وروى الطبراني أيضا في معجمه الكبير حدثنا بشر بن موسى ومحمد بن عبد الله الحضرمي قالا ثنا عبد الله بن محمد بن سالم القزاز قال ثنا حسين بن زيد بن علي وعلي بن عمر بن علي عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي بن الحسين عن الحسين بن علي عن علي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لفاطمة أن الله يغضب لغضبك ويرضى لرضاك.
وروى الطبراني في المعجم الأوسط أخبرنا أبو يعلى ثنا عبد الله بن محمد بن سالم ثنا حسين بن زيد عن علي بن عمر بن علي عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن الحسن بن علي عليه السلام عن علي ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لفاطمة عليها السلام يا فاطمة ان الله عز وجل ليغضب لغضبك ويرضى لرضاك.
وروى ابن حجر في الإصابة عن علي قال قال النبي صلى الله عليه وسلم لفاطمة إن الله يرضى لرضاك ويغضب لغضبك.
أخرج بن أبي عاصم عن علي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لفاطمة إن الله يغضب لغضبك ويرضى لرضاك
وروى أبو يعلى في معجمه عن علي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لفاطمة عليها السلام يا فاطمة ان الله عز وجل ليغضب لغضبك ويرضى لرضاك
وفي الآحاد والمثاني عن علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم ثم أنه قال لفاطمة رضي الله عنها أن الله يغضب لغضبك ويرضى لرضاك
وروى في التدوين في أخبار قزوين عن علي ابن أبي طالب رضي اللّه عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال يا فاطمة إن اللّه يغضب لغضبك ويرضى لرضاك.
ورواه الدار قطني وسئل عن حديث الحسين بن علي عن علي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لفاطمة إن الله يرضى لرضاك ويغضب لغضبك فقال يرويه حسين بن زيد بن علي عن علي بن عمر بن علي عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن الحسين بن علي.
وروى في الذرية الطاهرة عن علي بن أبي طالب أن النبي قال لفاطمة يا فاطمة إن الله يغضب لغضبك ويرضى لرضاك.
هذه مجموعه من الروايات لهذا الحديث بهذا اللفظ بأسندة ومتون مختلفة انتقيتها لك من كتب وصحاح أهل السنة المختلفة وتركت روايات مثلها أخرى خوفا من الإطالة وبينت لك صحة أسانيدها.
أخرج الأزرقي والحاكم في المستدرك والطبراني ومالك في الموطأ والهيثمي في مجمع الزوائد وفي فيض القدير للمناوي والجامع الصغير للسيوطي والبيهقي في شعب الإيمان عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ستة لعنتهم وكل نبي مجاب. وذكر منهم، المستحل من عترتي ما حرم الله عليه، والمستحل لحرم الله". روى هذا الحديث من الصحابة، عائشة، علي عليه السلام ابن أبي مليكة عن أبيه، عمرو بن شعيب، عمرو بن سعواء اليافعي.
وإذا أضفنا في هذا المقام آية التطهير التي نزلت في حق الزهراء وأبيها وبعلها وبنيها، وكذلك آية المباهلة التي نزلت في حقهم أيضا، يتبين لك أن هذه السيدة الصديقة معصومة في أفعالها وأقوالها وسلوكها، ولا يجوز عليها الشك والزلل والخطأ، وأن الله سبحانه وتعالى فضلها، وطهرها واصطفاها على نساء العالمين، كما اصطفى مريم بنت عمران قال سبحانه وتعالى في سورة آل عمران. الآية: 42 {وإذ قالت الملائكة يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين}.
إذن فالسيدة فاطمة الزهراء، مطهرة من الرجس، مصطفاة من الله، لا يختلف أحد أنها سيدة نساء أهل الجنة، فهي معصومة ومفضلة عند الله وعند رسوله وعند المؤمنين.
حتى أن هناك العديد من كبار العلماء عند أهل السنة، قد فضلها على أبي بكر وعمر صراحة، ففي كتاب فيض القدير للمناوي عند شرحه لحديث فاطمة بضعة مني، يقول: قال الحافظ السهيلي: على أن من سب السيدة الزهراء قد كفر، وقد قال أيضا أنها أفضل من الشيخين.
وكذلك ذكر المناوي أن ابن حجر قال: بتحريم أذى من يتأذى المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم بأذيته.
وقال السبكي: بأن الذي نختاره، وندين به، أن السيدة فاطمة سلام الله عليها أفضل من خديجة وعائشة.
وذكر العلم العراقي: أن السيدة فاطمة الزهراء وأخاها إبراهيم أفضل من الخلفاء الأربعة باتفاق، هذا كله مذكور في كتاب فيض القدير للمناوي.
