الإهداء:
إلى إخواني النصارى والمسلمين.
إلى كل من تكبّد عناء البحث عن الحقيقة.
إلى كل نفس جاهدت في سبيل إرضاء خالقها.
إلى الأبطال الذين يضحون بأرواحهم الطاهرة ودمائهم الزكيّة في سبيل نصرة الحق وزهق الباطل.
أهدي هذا العمل آملاً من الله عز وجل القبول والرضا.
المؤلف
مفتاح الكلام
الحمد لله الذي يهتدي بنور وجهه الضالون، ويلتجئ إلى جانب رحمته المذنبون، فيهدي الضالين ويغفر للمذنبين، وأزكى الصلاة وأتم التسليم على سيد الأنبياء والمرسلين، طبيب النفوس وشفيع الذنوب وحبيب القلوب أبي القاسم محمد وعلى آل بيته الطاهرين، وجميع الأنبياء والمرسلين وعباد الله الصالحين.
منذ فجر البشرية والإنسان ممعن سفراً في رحلة لا تنتهي باحثا عن الحقيقة، فكانت تلك المحاولات المتكررة والمستمرة التي هدفت للوصول إلى معرفة علة الخلق ومنشأ الحياة واستكشاف أسرار هذا الكون الرحب،
وكان للسماء في هذه المرحلة دور المرشد والهادي حيث بعثت الأنبياء وأرسلت الرسل وأنزلت الكتب المتعددة، ما أدى الى اختلاف البشر بين مؤيد ومعارض، وهذا ما ولد الرسالات المختلفة وأنشأ المذاهب المتنوعة، والتي يدعي أرباب كل منها أحقيته وبالتالي يسوق الأدلة المختلفة لإثبات صدق مذهبه على قاعدة كل يجرّ النار إلى قرصه ونحن بنو هذه الدنيا من الواجب علينا أن ننظر كما نظروا، ونبحث كما بحثوا، وذلك لندين بالله وكتبه ونطيع رسله ونقوم بواجبنا الإلهي حتى لا يكون وجودنا في هذه الحياة، مجرد وجود أنعام تتناسل وتأكل وتكبر ثم تموت وتندثر، فيكون وجودنا وبالاً علينا بدل أن يكون فرصة خير لنا...
وإذا أخذنا على عاتقنا مسؤولية البحث عن الحقيقة والنظر في هذه المذاهب المتشتتة للتميز بين غثها وسمينها، وتأملنا بكل تجرد وموضوعية لوجدنا ان هنالك تنوعاً هائلا بين البشر في الأفكار والمعتقدات، فمن الهند وبوذا والصين وكونفوشيوس إلى فلسطين والمسيحية ومصر واليهودية مرورا بالجزيرة العربية والإسلام، هذا فضلاً عن آراء الفلاسفة وأفكار المصلحين ونظريات العلماء التي لا حد لها ولا حصر.
ونحن في خضم الصراع الفكري الحضاري، المنطلق من الموضوعية البحتة والمبني على الأسس المنطقية
وقبل الدخول في تفاصيل البحث نرى لزاماً علينا تزويد القارئ الكريم بنبذة موجزة عن الأديان الأساسية التي كانت محط نظرنا في هذا البحث، على الرغم من اننا أولينا الاهتمام الأكبر لدراسة المسيحية والإسلام وعقدنا مقارنة بين ما جاء في الكتابين الإلهيين الكتاب المقدس والقرآن الكريم...
