الصفحة 347

روي في جواهر العقدين والصواعق المحرقة: روي عن النبي صلى الله عليه واله وسلم قال: لا تصلوا علي الصلاة البتراء. قالوا: وما الصلاة البتراء يا رسول الله؟ قال: تقولون: اللهم صل على محمد وتسكتون، بل قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد.ورواه في ينابيع المودة

وأخرج عبد بن حميد والنسائي وابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه. أنهم سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف نصلي عليك؟ قال "قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما صليت وباركت على إبراهيم وآل إبراهيم في العالمين انك حميد مجيد. والسلام كما قد علمتم".

وأخرج مالك وعبد الرزاق وابن أبي شيبه وعبد بن حميد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن مردويه عن أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه. أن بشير بن سعد قال: يا رسول الله أمرنا الله أن نصلي عليك فكيف نصلي عليك؟ فسكت حتى تمنينا أنا لم نسأله، ثم قال "قولوا الله صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم في العالمين انك حميد مجيد. والسلام كما قد علمتم".

وأخرج ابن مردويه عن علي قال: قلت يا رسول الله كيف نصلي عليك؟ قال "قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم انك حميد مجيد".

وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قلنا يا رسول الله قد علمنا كيف السلام عليك فكيف نصلي عليك؟ قال "قولوا اللهم اجعل صلواتك وبركاتك على آل محمد، كما جعلتها على آل إبراهيم انك حميد مجيد".

وأخرج ابن أبي شيبه عن الحسن رضي الله عنه قال: إذا قال الرجل في الصلاة {ان الله وملائكته يصلون على النبي..}. فليصل عليه.

وأخرج ابن خزيمة والحاكم وصححه والبيهقي في سننه عن أبي مسعود عقبة بن عمرو. أن رجلا قال: يا رسول الله أما السلام عليك فقد عرفناه فكيف نصلي عليك إذا نحن صلينا عليك في صلاتنا؟ فصمت النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال "إذا أنتم صليتم علي فقولوا: اللهم صل على محمد النبي الأمي وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، وبارك على محمد النبي الأمي وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم انك حميد مجيد".

وأخرج البخاري في الأدب المفرد عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "من قال: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم، وترحم على


الصفحة 348
محمد وعلى آل محمد، كما ترحمت على إبراهيم وآل إبراهيم. شهدت له يوم القيامة بالشهادة وشفعت له".

لم يقبلوا سنة رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم في الجمع في الصلاة

روى مسلم في صحيحه عن ابن عباس قال صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر والعصر جميعا بالمدينة في غير خوف ولا سفر قال أبو الزبير فسألت سعيدا لم فعل ذلك فقال سألت ابن عباس كما سألتني فقال أراد أن لا يحرج أحدا من أمته

روى مسلم في صحيحه عن عبد الله بن شقيق العقيلي قال قال رجل لابن عباس ‏الصلاة فسكت ثم قال الصلاة فسكت ثم قال الصلاة فسكت ثم قال لا أم لك أتعلمنا بالصلاة وكنا نجمع بين الصلاتين على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم

روى مسلم في صحيحه عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بالمدينة سبعا وثمانيا الظهر والعصر والمغرب والعشاء

روى مسلم في صحيحه عن عبد الله بن شقيق قال خطبنا ابن عباس يوما بعد العصر حتى غربت الشمس وبدت النجوم وجعل الناس يقولون الصلاة الصلاة قال فجاءه رجل من بني تميم لا يفتر ولا ينثني الصلاة الصلاة فقال ابن عباس أتعلمني بالسنة لا أم لك ثم قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء قال عبد الله بن شقيق فحاك في صدري من ذلك شيء فأتيت أبا هريرة فسألته فصدق مقالته

روى احمد في مسنده عن ابن عباس قال جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء بالمدينة في غير خوف ولا مطر قيل لابن عباس وما أراد إلى ذلك قال أراد أن لا يحرج أمته

روى مالك في الموطأ عن عبد الله بن عباس أنه قال صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر والعصر جميعا والمغرب والعشاء جميعا في غير خوف ولا سفر

اولوا السجود على الحصى و على الارض واجازوه على كل شيئ

روى البخاري في صحيحه عن ميمونة قالت كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي على الخمرة

روى البخاري في صحيحه حدثنا جابر بن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطيت خمسا لم يعطهن أحد من الأنبياء قبلي نصرت بالرعب مسيرة شهر وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا وأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل


الصفحة 349
روى النسائي في سننه عن جابر بن عبد الله قال كنا نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏ ‏الظهر فآخذ قبضة من حصى في كفي أبرده ثم أحوله في كفي الآخر فإذا سجدت وضعته لجبهتي

روى أبو داوود في سننه عن أبي الوليد سألت ابن عمر عن الحصى الذي في المسجد فقال ‏ ‏مطرنا ذات ليلة فأصبحت الأرض مبتلة فجعل الرجل يأتي بالحصى في ثوبه فيبسطه تحته فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة قال ما أحسن هذا

روى احمد في مسنده عن جابر بن عبد الله قال كنت أصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر فآخذ قبضة من حصى في كفي لتبرد حتى أسجد عليه من شدة الحر.

