الصفحة 38
مرشدكم إلى الطريق التي تؤدي إليه، بل وقال ((أنا نور العالم من يتبعني فلا يمشي في ظلام)) يوحنا 8: 12.

وقال أيضاً محدثاً ومبرهناً عن مجده (أنا الطريق والحق والحياة لا أحد يأتي إلى الآب إلا بي) يوحنا 14: 6 ولم يقل إني أحمل إليكم وسائل من الله تضمن لكم الحياة الأبدية بل وقال (أنا القيامة والحياة من آمن بي وإن مات فسيحيا) يوحنا 25: 11.

كان هو نفسه الإنجيل، وبشرى الخلاص إلى العالم قد نستطيع أن نفصل موسى عن شريعته وأشعياء عن نبوته ولكننا لا نستطيع أن نفصل المسيح عن إنجيله...

تعليق... إن الكتاب المقدس الحالي لا يذكر بأن المسيح قد أدعى بأنه أفضل من الأنبياء الذين سبقوه بل قال إنه أتى ليكمل رسالتهم، فيضيف عليها ما شاء الله من تعاليم، أما بخصوص الإجابة اللاهوتية فقد أثيرت فيها مسائل عدة أبرزها...


الصفحة 39

المسألة الأولى:

إن المسيح لم ينسب إلى الله ما قام به من معجزات وما آتاه من تعاليم.. وقد استندوا في هذا الادعاء إلى إنجيل وما آتاه من تعاليم.. وقد استندوا في هذا الادعاء إلى إنجيل يوحنا 8: 12 و 14: 6 و 11: 25 كما سبق وأشرنا، ولكن واقع الكتاب المقدس يثبت عكس هذه النظرية فقد ورد عن لسان المسيح (عليه السلام) وفي إنجيل يوحنا 6: 38 ما يدحض ذلك الادعاء حيث قال:

(لأني قد نزلت من السماء ليس لأعمل مشيئتي بل مشيئة الذي أرسلني) نعم فقد نسب ما أتى به من تعاليم وأفعال إلى الله الذي أرسله قامعا بذلك أي ادعاء يتنافى مع هذا الاعتراف...

المسألة الثانية:

القول بأنه لا يوجد بين المسيح والله عزّوجلّ أية فوارق جوهرية...

إن تعاليم المسيح (عليه السلام) في الكتاب المقدس الحالي إنما هي منسوبة له وقد كتبها التلاميذ من بعده كما هو معروف، ورغم ذلك ترى فيها من الحقائق ما يدحض هذا الإدعاء حيث نقرأ في إنجيل متى 19: 19

الصفحة 40
عن المسيح أنه قال: (لماذا تدعوني صالحاً ليس أحد صالح إلا واحد وهو الله) نعم هذا هو المسيح (عليه السلام) وهذه تعاليمه التي طمست معالمها أفراداً وجماعات يزعمون اتباعه (عليه السلام) مظهرين بذلك أشنع المدسوسات عقيدة الشرك الأكبر، الثالوث.

فقد كان يعلم مقامه كرسول من الله ولذلك لم يقبل أو يشاء أو يدعوه أحدهم بالصالح تاركاً صفة الصلاح المطلق لله عزّوجلّ. ولكن الكنيسة المسيحية ترفض أن يكون المسيح رسول من الله بل تزعم في مقابل ذلك بأنه والله واحد فما هو رأي الكتاب المقدس في ذلك.

الدليل على أن المسيح (عليه السلام) رسول من الله في الكتاب المقدس...

ورد في رسالة بولس إلى أهل رومية 1: 1 (المسيح المدعو رسولا المفرز بإنجيل الله الذي سبق ووعد به أنبياءه في الكتب المقدسة) وعن المسيح أنه قال: (فإني أقول لكم أيها

الصفحة 41
الأمم بما إني أنا رسول للأمم أمجد خدمتي).

وقد تمت علامات الرسول في المسيح عليه السلام إذ تناولها بولس مبشراً به حيث قال: (إن علامات الرسول صنعت بينكم في كل صبر بآيات وعجائب وقوات) 2كو 12/12.

