عجلة أهل السنة
يتصايح أهل السنة من كل حدب وصوب وهم يرددون: لا تصدق الشيعة فقد مهروا بعداء هذه الأمة واطمأنوا للخروج من الجماعة، طالبهم بالدليل على ما يزعمون.
الرد على العجلة
تقول الشيعة: إن العام الذي انتصرت فيه القوة على الشرعية هو عام الجماعة عند أهل السنة، وإن فكرة التسنن التي أخذ أهل السنة منها اسمهم نشأت في الزمن الذي انتصرت فيه القوة على الشرعية، وليس كما يتصور العامة بأن أهل السنة هم أهل سنة الرسول (صلى الله عليه وآله) فالشيعة هم أحرص الناس على ما صدر من الرسول من قول أو فعل، ولو تركنا التقليد الأعمى لتبين أنا لا نلقي القول على عواهنه وبإمكانكم أن تتأكدوا من صحة ما ذكرناه، فإن كان حقنا كففتم لومكم عنا وإن كان باطلا رجعنا عنه (إن الباطل كان زهوقا). ونزولا عند رغبة عشاق الحقيقة نقدم الدليل القاطع على ما قلناه.
المرجعيتان
لدى الإسلام برأي الشيعة مرجعيتان بعد وفاة النبي:
المرجعية الأولى فردية: عميد أهل بيت النبوة وأول العمداء علي (عليه السلام) وهي تقابل فردية الحاكم الغالب عند أهل السنة.
المرجعية الثانية جماعية: وهي عترة النبي وأهل بيته، وهم يوالون عميدهم ويساعدونه بحفظ الدين على أصوله المستقرة
الله هو الذي عين المرجعيتين
ويقول أهل الشيعة بأن الله تعالى هو الذي عين المرجعيتين بالنص وأمر نبيه أن
الدليل الشرعي على تعيين الله للمرجعية الفردية
الأول: آية الولاية وهي الآية 55 من سورة المائدة * (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون) * وقد نزلت هذه الآية في علي حين تصدق بخاتمه وهو راكع في صلاته. وتفسير هذه الآية مفصل بتفسير الثعلبي على سبيل المثال، وعندما رأى النبي (ص) عليا وهو يتصدق بخاتمه أثناء ركوعه في الصلاة دعا محمد ربه بالدعاء الذي دعا فيه هارون ربه " واجعل لي وزيرا من أهلي عليا أشدد به ظهري.... " قال أبو ذر: فوالله ما أتم الرسول (ص) دعاءه حتى نزل عليه جبريل ومعه آية الولاية.
وقد أجمع المفسرون على نزول هذه الآية في علي (1).
____________
(1) ونقل هذا الاجماع غير واحد كالإمام القوشجي في مبحث الإمامة من شرح التجريد وراجع تفسير الإمام أبي إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم النيسابوري الثعلبي الذي قال عنه ابن خلكان في وفياته إنه أوحد زمانه في علم التفسير. وراجع على سبيل المثال شواهد التنزيل للحسكاني الحنفي ج 1 ص 161 ومناقب علي بن أبي طالب لابن المغازلي الشافعي ص 311 وكفاية الطالب للكنجي الشافعي ج 328 و 250، وذخائر العقبى لمحب الدين الطبري الشافعي ص 88 و 102 والمناقب للخوازرمي الحنفي ص 187 وترجمة الإمام علي بن أبي طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر الشافعي ج 2 ص 409 وراجع الفصول المهمة لابن الصباغ المالكي ص 123 و 108 والدر المنثور للسيوطي ج 2 ص 293 وفتح القدير للشوكاني ج 2 ص 53، والتسهيل لعلوم التنزيل للكلبي ص 181 والكشاف للزمخشري ج 1 ص 649 وتفسير الطبري ج 6 ص 288 - 289، وزاد المسير في علم التفسير لابن الجوزي الحنبلي ج 2 ص 383، وتفسير القرطبي ج 6 ص 216، والتفسير المنير لمعالم التنزيل للجادي ج 1 ص 210 وفتح البيان في مقاصد القرآن ج 3 ص 51 وأسباب النزول للواحدي ص 148، والباب المنقول للسيوطي بهامش تفسير الجلالين ص 213 وتذكرة الخواص للسبط الجوزي الحنفي ص 18 و ص 208 وتفسير الرازي ج 12 ص 26 و 20 وتفسير ابن كثير ج 2 ص 71.. الخ وهنالك 36 مرجعا لم تذكر.
وقد نزلت هذه الآية يوم الغدير (1).
وبعد أن نصب الرسول عليا إماما ومرجعا وخليفة من بعده نزلت الآية * (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا) * وهذه الآية نزلت بذي الحجة وبمنطقة غدير خم وبنفس المكان الذي نصب فيه أمير المؤمنين ومباشرة بعد تنصيبه (2).
وبعد تنصيب الإمام علي بن أبي طالب وليا ومرجعا وخليفة للأمة بعد النبي
____________
(1) ترجمة الإمام علي بن أبي طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر الشافعي ج 2 ص 86 وفتح البيان في مقاصد القرآن للعلامة صديق حسن خان ملك بهو بال ج 3 ص 63 وشاهد التنزيل لقواعد التفضيل في الآيات النازلة في أهل البيت للحاكم الحسكاني ج 1 ص 187 وأسباب النزول للواحدي النيسابوري ص 115 والدر المنثور في تفسير القرآن لجلال الدين السيوطي الشافعي ج 2 ص 298 وفتح القدير للشوكاني ج 2 ص 60 وتفسير الفخر الرازي الشافعي ج 12 ص 50 ومطالب السؤول لابن طلحة الشافعي ج 1 ص 44 والفصول المهمة لابن الصباغ المالكي ص 25 وينابيع المودة للقندوزي الحنفي ص 120 و 249 والملل والنحل للشهرستاني الشافعي ج 1 ص 163 وفرائد السمطين للحمويني ج 1 ص 158، وعمدة القارئ في شرح صحيح البخاري لبدر الدين الحنفي ج 8 ص 58 ومودة العربي للهمداني وروح المعاني للآلوسي ج 2 ص 348 وتفسير المنار لمحمد عبده ج 6 ص 463.... الخ.