انتزعوا الميراث من أهله

ذكرت لك كيف انتزعوا ميراث السيدة فاطمة الزهراء سلام الله عليها وحرموها حقها من أبيها رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم (والموضوع مفصل في بحث اغتيال السيدة فاطمة عليها السلام في هذا الكتاب فراجعه)

انتزعوا الإمامة والحكم من أهله

هذه اخطر قضية انقلب العديد من الصحابة فيها وغيروا وبدلوا بعد رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم فقد نكثوا عهدهم وبيعتهم لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب سلام الله عليه وجعلوه لأبي بكر (والموضوع مفصل في بحث وصية رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم من هذا الكتاب فراجعه)

وأختم عزيزي القارئ هذا الموضوع بما سأذكر لك من روايات تتعلق في التغيير والتبديل وتحريف سنة رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم لأثبت لك أن ما فعلته الأمم السابقة فعله الصحابة بعد رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم مباشرة، وقد ذكرت جملة يسيرة من الأشياء التي غيروا وبدلوا فيها.

روى احمد في مسنده عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه عن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنه سيلي أمركم من بعدي رجال يطفئون السنة ويحدثون بدعة ويؤخرون الصلاة عن مواقيتها قال ابن مسعود يا رسول الله كيف بي إذا أدركتهم قال ليس يا ابن أم عبد طاعة لمن عصى الله قالها ثلاث مرات و سمعت أنا من محمد بن الصباح مثله

روى مسلم في صحيحه قال حذيفة بن اليمان قلت يا رسول الله أنا كنا بشر فجاء الله بخير فنحن فيه فهل من وراء هذا الخير شر قال نعم قلت هل وراء ذلك الشر خير قال نعم قلت فهل وراء ذلك الخير شر قال نعم قلت كيف قال يكون بعدي أئمة لا يهتدون بهداي ولا يستنون بسنتي وسيقوم فيهم رجال قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان إنس


الصفحة 350
روى الحاكم في مستدركه عن ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما- قال: كنت في الحطيم مع حذيفة، فذكر حديثا. ثم قال: لتنقضن عرى الإسلام عروة عروة، وليكونن أئمة مضلون، وليخرجن على أثر ذلك الدجالون الثلاثة.

التجسيم ورؤية الله تعالى

قال تعالى في سورة البقرة. الآية: 51 {وإذ واعدنا موسى أربعين ليلة ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون}.

قال تعالى في سورة البقرة. الآية 54 {وإذ قال موسى لقومه يا قوم إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم ذلكم خير لكم عند بارئكم فتاب عليكم إنه هو التواب الرحيم}.

هذا أيضا بحثا آخر من أبحاث المقارنة بين الأمم السابقة وكيف أن اليهود والنصارى قد جسموا الإله وحددوه بزمان ومكان وبكيفية جسمية، حيث تبعهم المسلمون في ذلك وفعلوا نفس الفعل بوعي أو بغير وعي، لا ادري، ولكن هذا الأمر قد حصل بالفعل، وكتب الحديث عند أهل السنة تظهر موضوع التجسيم بشكل صريح وواضح.

فقبل إن انتقل إلى إثبات ما ذكرت من خلال كتب أهل السنة وصحاحهم أحب إن أقدم بين يدي القارئ العزيز رأي الفرقة الناجية واعتقاد أهل البيت وعقيدتهم في هذا الموضوع، حيث أنهم لم يتبعوا اليهود والنصارى في سننهم بالنسبة إلى التجسيم، وإنما التزموا وتقيدوا بالنصوص


الصفحة 351
الشرعية من الآيات القرآنية، فهم كعادتهم لا يخرجون عن النص الشرعي ولكنهم دائما يتبعونه ويلتزمون به ولا يتعارضون معه.

ولذلك فإنهم يأخذون بالآية الشريفة وهي قوله تعالى في سورة الأنعام. الآية: 103 {لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير}.

سورة الأعراف. الآية: 143 {ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه قال رب أرني أنظر إليك قال لن تراني ولكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا وخر موسى صعقا فلما أفاق قال سبحانك تبت إليك وأنا أول المؤمنين}.

. قال تعالى في سورة الشورى. الآية: 11 {فاطر السماوات والأرض جعل لكم من أنفسكم أزواجا ومن الأنعام أزواجا يذرؤكم فيه ليس كمثله شيء وهو السميع البصير(

فالله سبحانه وتعالى لا تدركه الأبصار، لا يحد في زمان، ولا يحوزه مكان، الأول بلا بداية، والآخر بلا نهاية، تقدس وتنزه عن المكان والزمان والجسد، ولا تستطيع العقول إن تدرك كنه ذاته، ذكر في نهج البلاغة لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام

من خطبة له عليه السلام في صفات الله جل جلاله، وصفات أئمة الدين الْحَمْدُ للهِِ الدَّالِّ عَلَى وُجُودِهِ بِخَلْقِهِ، وَبِمُحْدَثِ خَلْقِهِ عَلَى أَزَلِيَّتِهِ، وَبِاشْتِبَاهِهِمْ عَلَى أَنْ لاَ شَبَهَ لَهُ. لاَ تَسْتَلِمُهُ الْمَشَاعِرُ، وَلاَ تَحْجُبُهُ السَّوَاتِرُ، لإِفْتِرَاِق الصَّانِعِ وَالْمَصْنُوعِ، وَالْحَادِّ وَالْمَحْدُودِ، وَالرَّبِّ وَالْمَرْبُوبِ. الأحَدُ بِلا تَأْوِيلِ عَدَدٍ، وَالْخَالِقُ لاَ بِمَعْنَى حَرَكَةٍ وَنَصَبٍ. وَالسَّمِيعُ لاَ بِأَدَاةٍ، وَالْبَصِيرُ لاَ بِتَفْرِيقِ آلَةٍ، وَالشَّاهِدُ لاَبِمُمَاسَّةٍ، وَالْبَائِنٍ لاَبِتَرَاخِي مَسَافَةٍ، وَالظّاهِرُ لاَبِرُؤيَةٍ. وَالْبَاطِنُ لاَ بِلَطَافَةٍ. بَانَ مِنَ الْأَشْيَاءِ بَالْقَهْرِ لَهَا. وَالْقُدْرَةِ عَلَيْهَا، وَبَانَتِ الْأَشْيَاءُ مِنْهُ بَالْخُضُوعِ لَهُ، وَالرُّجُوعِ إِلَيْهِ. مَنْ وَصَفَهُ فَقَدْ حَدَّهُ، وَمَنْ حَدَّهُ فَقَدْ عَدَّهُ، وَمَنْ عَدَّهُ فَقَدْ أَبْطَلَ أَزَلَهُ، وَمَنْ قَالَ: "كَيْفَ"، فَقَدِ اسْتَوْصَفَهُ، وَمَنْ قَالَ: "أَيْنَ"، فَقَدْ حَيَّزَهُ. عَالِمٌ إذ لاَ مَعْلُومٌ، وَرَبٌّ إذ لاَ مَرْبُوبٌ، وَقَادِرٌ إذ لاَ مَقْدُورٌ.

ومن خطبة له عليه السلام:وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إله إلا اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ: الأَوَّلُ لاَ شَيْءَ قَبْلَهُ، وَالآخِرُ لاَ غَايَةَ لَهُ، لاَ تَقَعُ الأوهام لَهُ عَلى صِفَةٍ، وَلاَ تُعْقَدُ الْقُلُوبُ مِنْهُ عَلَى كَيْفِيَّةٍ، وَلاَ تَنَالُهُ التَّجْزِئَةُ وَالتَّبْعِيضُ، وَلاَ تُحِيطُ بِهِ الْأَبْصَارُ وَالْقُلُوبُ. ومنها: فَاتَّعِظُوا عِبَادَ اللهِ بِالعِبَرِ النَّوَافِعِ، وَاعْتَبِرُوا بِالْآي السَّوَاطِعِ، وَازْدَجِرُوا بِالنُّذُرِ الْبَوَالِغِ، وَانْتَفِعُوا بِالذِّكْرِ وَالْمَوَاعِظِ،

ومن خطبة له عليه السلام الْحَمْدُ للهِ الأوَّلِ فَلاَ شَيْءَ قَبْلَهُ، وَالْآخِرِ فَلاَ شَيْءَ بَعْدَهُ، وَالظَّاهِرِ فَلاَ شَيْءَ فَوْقَهُ، وَالْبَاطِنِ فَلاَ شيَ دُونَهُ.

سئل الإمام الكاظم (ع) عن قوم يزعمون أن الله تبارك وتعالى ينزل إلى السماء الدنيا فقال: إن الله لا ينزل ولا يحتاج إلى أن ينزل إنما منظره في القرب والبعد سواء، لم يبعد منه


الصفحة 352
قريب، ولم يقرب منه بعيد ولم يحتج إلى شيء بل يحتاج إليه وهو ذو الطول لا إله إلا هو العزيز الحكيم أما قول الواصفين: انه ينزل تبارك وتعالى فإنما يقول ذلك من ينسبه إلى نقص أو زيادة وكل متحرك محتاج إلى من يحركه أو يتحرك به جل وعز عن صفته الواصفين ونعت الناعتين وتوهم المتوهمين " أصول الكافي ج 1| 125

عن أبي حمزة الثمالي، قال: سأل نافع بن الأزرق أبا جعفر عليه السلام فقال: أخبرني عن الله متى كان؟ فقال له: ويلك، أخبرني أنت متى لم يكن حتى أخبرك متى كان، سبحان من لم يزل ولا يزال فردا صمدا لم يتخذ صاحبة ولا ولدا.

عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، قال: جاء رجل إلى أبي جعفر عليه السلام فقال له: يا أبا جعفر أخبرني عن ربك متى كان؟ فقال: ويلك، إنما يقال لشئ لم يكن فكان: متى كان، إن ربي تبارك وتعالى كان لم يزل حيا بلا كيف، ولم يكن له كان(1) ولا كان لكونه كيف، ولا كان له أين، ولا كان في شئ، ولا كان على شئ، ولا ابتدع لكونه مكانا(2) ولا قوي بعدما كون شيئا: ولا ضعيفا قبل أن يكون شيئا، ولا كان مستوحشا قبل أن يبتدع شيئا، ولا يشبه شيئا مكونا، ولا كان خلوا من (القدرة على) الملك قبل إنشائه، ولا يكون منه خلوا بعد ذهابه، لم يزل حيا بلا حياة، وملكا قادرا قبل أن ينشئ شيئا، وملكا جبارا بعد إنشائه للكون، فليس لكونه كيف، لا له أين، ولا له حد، ولا يعرف بشئ يشبهه، ولا يهرم لطول البقاء، ولا يصعق لشئ، ولا يجوفه شئ، تصعق الأشياء كلها من خيفته، كان حيا بلا حياة عارية(1) ولا كون موصوف، ولا كيف محدود، ولا أثر مقفو(2) ولا مكان جاور شيئا، بل حي يعرف، وملك لم يزل له القدرة والملك، أنشأ ما شاء بمشيته، لا يحد ولا يبعض، ولا يفنى، كان أولا بلا كيف، ويكون آخرا بلا أين، وكل شئ هالك إلا وجهه، له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين، ويلك أيها السائل، إن ربي لا تغشاه الأوهام، ولا تنزل به الشبهات، ولا يجار من شئ(3) ولا يجاوره شئ ولا تنزل به الأحداث، ولا يسأل عن شئ يفعله، ولا يقع على شئ، ولا تأخذه سنة ولا نوم، له ما في السماوات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى.

وقد أكدت أم المؤمنين عائشة هذا المعني في حديث رواه البخاري عندما ذكر مثل هذا البحث أمامها، حيث كان الصحابة يتداولونه ويعتقد قسم كبير منهم بالتجسيم.

روى البخاري في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها قالت: من حدثك أن محمداً صلى الله عليه وسلم رأى ربه فقد كذب، وهو يقول: {لا تدركه الأبصار}.

ولكن مقابل هذه الرواية تجد إن كتب أهل السنة وصحاحهم تخالف ذلك مخالفة تامة وسوف أتعرض لجملة من هذه الأحاديث بعض المعتقدات في الله عند السنة ومما يجدر ذكره أيضا إن علمائهم اختلفوا في أبحاثهم الفقهية فقالوا: هل تجوز رؤية الله في الآخرة أو لا تجوز فمنهم من أجاز ذلك ومنهم من منع، واختلفوا أيضا هل تجوز رؤيته في الدنيا أو لا تجوز، فمنهم من أجاز


الصفحة 353
ذلك في المنام مثلا ومنهم من لم يجوز ذلك ولا زال الخلاف قائما حتى اليوم والأسباب في ذلك كثيرة، منها ترك إتباع الآية الشريفة التي أكد فيها رب العزة سبحانه وتعالى انه لا تدركه الأبصار ومنها عشرات الأحاديث الموضوعة، والتي نسبوها إلى رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم والموجودة في اصح الكتب بعد كتاب الله عندهم، وهناك أسباب أخرى تجعلهم لا يردون مثل تلك الأحاديث بل يعتقدون بها ويأخذونها اخذ المسلمات، وهي عدم البحث في الصحابة وأنواعهم ويعتبرونهم كلهم عدول، يأخذون منهم كل شيء وقد اثبت لك في بحث حقيقة الصحابة كل ما يتعلق بهذا الموضوع فراجعه

واليك عزيزي القارئ جملة مم يعتقد به أهل السنة في ألذات الإلهية مما عندهم من الصحاح.

رووا بأن صورة الله الجسمية على صورة آدم

روى البخاري ومسلم في صحيحيهما حدثنا به ‏ ‏أبو هريرة ‏ ‏عن رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏فذكر أحاديث منها ‏ ‏وقال رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏خلق الله عز وجل ‏ ‏آدم ‏ ‏على صورته طوله ستون ذراعا فلما خلقه قال اذهب فسلم على أولئك النفر وهم نفر من الملائكة جلوس فاستمع ما يجيبونك فإنها تحيتك وتحية ذريتك قال فذهب فقال السلام عليكم فقالوا السلام عليك ورحمة الله قال فزادوه ورحمة الله قال فكل من يدخل الجنة على صورة ‏ ‏آدم ‏ ‏وطوله ستون ذراعا فلم يزل الخلق ينقص بعده حتى الآن

روى في كنز العمال رأيت ربي في حظيرة من الفردوس في صورة شاب عليه تاج يلتمع البصر.

روى في كنز العمال رأيت ربي في صورة شاب له وفرة (الوفرة: الشعر المجتمع على الرأس أو ما سال على الأذنين منه أو ما جاوز شحمة الإذن. (طب في السنة عن ابن عباس) ونقل عن أبي زرعة أنه قال: هو حديث صحيح

روى في كنز العمال رأيت ربي في المنام في صورة شاب موفر في الخضر عليه نعلان من ذهب وعلى وجه فراش من ذهب.(طب في السنة عن أم الطفيل).‏

روى السيوطي في اللآلئ عن قتادة عن عكرمة عن ابن عباس قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم رأيت ربي في صورة شاب له وفرة قال الطبراني سمعت أبا بكر بن صدقة يقول سمعت أبا زرعة الرازي يقول حديث قتادة عن عكرمة عن ابن عباس في الرؤية صحيح

