(كل شيء دفع إلى من أبي ليس أحد يعرف الابن إلا الأب ولا أحد يعرف الأب إلا الابن) متى 11: 25 وبرزت مجاهرته بألوهيته عندما قال: (من رآني فقد رأى الأب) يوحنا 14: 8 وساوى نفسه بالله عندما قال ك (أنا والأب واحد) يوحنا 10: 3 وجاهر بقدرته وأعلنها على أنها مساوية بقدرة الله في الكتاب المقدس حين قال: (لأنه كما أن الأب يقيم الموتى ويميتهم كذلك الابن يحيي من يشاء لأن الأب لا يدين أحداً بل أعطى الحكم كله لابن ليكرم الابن جميع الناس كما يكرمون الأب ومن لا يكرم الابن لا يكرم الأب الذي أرسله لأنه كما أن الأب له الحياة في ذاته كذلك أعطي الابن أن تكون له الحياة في ذاته وأعطاه سلطانا أن يجري الحكم) يوحنا 5: 21 إلى 27.
لقد برهن المسيح بقوله هذا عن مدى تماثله مع الله في المعرفة والقدرة والسلطان مما يجعله مساويا له بل هو نفسه، وذكر عن المسيح أنه الديّان يوم القيامة إذا نقرأ في إنجيل متى 25: 21 إلى 46 (ومتى جاء ابن الإنسان (المسيح) في مجده والملائكة القديسين معه فحينئذ يجلس على كرسي مجده ويجتمع أمامه جميع الشعوب فيميز بعضهم من بعض كما يميز الراعي الخراف من الجداء فيقيم الخراف عن يمينه والجداء عن يساره ثم يقول للذين عن يمينه تعالوا يا مباركي أبي ورثوا الملكوت المعد لكم منذ تأسيس العالم. وثم يقول أيضا للذين عن يساره اذهبوا عني يا ملاعين إلى النار الأبدية المعدة لإبليس وملائكته.. فيمضي هؤلاء إلى عذاب أبدي والأبرار إلى حياة أبدية).
وهكذا يكون قد جاهر بألوهيته أمام الجميع دون خوف أو رهبة لأنه الإله القدير الذي يخشاه الخلق ولا يخشى أحد...
تعليق:
لقد ورد أن المسيح (عليه السلام) جاهر بألوهيته عندما ساوى نفسه بالله عزّوجلّ وفي شرح هذه المساواة تبين أنه مساو له في الجوهر أي بالمعرفة والقدرة، كما ينص دستور الإيمان المسيحي.
وفي هذه الحجة المدعاة مسألتان..
(الأولى) أن المسيح (عليه السلام) مساو لله في المعرفة.
(الثانية) أن المسيح (عليه السلام) مساو لله في القدرة.
المسألة الأولى:
أن افتراض أن يساوي أحدهم أخاه في المعرفة يستلزم امتلاك الأول نفس مدركات ومعلومات الثاني دون فرق. لا بزيادة ولا نقصان، وبذلك يعلم كل المسائل تماماً مثله، ومما لاشك فيه فإن الله تعالى كامل
قطعاً لا والدليل أنه عندما سئل المسيح (عليه السلام) من قبل تلاميذه عن تاريخ اليوم الآخر، والذي لا يعلم به أحد سوى الله، لم يجبهم بأنه يعلمه ولم يقل أنه لا يريد الإفصاح عنه لأنه سر، بل قال: (وأما ذلك اليوم وتلك الساعة فلا يعلم بهما أحد ولا الملائكة الذين في السماء ولا الابن إلا الأب وحده). مرقص 13: 32.
وهكذا يكون المسيح قد اعترف بأنه لا يملك العلم المطلق لكل شيء، وأقرّ بأن الله تعالى وحده كامل المعرفة وهذا واضح في القرآن الكريم حيث نقرأ في سورة البقرة 33 بسم الله الرحمن الرحيم (ألم أقل لكم إنّي
المسألة الثانية:
أن الافتراض أيضاً بأن المسيح (عليه السلام) مساو لله في القدرة يحتم على المسيح أن يكون قادرا على فعل أي شيء دون تردد أو عجز، وهذا مناف لتعاليم الكتاب المقدس حيث نقرأ في إنجيل متى 20:
20 إلى 23 حادثة تبين مدى عجز المسيح (عليه السلام) عن الأعمال التي لم يأذن له الله تعالى بالقيام بها..