وهكذا بين الكتاب المقدس أن المسيح رسول من الله وقد أكد المسيح ذلك في مرقس. 9: 37...

إذ قال: (من يقبل واحداً من أولاد مثل هذا باسمي يقبلني ومن قبلني فليس يقبلني أنا بل الذي أرسلني) والسؤال هل يستوي الرسول ومرسله؟

إن الجواب على هذا السؤال قد أعطاه المسيح نفسه حيث علّم اتباعه قائلاً: (لأني أعطيتكم مثالا كما صنعت بكم تصنعون أنتم ايضا الحق الحق أقول لكم أنه ليس عبد أعظم من سيده ولا رسول أعظم من مرسله إن علمتم هذا فطوباكم إن عملتوه) يوحنا 13: 16 و 17..

والنتيجة المعقولة بناء على تعاليم الكتاب المقدس، هي ان المسيح (عليه السلام) لم يدع أو يعلم من نفسه بل كان

الصفحة 42
رسولاً يعمل بموجب تكليفه الإلهي وللتأكيد من هذا اخترنا لكم عشرين موضعاً من الكتاب المقدس تفيد بأن المسيح (عليه السلام) رسولاً من عند الله...


إنجيل لوقا إنجيل يوحنا إنجيل يوحنا إنجيل يوحنا
18:2 34:3 6: 39 و 44 6: 57
10: 16 34:14 49:12 8: 26و 29 و33
  38:6 16:8 5:16
  5: 23و24 37:12 29: 8-42
  4:19 36:10 45: 12و21: 20

إن هذه النصوص الكتابية كافية دون ريب لإثبات صحة ادعائنا ودحض إدعاء الكنيسة المسيحية، التي تلجأ إلى المدسوسات لتثبت نظرياتها وبدعها المنسوبة إلى المسيح والمسيحية الحقة...

المسألة الثالثة:

الادعاء بأن المسيح (عليه السلام) نسب الحياة الأبدية لنفسه وحصر الحصول عليها بعبادته...

إن مثل هذا الزعم يعتبر بعيداً عن الواقع ويرفضه

الصفحة 43
المسيح (عليه السلام) في الكتاب المقدس قائلا (هذه هي الحياة الأبدية إن يعرفوك أنت الإله الحقيقي وحدك ويسوع المسيح الذي أرسلته) والخلاصة هي أن تعاليم المسيح تفرض علينا أن نؤمن به كرسول وبكتابه كوحي منزل وبالتالي فإن الإيمان بالله ورسله والملائكة والكتاب هو السبيل الوحيد للفوز برضا الله عزوجل وقد ورد ذكر هذه القاعدة في القرآن الكريم إذ نقرأ في سورة النساء / 136 / (يا أيها الذين آمنوا آمنوا بالله ورسوله والكتاب الذي نزل على رسوله والكتاب الذي أنزل من قبل ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر فقد ضل ضلالا بعيدا(136)).

س2.. تعتبر الكنيسة بحسب مفهومها اللاهوتي إن المسيح (عليه السلام) إلها فما هو الدليل على ذلك من الكتاب المقدس؟

الإجابة اللاهوتية.. إننا نعتبر المسيح إلها لا بل ونجزم بذلك فقد أعلن عن ألوهيته بتصرفاته وتصريحاته، وشريط حياته اليومي (أي مجموعة تصرفاته اليومية) من

الصفحة 44
تعاليم وإجراءات وحركة، ولا سيما مقاضاته أمام المحكمة اليهودية العليا (السنهدريم) والحكم عليه بالموت صلباً، لن يفهم إلا لأنه جاهر بألوهية، وقد تصرف المسيح كإله إذ عدّل الشريعة الموسوية التي هي من الله، وغيّر مراسيم السبت (متى 6: 5) وجاهر بغفران الخطايا، وأظهر سلطانه على الموت والحياة باسم الله، وأعلن حقه بالصدارة على الأنبياء وطلب أن يحب ويعبد كإله قدير وقد غفر الخطايا بظروف متعددة، منها إن اليهود جاءوه يوماً بمخلع ليشفيه من شلّله أما هو فلما رآه بادره بقوله له...

