأن جوهر الدين واحد، والله لا يسمح بالتباعد والتنافر... والإمامية مع ذلك لا يفترقون عن جمهور أهل السنة إلا في بضع عشرة مسألة " (1).
الأستاذ عبد الرحمن بدوي:
" للشيعة أكبر الفضل في إغناء المضمون الروحي للإسلام، وإشاعة الحياة الخصيبة القوية، التي وهبت هذا الدين البقاء قويا عنيدا قادرا على إشباع النوازع الروحية للنفوس، حتى أشدها تمردا وقلقا، ولولاها لتحجر في قوالب جامدة، ليت شعري، ماذا كان سيؤول إليه أمره فيها؟
ومن الغريب أن الباحثين لم يوجهوا عناية كافية إلى هذه الناحية، ناحية الدور الروحي في تشكيل مضمون العقيدة الذي قامت به الشيعة. والعلة في هذا أن الجانب السياسي في الشيعة هو الذي لفت الأنظار أكثر من بقية الجوانب مع أنه ليس إلا واحدا منها. وقد يكون من اقلها خطرا من حيث القيمة الذاتية لهذا المذهب. ووجوده بشكل واضح لا يدل مطلقا على طغيانه على بقية جوانبه، بل كان نتيجة لطبيعة الصلة بين الدين والدولة في الحضارة العربية، وفي الإسلام منها بوجه التخصيص، فهما فيه متزاوجان وينبعان من مصدر واحد، ولهذا نميل هنا إلى إطلاق لفظ الشيعة في المقام الأول من التيار الروحي في الإسلام " (2).
____________
1 - تاريخ الفقه الإسلامي: ص 68 و 156 و 159.
2 - مقدمة كتابه دراسات إسلامية.
الدكتور علي عبد الواحد وافي - عضو المجمع الدولي لعلم الاجتماع:
" يتفق الشيعة الجعفرية مع أهل السنة في أصول العقائد الإسلامية، فهم يقرون بالشهادتين وأركان الإسلام، ويؤمنون بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، والقدر خيره وشره، ولا يختلفون عنا في هذا الصدد إلا ببعض معتقدات لا يوهن أي معتقد فيها أصلا من هذه الأصول.
والإمامية يقرون جميع الفروع التي علمت من الدين بالضرورة، كالصلوات المفروضة، والزكاة، والصيام وزمانه، والحج، والكعبة ومكانها، والقبلة واشتراطها، وكذلك جميع الأمور الثابتة في القرآن والسنة بدلالة قطعية " (1).
الدكتور حامد حفني داود:
أستاذ الأدب العربي بكلية الألسن بالقاهرة والمشرف على الدراسات الإسلامية بجامعة (عليكرة الهند)، قال:
" ومن هنا أستطيع أن أجلي للقارئ المتدبر، أن التشيع ليس كما يزعمه المخرفون والسفيانيون من الباحثين، مذهبا نقليا محضا أو قائما على الآثار المشحونة بالخرافات والأوهام والإسرائيليات، أو مستمدا في مبادئه من عبد الله ابن سبأ وغيره من الشخصيات الخيالية في التاريخ، بل التشيع - في نظر منهجنا العلمي الحديث - على عكس ما يزعمه الخصوم تماما، فهو المذهب الإسلامي الأول الذي عنى كل العناية بالمنقول والمعقول جميعا، واستطاع أن يسلك بين المذاهب الإسلامية طريقا شاملا واسع الآفاق.
ولولاما امتاز به الشيعة من توفيق بين (المعقول) و (المنقول) لما لمسنا فيهم هذه الروح المتجددة في الاجتهاد وتطوير مسائلهم الفقهية مع الزمان والمكان بما لا يتنافى مع روح الشريعة الإسلامية الخالدة " (2).
____________
1 - بين الشيعة وأهل السنة: ص 20 و 21 و 53.
2 - تقديم كتاب عقائد الإمامية، المظفر: ص 20.
الأستاذ محمد حسن الأعظمي:
" الشيعة الإمامية الاثنا عشرية يشهدون أن لا إله إلا الله، وأنه واحد أحد، فرد صمد، لم يلد ولم يولد، وأنه ليس كمثله شئ، وأن محمدا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، جاء بالحق من عنده وصدق المرسلين، ويوجبون معرفة ذلك بالدليل والبرهان ولا يكتفون بالتقليد، ويؤمنون بجميع أنبياء الله ورسله وبجميع ما جاء من عند ربه...