فالبوذية دين منسوب إلى جوتاما سد هارتا المعروف ببوذا، ذلك الأمير الذي عاشر في النيبال من بلاد الهند حوالي عام 563 قبل الميلاد، وكان أميراً مرفها ولكن
واليهودية دين منسوب إلى النبي موسى بن عمران (عليه السلام) وقد ظهرت معالمه أول ما ظهرت في أرض مصر، حيث كان يقطن أبناء النبي يعقوب (عليه السلام) المعروفين بالأسباط الاثني عشر، وهم تاريخيا بنو إسرائيل، ثم تركزت دعائم اليهودية في صحراء سيناء إبان فترة التيه ثم في بلاد فلسطين في مرحلة أنبياء ما بعد موسى عليه السلام. وأنزل الله إليه التوراة وفيها تعاليم إلهية متنوعة، وتدعو اليهودية إلى الإيمان بالله
والمسيحية هي الدين المنسوب الى المسيح عيسى بن مريم (عليه السلام) والذي بعث في بلاد فلسطين في أمة اليهود ليقوّم انحرافها عن تعاليم النبي موسى وقد أنزل الله إليه الإنجيل الذي علّمه لأنصاره الحواريين الاثني عشر، وقامت دعوة عيسى (عليه السلام) على الإيمان بالله الواحد وعبادته، وعلى الدعوة إلى الزهد في الدنيا ونبذ الحقد والكراهية لبني البشر ولكن مع الأسف تدعو المسيحية اليوم إلى الإيمان بالله ذي الثلاثة أقانيم وترى في المسيح إلها ورباً، وهذا مخالف لنص الكتاب المقدس كما سنبين لاحقاً..
ومن الجدير ذكره أن المسيحية اليوم تتمثل بعدة طوائف أكبرها البروتستانتية والتي انشقت عن الكنيسة
والإسلام دين الله الأخير الذي أوحى به على نبيه محمد بن عبد الله (صلى الله عليه وآله) وسلم وكان منطلقه من الجزيرة العربية وفي مكة ويثرب تحديداً، وهو كسائر الأديان السماوية يدعو إلى الإيمان بالله الواحد وبنبوة النبي محمد (صلى الله عليه وآله) وسائر الأنبياء قبله وبيوم الحساب والجزاء بعد الموت، ويمتاز هذا الدين عما سلفه من الأديان بأنه خاتمها ويدعو إلى الإيمان بكل الرسالات السماوية التي جاءت قبله والأخذ بها في حال توفرت......، وكل الأنبياء الذين بعثوا قبل بعثته دون تفريق بين أحد منهم.
وبعد هذه اللمحة الموجزة عن أهم الأديان والمعتقدات المعمول بها اليوم دعونا نعود ونطرح على أنفسنا سؤالاً سبق لنا أن سألناه، أي هذه الأديان على حق وأولى بالاتباع..
قد لا يكون الجواب بسيطاً كما يخيل للبعض، فلابد
العبد لله جان أبو جودة
مقدمة المؤلف
بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، الذي يهدي من يشاء إلى الطريق القويم والصراط المستقيم، وهو القائل في كتابه الكريم (يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب ويعفو عن كثير قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين (15) يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات الى النور بإذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم (16) لقد كفر الذين قالوا ان الله هو المسيح ابن مريم قل فمن يملك من الله شيئاً إن أراد ان يهلك المسيح ابن مريم وأمّه ومن في الارض جميعا ولله ملك السموات والأرض وما بينهما يخلق ما يشاء والله علىكل شيء قدير (17)) سورة المائدة 15و16و17 والصلاة والسلام على أشرف خلق الله سيدنا ونبيا محمد وعلى آل بيته الطاهرين، ولعنة الله على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين وبعد:
