نلاحظ أن الله أمر نبيه بإنذار عشيرته الأقربين، فكيف يدعو النبي قريشا وهم ليسوا عشيرته الأقربين؟! هذا أولا.
ثانيا: هلا قلت لنا يا صاحب البينات كيف علم أبو هريرة بمجرى الحادثة التي ذكرت مع أنه أسلم بعد نزول آية الإنذار بسبعة عشر عاما؟!!
وكذلك ابن عمر، كان عمره قرابة السنة!! عند نزول هذه الآية!!
وإن كان الصحابة يرسلون الروايات عن بعضهم بعضا، لكن المفروض عليهم أن يرسلوها عن علي كما أوردناها، وكما أرسلها ابن عباس، وهذا يؤكد لنا عدم صحة هذه الرواية، فالكذب حبائله ضعيفة وثغراته كثيرة.
وأمامنا ثغرة أخرى فقد ذكر صاحب البينات أن الرسول قال: " يا فاطمة بنت محمد أنقذي نفسك من النار " فكيف يخاطب الرسول بنتا لم تولد بعد؟!! ففاطمة (عليها السلام) حسب روايات آل البيت - وآل البيت بالذي فيه أعلم - ولدت في السنة الخامسة من البعثة أي بعد نزول هذه الآية بسنتين. وحتى على روايات أهل السنة يبقى الإشكال قائما، فعندهم أن فاطمة (عليها السلام) ولدت في سنة احدى وأربعين من مولد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) (1)، أو قبل البعثة بخمس سنين.
وعلى فرض انها ولدت قبل البعثة بخمس سنين فيكون عمرها عند نزول الآية، ثمان سنوات. فكيف يخاطب الرسول بنتا بهذا العمر، وسط حشود الناس والزعماء الكبار؟! وهي غير مكلفة، ولا يجري عليها الخطاب ولا العتاب. وفي الفقه السني إن البنت تخاطب بالتكاليف الشرعية إذا بلغت خمسة عشر عاما!!
ألاحظتم مواطن الضعف في هذه الرواية؟! إن هذا من المضحكات يا صاحب البينات (2)!
____________
1 - الاستيعاب: 4 / 1893.
2 - وكان الأجدر بك تسمية كتابك ب: المضحكات في الرد على بينات المراجعات!! وقد تصدى السيد علي الميلاني للرد على كتاب البينات في كتابه " تشييد المراجعات وتفنيد المكابرات ".
سند الحديث:
لو نظرنا في سند الحديث، لوجدنا رواته كلهم ثقات، إلا أن علماء الحديث ضعفوا أبا مريم الأنصاري، أحد رجال السند، ولم تكن تهمته إلا أنه أدى أجر الرسالة المحمدية فود ذوي القربى. فذنب الرجل أنه تمسك بالثقلين. نعم كان لا بد من الطعن به، لأن تعديله يعني صحة الحديث...
وهذا ديدن علماء الحديث، في التعامل مع فضائل آل البيت، وقد أشار لها ابن قتيبة حيث قال: " وإن ذكر قول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): " من كنت مولاه " و " أنت مني بمنزلة هارون من موسى " واشباه هذا، التمسوا لتلك الأحاديث الصحاح المخارج، لينقصوه ويبخسوه حقه، وهذا هو الجهل بعينه ".
وقال أحمد محمود صبحي: " لما كان أهل الظاهر والسلفيون يوالون معاوية فإنه لم يكن لديهم مفر عن اختيار: إما ترك هذه الموالاة، أو القدح بشتى الوسائل في الحديث، وبالرغم من أنه من المفروض أن تخضع العقائد للنصوص، إلا أن كثيرا من أصحاب المذاهب قد اخضعوا الأحاديث لأهوائهم ومذاهبهم " (1).
ومع طعن الطاعنين بأبي مريم، فقد اثنى عليه وأطراه الحافظ ابن عقدة كما في لسان الميزان. وقال ابن حجر فيه: " كان ذا اعتناء بالعلم وبالرجال "، وقال شعبة: " لم أر أحفظ منه ".
وكفى الرجل فخرا أنه صحب ثلاثة من أئمة آل البيت هم: علي بن الحسين ومحمد بن علي وجعفر بن محمد.
وهو ثقة عند الإمامية باتفاق. فيكون الحديث صحيحا عند الأحرار المنصفين.
____________
1 - راجع روح التشيع، عبد الله نعمة: ص 152 - 153.