والسؤال المهم الذي يطرح نفسه، كيف تعامل المسلمون مع الصديقة الطاهرة السيدة فاطمة الزهراء سلام الله عليها؟ كيف تعامل معها الخليفة الأول أبو بكر والثاني عمر بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ هل آذوها، وانتقموا منها، ومن ذريتها، كما فعلت اليهود والنصارى مع الصديقين من أبناء أنبيائهم وأوصياء أنبيائهم؟ هل فعلوا ذلك مع أهل بيت النبوة ومعدن الرسالة؟ لنرى معا الإجابة على كل تلك الأسئلة، ولا تستعجل عزيزي القارئ، فلكل سؤال جواب من كتب أهل السنة وصحاحهم.
أحب أن أقدم في البداية حديثاً موجوداً في صحيح البخاري وفي صحيح مسلم وهما من الكتب التي لامجال في النقاش فيها عند أهل السنة لأنها كلها صحيحة.
روى البخاري في صحيحه في باب فرض الخمس حدثنا عبد العزيز بن عبد الله: حدثنا إبراهيم بن سعد، عن صالح، عن ابن شهاب قال: أخبرني عروة بن الزبير: أن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أخبرته:
أن فاطمة عليها السلام، ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم: سألت أبا بكر الصديق بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن يقسم لها ميراثها، ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم مما أفاء الله عليه، فقال أبو بكر: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا نورث، ما تركنا صدقة). فغضبت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فهجرت أبا بكر، فلم تزل مهاجرته حتى توفيت، وعاشت بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ستة أشهر، قالت: وكانت فاطمة تسأل أبا بكر نصيبها مما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم من خيبر وفدك، وصدقته بالمدينة، فأبى أبو بكر عليها ذلك.
وروى البخاري أيضا حدثنا يحيى بن بكير: حدثنا الليث، عن عقيل، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة: أن فاطمة عليها السلام، بنت النبي صلى الله عليه وسلم، أرسلت إلى أبي بكر تسأله ميراثها من رسول الله صلى الله عليه وسلم، مما أفاء الله عليه بالمدينة وفدك، وما بقي من خمس خبير، فقال أبو بكر: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا نورث، ما تركنا صدقة، إنما يأكل آل محمد - صلى الله عليه وسلم - في هذا المال). وإني والله لا أغير شيئا من صدقة رسول الله صلى الله عليه وسلم عن حالها التي كانت عليها في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولأعملن فيها بما عمل به رسول الله صلى الله عليه وسلم. فأبى أبو بكر أن يدفع إلى فاطمة منها
وروى مسلم في صحيحه حدثني محمد بن رافع. أخبرنا حجين. حدثنا ليث عن عقيل، عن ابن شهاب، عن عروة بن الزبير، عن عائشة؛ أنها أخبرته: أن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسلت إلى أبي بكر الصديق تسأله ميراثها من رسول الله صلى الله عليه وسلم. مما أفاء عليه بالمدينة وفدك. وما بقي من خمس خيبر. فقال أبو بكر: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (لا نورث ما تركنا صدقة. إنما يأكل آل محمد (صلى الله عليه وسلم) في هذا المال). وإني والله! لا أغير شيئا من صدقة رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن حالها التي كانت عليها، في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولأعملن فيها، بما عمل به رسول الله صلى الله عليه وسلم. فأبى أبو بكر أن يدفع إلى فاطمة شيئا. فوجدت فاطمة على أبي بكر في ذلك. قال: فهجرته. فلم تكلمه حتى توفيت. وعاشت بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ستة أشهر. فلما توفيت دفنها زوجها علي بن أبي طالب ليلا. ولم يؤذن بها أبا بكر. وصلى عليها علي. وكان لعلي من الناس وجهة، حياة فاطمة. فلما توفيت استنكر على وجوه الناس. فالتمس مصالحة أبي بكر ومبايعته. ولم يكن بايع تلك الأشهر. ومعنى وجدت في الحديث أي غضبت
وروى احمد في مسنده حدثنا عبد الله قال حدثني أبي قال حدثنا يعقوب قال حدثنا أبي عن صالح قال ابن شهاب أخبرني عروة بن الزبير أن عائشة رضي الله عنها زوج الرسول صلى الله عليه وسلم أخبرته -أن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم سألت أبا بكر رضي الله عنه بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقسم لها ميراثها مما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم مما أفاء الله عليه فقال لها أبو بكر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا نورث ما تركنا صدقة فغضبت فاطمة عليها السلام فهجرت أبا بكر رضي الله عنه فلم تزل مهاجرته حتى توفيت قال وعاشت بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ستة أشهر قال وكانت فاطمة رضي الله عنها تسأل أبا بكر نصيبها مما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم من خبير وفدك وصدقته بالمدينة فأبى أبا بكر رضي الله عنه عليها.
