الصفحة 113
صلى الله عليه وسلم عشية فصلى ثم قام خطيبا فحمد الله وأثنى عليه وذكر ووعظ فقال ما شاء الله أن يقول ثم قال أيها الناس إني تارك فيكم أمرين لن تضلوا إن اتبعتموهما وهما كتاب الله وأهل بيتي عترتي ثم قال أتعلمون إني أولى بالمؤمنين من أنفسهم ثلاث مرات قالوا نعم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من كنت مولاه فعلي مولاه وحديث بريدة الأسلمي صحيح على شرط الشيخين.

إذن فقد ترك لنا رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم بعد القرآن الكريم، العترة النبوية الطاهرة من الأئمة من أهل البيت سلام الله عليهم، والذين من تمسك بهم فإنه لن يضل أبدا، ومعنى إن المتمسك بأهل البيت عليهم السلام لن يضل أبدا أي أنهم هم القدوة وأهل الهدى، وان من اتبعهم واقتدى واهتدى بهديهم فإنه سوف يرد على رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم الحوض.

وأيضا من الأحاديث التي تدل على إتباعهم والأخذ بهديهم حديث السفينة المروي في العديد من كتب أهل السنة، ولقد ذكرنا هذا الحديث بشكل مفصل في بحث وصية النبي صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ونكتفي برواية واحدة من كتاب صحيح الحاكم ثم تعليق الحافظ المناوي عليه في كتاب فيض القدير.

عن حنش الكناني قال سمعت أبا ذر رضي الله عنه يقول وهو آخذ بباب الكعبة ثم من عرفني فأنا من عرفني ومن أنكرني فأنا أبو ذر سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول إلا إن مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من قومه من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق).

قال المناوي في فيض القدير إن مثل أهل بيتي فاطمة وعلي وابنيهما وبنيهما أهل العدل والديانة مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها هلك وجه التشبيه أن النجاة ثبتت من قوم نوح صلى الله عليه وسلم لأمته بالتمسك بأهل بيته للنجاة وجعلهم وصلة إليها ومحصوله الحث على التعلق بحبهم وحبلهم وإعظامهم شكرا لنعمة مشرفهم والأخذ بهدي علمائهم فمن أخذ بذلك نجا من ظلمات المخالفة وأدى شكر النعمة المترادفة ومن تخلف عنه غرق في بحار الكفران وتيار الطغيان فاستحق النيران لما أن بغضهم يوجب النار كما جاء في عدة أخبار كيف وهم أبناء أئمة الهدى ومصابيح الدجى الذين احتج الله بهم على عباده وهم فروع الشجرة المباركة وبقايا الصفوة الذين أذهب عنهم الرجس وطهرهم وبرأهم من الآفات وافترض مودتهم في كثير من الآيات وهم العروة الوثقى ومعدن التقى واعلم أن المراد بأهل بيته في هذا المقام العلماء منهم إذ لا يحث على التمسك بغيرهم وهم الذين لا يفارقون الكتاب والسنة حتى يردوا معه على الحوض ك في مناقب أهل البيت عن أبي ذر قال الحاكم صحيح بالإجماع.

ولذلك نقول أن معنى الحديث أنهم _ أي أهل البيت عليهم السلام _ هم سفن النجاة، وان من ركب سفينة أهل البيت، ولا يكون الركوب معهم في سفينتهم سفينة النجاة، إلا بالإتباع


الصفحة 114
والإقتداء، فإن من اتبعهم واقتدى بهم فإنه يأمن من الهلاك والغرق، ولذلك هم الأحق بالإتباع والإقتداء بحسب ما دلت عليه الأحاديث الصحيحة ومنها هذا الحديث حديث السفينة.

وهنا أيضا ما يدل على إتباعهم والإقتداء بهم ما أخرج ابن جرير وابن مردويه وأبو نعيم في المعرفة، والديلمي وابن عساكر وابن النجار قال: لما نزلت {إنما أنت منذر ولكل قوم هاد} وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على صدره فقال "أنا المنذر، وأومأ بيده إلى منكب علي - رضي الله عنه - فقال: أنت الهادي يا علي، بك يهتدي المهتدون من بعدي"..