ويقولون أن كل من شك في وجود الباري تعالى، أو وحدانيته، أو في نبوة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، أو جعل له شريكا في النبوة، فهو خارج عن دين الإسلام وكل من غالى في أحد من الناس من أهل البيت أو غيرهم، وأخرجه عن درجة العبودية لله تعالى، أو أثبت له نبوة أو مشاركة فيها أو شيئا من صفات الإلهية، فهو خارج عن ربقة الإسلام ويبرؤن من جميع الغلاة والمفوضة وأمثالهم " (1).
الأستاذ الدكتور أحمد الشرباصي:
" وطائفة الشيعة، من الطوائف الإسلامية، ذات الأثر الكبير في المجتمع الإسلامي. وإذا كان التشيع قد بدأ بحب آل البيت النبوي الطهور: بيت سيدنا ورائدنا وقائدنا: رسول الله عليه وعلى آله الصلاة والسلام، فقد اتخذ بعد ذلك مسيرة متميزة خلال عصور التاريخ، وقد جعلت هذه المسيرة المميزة تنفسح وتتسع، حتى صار للتشيع أعلامه وأبطاله ورجاله ومفكروه وزعماؤه والداعون إليه، والمدافعون عنه...
وكان للشيعة خلال تاريخهم مواقف مشهودة، وبطولات مرصودة، تشعبت وتفرقت وانتشرت يمينا وشمالا في مصادر التاريخ المختلفة " (2).
____________
1 - الحقائق الخفية عن الشيعة الفاطمية والاثني عشرية: ص 103.
2 - من تقديمه لكتاب سميرة الليثي جهاد الشيعة في العصر العباسي الأول.
الدكتورة سميرة الليثي ليسانس آداب وتربية وماجستير ودكتوراه في التاريخ الإسلامي:
" ينتشر في العالم الإسلامي المعاصر ملايين من الشيعة ويقومون بدورهم البارز الملموس، نحو إعزاز الإسلام، والنهضة بحضارته، وهم يساهمون إيجابيا بجامعاتهم ومعاهدهم ومؤلفاتهم، في التقدم الفكري الإسلامي " (1).
المجاهدة زينب الغزالي:
" إنني أرى أن الشيعة الجعفرية والزيدية، مذاهب إسلامية مثل المذاهب الأربعة لدى السنة، وعلى عقلاء السنة والشيعة وعلى قيادات السنة والشيعة أن يجتمعوا في صعيد واحد وأن يتفاهموا وأن يتعاونوا على ربط المذاهب الأربعة والمذهب الشيعي بعضهم ببعض " (2).
مصطفى الشكعة:
استاذ الأدب والفكر الإسلامي بجامعة عين شمس وعميد كلية الآداب السابق:
" الإمامية الاثنا عشرية، هم جمهور الشيعة الذين يعيشون بيننا هذه الأيام وتربطهم بنا نحن أهل السنة روابط التسامح والسعي إلى تقريب المذاهب الآن، لأن جوهر الدين واحد ولبه أصيل، ولا يسمح بالتباعد...
فهم يبرؤن من المقالات التي جاءت على لسان بعض الفرق ويعدونها كفرا وضلالا ".
" وإذا أمعنا النظر جيدا، وطرحنا كل الأفكار البالية الجامدة خلف ظهورنا، فإننا لن نجد كبير خلاف بين كل من مذهب السنة ومذهب الشيعة الإمامية... الذي كان تلميذا للإمام جعفر الصادق رأس الشيعة الإمامية أو الجعفرية، وكان إماما فاضلا ورعا، له من الإيمان والثقافة الدينية ما لم يتوفر لإمام آخر من معاصريه " (3).
____________
1 - المصدر السابق: 13.
2 - مجلة العالم، عدد 58 - مارس 1985.
3 - إسلام بلا مذاهب: ص 82 و 87 و 468 و 485.
فكري أبو النصر - من علماء الأزهر الشريف:
" الشيعة مذهب إسلامي عظيم لا يختلف من حيث العادات والمعاملات في كثير عن مذاهبنا الأربعة... " (1).
