الصفحة 129

____________

(8) الأهرام عدد 17 / 5 / 65. وفي عدد 18 / 5 ذكرت الجريدة كلمة الشيخ كاشف الغطاء حول إباحة التأمين واعتباره من قبيل الشركة وأرباحه من نوع الصلح المباح..

(9) كان الرئيس عارف في زيارة لمصر وقتها. ويذكر أن عارف توسط لعبد الناصر بطلب من الشهيد باقر الصدر في العراق من أجل الإفراج عن سيد قطب..

(10) عدد روز اليوسف رقم 1930 / 65 وأجرى الحوار عبد الله إمام. وسوف نعرض نصه في ملاحق الكتاب نظر لأهمية الموضوعات التي طرحت في دائرته..

(11) عدد روز اليوسف 1931 / 65. ونص الرد: قلقت جدا وأنا أقرأ حديث شيخ المذهب الشيعي العراقي عن زواج المتعة.. فظاهر الفكرة قد يبدو مغريا لبعض الناس في بادنا خصوصا وأنه نظام منسوب للشريعة الإسلامية.

وصحيح أن الإسلام قد عرف زواج المتعة في عهد الرسول ولكنه عرفه كضرورة أوجدتها ظروف الحرب وانتهي بانتهائها. فلقد كان مقصودا به حماية المسلم من الفتنة وهو في بلاد الغربة ولذلك فهو يتجاوز عن العقد المكتوب والشهود.. والسؤال بعد ذلك هو: ما الذي يدعو إلى زواج مؤقت ما دام الزواج الدائم متيسرا للناس.. إن الحالة الوحيدة التي تبرر هذا الزواج هي تغريب شبابنا في بلاد أجنبية لطلب العلم حماية أخلاقهم..

(12) قال الشيخ الشرباصي إن إجماع أئمة المسلمين (السنة) على أن زواج المتعة حرام. وقالت الدكتورة عائشة عبد الرحمن: هذا الزواج المؤقت كان زواج ضرورة انتهى عندما زالت الضرورة. فما هي الضرورة التي تدفعنا الآن للتفكير في استعادته..؟ وقالت الدكتورة نوال السعداوي: من هذا الشكل الجديد للزواج يمكن أن نقضي على مشاكل الزواج الحالية كالاكراه والكراهية والكذب والخيانة وتشرد الأطفال والضعف والخنوع والإنحلال الخلقي ويمكن أن نوفر للانسان في ظل الزواج حرية ومقدرة على الاختيار

=>


الصفحة 130

____________

<=

الدائم وفرصة للتجديد والتطور وبالتالي للتقدم. ويمكن أن نحقق للإنسان الرغبتين المتناقضتين فيه وهما: الرغبة في الاستقرار الاجتماعي. والرغبة في التغيير والتجديد.. انظر روز اليوسف العدد رقم 1932 / / 65. تحقيق تحت عنوان: بدلا من الحرام. زواج المتعة ويذكر أن المفكر العلماني الراحل فرج فوده كان من مؤيدي زواج المتعة وقد أعد كتابا حول هذا الموضوع..

(13) تجارب مغنية. ط. بيروت.

(14) المرجع السابق..

(15) المرجع السابق..

(16) المرجع السابق.. ويذكر أن الشيخ مغنية التقي مع الشيخ الفحام شيخ الأزهر الراحل والشيخ الشرباصي والمقرئ الشيخ الحصري في مدينة قم بإيران.

(17) مع رجال الفكر في القاهرة. وهو كما يقول المؤلف حوار صريح في مختلف الشؤون الإسلامية يتبنى فكرتها إبطال هذا الكتاب بروح موضوعية تستهدف العمق والصراحة والتقريب..

(18) قدم الشيخ محمد عبد المنعم خفاجي لكتاب وسائل الشيعة. وقدم الدكتور سليمان دنيا لكتاب الشيعة وفنون الإسلام. والشيخ أحمد حسن الباقوري لكتاب المختصر الدافع.

(19) نشر الخبر في عدد تاريخ 8 / 9 / 1965. ونص على ما يلي: رؤى إنشاء قسم خاص في دار الكتب المصرية العربية بالقاهرة للكتب الدينية للمذهب الإمامي الشيعي باعتباره أحد المذاهب الإسلامية والمقدر عدد أتباعه بأكثر من مائة مليون مسلم.


الصفحة 131

الغارة على الشيعة

بدأت مع الحرب وانتهت بنهايتها..


الصفحة 132

الصفحة 133

لم

تكن قضية الشيعة تشغل الساحة الإسلامية كثيرا في مصر.