فأهل البيت عليهم السلام، أراد الله سبحانه وتعالى بإرادة تكوينية، أن يذهب عنهم الرجس كما ورد في آية التطهير، وهذا يعني سمة وميزة أساسية عند من نزلت في حقهم هذه الآية وهي العصمة. وذلك بنفي مطلق الرجس عنهم بإرادة تكوينية، لأن الله عز وجل إذا أراد شيئا فإنه يقول له كن فيكون، ولا يوجد أي مجال اختياري للبشر في ترك تلك الإرادة الإلهية، وعلى ذلك فإن عصمتهم توجب إتباعهم وموالاتهم، بالإضافة إلى النصوص التي توجب إتباعهم وطاعتهم بشكل مباشر.

قال تعالى في سورة النساء. الآية: 59 {يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا}. فهذه الآية تأمر بإطاعة أولي الأمر طاعة مطلقة. ولا تجوز الطاعة المطلقة إلا لمن ثبتت عصمته وعلم أن باطنه كظاهره، وأمن منه الغلط والزلل وحتى أدنى أنواع الرجس مهما صغر. وهذا الأمر لا يحصل لا للأمراء ولا للعلماء، جل الله سبحانه أن يأمر بإطاعة من يحتمل عليه الخطأ والزلل، أو الانقياد لمن وقع منهم الاختلاف في القول والفعل.

ولذلك فسر الآية الفخر الرازي في تفسيره الكبير إن أولي الأمر هم المعصومون في الأمة. وكذلك يستدل على أن المقصود هم الأئمة من أهل البيت سلام الله عليهم.

إن الله سبحانه وتعالى في الآية الكريمة أمر بطاعة أولي الأمر بشكل جازم. ومن أمر الله بطاعته بشكل جازم قاطع يجب أن يكون معصوما عن الرجس والزلل والخطأ والسهو. لأنه لو لم يكن معصوما عن كل ذلك، فكأن الله سبحانه قد أمر بطاعة خطأ ذلك الشخص وأمر بمتابعة زلاته على أنه طاعة لله وفيه مرضاة الله، وهذا محال على الله تعالى.

وبنظرة إلى ما ذكر سابقا من آيات وأحاديث كآية التطهير والمباهلة وحديث الثقلين وكذلك حديث السفينة. فإن كل ذلك يدل على عصمة أهل البيت عليهم السلام بشكل واضح لا لبس فيه.

وأيضا فإن الحق سبحانه وتعالى قد أوجب مودتهم وحبهم وهذا لا يكون إلا لكونهم أهل للطاعة والمتابعة والإقتداء ودليل واضح على العصمة أيضا، والمستوى العالي من التقوى والصلاح والهداية.


الصفحة 115
قال تعالى في سورة الشورى الآية: 23 {ذلك الذي يبشر الله عباده الذين آمنوا وعملوا الصالحات قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا إن الله غفور شكور}.

أخرج أبو نعيم والديلمي من طريق مجاهد، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {لا أسألكم عليه أجر إلا المودة في القربى} "أن تحفظوني في أهل بيتي وتودوهم بي".

وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه من طريق سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: لما نزلت هذه الآية {قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى} قالوا: يا رسول الله، من قرابتك هؤلاء الذين وجبت مودتهم؟ قال: علي وفاطمة وولداها.

وأخرج سعيد بن منصور، عن سعيد بن جبير {إلا المودة في القربى} قال: قربى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وأخرج ابن جرير عن أبي الديلم، قال: لما جيء بعلي بن الحسين - رضي الله عنه - أسيرا، فأقيم على درج دمشق، قام رجل من أهل الشام فقال: الحمد لله الذي قتلكم واستأصلكم، فقال له علي بن الحسين - رضي الله عنه: أقرأت القرآن؟ قال: نعم. قال: أقرأت آل حم؟ لا. قال: أما قرأت {قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى} قال: فأنكم لأنتم هم؟ قال: نعم.

وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن عباس {ومن يقترف حسنة} قال: المودة لآل محمد.

وأخرج أحمد والترمذي وصححه والنسائي والحاكم، عن المطلب بن ربيعة - رضي الله عنه - قال: دخل العباس على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: أنا لنخرج فنرى قريشا تحدث، فإذا رأونا سكتوا، فغضب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ودر عرق بين عينيه، ثم قال: "والله لا يدخل قلب امرئ مسلم إيمان، حتى يحبكم لله ولقرابتي".

وأخرج مسلم والترمذي والنسائي، عن زيد بن أرقم: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أذكركم الله في أهل بيتي".

وأخرج الترمذي وحسنه وابن الأنباري في المصاحف، عن زيد بن أرقم - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي، أحدهما أعظم من الآخر، كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض، وعترتي أهل بيتي، ولن يتفرقا حتى يردا علي الحوض، فانظروا كيف تخلفوني فيهما".

وأخرج الترمذي وحسنه والطبراني والحاكم والبيهقي في الشعب، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أحبوا الله لما يغذوكم به من نعمه، وأحبوني لحب الله، وأحبوا أهل بيتي لحبي".


الصفحة 116
وأخرج البخاري، عن أبي بكر - قال: ارقبوا محمدا - صلى الله عليه وسلم - في أهل بيته.

وأخرج ابن عدي، عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أبغضنا أهل البيت فهو منافق".

وأخرج الطبراني، عن الحسن بن علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يبغضنا أحد ولا يحسدنا أحد، إلا ذيد يوم القيامة بسياط من نار".

وأخرج أحمد وابن حبان والحاكم، عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسي بيده لا يبغضنا أهل البيت رجل، إلا أدخله الله النار".

روى الحاكم في مستدركه حدثنا أبو محمد الحسن بن محمد بن يحيى بن أخي طاهر العقيقي الحسني، حدثنا إسماعيل بن محمد بن إسحاق بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين، حدثني عمي علي بن جعفر بن محمد، حدثني الحسين بن زيد، عن عمر بن علي، عن أبيه علي بن الحسين قال: خطب الحسن بن علي الناس حين قتل علي، فحمد الله، وأثنى عليه، ثم قال: لقد قُبِضَ في هذه الليلة رجل، لا يسبقه الأولون بعمل، ولا يدركه الآخرون، وقد كان رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- يعطيه رايته، فيقاتل وجبريل عن يمينه، وميكائيل عن يساره، فما يرجع حتى يفتح الله عليه، وما ترك على أهل الأرض صفراء ولا بيضاء، إلا سبع مائة درهم فضلت من عطاياه، أراد أن يبتاع بها خادما لأهله.

ثم قال: أيها الناس، من عرفني فقد عرفني، ومن لم يعرفني فأنا الحسن بن علي، وأنا ابن النبي، وأنا ابن الوصي، وأنا ابن البشير، وأنا ابن النذير، وأنا ابن الداعي إلى الله بإذنه، وأنا ابن السراج المنير.وأنا من أهل البيت الذي كان جبريل ينزل إلينا ويصعد من عندنا، وأنا من أهل البيت الذي أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا.وأنا من أهل البيت الذي افترض الله مودتهم على كل مسلم، فقال تبارك وتعالى لنبيه -صلى الله عليه وسلم- { قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا } [ الشورى: 23 ] فاقتراف الحسنة مودتنا أهل البيت.

وكذلك حديث: رواه في الجامع الصغير، والحاكم، وابن ماجه، والترمذي، ومسند احمد، والطبراني، ومجمع الزوائد، وكنز العمال، وفي تحفة الأحوذي عن يعلى العامري:، وكذلك عند ابن عساكر عن أبي رمثة. عن النبي صلَّى الله عليه وآله وسلَّم انه قال:- - حسين مني وأنا منه، أحب الله من أحب حسينا، الحسن والحسين سبطان من الأسباط.

