روى ابن سعد في الطبقات أخبرنا محمد بن عبد الله الأنصاري، أنبأنا قرة بن خالد، أخبرني عامر بن عبد الواحد، عن شهر بن حوشب قال: أنا لعند أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم فسمعنا صارخةً فأقبلت حتى انتهت إلى أم سلمة، فقالت: قتل الحسين.فقالت: قد فعلوها، ملأ الله قبورهم - أو بيوتهم -عليهم ناراً، ووقعت مغشياً عليها، وقمنا.
وروي احمد في مسنده: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، ثنا ابن مسلم، عن عمار قال: سمعت أم سلمة قالت: سمعت الجن يبكين على الحسين، وسمعت الجن تنوح على الحسين. رواه الحسين بن إدريس، عن هاشم بن هاشم، عن أمه، عن أم سلمة قالت: سمعت الجن ينحن على الحسين وهن يقلن:
أيها القاتلون جهلاً حسيناً | أبشروا بالعذاب والتنكيل |
كل أهل السماء يدعو عليكم | ونبي ومرسل وقبيل |
قد لعنتم على لسان ابن داود | وموسى وصاحب الإنجيل |
وقد روي من طريق أخرى، عن أم سلمة بشعر غير هذا.
روى الخطيب البغدادي، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس.قال: أوحى الله تعالى إلى محمد إني قتلت بيحيى بن زكريا سبعين ألفاً، وأنا قاتل بابن بنتك سبعين ألفاً وسبعين ألفاً و رواه الحاكم في مستدركه.
عزيزي القارئ لقد بكت السماء دما، وبكت الأرض دما يوم استشهاد الإمام الحسين عليه السلام، يوم عاشوراء الحزين، الذي حوله الأمويون أيام الحجاج بأمر من الخلفاء إلى يوم فرح وعيد ذلك اليوم الذي ناحت فيه الجن على أبي عبد الله عليه السلام وأهل بيته وأصحابه، والروايات في ذلك أكثر من إن تحصى أقدم إليك جملة منها.
روى في مجمع الزوائد عن الزهري قال: قال لي عبد الملك: أي واحد أنت إن أعلمتني أي علامة كانت يوم قتل الحسين بن علي فقال: قلت: لم ترفع حصاة ببيت المقدس إلا وجد تحتها دم عبيط، فقال لي عبد الملك: إني وإياك في هذا الحديث لقرينان.رواه الطبراني ورجاله ثقات.
روى في مجمع الزوائد حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي ثنا يزيد بن مهران أبو خالد ثنا أسباط بن محمد روى في المعجم الكبير للطبراني،عن أبي بكر الهذلي عن الزهري قال لما قتل الحسين بن علي رضي الله تعالى عنه لم يرفع حجر ببيت المقدس إلا وجد دم عبيط
روى في سير أعلام النبلاء حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ: عَنْ مَعْمَرٍ، قَالَ:أَوَّلُ مَا عُرِفَ الزُّهْرِيُّ أَنَّهُ تَكَلَّمَ فِي مَجْلِسِ الوَلِيْدِ؛ فَقَالَ الوَلِيْدُ: أَيُّكُم يَعْلَمُ مَا فَعَلَتْ أَحْجَارُ بَيْتِ المَقْدِسِ يَوْمَ قَتْلِ الحُسَيْنِ؟ فَقَالَ الزُّهْرِيُّ: بَلَغَنِي أَنَّهُ لَمْ يُقْلَبْ حَجَرٌ إلا وُجِدَ تَحْتَهُ دَمٌ عَبِيْطٌ.
وروى الطبراني وابن كثير في البداية والنهاية: عن أبي قبيل المعافري: أن الشمس كسفت يومئذٍ حتى بدت النجوم وقت الظهر. وأن رأس الحسين لما دخلوا به قصر الإمارة جعلت الحيطان تسيل دماً، وأن الأرض أظلمت ثلاثة أيام، ولم يمس زعفران ولا ورس بما كان معه يومئذٍ إلا احترق من مسه، ولم يرفع حجر من حجارة بيت المقدس إلا ظهر تحته دم عبيط، وأن الإبل التي غنموها من إبل الحسين حين طبخوها صار لحمها مثل العلقم.