ولم تكن الشيعة مطروحة كمذهب منافس لمذهب السنة الذي سيطر عليه الخط الوهابي في فترة السبعينات. فقد كان ما يشغل الساحة الإسلامية في تلك الفترة ثلاثة:

1 - الصوفية..

2 - تيار التكفير..

3 - الحكومة..

حتى أنه لم يكن أحد في الوسط الإسلامي يسمع بجماعة التقريب أو جمعية آل البيت أو يطلع على أي من الكتب الشيعية التي صدرت بمصر في تلك الفترة وهي كثيرة.. (1)

لقد كانت التيارات الإسلامية منشغلة ببعضها. الإخوان منشغلون بالجهاد والتكفير والسلفيين. والجهاد والسلفيين منشغل بالتكفير. وهذه التيارات جميعا منشغلة بالحكومة. ومنشغلة أيضا عدا الإخوان - بالصوفية.. (2)

وبالنسبة للإسلام الرسمي لم يكن يظهر أي بادرة عداء تجاه الشيعة وكانت

الصفحة 134
العلاقات وطيدة بين الأزهر ووزارة الأوقاف وبين هيئات وعلماء شيعة من إيران والعراق ولبنان.

إلا أنه وبمجرد قيام الثورة الإسلامية في إيران تغيرت الأمور وتغير الاتجاه الإسلامي من تأييد الثورة ومناصرتها في البداية إلى الكفر بها ومعاداتها مع قيام الحرب العراقية الايرانية..

  • كيف حدث ذلك؟:

    إن القوى المتربصة بالإسلام وقد أفجعها ما حدث في إيران ركزت أبصارها على مصر واعتبرتها الدولة التالية المؤهلة للحاق بإيران على طريق الإسلام فمن ثم سعت إلى تنفيذ مخططها الخبيث الذي يرمي إلى عزل مصر عن إيران والقضاء على تأثير الثورة الإسلامية على الحركة الإسلامية فيها. وقد اعتمدت في تنفيذ مخططها هذا على ثلاثة ركائز:

    الأولى: استغلال الخط الوهابي الذي تشبعت به الحركة الإسلامية والذي يكن عداءا شديدا للشيعة واستغلال قلة الوعي السياسي والخبرة لدى التيارات العاملة في محيط الحركة..

    الثانية: تفجير الخلافات القديمة بين السنة والشيعة ونشر الشائعات التي تهدم عقائد الشيعة وتشكك المسلمين فيها وفي الثورة الإسلامية..

    الثالثة: تحريض الحكم على إيران ودفعه إلى دعم التيارات المعادية لها في مصر إعلاميا وسياسيا وفتح الباب إمام المد المسعودي الوهابي ليشكل سدا منيعا يحول بين المسلمين وبين التأثر بالشيعة و إيران.. (3)

    والحق إن هذا المخطط قد تم تنفيذه بدقة ونجح في تحقيق أغراضه في الوقيعة بين الحركة الإسلامية والثورة الإسلامية. ودفع بالحركة إلى الصف المعادي لها.

    وأستطيع أن أجزم أن هذا المخطط لم يكن لينجح لو كانت الحركة الإسلامية متسلحة بالوعي السياسي والخبرة اللازمة ومتحررة من الأطر السلفية العمياء التي فرضها عليها الخط الوهابي فهذه هي نقطة الضعف في جسم الحركة التي تمكن

    الصفحة 135
    أعداء الإسلام من اختراقها واستغلالها في إضفاء المشروعية على موقفها المعادي للثورة..

    لقد طوقت الساحة الإسلامية في مصر بحرب إعلامية عاتية شرسة حيث صبت حمم غضبها على الشيعة وإيران واستخدمت فيها كل الوسائل الاعلامية من مقابل وكتاب وخطب ومؤتمرات وتم شراء الكثير من الكتاب والصحفيين والدعاة والرموز الإسلامية البارزة في الوسط الإسلامي ودور النشر والصحف الإسلامية.

    ولم ينج من هذه الفتنة سوى عدد قليل من الدعاة أصحاب البصيرة أما البقية فقد غرقوا في موجات النفي المتتابعة والتي كانت تتدفق على الساحة الإسلامية من السعودية والعراق اللتان كانتا تذكيان نار الفتنة وتأججان نارها.

    وكانت سفارة السعودية وسفارة العراق في القاهرة تنفقان بغير حساب من أجل تشوية الشيعة وإيران والإمام الخميني. وكانت الحكومة ترقب هذا الوضع وتعمل على دعمه..