وكذلك في الحديث عن النبي صلَّى الله عليه وآله وسلَّم انه قال الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة،


الصفحة 117
وقال رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم حسين مني وأنا من حسين، وقال أيضا قاتل الحسين في تابوت من نار،

روى المتقي الهندي في كنز العمال علي باب علمي ومبين لأمتي ما أرسلت به من بعدي، حبه إيمان وبغضه نفاق والنظر إليه رأفة. (الديلمي - عن أبي ذر).‏

أخرج الديلمي في مسنده، عن ابن عمر مرفوعاً: علي بن أبي طالب باب حطةٍ فمن دخل فيه كان مؤمناً، ومن خرج منه كان كافراً، ومن حديث أبي ذر رفعه: علي باب علمي ومبين لأمتي ما أرسلت به من بعدي، حبه إيمان، وبغضه نفاق، والنظر إليه رأفة، ومن حديث ابن عباس رفعه: أنا ميزان العلم، وعلي كفتاه، والحسن والحسين خيوطه،

روى الترمذي في سننه حَدّثَنَا عِيسى بنُ عُثْمانَ ابنِ أخِي يَحْيَى بنِ عِيسَى الرّمْلِيّ حدثنا عِيسَى الرّمْلِيّ عَن الأعْمَشِ عَن عَدِيّ بنِ ثابِتٍ عَن زِرّ بنِ حُبَيْشٍ عَن عَلِيَ قالَ: "لَقَدْ عَهِدَ إليّ النّبيّ الأمي صلى الله عليه وسلم أنّهُ لاَ يُحِبّكَ إلا مُؤْمِنٌ وَلاَ يُبْغِضُكَ إلا مُنَافِقٌ". قال أبو عيسى: هَذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.‏

روى النسائي َخْبَرَنَا يُوسُفُ بْنُ عِيسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا الأَعْمَشُ عَنْ عَدِيَ عَنْ زِرَ قَالَ: قَالَ عَلِيّ: إنّهُ لَعَهْدُ النّبِيّ الأُمّيّ صلى الله عليه وسلم إلَيّ أَنّهُ لاَ يُحِبّكَ إلا مُؤْمِنٌ وَلاَ يُبْغِضُكَ إلا مُنَافِق.

روى مسلم في صحيحه وروى الذهبي في سير أعلام النبلاء عَنْ عَدِيِّ بنِ ثَابِتٍ، عَنْ زِرٍّ:سَمِعْتُ عَلِيّاً -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- يَقُوْلُ: وَالَّذِي فَلَقَ الحَبَّةَ وَبَرَأَ النَّسْمَةَ، وَتَرَدَّى بِالعَظَمَةِ، إِنَّهُ لَعَهْدُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَيَّ: (إِنَّهُ لاَ يُحِبَّكَ إلا مُؤْمِنٌ، وَلاَ يُبْغِضُكَ إلا مُنَافِقٌ). رَوَاهُ: مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيْقِ أبي مُعَاوِيَةَ، وَوَكِيْعٌ عَنِ الأَعْمَشِ.

روى احمد في مسنده حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا وكيع حدثنا الأعمش عن عدي بن ثابت عن زر بن حبيش عن علي رضي الله عنه قال:-عهد إلي النبي صلى الله عليه وسلم أن لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق.‏

روى الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد عن ابن عباس قال: نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى علي فقال:"لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق، من أحبك فقد أحبني، ومن أبغضك فقد أبغضني، وحبيبي حبيب الله، وبغيضي بغيض الله، ويل لمن أبغضك بعدي". رواه الطبراني في الأوسط ورجاله ثقات.

وكذلك كان أهل البيت عليهم السلام ولا زالوا هم الفرقان والميزان بين النفاق والإيمان محبتهم علامة الإيمان وبغضهم علامة النفاق.


الصفحة 118
روى السيوطي في الجامع الصغير أن النبي صلَّى الله عليه وآله وسلَّم قال: عنوان صحيفة المؤمن حب علي بن أبي طالب

روى المناوي في الفيض القدير أن النبي صلَّى الله عليه وآله وسلَّم قال عنوان صحيفة المؤمن حب عليّ بن أبي طالب) أي حبه علامة يعرف المؤمن بها يوم القيامة.