(2) تاريخ دمشق لابن عساكر ترجمة الإمام علي ج 2 ص 75 والمناقب لابن المغازلي الشافعي ص 19 وشواهد التنزيل للحسكاني الحنفي ج 1 ص 157 وتاريخ بغداد للخطيب البغدادي ج 8 ص 290 والدر المنثور في تفسير القرآن لجلال الدين السيوطي الشافعي ج 2 ص 259 والاتفاق للسيوطي الشافعي ج 1 ص 31 والمناقب للخوارزمي الحنفي ج 1 ص 47 وينابيع المودة للقندوزي الحنفي ص 115 وفرائد السمطين للحمويني ج 1 ص 72 و 74 وتاريخ اليعقوبي ج 2 ص 35 وكتاب الولاية لابن جرير الطبري وروح المعاني للآلوسي ج 6 ص 55 والبداية والنهاية لابن كثير ج 5 ص 213..... الخ.
وأصبح يوم الغدير عيدا عاما للمسلمين في الأزمنة المتقادمة (2). وحديث الغدير قد بلغ مرتبة التواتر عن طريق علماء أهل السنة، وألفت فيه المؤلفات منها كتاب الولاية لابن حجر الطبري وكتاب الولاية لأبي العباس بن أحمد بن عقدة المتوفى 333 ه وكتاب ابن روى حديث غدير خم لأبي بكر الحصابي المتوفى 355 ه والدارقطني المتوفى في 385 ه له جزء في طريق حديث الغدير وكتاب الدراية في حديث الولاية لأبي سعد السجستاني المتوفى 477 ه وكتاب دعاة الهداة إلى أداء حق الموالاة لأبي القاسم عبيد الله الحنفي المتوفى 490 ه...... الخ. وقد روى حديث الغدير من الصحابة 116 صحابيا ورواه 84 من التابعين، وروى حديث الغدير كل علماء أهل السنة وأخرجوه في كتبهم على اختلاف طبقاتهم ومذاهبهم من القرن الثاني الهجري حتى القرن الرابع عشر الهجري وعددهم 360 عالما كما ذكر الأميني في كتاب الغدير.
ويكفي أن عمر بن الخطاب تقدم وهنأ عليا يوم الغدير قائلا له: " هنيئا لك يا ابن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة "
____________
(1) راجع تاريخ دمشق ترجمة الإمام علي لابن عساكر الشافعي ج 2 ص 75 ح 575 و 577 و 578 وراجع مناقب علي بن أبي طالب لابن المغازلي الشافعي ص 18 ح 24 وراجع المناقب للخوارزمي الحنفي ص 94، وراجع تاريخ بغداد للخطيب البغدادي ج 8 ص 290 وراجع شواهد التنزيل للحاكم الحسكاني الحنفي ج 1 ص 158 ح 213، وراجع سر العالمين لأبي حامد الغزالي ص 21، وراجع إحقاق الحق ج 6 ص 256 وراجع الغدير للأميني ج 1 ص 132 وراجع فرائد السمطين لابن الخوارزمي ج 1 ص 277.... الخ.
(2) وقد نقله العلامة الأميني في كتاب الغدير ج 1 ص 267 نقله عن الآثار الباقية في القرون الخالية للبيروني ص 334 وراجع مطالب السؤول لابن طلحة الشافعي ج 1 ص 44 ووفيات الأعيان لابن خلكان ج 1 ص 60 ترجمة المستعلي بن المنتصر و ج 2 ص 223 في ترجمة المستنصر العبيدي.
نموذج من إعلان يوم الغدير
قال الطبراني في المعجم الكبير:
عن حذيفة بن أسيد الغفاري الصحابي الجليل (رضي الله عنه) قال: لما صدر رسول الله (صلى الله عليه وآله) من حجة الوداع نهى أصحابه عن شجيرات بالبطحاء متقاربات أن ينزلوا، ثم بعث إليهم، فقم ما تحتهن من الشوك وعمد إليهن فصلى تحتهن، ثم قام فقال:
" يا أيها الناس إني قد أنبأني اللطيف الخبير أنه لم يعمر نبي إلا نصف عمر الذي يليه من قبله، وإني لأظن أني يوشك أن أدعى فأجيب وإني مسؤول وإنكم مسؤولون، فما أنتم قائلون ؟ " قالوا: نشهد أنك قد بلغت وجهدت ونصحت فجزاك الله خيرا.
فقال: " أليس تشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله وأن جنته حق وناره حق وأن الموت حق وأن البعث حق بعد الموت وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور ؟ قالوا بلى نشهد بذلك قال: اللهم اشهد ثم قال: أيها الناس إن الله مولاي وأنا مولى المؤمنين، وأنا أولى بهم من أنفسهم فمن كنت مولاه فهذا - يعني عليا رضي الله عنه - مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه (1).
____________
(1) تاريخ دمشق لابن عساكر ج 2 ص 50 ح 548 و 550 والمناقب للخوارزمي الحنفي ص 94 ومسند الإمام أحمد بن حنبل ج 4 ص 281 والفصول المهمة لابن الصباغ المالكي ص 24 والحاوي ملفناوي للسيوطي ج 1 ص 122 وذخائر العقبى للطبري ص 67 وفضائل الخمسة ج 1 ص 350 وتاريخ الإسلام للذهبي ج 2 ص 197 وعلم الكتاب لخواجه الحنفي ص 161 ونظم درر السمطين للزرندي الحنفي ص 109، وينابيع المودة للقندوزي الحنفي ص 30 و 31 و 249 وتفسير الفخر الرازي الشافعي ج 3 ص 63 وتذكرة الخواص للسبط الجوزي ص 29 ومشكاة المصابيح ج 3 ص 246 وعبقات الأنوار ج 1 ص 285 وفرائد السمطين للحمويني ج 1 ص 77 وراجع المراجعات تحقيق السيد حسين راضي ص 177 ج 2 من المراجعات.