محمد الزحيلي - أستاذ بكلية الشريعة جامعة دمشق:
" ويعتمد مذهب الإمامية الفقهي على القرآن الكريم والأحاديث النبوية التي رواها حصرا أئمتهم من آل البيت...
وفقه الإمامية قريب من المذهب الشافعي، ولا يختلف كثيرا عن فقه أهل السنة إلا في مسائل محدودة كاختلاف بقية المذاهب مع بعضها " (2).
____________
1 - في سبيل الوحدة الإسلامية: ص 85.
2 - تعريف عام بالعلوم الشرعية: ص 140.
مدخل لفهم الموضوع
عن هشام بن الحكم (1) عن أبي عبد الله (2) (عليه السلام) أنه قال للزنديق الذي سأله: من أين أثبت الأنبياء والرسل؟ قال: " إنا لما أثبتنا أن لنا خالقا متعاليا عنا وعن جميع ما خلق، وكان ذلك الصانع حكيما متعاليا لم يجز أن يشاهده خلقه، ولا يلامسوه، فيباشرهم ويباشروه، ويحاجهم ويحاجوه، ثبت أن له سفراء في خلقه، يعبرون عنه إلى خلقه وعباده، ويدلونهم على مصالحهم ومنافعهم وما به بقاؤهم وفي تركه فناؤهم، فثبت الآمرون والناهون عن الحكيم العليم في خلقه والمعبرون عنه جل وعز، وهم الأنبياء (عليهم السلام) وصفوته من خلقه، حكماء مؤدبين بالحكمة، مبعوثين بها، غير مشاركين للناس - على مشاركتهم لهم في الخلق والتركيب - في شئ من أحوالهم، مؤيدين من عند الحكيم العليم بالحكمة، ثم ثبت ذلك في كل دهر وزمان مما أتت به الرسل والأنبياء من الدلائل والبراهين، لكيلا تخلو أرض الله من حجة يكون معه علم يدل على صدق مقالته وجواز عدالته " (3).
اطروحة الشيعة
يرى شيعة آل البيت أن السبيل الوحيد لفهم الإسلام هو الرجوع للأئمة الاثني عشر من آل البيت، فهم المخولون شرعا ببيان الإسلام بعد النبي. والله لم يقبض نبيه حتى عين هؤلاء الأئمة الاثني عشر، ولا يخلو زمن من أحدهم، يقومون بممارسة دور النبي ما
____________
1 - من حواريي جعفر الصادق (عليه السلام) متكلم بارع له مناظرات كثيرة سيأتي بعضها.
2 - هو جعفر الصادق الإمام السادس من أئمة آل البيت ستأتي ترجمته.
3 - الاصول من الكافي (كتاب الحجة) باب الاضطرار إلى الحجة.
وهؤلاء الأئمة هم:
1 - علي بن أبي طالب " أمير المؤمنين (عليه السلام) "
2 - الحسن بن علي " المجتبى (عليه السلام) "
3 - الحسين بن علي " الشهيد (عليه السلام) "
4 - علي بن الحسين " زين العابدين (عليه السلام) "
5 - محمد بن علي " الباقر (عليه السلام) "
6 - جعفر بن محمد " الصادق (عليه السلام) "
7 - موسى بن جعفر " الكاظم (عليه السلام) "
8 - علي بن موسى " الرضا (عليه السلام) "
9 - محمد بن علي " الجواد (عليه السلام) "
10 - علي بن محمد " الهادي (عليه السلام) "
11 - الحسن بن علي " العسكري (عليه السلام) "
12 - محمد بن الحسن " الإمام المهدي المنتظر (عجل الله فرجه الشريف) "
وفي الأبحاث الآتية ستتضح معالم اطروحة آل البيت كالشمس في رابعة النهار.
نبدأ بطرح السؤال التالي لنجيب عنه: ما هو الدليل على أحقية مذهب آل البيت ونجاته من دون سائر المذاهب؟
نعم هناك أدلة من الكتاب والسنة الصحيحة، والعقل والتاريخ تدل دلالة واضحة على نجاة من اتبع آل البيت، وركب سفينتهم، والتفصيل فيما يأتي:
____________
1 - النساء: 165.