روى المتقي الهندي في كنز العمال عن انس أن النبي صلَّى الله عليه وآله وسلَّم قال عنوان صحيفة المؤمن حب علي بن أبي طالب.

ومن الأحاديث أيضا عن النبي صلَّى الله عليه وآله وسلَّم

"روى السيوطي في الجامع الصغير إن رسول الله قال من أحبني فليحب عليا ومن أبغض عليا فقد أبغضني ومن أبغضني فقد أبغض الله ومن أبغض الله أدخله النار"

روى السيوطي في الجامع الصغير عن أنس مرفوعاً قال رسول الله: من أحبني فليحب علياً ومن أحب علياً فليحب فاطمة ومن أحب فاطمة فليحب الحسن والحسين وإن أهل الجنة ليتباشرون ويسارعون إلى رؤيتهم ينظرون إليهم محبتهم إيمان وبغضهم نفاق ومن أبغض أحداً من أهل بيتي فقد حرم شفاعتي فإنني نبي كريم بعثني اللّه بالصدق فأحبوا أهلي وأحبوا علياً.

وفي مسند احمد، وصحيح مسلم، قال رسول الله من أحبني فليحب عليا

وروى في مجمع الزوائد. للحافظ الهيثمي عن زياد بن مطرف عن زيد بن أرقم - وربما لم يذكر زيد بن أرقم - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أحب أن يحيا حياتي ويموت مماتي ويسكن جنة الخلد الذي وعدني ربي عز وجل غرس قضبانها بيده فليتول علي بن أبي طالب، فإنه لن يخرجكم من هدى ولن يدخلكم في ضلالة". رواه الطبراني.

وفي ‏الإصابة، لابن حجر عن زياد بن مطرف ذكره مطين والباوردي وابن جرير وابن شاهين في الصحابة وأخرجوا من طريق أبي إسحاق عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من أحب أن يحيا حياتي ويموت ميتتي ويدخل الجنة فليتول عليا وذريته من بعده.

وفي حلية الأولياء عن النبي صلَّى الله عليه وآله وسلَّم انه قال: من سره أن يحيا حياتي ويموت مماتي ويسكن جنة عدن غرسها ربي فليوال عليا بعدي وليقتد بالأئمة من بعدي فإنهم عترتي.

وروى في تحفة الأحوذي، للمباركفوري حَدّثَنَا نَصْرُ بنُ عَلِيَ الْجَهضَمِيّ، حدثنا عَلِيّ بنُ جَعْفَرِ بنِ مُحمّدِ بنِ عَلِيَ قال أَخْبَرَنِي أخِي مُوسَى بنُ جَعْفَرِ بنِ مُحمّدٍ عَن أَبيهِ جَعْفَرِ بنِ مُحمّدٍ عَن أَبيهِ مُحمّدِ بنِ عَلِيَ عَن أبيهِ عَلِيّ بنِ الْحُسَيْنِ عَن أبيهِ عَن جَدّهِ عَلِيّ بنِ أبي طَالِبٍ: "أَنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم أخَذَ بِيَدِ حَسَنٍ وَحُسَيْن قَالَ مَنْ أحَبّنِي وَأَحَبّ هَذَيْنِ وَأَبَاهُمَا وأُمّهُمَا كانَ مَعِي في دَرَجَتِي يَوْمَ القِيَامَةِ"


الصفحة 119
وفي الجامع الصغير، والدرر المنتثرة، وسنن الترمذي، وفي كنز العمال، ومعجم الطبراني الكبير ومسند الإمام احمد عن علي أن النبي صلَّى الله عليه وآله وسلَّم أخذ بيد حسن وحسين وقال:

من أحبني وأحب هذين وأباهما وأمهما كان معي في درجتي في الجنة يوم القيامة.