وروي في الدر المنثور وأخرج أحمد وابن جرير وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن عبد الرحمن بن عائش الحضرمي عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: رأيت ربي في أحسن صورة فقال: فيم يختصم


الصفحة 354
الملأ الأعلى يا محمد؟ قال: قلت أنت أعلم أي رب...! قال: فوضع يده بين كتفي فوجدت بردها بين ثديي. قال: فعلمت ما في السموات والأرض، ثم تلا هذه الآية {وكذلك نري إبراهيم ملكوت السموات والأرض وليكون من الموقنين}

روي في تاريخ مدينة دمشق - ابن عساكر حدثنا حماد بن سلمة عن وكيع عن أبي رزين بن لقيط بن عامر قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) رأيت ربي بمنى عند النفر على جمل أورق عليه جُبّة صوف أمام الناس

روي في ميزان الاعتدال - الذهبي ج عن حماد ابن سلمة، عن يعلى بن عطاء، عن وكيع بن عدس، عن أبى رزين - مرفوعا: رأيت ربى بمنى على جمل أورق عليه جبّة

روي في سير أعلام النبلاء.. وفي الذهبي ج عن الاهوازي، حدثنا أحمد بن علي الاطرابلسي، عن عبد الله بن الحسن القاضي، عن البغوي عن هدبة، عن حماد بن سلمة، عن وكيع بن عدس، عن أبي رزين، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: رأيت ربي بمنى على جمل أورق عليه جُبّة

له قدم يضعها في جهنم

روى البخاري في صحيحه حدثنا محمد بن موسى القطان: حدثنا أبو سفيان ألحميري سعيد بن يحيى بن مهدي: حدثنا عوف، عن محمد، عن أبي هريرة رفعه، وأكثر ما كان يوقفه أبو سفيان:(يقال لجهنم: هل امتلأت، وتقول: هل من مزيد، فيضع الرب تبارك وتعالى قدمه عليها، فتقول: قط قط).‏

روى البخاري في صحيحه حدثنا عبد الله بن محمد: حدثنا عبد الرزاق: أخبرنا معمر، عن همام، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (تحاجت الجنة والنار، فقالت النار: أوثرت بالمتكبرين والمتجبرين، وقالت الجنة: ما لي لا يدخلني إلا ضعفاء الناس وسقطهم. قال الله تبارك وتعالى للجنة: أنت رحمتي أرحم بك من أشاء من عبادي، وقال للنار: إنما أنت عذابي أعذب بك من أشاء من عبادي، ولكل واحدة منهما ملؤها، فأما النار: فلا تمتلئ حتى يضع رجله فتقول: قط قط قط، فهنالك تمتلئ ويزوى بعضها إلى بعض

يأتيهم بغير الصورة التي يعرفونها

روى البخاري في صحيحه حدثنا يحيى بن بكير: حدثنا الليث بن سعد، عن خالد بن يزيد، عن سعيد ابن أبي هلال، عن زيد، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري قال: قلنا: يا رسول الله، هل نرى ربنا يوم القيامة؟ قال: (هل تضارُّون في رؤية الشمس والقمر إذا كانت صحواً). قلنا: لا، قال: (فإنكم لا تضارُّون في رؤية ربكم يومئذ إلا كما تضارُّون في رؤيتهما). ثم قال: (ينادي مناد: ليذهب كل قوم إلى ما كانوا يعبدون، فيذهب أصحاب الصليب مع صليبهم،


الصفحة 355
وأصحاب الأوثان مع أوثانهم، وأصحاب كل آلهة مع آلهتهم، حتى يبقى من كان يعبد الله، من بر أو فاجر، وغُبَّرات من أهل الكتاب، ثم يؤتى بجهنم تُعرض كأنها سراب، فيقال لليهود: ما كنتم تعبدون؟ قالوا: كنا نعبد عزير ابن الله، فيقال: كذبتم، لم يكن لله صاحبة ولا ولد، فما تريدون؟ قالوا: نريد أن تسقينا، فيقال: اشربوا، فيتساقطون في جهنم. ثم يقال للنصارى: ما كنتم تعبدون؟ فيقولون: كنا نعبد المسيح ابن الله، فيقال: كذبتم، لم يكن لله صاحبة ولا ولد، فما تريدون؟ فيقولون: نريد أن تسقينا، فيقال: اشربوا، فيتساقطون، حتى يبقى من كان يعبد الله، من بر أو فاجر، فيقال لهم: ما يحبسكم وقد ذهب الناس؟ فيقولون: فارقناهم ونحن أحوج منَّا إليه اليوم، وأنا سمعنا مناديا ينادي: ليلحق كل قوم بما كانوا يعبدون، وإنما ننتظر ربنا، قال: فيأتيهم الجبَّار في صورة غير صورته التي رأوه فيها أول مرة، فيقول: أنا ربكم، فيقولون: أنت ربنا، فلا يكلمه إلا الأنبياء، فيقول: هل بينكم وبينه آية تعرفونه، فيقولون: الساق، فيكشف عن ساقه، فيسجد له كل مؤمن