  • قادة المواجهة:

    كان الدور الأجنبي واضح في حملة العداء ضد الشيعة بينما كانت الأدوات المصرية التي تقود المواجهة لها دوافعها الذاتية التي لا تخرج عن دوافع أربعة:

    الأول: الدافع العقائدي وهو محرك التيار السلفي الوهابي الذي يواجه الشيعة من خلال موقف عدائي نابع من قناعته بضلالها وانحرافها. ونابع من إيمانه بضرورة جهادها والحيلولة دون انتشار عقائدها (الفاسدة) بين المسلمين.

    وهو بهذه الصورة يصبح لديه القابلية للصدام مع الشيعة بصورة تلقائية بوصفها عدوا يشكل خطرا على معتقداته. من هنا وبمجرد إعلان الحرب على الشيعة في مصر تزعم هذا التيار هذه الحرب على الفور وكان له الدور الأكبر في تحريض الاسلاميين عليها ودفعهم إلى الكفر بها..

    وهذا التيار بمثل أغلب اتجاهات المكتبات ودور النشر المصرية التي أسهمت في نشر معظم الكتب المعادية للشيعة طوال فترة الثمانينات.. (4)


    الصفحة 136
    الثاني: الدافع المصلحي وهو محرك تيار الإخوان الذي كان من المتعاطفين مع الثورة في بدايتها ثم انقلب على الشيعة وإيران بسبب ضغوط سعودية وبسبب ضغوط من الحكومة المصرية وتيار الإخوان الدولي الذي كان يثير الشبهات حول علاقة إيران بسوريا التي اضطهدت جماعة الإخوان. وحتى لا تسخر الجماعة السعودية وحتى لا تصطدم بالحكومة المصرية أو تصطدم الحكومة بها وحسما للخلافات التي وقعت بين تيارات الإخوان حول الموقف من إيران انحاز تيار الإخوان المصري إلى الجبهة المعادية للشيعة وإيران لصالح الجماعة ومن أجل الحافظ على وجودها ومستقبلها.. (5)

    الثالث: الدافع الشخصي وهو محرك الأقلام والكتاب والصحفيين من شتى الاتجاهات إسلامية وعلمانية والذين شنوا حربهم على الشيعة وإيران على سبيل الاسترزاق..

    الرابع: الدافع السياسي وهو محرك الحكومة التي تحالفت مع السعودية ومع العراق ضد إيران وحفاظا على ولائها الامريكي الصهيوني. وهو أيضا محرك الأزهر الذي يسير في ركاب الحكومة ويتبع سياستها حتى ولو كانت تخالف مبادئ الإسلام الذي يدعي تمثيله.. (6)

    والمراقب للحرب التي شنت على الشيعة في مصر يبهره حجمها وأدواتها والامكانيات التي سخرت لها والتيارات المختلفة التي أسهمت فيها مما يدفع إلى التساؤل: هل حجم الشيعة في مصر بهذا القدر الذي يتطلب مثل هذه الحرب..؟

    والجواب إن هذه الحرب لم تكن موجهة ضد الشيعة كمذهب أو الشيعة كأفراد بقدر ما كانت موجهة ضد إيران وثورتها فهي حرب سياسية في المقام الأول هدفها القضاء على تأثير الثورة على شعوب المنطقة العربية خاصة مصر وقد اتخذت الشيعة ستارا لها لجذب الإسلاميين إلى صفها. وإذا كنا سوف نعتبر هذه الحرب حريا مذهبية بين السنة الذين يريدون الحافظ على وجودهم وعلى عقيدتهم وبين الشيعة الزاحفين عليهم من إيران كما كان يتصور بعض السذج والجهلاء في الوسط الإسلامي، فيجب أن نعتبر صدام حسين زعيم السنة فهو الذي كان يقود

    الصفحة 137
    الحرب ضد الشيعة وإيران..

  • التنظيمات الشيعية:

    ولم تتوقف الحرب ضد الشيعة في مصر عند هذا الحد بل تجاوزتها إلى ضرب الأنشطة الشيعية والبطش بكل من يمت للشيعة بصلة..

    وكانت أولى الضربات التي وجهت للأنشطة الشيعية في مصر هر وقف نشاط جماعة التقريب ثم حل جمعية آل البيت بقرار أمني..

    ثم تتابعت الضربات فكانت أولاهما تتمثل في القبض على مجموعة من العناصر الإسلامية وبعض الكتاب وأساتذة الجامعات واتهامهم بتشكيل مجموعة جهادية بتمويل إيراني فيما عرف وقتها بالقضية رقم 401 لعام 87.. (7)

    ثم وجهت ضربة أخرى لعناصر من الشيعة المصريين والعرب المقيمين في مصر فيما عرف بالتنظيم الشيعي الخميني عام 88.. (8)

    وقد أثار ظهور هذا التنظيم ضجة واسعة وقتها على مستوى مصر والعام العربي حيث ضم عناصر من البحرين والكويت والعراق اتهموا جميعا بالانتماء لحزب الله.. ولما كانت هذه الدول الثلاث متحالفة ضد إيران فقد أثارها وجود عناصر من شعبها يعمل لحساب إيران وينتمي لحزب الله أداة إيران التي تخشاها.