الأدلة من السنة
حديث الثقلين:
وهو كما في صحيح مسلم عن زيد بن أرقم قال: "... قام رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يوما خطيبا بماء يدعى خما، بين مكة والمدينة فحمد الله وأثنى عليه، ووعظ وذكر ثم قال:
" أما بعد. ألا أيها الناس فإنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فاجيب وأنا تارك فيكم ثقلين أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به، فحث على كتاب الله ورغب فيه، ثم قال: وأهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي " (1).
وفي مسند أحمد: " إني تارك فيكم خليفتين، كتاب الله حبل ممدود ما بين السماء والأرض أو ما بين السماء الى الأرض وعترتي أهل بيتي، وإنهما لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض " (2).
وفي صحيح الترمذي والمستدرك على الصحيحين - وصححه -: " إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أحدهما أعظم من الآخر، كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض، وعترتي أهل بيتي، ولن يتفرقا حتى يردا علي الحوض، فانظروا كيف تخلفوني فيهما " (3).
____________
1 - كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل علي بن أبي طالب.
2 - مسند أحمد: 5 / 182، وفضائل الصحابة: 2 / 603، وصححه الألباني في: السنة لابن أبي عاصم، 337.
3 - صحيح الترمذي: ج 5 (كتاب المناقب): 663 / 3788. المستدرك: 3 / 148، واحتج ابن تيمية بحديث الترمذي على حجية إجماع العترة، راجع مجموعة الفتاوى: 28 / 269.
صحة الحديث ومصادره:
هذا الحديث صحيح لا غبار عليه وحسبك أنه ورد في صحيح مسلم. وقد حفلت به كتب السنن والسير والتاريخ وغيرها.
وأصدر مجمع التقريب بين المذاهب في مصر رسالة أثبت فيها تواتر هذا الحديث في جميع طبقاته.
إضافة لهذا صححه الكثير من علماء أهل السنة منهم: الطبري، محمد بن إسحاق، الأزهري، ابن منظور، الذهبي في تلخيص المستدرك، الحاكم في المستدرك، الهيثمي في مجمع الزوائد، ابن كثير في تاريخه، السيوطي في الجامع الصغير والمناوي (1)، وصححه من المعاصرين محدث أهل السنة السلفي الشيخ الألباني (2)، والمحدث الأشعري الشافعي الحسن بن علي السقاف كما سيأتي ذكره.
وقد روى هذا الحديث عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، خمسة وثلاثون صحابيا، ورواه عن الصحابة تسعة عشر من التابعين، وهنا نورد أسماء رواته من الصحابة:
1 - أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)
2 - فاطمة الزهراء (عليها السلام)
3 - الحسن بن علي بن أبي طالب (عليه السلام)
4 - سلمان الفارسي
5 - أبو ذر الغفاري
6 - ابن عباس
7 - جابر بن عبد الله الأنصاري
8 - أبو الهيثم بن التيهان
9 - أبو رافع
10 - حذيفة بن اليمان
11 - حذيفة بن أسيد الغفاري
12 - أبو سعيد الخدري
____________
1 - راجع حديث الثقلين: تواتره - فقهه، علي الحسيني الميلاني.
2 - صحيح الجامع الصغير: 2 / 217 رقم 2454.
14 - زيد بن ثابت
15 - زيد بن أرقم
16 - أبو هريرة
17 - عبد الله بن حنطب
18 - جبير بن مطعم
19 - البراء بن عازب
20 - أنس بن مالك
21 - طلحة بن عبد الله التيمي
22 - عبد الرحمن بن عوف
23 - سعد بن أبي وقاص
24 - عمرو بن العاص
25 - سهل بن سعد الأنصاري
26 - عدي بن حاتم
27 - أبو أيوب الأنصاري
28 - أبو شريح الخزاعي
29 - عقبة بن عامر
30 - أبو قدامة الأنصاري
31 - أبو ليلى الأنصاري
32 - ضميرة الأسلمي
33 - عامر بن ليلى بن ضمرة
34 - أم سلمة زوج الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)
35 - أم هاني أخت أمير المؤمنين علي (عليه السلام) (1)
قال ابن حجر: " ثم اعلم أن لحديث التمسك بذلك طرقا كثيرة، وردت عن نيف وعشرين صحابيا، ومر له طرق مبسوطة في حادي عشر الشبه.