(قف يا بني مغفورة لك خطاياك ولما استغرب علماء اليهود تصرفه هذا وقالوا في قلوبهم إنه يجدف لأنه لا يستطيع أحد إن يغفر الخطايا إلا الله حينئذ قال لهم لكي تعلموا إن ابن الإنسان له سلطان على الأرض إن يغفر الخطايا عند ذلك قال للمخلع أحمل سريرك واذهب إلى بيتك) متى 1: 9 - 8

تعليق:

إن كون المسيح (عليه السلام) قام بمغفرة الخطايا على ما ورد في الكتاب المقدس فهذا لا يعني إنه إله، والدليل على

الصفحة 45
ذلك، إن تلاميذه أيضاً قاموا بمغفرة الخطايا من بعده، كما ورد في إنجيل يوحنا 22: 20.

(ولما قال (المسيح) ذلك نفخ وقال لهم (التلاميذ) اقبلوا الروح القدس من غفرتم خطاياه تغفر له ومن أمسكتم خطاياه أمسكت).

وأوصى تلاميذه قائلاً: (أن يكرز باسمه بالتوبة ومغفرة الخطايا لجميع الأمم مبتدأ من أورشليم وأنتم شهود لذلك) لوقا 46: 24.

فإذا افترضنا أن المسيح (عليه السلام) إلهاً لأنه غفر الخطايا حسبما تزعم الكنيسة فالتلاميذ الاثنا عشر وغيرهم من المبشرين هم آلهة فهل تقبل الكنيسة بهذا الواقع المؤلم..

س3.. كيف أظهر المسيح (عليه السلام) ذاته رباً للموت والحياة كما سبق وزعمتم وما هي الأدلة على ذلك من الكتاب المقدس الحالي؟

الإجابة اللاهوتية: أظهر المسيح ذاته رباً للموت

الصفحة 46
بإحيائه الموتى فقد أحيا ابنة يايرس رئيس المجمع حسب ما جاء في الكتاب المقدس (وإذا رجل اسمه يايرس قد جاء وكان رئيس المجمع فوقع عند قدمي يسوع وطلب إليه ان يدخله بيته لأنه كان له ابنة وحيدة لها نحو اثنتا عشرة سنة وكانت في حال الموت ففيما هو منطلق زحمته الجموع... وبينما هو يتكلم جاء واحد من دار رئيس المجمع قائلا له قد ماتت ابنتك لا تتعب المعلم فسمع يسوع وأجابه لا تخف آمن فقط فهي تشفى فلما جاء الى البيت لم يدع أحد يدخل... وكان الجميع يبكون عليها ويلطمون فقال لهم لا تبكوا لم تمت لكنها نائمة فضحكوا عليه عارفين إنها ماتت فأخرج الجميع خارجاً وأمسك بيدها ونادى قائلاً يا صبية قومي فرجعت روحها وقامت في الحال فأمر أن تعطى لتأكل) لوقا 49: 8 - 55

وأظهر أنه رب الموت والحياة عندما أحيا ابن أرملة نائين وهذا النص الحرفي لهذه الحادثة كما وردت في الكتاب المقدس (فلما اقترب (يسوع) إلى باب المدينة إذا ميت محمول ابن وحيد لأمه وهي أرملة ومعها جمع كثير من المدينة فلما رآها الرب تحنن عليها وقال لها لا تبكي ثم تقدم

الصفحة 47
ولمس النعش فوقف الحاملون فقال أيها الشاب لك أقول قم فجلس الميت وابتدأ يتكلم فدفعه إلى أمه) لوقا 11: 7 - 17.