    من هنا سارعت هذه الدول بطلب عناصرها لتحري الأمر وبحث إذا ما كان حزب الله قد تغلغل في بلادهم.. (9)

    لأجل هذا أثار التنظيم الدول العربية ولفت انتباه الرأي العام واستغلته الحكومة المصرية في التقرب لدول الخليج..

    وكان هذا التنظيم من جهة أخرى مفاجأة بالنسبة للرأي العام المصري الذي لم يكن يتوقع أن للشيعة وجودا في الساحة الإسلامية بمصر يمكن أن يشكل تحديا أمنيا للحكم..

    والطريف في الأمر أن هذا التنظيم المزعوم قد شكل دعاية كبيرة للشيعة في

    الصفحة 138
    مصر بصورة غير مباشرة ودفع بالرأي العام إلى محاولة التعرف على الشيعة مما أدى إلى زيادة الإقبال على الكتاب الشيعي.. (10)

    وفي المقام التالي وجهت ضربة ثانية للشيعة فيما عرف بالتنظيم الشيعي الخميني أيضا. ويبدو أن الحكومة لم تكتفي بالتنظيم الأول فقررت أن تخترع تنظيما ثانيا يفي بالغرض الذي عجز عن تحقيقه التنظيم الأول عل يما يبدو. (11)

    إلا أن الرأي العام المصري كان قد استقبل الاعلان عن اكتشاف التنظيم الثاني بفتور شديد ولم يحظ التنظيم المزعوم بتركيز إعلامي كبير مثلما حدث مع سابقه.

    والشئ الملفت للنظر في قضية التنظيم الثاني أن نفس التهم التي وجهت للأول هي نفس التهم التي وجهت للثاني حتى أن مانشيتات الصحف كانت متقاربة إلى حد كبير.

    ومع بداية عام 90 بدأت الضغوط تتلاشى تدريجيا عن الشيعة حيت تلاشت تماما مع توقف الحرب العراقية الايرانية وكان حملة العداء على الشيعة في مصر كانت موقوتة بالحرب. وهذا لا يعني أن الشيعة أصبحت تيارا مشروعا في مصر فلا تزال هناك محاذير أمنية كثيرة تحوم من حولها وهي نابغة كلها من خلال الموقف من إيران..

    وإذا كان الشق السياسي في الحرب التي شئت على الشيعة في مصر قد تنحى جانبا بعد حرب الخليج. إلا الشق المذهبي العقائدي لا زال له وجوده الفعال ودوره البارز في الحرب المقدسة التي يرفع رايتها التيار السلفي الوهابي وهو مستمر في رفعها حتى اليوم.. ولن تطوى راية هذه الحرب حتى قيام الساعة.. (12)


    الصفحة 139

    ____________

    (1) سوف نعرض للكتب التي أصدرها الشيعة في مصر في ملاحق الكتاب..

    (2) أنظر لنا الحركة الإسلامية في مصر واقع السبعينات. والحركة الإسلامية في مصر واقع الثمانينات..

    (3) أنظر كتابنا الحركة الإسلامية واقع الثمانينات فصل الشيعة..

    (4) أنظر كتابنا عن الحركة الإسلامية. ويذكر أن التصور السلفي الوهابي قد سيطر على التيارات الإسلامية في مصر. وقد أصدرت التيارات السلفية منشورات تحرض المسلمين على الشيعة وتشكك في عقائدهم..

    (5) جاء سعيد حوى وهو من كبار قيادات الإخوان السوريين إلى مصر بجواز سفر عراقي للقيام بحملة دعائية ضد الشيعة وإيران وأصدر كتابا فيها تحت عنوان (الفتنة الخمينية)..؟

    (6) أصدر شيخ الأزهر الحالي الكثير من البيانات ضد إيران وكتب كتابا يهاجم الشيعة وإيران بعد أحداث الحرم المكي عام 87.. أين هذا من تصريح شيخ الأزهر عام 79 لجريدة " الشرق الأوسط ": الإمام الخميني أخ في الإسلام ومسلم صادق.. إن المسلمين باختلاف مذاهبهم إخوة في الإسلام..