ثم رواه أحمد عن يعقوب بن إبراهيم، عن أبيه، عن صالح بن كيسان، عن الزُّهري، عن عروة، عن عائشة أن فاطمة سألت أبا بكر بعد وفاة رسول الله ميراثها مما ترك مما أفاء الله عليه.
فقال لها أبو بكر: إن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال: ((لا نورث ما تركنا صدقة)) فغضبت فاطمة وهجرت أبا بكر فلم تزل مهاجرته حتَّى توفيت.
وروى ابن أبي الحديد في شرح النهج قال رفضت فاطمة المصالحة مع أبي بكر وعمر. قال: والصحيح عندي أنها ماتت وهي واجدة عليهما على أبي بكر وعمر وأنها أوصت إلا يصليا عليها.
وقد سعى الشيخان مراراً أن يستأذنا على فاطمة فلم تأذن لهما فأتيا علياً فكلماه فأدخلهما عليها فلما قعدا عندها حولت وجهها إلى جهة الحائط فسلما عليها فلم ترد عليهما السلام ثم قالت: (نشدتكما الله ألم تسمعا رسول الله يقول: رضا فاطمة من رضاي وسخط فاطمة من سخطي فمن أحبّ فاطمة ابنتي أحبني ومن أرضى فاطمة فقد أرضاني ومن أسخط فاطمة فقد أسخطني؟ قالا نعم سمعناه من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قالت: فاني أُشهد الله وملائكته أنكما أسخطتماني وما أرضيتماني ولئن لقيت النبي لأشكونكما إليه).
من جملة الأحاديث التي ذكرناها و اختصرنا منها الكثير يتبين لنا أن فاطمة ماتت وهي غاضبة وواجدة على أبي بكر وعمر، كما جاء في صحيح البخاري ومسلم وغيرهم، فما أدري كيف تكون المعادلة.. إذا كان غضب فاطمة، هو غضب الله، وأن الله ليرضى لرضا فاطمة، ويغضب لغضبها، ثم تموت الزهراء، وهي واجدة ـ غاضبة ـ على أبي بكر وعمر، فالقرآن يقول بصراحة: إن الذي يحلل عليه غضب الله يكون من الهالكين: (ومن يحلل عليه غضبي فقد هوى).
والعجيب أن هذه الأحاديث كلها موجودة في صحيح البخاري وفي كتب الصحاح الأخرى، وكلها تؤكد أن الله ليرضى لرضا فاطمة ويغضب لغضبها.. وأن فاطمة ماتت وهي واجدة على أبي بكر و عمر... ماتت ولم تكلمهما كلمة واحدة... ماتت ودفنت في الليل ولم يحضر أبو بكر ولا عمر تجهيزها ولا الصلاة عليها.
إذن انتقلت السيدة الزهراء إلى الرفيق الأعلى، وهي غاضبة على أبي بكر وعمر، ولايمكن أن يكون عند أي إنسان غضب إلا بسبب أذى قد أصابه من أحد، فما بالك بالسيدة الزهراء سلام الله عليها والتي عاشت بعد رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم، لم تكلم أبابكر وعمر، وكانت تدير وجهها عنهما. وماتت وهي غاضبة عليهما، وأوصت بأن لايعرفوا مكان دفنها، وهذا يستدعي منا البحث منذ لحظة وفاة رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم إلى لحظة وفاتها، ماذا حصل معها؟ هل ماتت ولم
سنحاول أن نجيب عن تلك الأسئلة، بشكل موضعي مختصر، حتى يكون هناك مجال للقارئ العزيز للبحث، والنظر في كتب التاريخ والحديث، ولا يكتفي بما هو في طيات هذا البحث المتواضع القصير.
أحب أن أذكر القارئ العزيز، مرة أخرى بالحديث الذي يقول فيه النبي صلى الله عليه وآله وسلم: إن الله يغضب لغضب فاطمة ويرضى لرضاها. وأحب أن نجعله قاعدة راسخة لتحليلاتنا في هذه القضية، ويجب أن نتذكر دائماً، أن السيدة الزهراء إذا غضبت يغضب الله وإذا رضيت رضي الله، وبالتالي فكلامها حق , هي معصومة، مختارة من الله سبحانه وتعالى، آذاها أذى الله ورسوله رضاها رضي الله ورسوله غضبها غضب الله ورسوله قال تعالى سورة الأحزاب. الآية: 57 {إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذابا مهينا}.