((حينئذ تقدمت إليه أم ابني زبدي مع ابنيها وسجدت وطلبت منه شيئاً فقال لها ماذا تريدين قالت له قل أن يجلس ابناي هذان واحد عن يمينك والآخر عن اليسار في الملكوت.. فقال لهما أما كأسي فتشربانها
نترك للقارئ حق القرار في هذه المسألة ونسأله هل يجوز لأحد أياً كان أن يتجرأ وينسب إلى الله العجز، حاشا وكلا والكتاب المقدس يوضح مدى فداحة الإدعاء بالتعادل بين الأقانيم الثلاثة (الأب والابن والروح القدس).
إذ يوضح قائلاً: (كل خطيئة وتجديف يغفر للناس وأما التجديف على الروح القدس (قدرة الله) فلن يغفر للناس ومن قال كلمة على ابن الإنسان (المسيح) يغفر له وأما من قال على الروح القدس فلن يغفر له في هذا العالم ولا في الآتي) متى 12: 31.
تزعم الكنيسة أن الوحي الإلهي حل على الرسل عندما كتبوا الرسالات التي تلت الأناجيل الأربعة، وعليه نقول إن الله عزّوجلّ قد أوحى إلى بولس أن يبين للناس أنه رأس المسيح، في رسالة بولس إلى كورونثوس الأولى 11: 3 إذ يوضح قائلاً (وأريد أن تعلموا أن رأس كل رجل هو المسيح وأما رأس المرأة فهو الرجل ورأس المسيح هو الله).
ورداً على مسألة الخضوع للمسيح (عليه السلام)، وإن الله أعطاه السلطان ليخضع له الجميع نقول، المسيح نفسه سوف يخضع لله، عند الانتهاء من التكليف الموكل إليه، وقد عالج الكتاب المقدس هذه المسألة في رسالة كورنثوس الأولى 15: 27 إذ يوضح قائلاً: (الله اخضع كل شيء تحت قدميه(المسيح) ولكن حين يقول ان كل شيء قد أخضع فواضح أنه غير الذي أخضع له الكل ومتى أخضع له الكل فحينئذ الابن نفسه أيضاً سيخضع للذي أخضع له الكل
وهكذا تتجلى الصورة أمام الجميع، إذ يتبين أن الله جل وعلا هو السيد الوحيد الذي سوف تخضع له كامل الخليقة، ومن ضمنها المسيح (عليه السلام).
س: 7 كيف تقبل علماء اليهود تصريحات المسيح بألوهيته وما هي ردة فعلهم على هذا التصريح؟
الإجابة اللاهوتية: لقد أثار المسيح حفائظ اليهود عليه، من خلال مواقفه الجريئة وقد وردت في الكتاب المقدس عدة روايات تثبت ذلك، أبرزها ما ورد في إنجيل يوحنا 5: 18 حيث نقرأ: (فازدادوا طلباً لقتله لقول يوحنا الإنجيلي ليس لأنه كان ينقض السبت بل لأنه كان يقول أن الله أباه مساوٍ نفسه بالله).
وفي إحدى المناسبات أثار يسوع غيظ اليهود لدرجة أنهم حاولوا أن يرجموه بعد تصريح من هذا القبيل وبحسب ما ورد في يوحنا 10: 13 فإن السبب
لكي نفهم عقيدة الثالوث علينا أولاً أن نتخطى عدة عقبات وضعت لمواجهتها، أبرزها تعبير (ابن الله) إن هذا التعبير لا يعني أن الله ولداً على شاكلة البشر وحسب عرفهم ومفهومهم، فولادة الابن من الأب مفادها أنه صدر عنه، كما يصدر النور عن الشمس ويأتي إلى الأرض لينيرها ويمنحها الدفء والحرارة ويبقى في الوقت نفسه بالشمس التي هي مصدره.
أو كالقصيدة أو بيت الشعر الذي تتمخض به مخيلة الشاعر، فيلده ويصبح ابنه وليد تفكيره ونتاج مخيلته
ولقد شبّه بعض اللاهوتيين الثالوث تسهيلاً لفهم أقانيمه الثلاثة، بمثلث متساوي الأضلاع والزوايا، تحتوي كل زاوية ما بين ضلعيها مساحة الثلث بكامله كما سنبين بالرسم.