التأكيد الشرعي على ولاية علي
قال النبي (صلى الله عليه وآله) لعلي: " أنت وليي في الدنيا والآخرة " (2)، " أنت ولي كل مؤمن بعدي "، وقال: " من كنت وليه فإن عليا وليه "، وقال: " إن لعلي أكثر من الجارية التي أخذ إنه وليكم بعدي "، وقال مرة:
____________
(1) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير راجع الصواعق المحرقة لابن حجر الهيثمي الشافعي ص 25 وصحح الحديث، وراجع معجم الزوائد للهيثمي الشافعي ج 6 ص 164 وراجع ترجمة الإمام علي بن أبي طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر الشافعي ج 2 ص 45 ح 545 وراجع كنز العمال للمتقي الهندي ج 1 ص 168 ج 959 وراجع الغدير للأميني ج 1 ص 26 - 27 وراجع عبقات الأنوار مجلد حديث التعليق ج 1 مجلد 12 ص 3132 و ج 156 وراجع نوادر الأحوال للحكيم الترفدي الشافعي ص 289، وراجع ينابيع المودة للقندوزي الحنفي ص 37.
(2) وقد صرح الذهبي بصحته على نفسه في تلخيص المستدرك ص 26، وابن حجر ذكره في صواعق باب 12 ص 16 وأخرجه مسلم في فضائل علي ص 24 ج 2 من صحيحه والحاكم ص 109 ج 3 من مستدركه وابن حجر في باب 11 ص 107 من صواعقه وقال إن الإمام أحمد أخرجه وصححه، وأخرجه صاحب الجمع بين الصحيحين في فضائل علي وفي غزوة تبوك موجود في صحيح بخاري ج 2 ص 58 وراجع صحيح مسلم ج 2 ص 323 و ص 28 ج 1، وراجع ص 109 ج 2 من مسند الإمام أحمد و ص 172 و 175 و 777 و 179 و 182 و 185 ج 1 من المسند و ص 331 و ص 269 و ص 438 ج 6 من المسند و ص 32 ج 3 من المسند وراجع الصواعق المحرقة باب 11 ص 107 وراجع فصل 2 باب 9 ص 72 من الصواعق وذكره السيوطي في تاريخ الخلفاء وذكره أن الطبراني أخرجه والبزار في مسنده وراجع ص 65 من تاريخ الخلفاء، وأخرجه الترمذي كما يدل الحديث 2504 وراجع ج 6 ص 152 من الكنز وأورده ابن عبد البر في أحوال علي من الاستيعاب.
وجاء حديث المنزلة: أنت مني بمنزلة هارون من موسى ليؤكد هذه الولاية:
" أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي " وهذا الحديث من أصح الآثار وقد رواه أصحاب السنن (2).
____________
(1) راجع النسائي في خصائصه وأحمد بن حنبل في مسنده ص 438 ج 4 والحاكم في مستدركه ص 111 ج 3 والذهبي في تلخيص المستدرك وراجع المراجعات ص 163 - 164 وكتابنا النظام السياسي في الإسلام الباب الأول.
(2) نذكر على سبيل المثال البخاري ج 5 ص 129 وصحيح مسلم ج 2 ص 360 ومسند الإمام أحمد بن حنبل ج 3 ص 50 ح 1490 بسند صحيح و ص 56 ج 5 و ص 57 و ص 66 وسنن ابن ماجة ج 1 ص 42 و ج 4 ص 208 من صحيح بخاري و ج 3 ص 109 من المستدرك للحاكم و ج 3 ص 104 من تاريخ الطبري و ج 1 من تاريخ ابن عساكر حديث 30 و 125 و 148 و 149 و 150 وقد رواه بأكثر من مائة رواية وأنساب الأشراف للبلاذري ج 2 ص 106 والإصابة لابن حجر ج 2 ص 507 و 509 والاستيعاب بهامش الإصابة ج 3 ص 34 و 35 والخصائص للنسائي ص 76 و 77 و 78 ومناقب علي لابن المغازلي وحلية الأولياء ج 7 ص 194 والمناقب للخوارزمي ص 60 وتاريخ الخلفاء للسيوطي ص 168 وينابيع المودة للقندوزي ص 35 وأسد الغابة ج 2 ص 8 ونظم درر السمطين للزرندي ص 95 وكفاية الطالب للكنجي ص 281 وشرح النهج لابن أبي الحديد ج 2 ص 495 والمعجم الصغير للطبراني ج 2 ص 22 و 54 ومجمع الزوائد ج 9 ص 109 وكنز العمال ج 15 ص 139 والعقد الفريد لابن عبد ربه ج 4 ص 311 وجامع الأخوة لابن الأثير ج 9 ص 468 ومشكاة المصابيح ج 3 ص 242 والجامع الصغير للسيوطي ج 2 ص 56.... الخ.
الهداية من بعد النبي
قال النبي (ص): " أنا المنذر وعلي الهادي وبك يا علي يهتدي المهتدون " (1).
الحجة من بعد النبي
قال النبي (ص): " أنا وهذا - يعني عليا - حجة على أمتي يوم القيامة " (2).
قال: (صلى الله عليه وسلم): " علي باب علمي ومبين من بعدي لأمتي ما أرسلت به حبه إيمان وبغضه نفاق. وقال: " أنا مدينة العلم وعلي بابها " وسنبينه في باب القيادة السياسية.
وقال لعلي: " أنت تبين لأمتي ما اختلفوا فيه من بعدي " (3).
هذه السنن وأمثالها تؤكد أن النبي قد عين مرجعية للأمة من بعده ترجع إليها في
____________
(1) تاريخ دمشق لابن عساكر ج 2 ص 417، الفصول المهمة لابن الصباغ المالكي ص 107 ونظم درر السمطين للزرندي الحنفي ص 90 وينابيع المودة للقندوزي الحنفي ص 99 ونور الأبصار ص 71 وشواهد التنزيل للحسكاني الحنفي ج 1 ص 293 وكفاية الطالب للكنجي الشافعي ص 233 وإحقاق الحق ج 4 ص 301 ومنتخب كنز العمال بهامش مسند الإمام أحمد ج 5 ص 34 وفرائد السمطين ج 1 ص 148 وفضائل الخمسة من الصحاح الستة ج 1 ص 66 والدر المنثور للسيوطي ج 4 ص 45 وزاد المسير لابن الجوزي ج 4 ص 307 وروح المعاني للآلوسي ج 13 ص 97، وتفسير الشوكاني ج 3 ص 70 وتفسير الطبري ج 13 ص 108 وتفسير ابن كثير ج 3 ص 502.....