روى القرطبي في الجامع عن زيد بن واقد قال: رأيت رأس يحيى عليه السلام حيث أرادوا بناء مسجد دمشق أخرج من تحت ركن من أركان القبة التي تلي المحراب مما يلي الشرق، فكانت البشرة والشعر على حاله لم يتغير. وعن قرة بن خالد قال: ما بكت السماء على أحد إلا على يحيى بن زكريا والحسين بن علي؛ وحمرتها بكاؤها.
روى القرطبي في الجامع عن قرة بن خالد قال: ما بكت السماء على أحد إلا على يحيى بن زكريا والحسين بن علي، وحمرتها بكاؤها.
روى السيوطي في الدر المنثور وأخرج ابن عساكر عن قرة قال: ما بكت السماء على أحد، إلا على يحيى بن زكريا، والحسين بن علي، وحمرتها بكاؤها.
روى السيوطي في الدر المنثور أخرج ابن أبي حاتم عن عبيد المكتب، عن إبراهيم - رضي الله عنه - قال: ما بكت السماء منذ كانت الدنيا، إلا على اثنين. قيل لعبيد: أليس السماء والأرض تبكي على المؤمن؟ قال: ذاك مقامه وحيث يصعد عمله. قال: وتدري ما بكاء السماء؟ قال: لا. قال: تحمر وتصير وردة كالدهان إن يحيى بن ذكريا لما قتل، احمرت السماء وقطرت دما. وإن حسين بن علي يوم قتل احمرت السماء.
روى السيوطي في الدر المنثور أخرج ابن أبي حاتم عن زيد بن زياد - رضي الله عنه - قال: لما قتل الحسين، احمرت آفاق السماء أربعة أشهر.
روى الطبري في جامع البيان حدثني محمد بن إسماعيل الأحمسي، قال: ثنا عبد الرحمن بن أبي حماد، عن الحكم بن ظهير، عن السدي قال: لما قتل الحسين بن علي رضوان الله عليهما بكت السماء عليه، وبكاؤها حمرتها.
عزيزي القارئ لقد قرأت كتابا لمؤرخ بريطاني أرخ فيه تاريخ بريطانيا باللغة الإنجليزية، واسم الكتاب
THE ANGLO-SAXON CHRONICLE
ذي أنجلو ساكسون كرونكل. كتبه المؤلف سنة 1954 وهو يحوي الأحداث التاريخية التي مرت بها الأمة البريطانية
WWW.ANSARWEB.NET/WATHAEQ/11.HTM
وأحب عزيزي القارئ في هذا المقام إن أرجعك إلى الإمام الحسين عليه السلام سيد الشهداء واذكر لك بعضا من الروايات من عند أهل السنة عن مقتله وسبي نسائه على يد يزيد الملعون.
فلقد قتل يزيد بن معاوية الذي يعتبره السنة خليفة لهم ذلك الفاسق الماجن السكير بإجماع المسلمين، قتل واغتال الإمام الحسين في حادثة الطف التي لا يستطيع أن يتحمل قراءتها أي إنسان عادي ولا يشهد بفظاعتها وشدة وطأتها على النفوس، فكيف بمن شهدها وأعان عليها ولم ينصر الإمام الحسين.
روى ابن كثير في البداية والنهاية قالوا: ومكث الحسين نهاراً طويلاً وحده لا يأتي أحد إليه إلا رجع عنه، لا يحب أن يلي قتله، حتى جاءه رجل من بني بداء يقال له: مالك بن البشر، فضرب الحسين على رأسه بالسيف فأدمى رأسه، وكان على الحسين برنس فقطعه وجرح رأسه فامتلأ البرنس دماً، فقال له الحسين: لا أكلت بها ولا شربت، وحشرك الله مع الظالمين.
ثم ألقى الحسين ذلك البرنس ودعا بعمامةٍ فلبسها.
وقال أبو مخنف: حدثني سليمان بن أبي راشد، عن حميد قال: خرج إلينا غلام كأن وجهه فلقة قمر، في يده السيف، وعليه قميص وإزار ونعلان قد انقطع شسع أحدهما، ما أنسى أنها اليسرى.
فقال لنا عمر بن سعد: والله لأشدن عليه.
فقلت له: سبحان الله! وما تريد إلى ذلك؟ يكفيك قتل هؤلاء الذين تراهم قد احتولوهم.
فقال: والله لأشدن عليه، فشد عليه عمر بن سعد أمير الجيش، فضربه وصاح الغلام يا عماه.