حديث الغدير:
حينما كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في طريق العودة من حجة الوداع في الثامن عشر من ذي الحجة وفي مكان يقال له غدير خم نزل عليه (1) قول الله تعالى:
____________
1 - راجع: أسباب النزول للواحدي النيسابوري: 115، الدر المنثور: 2 / 298، فتح القدير للشوكاني: 2 / 60، تفسير الفخر الرازي: 12 / 50، الملل والنحل للشهرستاني الشافعي: 1 / 163، ترجمة الإمام علي بن أبي طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر: 2 / 86، فتح البيان في مقاصد القرآن للعلامة السيد صديق حسن خان ملك بهوبال: 3 / 63، شواهد التنزيل للحاكم الحسكاني: 1 / 187، مطالب السؤول لابن طلحة: 1 / 44، الفصول المهمة لابن الصباغ: 25، ينابيع المودة: 120 و 249، فرائد السمطين للحمويني: 1 / 158.
والغدير للعلامة الأميني: 1 / 214 عن كتاب: الولاية في طرق حديث الغدير لابن جرير الطبري صاحب التاريخ المشهور، الأمالي للمحاملي، ما نزل من القرآن في أمير المؤمنين لأبي بكر الشيرازي، الكشف والبيان للثعلبي مخطوط، ما نزل من القرآن في علي لأبي نعيم الأصبهاني، كتاب الولاية لأبي سعيد السجستاني، تفسير الرسعني الموصلي الحنبلي، الخصائص العلوية للنطنزي، عمدة القاري للقسطلاني الحنفي: 8 / 584، مودة القربى للهمداني، شرح ديوان أمير المؤمنين للميبدي: 415 مخطوط، تفسير النيسابوري: 6 / 170، تفسير القرآن لعبد الوهاب البخاري عند تفسير آية المودة، الأربعين لجمال الدين الشيرازي، مفتاح النجا للبدخشي: 41 مخطوط، المصنف لابن أبي شيبة، مسند أحمد: 4 / 281، الحافظ أبو العباس الشيباني النسوي، الحافظ أبو يعلى الموصلي في مسنده، الطبري في تفسيره:
3 / 428، الحافظ ابن عقدة في كتاب الولاية الحافظ أبو عبد الله المرزباني في سرقات الشعر، الدارقطني حكاه عنه ابن حجر في الصواعق ص 26، الحافظ ابن بطة الحنبلي في كتاب الإبانة، الباقلاني في: التمهيد في أصول الدين: 171، الحافظ أبو سعيد الخركوشي في شرف المصطفى، الحافظ ابن مردويه في تفسيره، الحافظ ابن السمان الرازي راجع الرياض النضرة: 2 / 169. ورواه الحافظ البيهقي كما في الفصول.
المهمة لابن الصباغ: 25، درر السمطين، ورواه الخطيب البغدادي بسندين صحيحين، وابن المغازلي في المناقب، والعاصمي في زين الفتى، والسمعاني في فضائل الصحابة، والغزالي في سر العالمين: 9، الشهرستاني في الملل والنحل المطبوع في هامش الفصل. الخوارزمي في المناقب: 94. ابن الجوزي في المناقب. ابن الأثير في النهاية: 4 / 246. ابن الأثير الشيباني صاحب الكامل. الكنجي في كفاية الطالب:
16. سبط ابن الجوزي في تذكرته: 18. عمر بن محمد الملا في وسيلة المتعبدين. ولي الدين الخطيب في مشكاة المصابيح: 557. أبو الفداء في البداية والنهاية: 5 / 209 - 210. المقريزي في الخطط: 223.
القاضي الأذرعي في بديع المعاني: 57. السيوطي في جمع الجوامع كما في كنز العمال: 6 / 397. السمهودي في وفاء الوفا بأخبار دار المصطفى: 2 / 173. القسطلاني في المواهب اللدنية: 2 / 13. شهاب الدين الهمداني في مودة القربى. محمود الشيخاني القادري في الصراط السوي في مناقب آل النبي. المناوي في فيض القدير: 6 / 218. أحمد باكثير الشافعي في وسيلة المآل في عد مناقب الآل. الزرقاني في شرح المواهب: 7 / 13. حسام الدين السهارينوري في مرافض الروافض. البدخشاني في مفتاح النجا. محمد صدر العالم في معارج العلى. محمد الصنعاني في الروضة الندية شرف التحفة العلوية. أحمد زيني دحلان في الفتوحات الإسلامية: 2 / 306. محمد الشنقيطي المالكي في كفاية الطالب: 28.
وانظر تاريخ دمشق لابن عساكر: 2 / 50. المناقب، الخوارزمي: 94. الحاوي للفتاوي، السيوطي:
1 / 122، علم الكتاب، خواجة الحنفي: 161. راجع ملحق المراجعات: 403.
____________
1 - المائدة: 67.