وحدثنا عبد الله حدثني نصر بن علي الأزدي أخبرني علي بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي حدثني أخي موسى بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمد عن أبيه عن علي بن حسين رضي الله عنه عن أبيه عن جده أن:

-رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ بيد حسن وحسين رضي الله عنهما فقال: من أحبني وأحب هذين وأباهما وأمهما كان معي في درجتي يوم القيامة.‏

بعد كل هذه الأحاديث وتلك النصوص الثابتة في كتب خصوم أتباع أهل البيت، أليس في هذا الطلب والأمر الإلهي بمحبة أهل البيت وموالاتهم، أليس في كل ذلك دليل كاف على موالاتهم وإتباعهم وطاعتهم والإقتداء بهم، وركوب سفينتهم، والسير على صراطهم المستقيم، صراط الله ورسوله محمد صلَّى الله عليه وآله وسلَّم.

ثم أكثر من ذلك فقد أوجب الله سبحانه وتعالى الصلاة على أهل البيت في كل صلاة , وأن من لم يصلي عليهم فإن صلاته باطلة.

ولذالك تجد الصحابة عندما نزلت الآية في سورة الأحزاب. الآية: 56 {إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما}. سألوا رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم عن كيفية الصلاة والسلام عليه كما في الروايات الصحيحة في صحاح أهل السنة, أخبرهم أن يقولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد.

روى البخاري في صحيحه: حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا الْحَكَمُ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أبي لَيْلَى قَالَ لَقِيَنِي كَعْبُ بْنُ عُجْرَةَ فَقَالَ ألا أُهْدِي لَكَ هَدِيَّةً إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ عَلَيْنَا فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ عَلِمْنَا كَيْفَ نُسَلِّمُ عَلَيْكَ فَكَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ قَالَ فَقُولُوا اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ.

روى البخاري في صحيحه حدثني سعيد بن يحيى حدثنا أبي حدثنا مسعر عن الحكم عن بن أبي ليلى عن كعب بن عجرة رضي الله عنه قيل ثم يا رسول الله أما السلام عليك فقد عرفناه فكيف الصلاة قال قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد

روى البخاري في صحيحه حدثنا عبد الله بن يوسف حدثنا الليث قال حدثني بن الهاد عن عبد الله بن خباب عن أبي سعيد الخدري قال قلنا ثم يا رسول الله هذا التسليم فكيف نصلي عليك


الصفحة 120
قال قولوا اللهم صلي على محمد عبدك ورسولك كما صليت على آل إبراهيم وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم قال أبو صالح عن الليث على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم حدثنا إبراهيم بن حمزة حدثنا بن أبي حازم والداروردي عن يزيد وقال كما صليت على إبراهيم وبارك على محمد وآل محمد كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم.

روى القندوزي الحنفي في كتابه ينابيع المودة أن الرسول الأكرم قال. لا تصلّوا عليّ الصلاة البتراء، فقالوا: وما الصلاة البتراء؟ قال: تقولون: اللّهم صلّ على محمّد، وتسكتون، بل قولوا: اللّهم صلّ على محمّد وعلى آل محمّد.

وقد كان رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ينوه بهم دائما ويؤكد على محبتهم ومتابعتهم وقد روي أن رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم كان كل يوم ولمدة تسعة اشهر يطرق باب علي وفاطمة ويقول الصلاة الصلاة يا أهل البيت إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا.

روى السيوطي في الدر المنثور قال: أخرج ابن جرير وابن مردويه عن أبي الحمراء رضي الله عنه قال "حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمانية أشهر بالمدينة. ليس من مرة يخرج إلى صلاة الغداة إلا أتى إلى باب علي رضي الله عنه، فوضع يده على جنبتي الباب، ثم قال: الصلاة... الصلاة... {إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا} ".

وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال "شهدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم تسعة أشهر، يأتي كل يوم باب علي بن أبي طالب رضي الله عنه عند وقت كل صلاة فيقول: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أهل البيت {إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا} الصلاة رحمكم الله، كل يوم خمس مرات".