روى مسلم في صحيحه عن أبي سعيد الخدري؛ أن ناسا في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا: يا رسول الله! هل نري ربنا يوم القيامة؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "نعم". قال "هل تضارون في رؤية الشمس بالظهيرة صحوا ليس معها سحاب؟ وهل تضارون في رؤية القمر ليلة البدر صحوا ليس فيها سحاب؟" قالوا: لا. يا رسول الله! قال "ما تضارون في رؤية الله تبارك وتعالى يوم القيامة إلا كما تضارون في رؤية أحدهما. إذا كان يوم القيامة أذن مؤذن: ليتبع كل أمة ما كانت تعبد. فلا يبقى أحد، كان يعبد غير الله سبحانه من الأصنام والأنصاب، إلا يتساقطون في النار. حتى إذا لم يبق إلا من كان يعبد الله من بر وفاجر. وغبر أهل الكتاب. فيدعى اليهود فيقال لهم: ما كنتم تعبدون؟ قالوا: كنا نعبد عزير بن الله. فيقال: كذبتم ما اتخذ الله من صاحبة ولا ولد. فماذا تبغون؟ قالوا: عطشنا. يا ربنا! فاسقنا. فيشار إليهم: إلا تردون؟ فيحشرون إلى النار كأنها سراب يحطم بعضها بعضا. فيتساقطون في النار. ثم يدعى النصارى. فيقال لهم: ما كنتم تعبدون؟ قالوا: كنا نعبد المسيح بن الله. فيقال لهم: كذبتم. ما اتخذ الله من صاحبة ولا ولد. فيقال لهم: ماذا تبغون؟ فيقولون: عطشنا. يا ربنا! فاسقنا. قال فيشار إليهم: إلا تردون؟ فيحشرون إلى جهنم كأنها سراب يحطم بعضها بعضا فيتساقطون في النار. حتى إذا لم يبق إلا من كان يعبد الله تعالى من بر وفاجر، أتاهم رب العالمين سبحانه وتعالى في أدنى صورة من التي رأوه فيها. قال: فما تنتظرون؟ تتبع كل أمة ما كانت تعبد. قالوا: يا ربنا! فارقنا الناس في الدنيا أفقر ما كنا إليهم ولم نصاحبهم. فيقول: أنا ربكم. فيقولون: نعوذ بالله منك. لا نشرك بالله شيئا (مرتين أو ثلاثا)حتى إن بعضهم ليكاد أن ينقلب. فيقول: هل بينكم وبينه آية فتعرفونه بها؟ فيقولون: نعم. فيكشف عن ساق. فلا يبقى من كان يسجد لله من تلقاء نفسه إلا إذن الله له بالسجود. ولا يبقى من كان يسجد اتقاء ورياء إلا جعل الله ظهره طبقة واحدة. كلما أراد أن يسجد خر على قفاه. ثم يرفعون رؤوسهم، وقد تحول في صورته التي رأوه فيها


الصفحة 356
أول مرة. فقال: أنا ربكم. فيقولون: أنت ربنا. ثم يضرب الجسر على جهنم. وتحل الشفاعة. ويقولون: اللهم! سلم سلم"

روى مسلم في صحيحه عن عطاء بن يزيد الليثي؛ أن أبا هريرة أخبره؛ أن ناسا قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله! هل نرى ربنا يوم القيامة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هل تضارون في رؤية القمر ليلة البدر؟" قالوا: لا. يا رسول الله! قال: "هل تضارون في الشمس ليس دونها سحاب؟" قالوا: لا. يا رسول الله! قال "فإنكم ترونه كذلك. يجمع الله الناس يوم القيامة. فيقول: من كان يعبد شيئا فليتبعه. فيتبع من كان يعبد الشمس الشمس. ويتبع من كان يعبد القمر القمر. ويتبع من كان يعبد الطواغيت الطواغيت. وتبقى هذه الأمة فيها منافقوها. فيأتيهم الله، تبارك وتعالى، في صورة غير صورته التي يعرفون. فيقول: أنا ربكم. فيقولون: نعوذ بالله منك. هذا مكاننا حتى يأتينا ربنا. فإذا جاء ربنا عرفناه. فيأتيهم الله تعالى في صورته التي يعرفون. فيقول: أنا ربكم. فيقولون: أنت ربنا. فيتبعونه. ويضرب الصراط بين ظهري جهنم. فأكون أنا وأمتي أول من يجيز.

روى البخاري في صحيحه عن عبيدة، عن عبد الله، أن يهودياً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد، إن الله يمسك السماوات على إصبع، والأرضين على إصبع، والجبال على إصبع، والشجر على إصبع، والخلائق على إصبع، ثم يقول: أنا الملك. فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه، ثم قرأ: {وما قدروا الله حق قدره}. قال يحيى بن سعيد: وزاد فيه فضيل بن عياض، عن منصور، عن إبراهيم، عن عبيدة، عن عبد الله: فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم تعجباً وتصديقاً له.

روى البخاري في صحيحه عن عبيدة، عن عبد الله رضي الله عنه قال: جاء حبر من الأحبار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد، أنا نجد: أن الله يجعل السماوات على إصبع والأرضين على إصبع، والشجر على إصبع، والماء والثرى على إصبع، وسائر الخلائق على إصبع، فيقول أنا الملك، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه تصديقا لقول الحبر، ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم: {وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون}.

