علي مني:
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): " علي مني وأنا من علي ولا يؤدي عني إلا أنا أو علي ".
وفي صحيح البخاري: " أنت مني وأنا منك " وفي المجمع الأوسط للطبراني " من فارق عليا فقد فارقني إن عليا مني وأنا منه " (1).
" بديهة أن محمدا ليس أبا أو ابنا لعلي، وأنما صح أن يقول له: أنت مني، لأن محمدا غرس روحه بروح علي، وقلبه بقلب علي، وعقله بعقل علي، وعلمه بعلم علي، وإيمانه بإيمان علي، وشمائله بشمائل علي، وإلا لم يصح قوله: أنت مني وأنا منك، لأن محمدا لم يكن أبا ولا أبنا لعلي، أجل قد اختاره لأخوته من دون أصحابه أجمعين بعد أن صاغه كما يريد " (2).
قالت عائشة لرجل وهو آخذ بخطام جملها - يوم الجمل - أين ترى عليا، قال: ها هو ذا واقف رافع يديه إلى السماء. فقالت: ما أشبهه بأخيه " (3) أي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).
النبي يوصي باتباع علي:
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): " من سره أن يحيا حياتي ويموت مماتي ويسكن جنة عدن غرسها ربي، فليوال عليا وليوال وليه، وليقتدي بالأئمة من ولده من بعدي فإنهم
____________
1 - صحيح البخاري: كتاب المناقب، باب مناقب علي بن أبي طالب، وراجع: مسند أحمد: 5 / 356.
مستدرك الحاكم: 3 / 111. سنن ابن ماجة: 1 / 44. صحيح الترمذي: 5 / 635. خصائص أمير المؤمنين، النسائي: ص 20. تاريخ دمشق: 2 / 378. المناقب، الخوارزمي: ص 79. مناقب الإمام علي، ابن المغازلي: ص 221. ينابيع المودة: ص 55 و 180 و 181 و 371. الصواعق المحرقة: 120. تذكرة الخواص، سبط ابن الجوزي: ص 36. مصابيح السنة، البغوي: 2 / 275. جامع الاصول، ابن الأثير:
9 / 471. الجامع الصغير، السيوطي: 2 / 56. الرياض النضرة: 2 / 229. مطالب السؤول: 18...
2 - عقليات إسلامية، محمد جواد مغنية: ص 315.
3 - المحاسن والمساوي: 1 / 35.
وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): " من أحب أن يحيا حياتي ويموت ميتتي ويدخل الجنة التي وعدني ربي، وهي جنة الخلد فليتول عليا وذريته من بعده، فإنهم لن يخرجوكم باب هدى ولن يدخلوكم باب ضلالة " (2).
إن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) في قوليه السابقين يجعل فوز الإنسان ودخوله الجنة بموالاة علي وولده، لا بموالاة اعدائه وقاتلي ولده!!
وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) للأنصار: " يا معشر الأنصار ألا أدلكم على ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدا؟ قالوا: بلى يا رسول الله.
____________
1 - حلية الأولياء: 1 / 86. شرح النهج، ابن أبي الحديد: 9 / 170. كفاية الطالب، الكنجي الشافعي:
ص 214. مجمع الزوائد: 9 / 108. تاريخ دمشق، ابن عساكر: 2 / 95. ينابيع المودة: ص 126 و 313.
فرائد السمطين: 1 / 53. كنز العمال: 12 / 104 حديث رقم 34198. إحقاق الحق: 5 / 111. ملحق المراجعات: ص 331. منقبة المطهرين، ابي نعيم (مخطوط). التدوين، الرافعي (مخطوط)، ورواه المتقي عن الطبراني. تحقيق الإشارة، عبدالحق الدهلوي، راجع خلاصة عبقات الأنوار، علي الحسيني الميلاني: ص 82 - 183.
2 - ذكر هذا الحديث ابن حجر في الإصابة: 3 / 20، في ترجمة زياد بن مطرف راوي الحديث. وقد عد يحيى ابن يعلى المحاربي - أحد رجال السند - " واه " مع ان يحيى هذا احتج به البخاري ومسلم في صحيحيهما راجع: الجمع بين رجال الصحيحين: القيسراني، 2 / 5465.
وراجع: كنز العمال: 6 / 155 حديث رقم 578، ومنتخب الكنز بهامش مسند أحمد: 5 / 32.