ومن خلال هذه المرحلة المثيرة سوف نعرج نحو بعض التناقضات والأخطاء المدسوسة في الكتاب المقدس من قبل الماسونية العالمية والمنظمات اليهودية المحاربة للدين، لنطلع على معانيها والهدف من وضعها ولنتجنب الوقوع في أفخاخها الإبليسية البحتة، لأنه ومما لا شك فيه لا يوجد إنسان أياً كان انتماؤه الديني من دون إيمان يحركه ويدفعه لفعل الخير ولخدمة الناس والمجتمع فهذا هدف أغلبية بني البشر، فمن يربي أولاده على السلوك الحسن والأخلاق الحميدة والأهداف النبيلة، ومن يحاول جاهداً أن يصلح المجتمع بأي طريقة كانت سواء أكانت بالتوجيه والإرشاد، أو بالعمل البناء الذي يساعد الجيل
وحتى الملحد الذي لا يؤمن بوجود الباري عزّوجلّ لم يولد ملحداً، لكن الظروف التي واجهته جعلته هكذا مثلاً:
إذا كنت رجلاً مسيحياً ملتزماً تقوم بواجباتك الدينية على أكمل وجه، وتصادف فجأة دون أية مقدمات خلال قراءتك للكتاب المقدس الحالي إحدى التناقضات أو الروايات المدسوسة التي تنسب صفات رديئة ومشوهة لصورة الأنبياء عليهم السلام سوف تصاب بلا ريب بخيبة أمل كبيرة وقد تذهب ربما إلى أحد الآباء في الرعية التي تنتمي إليها، لتوضح هذه الشكوك التي بدأت تساورك، ولأنها حقيقة لا مجال لإخفائها تكون نتيجة لقائك هذا الراعي وعدم قدرته على إقناعك، دافعاً قوياً
ولكن مع فارق مميز وهو أن القرآن الكريم ليس كسائر الكتب السماوية التي سبقته لأن الله تعالى لم يسمح بتحريفه، كونه خاتمة الكتب الموحى بها منه جل وعلا وقد ذكر فيه ما لم تسبق الإشارة إليه في أي كتاب سلفه، حيث القى الله على عاتقه مسؤولية حفظه وحمايته إذ أوحى قائلا بسم الله الرحمن الرحيم (إنا نحن نزّلنا الذكر وإنّا له لحافظون). صدق الله العظيم...
ومن هنا فإني أنصحك أخي المؤمن بقراءة هذا الكتيب بدافع فهم الحقيقة لا بدافع المطالعة فحسب متعمقا في معانيه ومتأملاً لكلماته ومتجرداً من العصبية العقائدية، آخذاً بالحكمة المذكورة في الكتاب المقدس
المؤلف
الفصل الأول
الميزان الحقيقي لمعرفة دين الله
من الكتاب المقدس
إن أسمى أهداف الإنسان على هذه الأرض هو التقدم والرقي لنيل السعادة الحقيقة التي لا تشوبها شائبة، ولا يمكننا نيل هذه السعادة إلا بضمانها في كلا الدارين الدنيا والآخرة فالسعادة بهما معا هي السعادة الكاملة، وقد يكون الشقاء المادي والجسدي في الدار الدنيا منتهى السعادة لنا إذا اقترن مع إرضاء الله عز وجل واهب السعادة في الدار الآخرة...
ولكن بعض الناس يدّعون بأن كل الأديان تؤدي إلى رضا الله أخذاً بالمثل القائل: (كل الدروب توصل إلى الطاحونة) فهل يؤيد الكتاب المقدس هؤلاء المسيحيين؟
إن إرضاء الله يتطلب معرفته وأتّباع الشريعة التي
إن البحث عن دين الله الذي يرتضي من البشر أتباعه واجب عقلي ودليله واضح في مسألتين:
الأولى: وجود دين واحد يرضي الله عزوجل.
إن تعدد الأديان اليوم يضع على الساحة عملياً عقائد ومفاهيم متناقضة، مما يعني ضرورة الالتزام بعقيدة وترك الباقي وإهماله وبالتالي فإن الدين الذي يرضي الخالق واحد من هذه المجموعة فلا يجوز نسب التناقض في الأقوال لله عز وجل.
الثانية: ضرورة وجود البحث والتقصي عن هذا الدين الإلهي بوجود شريعة واحدة ترضي الله تعالى أصبحت
وبوجود العقل الذي وضعه الله حجة باطنة على جميع الخلق لم يعد هنالك من مخرج أو مهرب من هذا الواجب، فالجميع سيسألون عن تقصيرهم تجاه الله ودينه يوم الحساب، وواجب الأديان كافة إن تظهر الحجة للناس لكي يستطيعوا إن يفرقوا بين الحق والباطل ويلتزموا بما يوافق العقل السليم، تلك الحجة التي سيواجهونها يوم السؤال والحساب...