قال: فشد الحسين على عمر بن سعد شدة ليث أعضب، فضرب عمر بالسيف فاتقاه بالساعد فأطنها من لدن المرفق فصاح ثم تنحى عنه.
ثم قال: عز والله على عمك أن تدعوه فلا يجيبك، أو يجيبك ثم لا ينفعك، صوت، والله كثر واتره وقل ناصره.
ثم احتمله فكأني أنظر إلى رجلي الغلام يخطان في الأرض، وقد وضع الحسين صدره على صدره، ثم جاء به حتى ألقاه مع ابنه علي الأكبر ومع من قتل من أهل بيته، فسألت عن الغلام، فقيل لي: هو القاسم بن الحسن بن علي بن أبي طالب.
وقال هانئ بن ثبيت الحضرمي: إني لواقف يوم مقتل الحسين عاشر عاشرة ليس منا رجل إلا على فرس، إذ خرج غلام من آل الحسين وهو ممسك بعود من تلك الأبنية، وعليه إزار وقميص، وهو مذعور يلتفت يميناً وشمالاً، فكأني أنظر إلى درتين في أذنيه تذبذبان كلما التفت، إذ أقبل رجل يركض فرسه حتى إذا دنا من الغلام مال عن فرسه ثم أخذ الغلام فقطعه بالسيف.
قال هشام السكوني: هانئ بن ثبيت هو الذي قتل الغلام، خاف أن يعاب ذلك عليه فكنى عن نفسه.
قال: ثم إن الحسين أعيا فقعد على باب فسطاطه، وأتي بصبي صغير من أولاده اسمه عبد الله، فأجلسه في حجره، ثم جعل يقبله ويشمه ويودعه ويوصي أهله، فرماه رجل من بني أسد يقال له: ابن موقد النار بسهم فذبح ذلك الغلام.
فتلقى حسين دمه في يده وألقاه نحو السماء، وقال: رب إن تك قد حبست عنا النصر من السماء فاجعله لما هو خير، وانتقم لنا من الظالمين.
وقد اشتد عطش الحسين فحاول أن يصل إلى أن يشرب من ماء الفرات فما قدر، بل منعوه عنه.
فخلص إلى شربه منه، فرماه رجل يقال له: حصين بن تميم بسهم في حنكة فأثبته، فانتزعه الحسين من حنكة ففار الدم فتلقاه بيديه، ثم رفعهما إلى السماء وهما مملوءتان دماً، ثم رمى به إلى السماء وقال: اللهم أحصهم عدداً، واقتلهم بدداً، ولا تذر على الأرض منهم أحداً، ودعا عليهم دعاء بليغاً.
قال: فوالله إن مكث الرجل الرامي إلا يسيراً حتى صب الله عليه الظمأ فجعل لا يروى ويسقى الماء مبرداً، وتارة يبرد له اللبن والماء جميعاً ويسقى فلا يروى بل يقول: ويلكم! اسقوني قتلني الظمأ.
فقال لهم الحسين: ويلكم!! إن لم يكن لكم دين، وكنتم لا تخافون يوم المعاد، فكونوا في دنياكم أحراراً وذوي أحساب، امنعوا رحلي وأهلي من طغاتكم وجهالكم.
فقال ابن ذي الجوشن: ذلك لك يا ابن فاطمة، ثم أحاطوا به فجعل شمر يحرضهم على قتله.
فقال له أبو الجنوب: وما يمنعك أنت من قتله؟
فقال له شمر: إلي تقول ذا؟
فقال أبو الجنوب: إلي تقول ذا؟ فاستبا ساعة.
فقال له أبو الجنوب - وكان شجاعاً -: والله لقد هممت أن أخضخض هذا السنان في عينك، فانصرف عنه شمر.
ثم جاء شمر ومعه جماعة من الشجعان حتى أحاطوا بالحسين، وهو عند فسطاطه، ولم يبق معه أحد يحول بينهم وبينه، فجاء غلام يشتد من الخيام كأنه البدر، وفي أذنيه درتان فخرجت زينب بنت علي لترده فامتنع عليها، وجاء يحاجف عن عمه فضربه رجل منهم بالسيف فاتقاه بيده فأطنها سوى جلده.
فقال: يا أبتاه.
فقال له الحسين: يا بني احتسب أجرك عند الله، فإنك تلحق بآبائك الصالحين.