المناقب، الخوارزمي: ص 34. ينابيع المودة: ص 149 و 150. الإصابة، ابن حجر: 1 / 541. وراجع مستدرك الحاكم: 3 / 128 وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وأخرجه الطبراني في الكبير وأبو نعيم في فضائل الصحابة. حلية الأولياء: 4 / 349 - 350. ترجمة الإمام علي من تاريخ دمشق، ابن عساكر:
2 / 99. مجمع الزوائد: 9 / 108. فرائد السمطين: 1 / 55. إحقاق الحق: 5 / 108. فضائل الخمسة:
2 / 213. ملحق المراجعات: ص 331.
وقال (صلى الله عليه وآله وسلم) لأصحابه: " أوصي من آمن بي وصدقني بولاية علي بن أبي طالب فمن تولاه فقد تولاني، ومن تولاني فقد تولى الله، ومن أحبه فقد أحبني، ومن أحبني فقد أحب الله، ومن أبغضه فقد ابغضني، ومن أبغضني فقد أبغض الله " (3).
وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): " في كل خلف من أمتي عدول من أهل بيتي، ينفون عن هذا الدين تحريف الضالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين، ألا وإن أئمتكم وفدكم إلى الله، فانظروا من توفدون " (4).
____________
1 - أخرجه الطبراني في الكبير وهو حديث رقم 2625 من الكنز: 6 / 157. شرح النهج: 9 / 170. حلية الأولياء: 1 / 63. مجمع الزوائد: 9 / 132. كفاية الطالب: ص 210. ينابيع المودة: ص 313. الرياض النضرة: 2 / 233. مطالب السؤول: 1 / 60. فرائد السمطين: 1 / 197.
2 - أخرجه الطبراني في الكبير، الكنز: 6 / 154. تاريخ دمشق، ابن عساكر: 2 / 93. مناقب علي، ابن المغازلي الشافعي: ص 230. مجمع الزوائد: 9 / 108. ينابيع المودة: ص 282. منتخب الكنز بهامش المسند: 5 / 32. فرائد السمطين. إحقاق الحق: 6 / 434 - 437. فضائل الخمسة: 2 / 202. ملحق المراجعات: ص 331 - 332.
3 - أخرجه الملا في سيرته. الصواعق المحرقة: 2 / 441. ينابيع المودة: ص 226 و 326 و 327.
ذخائر العقبى: ص 17. ملحق المراجعات: ص 332.
الأدلة من القرآن
أولئك هم خير البرية:
لما نزل قول الله تعالى: (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية) (1).
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): " يا علي هم أنت وشيعتك " (2) وفي رواية زاد: لهم الفائزون يوم القيامة.
وقول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) هذا، خير دليل على أن الناجين هم شيعة آل البيت (عليهم السلام).
واعتصموا بحبل الله جميعا:
قال تعالى: (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا) (3).
____________
1 - البينة: 7.
2 - راجع شواهد التنزيل، الحاكم الحسكاني الحنفي: 2 / 356 - 366 حديث 125 - 148. الصواعق المحرقة، ابن حجر الشافعي: 2 / 468. الدر المنثور، السيوطي: 6 / 379. تفسير الطبري: 3 / 146.
فتح القدير، الشوكاني: 5 / 477. روح المعاني، الآلوسي: 30 / 207. كفاية الطالب، الكنجي الشافعي: ص 244 - 246. المناقب، الخوارزمي الحنفي: ص 62 و 187. الفصول المهمة، ابن الصباغ المالكي: ص 107. نظم درر السمطين، الزرندي الحنفي: ص 92. ترجمة الإمام علي بن أبي طالب من تاريخ دمشق، ابن عساكر الشافعي: 2 / 442 ح 951. ينابيع المودة، القندوزي الحنفي: 62 و 74 و 270.
نور الأبصار، الشبلنجي الشافعي: ص 71 و 102. تذكرة الخواص، سبط ابن الجوزي: 18. فرائد السمطين: 1 / 156. ملحق المراجعات: ص 348. وفي كتاب التشيع، عبد الله الغريفي نقل قول النبي هذا عن: جواهر العقدين للسمهودي (مخطوط) " العقد الثامن، الذكر الثاني ص 18 "). توضيح الدلائل في تصحيح الفضائل، شهاب الدين أحمد: ص 505 (مخطوط). أنساب الأشراف، البلاذري: 2 / 182 رقم 215. إستجلاب إرتقاء الغرف، السخاوي: ص 66 (مخطوط).