وأخرج الطبراني عن أبي الحمراء رضي الله عنه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتي باب علي، وفاطمة ستة أشهر فيقول {إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا}.‏

وروى الطبري في جامع البيان قال: حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبو نعيم، قال: ثنا يونس بن أبي إسحاق، قال: أخبرني أبو داود، عن أبي الحمراء، قال: رابطت المدينة سبعة أشهر على عهد النبي صلى الله عليه وسلم،قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم إذا طلع الفجر، جاء إلى باب علي وفاطمة فقال: "الصلاة الصلاة" {إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا}

وأكثر من ذالك فإن القرآن الكريم نوه بهم وبفضائلهم ورفع شأن بيوتهم في أكثر من آية.

روى السيوطي عن انس وبريده أن رسول الله قرأ قوله تعالى: سورة النور. الآيات: 36 - 38 {في بيوت إذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال، رجال لا


الصفحة 121
تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار، ليجزيهم الله أحسن ما عملوا ويزيدهم من فضله والله يرزق من(... أخرج ابن مردويه عن أنس بن مالك وبريدة قال: قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية {في بيوت الله أن ترفع} فقام إليه رجل فقال: أي بيوت هذه يا رسول الله؟ قال: بيوت الأنبياء. فقام إليه أبو بكر فقال: يا رسول الله هذا البيت منها؟ البيت علي وفاطمة قال: نعم. من أفاضلها.

كما ونزلت سورة الإنسان في حق أهل البيت عليهم السلام قال تعالى في سورة الإنسان. الآية: 7 - 9 {يوفون بالنذر ويخافون يوما كان شره مستطيرا، ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا، إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا}.

روى السيوطي عن مجاهد عن ابن عباس في قوله عز وجل: "يوفون بالنذر ويخافون يوما كان شره مستطيرا. ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا" قال: مرض الحسن والحسين فعادهما رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعادهما عامة العرب؛ فقالوا: يا أبا الحسن -

ورواه جابر الجعفي عن قنبر مولى علي قال: مرض الحسن والحسين حتى عادهما أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال أبو بكر رضي الله عنه: يا أبا الحسن - رجع الحديث إلى حديث ليث بن أبي سليم - لو نذرت عن ولديك شيئا، وكل نذر ليس له وفاء فليس بشيء. فقال رضي الله عنه: إن برأ ولداي صمت لله ثلاثة أيام شكرا. وقالت جارية لهم نوبية: إن برأ سيداي صمت لله ثلاثة أيام شكرا. وقالت فاطمة مثل ذلك. وفي حديث الجعفي فقال الحسن والحسين: علينا مثل ذلك فألبس الغلامان العافية، وليس عند آل محمد قليل ولا كثير، فانطلق علي إلى شمعون بن حاريا الخيبري، وكان يهوديا، فاستقرض منه ثلاثة أصوع من شعير، فجاء به، فوضعه ناحية البيت، فقامت فاطمة إلى صاع فطحنته واختبزته، وصلى علي مع النبي صلى الله عليه وسلم، ثم أتى المنزل فوضع الطعام بين يديه. وفي حديث الجعفي: فقامت الجارية إلى صاع من شعير فخبزت منه خمسة أقراص، لكل واحد منهم قرص، فلما مضى صيامهم الأول وضع بين أيديهم الخبز والملح الجريش؛ إذ أتاهم مسكين، فوقف بالباب وقال: السلام عليكم أهل بيت محمد - في حديث الجعفي - أنا مسكين من مساكين أمة محمد صلى الله عليه وسلم، وأنا والله جائع؛ أطعموني أطعمكم الله من موائد الجنة. فسمعه علي رضي الله عنه، فأنشأ يقول:


فاطم ذات الفضل اليقينيا بنت خير الناس أجمعين
أما ترين البائس المسكينقد قام بالباب له حنين
يشكو إلى الله ويستكينيشكو إلينا جائع حزين
كل امرئ بكسبه رهينوفاعل الخيرات يستبين
مـوعـدنا جـنة عليينحرمها الله على الضنين