فرغم تعدد المستفيدين منها وتعدد أعمالها تبقى صفة واحدة المحبة، ولكي يكون أي شخص سعيداً عليه أن يهب ذاته لشخص آخر، وبما أن الله سعيد فقد وهب ذاته شخصاً آخر يجد فيه سعادته ومنتهى رغباته وثمرة
الرد النهائي على عقيدة الثالوث من الكتاب المقدس الحالي..
أن مبدأ الثالوث كما سبق وأشرنا ينص على وجود (الاب والابن والروح القدس) ثلاثة أقانيم في إله واحد وتعرف الكنيسة المسيحية هذه العقيدة على الشكل التالي.
الثالوث هو العقيدة المركزية لأديان العالم المسيحي، وبحسب الدستور الاثناسيوسي هنالك ثلاثة أقانيم إلهية كل منها يقال إنه سرمدي وكل يقال أنه قادر على كل شيء، وليس أحد أعظم أو أدنى من الآخر، وكل يقال أنه الله ومع ذلك لا يكونون معاً سوى إله واحد وتصرح المراجع المسيحية عن أصل عقيدة الثالوث قائلة في دائرة
وتذكر دائرة المعارف الكاثوليكية الجديدة (إن صيغة إله واحد في ثلاثة أقانيم لم تتأسس بشكل متين وبالتأكيد لم تستوعب في الحياة المسيحية وتعلن كإيمان قبل نهاية القرن الرابع عندما أدخل أفلاطون الرابع نظرية فلسفية مشابهة لعقيدة التثليث وبعد المناقشات والمحاورات أقرت دون التسليم الكامل بها حينها) 1967 المجلد الرابع عشر صفحة 299.
ونقرأ في دائرة المعارف الأمريكية: (نشأت المسيحية من الدين اليهودي وكان الدين اليهودي بظاهرة ديناً موحداً بشكل صارم يؤمن بأن الله واحد والطريق التي قادت من أورشليم إلى
ويبين القاموس العالمي الجديد عن أصل عقيدة الثالوث إذ يقول (الثالوث الأفلاطوني هو نفسه مجرد إعادة تركيب وترتيب لثواليث أقدم يعود تاريخها إلى الشعوب الأكبر ويظهر أنه ثالوث الرموز الفلسفي المعقول هو الذي انتج الأقانيم أو الأشخاص الإلهيين الثلاثة الذي تعلم بهم الكنيسة المسيحية أن تصور هذا الفيلسوف اليوناني (أفلاطون القرن الرابع) عن الثالوث الإلهي يمكن أن يوجد في جميع الأديان الوثنية القديمة)
1865 إلى 1870 حرره الدكتور موريس لاشتر في المجلد الثاني صفحة 1467).
ويقول جون مكنري رئيس الجمعية اليسوعية في مؤلفه قاموس الكتاب المقدس: (إن ثالوث الأقانيم في وحدة الطبيعة يجري تعريفه بتعبيري أقنوم وطبيعة الذين هما تعبيران فلسفيان يونانيان وفي الواقع لا يظهر كلا التعبيرين في الكتاب المقدس، وقد نشأت التعريفات الثالوثية نتيجة لمجادلات
إن هذه التصريحات الدائنة لهذه العقيدة الفلسفية، تثبت إن مثل هذا المبدأ لا يمت لتعاليم المسيح (عليه السلام) بصلة، وهو مجرد فلسفة أدخلت إلى صلب الكنيسة المسيحية أثناء فترة الجهل والضياع في القرن الرابع والآن سوف نضع النقاط على الحروف، لنبين حقيقة هذه العقيدة على ضوء الكتاب المقدس الحالي، الذي ورغم تحريفه يبقى مليئا بالحقائق المطمورة التي تبرق كالجواهر وإن خبأت تحت ركام المدسوسات اليهودية.
السؤال الأول:
هل يتضمن الكتاب المقدس أن تعاليم توحي بأن الروح القدس هو شخص أو أقنوم كما تدعي الكنيسة المسيحية؟
يذكر الروح القدس في الكتاب المقدس كمعين ومعزي ومدافع، ومن صفاته أيضاً أنه يعلم ويشهد ويتكلم ويسمع (يوحنا 14: 16 و 17 و 26 مع يوحنا 15: 12 و 13 و26).
ولكن الكتاب المقدس يتناقض في هذه المسألة، فهنالك العديد من النصوص الأخرى التي تصف الروح القدس على أنه قوة قد حلّت على الناس في عدة مناسبات منها.