(2) مناقب علي لابن المغازلي ص 45 ح 67 و ص 97 ترجمة الإمام من تاريخ دمشق لابن عساكر الشافعي ج 2 ص 273 ح 793 و 794 و 795 وينابيع المودة للقندوزي ص 239 وكنوز الحقائق للمناوي ص 38 والميزان للذهبي ج 4 ص 138 ومنتخب الكنز ج 5 ص 34 من مسند الإمام أحمد.
(3) تاريخ دمشق لابن عساكر ج 2 ص 488 ح 1008 و 1009 ومقتل الحسن للخوارزمي ج 1 ص 86 والمناقب للخوارزمي ص 236 وكنوز الحقائق للمناوي ص 182 ومنتخب الكنز بهامش مسند أحمد ص 33.
المرجعية الجماعية عند أهل الشيعة
أهل الشيعة يعتبرون النبي (ص) وأهل بيته الطاهرين قدوة لهم لفضلهم على الإسلام وتفضيل الله لهم، فهم الأبناء والنساء والأنفس التي عنتها آية المباهلة:
* (فقل تعالوا ندع أبناءنا.....) * (1) فقد نزلت هذه الآية في النبي وعلي وفاطمة والحسن والحسين (عليه السلام) (2) وهم حبل الله * (واعتصموا بحبل الله...) * (3).
وهم أهل الذكر الذي قال الله تعالى فيهم: * (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) * (4) وهم المحسودون * (أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من
____________
(1) آية 61 من سورة آل عمران.
(2) راجع صحيح مسلم كتاب الفضائل ج 2 ص 360 و ج 7 ص 120 بشرح النووي وصحيح الترمذي ج 4 ص 293 وشواهد التنزيل للحاكم الحسكاني ج 1 ص 120 - 129، والمستدرك على الصحيحين للحاكم ج 3 ص 150 وصححه، ومعرفة علوم الحديث للحاكم ذكر في النوع " 17 " وتلخيص المستدرك للذهبي ومناقب علي للمغازلي الشافعي وترجمة الإمام علي من تاريخ دمشق لابن عساكر ج 1 ص 21 وتفسير الطبري ج 3 ص 299 - 301 والكشاف للزمخشري ج 1 ص 368 - 370 وتفسير القرطبي ج 4 ص 104 وأسباب النزول للواحدي ص 59 وأحكام القرآن لابن عربي ج 1 ص 275، وفتح القدير للشوكاني ج 1 ص 347 وتفسير الفخر الرازي ج 2 ص 699..... وقد ذكر السيد حسين راضي قرابة 90 مرجعا تجدها على الصفحة 45 من ملحق المراجعات للعاصي.
(3) آية 103 من سورة آل عمران، راجع شواهد التنزيل للحاكم الحسكاني الحنفي ص 130 ح 177 178 و 179 و 180 وراجع الصواعق المحرقة لابن حجر الهيثمي الشافعي ص 189 وراجع ينابيع المودة للقندوزي الحنفي ص 139 و 238 وراجع الإتحاف بحب الأشراف للشيرازي الشافعي ص 76 وروح المعاني للآلوسي ج 4 ص 16 ونور الأبصار للشبلنجي ص 102.
(4) الأنبياء آية 7 راجع شواهد التنزيل للحاكم الحسكاني الحنفي ج 1 ص 334، وينابيع المودة للقندوزي الحنفي ص 51 وتفسير القرطبي ج 11 ص 272 وتفسير الطبري ج 14 ص 109
وهم الذين فرض الله مودتهم (4). وهم الذين أوجب الله الصلاة عليهم في أثناء
____________
وتفسير ابن كثير ج 2 ص 570 وروح المعاني للآلوسي ج 14 ص 134 وإحقاق الحق للتستري ج 3 ص 482.
(1) النساء آية 54، راجع علي بن أبي طالب لابن المغازلي الشافعي ص 467 ح 314 وشواهد التنزيل للحاكم الحسكاني الحنفي ج 1 ص 143 والصواعق المحرقة لابن حجر الشافعي ص 150 ونور الأبصار للشبلنجي ص 102 وإسعاف الراغبين للصبان الشافعي مصنوع بهامش نور الأبصار ص 108 والإتحاف بحب الأشراف للشبراوي الشافعي ص 76 وورد الصادي لأبي بكر الحضرمي ص 37 والغدير للأميني ج 3 ص 61.
(2) راجع الدر المنثور للسيوطي ج 4 ص 177 ومجمع الزوائد ج 7 ص 49 وتفسير الطبري ج 15 ص 72 وينابيع المودة للقندوزي الحنفي ص 49 ومنتخب بهامش مسند الإمام أحمد ج 1 ص 228 وتفسير الطبري ج 10 ص 5 وشواهد التنزيل للحسكاني ج 2 ص 338 وينابيع المودة للقندوزي ص 50.
واتلوا الآيات الإسراء آية 26 والأنفال آية 41 والحشر آية 7.
(3) الأحزاب آية 33، راجع صحيح مسلم فضائل أهل البيت ج 2 ص 368 و ج 15 ص 194 بشرح النووي وشواهد التنزيل للحسكاني ج 2 ص 33 والمستدرك للحاكم ج 3 ص 347 وتلخيص المستدرك للذهبي بذيل المستدرك والدر المنثور للسيوطي ج 5 ص 198 وفتح القدير للشوكاني ج 4 ص 279 وعلى الصفحات 76 وما فوق من كتابنا النظام السياسي في الإسلام عالجت هذا الموضوع بطريقة علمية ومقنعة ويمكن لمن يشاء الرجوع إلى هذه المعالجة.