3 - آل عمران: 103.
وقد فسرت بعض الروايات حبل الله بآل البيت (1).
وفي هذا يقول الإمام الشافعي:
فاسألوا أهل الذكر:
قال تعالى: (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) (3).
____________
1 - راجع: روح المعاني، الآلوسي: 4 / 16. الصواعق المحرقة: 2 / 444. شواهد التنزيل، الحاكم الحسكاني: 1 / 30، 177 - 180. الإتحاف بحب الأشراف، الشبراوي الشافعي: ص 76. نور الأبصار، الشبلنجي الشافعي: ص 102. إسعاف الراغبين، الصبان الشافعي: ص 107.
ملحق المراجعات: ص 341.
2 - يوجد في رشفة الصادي، أبي بكر شهاب الدين الشافعي: ص 15. راجع: شواهد التنزيل، الحاكم الحسكاني 1 / 259، 350 - 356. كفاية الطالب، الكنجي الشافعي: ص 236. تاريخ دمشق، ابن عساكر 2 / 421، 923. تذكرة الخواص، السبط ابن الجوزي: ص 16. المناقب، الخوارزمي الحنفي:
ص 198. فتح القدير، الشوكاني: ص 414. الصواعق المحرقة: ص 150. الدر المنثور 3 / 390. روح المعاني 11 / 41. ملحق المراجعات: ص 342.
3 - النحل: 43.
الحق لا يعقل هذا لأن الله ذم الاختلاف والفرقة في قرآنه كما بينا سابقا. وأئمة آل البيت متفقون لا اختلاف بينهم، فتصدق الآية عليهم!
ولو افترضنا أن أهل الذكر هم علماء الأمة، فيدخل أئمة آل البيت معهم لأنهم سادة العلماء.
كونوا مع الصادقين:
قال تعالى (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين) (2).
قال سبط ابن الجوزي: " قال علماء السير: معناه كونوا مع علي وأهل بيته قال ابن عباس: علي سيد الصادقين " (3).
في هذه الآية يأمرنا الله بأن نكون مع الصادقين على الإطلاق، ولكن أليس من الممكن أن يصدر منهم خطأ فنتابعهم فيه؟! فكيف يأمر الله بمتابعة من علم أنه سيخطئ؟!
____________
1 - تفسير القرطبي: 11 / 272. تفسير الطبري: 14 / 75. تفسير ابن كثير: 2 / 591. شواهد التنزيل، الحاكم الحسكاني: 1 / 334 حديث 459 و 460 و 463 - 466. ينابيع المودة: ص 51 و 140. روح المعاني: 14 / 134. تفسير الثعلبي. ملحق المراجعات: ص 342 وذكر نزولها في آل البيت مؤمن الشيرازي في المستخرج من التفاسير الاثني عشر. راجع: إحقاق الحق: 3 / 482.
2 - التوبة: 119.
3 - تذكرة الخواص ص 10، وراجع نزول الآية في آل البيت الدر المنثور: 3 / 290. فتح القدير، الشوكاني: 2 / 295. روح المعاني: 11 / 41. تفسير الثعلبي (مخطوط): ص 219. ينابيع المودة:
ص 119. كفاية الطالب: ص 111.
ومن المعلوم أن الذي يكذب، ولو مرة في حياته، لا يسمى صادقا، كما أن الذي يقتل ولو مرة، لا يفارقه لقب قاتل، فلا ينطبق وصف الصادقين إلا على أئمة آل البيت الذين عصمهم الله وأذهب عنهم الرجس، كما سيأتي ذكره.
وقول الله (كونوا مع الصادقين) أمر لجميع المؤمنين في جميع أماكنهم وأزمانهم بأن يكونوا مع الصادقين لذلك وجب وجود أحد الصادقين في كل زمن (2) وإلا كيف يأمر الله بأن يكون المؤمنون مع رجل غير موجود؟! وهذا ينطبق على ما قاله الإمامية من ان الزمن لا يخلو من إمام عدل للقرآن!! فهل سنمتثل لأمر الله؟
أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم:
قال تعالى: (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) (3).