أما قدرته الإلهية فتجلت بنوع خاص ببعثه ليعازر شقيق مرثا ومريم من القبر بعد دفنه بأربعة أيام في قرية بيت عنيا المجاورة لأورشليم وقد وردت هذه الحادثة في إنجيل يوحنا 11: 11 إلى / 46 / وهذا نصها: (قال هذا وبعد ذلك قال لهم ليعازر حبيبنا قد نام لكني اذهب لأوقظه فقال تلاميذه يا سيد إن كان قد نام فهو يشفي وكان يسوع بقول عن موته وهم ظنوا أنه يقول عن رقاد النوم فقال لهم يسوع حينئذ علانية لعازر مات وأنا أفرح لأجلكم أني لم أكن هناك لتؤمنوا ولكن لنذهب إليه فقال توما الذي يقال له التوأم للتلاميذ رفقائه لنذهب نحن أيضاً لكي نموت معه فلما أتى يسوع وجد أنه قد صار له أربعة أيام في القبر، قال لها يسوع سيقوم أخوك قالت له مرثا أن أعلم أن سيقوم في القيامة في اليوم الأخير قال لها يسوع أنا هو القيامة والحياة من آمن بي وان مات فسيحيا وكل من مكان حياً وآمن بي فلن يموت إلى الأبد أتؤمنين

الصفحة 48
بهذا قالت له نعم يا سيد أنا قد آمنت أنك أنت المسيح ابن الله الآتي إلى العالم ولما قالت هذا مضت... لما أتت إلى حيث كانت يسوع ورأته خرت عند رجليه قائلة له يا سيد لو كنت هاهنا لم يمت أخي، فلما رآها يسوع تبكي واليهود الذين جاءوا معها يبكون أنزعج بالروح واضطرب وقال أين وضعتموه فقالوا له يا سيد تعالى وانظر وبكى يسوع فقال اليهود انظروا كيف كان يحبه وقال بعض منهم ألم يقدر هذا الذي فتح عيني الأعمى أن يجعل هذا أيضاً لا يموت فانزعج يسوع أيضاً في نفسه وجاء إلى القبر وكان مغارة قد وضع عليه حجر فقال يسوع ارفعوا الحجر قالت له مرثا أخت الميت يا سيد قد انتن إن له أربعة أيام قال لها يسوع ألم اقل لك إن آمنت ترين مجد الله فرفعوا الحجر حيث كان الميت موضوعاً ورفع يسوع عينيه إلى الأعلى وقال أيها الأب أشكرك لأنك سمعت لي وأنا علمت أنك في كل حين تسمع لي ولكن لأجل هذا الجمع الواقف قلت ليؤمنوا أنك أرسلتني ولما قال هذا صرخ بصوت عظيم ليعازر هلم خارجا فخرج الميت ويداه ورجلاه مربوطات باقمطه ووجهه ملفوف بمنديل فقال لهم يسوع حلوه ودعوه يذهب) نعم لقد برهن

الصفحة 49
يسوع عن قدرته الإلهية عندما أمر ليعازر بالخروج من القبر رغم الفترة الزمنية الكفيلة بجعل جسده ينتن وحسب مفهوم الكتاب المقدس فإن إحياء الناس وإماتتهم امتياز يحمله الله فقط، وبهذا يصبح المسيح من دون شك هو الله، إذ ينفرد الله بهذه الميزة كما هو مدون في سفر الملوك الأول 2: 16 حيث نقرأ (الرب يميت ويحي ويحدر إلى الجحيم ويصعد) وقد اعترف أيوب بذلك إن قال (روح الله الذي صنعني ونسمة القدير أحيتني).

وداود أيضاً يرنم في ذلك قائلاً: (أنت الذي أراني مضايقاً كثيرة لكن تعود فتحييني) ولقد أظهر المسيح تلك القدرة الإلهية بالتحكم بالموت والحياة وأثبت له مالك هذه القدرة وأنها لم تمنح له بقوله لمرثا (أنا هو القيامة والحياة من آمن بي وإن مات فسيحيا) يوحنا الأولى 11:: 25 وكلمة أنا القيامة والحياة هي كلمة الله في

الصفحة 50
العهد القديم حيث يقول المسيح بصفته الله (أنا الرب صانع الكل ناشر السماوات وحدي وباسط الأرض بنفسي).