ثم حمل على الحسين الرجال من كل جانب وهو يجول فيهم بالسيف يميناً وشمالاً، فيتنافرون عنه كتنافر المعزى عن السبع، وخرجت أخته زينب بنت فاطمة إليه فجعلت تقول: ليت السماء تقع على الأرض.
وجاءت عمر بن سعد فقالت: يا عمر، أرضيت أن يقتل أبو عبد الله وأنت تنظر؟ فتحادرت الدموع على لحيته وصرف وجهه عنها، ثم جعل لا يقدم أحد على قتله، حتى نادى شمر بن ذي الجوشن: ويحكم! ماذا تنتظرون بالرجل، فاقتلوه ثكلتكم أمهاتكم.
فحملت الرجال من كل جانب على الحسين، وضربه زرعة بن شريك التميمي على كتفه اليسرى، وضرب على عاتقه، ثم انصرفوا عنه وهو ينوء ويكبو، ثم جاء إليه سنان بن أبي عمرو بن أنس النخعي فطعنه بالرمح فوقع، ثم نزل فذبحه وحز رأسه، ثم دفع رأسه إلى خولي بن يزيد.
وقيل: رجل من مذحج.
وقيل: عمر بن سعد بن أبي وقاص، وكان عمر أمير السرية التي قتلت الحسين.
وقال عبد الله بن عمار: رأيت الحسين حين اجتمعوا عليه يحمل على من على يمينه حتى انذعروا عنه، فوالله ما رأيت مكثوراً قط قد قتل أولاده وأصحابه أربط جأشاً منه، ولا أمضى جناناً منه، والله ما رأيت قبله ولا بعده مثله.
وقال: ودنا عمر بن سعد من الحسين، فقالت له زينب: يا عمر أيقتل أبو عبد الله وأنت تنظر؟ فبكى وصرف وجهه عنها.
وقال أبو مخنف: حدثني الصقعب بن زهير، عن حميد بن مسلم قال: جعل الحسين يشد على الرجال وهو يقول: أعلى قتلي تحابون؟ أما والله لا تقتلون بعدي عبداً من عباد الله أسخط عليكم بقتله مني، وأيم الله إني أرجو أن يكرمني الله بهوانكم، ثم ينتقم الله لي منكم من حيث لا تشعرون، أما والله لو قد قتلتموني لقد ألقى الله بأسكم بينكم وسفك دماءكم، ثم لا يرضى لكم بذلك حتى يضاعف لكم العذاب الأليم.
قال: ولقد مكث طويلاً من النهار، ولو شاء الناس أن يقتلوه لفعلوا، ولكن كان يتقي بعضهم ببعض دمه، ويحب هؤلاء أن يكفيهم هؤلاء مؤونة قتله، حتى نادى شمر بن ذي الجوشن: ماذا تنتظرون بقتله؟
فتقدم إليه زرعة بن شريك التميمي فضربه بالسيف على عاتقه، ثم طعنه سنان بن أنس بن عمرو النخعي بالرمح، ثم نزل فاحتز رأسه ودفعه إلى خولي.
وقد روى ابن عساكر في ترجمة شمر بن ذي الجوشن، وذو الجوشن صحابي جليل، قيل: اسمه شرحبيل.
وقيل: عثمان بن نوفل.
ويقال: ابن أوس بن الأعور العامري الضبابي، بطن من كلاب، ويكنى شمر بأبي السابغة.
ثم روى من طريق عمر بن شبة: ثنا أبو أحمد، حدثني عمي فضيل بن الزبير، عن عبد الرحيم بن ميمون، عن محمد بن عمرو بن حسن قال: كنا مع الحسين بنهري كربلاء، فنظر إلى شمر بن ذي الجوشن فقال: صدق الله ورسوله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كأني أنظر إلى كلب أبقع بلغ في دماء أهل بيتي..
وكان شمر - قبحه الله - أبرصا.
وقال أبو مخنف: عن جعفر بن محمد قال: وجدنا بالحسين حين قتل ثلاث وثلاثين طعنة، وأربع وثلاثين ضربة، وهَمَّ شمر بن ذي الجوشن بقتل علي بن الحسين الأصغر زين العابدين، وهو صغير مريض حتى صرفه عن ذلك حميد بن مسلم أحد أصحابه.
قالوا: ثم جاء سنان بن أنس إلى باب فسطاط عمر بن سعد، فنادى بأعلى صوته:
أوقر ركابي فضة وذهباً | أنا قتلت الملك المحجبا |
قتلت خير الناس أما وأبا | وخيرهم إذ ينسبون نسبا |
فقال عمر بن سعد: أدخلوه علي، فلما دخل رماه بالسوط، وقال: ويحك! أنت مجنون، والله لو سمعك ابن زياد تقول هذا لضرب عنقك.