روى احمد في مسنده عن علقمة عن عبد الله قال: -جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم من أهل الكتاب فقال: يا أبا القاسم أبلغك أن الله عز وجل يحمل الخلائق على اصبغ والسموات على إصبع والأرضين على إصبع والشجر على إصبع والثرى على إصبع فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه فأنزل الله عز وجل: وما قدروا الله حق قدره الآية.‏رواه الطبري


الصفحة 357
روى الطبري في الجامع عن عبيدة السلماني، عن عبد الله، قال: جاء يهودي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد إن الله يمسك السموات على إصبع، والأرضين على إصبع، والجبال على إصبع، والخلائق على إصبع، ثم يقول: أنا الملك؛ قال: فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه وقال: {وما قدروا الله حق قدره}‏

روى احمد في مسنده عن عبد الله بن مسعود قال: -جاء حبر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد أو يا رسول الله إن الله عز وجل يوم القيامة يحمل السموات على إصبع والأرضين على إصبع والجبال على إصبع والشجر على إصبع والماء والثرى على إصبع وسائر الخلق على إصبع يهزهن فيقول: أنا الملك قال: فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه تصديقا لقول الحبر ثم قرأ وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة إلى آخر الآية.‏

روى البخاري في صحيحه عن جرير قال: كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم، فنظر إلى القمر ليلة - يعني البدر - فقال: (إنكم سترون ربكم، كما ترون هذا القمر، لا تضامون في رؤيته، فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا). ثم قرأ: {وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب}. قال إسماعيل: افعلوا: لا تفوتنكم.

جعلوا له عينين وانه ليس اعور

روى البخاري في صحيحه عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: كنا تنحدث بحجة الوداع، والنبي صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا، ولا ندري ما حجة الوداع، فحمد الله وأثنى عليه، ثم ذكر المسيح الدجال فأطنب في ذكره، وقال: (ما بعث الله من نبي إلا أنذره أمته، أنذره نوح والنبيون من بعده، وإنه يخرج فيكم، فما خفي عليكم من شأنه فليس يحفى عليكم: أن ربكم ليس على ما يخفى عليكم - ثلاثا - إن ربكم ليس بأعور، وإنه أعور العين اليمنى، كأن عينه عنبة طافية، إلا إن الله حرم عليكم دماءكم وأموالكم، كحرمة يومكم هذا، في بلدكم هذا، في شهركم هذا، إلا هل بلغت)، قالوا نعم، قال: (اللهم اشهد - ثلاثا - ويلكم، أو ويحكم، انظروا، لا ترجعوا بعدي كفارا، يضرب بعضكم رقاب بعض).

روى مسلم في صحيحه عن قتادة، قال: سمعت أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ما من نبي إلا وقد أنذر أمته الأعور الكذاب. إلا إنه أعور. وإن ربكم ليس بأعور. ومكتوب بين عينيه ك ف ر".‏


الصفحة 358

جعلوا الله يضحك فيعرفونه ويتبعونه

روى مسلم في صحيحه أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يسأل عن الورود. فقال: نجيء نحن يوم القيامة عن كذا وكذا انظر أي ذلك فوق الناس. قال فتدعى الأمم بأوثانها وما كانت تعبد. الأول فالأول. ثم يأتينا ربنا بعد ذلك فيقول: من تنظرون؟ فيقولون: ننظر ربنا. فيقول: أنا ربكم. فيقولون: حتى ننظر إليك. فيتجلى لهم يضحك. قال فينطلق بهم ويتبعونه. ويعطي كل إنسان منهم، منافق أو مؤمن، نورا. ثم يتبعونه.