وفي بعض تلك الطرق انه قال ذلك بحجة الوداع بعرفة.
وفي أخرى انه قاله بالمدينة في مرضه وقد امتلأت الحجرة بأصحابه.
وفي أخرى أنه قال ذلك بغدير خم.
وفي أخرى أنه قاله لما قام خطيبا بعد انصرافه من الطائف كما مر ولا تنافي إذ لامانع من انه كرر عليهم ذلك في تلك المواطن وغيرها، اهتماما بشأن الكتاب العزيز والعترة الطاهرة " (2).
____________
1 - راجع رواياتهم في عبقات الأنوار ج 1 وج 2، ملحق المراجعات: ص 327.
2 - الصواعق المحرقة: 2 / 440.
أخرجه الترمذي (2 / 308) والطبراني (2680) عن زيد بن الحسن الأنماطي عن جعفر عن أبيه عن جابر بن عبد الله قال: " رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في حجته يوم عرفة وهو على ناقته القصواء يخطب، فسمعته يقول... " فذكره، وقال: " حديث حسن غريب من هذا الوجه، وزيد بن الحسن قد روى عنه سعيد بن سليمان وغير واحد من أهل العلم ".
قلت: قال أبو حاتم: منكر الحديث، وذكره ابن حبان في الثقات. وقال الحافظ:
ضعيف.
قلت: لكن الحديث صحيح، فإن له شاهدا من حديث زيد بن أرقم، قال: قام رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يوما فينا خطيبا... " وذكره الألباني كاملا.
وقال الألباني: " أخرجه مسلم (7 / 122 - 123) والطحاوي في (مشكل الآثار:
4 / 368) وأحمد (4 / 366 - 367) وابن أبي عاصم في (السنة: 1550 - 1551) والطبراني (5026) من طريق يزيد بن حبان التميمي عنه.
ثم أخرجه أحمد (4 / 371) والطبراني (5040) والطحاوي من طريق علي ابن ربيعة قال: " لقيت زيد بن أرقم وهو داخل على المختار أو خارج من عنده، فقلت:
أسمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: إني تارك فيكم الثقلين [ كتاب الله وعترتي ]؟ قال: نعم ".
وإسناده صحيح، رجاله رجال الصحيح وله طرق أخرى عند الطبراني (4969 - 4971 و 4981 - 4982 و 5040) وبعضها عند الحاكم (3 / 109 و 148 و 533) وصحح هو والذهبي بعضها.
____________
1 - والذي قال عنه أحد أساتذتنا أنه وصل درجة الاجتهاد في الحديث. وقد علمنا أحد أساتذتنا السلفية وجوب اعتماد الأحاديث التي يصححها الألباني!
أخرجه أحمد (3 / 14 و 17 و 26 و 59) وابن أبي عاصم (1553 و 1550) والطبراني (2678 - 2679) والديلمي (2 / 1 / 45).
وهو إسناد حسن في الشواهد.
وله شواهد أخرى من حديث أبي هريرة عند الدارقطني (ص 529) والحاكم (1 / 93) والخطيب في الفقيه والمتفقه (56 / 1).
وابن عباس عند الحاكم وصححه، ووافقه الذهبي وعمرو بن عوف عند ابن عبد البر في (جامع بيان العلم: 2 / 24، 110) وهي وإن كانت مفرداتها لا تخلو من ضعف فبعضها يقوي بعضا، وخيرها حديث ابن عباس.
ثم وجدت له شاهدا قويا من حديث علي مرفوعا به أخرجه الطحاوي في (مشكل الآثار: 2 / 307) من طريق أبي عامر العقدي: ثنا يزيد بن كثير عن محمد ابن عمر بن علي عن أبيه عن علي مرفوعا بلفظ:
"... كتاب الله بأيديكم، وأهل بيتي " ورجاله ثقات غير يزيد بن كثير فلم أعرفه، وغالب الظن أنه محرف على الطابع أو الناسخ، والله أعلم.