أولوا الأمر في هذه الآية هم آل البيت (عليهم السلام) (4).
لقد أمرنا الله بطاعة أولي الأمر على الإطلاق، كطاعته وطاعة رسوله، وهذا الإطلاق يفيد بعصمة أولي الأمر. يقول الفخر الرازي: " إن الله تعالى أمر بطاعة أولي الأمر على سبيل الجزم في هذه الآية، ومن أمر الله بطاعته على سبيل الجزم والقطع
____________
1 - التستري في إحقاق الحق: 3 / 301.
2 - وهذا ما ذهب إليه الرازي في تفسيره للآية.
3 - النساء: 59.
4 - راجع شواهد التنزيل، الحاكم الحسكاني: 1 / 148 حديث 202 - 204. تفسير الرازي: 4 / 113.
ينابيع المودة: ص 134 و 137. فرائد السمطين: ص 314 و 250. إحقاق الحق: 3 / 424. ملحق المراجعات: ص 342. تفسير البحر المحيط، أبي حيان الأندلسي: 3 / 278. تفسير النيسابوري بهامش تفسير الطبري: 5 / 79.
وفسر أهل السنة أولي الأمر بتفسيرات، منها: أنهم الأمراء، أو العلماء وإذا رجعنا للقرآن نجده قد قرب لنا معنى أولي الأمر، قال تعالى: (ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم) (2) والاستنباط من صفات العالم فيخرج الأمراء منه إلا إذا كانوا علماء قادرين على الاستنباط.
فينحصر تفسير أولي الأمر بعلماء الأمة وأئمة آل البيت. والأول لا يصح لأن علماء الأمة مختلفون. ولا يأمر الله بالرجوع للمختلفين. لأن الحق لا يكون في جميع أقوالهم. فأي واحد من علماء الأمة نطيع، وهم متناقضون؟! وعلى هذا التفسير يجب على مسلمي فلسطين، الهجرة من فلسطين، إطاعة لعالم الأمة الألباني، الذي أفتى بذلك.
وليس هناك مسلم يقبل بهذه الفتوى.
ويبقى الوجه الثاني وهو إن أولي الأمر هم أئمة آل البيت، الذين يجمعون السلطة السياسية والدينية، ويؤكد على هذا قول الرسول: " من أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصى الله ومن أطاع عليا فقد أطاعني ومن عصى عليا فقد عصاني " (3)
____________
1 - التفسير الكبير: 4 / 113.
2 - النساء: 83.
3 - الحاكم في المستدرك: 3 / 121 وصححه وكذا الذهبي في تلخيصه، ترجمة الإمام علي من تاريخ دمشق، ابن عساكر: 2 / 268. الرياض النضرة: 2 / 220. ينابيع المودة: ص 205 و 257. ذخائر العقبى:
ص 66. فرائد السمطين: 1 / 179.
إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت:
قال تعالى: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) (2).
أخرج مسلم في صحيحه قالت عائشة: " خرج النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) غداة وعليه مرط مرحل من شعر أسود، فجاء الحسن بن علي فأدخله، ثم جاء الحسين فدخل معه، ثم جاءت فاطمة فأدخلها ثم جاء علي فأدخله. ثم قال: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) " (3).
____________
1 - الأحزاب: 33.
2 - صحيح مسلم: كتاب فضائل الصحابة، باب فضائل أهل بيت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم). صحيح الترمذي:
5 / 663. مسند أحمد: 1 / 330. المستدرك على الصحيحين 3 / 133 و 146 و 147 و 158 و 2 / 416.
تلخيص المستدرك، الذهبي. المعجم الصغير، الطبراني 1 / 65 و 135. شواهد التنزيل، الحاكم الحسكاني 2 / 11 - 92. خصائص أمير المؤمنين، النسائي: ص 4. ترجمة الإمام علي من تاريخ دمشق 1 / 185. كفاية الطالب، الكنجي الشافعي: ص 54 و 372 - 375، وقد صححه، أسد الغابة 2 / 12 و 20. ذخائر العقبى: ص 21 و 23 و 24. أسباب النزول، الواحدي: ص 203. المناقب، الخوارزمي:
ص 23 و 224. تفسير الطبري ص 22 / 6 - 8. الدر المنثور 5 / 198 و 199. أحكام القرآن، الجصاص 5 / 230. مناقب علي، ابن المغازلي: ص 301. مصابيح السنة، البغوي 2 / 278. مشكاة المصابيح، العمري 3 / 254. تفسير الكشاف 1 / 193. أحكام القرآن، ابن العربي 2 / 166. تفسير القرطبي 14 / 182. تفسير ابن كثير 3 / 483 - 485. الإصابة، ابن حجر 2 / 502 و 4 / 367. الإتقان في علوم القرآن، السيوطي 4 / 240. الصواعق المحرقة: 2 / 422...