وهذا دليل على انفراد الله بأعمال البعث وإعادة الحياة، وبما أن المسيح يقوم بهذه الأعمال فهذا خير دليل على أنه الله، وبما أن المسيح قد خلّص ابن الأرملة وابنة يايرس ولعازر والمئات من المرضى من عذابهم وبححسب مفهوم الكتاب المقدس يوجد مخلص واحد وهو الله وقد ورد هذا في اشعياء 43: 10 إذ يردد قائلاً نقلا عن الله (إني أنا هو لم يكن إله قبلي ولا يكون بعدي أنا أنا الرب لا مخلص غيري) إذن فالمخلص هو الله = المسيح هو الله...

تعليق: إن الرد على هذا النص القوي الذي ملئ عدة صفحات، بسيط ولا يحتاج سوى بضعة أسطر، أخذ بالمثل القائل خير الكلام ما قل ودل.

لقد استنتجت من هذا الرد إن المسيح (عليه السلام) اله لا بل الله، بحسب اعتقاد الكنيسة المسيحية، ذلك كونه

الصفحة 51
يحيي الموتى، ولا يستطيع أحد أن يفعل ذلك سوى الله عزّوجلّ، ولكن هذا المفهوم يحمل في طياته العديد من الأخطاء، وذلك استناداً على ما ورد في الكتاب المقدس الحالي، المستند عليه من قبل اللاهوتيين في ردهم هذا، وهكذا يظهر التناقض إذ يتبين لنا إن العديد من الأنبياء قاموا بمثل هذه العجائب لا سيما إحياء الموتى، ومن أبرز الأمثلة المدونة في الكتاب المقدس حادثة قام بها نبي الله اليشع (عليه السلام) و هذا نصه كما وردت...

(فحمله وأتى به إلى أمه فجلس على ركبتيها إلى الظهر ومات فصعدت وأضجعته على سرير رجل الله وأغلقت عليه ورحلت ونادت على رجلها وقالت أرسل لي واحداً من الغلمان اليوم لا رأس شهر وراس ولا سبت فقالت سلام وشرعت على الأتان وقالت لغلامها سق وسر ولا تنعوق لأجلي في الركوب إن لم أقل لك وانطلقت حتى جاءت إلى رجل الله إلى جبل الكرمل فلما رآها رجل الله من بعيد قال لحجيزي غلامه هوذا تلك الشونمية أركض الآن للقائها وقل لها سلام لك أسلام لزوجك

الصفحة 52
سلام للولد فقالت سلام فلما جاءت إلى رجل الله إلى الجبل وأمسكت رجليه فتقدم حجيزي ليدفعها فقال رجل الله دعها لأن نفسها مرة فيها والرب كتم الأمر عني ولم يخبرني فقالت هل طلبت ابننا من سيدي ألم أقل لا تخدعني فقال لحجيزي أشدد حقويك وخذ عكازي بيدك وانطلق وإذا صادفت أحداً فلا تباركه وإن باركك أحد فلا تحبه وضع عكازي على وجه الصبي فقالت أم الصبي حي هو الرب وحية هي نفسك إني لا. أثر كك فقام وتبعها وجاز حجيزي قدامهما وضوع العكاز على وجه الصبي فلم يكن صوت ولا مصغي فرجع للقائه وأخبره قائلا لم ينتبه الصبي ودخل اليشع البيت وإذا بالصبي ميت ومضطجع على سريره فدخل وأغلق الباب على نفسيهما كليهما وصلى إلى الرب ثم صعد واضطجع فوق الصبي ووضع فمه على فمه وعينيه على عينيه ويديه على يديه وتمدد عليه فعطس الصبي سبع مرات ثم فتح عينيه فدعى حجيزي وقال ادعي هذا الشونمية فدعاها ولما دخلت إليه قال أحملي ابنك فاتت وسقطت على رجليه وسجدت إلى الأرض ثم حملت ابنها وخرجت) ملوك الثاني 20 ك 4 إلى 37

إن هذه الحادثة هي إحدى الأعمال العجائبية التي قام

الصفحة 53
بها اليشع (عليه السلام)، وقد تعتبرها الكنيسة غير كافية إذ قالت إن المسيح لم يتلق الدعم من أحد اثناء قيامه بالمعجزات، ولذلك نرى لزاماً علينا أن نسلط الضوء باتجاه موقف المسيح لنرى إن كان قد أدّعى مثل هذه التعاليم أم لا. وقد ارتأينا التعليق على الحادثة التي استعملتها الكنيسة كدليل ألا وهي حادثة بعث ليعازر من الموت.