ورد في لوقا 1: 41 (فلما سمعت اليصابات سلام مريم ارتكض الجنين في بطنها وامتلأت اليصبات مع الروح القدس) وهنا يبدو أن الروح القدس قوة حلت على اليصابات ولا يمكن لشخص أن يحل على شخص آخر لا سيما إن
ورود في متى 3: 11 (أنا أعمّدكم بماء التوبة ولكن الذي يأتي بعدي هو أقوى مني الذي لست أهلاً إن أحمل حذائه هو سيعمدكم بالروح القدس) وهكذا بين يوحنا إن الروح القدس ليس محصوراً بشخص، إذ سيعمّد به العديد من الأشخاص كما هو مبين أعلاه..
إن مثل الروح القدس كمثل الألياف العضلية لدى الإنسان، فهو القدرة والقوة التي يستعملها الله تعالى لإتمام إرادته، فيقول للشيء كن فيكون.
ولا يمكن إن نحصر هذه القوة أو القدرة بشخص أو مكان، وإن وجد ما يوحي بالتجسيم للروح القدس، فإنما هو بمعنى التمثل الذي هو ظهورٌ في حواس الناظر.
فهل أصبحت الحكمة وهي الصفة المثلى، امرأة وأنجبت بنين لها حتى تتبرر منهم.
ويجري استعمال مثل هذا المجاز في تجسيم الموت والخطية، إذ يشبهان بالملوك كما هو مدون في رومية 5: 14 إلى 21: (لكن قد ملك الموت من آدم إلى موسى... حق كما ملكت الخطية في الموت هكذا تملك النعمة في البر) فهل أصبح الموت وهو الأمر الإلهي الذي نفذ بواسطة عزرائيل (عليه السلام) شخصاً يملك لفترة زمنية محددة ثم يخلع عن عرش الملك بعدها، وهل نستطيع أن نقول إن الخطيئة ذاك العمل الذي يتنافى والإرادة الإلهية، هي شخص يملك في الموت كما سبق وأشار النص الكتابي.
وعليه فإن كل التعابير التي تصف الروح القدس
وفي تعريف الروح القدس تذكر دائرة المعارف الكاثوليكية الجديدة (تظهر أغلبية آيات العهد الجديد روح الله كشيء لا كشخص ويجري ذلك خصوصاًً في التناظر بين الروح وقوة الله) 1967 المجلد 13 صفحة 575 ومثل هذا الاعتراف من أعظم المراجع المسيحية في العالم،
السؤال الثاني:
هل يوافق الكتاب المقدس على تعليم الكنيسة بأن المسيح والله تعالى واحد ولا ينفصلان أو يتميزان عن بعضهما مطلقاً؟
إننا نسأل اتباع هذا المعتقد هل يمكن للفرد الواحد أن ينقسم إلى أكثر من جزء، ومع وجود مثل هذه الفرضية، هل يتميز أحدهما عن الآخر، أم أنهم يكونان معاً في مستوى واحد مع العلم والمعرفة والقدرة والمكانة، كما هو الحال لدى علماء اللاهوت وجميع اتباع عقيدة التثليث.
ومع التسليم بهذه النظرية نسأل كيف يصلي المسيح (عليه السلام) لله إذا كان فعلا مساويا له أو جزأ منه كما يجري الإدعاء، فقد ورد عنه في الكتاب المقدس إنه: (تقدم وخرّ على وجهه وكان يصلي قائلاً يا أبتاه إن أمكن
لو لم يكن المسيح (عليه السلام) فرداً مغايراً لله، وأقل مرتبة منه تعالى، لما تقدم وخرّ على وجهه وصلى إليه بهذا التواضع والخشوع، ولو كان زعم الكنيسة صحيحاً لأصبحت هذه الصلاة باطلة ودون معنى لأن المسيح (عليه السلام) حينها، يكون قد قدم الصلاة لنفسه، ولكانت مشيئته بالضرورة مشيئة الله عزّوجلّ ولا تهمّه تلاميذه آنذاك والعياذ بالله بالجنون، ولكي تصح الصلاة التي قام بها المسيح عليه لا بد أن نقر ونعترف ببطلان عقيدة الثالوث، والرضوخ للواقع الذي يرضي الله ورسوله بالاعتراف به كمرسل من رب العالمين.