أخرج الأزرقي والحاكم في المستدرك والطبراني ومالك في الموطأ والهيثمي في مجمع الزوائد وفي فيض القدير للمناوي والجامع الصغير للسيوطي والبيهقي في شعب الإيمان عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ستة لعنتهم وكل نبي مجاب. الزائد في كتاب الله، والمكذب بقدر الله، والمتسلط بالجبروت ليذل من أعز الله ويعز من أذل الله، والتارك لسنتي، والمستحل من عترتي ما حرم الله عليه، والمستحل لحرم الله". روى هذا الحديث من الصحابة، عائشة، علي عليه السلام، لبن أبي مليكة عن أبيه، عمرو بن شعيب، عمرو بن سعواء اليافعي.
وكما ترى فإن الأذى والغضب والرضي في الأحاديث كلها التي ذكرت في بداية البحث، مطلق غير مقيد، يشمل جميع أنواع الأذى والغضب، مهما كان نوعه، ومن أي شخص كان.
أحببت أن الفت النظر مرة أخرى لهذه القاعدة الهامة والتي سننطلق منها إلى تكملة بقية البحث.
وعلى ذلك، فإنه يجب على المسلم أن يعتقد أن مجرد تكذيب السيدة فاطمة الزهراء سلام الله عليها، ورد قولها وعدم قبول كلامها، هو مصيبة من أعظم المصائب على المسلمين، وذلك لأن رد قولها، هو رد لله وللرسول،وعدم قبول كلامها، هو عدم قبول كلام الله وكلام رسوله، وفي تكذيبها تكذيب لله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم والعياذ بالله، هذه بحق مصيبة المصائب.
لقد صادر أبو بكر وعمر ومن معهم من المنافقين الدجالين، أملاك السيدة الزهراء سلام الله عليها وكذبوها، وانتزعوا منها فدك انتزاعاً، وكذلك بقية إرثها من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، بعد أن منحهم ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بأمر من ربه.
روى المتقي الهندي في كنز العمال عن أبي سعيد قال: لما نزلت {وآت ذا القربى حقه} قال النبي صلى الله عليه وسلم: يا فاطمة لك فدك.
وروى الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد قوله تعالى: {وآت ذا القربى حقه}.
عن أبي سعيد قال: لما نزلت: {وآت ذا القربى حقه}. دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة فأعطاها فدك.
وروي في مسند أبي يعلى عن أبي سعيد قال ثم لما نزلت هذه الآية وآت ذا القربى حقه دعا النبي صلى الله عليه وسلم فاطمة وأعطاها فدك
ورواه الذهبي في ميزان الاعتدال عن أبي سعيد قال لما نزلت وآت ذا القربى حقه الإسراء دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة فأعطاها فدك
ورواه غير هؤلاء الذهبي، الطبراني، ابن النجار، ابن حجر، السيوطي، كنز العمال، البزار، أبو يعلى، وابن أبي حاتم، ابن مردويه، والحاكم، وغيرهم، والحديث صحيح.
إذن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أعطى السيدة فاطمة الزهراء سلام الله عليها فدكاً، وجاء أبو بكر وانتزعها منها بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ورفض شهادتها.وكذبها، ولم يقبل شهادة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ولا أم أيمن، ولا الحسن والحسين الإمامان المعصومان، كلهم ردهم أبو بكر وكذبهم ورد قولهم وصمم أن لا يعطي ذرية رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم شيئاً مما أعطاهم الله سبحانه وتعالى.
روى أبو داود في سننه حدثنا عبيد الله بن عمر بن ميسرة، ثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن عبد الله بن المبارك، عن يونس بن يزيد، عن الزهري، قال: أخبرني سعيد بن المسيب، قال: أخبرني جُبير بن مطعم أنه جاء هو وعثمان بن عفان يكلمان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيما قسم من الخمس بين بني هاشم وبني المطلب. فقلت: يا رسول اللّه، قسمت لإِخواننا بني المطلب، ولم تعطنا شيئاً، وقرابتنا وقرابتهم منك واحدة. فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إنّما بنو هاشمٍ وبنوا المطلب شيء واحدٌ". قال جبير: ولم يقسم لبني عبد شمس، ولا لبني نوفل شيئاً من ذلك الخمس، كما قسم لبني هاشم وبني المطلب.قال: وكان أبو بكر يقسم الخمس نحو قَسْمِ رسول
وروى أيضا في سننه حدثنا عبيد الله بن عمر، ثنا عثمان بن عمر، قال: أخبرني يونس، عن الزهري، عن سعيد بن المسيِّب، ثنا جبير بن مطعم: أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يقسم لبني عبد شمس، ولا لبني نوفل من الخمس شيئاً، كما قسم لبني هاشم وبني المطلب. قال: وكان أبو بكر يَقْسِمُ الخمس نحو قسم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- غير أنه لم يكن يعطي قربى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كما كان يعطيهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
وروى أيضا في سننه حدثنا أحمد بن صالح، ثنا عنبسة، ثنا يونس، عن ابن شهاب، قال: أخبرنا يزيد بن هُرمُزَ: أن نجدة الحروريَّ حين حجَّ في فتنة ابن الزبير أرسل إلى ابن عباس يسأله عن سهم ذي القربى ويقول: لمن تراه؟ قال ابن عباس: لقربى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قسمه لهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقد كان عمر عرض علينا من ذلك عرضاً رأيناه دون حقِّنا فرددناه عليه وأبينا أن نقبله.