وطالما إن العقل يلزمنا بوجوب النظر في كل الأديان كان لابد لنا من عقد مقارنة بين الأديان السماوية الثلاث (اليهودية والمسيحية والإسلام) ذلك كونها من لدن الله ووحيه ويستحقون الجهد والتعب، وأما عبّاد
ولدين الله ثمار ورد ذكرها في الكتاب المقدس والقرآن الكريم أبرزها الصدق والتناغم مع بعضه البعض فلا يجوز أن ننسب رسالة متناقضة المضمون إلى الله العادل الكامل، ولكن قبل الغوص في بحر التناقضات دعونا نستخرج من الكتاب المقدس قاعدة لتكون بمثابة حجر الزاوية لنا نبني على أساسها هذا الكتاب...
ماذا يقول الكتاب المقدس الحالي بشأن تعدد الأديان وهل تؤدي جميعها إلى رضا الله تعالى؟
من المنطقي أن يكون هنالك دين واحد محق في
ومن أبرز الأساليب التي نستطيع من خلالها معرفة هؤلاء العباد وسط الكم الهائل من الحشود الدينية، عقد مقارنة بين أعمالهم وتعاليمهم لمعرفة ما إذا كانت أعمالهم تنال رضا الله عز وجل، ولا يمكن تحديد ذلك على أساس ما يدعيه الناس والأديان، فقد ظهر المسيح عليه السلام في موعظته على الجبل إن كثيرين سيقولون لله يوم القيامة (يا رب يا رب أليس باسمك تنبأنا وباسمك
وليست الكلمات فحسب تضل بل المظاهر ايضا يمكن ان تخدع وقد حذر المسيح من المتسترين وراءها قائلاً: (احذروا الانبياء الكذبة والمعلمين اللذين سيأتون بثياب حملان ولكنهم من الداخل ذئاب خاطفة) متى 7: 15.
ولكي نستطيع إن نميّز بين الأنبياء الصادقين المرسلين والمتنبئين الزائفين المدعين جاء نص النصيحة في إنجيل متى 7: 16 -19 كما يلي: (من ثمارهم تعرفونهم هل تجتنون من الشوك عنباً، أو من الحسك تينا هكذا كل شجرة جيدة تصنع ثماراً جيدة وأما الشجرة الردية فتصنع أثماراً ردية ولا شجرة ردية إن تصنع أثماراً جيدة كل شجرة لا تصنع ثمراً جيداً تقطع وتلقي في النار فإذا من ثمارهم تعرفونهم).
ولذلك فإنّ الكنيسة المسيحية نفسها في موضع الشك وقد حذر الرسول بولس من التغاضي عن الذين يدعون الإيمان
(لأن مثل هؤلاء هم رسل كذبة فعلة ماكرون مغبرون شكلهم إلى شبه رسل المسيح ولا عجب لأن الشيطان نفسه بغير شكله إلى شبه ملاك نور قليس عظيماً إن كان خدامه أيضاً يغيرن شكلهم كخدام للبر الذين نهايتهم تكون حسب أعمالهم) وأتّباعنا الأعمى لمثل هؤلاء المسيحيين الزائفين ينتج لنا خسارة رضا الله تعالى ورسوله المفدى المسيح (عليه السلام)، والسؤال الذي يطرح نفسه...
ما هي الثمار الجيدة المميزة للدين الحقيقي بحسب تعريف الكتاب المقدس الحالي؟
يخبرنا الكتاب المقدس بأن الله محبة، والمحبة هي إحدى أهم الأثمار التي تثبت هوية هذا الدين واتباعه، وهل من محبة أعظم من فتح المجال لجميع البشر لمعرفة الحقائق المخفية وإزالة الستار عن الجماعات المسيحية التي تدّعي تطبيق الكتاب المقدس، وهل من محبة أكبر من وهب الذات والوقت لإظهار الحق وزهق الباطل بالجهد
(فإذا حسبما لنا الفرصة فلتعمل الخير للجميع ولا سيما لأهل الإيمان).