ومن النصوص التي تفصل بين المسيح والله عزّوجلّ ما ورد في إنجيل يوحنا 17: 8 ـ 18 (أجاب يسوع الفرنسيين اليهود في ناموسكم مكتوب إن شهادة رجلين حق أنا هو الشاهد
ولكن هنالك العديد من الأخطاء الفادحة في هذا النص أبرزها..
(1) تشبيه الله تعالى وحصره بشخصية معينة وهي أنه رجل عندما قال: (شهادة رجلين حق أنا هو الشاهد لنفسي (الرجل الأول) ويشهد إلى الأب الذي أرسلني (الرجل الثاني).
(2) إغفال الكاتب الذي يدعي الوحي عن المبدأ الذي يتضمنه الكتاب المقدس حول الشهادة إذ يبطل شهادة المرء لنفسه، وشهادة أبيه أيضاً باطلة، كما هو مبين في يوحنا 5: 31 حيث نقرأ عن المسيح أنه قال: (إن كنت أشهد لنفسي فشهادتي ليست حقاً
فهل تسمح أخي القارئ بنسب هذا الجهل لله تعالى، إن القرار في مثل هذه المسائل إنما يرجع للعقل فقط دون أي شيء آخر.
السؤال الثالث:
إن الكتاب المقدس الحالي وبغض النظر عن تحريفه، يصف المسيح (عليه السلام) بالمخلوق ويؤكد ذلك في كولوسي 1: 15 إذ يصرح قائلاً: (الذي هو (المسيح) صورة الله غير المنظور بكر كل خليقة).
وبحسب دستور الكتاب المقدس، فإن البكر هو المولود الأول وقد جرى استعمال هذا التعبير في أكثر من ثلاثين موضعاً للدلالة على المخلوق الأول من الأشياء الجامدة والمخلوقات الحية سواء كانت بشراً أم لا.
ولكن قد يعترض البعض قائلين، إن المقصود بالبرك أنه الأول من حيث التفوق والتميّز، ولا يعني ذلك أنه جزءاً من الخليقة بل هو الأكثر تميزاً عن المخلوقين كونه الخالق هذا في حال التسليم بصحة النص.
نقول فلماذا لا نقرأ في الكتاب المقدس، إن الروح القدس هو بكر كل خليقة، أو أن الله عزّوجلّ هو بكر كل خليقة؟
ولكن مثل هذا التعبير لم ينطبق إلا على المسيح عليه السلام، والدليل على خلقه ورد في سفر الرؤيا 1: 1 وهذا نصه: (إعلان يسوع المسيح الذي أعطاه إياه الله.. -.. هذا بقوله الشاهد الأمين بداءة خليقة الله) وعليه فإنه لا يجوز لنا أن ندّعي بأن المسيح عليه السلام هو الخالق مع تأكدنا بأنه بداءة خليقة الله أن المخلوق الأول لديه، مع الاحتفاظ بحق الرفض لهذا النص لعدة أسباب نذكرها لاحقاً.
وللبيان في هذه المسألة (خلق المسيح عليه السلام) دعونا نتأمل في النص المدون في سفر الأمثال 8: 22 إذ نقرأ (الرب قناني أول طريقة من قبل أعماله منذ القدم منذ الأزل مسحت منذ أوائل الأرض إذ لم يكن غمر ابدئت إذ لم تكن ينابيع كثيرة المياه من قبل إن تقررت الجبال قبل التلال ابدت إذ لم يكن قد صنع الأرض بعد ولا البراري ولا أول أعفار المسكونة لما ثبت السماوات كنت هناك أنا.. -..
وبحسب قاموس المنجد صفحة 658: (قنا - قنوا الله لشيء: خلقه، القنا: الخلق) فيكون فعل قناني هو نفسه (خلقني)، والعبارة التي تلفظ بها المسيح عليه السلام في الكتاب المقدس هي: (الرب خلقني أول طريقة من قبل اعماله منذ القدم) وعليه فلا يمكن إن يستوي المخلوق والخالق.
ومن المفردات الدالة على خلقه عليه السلام التعبير الذي ورد في نص الأمثال أكثر من سبع مرات عن لسان المسيح إذ يقول فيه (أبدئت) وهذا ما يحتم وجود من ابدأه، أي خلقه حسب التعبير الأول.