ورواه بنفس السند البخاري، واحمد، والنسائي، وابن ماجه، والبرقاني، وقال صحيح على شرط مسلم. غير أنهم قد حذفوا الجملة التي تتحدث عن منع قربى رسول الله حقهم، دفاعا عن أبي بكر وحرصا على سمعته.
وروى في معجم البلدان كان لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت فاطمة رضي الله عنها لأبي بكر رضي الله عنه إن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل لي فدك فأعطني إياها وشهد لها علي بن أبي طالب رضي الله عنه فسألها شاهدا آخر فشهدت لها أم أيمن مولاة النبي صلى الله عليه وسلم فقال قد علمت يا بنت رسول الله أنه لا يجوز إلا شهادة رجلين أو رجل وامرأتين
أيضا لم يطبق أبو بكر القاعدة التي تقول البينة على من ادعى واليمين على من أنكر، فبغض النظر عن أن السيدة فاطمة الزهراء سلام الله عليها معصومة، واذهب الله عنها الرجس، وأن رضاها رضا الله ومن آذاها فقد آذى الله، بغض النظر عن كل ذلك، كان الأولى بأبي بكر على الأقل أن يعامل السيدة الزهراء في قضيتها كأي إنسان عادي من المسلمين، لكنه لم يفعل ذلك ورفض حتى هذا الاعتبار أيضا، فلم يطلب منها شاهد ولا يمين, فقد روى مسلم في صحيحه في باب الأقضية قال: قضى رسول بشاهد ويمين.
كذلك لم يعامل أبو بكر السيدة الزهراء سلام الله عليها على الأقل كأي صحابي عادي، بل رفض ذلك، مع انه قضى لجابر بن عبد الله الصحابي بدون شهادة ولا دليل.
روى البخاري في صحيحه حدثنا علي بن عبد الله: حدثنا سفيان: حدثنا عمرو: سمع محمد ابن علي، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لو قد
وروى في البخاري أيضا حدثنا علي بن عبد الله: حدثنا سفيان: حدثنا ابن المنكدر: سمعت جابرا رضي الله عنه قال: قال لي النبي صلى الله عليه وسلم: (لو جاء مال البحرين أعطيتك هكذا - ثلاثا). فلم يقدم حتى توفي النبي صلى الله عليه وسلم، فأمر أبو بكر مناديا فنادى: من كان له عند النبي صلى الله عليه وسلم عدة أو دين فليأتنا، فأتيته فقلت: إن النبي صلى الله عليه وسلم وعدني، فحثى لي، ثلاثا.
وروى مسلم في صحيحه حدثنا عمرو الناقد. حدثنا سفتان بن عيينة عن ابن المنكدر؛ أنه سمع جابر بن عبد الله. ح وحدثنا إسحاق. أخبرنا سفيان عن ابن المنكدر، عن جابر، وعن عمرو، عن محمد بن علي، عن جابر. أحدهما يزيد على الآخر. ح وحدثنا ابن أبي عمر (واللفظ له) قال: قال سفيان: سمعت محمد بن المنكدر يقول: سمعت جابر بن عبد الله. قال سفيان: وسمعت أيضا عمرو بن دينار يحدث عن محمد بن علي. قال: سمعت جابر بن عبد الله. وزاد أحدهما على الآخر قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لو قد جاءنا مال البحرين لقد أعطيتك هكذا وهكذا وهكذا" وقال بيديه جميعا. فقبض النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يجيء مال البحرين. فقدم على أبي بكر بعده. فأمر مناديا فنادى: من كانت له على النبي صلى الله عليه وسلم عدة أو دين فليأت. فقمت فقلت: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال "لو قد جاءنا مال البحرين أعطيتك هكذا وهكذا وهكذا" فحثى أبو بكر مرة. ثم قال لي: عدها. فعددتها فإذا هي خمسمائة. فقال خذ مثليها.
روى المتقي الهندي في كنز العمال عن عمر مولى غفرة قال: لما توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء مال من البحرين فقال أبو بكر: من كان له على رسول الله صلى الله عليه وسلم شيء أو عدة فليقم فليأخذ، فقام جابر فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن جاءني مال من البحرين لأعطينك هكذا وهكذا ثلاث حثا بيده، فقال له أبو بكر: قم فخذ بيدك فأخذ فإذا هي خمس مائة درهم فقال: عدوا له ألفا.