ويروى أن جبرائيل وميكائيل شاركوا أهل البيت، في الدخول تحت الكساء (1). وبعد نزول الآية كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يمر بباب فاطمة إذا خرج إلى صلاة الفجر ويقول: " الصلاة يا أهل البيت إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا " (2).. ".
وعن أبي الحمراء قال: رابطت المدينة سبعة أشهر على عهد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال:
رأيت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا طلع الفجر جاء إلى باب علي وفاطمة، فقال: الصلاة الصلاة إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا (3) لقد حدد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في أقواله السابقة أهل بيته وهم: علي، فاطمة، الحسن والحسين (عليهم السلام) ومع ذلك نجد من يضيف زوجات النبي لآل البيت! وقد رد هذا من وجوه:
أولا: كان الخطاب قبل آية التطهير موجه لنساء النبي (يا نساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن فلا تخضعن...) (4) فجاء الخطاب بضمير التأنيث، كما
____________
1 - الصواعق المحرقة: 2 / 427.
2 - مستدرك الحاكم: 3 / 158 وصححه. شواهد التنزيل: 2 / 11. الدر المنثور: 5 / 199. تفسير الطبري:
21 / 6. مجمع الزوائد: 9 / 168. أسد الغابة: 5 / 521. أنساب الأشراف: 2 / 104. الفصول المهمة، ابن الصباغ: ص 8. تفسير ابن كثير: 3 / 483 و 484. تلخيص المستدرك: 3 / 158. ينابيع المودة:
ص 193 و 230. مسند أحمد: 3 / 259 و 285. منتخب كنز العمال بهامش المسند: 5 / 96. فتح البيان، صديق حسن خان: 7 / 365. مطالب السؤول: 1 / 19. راجع ملحق المراجعات: ص 338.
3 - تفسير الطبري: 22 / 6.
4 - الأحزاب: 32.
ثانيا: إن الروايات فسرت الآية، وحددت آل البيت بعلي، وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام)، كما روى ذلك مسلم في صحيحه وأئمة الحديث. فما لنا لا نرضى بتفسير النبي ونأبى إلا أن نضيف عليه؟ فالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: " اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا " وهذه أم سلمة مع جلالة شأنها أخرجها النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من دائرة آله وقال لها: إنك على خير. فهل ترى أوضح من هذا الأمر؟ وهل يصح لإنسان أن يضيف على كلام النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من عنده؟!
وبقي النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يمر على بيت علي وفاطمة (عليهما السلام) إذا خرج إلى صلاة الفجر ويقول:
الصلاة يا أهل البيت الصلاة... إنما يريد الله... الآية. واستمر على هذا الفعل ستة أشهر ليؤكد للناس على أن هؤلاء أهل بيته فقط، وليعرفوا قدرهم عند الله.
ثالثا: إن نساء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يروين هذه الروايات ولم يقلن انهن من آل البيت.
فلماذا نوجب لنساء النبي ما لم يوجبن لأنفسهن؟!
رابعا: إن الآية قاضية بإذهاب الرجس الذي هو الذنوب والآثام عن آل البيت.
ونساء النبي ارتكبن مخالفات، كعائشة التي جهزت جيشا لمحاربة علي بن أبي طالب (عليه السلام) فقتل بذلك ثلاثون ألفا. فلو كانت الآية شاملة لنساء النبي، لما حدث من عائشة ما حدث، والإرادة في الآية غير تشريعية، فمحال أن يتخلف مراد الله عما يريده.
وإذا عدنا للآية، فسنرى أن الله أذهب الرجس عن آل البيت، والرجس هو الذنوب والآثام، كما في الكشاف للزمخشري. والتطهير هو التنزيه من كل ألوان المعاصي والذنوب. قال الرازي: (ليذهب عنكم الرجس) أي يزيل عنكم الذنوب (1).