لقد ورد في هذه الحادثة أن المسيح (عليه السلام) قال قبل قيامه بالمعجزة (ورفع يسوع عينيه إلى الأعلى وقال أيها الأب أشكرك لأنك سمعت لي) أعمال 11: 41.

والشكر الذي تلفظ به (عليه السلام) دليل على اعترافه بفضل الله عليه، المالك الحقيقي لهذه القدرة، وقد أظهر المسيح الهدف من وراء إعطائه تعالى إياه هذه القدرة، ألا وهو إظهار مجد الله وإثبات نبوة المسيح أمام اليهود وحثهم على الإيمان به، إذ ذكر عند إقامته للعازر (لأجل

الصفحة 54
هذا الجمع الواقف قلت ليؤمنوا أنك أرسلتني) العدد / 43 /

ورغم ذلك يبقى لدى علماء اللاهوت تحيزا وانغلاقاً وتشدداً لا مبرر له في هذا الموضوع، حيث ينسبون للمسيح (عليه السلام) ما لم ينسبه هو لنفسه، ولجزم هذه المسألة سوف نروي حادثة مهمة تحمل من البراهين ما يفيض لنثبت أن اليشع (عليه السلام) كان مباركاً في حياته ومماته، حيث استطاع أن يقيم بجثمانه أحد الموتى وإليكم النص الحرفي لهذه الحادثة كما وردت (ومات اليشع ودفنوه وكان غزاة مؤاب تدخل على الأرض عند دخول السنة وفيما كانوا يدفنون رجلاً إذا بهم قد رأوا الغزاة فطرحوا الرجل في قبر اليشع فلما نزل الرجل ومس عظام اليشع عاش وقام على رجليه) ملوك 13: 21.

بات واضحاً وجلياً أن اليشع كان يحمل نفس المميزات المنطبقة على المسيح (عليه السلام) فيما يختص بإحياء الموتى، فهل يعني ذلك أن اليشع (عليه السلام) إله، وهل ادعى يوماً أنه الله عزّوجلّ لأنه قام بمثل هذه

الصفحة 55
الأعمال الممجدة، قطعا لا، وحتى المسيح (عليه السلام) لم ينسب إلى نفسه الألوهية من خلال أعماله العجائبية والتي كانت تجري بفضل الله تعالى عليه ومساعدته، فلماذا نسمح لأنفسنا بالتجديف على الله تبارك وتعالى، وبتوجيه الإهانات للمسيح (عليه السلام) كما لو كانت تعظيما منا، فعند ادعائنا أن المسيح (عليه السلام) إلها أو الله، ننسب إليه كذبا ما لا يرضيه فنغيظه بدل إرضائه، ونبغضه وننزل من منزلته بدل تمجيده بها، فلنتق الله عزّوجلّ ولنرضخ لما أراده الله لنا ولنبتعد عن الأباطيل التي زرعها الشيطان في دروبنا لإبعادنا عن طريق الحق والإيمان...

س:4 كيف ادعى المسيح (عليه السلام) حق الصدارة على الأنبياء سلام الله عليهم وما هي الأدلة على ذلك من الكتاب المقدس؟

الجواب اللاهوتي.. ادعى المسيح حق الصدارة على

الصفحة 56
الأنبياء بإعلان ذاته ربا للسبت ففي مرقس 2: 28 يصرح المسيح قائلاً (إذا ابن الإنسان (المسيح) هو رب السبت أيضاً) وادعى حق الصدارة على يونان النبي وسليمان وسائر الأنبياء بقوله في إنجيل متى 12: 41 (رجال نينوى سيقومون بالدين مع هذا الجيل ويحكمون عليه لأنهم تابوا بكرز يونان وهاهنا أعظم من يونان مملكة التيمن ستقوم في الدين مع هذا الجيل وتحكم عليه لأنها أتت من أقاصي الأرض لتسمع حكمة سليمان وهاهنا من سليمان) نعم لقد أظهر المسيح نفسه كإله عندما أعلن أنه أعلى مرتبة من سائر الأنبياء بقوله هذا..