وروى الهيثمي في مجمع الزوائد عن عمر بن عبد الله مولى غفرة قال: قدم على أبي بكر مال من البحرين فقال: من كان له على رسول الله صلى الله عليه وسلم عدة فيأت فليأخذ، قال: فجاء جابر بن عبد الله فقال: قد وعدني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "إذا جاءني من البحرين ما أعطيتك هكذا وهكذا وهكذا". ثلاث مرات ملء كفيه فقال: خذ بيديك. قال: فأخذ بيديه فوجد خمسمائة قال: عد إليها ثم أعطاه مثلها.
قال المنذري إنما أقطعها مروان في زمان عثمان رضي الله عنه وكان ذلك مما عابوه وتعلقوا به على عثمان. ذكرت هذه الرواية في سنن أبي داوود، والبيهقي، وتهذيب الكمال، ومعجم البلدان، والطبقات الكبرى لابن سعد، تاريخ الطبري، ومعجم ما استعجم، وغيرهم.
بالله عليكم كيف يجوز لأبي بكر وعمر ومن معهم من المنافقين الدجالين، إن يصدقوا كلام الصحابي، ويكذبوا كلام السيدة الزهراء المعصومة التي اذهب الله عنها الرجس والتي رضاها من رضا الله وغضبها من غضب الله. لاحظوا كيف أن أبا بكر لم يطلب شاهداً من الصحابي في القصة المذكورة في الأحاديث السابقة، بينما لم يفعل ذلك مع السيدة الزهراء، لماذا...؟ هل هذا إنصاف من الخليفة أم حقد وبغض وضغينة في الصدور، على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وذريته من بعده؟، أم هو ما اخبر به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: (أنا أهل بيت، اختار الله لنا الآخرة على الدنيا، وأنه سيلقى أهل بيتي من بعدي تطريدا وتشريدا في البلاد).
والآن أعود وأذكر بأن السيدة الزهراء سلام الله عليها بعد أن غضبت على أبي بكر وعمر، ردت عليهم بخطبة بليغة أقدمها بين يدي القارئ العزيز، فعلى إثر الأحداث المريرة التي شهدتها الساحة الإسلاميّة بعد وفاة الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم، مثل قضية اغتصاب الخلافة والاعتداء على حق أمير المؤمنين(ع) وغصب فدك من فاطمة الزهراء(ع) والهجوم على دارها، وغير ذلك من الأحداث الأليمة، رأت الزهراء(ع) أن الواجب يفرض عليها أن تقف مع الحق وتقول كلمة الحق.وهكذا خرجت إلى مسجد النبي صلى الله عليه وآله وسلم ووقفت أمام جموع المهاجرين والأنصار وخطبت بهذه الخطبة القيّمة.
خطبة الزهراء في الرد على أبي بكر وعمر
لما أجمع أبو بكر و عمر على منع فاطمة (ع) فدكا و بلغها ذلك لاثت خمارها على رأسها و اشتملت بجلبابها و أقبلت في لمة من حفدتها و نساء قومها تطأ ذيولها ما تخرم مشيتها مشية رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم حتى دخلت على أبي بكر و هو في حشد من المهاجرين و الأنصار و غيرهم فنيطت دونها ملاءة فجلست ثم أنت أنة أجهش القوم لها بالبكاء فأرتج المجلس ثم أمهلت هنيئة حتى إذا سكن نشيج القوم و هدأت فورتهم افتتحت الكلام بحمد الله و الثناء عليه و الصلاة على رسوله فعاد القوم في بكائهم فلما أمسكوا عادت في كلامها فقالت ع الحمد لله
ثم قالت أيها الناس اعلموا أني فاطمة و أبي محمد صلَّى الله عليه وآله وسلَّم أقول عودا و بدوا و لا أقول ما أقول غلطا و لا أفعل ما أفعل شططا لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ فإن تعزوه و تعرفوه تجدوه أبي دون نسائكم و أخا ابن عمي دون رجالكم و لنعم المعزى إليه ص فبلغ الرسالة صادعا بالنذارة مائلا عن مدرجة المشركين ضاربا ثبجهم آخذا بأكظامهم داعيا إلى سبيل ربه بالحكمة و الموعظة الحسنة يجف الأصنام و ينكث الهام حتى انهزم الجمع و ولوا الدبر حتى تفرى الليل عن صبحه و أسفر الحق عن محضه و نطق زعيم الدين و خرست شقاشق الشياطين و طاح وشيظ النفاق و انحلت عقد الكفر و الشقاق و فهتم بكلمة الإخلاص في نفر من البيض الخماص و كنتم على شفا حفرة من النار مذقة