____________
1 - وقد صحح الألباني هذا الحديث، وأكد أن طرفه الأول متواتر ورد قدح ابن تيمية فيه، راجع: سلسلة الأحاديث الصحيحة: المجلد السادس حديث رقم 2982. مسند أحمد: 4 / 281. مجمع الزوائد: 7 / 17 و 9 / 104 - 108. المستدرك: 3 / 116 و 371. الاستيعاب بهامش الإصابة: 3 / 36. الصواعق المحرقة وصححه: 25. كنز العمال: 15 / 138. تاريخ بغداد: 14 / 236 صفوة الصفوة، ابن الجوزي: 1 / 121.
البداية والنهاية 5 / 210. الكاف الشاف، ابن حجر العسقلاني 29. وراجع ترجمة الإمام من تاريخ دمشق:
1 / 211. خصائص أمير المؤمنين، النسائي: 96 و 100 و 104. كفاية الطالب، الكنجي الشافعي: 56 و 59 و 62. مناقب علي بن أبي طالب، ابن المغازلي: 16. شواهد التنزيل: 1 / 190 و 245 و 247 و 248. ينابيع المودة: 29 - 33 وصححه. أنساب الأشراف للبلاذري: 2 / 112. تاريخ اليعقوبي:
2 / 93. تاريخ الخلفاء، السيوطي: 169. تفسير الثعلبي (مخطوط). الاعتقاد على مذهب السلف، البيهقي: 195. حلية الأولياء: 5 / 26. ومصادر كثيرة أخرى، راجع ملحق المراجعات: 404 - 407.
2 - ترجمة الإمام علي بن أبي طالب من تاريخ دمشق، ابن عساكر الشافعي: 2 / 2 ح 548 و 549 و 550.
مسند أحمد بن حنبل: 4 / 281. المناقب، الخوارزمي الحنفي: 94. الفصول المهمة، ابن الصباغ المالكي:
24. الحاوي للفتاوي، السيوطي: 1 / 122. ذخائر العقبى: 67. فضائل الصحابة، السمعاني (مخطوط). تاريخ الإسلام، الذهبي: 2 / 197. علم الكتاب، خواجه الحنفي: 161. وذكره في نظم درر السمطين، الزرندي الحنفي: 109. ينابيع المودة، القندوزي الحنفي: 30 و 31 و 349. تفسير الفخر الرازي: 3 / 63. تذكرة الخواص، سبط ابن الجوزي: 29. مشكاة المصابيح: 3 / 246. فرائد السمطين، الحمويني: 1 / 77 باب 13. وذكره في الغدير: 1 / 272 عن المصنف، ابن أبي شيبة. المسند الكبير، أبي العباس الشيباني. المسند، أبي يعلى الموصلي. تفسير ابن مردويه. الكشف والبيان، الثعلبي. الرياض النضرة 2 / 169. المناقب، ابن الجوزي الحنبلي. الخصائص العلوية النطنزي. وسيلة المتعبدين، عمر بن محمد الملا. البداية والنهاية، ابن كثير: 5 / 212. الخطط، المقريزي: 223. بديع المعاني، الأذرعي الشافعي: 75. كنز العمال: 6 / 397. وفاء الوفا بأخبار دار المصطفى، السمهودي الشافعي: 2 / 173. الصراط السوي في مناقب آل النبي، محمود الشيخاني المدني. وسيلة المآل، الشيخ أحمد باكثير الشافعي. مفتاح النجا، البدخشي. نزل الأبرار له أيضا. الروضة الندية، الصنعاني. معارج العلى، الشيخ محمد صدر العالم، راجع ملحق المراجعات: ص 403 و 404 و 407.
فقال حينها النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): " الله أكبر على إكمال الدين، وإتمام النعمة، ورضى الرب برسالتي والولاية لعلي " (2).
فقال حسان بن ثابت: يا رسول الله، أتأذن لي أن أقول أبياتا؟ فقال: قل ببركة الله تعالى فقال:
____________
1 - المائدة: 3.
2 - ترجمة الإمام علي من تاريخ دمشق، ابن عساكر 2 / 75. شواهد التنزيل، الحاكم الحسكاني 1 / 157.
مناقب علي، ابن المغازلي: 19. تاريخ بغداد: 8 / 290. تفسير الدر المنثور: 2 / 259. الإتقان، السيوطي: 1 / 31. روح المعاني، الآلوسي: 6 / 55. المناقب، الخوارزمي: 80. تذكرة الخواص: 30.
تفسير ابن كثير: 2 / 14. مقتل الحسين، الخوارزمي. ينابيع المودة: 115. فرائد السمطين: 1 / 72 و 74 و 315. تاريخ اليعقوبي: 2 / 35 وصححه. وفي الغدير، الأميني: 1 / 230 عن كتاب الولاية، ابن جرير الطبري. مفتاح النجا، البدخشي (مخطوط). ما نزل من القرآن في علي، أبي نعيم. كتاب الولاية، أبي سعيد السجستاني. الخصائص العلوية، أبي الفتح النطنزي. توضيح الدلائل على تشريح الفضائل، شهاب الدين أحمد. تاريخ ابن كثير 5 / 210. كتاب النشر والطي، ونقله في إحقاق الحق عن المناقب، عبد الله الشافعي: 106 (مخطوط). أرجح المطالب، عبيدالله الحنفي الامرتسري: 66 - 68 و 566 و 567 و 570. الكشف والبيان، الثعلبي (مخطوط)، راجع ملحق المراجعات: 410 - 411.