تعليق:

لقد ورد أن المسيح قد أعلن نفسه رباً للسبت بحسب نص مرقس 2: 28 وهذا غير صحيح ذلك كونه أعلن الإنسان ربا للسبت بقوله نفس الإصحاح العدد 27 والذي حاول علماء الدين تجنبه وإخفاءه في ردهم حيث يقول مبرهناً ما قلناه (ثم قال لهم السبت إنما جعل

الصفحة 57
لأجل الإنسان لا الإنسان لأجل السبت إذا ابن الإنسان هو رب السبت أيضاً).

وعليه فإن المفهوم العام للقب ابن الإنسان في الكتاب المقدس حيث يقصد به غالباً المسيح (عليه السلام) قد تغير هنا، إذ يقصد به غالباً المسيح (عليه السلام) قد تغير هنا، إذ يقصد به في المقام كل إنسان أو مخلوق بشري وتكون الجملة على النحو التالي (بما أن السبت وجد لأجل الإنسان لا الإنسان لأجل السبت فالإنسان إذا هو رب السبت) هذا هو النص الذي يبين حقيقة المراد من وجوده وتحريفه والخروج عن معناه عمل مشين ومحاولة واضحة لاستغلاله.

أما فيما جاء عن قوله (عليه السلام) بأنه أعظم من يونان وسليمان عليهم الصلاة والسلام فلا يعني أنه أهانهما وأنزل من مرتبتهما، ولا يعني أيضاً أنه إله، لأنه أعظم منهما فالأفضلية كانت له لأنه يحمل رسالة أشمل من رسالتهم وكونه قد بعث لشعب ضرير لا يرى لا مصالحه المادية والدنيوية، مما يحتم على المسيح (عليه

الصفحة 58
السلام) أن يكون صبوراً في وجه الاضطهادات التي ستلاقيه.

ومن العوامل التي تميز رسالته عن سائر الرسالات السابقة لها. إنها الخطوة ما قبل الأخيرة في مسيرة إنزال الدين والوحي الإلهي، لأن الله تعالى أنزل الدين بالتدريج الذي ينسجم مع القدرات الفكرية والعلمية في كل عصر من العصور. وعليه كان الإسلام خاتمة الأديان نموذجاً لا يعلى عليه للعلوم والمعارف، وهو في التراتبية أعلى مستوى مما سبقه، فكما كانت رسالة عيسى (عليه السلام) أعظم من الرسالات السابقة، كذلك أتى القرآن الكريم في محتواه نبعاً من العلم والمعرفة. حيث أن علومه لا تنتهي ومهما أخذنا من علومه واستقينا من بحره لن يجف أبداً. كونه فيضاً إلهياً نابعاً عن إرادة الله تعالى ومن البديهي أن نلزم أنفسنا به كما ألزمنا اليهود سابقاً برسالتنا المسيحية لنرى إن كانت فعلاً تستحق الاتباع والتقدير...


الصفحة 59
س:5 هل طلب المسيح (عليه السلام) من اتباعه أن يعبدوه كما جرت الإشارة سابقاً؟

الإجابة اللاهوتية: أدعى المسيح حق العبادة عندما ساوى نفسه بالله وأمر الناس أن يؤمنوا به وبتعاليمه وأن يداوموا على حبه والإيمان به إن شاءوا الخلود، ويطلب المسيح في الكتاب المقدس أن يحب أكثر من الأب والأم والزوج والابن والابنة، وكل حبيب، من آثر نفسه أو فضلها عليه فقد أضاعه والدليل ما روي عنه في إنجيل متى 10: 37 إلى 40 إذ يحذر قائلاً: (من أحب أباً أو أماً أكثر مني فلا يستحقني ومن أحب أبنا أو بنتا أكثر مني فلم يستحقني ومن لا يحمل صليبه ويتبعني فلن يستحقني ومن وجد نفسه أهلكها ومن أهلك نفسه من أجلي يجدها).