نعم إن تجسيد المحبة بالعمل هو الدليل الوحيد على وجودها، ومما يدعوا للإحباط أن تفعل الخير ولا تسمع أو ترى نتائج ملموسة ولكن الله يدعونا لفعل الخير وهو الذي سيثيبنا على عملنا بالبركات الدنيوية والنعمة الباقية الحياة الأبدية، ودين الإسلام يسعى دائما لتحقيق هذا الهدف، وكتابنا هذا خير دليل على ذلك الاهتمام إذ نحاول من خلاله إن نوصل هذه النعمة إلى الناس جميعاً
والوجه الآخر الذي يميز دين الحق واتباعه هو احترام كلمة الله تعالى ورسله لأن المسيح عندما كان على الارض أظهر هذا الاحترام للأسفار المقدسة رغم علمه بتحريفها إذا اقتبس منها وشجع الجميع على قراءتها وتطبيق ما يوافق تعاليمه الإلهية منها وإليكم بعض الاقتباسات التي استعملها المسيح (عليه السلام).
(1) متى 19: 4 من تكوين 5: 2 (فأجاب يسوع وقال لهم أما قرأتم الذي خلق من البدء خلقهما ذكراً وأنثى)
(2) متى 15: 5 خروج 2: 12 ومتى 19: 19 من تثنية 5: 16 والنص الموحد هو (ثم قال لهم حسناً رفضتم وصية الله لتحفظوا تقليدكم لأن موسى قال اكرم أباك وأمك ومن يشتم أباً أو أماً فليمت موتاً أمّا أنتم فتقولون إن قال الإنسان لأبيه أو لأمه قربان هو الذي تنتفع به منى فلا يكرم أباه وأمه فقد أبطلتم وصيه الله بسبب تقليدكم).
إن هذا الوصف ينطبق بشكل دقيق على الكنيسة المسيحية، التي تقر بإدخالها عبادة الصور والتماثيل كتقليد لاجتذاب عبّاد الأوثان، حيث كان في نيتها إزالة هذه العادات فيما بعد، ولكن عند المحاولة الأولى وجدت نفسها أمام مأزق صعب، لأنها ستخسر حوالي نصف الإمبراطورية التي أسستها فقبلت بهذه العادات حتى أصبحت من أبرز وأهم المبادئ لديها اليوم.
بالإضافة إلى الثالوث والخمر وسواهم من المبادئ التي أدخلت في البداية بهدف المسايرة ثم أصبحت واقعاً مؤلماً
فعندما نسمع أو نقرأ عبارات وتصريحات من أبرز رجال الدين في العالم، يدعون فيما إن بعض الأجزاء من الكتاب المقدس هي بمثابة أساطير، أو نسمع منهم إن نظرية داروين التي تزعم التطور بدل الخلق أفضل من تعاليم الكتاب المقدس المؤكدة لوجود الخالق عزوجل، وعندما نسمع إن الكنيسة المسيحية في أوروبا أقرت بحلّية عقد قرآن الرجل على رجل آخر رغم تحريم الكتاب المقدس لمضاجعة النظير (1 كو 6: 9).
فهل تعكس هذه التصرفات الاحترام للكتاب المقدس وتعاليمه بحسب ما تدعي الكنيسة، وإذا كان رجال الدين لا يطبّقون الكتاب المقدس فما هو السبب؟ هل هو محرف أم هم منحرفون؟ أو أن كلاهما أعمى وفي ضلال؟
والثمار التي تنتج عن دين الله دين الروح الإلهي وردت في غلاطية 5: 23 إذ نقرأ (وأما ثمار الروح فهي محبة فرح سلام طول أناة لطف صلاح إيمان وداعة تعفف ضد أمثال هذه ليس ناموس).
فهل تنطبق هذه الصفات على الكنيسة أم إنها تجسد ثمار الجسد وشهواته الواردة في غلاطية 5 ـ 19 ـ 22 وهي: (وأعمال الجسد ظاهرة التي هي زنى عهارة نجاسة دعارة عبادة أوثان سحر عداوة خصام غيره سخط تحزب شقاق بدعة حسد قتل سكر بطر أمثال هذه التي اسبق فأقول لكم عنها كما سبقت فقلت ايضا إن الذين يفعلون مثل هذه لا يرثون ملكوت الله).
وإنا نترك لك أخي القارئ حق القرار لترى من خلال الواقع الذي تعيشه أي ثمار تنطبق على الكنيسة المسيحية اليوم.