____________
1 - التفسير الكبير: 9 / 168.
والرجس اسم يقع على الإثم والعذاب وعلى النجاسات والنقائص، فأذهب الله جميع ذلك عن أهل البيت (1).
فالآية حسب كلام هؤلاء الأعلام، تفيد عصمة آل البيت، فالله أذهب عن آل البيت الذنوب والآثام، وطهرهم من كل ألوان المعاصي.
وإذا لم تفد العصمة، فما فائدة الحصر فيها ب " إنما "؟ إن الله يريد أن يذهب الرجس عن كل إنسان. فلم خص آل البيت هنا دون الناس؟! إن إرادة إذهاب الرجس عن كل إنسان إرادة تشريعية، أما الإرادة في آية التطهير فهي إرادة تكوينية، أو بين بين " توفيقية "، وفي النوع المذكور من الإرادة محال أن تتخلف إرادة الله عما يريد، ولذلك تثبت عصمة آل البيت.
ونلاحظ أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قدم هذه الكوكبة على سائر السلف من الصحابة ولم يقدم فلانا ولا فلانة... لذا لا يصح أن نقدم عليهم من أخره الله عنهم!
قل تعالوا ندع أبناءنا...:
قال تعالى: (فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين) (2).
____________
1 - تفسير الطبري: 21 / 5.
2 - آل عمران: 61.
قال الرازي: " واعلم أن هذه الرواية كالمتفق على صحتها بين أهل التفسير والحديث " (1).
إن اختيار الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) لهذه الثلة دون سواهم من أهل الفضل من السلف الصالح، ليدل دلالة واضحة على تميزهم عنهم وعظم شأنهم عند الله ورسوله.
فرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يسلط الضوء عليهم، ويشركهم مع نفسه في كل شئ، حتى يبين للناس أن هؤلاء هم أهل الرسالة، وأولى الخلق بها بعد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).
____________
1 - تفسير الرازي: 3 / 247، وراجع صحيح مسلم: كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل علي بن أبي طالب. صحيح الترمذي: 5 / 638. شواهد التنزيل: 1 / 120 - 129. المستدرك: 3 / 150 وصححه. تلخيص المستدرك. مناقب علي، ابن المغازلي: ص 263. مسند أحمد: 1 / 185. كفاية الطالب، الكنجي الشافعي: ص 54 و 85 و 142. ترجمة الإمام علي من تاريخ دمشق: 1 / 21. تفسير الطبري: 3 / 299 - 301 و 3 / 192. الكشاف: 1 / 368 - 370. تفسير ابن كثير: 1 / 370 - 371.
تفسير القرطبي: 4 / 104. أحكام القرآن، الجصاص: 2 / 295 - 296. أسباب النزول، الواحدي:
ص 59. أحكام القرآن، ابن العربي: 1 / 275. التسهيل لعلوم التنزيل، الكلبي: 1 / 109. فتح البيان في مقاصد القرآن: 2 / 72. زاد المسير، ابن الجوزي: 1 / 399. فتح القدير، الشوكاني: 1 / 347. الدر المنثور: 2 / 38 - 39. تفسير البيضاوي: 2 / 22. تفسير الخازن: 1 / 302. راجع ملحق المراجعات:
ص 339 - 340.
" بقي مما دلت عليه الآية من خصائص علي (عليه السلام)، فضل تضمحل دونه الخصائص، وتفنى في جنبه الفضائل والمناقب، ألا وهو كونه نفس النبي (ص) وجاريا بنص الآية مجراه الفضل الذي تعنو له الجباه بخوعا، وتطامن لديه المفارق خشوعا، ويملأ الصدور هيبة واجلالا، وتصاغر دونه الهمم يأسا، من بلوغ مداه (ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم) (1).
وأنت هداك الله إذا عرفت أن الله تبارك وتعالى قد أنزل نفس النبي وأجراها في محكم الذكر مجراها، لا ترتاب حينئذ في أنه أفضل الأمة وأولاها بالرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) حيا وميتا " (2).
" ولا شك أن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) أفضل الناس، اتفاقا، ومساوي الأفضل أفضل " (3)!