(4) راجع شواهد التنزيل للحاكم الحنفي ج 2 ص 130 ومناقب علي لابن المغازلي ص 307 وذخائر العقبى للطبري الشافعي ص 25 و 138 والصواعق المحرقة لابن حجر الشافعي ص 101 و 135 و 136 والفصول المهمة لابن الصباغ المالكي ص 11 ومقتل الحسين للخوارزمي الحنفي ج 1 ص 1 و 57 وتفسير الطبري ج 25 ص 25 والمستدرك للحاكم ج 3 ص 172 والإتحاف للشبراوي ص 5 و 13، وإحياء الميت للسيوطي بهامش الإتحاف ص 110 وتلخيص المستدرك للذهبي ذيل المستدرك ج 3 ص 172 وتفسير الكشاف للزمخشري ج 3 ص 402 وتفسير القرطبي ج 16 ص 22 وفتح القدير للشوكاني ج 4
وهم الثقل الأصغر، فالقرآن وأهل البيت حرز من الضلالة (2). وهم المتقدمون (3) وهم سفينة النجاة من ركبها نجا، ومن تخلف عنها غرق (4)، وهم أمان الأمة من الاختلاف ومخالفهم من حزب إبليس (5)، وهم الأمان لهذه
____________
ص 537 وحلية الأولياء ج 3 ص 201.... الخ.
(1) الغدير للأميني ج 2 ص 302 والصواعق المحرقة ص 87 و 139 وتفسير الرازي ج 7 ص 391 وذخائر العقبى للطبري الشافعي ص 19 والمستدرك للحاكم ج 1 ص 269، وفضائل الخمسة من الصحاح الستة ج 1 ص 208 والأنوار المحمدية للنبهاني ص 422 وراجع قول الإمام الشافعي " كفاكم من عظيم الفخر أنكم من لم يصل عليكم لا صلاة له " في الصواعق المحرقة 146 وراجع ينابيع المودة للقندوزي الحنفي ص 354 وإسعاف الراغبين للصبان بهامش نور الأبصار ص 118 والإتحاف بحب الأشراف للشبراوي الشافعي ص 29 ونور الأبصار للشبلنجي ص 105 والسيرة النبوية لزين دحلان بهامش السيرة الحلبية ج 3 ص 332... الخ.
(2) صحيح الترمذي ج 5 ص 328 كنز العمال ص 153 وتفسير ابن كثير ج 4 ص 113 وجامع الأصول لابن الأثير ج 1 ص 187 والمعجم الكبير للطبراني ص 137 ومشكاة المصابيح ج 3 ص 258 وإحياء الميت للسيوطي بهامش الإتحاف ص 114 والفتح الكبير للنبهاني ج 1 ص 503، الصواعق المحرقة ص 147 و 226 والمعجم الصغير للطبراني ج 1 ص 135 وتفسير الخازن ج 1 ص 154 التاج الجامع للأصول ج 3 ص 308 وخصائص أمير المؤمنين للنسائي ص 21 وصحيح مسلم ج 2 ص 362.... الخ.
(3) الصواعق المحرقة لابن حجر ص 148 و 226 ومجمع الزوائد ج 9 ص 163 والدر المنثور للسيوطي ج 2 ص 60.
(4) تلخيص المستدرك للذهبي، نظم درر السمطين للزرندي الحنفي ص 235، ينابيع المودة للقندوزي الحنفي ص 30 و 370 والصواعق المحرقة لابن حجر ص 184 و 234 وتاريخ الخلفاء للسيوطي، وإسعاف الراغبين للصبان الشافعي ص 105، فرائد السمطين ج 2 ص 246 وكفاية الطالب للكنجي الشافعي ص 378 والمعجم الصغير للطبراني ج 2 ص 22 وإحياء الميت للسيوطي بهامش الإتحاف ص 113 والصواعق المحرقة ص 91.... الخ.
(5) الصواعق المحرقة ص 91 و 140 وإحياء الميت للسيوطي بهامش الإتحاف ص 114، ومنتخب الكنز بهامش مسند الإمام أحمد ج 5 ص 93 وينابيع المودة للقندوزي الحنفي ص 298 وجواهر البحار للنبهاني ج 1 ص 361.
قال (صلى الله عليه وآله): " في كل خلف من أمتي عدول من أهل بيتي ينفون عن هذا الدين تحريف الضالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين ألا وإن أئمتكم وفدكم إلى الله فانظروا من تعزون " (2).
ثمرة اتباع الشيعة للمرجعية الشرعية
لأن الشيعة والوا محمدا وأهل بيت محمد ما زالوا يوالونهم، ولأنهم يعتبرون عميد أهل بيت النبوة في كل زمان هو إمامهم وقدوتهم فإن الله سبحانه وتعالى اصطفاهم لحفظ دينه على الأصول المستقرة وقد بشرهم النبي أنهم خير البرية.
وعندما نزل قوله تعالى: * (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية) * قال الرسول (صلى الله عليه وآله): يا علي هم أنت وشيعتك (3).
____________
(1) ذخائر العقبى للطبري الشافعي ص 17، ونظم درر السمطين للزرندي الحنفي ص 234 وإحياء الميت للسيوطي بهامش الإتحاف ص 112 والجامع الصغير للسيوطي ج 2 ص 161 والفتح الكبير للنبهاني ج 3 ص 267 ومنتخب كنز العمال ج 3 ص 267، ومنتخب كنز العمال بهامش مسند الإمام أحمد ج 5 ص 92 والصواعق المحرقة لابن حجر ص 185 و 233 وإسعاف الراغبين بهامش نور الأبصار ص 128... الخ.
(2) الصواعق المحرقة لابن حجر ص 148 وينابيع المودة للقندوزي الحنفي ص 226 و 236 و 327 وذخائر العقبى لمحب الدين الطبري الشافعي ص 17.