3 - راجع الغدير: 1 / 232، عن كتاب مانزل من القرآن في علي، أبي نعيم الأصبهاني وذكرها ابن الجوزي في تذكرة الخواص: 33. الخوارزمي في مقتل الحسين: 1 / 47. الجويني في فرائد السمطين 1 / 73، 74.
صحة الحديث:
وحديث الغدير مشهور بين الناس متواتر في جميع طبقاته ولم يلق حديث من العناية مثل ما لقي هذا الحديث.
رواه من الصحابة 110 صحابي، ورواه من التابعين 84 تابعيا، ورواه 360 عالما من علماء الإسلام، ابتداءا من القرن الثاني الهجري حتى القرن الرابع عشر (1).
وقد اعتنى العلماء بشأن هذا الحديث فأفردوه في مجلدات خاصة وممن ألف فيه:
1 - محمد بن جرير الطبري: له كتاب الولاية في طرق حديث الغدير. يقول ابن كثير: " وقد رأيت له كتابا جمع فيه أحاديث غدير خم في مجلدين ضخمين " ((2).
قال الذهبي: " رأيت مجلدين من طرق الحديث لابن جرير فاندهشت له ولكثرة تلك الطرق " (3).
2 - الحافظ ابن عقدة: له كتاب الولاية في طرق حديث الغدير رواه ب (105) طرق قال ابن حجر في حديث الغدير: " صححه واعتنى بجمع طرقه أبو العباس ابن عقدة فأخرجه من حديث سبعين صحابيا أو أكثر " (4).
3 - أبو بكر الجعابي: له كتاب " من روى حديث غدير خم " ذكره من (125) طريقا (5).
____________
1 - راجع تفصيل هذا الأمر في الغدير، الأميني: 1 / 14 - 151.
2 - البداية والنهاية: 6 / 147.
3 - طبقات الحفاظ: 2 / 54.
4 - تهذيب التهذيب: 7 / 337.
5 - الغدير: 1 / 154.
5 - الذهبي: له كتاب (طرق حديث الولاية) وذكره لنفسه في تذكرة الحفاظ (2) قال: " وأما حديث: من كنت مولاه، فله طرق جيدة وقد أفردت ذلك أيضا ".
6 - الجزري الشافعي: أفرد رسالة في إثبات تواتر حديث الغدير وأسماها (أسنى المطالب في مناقب علي بن أبي طالب) رواه من ثمانين طريقا (3).
7 - إمام الحرمين الجويني: قال الشيخ سليمان الحنفي: " حكي عن أبي المعالي الجويني الملقب بإمام الحرمين أستاذ أبي حامد الغزالي (رحمهما الله) يتعجب ويقول: رأيت مجلدا في بغداد في صحاف، فيه روايات خبر غديرخم، مكتوبا عليه المجلدة الثامنة والعشرون، من طريق قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): من كنت مولاه فعلي مولاه، ويتلوه المجلدة التاسعة والعشرون (4).
وقد صحح هذا الحديث كثير جدا من علماء الحديث وأساطين هذا الفن ومنهم:
1 - الترمذي قال فيه: " هذا حديث حسن صحيح " (5).
2 - أبو جعفر الطحاوي قال: " هذا الحديث صحيح الإسناد ولا طعن لأحد في رواته " (6).
3 - ابن عبد البر قال عن حديث الموآخاة ورواية خيبر والغدير: " هذه كلها آثار ثابتة " (7).
____________
1 - الغدير: 1 / 154.
2 - تذكرة الحفاظ: 3 / 231.
3 - الغدير المجلد الأول.
4 - المصدر السابق عن ينابيع المودة: ص 36.
5 - صحيح الترمذي: 2 / 298.
6 - مشكل الآثار: 2 / 308.
7 - الاستيعاب: 2 / 373.
أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة. ضعيفة. فالجواب: إن هذه الرواية صحيحة " (1).
5 - يقول الآلوسي: " نعم ثبت عندنا أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) قاله في حق علي " وقال فيه:
" حديث صحيح لا مرية فيه " " إنه متواتر عن النبي ومتواتر عن أمير المؤمنين أيضا رواه الجم الغفير ولا عبرة بمن حاول تضعيفه ممن لا اطلاع له في هذا العلم " (2).