وقد ذكر في نص الأمثال (كنت عنده صانعاً) والسؤال هل يستوي الصانع وسيده؟ حاشا له أن يكون متساويا مع أحد مخلوقات، وما من أحد سواه سرمدي أبدي ولا يجوز أن يشبه جل وعلا بشخص أو بشيء مطلقاً.
هذه هي الموانع العقائدية التي تقف وجهاً لوجه أمام
مواجهة العقل لعقيدة الثالوث الأقدس.
إذا افترضنا عقيدة الثالوث كعقيدة إلهية يجب اتباعها والإيمان بمضمونها الفلسفي، الذي يجعل من المسيح عليه السلام وإلهه عزّوجلّ، إلهين متساويين من حيث القدرة والمعرفة والتكوين، والكينونة الكاملة المطلقة، لابد للعقل آنذاك من قبول انطباق الصفات التي يتحلى بها كل منهما على الآخر، بحيث تكون الوحدة في الصفات والأعمال متوفرة حينها، وعليه فلابد لنا من قبول كل من هذه الصفات والأعمال التي انطبقت على المسيح عليه السلام في الكتاب المقدس كما لو أن الله تعالى قام بها وتحلى بها...
(1) (الله) تبارك وتعالى عما يصفون (يأكل ويشرب)..
(2) (الله) المسيح عليه السلام مواطن صالح خاضع للحكم ومطيع للحاكم.. ورد في إنجيل متى 22: 21 (حينئذ ذهب الفريسيّون... فأرسلوا إليه تلاميذهم.. قائلين يا معلم نعلم إنك صادق وتعلم طريق الله بالحق ولا تبالي بأحد لأنك لا تنظر إلى وجوه الناس فقل لنا ماذا تظن أيجوز أن تعطى جزية لقيصر أم لا... فقال لهم أعطوا ما لقيصر لقيصر وما لله لله). وفي تفسير هذا النص تذكر اللجنة اللاهوتية المؤلفة من حوالي 25 عالماً، في مؤلفها الشهير (التفسير التطبيقي للكتاب المقدس) (فانتماؤنا للدولة يقتضينا دفع الأموال للخدمات والمنافع التي نتمتع بها
(3) (الله) للمسيح عليه السلام سلسلة نسب بشرية، فهو منحدر من إبراهيم عليه السلام كما هو مدون في إنجيل متى 1: 1 (سلسلة كتاب ميلاد يسوع المسيح (الله) ابن داود ابن إبراهيم إلخ)... فهل يعقل أن يكون الخالق الأوحد منحدر من سلالة بشرية، وله آباء
(4) (الله) المسيح عليه السلام يولد من امرأة، وفي مذود داخل مغارة، حيث لم تجد أمه والعياذ بالله لها مكاناً تلد فيه كما ورد في إنجيل لوقا 2: 6 حيث نقرأ: (وبينما هما هناك (في بيت لحم) تمت أيامها لتلد فولدت ابنها البكر وقمّطته وأضجعته في المذود إذ لم يكن لهما موضع في المنزل) هذا النص يعطي دلالة واضحة على ولادة (الله) من امرأة، وفي بلدة صغيرة تدعى بيت لحم ولم يجد له مكاناً يأويه وهو رب السماوات والأرض وما بينهما، وقد أخذوا من هذه الحادثة ما يرنموه في الصلاة المريمية التي تنص..
(السلام عليك يا مريم يا ممتلئة نعمة، الرب معك، مباركة أنت في النساء ومباركة ثمرة بطنك سيدنا يسوع المسيح، يا قديسة مريم يا والدة الله صلي لأجلنا نحن الخطأة
(5) (الله) المسيح عليه السلام رضع من ثدي امرأة بشرية.. ورد في إنجيل لوقا 11: 27 و 28 ما نصّه (وفيما هو يتكلم في هذا رفعت امرأة صوتها من الجميع وقالت له طوبى للبطن الذي حملك والثديين اللذين رضعتهما) إن هذه المرأة حسب ما جاء في الرواية وقفت أمام الجميع وقالت للمسيح عليه السلام (الله) حسب مفهوم الكنيسة طوبى للبطن الذي حملك والثديين اللذين رضعتهما ولم يرد عليها بالنفي لهذه المسألة، مما يؤكد حدوثها فقد كان عليه السلام معلماً لا يغفل عن أي أمر صغير كان أو كبير إلا ووضحه للمشتبهين.