(3) راجع شواهد التنزيل للحاكم الحسكاني الحنفي ج 2 ص 356 - 366 حديث 1125 - 1135 و 1137 و 1139 - 1148، وراجع كفاية الطالب للكنجي الشافعي ص 244 و 245، والمناقب للخوارزمي ص 62 و 187 والفصول المهمة لابن الصباغ المالكي ص 107 ونظم درر السمطين للزرندي الحنفي ص 92 وترجمة الإمام علي بن أبي طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر الشافعي ج 2 ص 442، وينابيع المودة للقندوزي الحنفي ص 62 ونور الأبصار للشبلنجي ص 71 و 102 والصواعق المحرقة لابن حجر الشافعي ص 96 والدر المنثور للسيوطي ج 6 ص 379 وتفسير الطبري ج 3 ص 146 وتذكرة الخواص للسبط بن الجوزي الحنفي ص 18 وفتح القدير للشوكاني ج 5 ص 477 وروح المعاني للآلوسي ج 30 ص 207 وإحقاق الحق للتستري ج 3 ص 387 والغدير للأميني ج 2 ص 57 وفضائل الخمسة ج 1 ص 378 وغاية المرام باب 28 من العقد الثاني ص 328 وفرائد السمطين ج 1 ص 156.
الباب الرابع
القيادة والسياسة
الفصل الأول
القيادة السياسية
1 - ضوابط حركة المجتمع
حركة المجتمع - أي مجتمع سياسي على الاطلاق - تسير وفق ضابطين رئيسيين، والمجتمع المسلم كواحد من المجتمعات السياسية الإنسانية لا يشذ عن هذه القاعدة، فحركته أيضا محكومة بضابطين:
1 - الضابط الأول: وهو العقيدة أو المنظومة الحقوقية الإلهية، وهي بمثابة القانون النافذ في المجتمع الإسلامي وهي عبارة عن مخططات عامة وتفصيلية تعطي بالكامل حركة المجتمع الإسلامي في كل مجالات الحياة بالحال والمآل وإن شئت فقل إنها الصيدلية الكبرى التي تحوي العلاج الشافي من كل داء قد أصاب المجتمع الإسلامي أو سيصيبه. وتحتوي هذه المنظومة على التجذير النظري والعملي والتنظير لكل داء ودواء وتقدم ضمانة مؤكدة لفاعلية هذا العلاج ونتائجه. وهذه المنظومة معدة ومصاغة لتغطي حياة الفرد والأسرة والمجتمع والدولة والعالم كله وتنظيم علاقات المجتمع وقيادتهم إلى التعاون والانسجام وإشباع حاجاتهم المادية والروحية أيضا.
2 - الضابط الثاني: وهو القيادة السياسية المنبثقة عن هذه العقيدة فهي الجهة المخولة وفق أحكام هذه المنظومة الإلهية بإبقاء حركة المجتمع الإسلامي دائما وفق أحكام هذه المنظومة الحقوقية الإلهية وتوضيحا هو بمثابة المهندس الذي استوعب المخططات العامة والتفصيلية للعقيدة الإلهية، وهو بمثابة الطبيب والصيدلاني الذي يشخص المرض ويصف العلاج ويقدمه لك ويصف كيفية استعماله، ويتابعك وأنت
وهو المنظر للمنظومة الحقوقية الإلهية وهو المشرف العام على تطبيقها والمرجع العام لفهم أحكامها ومراميها، لأنه هو الأعلم بها والأفهم لقواعدها وغاياتها والأفضل من بين أتباعها والأنسب من بين كل الموجودين لقيادة أتباع هذه العقيدة وهو المبين لها من خلال نقلها وتبليغها بالضبط كما تلقاها من ربه، ومن خلال ترجمتها من النص إلى الحركة بعد عملية النقل والتبليغ. وهو الشاهد على عملية البيان بشقيها النظري والعملي، وهو المبشر للمخلصين للعقيدة والمنذر للمعاندين لها وهو الداعية إلى الله وهو السراج المنير الذي ينير درب المجتمع أثناء حركة هذا المجتمع الحياتية.
2 - الترابط والتكامل بين العقيدة الإلهية والقيادة السياسية
العقيدة الإلهية الإسلامية بكليتها وأساسها قائمة على ركنين أساسيين، أولهما كتاب الله المنزل وهو القرآن الكريم، وثانيهما نبي الله المرسل وهو محمد (صلى الله عليه وآله وسلم). محمد هو القيادة السياسية المخولة إلهيا بقيادة الدعوة إلى العقيدة والمعينة إلهيا لتقود الدولة بعد أن تسفر الدعوة عن الدولة بمعنى أن القيادة السياسية لدعوة العقيدة ودولتها هي جزء لا يتجزأ من هذه العقيدة وهي أصل من أصولها، فالإيمان بقيادة محمد السياسية وولايته هي جزء من الإيمان بالعقيدة الإلهية، كذلك فإن الإيمان بقيادة طالوت السياسية كان جزءا لا يتجزأ من العقيدة الإلهية الناقدة آنذاك، وكذلك الإيمان بقيادة داود، وسليمان (عليهما السلام).
لأنه ليس بالإمكان وفق نواميس الحياة تبليغ العقيدة الإلهية وبيان أحكامها وتطبيق هذه الأحكام دون القيادة السياسية لمحمد بالذات، فهو نفسه المخول بترجمة نصوصها من الكلمات إلى الحركات وهكذا فعل عبر دعوة قادها بنفسه، وعبر دولة ترأسها بنفسه، لأنه هو بالذات محور وأسس القيادة السياسية التي أسندت إليها مهمة قيادة الدعوة والدولة معا.
ويؤكد هذا الترابط العضوي والتكامل المحتوم بالضرورة أن الله سبحانه وتعالى وطوال التاريخ البشري لم يرسل رسالة إلى بني البشر بدون رسول ولم ينزل كتابا إلا
ففك الارتباط والتكامل بين العقيدة الإلهية وبين القيادة السياسية غير وارد بكل المقاييس العقلية والمنطقية والدينية والفطرية، ويخرج عن دائرة المعقول تماما التمسك بالقرآن وحده وتجاهل القيادة السياسية الإلهية، فمن يقول إنه يؤمن بالقرآن ولا يؤمن بمحمد كقائد له وكولي هو ليس مؤمنا بالإجماع. ومن يقول أنه يوالي محمدا كقيادة سياسية ولا يؤمن بالقرآن هو أيضا ليس مؤمنا بالإجماع لأن من مستلزمات الإيمان الإيمان بالعقيدة الإلهية كقانون نافذ، والإيمان بمحمد كقائد وكولي يقود حياة المؤمنين ضمن هذا القانون النافذ.