6 - قال ابن حجر: " وأما حديث من كنت مولاه فعلي مولاه " فقد أخرجه الترمذي والنسائي وهو كثير الطرق جدا، وقد استوعبها ابن عقدة في كتاب مفرد، وكثير من أسانيدها صحاح وحسان، وقد روينا عن الإمام أحمد قال: ما بلغنا عن أحد من الصحابة ما بلغنا عن علي بن أبي طالب " (3).
7 - الحاكم في المستدرك قال: " صحيح على شرط الشيخين ".
8 - ابن الجوزي في المناقب.
9 - الذهبي.
10 - الألباني قال: " وجملة القول إن حديث الترجمة - حديث الغدير - حديث صحيح بشطريه، بل الأول منه متواتر عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) كما يظهر لمن تتبع أسانيده وطرقه " (4).
وصححه غير هؤلاء الكثير.
____________
1 - ثم فصل ذلك، تذكرة الخواص: ص 18.
2 - راجع هذه المعلومات في الغدير: 1 / 315.
3 - فضائل الصحابة من فتح الباري: ص 156.
4 - سلسلة الأحاديث الصحيحة: 6 / 1202، رقم الحديث 2982.
دلالة الحديث:
بعد أن اتفق السنة والشيعة على صحة الحديث وملابساته، اختلفوا في مراد النبي بقوله: " من كنت مولاه فعلي مولاه " قال أهل السنة: أراد بيان محبة علي ونصرته.
والشيعة يرون هذا الحديث نصا من النبي على خلافة علي (عليه السلام).
مقدمة لفهم الواقعة:
وصل النبي والحجيج منطقة خم، وهو مكان تفرق الحجاج، فنزل قول الله:
(يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس) فبلغ الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ما أنزل إليه، فنزل قوله تعالى: (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا).
ثم هنأ الصحابة، يتقدمهم أبو بكر وعمر عليا، إذ قال كل منهما: " بخ بخ لك يا بن أبي طالب أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة ".
هذه الأحداث حصلت في يوم واحد ومكان واحد على مرأى ومسمع الغالبية المطلقة من الصحابة.
ومن المعروف أن الله (1) إذا فرض شيئا جديدا على المسلمين، لا يجعل له مقدمات ولا ترتيبات، فحين فرض الصلاة أخبر المسلمين بذلك مباشرة وهكذا سائر الفرائض كالصوم والزكاة.
وفي حادثة الغدير نجد الأمر قد اختلف، فقد نزلت آية تأمر الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) بتبليغ ما أنزل الله إليه.. وبعد أن بلغه النبي نزلت آية الإكمال. وكأن إكمال الدين متوقف على هذا الأمر فما هو؟! أهو نص على خلافة علي أم بيان محبته؟!
شرف الدين يحسم الخلاف:
أول سليم البشري - شيخ الأزهر - كلمة مولى بالناصر والمحب... ليحمل الصحابة على الصحة.
فأجابه عبد الحسين شرف الدين: " لو سألكم فلاسفة الأغيار عما كان منه يوم غدير خم فقال: لماذا منع تلك الألوف المؤلفة يومئذ عن المسير (1)؟ وعلى م حبسهم في تلك الرمضاء بهجير؟ وفيم اهتم بإرجاع من تقدم منهم وإلحاق من تأخر؟ ولم أنزلهم جميعا في ذلك العراء على غير كلاء ولا ماء؟ ثم خطبهم عن الله (2) في ذلك المكان الذي منه يتفرقون ليبلغ الشاهد منهم الغائب، وما المقتضى لنعي نفسه إليهم في مستهل خطابه؟ إذ قال: " يوشك أن يأتيني رسول ربي فأجيب، وإني لمسؤول وإنكم لمسؤولون "، وأي أمر يسأل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عن تبليغه؟ وتسأل الأمة عن طاعتها فيه، ولماذا سألهم: ألستم تشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله؟... قالوا: بلى، ولماذا أخذ حينئذ على سبيل الفور بيد علي فرفعها إليه حتى بان بياض إبطيه، فقال:
" ياأيها الناس إن الله مولاي وأنا مولى المؤمنين "، ولماذا فسر كلمته - وأنا أولى المؤمنين - بقوله: وأنا أولى بهم من أنفسهم؟ ولماذا قال بعد هذا التفسير: " فمن كنت مولاه، فهذا علي مولاه. اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله "؟
ولم خصه بهذه الدعوات التي لا يليق لها إلا أئمة الحق، وخلفاء الصدق؟...
ولماذا قرن العترة بالكتاب، وجعلهم قدوة لأولي الألباب؟ وفيم هذا الاهتمام العظيم من هذا النبي الكريم؟ وما المهمة التي احتاجت إلى كل هذه المقدمات؟.. وما الشئ الذي أمره الله بتبليغه؟... وأي مهمة استوجبت من الله التأكيد، واقتضت الحض على تبليغها بما يشبه التهديد؟ وأي أمر يخشى النبي الفتنة بتبليغه ويحتاج إلى عصمة الله؟
____________
1 - ما يذكره شرف الدين هنا أمر ثابت في الروايات ومن أراد تفصيلها فليراجع الجزء الأول من الغدير.