والمخجل هو القبول بتزويج الرجل على الرجل، أوليست هذه بدعة مهلكة، لا مثيل لها في أي دين على وجه الأرض سواء كان سماوياً أم لا، أولا تعتبر خروجاً عن الأدب الديني والاجتماعي معاً.
وهل يكفي الذهاب الى الكنيسة في أيام الآحاد لحضور القداس الإلهي، فنفعل ما يحلو لنا خلال الأسبوع، ثم نعترف للكاهن بذنوبنا فيغفرها لنا مطمئناً إيانا لنقدم على القيام بمثلها أو اكثر في الأسبوع التالي، أولا ينطبق علينا حينها قول الله تعالى في تيطس 1: 16 إذ يصف هؤلاء الأشخاص الأعمال قائلاً (يعترفون بأنهم يعرفون الله ولكنهم بالأعمال ينكرونه إذ هم رجسون غير طالعون ومن جهة كل عمل صالح مرفوضون).
ومن أبرز الصفات الدالة على عباد الله الحقيقيين أن
والخلاصة إن الفرقة التي ترضي الله تعالى، لابد أن تكون كاملة من حيث العقيدة، وأن تظهر هذا الكمال للجميع دون خوف أو تردد، ولا بد لها أن تجسد إيمانها بالأعمال لكي تكون مثالاً للأمم الباقية، ولذلك أناشدك أخي القارئ، أن تهيئ نفسك لقبول الحقيقة دون سواها.
بتصميم وعزم على مواجهة أي عائق قد يقف أمامك سواء كان عاطفياً أو اجتماعياً، لأن رضى الله أسمى من رضى الناس والمجتمع.
الفصل الثاني
التوحيد الكتابي مقارنة مع عقيدة
الثالوث المسيحي
إن أغرب ما يمكن للعين أن تلحظه في الكتاب المقدس الحالي، ذلك التناقض البارز بين إحدى أسمى العقائد، توحيد الله تعالى وتنزيهه عن أي شريك وند، وأكبر المصائد الإبليسية، عقيدة الثالوث الإلهي الأفلاطوني إن صح التعبير، ولكن ما هي العوامل التي سمحت بإدخال مثل هذا المعتقد إلى صلب العقيدة المسيحية، وإلى الكتاب المقدس تحديداً، وكيف يستطيع المؤمن المكلف بالبحث عن الحقيقة، أن يميز بين الإرادة الإلهية والمدسوسات الشيطانية المهلكة؟
إن الحكم في هذه المسألة لابد أن يكون منطلقاً من قاعدة ثابتة وأسلوب ناجح متّبع، وقد أثار اهتمامي أسلوب المحققين في دوائر الشرطة، حيث يلجئون في
ولقد ارتأينا نحن وأحد الرهبان الأجلاء اللجوء إلى النقاش والمباحثة لمعرفة ما إذا كان الكتاب المدقس يوافق على عقيدة الثالوث، ولإظهار الحجة التي تستند عليها الكنيسة عند طرح هذه العقيدة ونسبها إلى الكتاب المقدس..
تعريف:
الثالوث بحسب الدستور الاثناسيوسي هو ركيزة العقائد الكنسية، عليه بنيت وبزواله هدمت …
وقد أجرينا بعض الدراسات اللاهوتية لمعرفة مفهوم الثالوث لدى الكنيسة المسيحية ودار الحوار على النحو التالي …
الإجابة اللاهوتية.. نعم هنالك فرق شاسع بين الأنبياء والمسيح، رغم ما قاموا به من أعمال خارقة ومعجزات إلهية، ذلك لأنهم فصلوا تعاليمهم عن شخصيتهم بحيث نسبوا ما آتوه من معجزات وما تلفظوا به من تعاليم إلى الله لا إلى أنفسهم.
أما المسيح فلم يفصل بين تعاليمه وشخصيته ولا نسب إلى سواه ما قام به من أعمال ومعجزات، وما علّمه وأفاض به من إرشادات روحية، لكنه جعل نفسه، موضوع تعليمه لأنه إله وابن الله ولا يوجد بينه وبين الله أية فوارق جوهرية.