فالقيادة السياسية هي بمثابة الهيئة التأسيسية فهي المختصة ببيان العقيدة وبقيادة الأتباع وفق أحكام هذه العقيدة.
وعمليات البيان وعمليات القيادة عمليات فنية تماما كالطب أو علم الذرة أو علم الهندسة، ومن المستحيل أن نترك لأهوائنا واجتهاداتنا.
مؤهلات القيادة السياسية الإسلامية الشرعية
أول ولي وقائد سياسي للأمة الإسلامية هو محمد (صلى الله عليه وآله) فهو القدوة وهو المثال الذي يقاس عليه، والذين تولوا الولاية والقيادة والمرجعية من بعده تولوها بوصفهم خلفاء للنبي، فالمؤهلات العلمية للنبي كولي وكقائد سياسي وكمرجع للأمة هي أنه أعلم أهل زمانه بالعقيدة الإلهية وأفهم أهل زمانه بأحكامها وأفضل الموجودين من أتباعها وأنسبهم لقيادة ولايتها ومرجعيتها، بالإجماع. ودليلا على ذلك أن الله سبحانه وتعالى هو الذي عينه وجمع له الولاية والقيادة والمرجعية، ولا يعارض بذلك أحد من أبناء الملة.
وأي قيادة وولاية ومرجعية تأتي من بعده يجب أن تكون لها نفس المؤهلات
1 - الأعلم بالعقيدة 2 - الأفهم بأحكامها 3 - أفضل الموجودين من أتباعها 4 - أنسب هؤلاء الأتباع لقيادة الأمة.
وهذه معايير موضوعية، وأمنيات مجردة، وغايات محددة لكل من أراد الحق وجانب الهوى. فمن مصلحة كل المؤمنين أن يتولاهم ويقودهم الأعلم والأفهم والأفضل والأنسب ولا مصلحة شرعية لأي واحد منهم بأن يتولى غير من كانت هذه صفاته.
من هو المختص بالتأكد من توافر المؤهلات
لا يوجد في الدنيا فرد أو جماعة أو أمة تستطيع أن تؤكد لنا على وجه الجزم واليقين أن هذا أو ذاك هو: الأعلم والأفهم والأفضل والأنسب، لأن الأفراد والجماعات والأمم لا يعرفون ذلك على وجه الجزم واليقين، لأن إمكانياتهم وطاقاتهم العقلية والفطرية والعلمية لا تمكنهم من ذلك، ولأنهم لا يعرفون إلا الظاهر، أما البواطن فهم يجهلونها، وإذا اجتهدوا وحاولوا أن يبحثوا عن الأعلم والأفهم والأفضل والأنسب فإن النتائج التي سيتوصلون إليها قائمة على الفرض والتخمين فقد تكون وقد لا تكون، ولكن المؤكد أن هذه النتائج هي ثمرة مبلغهم من العلم مشبعة بكل نوازع النفس الإنسانية.
والمطلب الحقيقي للجميع ليس الفرض والتخمين إنما الجزم واليقين. إذا، فإن المؤهل والمختص بإعطاء المعلومات اليقينية القائمة على الجزم واليقين هو الله جل وعلا، فهو نفسه الذي قدم لنا محمدا وأكد لنا أنه الأعلم والأفهم والأفضل والأنسب وهو نفسه صاحب العقيدة والأحرص على مصلحتها، وهو المعني تماما بأن يقدم لنا من تتوفر فيه هذه الصفات على وجه اليقين وفي كل زمن من الأزمان من بعد وفاة النبي وحتى تقوم الساعة.
فمنذ اليوم الذي شرع فيه محمد بالدعوة شرع بأمر من ربه بإعداد هذا الذي سيتولى الولاية والقيادة والمرجعية من بعده، وبين الطريقة التي ستتم بها عملية استكشاف من كانت هذه صفاته.
القبول بالتكييف الإلهي
إذا قبلت الأمة بالتكييف الإلهي ووافقت على أن فلانا هو الأعلم وهو الأفضل وهو الأفهم وهو الأنسب، فإنها تعبر عن هذا القبول بالمبايعة فتتفق إرادة الأمة مع إرادة الله، وغاية الأمة مع غاية الله فيكون فلان هذا معين من الله ومقبول من الأمة فيستمد شرعية وجوده كولي وكقائد من مصدرين: الأول الله الذي كيف صفاته وعينه على أساسها، والمصدر الثاني الأمة التي قبلت بالتكييف الإلهي بأن فلانا هذا هو الأعلم والأفهم بالعقيدة وأفضل أتباعها لقيادتها فبايعته على هذا الأساس وقبلت به وليا وقائدا ومرجعا.
وبهذه الحالة تستقيم أمور الأمة وعقيدتها وقيادتها السياسية ويقطف الجميع أحلى الثمرات وأطيبها وتشق الدعوة والدولة طريقهما إلى الله بيسر ورخاء وريح مواتية ويتفيأ الجميع في ظلال النعمة الإلهية.
رفض التكييف الإلهي
إذا لم تقبل الأمة التكييف الإلهي بأن فلانا هو الأعلم والأفهم والأفضل والأنسب لقيادتها على وجه الجزم واليقين، واجتهدت الأمة أو هكذا خيل إليها بأن فلانا هو الأنسب لخلافة النبي من فلان. فمعنى ذلك هو رفض التكييف الإلهي القائم على الجزم واليقين واستبداله بتكييف بشري قائم على الفرض والتخمين.