جعلوا لله دارا يسكن فيها

روى البخاري في صحيحه عن أنس رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يحبس المؤمنون يوم القيامة حتى يُهمُّوا بذلك، فيقولون: لو استشفعنا إلى ربنا فيريحنا من مكاننا، فيأتون آدم فيقولون: أنت آدم أبو الناس، خلقك الله بيده، وأسكنك جنته، وأسجد لك ملائكته، وعلمك أسماء كل شئ، لتشفع لنا عند ربك حتى يريحنا من مكاننا هذا. قال: فيقول: لست هناكم، قال: ويذكر خطيئته التي أصاب: أكله من الشجرة وقد نهي عنها، ولكن ائتوا نوحاً أول نبي بعثه الله إلى أهل الأرض، فيأتون نوحاً فيقول: لست هناكم، ويذكر خطيئته التي أصاب: سؤاله ربه بغير علم، ولكن ائتوا إبراهيم خليل الرحمن، قال: فيأتون إبراهيم فيقول: إني لست هناكم، ويذكر ثلاث كلمات كذبهنَّ، ولكن ائتوا موسى: عبداً آتاه الله التوراة وكلمه وقرَّبه نجيًّا، قال: فيأتون موسى فيقول: إني لست هناكم، ويذكر خطيئته التي أصاب: قتله النفس، ولكن ائتوا عيسى عبد الله ورسوله، وروح الله وكلمته، قال: فيأتون عيسى فيقول: لست هناكم، ولكن ائتوا محمداً صلى الله عليه وسلم، عبداً غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فيأتوني، فاستأذن على ربي في داره فيؤذن لي عليه، فإذا رأيته وقعت ساجداً، فيدعني ما شاء الله أن يدعني، فيقول: ارفع محمد، وقل يُسمع، واشفع تُشَفَّع، وسل تُعْطَ، قال: فأرفع رأسي فأثني على ربي بثناء وتحميد يعلمنيه، فيحد لي حداً، فأخرج فأدخلهم الجنة - قال قتادة: وسمعته أيضا يقول: فأخرج فأخرجهم من النار وأدخلهم الجنة - ثم أعود فأستأذن على ربي في داره، فيؤذن لي عليه، فإذا رأيته وقعت ساجداً، فيدعني ما شاء الله أن يدعني، ثم يقول: ارفع محمد، وقل يُسمع، واشفع تُشَفَّعْ، وسل تُعط، قال: فأرفع رأسي فأثني على ربي بثناء وتحميد يعلمنيه، قال: ثم أشفع فيحد لي حداً، فأخرج فأدخلهم الجنة - قال قتادة: وسمعته يقول: فأخرج فأخرجهم من النار وأدخلهم الجنة - ثم أعود الثالثة، فأستأذن على ربي في داره فيؤذن لي عليه، فإذا رأيته وقعت له ساجداً، فيدعني ما شاء الله أن يدعني، ثم يقول: ارفع محمد، وقل يُسمع، واشفع تُشَفَّع، وسل تُعطَهْ، قال: فأرفع رأسي، فأثني على ربي بثناء وتحميد يعلمنيه، قال: ثم أشفع فيحد لي حداً، فأخرج فأدخلهم الجنة.

جعلوا الله ينزل على كرسي يوم الجمعة

روي في الدر المنثور أخرج الدارقطني عن أنس قال: بينما نحن حول رسول صلى الله عليه وسلم إذا قال [إذ قال؟؟]: "أتاني جبريل وفي يده كالمرآة البيضاء في وسطها كالنكتة السوداء،


الصفحة 359
قلت يا جبريل: ما هذا؟ قال: هذا يوم الجمعة يعرض عليك ربك ليكون لك عيدا ولأمتك من بعدك. قلت يا جبريل: فما هذه النكتة السوداء؟ قال: هذه الساعة وهي تقوم في يوم الجمعة، وهو سيد أيام الدنيا، ونحن ندعوه في الجنة يوم المزيد. قلت يا جبريل: ولم تدعونه يوم المزيد؟ قال: لأن الله عز وجل اتخذ في الجنة واديا أفيح من مسك أبيض، فإذا كان يوم الجمعة ينزل ربنا على كرسي إلى ذلك الوادي وقد حف العرش بمنابر من ذهب مكللة بالجوهر، وقد حفت تلك المنابر بكراسي من نور، ثم يأذن لأهل الغرفات فيقبلون يخوضون كثائب المسك إلى الركب، عليهم أسورة الذهب والفضة، وثياب السندس والحرير، حتى ينتهوا إلى ذلك الوادي، فإذا اطمأنوا فيه جلوسا يبعث الله عز وجل عليهم ريحا يقال لها المثيرة، فثارت ينابيع المسك الأبيض في وجوههم وثيابهم، وهم يومئذ جرد مكعلون أبناء ثلاث وثلاثين يضرب جمامهم إلى سررهم على صورة آدم يوم خلقه الله عز وجل.

جعلوا الله ينزل كل ليله إلى الدنيا

روى البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا، حين يبقى ثلث الليل الآخر، يقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له).

روى مسلم في صحيحه عَنْ أبي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إلى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ فَيَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ، وَمَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ، وَمَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ".

روي في كنز العمال أما الوقوف عشية عرفة، فإن الله يهبط إلى السماء الدنيا فيباهي بكم الملائكة فيقول: هؤلاء عبادي جاؤوني شعثا يرجون رحمتي، فلو كانت ذنوبكم كعدد الرمل وكعدد القطر والشجر لغفرتها لكم، أفيضوا عبادي مغفورا لكم ولمن شفعتم له كر عن أنس).‏

روى ابن حجر في الإصابة وأخرج بن السكن وابن أبي خيثمة والبغوي وعبد الله بن أحمد في كتاب السنة له والطبراني من طريق إسرائيل عن ثوير بن أبي فاختة سمعت رجلا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقال له أبو الخطاب وسئل عن الوتر فقال أحب إلي أن أوتر إذ أصلي إلى نصف الليل إن الله يهبط إلى السماء الدنيا في الساعة السابعة فيقول هل من داع...... الحديث وفي آخره فإذا طلع الفجر ارتفع وفي رواية أبي أحمد الزبيري عن الطبراني أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوتر ولم يرفعه غيره.‏

روي في كنز العمال إذا كان ثلث الليل الباقي، يهبط الله عز وجل، إلى السماء الدنيا، ثم تفتح أبواب السماء، ثم يبسط يديه فيقول: هل من سائل فيعطى سؤله، فلا يزال كذلك حتى يسطع الفجر. (حم عن ابن مسعود).‏