الشارب و نهزة الطامع و قبسة العجلان و موطئ الأقدام تشربون الطرق و تقتاتون القد أذلة خاسئين تخافون أن يتخطفكم الناس من حولكم فأنقذكم الله تبارك و تعالى بمحمد صلَّى الله عليه وآله وسلَّم بعد اللتيا و التي و بعد أن مني ببهم الرجال و ذؤبان العرب و مردة أهل الكتاب كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله أو نجم قرن الشيطان أو فغرت فاغرة من المشركين قذف أخاه في لهواتها فلا ينكفئ حتى يطأ جناحها بأخمصه و يخمد لهبها بسيفه مكدودا في ذات الله مجتهدا في أمر الله قريبا من رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم سيدا في أولياء الله مشمرا ناصحا مجدا كادحا لا تأخذه في الله لومة لائم و أنتم في رفاهية من العيش وادعون فاكهون آمنون تتربصون بنا الدوائر و تتوكفون الأخبار و تنكصون عند النزال و تفرون من القتال فلما اختار الله لنبيه دار أنبيائه و مأوى أصفيائه ظهر فيكم حسكة النفاق و سمل جلباب الدين و نطق كاظم الغاوين و نبغ خامل الأقلين و هدر فنيق المبطلين فخطر في عرصاتكم و أطلع الشيطان رأسه من مغرزه هاتفا بكم فألفاكم لدعوته مستجيبين و للعزة فيه ملاحظين ثم استنهضكم فوجدكم خفافا و أحمشكم فألفاكم غضابا فوسمتم غير إبلكم و وردتم غير مشربكم هذا و العهد قريب و الكلم رحيب و الجرح لما يندمل و الرسول لما يقبر ابتدارا زعمتم خوف الفتنة إلا في الفتنة سقطوا و إن جهنم لمحيطة بالكافرين فهيهات منكم و كيف بكم و أنى تؤفكون و كتاب الله بين أظهركم أموره ظاهرة و أحكامه زاهرة و أعلامه باهرة و زواجره لائحة و أوامره واضحة و قد خلفتموه وراء ظهوركم أرغبة عنه تريدون أم بغيره تحكمون بئس للظالمين بدلا و من يتبع غير الإسلام دينا فلن يقبل منه و هو في الآخرة من الخاسرين ثم لم تلبثوا إلا ريث أن تسكن نفرتها و يسلس قيادها ثم أخذتم تورون وقدتها و تهيجون جمرتها و تستجيبون لهتاف الشيطان الغوي و إطفاء أنوار الدين الجلي و إهمال سنن النبي صلَّى الله عليه وآله وسلَّم الصفي تشربون حسوا في ارتغاء و تمشون لأهله و ولده في الخمرة و الضراء و يصير منكم على مثل حز المدى و وخز السنان في الحشا و أنتم الآن تزعمون أن لا إرث لنا(أ فحكم الجاهلية تبغون و من أحسن من الله حكما لقوم يوقنون(أ فلا تعلمون بلى قد تجلى لكم كالشمس الضاحية أني ابنته أيها المسلمون أ أغلب على إرثي يا ابن أبي قحافة أ في
فأجابها أبو بكر و قال يا بنت رسول الله لقد كان أبوك بالمؤمنين عطوفا كريما رءوفا رحيما و على الكافرين عذابا أليما و عقابا عظيما إن عزوناه وجدناه أباك دون النساء و أخا إلفك دون الأخلاء آثره على كل حميم و ساعده في كل أمر جسيم لا يحبكم إلا سعيد و لا يبغضكم إلا شقي بعيد فأنتم عترة رسول الله الطيبون الخيرة المنتجبون على الخير أدلتنا و إلى الجنة مسالكنا و أنت يا خيرة النساء و ابنة خير الأنبياء صادقة في قولك سابقة في وفور عقلك غير مردودة عن حقك و لا مصدودة عن صدقك و الله ما عدوت رأي رسول الله و لا عملت إلا بإذنه و الرائد لا يكذب أهله و إني أشهد الله و كفى به شهيدا أني سمعت رسول الله ص يقول نحن معاشر الأنبياء لا نورث ذهبا و لا فضة و لا دارا و لا عقارا و إنما نورث الكتاب و الحكمة و العلم و النبوة و ما كان لنا من طعمة فلولي الأمر بعدنا أن يحكم فيه بحكمه و قد جعلنا ما حاولته في الكراع و السلاح يقاتل بها المسلمون و يجاهدون