وهذه العملية " الرفض والاستبدال " لا تغير من الحقيقة شيئا، ولا تجعل فلانا أنسب من فلان لكن تحدث عملية انفكاك واقعية فيتولى الولاية والقيادة والمرجعية شخص آخر غير الشخص الذي عينه الله، وبما أن الولاية والقيادة والمرجعية اختصاص، وحيث أن الشخص البديل غير مؤهل لهذا الإختصاص فتحدث تبعا لذلك انهيارات متلاحقة، وما تزال تتوالى حتى تعصف بالأمة وتفرقها بعد وحدة وتذلها بعد عزة، وتخرج رويدا رويدا من دائرة المنظومة الحقوقية الإلهية إلى دائرة العقل أو دائرة الفرض، أو دائرة الشهوة أو مزيج من هذه الدوائر مجتمعة، وتتوقف
أشكال رفض التكييف الإلهي
1 - الشكل الأول: القبول بالعقيدة الإلهية وعدم القبول بولاية القيادة السياسية كالإيمان بنبي بني إسرائيل ورفض موالاة طالوت لأنه ليس الأحق بالقيادة حسب رأيهم، فبين الله سبحانه وتعالى لهم أنه زاده بسطة في العلم والجسم ودعمه بالبينات فقبلوه مكرهين وانتهى الرفض إلى القبول.
2 - الشكل الثاني: الإيمان بالعقيدة الإلهية وعدم القبول بولاية القيادة السياسية من بعد النبي بتأويل مفاده أن الله لم يعين هذه القيادة إنما عينها النبي حسب اجتهاده كبشر، وأنه لا حرج من مخالفة هذا الاجتهاد واختبار شخص آخر بدلا من الذي اختاره النبي، لأن الذي اختاره النبي من بني هاشم، والله قد أعطى الهاشميين النبوة والأفضل لمصلحة الجميع أن يهنأ الهاشميون بالنبوة وأن يتولى الخلافة غيرهم، أضف إلى ذلك أن هذا الذي اختاره النبي به دعابة، وعنده زهو بنفسه، وما زال فتى، وهنالك من هو أسن منه، وهم مشيخة قريش. لكل هذه الأسباب آمنوا بالعقيدة الإلهية ورفضوا موالاة الرجل الذي كيفه الله وأعده رسوله وعينه خليفة من بعده. وهذا ما حدث لعلي بن أبي طالب.
الفصل الثاني
القيادة السياسية
3 - الإعداد الإلهي لخلافة النبي
قبل أن يلد آدم
شاء الله تعالى أن يكون النبي العربي خاتم الأنبياء، وأن يكون دين الإسلام آخر الديانات السماوية، وأن يتولى هذا النبي بيان هذا الدين عبر دعوة يقودها بنفسه، تتمخض عن دولة الإيمان التي ترأسها بنفسه، ومن خلال مرحلتي الدعوة والدولة ثم بيان الإسلام نظريا، وتحول النظر إلى التطبيق، واتضحت أدق خفاياه وأبرز معالمه حتى لكان البيان المحمدي تصوير فني بطئ مصحوب بالصورة والصوت والحركة.
وقد قضت مشيئة الله أن ينطلق النبي وخليفته ووليه من بعده معا وأن يكونا معا حتى يبين النبي دين الإسلام، ويكون قاعدته، ويؤسس دولته وبعد ذلك يختار ما عند الله ويسلم الراية لولي عهده وخليفته من بعده، فينطلق على نفس البصيرة، ويتابع نفس الطريق، تلك هي الصورة الزاهية التي رسمتها العناية الإلهية وعرضتها على شاشة أذهان الذين أمنوا وتمنت عليهم لو عملوا على تنفيذها طوعا وبدون إكراه، لأن الصلة بين النبي وولي عهده تصلح أن تكون منارا لنمط الأخوة الإيمانية، وأسلوب تبعية الخط الإيماني. وتفسر طبيعة العلاقة بين السلف والخلف وبين التابع والمتبوع في الإسلام.
يقول النبي (صلى الله عليه وآله): " كنت أنا وعلي نورا بين يدي الله عز وجل قبل أن يخلق آدم بأربعة عشر ألف عام، فلما خلق آدم قسم ذلك فيه وجعله
قبيل الدعوة
مات والد النبي وهو في بطن أمه، فكفله جده عبد المطلب، ثم مات جد النبي فكفله عمه عبد مناف بن عبد المطلب المكنى بأبي طالب، فأبو طالب عم النبي الشقيق ووالد الخليفة والولي من بعده علي. ويشب النبي ويترعرع ويتزوج امرأة فاضلة ميسورة الحال وهي خديجة بنت خويلد، ويكون لنفسه بيتا ويستقل، وأراد أن يساعد عمه صاحب العيال وفقير الحال عبد مناف والد علي، فأخذ أحد أطفال عمه ليغدوه له، وشاءت العناية الإلهية أن يكون هذا الطفل هو علي والخليفة والولي فيما بعد، ونما الصبي، وترعرع في كنف ابن عمه ولم يفارقه حتى اختص الله محمدا بالنبوة، ثم لازمه حتى انتقل الرسول (ص) إلى جوار ربه.
بعد النبوة
نبئ النبي يوم الاثنين، وأسلم علي يوم الثلاثاء، وتابع الفتى التصاقه بالنبي ولم يفارقه قط، كانا في مكة معا، وكانا في المدينة معا، وسكنا في بيت واحد طوال حياة النبي. فكان محمد (ص) هو الذي جاء بالصدق وعلي هو الذي صدق به وهذا معنى قوله تعالى: * (والذي جاء بالصدق وصدق به أولئك هم المتقون) * (3)
____________
(1) رواه الإمام أحمد بن حنبل في مسنده وفي كتابه فضائل علي وذكره صاحب الفردوس وزاد فيه " ثم انتقلت حتى صرت في عبد المطلب فكان لي النبوة ولعلي الوصية " وراجع شرح نهج البلاغة لعلامة المعتزلة ابن أبي الحديد ج 3 ص 252 وما فوق.
(2) راجع على سبيل المثال: المستدرك للحاكم ج 3 ص 129، وترجمة علي من تاريخ دمشق لابن عساكر ج 1 ص 249 وتاريخ بغداد للخطيب البغدادي ج 4 ص 195 وكنز العمال ج 6 ص 391 و ج 15 ص 95 وكفاية الطالب للكنجي الشافعي ص 297.... الخ.
(3) راجع شواهد التنزيل للحسكاني الحنفي ج 2 ص 120 ح 810 - 815 وراجع مناقب علي لابن