ولنأخذ هذا النص ثم نقف - للتأمل - عنده قليلا. عن حذيفة بن أسيد قال (صلى الله عليه وآله وسلم): " ألستم تشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله... " قالوا: بلى نشهد بذلك. قال: " اللهم اشهد - ثم قال -: يا أيها الناس إن الله مولاي وأنا مولى المؤمنين وأنا أولى بهم من أنفسهم، فمن كنت مولاه فهذا مولاه ".
أولا: نلاحظ أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) استدرج المسلمين فأخذ منهم الشهادة لله بالوحدانية ولنفسه بالنبوة، كي يمهد للأمر المراد تبليغه. فالرسول ذكر أصلين من أصول الدين:
التوحيد والنبوة. فما علاقة محبة علي ونصرته للمسلمين بهذين الأصلين؟! وهل بيان محبة علي يستلزم ذكر التوحيد والنبوة؟! لعمري إنها لا تجتمع معهما. فإرادة المحبة هنا غير واردة.
نعم، إن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) أخذ الشهادة من الناس بالتوحيد، ثم بالنبوة، فثلث بالإمامة. وهذا ما يقبله السياق. أما إرادة المحبة فلا تجتمع مع التوحيد والنبوة.
ثانيا: قال النبي في كلامه " إن الله مولاي وأنا مولى المؤمنين وأنا أولى بهم من أنفسهم، فمن كنت مولاه فهذا - علي - مولاه ".
____________
1 - المراجعات: ص 194 - 195 المراجعة - 58.
أي من كنت أولى به من نفسه فعلي كذلك. ففسر النبي كلمة (مولى) بكلمة (أولى) (1).
وكلمة (أولى) هنا أعم من الخلافة، فكما أن طاعة النبي أولى من طاعة الناس لأنفسهم، فكذا علي!!
فهل هناك قرينة أوضح من هذه؟! وهل يجوز تأويل النص الظاهر في دلالته لتصحيح أخطاء الخلفاء؟! (إنه لقول رسول كريم).
ثالثا: إن محبة علي ونصرته للمسلمين يعرفها الجميع، وقد فرض الله مودته في القرآن داعيا المسلمين إلى حبه وطاعته، وجعل النبي حبه علامة الإيمان. وفي خيبر قال (صلى الله عليه وآله وسلم): " لأعطين الراية غدا لرجل يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله "، فكان عليا (عليه السلام).
فمحبة علي، ونصرته للمسلمين، أمر مفروغ منه، فلا يمكن تفسير الحديث بدعوة الناس لمحبة علي، لأن محبته مفروضة بالقرآن. فإذا كان النبي دعا الناس لحب علي، فهو لم يأت بشئ جديد - حاشاه - وليس هذا إكمالا للدين!
رابعا: لقد فهم الصحابة وعلى رأسهم أبو بكر وعمر ما فهمه شيعة آل البيت.
فبعد أن بلغ النبي أمر الله، قال أبو بكر وعمر لعلي: بخ بخ لك يا بن أبي طالب أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة، وتبع الصحابة أبا بكر وعمر ببيعة علي - وهم أكثر من مائة ألف - ولمدة ثلاثة أيام.
____________
1 - ذهب إلى تفسير كلمة مولى بأولى كثير من العلماء ونص ابن طلحة الشافعي في مطالب السؤول: ص 16 على ذهاب طائفة إلى حمل اللفظ في الحديث على الأولى. وذهب لهذا الرأي المبرد، والزجاج، وابن الانباري، والفراء، وثعلب، وابن المبارك، وابن الملقن، والجوهري ومن المفسرين: الطبري، والبغوي، والنسفي، وأبو حيان الاندلسي، والبيضاوي والثعالبي، وأبو السعود، والرازي، والبخاري، وسبط ابن الجوزي. راجع منهج في الانتماء المذهبي، صائب عبد الحميد: 110 - 114.
فقولهما: (أصبحت مولاي) يدل على أمر جديد. ولنعم ما قال محمد جواد مغنية:
" أي عاقل يهنئ غيره بحبه له " (1)؟!!
فلا أدري هل نحن أعلم من الصحابة بلغة العرب وملابسات الحادثة؟ فما بال العلماء يشرقون ويغربون في معنى المولى؟ وما لنا لا نفهم الواقعة كما فهمها الصحابة؟ هذا حسان بن ثابت الشاعر الفصيح فهم منها ولاية الأمر فأنشد:
هذا ما قاله حسان، فهل أخطأ بفهمه للحديث؟! فالعجب ممن لم يحضر الحادثة ويفهم منها ما لم يفهمه حسان والصحابة!