قال الزمخشري: " وقدمهم في الذكر على الأنفس لينبه على لطف مكانهم، وقرب منزلتهم، وليؤذن بأنهم مقدمون على الأنفس، مفدون بها، وفيه دليل لا شئ أقوى منه على فضل أصحاب الكساء (عليهم السلام) " (4).
إن الآية التي نحن بصددها، فيها دليل واضح على أن آل البيت هم خلفاء الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) في التبليغ والقيادة. فعند التمعن في الآية نجد أن الموقف، موقف تحد
____________
1 - الجمعة: 4.
2 - الكلمة الغراء في تفضيل الزهراء، شرف الدين: ص 14.
3 - التستري في إحقاق الحق: 3 / 66.
4 - الكشاف: 1 / 434.
النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) رمز للإسلام، وأولئك رمز الكفر. فاختار الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) آل بيته (عليهم السلام) من دون السلف الصالح، لينبه على أن هؤلاء هم رموز الإسلام. فكان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وآل بيته يمثلون الإسلام، والنصارى يمثلون الكفر، وهذه الصورة وحدها كافية لتعطينا موقع آل البيت في الإسلام. وهكذا لن تفلح هذه الأمة إلا إذا جعلت آل البيت قدوتها، ورأسها، وقلبها.
ألا ترى أن مهدي آخر الزمان - المتفق على ظهوره - والذي يملأ الأرض عدلا، ويعيد الإسلام - كما كان على عهد النبي - من آل البيت؟!
وثمة أمر آخر وهو هل يجوز لنا نحن المسلمين أن نستبدل القرآن بكتاب آخر، ونستقي منه تعاليم ديننا؟! ليس هناك مسلم يجيز هذا.
إذن، فكما لا يجوز تقديم كتاب آخر على القرآن كذلك لا يجوز تقديم أحد على أشقاء القرآن، الذين لن يفترقوا عنه أبدا!
ونلاحظ أن الله جعل عليا (عليه السلام) نفس النبي (صلى الله عليه وآله وسلم). فكيف يقال إن هناك من هو أفضل من نفس النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)؟! وكلمة " أنفسنا " جعلت عليا خير من يمثل الرسول في حياته وبعد مماته. فكما أهله الله لتمثيل الإسلام ضد الشرك في حياة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كذا بعد مماته، ولا فرق.
وبما أن عليا نفس النبي، فلا يجوز تقديم أحد عليه، لقول الله تعالى: (ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب أن يتخلفوا عن رسول الله ولا يرغبوا بأنفسهم عن نفسه) (1)! وتقديم أي شخص على علي (عليه السلام)، هو تقديمه ضمنا على الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، إذ إن عليا نفس الرسول، بلا خلاف!
____________
1 - التوبة: 120.
قل لا أسألكم عليه أجرا...:
قال تعالى: (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) (1).
المقصود بالقربى في هذه الآية، أصحاب الكساء: علي، فاطمة، الحسن والحسين.
عن ابن عباس: لما نزلت هذه الآية قالوا: يا رسول الله من قرابتك هؤلاء، الذين وجبت علينا مودتهم؟ قال: " علي وفاطمة وولداهما " (2).
إنه لشرف عظيم أن تكون مودة آل البيت، أجرا لأعظم رسالة " وإنما ثبتت لهم هذه المنزلة من الله (3) لأنهم خلفاؤه في أرضه، وأولياؤه في بسطه وقبضه، وحججه البالغة، ومناهل شرائعه السائغة، وأمناؤه بعد النبي على وحيه، وسفراؤه في أمره ونهيه، فالمحب لهم بسبب ذلك محب لله، والمبغض لهم مبغض لله.... " (4).
لقد أمرنا الله بمودة ذوي القربى، على الإطلاق. ولو فرضنا أنه وقع منهم معصية، فيجب ترك مودتهم، ولكن الله يعلم أنهم (لايعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون) (5)، فأوجب مودتهم في أحوالهم كلها.
____________
1 - الشورى: 23.
2 - راجع: تفسير ابن كثير: 4 / 122. تفسير الطبري: 25 / 16. تفسير الزمخشري: 3 / 467. تفسير القرطبي: 16 / 22. فتح القدير، الشوكاني: 4 / 537. تفسير الدر المنثور: 7 / 348. تفسير النسفي:
4 / 105. وراجع: المستدرك: 3 / 172. تلخيص المستدرك. شواهد التنزيل: 2 / 130. مناقب علي، ابن المغازلي: ص 307. ذخائر العقبى، الطبري: 25 / 138. الصواعق المحرقة: ص 101 و 135 و 136.