ثم خطر في البال أنه لعله انقلب على أحدهم، وأن الصواب كثير بن زيد، ثم تأكدت من ذلك بعد أن رجعت إلى كتب الرجال، فوجدتهم ذكروه في شيوخ عامر العقدي، وفي الرواة عن محمد بن عمر بن علي، فالحمد لله على توفيقه.
ثم ازددت تأكدا حين رأيته على الصواب عند ابن أبي عاصم (1558) وشاهد آخر يرويه شريك عن الركين بن الربيع عن القاسم بن حسان عن زيد بن ثابت مرفوعا به.
وهذا إسناد حسن في الشواهد والمتابعات، وقال الهيثمي في (المجمع: 1 / 170):
" ما رواه الطبراني في (الكبير) ورجاله ثقات ".
وقال في موضع آخر (9 / 163): " رواه أحمد، وإسناده جيد " (1).
وتربو المصادر السنية التي ذكرت حديث الثقلين على مائتين وعشرين مصدرا (2).
كلمات مضيئة في الحديث:
يقول الشيخ عبد الرحمن النقشبندي في كتابه " العقد الوحيد " بعد ذكره لأهل البيت: " كيف وهم أنجم ديننا ومصدر شرعنا وعمدة أصحابنا، فيهم ظهر الإسلام وفشى وبهم تأيدت أركانه ونشأ، ومن ثم صح أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: إني تارك فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا كتاب الله وعترتي أهل بيتي فانظروا كيف تخلفوني فيهما " (3).
وقال السيد محمد صديق حسن البخاري " هذا الحديث فيه فضيلة أهل البيت وبيان عظم حقهم في الإسلام وأنهم قرين القرآن في التعظيم والإكرام وليس بعد هذا البيان من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بيان ".
____________
1 - راجع سلسلة الأحاديث الصحيحة 4 / 355 - 358.
2 - منها: صحيح مسلم: كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل علي بن أبي طالب.
صحيح الترمذي: 5 / 663. مسند أحمد بن حنبل: 5 / 182. المستدرك على الصحيحين: 3 / 148.
سنن الدارمي: 2 / 231. طبقات ابن سعد: 2 / 192. المناقب، أحمد بن حنبل (مخطوط). المعجم الصغير، الطبراني: ص 73. المعجم الكبير، الطبراني: ص 137. الاعتقاد، البيهقي: ص 163. السنن الكبرى، البيهقي: 10 / 113 و 2 / 128...
3 - ص 78 راجع الإمام الصادق والمذاهب الأربعة، أسد حيدر 1 / 307.
وقال الشيخ الزرقاني بعد شرحه لهذا الحديث: " أما الكتاب فلأنه معدن العلوم الدينية والأسرار والحكم الشرعية وكنوز الحقائق وخفايا الدقائق، وأما العترة فلأن العنصر إذا طاب، أعان على فهم الدين، فطيب العنصر يؤدي إلى حسن الأخلاق، ومحاسنها يؤدي إلى صفاء القلب ونزاهته وطهارته. وأكد (صلى الله عليه وآله وسلم) تلك الوصية وقواها بقوله: " فانظروا بماذا تخلفوني فيهما ".. " (2).
وقال النووي في شرحه على مسلم: " قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): وأنا تارك فيكم ثقلين فذكر كتاب الله وأهل بيته، قال العلماء: سميا ثقلين لعظمهما وكبير شأنهما. وقيل: لثقل العمل بهما " (3).
وقال علي القاري في المرقاة: " والمراد بالأخذ بهم التمسك بمحبتهم، ومحافظة حرمتهم، والعمل برواياتهم، والاعتماد على مقالتهم ".
وقال: " وأقول: الأظهر هو أن أهل البيت غالبا يكونون أعرف بصاحب البيت وأحواله، فالمراد بهم أهل العلم منهم، المطلعون على سيرته، الواقفون على طريقته، العارفون بحكمه وحكمته، وبهذا يصلح أن يكونوا عدلا لكتاب الله سبحانه كما قال:
(ويعلمهم الكتاب والحكمة) ".
وقال الشيخ عبدالحق الدهلوي في شرح المشكاة: " سمى (صلى الله عليه وآله وسلم) الكتاب والعترة
____________
1 - أسد حيدر، عن الدين الخالص 3 / 511 - 514.
2 - أسد حيدر، عن شرح المواهب اللدنية: 8 / 2.