خامسا: إن قول الرسول بعد نزول آية الإكمال: " الله أكبر على إكمال الدين وإتمام النعمة، ورضى الرب برسالتي والولاية لعلي " فيه دلالة واضحة على ما نقول، فالنبي قرن النبوة بولاية علي، فالنبوة بالإضافة إلى محبة علي، لا تستقيم المعادلة.
ولكن النبوة بالإضافة إلى إمامة علي، تستقيم المعادلة.
سادسا: لو افترضنا أن الحديث يدعو لحب علي ونصرته، فهل امتثل السلف لهذه الوصية النبوية؟ سل الجمل وصفين والنهروان و... و...
____________
1 - الشيعة في الميزان.
احتجاج علي بحديث الغدير:
في مسجد الكوفة وبعد أن عادت الخلافة لعلي (عليه السلام) خطب بالناس: " أنشد الله من سمع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول يوم غدير خم: من كنت مولاه فعلي مولاه، لما قام فشهد.
فقام اثنا عشر بدريا فقالوا: نشهد أنا سمعنا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول يوم غدير خم:
" ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم، وأزواجي أمهاتهم؟ ". فقلنا: بلى يا رسول الله. قال:
" فمن كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه ". وكتم الشهادة بعض الصحابة فدعا عليهم فأصابتهم دعوته " (1).
هذا الإمام علي (عليه السلام) يعيد ذكرى الغدير على الناس. فماذا أراد من ذلك؟ هل أراد بيان نصرته ومحبته للمسلمين؟! لا وربي ليس ذلك هو الأمر، بل إنه أمر أكبر من ذلك، فما طلب شهادتهم إلا ليؤكد حقه في الخلافة، وما أصابت منكري الشهادة دعوته إلا لإنكارهم لأمر عظيم.
____________
1 - راجع مسند أحمد: 1 / 119. مجمع الزوائد، الهيثمي: 9 / 11 وقال: اسناده حسن. فضائل الصحابة لأحمد بن حنبل: 2 / 585. أسدالغابة: 2 / 233. خصائص النسائي: ص 22 - 25. الإصابة: 4 / 182.
السيرة الحلبية: 3 / 302 و 337. تاريخ بغداد: 14 / 236. صفوة الصفوة: 1 / 313. تاريخ الخلفاء: 134. حلية الأولياء: 5 / 26. الرياض النضرة: 3 / 127. ترجمة الإمام علي من تاريخ دمشق: 2 / 5 - 25. الكنى والأسماء، الدولابي. شرح النهج، ابن أبي الحديد: 1 / 362. المناقب، ابن المغازلي الشافعي. مطالب السؤول: ص 54. البداية والنهاية: 5 / 210 و 7 / 348. تذكرة الخواص:
ص 17. جمع الجوامع، السيوطي. وابن أبي عاصم في السنة كما في كنز العمال: 6 / 407.
شرح المواهب، الزرقاني: 7 / 13. ذخائر العقبى: ص 67. خصائص النسائي: ص 22. جواهر العقدين، السمهودي. وسيلة المآل، الفضل بن باكثير الشافعي. المناقب، الخوارزمي: ص 94.
العاصمي في زين الفتى. مشكل الآثار، الطحاوي: 2 / 308. فرائد السمطين الباب العاشر.
أسنى المطالب، شمس الدين الجزري: ص 3. راجع الغدير: ص 166 - 185.
الغزالي يعترف:
أبو حامد الغزالي الملقب بحجة الإسلام، يعترف بأن حديث الغدير كان تنصيبا لعلي خليفة على المسلمين قال: " ولكن أسفرت الحجة بوجهها وأجمع الجماهير على متن الحديث من خطبته (صلى الله عليه وآله وسلم) في يوم غدير خم، باتفاق الجميع وهو يقول:
" " من كنت مولاه فعلي مولاه " فقال عمر بخ بخ لك يا أبا الحسن، اصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة. فهذا تسليم ورضا وتحكيم. ثم بعد هذا غلب الهوى بحب الرئاسة وحمل عود الخلافة وعقود البنود، وخفقان الهواء في قعقعة الرايات واشتباك ازدحام الخيول وفتح الأمصار، سقاهم كأس الهوى فعادوا إلى الخلاف الأول فنبذوا الحق وراء ظهورهم واشتروا به ثمنا قليلا فبئس ما يشترون " (1).
أحاديث الولاية:
قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لعلي: " انت وليي في الدنيا والآخرة " (2).
وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): " إن عليا مني وأنا منه، وهو ولي كل مؤمن بعدي ". قال المحب الطبري عن هذا الحديث: " وهو أقواها سندا ومتنا " (3).