ومنَّ عمر بن سعد على عقبة بن سمعان حين أخبره أنه مولى، فلم ينج منهم غيره.
والمرقع بن يمانة أسر فمنَّ عليه ابن زياد، وقتل من أصحاب الحسين اثنان وسبعون نفساً، فدفنهم أهل الغاضرية من بني أسد بعد ما قتلوا بيوم واحد.
قال: ثم أمر عمر بن سعد أن يوطأ الحسين بالخيل
وروي عن محمد بن الحنفية أنه قال: قتل مع الحسين سبعة عشر رجلاً كلهم من أولاد فاطمة.
وعن الحسن البصري أنه قال: قتل مع الحسين ستة عشر رجلاً كلهم من أهل بيته ما على وجه الأرض يومئذٍ لهم شبه.
وقال غيره: قتل معه من ولده إخوته، وأهل بيته ثلاثة وعشرون رجلاً.
ومن أولاد الحسين: علي الأكبر، وعبد الله.
ومن أولاد عبد الله بن جعفر اثنان: عون، ومحمد.
ومن أولاد عقيل: جعفر، وعبد الله، وعبد الرحمن، ومسلم قتل قبل ذلك كما قدمنا.
فهؤلاء أربعة لصلبه، واثنان آخران هما: عبد الله بن مسلم بن عقيل، ومحمد بن أبي سعيد بن عقيل، فكملوا ستة من ولد عقيل، وفيهم يقول الشاعر:
واندبي تسعة لصلب علي | قد أصيبوا وستة لعقيل |
وسمى النبي غودر فيهم | قد علوه بصارم مصقول |
ويقال: إن عمر بن سعد أمر عشرة فرسان فداسوا الحسين بحوافر خيولهم حتى ألصقوه بالأرض يوم المعركة، وأمر برأسه أن يحمل من يومه إلى ابن زياد مع خولي بن يزيد الأصبحي، فلما انتهى به إلى القصر وجده مغلقاً، فرجع به إلى منزله فوضعه تحت إجانة، وقال لامرأته نوار بنت مالك: جئتك بعز الدهر.
فقالت: وما هو؟
فقال: برأس الحسين.
فقالت: جاء الناس بالذهب والفضة، وجئت أنت برأس ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ والله لا يجمعني وإياك فراش أبداً، ثم نهضت عنه من الفراش واستدعى بامرأة له أخرى من بني أسد فنامت عنده.
قالت المرأة الثانية الأسدية: والله ما زلت أرى النور ساطعاً من تلك الإجانة إلى السماء، وطيوراً بيضاء ترفرف حولها، فلما أصبح غدا به إلى ابن زياد فأحضره بين يديه.
ويقال: إنه كان معه رؤوس بقية أصحابه، وهو المشهور، ومجموعها اثنان وسبعون رأساً، وذلك أنه ما قتل قتيل إلا احتزوا رأسه وحملوه إلى ابن زياد، ثم بعث بها ابن زياد إلى يزيد بن معاوية إلى الشام.
قال الإمام أحمد: حدثنا حسين، ثنا جرير، عن محمد، عن أنس قال: أتى عبيد الله بن زياد برأس الحسين فجعل في طست فجعل ينكت عليه، وقال في حسنه شيئاً، فقال أنس: إنه كان أشبههم برسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان مخضوباً بالوشمة.
ورواه البخاري في (المناقب) عن محمد بن الحسين بن إبراهيم - هو ابن إشكاب - عن حسين بن محمد، عن جرير بن حازم، عن محمد بن سيرين، عن أنس فذكره.
وقد رواه الترمذي، من حديث حفصة بنت سيرين، عن أنس قال: حسن صحيح، وفيه: فجعل ينكت بقضيب في أنفه ويقول: ما رأيت مثل هذا حسناً.
وروى البزار: حدثنا مفرج بن شجاع بن عبيد الله الموصلي، ثنا غسان بن الربيع، ثنا يونس بن عبيدة، عن ثابت وحميد، عن أنس قال: لما أتي عبيد الله بن زياد برأس الحسين جعل ينكت بالقضيب ثناياه ويقول: لقد كان - أحسبه قال جميلاً -