ومن يحتمل الاضطهاد لأجله يورثه الحياة الأبدية متى 5:11) وما الكفر به وعدم الاعتراف بألوهيته حسن عبادته في هذه الدنيا، سوى مجلبة شقاء وعذاب الآخرة إذ يحذر المسيح في إنجيل متى 10: 32 قائلاً:

الصفحة 60
(من ينكرني قدام الناس أنكره قدام أبي الذي في السماوات).

تعليق:

لقد ارتكزت الكنيسة المسيحية في ردها على مسالة صلب عقيدة التثليث، إذا ادعت أن المسيح (عليه السلام) قد ساوى نفسه بالله عزّوجلّ، ولكن هل ساوى نفسه واقعاً بالله تعالى خلال تعاليمه؟

قطعاً لا والدليل أنه اعترف في عدة مناسبات بأن الله تعالى إلهه وربه، وبين دوماً لتلاميذه بأن الله أعظم منه، عندما كان يقول ك (سمعتم إني قلت أنا ذاهب ثم آتي إليكم لو كنتم تحبونني لكننتم تفرحون لأني قلت أمضي إلى الأب لأن أبي أعظم مني) يوحنا 14: 28 والمقصود بعبارة (أبي أعظم مني) تلك الأبوة الروحية التي تنتج عن وهب الخالق الوجود للمخلوق.

وقد بينا سابقاً أن المسيح (عليه السلام) رسول، على ما ورد في الكتاب المقدس كما هو مبين في الجدول المختص، وقد بين المسيح موقع الرسول من مرسله إذ

الصفحة 61
قال: (أنتم تدعونني معلماً وسيداً، وحسناً تقولون لأني أنا كذلك فإن كنت وأنا السيد قد غسلت أرجلكم فأنتم يجب عليكم أن يغسل بعضكم أرجل بعض لأني أعطيتكم مثالاً حتى كما صنعت أنا بكم تصنعون أنتم أيضاً الحق، الحق أقول لكم انه ليس عبد أعظم من سيده ولا رسول أعظم من مرسله إن علمتم هذا فطوباكم أن عملتموه... الحق الحق أقول لكم الذي يقبل من ارسله يقبلني والذي يقبلني يقبل الذي أرسلني) يوحنا 13: 14 إلى 20.

أخي القارئ إن الأدلة والبراهين التي تثبت أن المسيح (عليه السلام) لم يساو نفسه بالله تعالى قط كثيرة وتستلزم لاستعراضها العديد من الصفحات وباتت حتى الآن واضحة من تعاليمه (عليه السلام)، وإن وجد ما يشير إلى عقيدة التثليث والتساوي بين الله والمسيح إنما هو مدسوس بلا ريب، وقد بين الله تعالى منشأ الخلاف وواقع التحريض بعد المسيح بما يقارب الستة قرون عندما سأله للبيان في

الصفحة 62
القرآن الكريم قائلاً...

(وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم أنت قلت للناس اتخذوني وأمي الهين من دون الله قال سبحانك ما يكون لي أن اقول ما ليس لي بحق ان كنت قلته فقد علمته تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك إنك أنت علام الغيوب(116) ما قلت لهم إلا ما أمرتني به أن اعبدوا الله ربي وربكم وكنت عليهم شهيداً ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شيء شهيد(117))

سورة المائدة 116 و 117 نعم هذا هو الواقع الذي أقره المسيح أثناء وجوده على الأرض وقد بينه الكتاب المقدس الحالي رغم تحريفه كما بينا آنفاً...

س: 6 كيف جاهر المسيح بألوهيته كما سبق وأشرتم وما هو الدليل الكتابي على ذلك؟

الإجابة اللاهوتية: لقد كانت مجاهرة المسيح بألوهيته بارزة أمام الجميع، عندما أعلن نفسه أبناً للّه، والمسيح