مطالب السؤول: ص 8. كفاية الطالب، الكنجي: ص 91 و 3 و 313. الفصول المهمة، ابن الصباغ: 11.
مقتل الحسين، الخوارزمي: 1 / 21. الإتحاف، الشبراوي الشافعي: ص 5 و 13. إحياء الميت، السيوطي بهامش الإتحاف: ص 110. نظم درر السمطين: ص 24. نور الأبصار: ص 102. مجمع الزوائد:
ص 7 / 103 و 9 / 168. فتح البيان في مقاصد القرآن، صديق حسن خان: 8 / 372. ينابيع المودة:
106 و 194 و 261. حلية الأولياء: 3 / 201. ملحق المراجعات: 338 - 339.
3 - الكلمة الغراء.
4 - التحريم: 6.
صحيح إن الله قادر أن يأتي بهذه التعابير ولكنه يريد منا أكثر من الاتباع والطاعة. يريد الطاعة مع المودة. فالإنسان قد يتبع شخصا ما ويطيعه وهو كاره له.
فالتعبير بالمودة يستلزم ود ذوي القربى، بالإضافة إلى اتباعهم!
أما مصاديق هذه المودة فلا نجدها إلا عند شيعة آل البيت. يقول الشيخ الصبان المالكي: " فالزم يا أخي محبتهم - آل البيت - ومودتهم واحذر عداوتهم... و (اعلم) أن المحبة المعتبرة الممدوحة، هي ما كانت مع اتباع سنة المحبوب!! إذ مجرد محبتهم من غير اتباع لسنتهم، لا تفيد مدعيها شيئا من الخير، بل تكون عليه وبالا وعذابا في الدنيا والآخرة، على أن هذه ليست محبة في الحقيقة، إذ حقيقة المحبة الميل إلى المحبوب وإيثار محبوباته ومرضياته على محبوبات النفس ومرضياتها، والتأدب بأخلاقه وآدابه ".
وقال بعد أن ذكر عدة أحاديث في حب آل البيت:
" علم من الأحاديث السابقة، وجوب محبة أهل البيت، وتحريم بغضهم، التحريم الغليظ، وبلزوم محبتهم صرح البيهقي والبغوي بل نص عليه الشافعي " (1).
أجل إن حب آل البيت، هو عند أتباعهم، أما الآخرون فلا نجد عندهم الحب بمعناه الحقيقي. وعداء آل البيت وبغضهم، بدأ من بعض السلف، فحروبهم لعلي، وقتلهم لأبناء الرسالة، ولعنهم لعلي على المنابر نحو ستين سنة... يدل دلالة واضحة على بغض قسم من السلف لذوي القربى. حتى أن عليا (عليه السلام) لم يكن معدودا من الخلفاء، عندهم، حتى ألحقه أحمد بن حنبل بهم (2).
____________
1 - إسعاف الراغبين بهامش نور الأبصار: ص 128 - 129.
2 - طبقات الحنابلة، راجع الشيعة هم أهل السنة للتيجاني السماوي.
إن حب الله وحب الشيطان، لا يجتمعان، وحب موسى وحب فرعون متناقضان، وحب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وحب مسيلمة لا يلتقيان. وكذلك حب آل البيت وحب أعدائهم.
فحب غير الشيعة لآل البيت، مجرد لقلقة لا أثر لها. فهم يحبونهم ويحبون أعداءهم. ولا اعتقد أن حبهم يرضي الحبيب، أو يرضي الله الذي فرض مودتهم على جميع الخلق.
فليراجع الإنسان حساباته قبل أن يقال: ضعوا الأقلام!
إن الله وملائكته يصلون على النبي...:
قال تعالى: (إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين امنوا صلوا عليه وسلموا تسليما) (1).
لما نزلت هذه الآية، قال الصحابة: يا رسول الله، أما السلام عليك، فقد عرفناه، فكيف الصلاة عليك؟ قال: " قولوا اللهم صل على محمد وآل محمد، كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد، وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم،
____________