فقالت (ع) سبحان الله ما كان أبي رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم عن كتاب الله صادفا و لا لأحكامه مخالفا بل كان يتبع أثره و يقفو سوره أفتجمعون إلى الغدر اعتلالا عليه بالزور و هذا بعد وفاته شبيه بما بغي له من الغوائل في حياته هذا كتاب الله حكما عدلا و ناطقا فصلا يقول (يَرِثُنِي وَ يَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ) و يقول(وَ وَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ (و بين عز و جل فيما وزع من الأقساط و شرع من الفرائض و الميراث و أباح من حظ الذكران و الإناث ما أزاح به علة المبطلين و أزال التظني و الشبهات في الغابرين كلا بل سولت لكم أنفسكم أمرا فصبر جميل و الله المستعان على ما تصفون فقال أبو بكر صدق الله و رسوله و صدقت ابنته معدن الحكمة و موطن الهدى و الرحمة و ركن الدين و عين الحجة لا أبعد صوابك و لا أنكر خطابك هؤلاء المسلمون بيني و بينك قلدوني ما تقلدت و باتفاق منهم أخذت ما أخذت غير مكابر و لا مستبد و لا مستأثر و هم بذلك شهود فالتفتت فاطمة عليها السلام إلى الناس و قالت معاشر المسلمين المسرعة إلى قيل الباطل المغضية على الفعل القبيح الخاسر) أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها(كلا بل ران على قلوبكم ما أسأتم من أعمالكم فأخذ بسمعكم و أبصاركم و لبئس ما تأولتم و ساء ما به أشرتم و شر ما منه اغتصبتم لتجدن و الله محمله ثقيلا و غبه وبيلا إذا كشف لكم الغطاء و بان بإورائه الضراء و بدا لكم من ربكم ما لم تكونوا تحتسبون و خسر هنا لك المبطلون ثم عطفت على قبر النبي صلَّى الله عليه وآله وسلَّم و قالت
قـد كـان بعـدك أنبـاء و هنبثة | لو كنت شاهدها لم تكثر الخطب |
أنا فقـدناك فقـد الأرض وابلها | و اختل قومك فاشهدهم و لا تغب |
قـد كـان جبريـل بالآيات يؤنسنا | فغاب عنا فكـل الخيـر محتجب |
و كنت بـدرا و نـورا يستضاء به | عليك ينزل من ذي العـزة الكتب |
تجهمتنـا رجـال و استخف بنـا | إذ غبت عنا فنحن اليـوم تغتصب |
فسوف نبكيك ما عشنا و ما بقيت | منا العيـون بتهمال لها سكـب |
عزيزي القارئ لا تظنن إن ما فعله أبو بكر وعمر، ومن معهم هو فقط انتزاع حقها من الميراث والخمس والفيء، فإنهم لم يكتفوا بذلك، فحتى يشفوا غليلهم وأحقادهم من عترة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قاموا بالهجوم على بيتها وكشف حرمته وإحراقه، وقاموا بضربها وكسر ضلعها، وإسقاط جنينها، واليك شيئا من التفصيل فيما يتعلق بهذا الأمر، نرويه أيضا مما في كتب وصحاح أهل السنة.
إحراق بيت السيدة الزهراء
أما الأمر الثاني الذي حصل للسيدة الزهراء بعد وفاة الرسول بعد أن انتزعت منها فدك، وانتزع منها ارثها، ومنعت حقها من الخمس. كانت الحملة الثانية من الأذى للسيدة الزهراء وآل بيت رسول الله سلام الله عليهم أجمعين، هي الهجوم على بيتها، والتهديد بإحراقه وحرقه، وكسر باب بيتها، وضربها، وكسر ضلعها، وإسقاط جنينها محسن عليه سلام الله، وكشف حرمتها وحرمت بيتها، ذلك البيت الذي كان مهبط الوحي بيت أهل البيت والنبوة والرحمة، باب بيت السيدة الزهراء سلام الله عليها وأمير المؤمنين علي عليه السلام والسيدة زينب والإمام الحسن والحسين.وكأن أولئك العابثين قد تناسوا قول رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم لهم حيث قال: اشتد غضب الله على من آذاني في عترتي. وأيضا تناسوا كل تلك الأحاديث التي صدرت عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في حق من يؤذي فاطمة أو يغضبها والتي ذكرناها في القسم الأول من البحث.
عزيزي القارئ ما هو موقفك من هذا الأذى الفظيع المهين المخزي؟، بعد أن تنظر إلى مجموعة الأحاديث التي ذكرتها لك في بداية البحث، انظر وفكر وتأمل بنزاهة، وكن صادقاً مع نفسك، أظنك حتما سوف تصل إلى الحقيقة، وتحدد موقفك.
أما الهجوم على بيتها وكسر الباب وإحراقه فإليك بعض النصوص من كتب أهل السنة التي تؤكد على حصول ذلك قطعاً، ولا تنسى أن هذه المسألة من الأمور القطعية الثابتة في كتب وأحاديث