3 - مسلم بشرح النووي (كتاب الفضائل) باب من فضائل علي بن أبي طالب (عليه السلام).
والظاهر أن المراد بأهل البيت ههنا أخص من أولاد الجد القريب وهم بنو هاشم، بل أولاده وذريته، والعترة أعم من ذلك فافهم ".
وقال ابن الأثير في جامع الأصول: " سمى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) القرآن العزيز وأهل بيته ثقلين لأن الأخذ بهما والعمل بما يجب لهما، ثقيل ".
وقال التفتازاني في شرح المقاصد: " ألا ترى أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) قد قرنهم بكتاب الله تعالى في كون التمسك بهما منقذا من الضلالة، ولا معنى للتمسك بالكتاب إلا الأخذ بما فيه من العلم والهداية فكذا في العترة ".
وقال الشريف السمهودي " الذين وقع الحث على التمسك بهم من أهل البيت النبوي والعترة الطاهرة، هم العلماء بكتاب الله (1)،... وهم الذين لا يقع بينهم وبين الكتاب افتراق حتى يردا الحوض، ولهذا قال: لا تقدموهما فتهلكوا، ولا تقصروا عنهما فتهلكوا، ولا تعلموهم فإنهم أعلم منكم " (2).
قال الشيخ المناوي: " إن ائتمرتم بأوامر كتابه، وانتهيتم بنواهيه، واهتديتم بهدي عترتي، واقتديتم بسيرتهم، اهتديتم فلم تضلوا.
قال القرطبي: وهذه الوصية، وهذا التأكيد العظيم، يقتضي وجوب احترام أهله، وإبرارهم وتوقيرهم ومحبتهم، وجوب الفروض المؤكدة التي لا عذر لأحد في التخلف عنها ".
وأضاف المناوي: " لن يفترقا، أي الكتاب والعترة، أي يستمران متلازمين حتى يردا على الحوض أي الكوثر يوم القيامة، زاد في رواية: كهاتين، وأشار بإصبعيه، وفي هذا مع قوله أولا: " إني تارك " تلويح بل تصريح بأنهما كتوأمين، خلفهما ووصى أمته
____________
1 - راجع هذه الأقوال في حديث الثقلين: تواتره - فقهه، والرسالة التي أصدرتها دار التقريب في مصر عن حديث الثقلين.
قال الحكيم: " والمراد بعترته هنا العلماء العاملون، إذ هم الذين لا يفارقون القرآن. أما نحو جاهل وعالم مخلط فأجنبي من هذا المقام، وإنما ينظر للأصل والعنصر عند التحلي بالفضائل، والتخلي عن الرذائل... " (1).
وقال ابن حجر الفقيه الشافعي تحت عنوان تنبيه: " سمى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) القرآن وعترته (ثقلين)... لأن الثقل كل نفيس خطير مصون، وهذان كذلك، إذ كل منهما معدن للعلوم اللدنية. والأسرار والحكم العلية، والأحكام الشرعية ولذا حث (صلى الله عليه وآله وسلم) على الاقتداء والتمسك بهم والتعلم منهم، وقال: " الحمد لله الذي جعل فينا الحكمة أهل البيت ".. ".
وأضاف ابن حجر: " وقيل سميا ثقلين لثقل وجوب رعاية حقوقهما، ثم الذين وقع الحث عليهم منهم إنما هم العارفون بكتاب الله وسنة رسوله، إذ هم الذين لا يفارقون الكتاب إلى الحوض...
وتميزوا بذلك عن بقية العلماء لأن الله أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، وشرفهم بالكرامات الباهرة، والمزايا المتكاثرة، وقد مر بعضها وسيأتي الخبر الذي في قريش: " تعلموا منهم فإنهم أعلم منكم " فإذا ثبت هذا العموم لقريش فأهل البيت أولى منهم بذلك، لأنهم امتازوا عنهم بخصوصيات لا يشاركهم فيها بقية قريش...
ثم أحق من يتمسك به منهم إمامهم وعالمهم علي بن أبي طالب كرم الله وجهه لما قدمناه من مزيد علمه ودقائق مستنبطاته، ومن ثم قال أبو بكر (رضي الله عنه): علي عترة
____________