____________
1 - سر العالمين، المقالة الرابعة.
2 - مستدرك الحاكم: 5 / 135 وصححه.
3 - الرياض النضرة: 1 / 152. صحيح الترمذي: 5 / 632. مسند أحمد: 5 / 356. الاستيعاب بهامش الإصابة: 3 / 28. الإصابة: 2 / 509. المستدرك، الحاكم وصححه: 3 / 132. تلخيص المستدرك، الذهبي وصححه. ينابيع المودة: ص 55 و 182. خصائص النسائي: 61 - 64. ذخائر العقبى: ص 87.
كفاية الطالب: ص 240. المناقب، الخوارزمي: ص 72. أنساب الأشراف، البلاذري: 2 / 106.
فرائد السمطين: 1 / 328. نور الأبصار: ص 158. حلية الأولياء: 6 / 294. أسد الغابة: 4 / 27.
مصابيح السنة، البغوي: 2 / 275. جامع الاصول، ابن الأثير: 9 / 470. كنز العمال: 15 / 124.
تذكرة الخواص: ص 36. مطالب السؤول: 1 / 48. راجع ملحق المراجعات: ص 372 و 382.
هذه نصوص صريحة في إثبات خلافة علي بعد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وهي غير قابلة لأي تأويل وتحوير. فلا يمكن تفسير الولي هنا بالمحب والناصر، لأنه يعني أن عليا محب وناصر للمسلمين بعد النبي، أما في حياته فلا. وهذا هراء ما بعده هراء.
وعندما وجد أهل السنة هذا التأويل فاشلا لجأوا إلى تأويل آخر، أوهن من سابقه. وما ذلك إلا ليصححوا أعمال الخلفاء، ولو على حساب النص! قالوا: المقصود بقول النبي " وهو وليكم بعدي " البعدية المطلقة ولا يراد بها البعدية المباشرة بعد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).
لو صح هذا التأويل لما كان هناك فرق بين أن يسند النبي هذه الولاية لعلي أو لأي أحد علم أنه سيكون خليفة، فلم خص عليا بهذا الشرف دون غيره؟!
إن النص قطعي الدلالة على خلافة علي بعد النبي مباشرة، فلم لا نترك الحكم للنص وإن خالفه الرجال؟ ألم نتفق على أن الحق لا يعرف بالرجال؟ ما لكم كيف تحكمون؟
وماذا نفعل بلفظ (كل) في قول النبي " وهو ولي كل مؤمن بعدي "؟! أليست هي من ألفاظ العموم؟ إذن فعلي ولي كل مؤمن بعد النبي، وإن كان فيهم أبو بكر وعمر وعثمان!!
____________
1 - السنة: ابن أبي عاصم 2 / 550.
2 - مسند أحمد: 5 / 356. المستدرك على الصحيحين: 3 / 110. فضائل الصحابة، أحمد بن حنبل:
2 / 584.
حديث المنزلة:
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لعلي: " ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه ليس نبي بعدي " (1).
هذا حديث صحيح متفق عليه بين السنة والشيعة. نعم، لقد جعل النبي منزلة علي منه كمنزلة هارون من موسى، ولكن ما هي منزلة هارون من موسى؟ القرآن يجيبنا على هذا، قال تعالى على لسان نبيه موسى (عليه السلام): (واجعل لي وزيرا من أهلي * هارون أخي * اشدد به أزري * وأشركه في أمري) (2) وطلب موسى من هارون أن يخلفه في قومه: (اخلفني في قومي) (3).
وأجاب الله طلب موسى قائلا: (قد أوتيت سؤلك يا موسى) (4).
فبمقتضى هذه النصوص، تكون منزلة هارون من موسى، منزلة الوزارة، والخلافة عنه والنبوة كما هو معلوم. والرسول بقوله السابق منح عليا جميع منازل هارون من موسى: الوزارة، الخلافة، واستثنى النبوة، لأنه لا نبي بعد محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) فاستثناء النبوة دليل على بقاء هاتين المنزلتين. فلو لم تكن هاتان المنزلتان لعلي لاستثناهما النبي كما استثنى النبوة التي لم تكن له! فكما أن هارون خليفة موسى في قومه فكذا علي خليفة محمد في قومه! وكما أن هارون وزير موسى فكذا علي.
____________
1 - صحيح البخاري: كتاب المغازي، باب غزوة تبوك. صحيح مسلم: كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل علي. صحيح الترمذي: 5 / 641 وصححه. مسند أحمد: 3 / 50. سنن ابن ماجة: 1 / 42.
المستدرك، الحاكم: 3 / 109 وصححه. ومصادر هذا الحديث كثيرة جدا راجع ملحق المراجعات: ص 373 - 377.
2 - طه: 29 - 32.
3 - الأعراف: 142.