    والخميني يقف تحت لواء الإسلام كما أقف أنا..

    (7) تم القبض علينا في هذه القضية وكان فيها الدكتور الدسوقي شتا وبعض عناصر من تيار الطلائع الإسلامية الذي كان قد أسسه في مصر فتحي عبد العزيز الشقاني أحد الرموز البارزة في حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين اليوم.. ويذكر أنه تم إغلاق سفارة الجمهورية الإسلامية بالقاهرة وترحيل القائم بالأعمال في هذا العام..

    (8) تصدرت أخبار هذا التنظيم الوهمي الصفحات الأولى للصحف الحكومية وقد اخترعوا له تهمة جديدة هي الأولى من نوعها وهي تهمة الرشوة الدولية وجهت لنا جميعا ولدار البداية التي أسسناها بتمويل إيراني كما

    الصفحة 140

    ____________

    زعموا. وقد ضم التنظيم (31) مصريا و (8) عرب. وتم ترحيل العناصر العربية إلى بلادها.

    (9) اكتشفت هذه الدول فيما بعد أن الأمر لا يخرج عن كونه فرقعة إعلامية افتعلها جهاز الأمن المصري لتحقيق مكاسب سياسة على حساب الشيعة.

    (11) لم يضم التنظيم الثاني أحدا من عناصر التنظيم الأول حتى تكون المسألة مقنعة للرأي العام. وقد ضم بين صفوفه الدكتور فهمي الشناوي الذي كانت تهمة أنه كان يعالج الإمام الخميني ولم يكن يضم عناصر غير مصرية.

    وقد أفرج عن المعتقلين فيه بعد بضعة شهور كما كان حال التنظيم الأول.

    (12) كان لحرب الخليج انعكاسات إيجابية لحركة التشيع في مصر. فهي من جهة لفتت أنظار مثقفي مصر إلى الشيعة بعد سقوط الإسلام السلفي النفطي الذي تعري بعد هذه الحرب. ومن جهة أخرى تسببت في هزة عنيفة للتيار السلفي الوهابي بعد تبرير علماء الوهابية جواز الاستعانة بالمشركين. وأهم نتيجة من وراء هذه الحرب كسبتها الشيعة هي تخفيف الضغوط الأمنية عليها..


    الصفحة 141

    رد الفعل الشيعي

    الشيعة يتخلون عن التقية..


    الصفحة 142

    الصفحة 143

    هل

    استسلم الشيعة المصريون للضغوط وتراجعوا عن مواجهة الحملات الاعلامية التي شنتها الحكومة والتيار السلفي السعودي والأزهر وغير هم أخذا بمبدأ التقية التي يلتزم بها الشيعة..؟

    إن الوقائع تشير إلى غير ذلك فمع بداية الثمانينات كان هناك نشاط شيعي متفرق في مصر وقد أخذ هذا النشاط يتطور تدريجا وأصبح أكثر بروزا على ساحة الواقع أدى إلى استفزاز الحكومة وخصوم الشيعة من السلفيين وغيرهم..

    وكان هذا النشاط هو المقدمة التي أدت في النهاية إلى توجيه عدة ضربات متتالية لمجموعات شيعية لم تكن لأنشطتها أية أبعاد سياسية..

  • البداية:

    كان لوجود الكثير من العناصر العربية الشيعية في مصر دوره الفعال في دعم الدعوة الشيعية فيها. فقد كانت مصر مكتظة بالعراقيين الشيعة الفارين من وجه صدام والذين أقاموا في مصر لغرض الدراسة. كما كان بها الكثير أيضا من شيعة البحرين والسعودية الذين يقيمون لنفس الغرض. وقد أسهمت هذه العناصر في القيام بدور دفاعي فعال ضد الهجمات الاعلامية التي شنت على الشيعة في تلك الفترة..


    الصفحة 144
    وكانت العناصر العراقية تلتزم بتقليد السيد الخوئي بينما كانت أغلبية العناصر البحرينية تقلد السيد الشيرازي وكذلك كان بعض السعوديون..

    ولم تكن فكرة التقليد واضحة في أذهان المصريين حتى تلك الفترة كما لم تكن أسماء كبار المراجع الذين يقلدهم الشيعية مثل السيد الخوئي والسيد الشيرازي معروفة في مصر. وقد اشتهرت أسماء المراجع فيما بعد مع بروز النشاط الاعلامي الشيعي ومع الضربات التي وجهت للشيعة وأدت إلى تسليط الأضواء على مراجع الشيعة.. (1)

    ويبدو أن احتكاك المصريين بتلك العناصر العربية قد أدى إلى التعرف على هذه المراجع من قبل المصريين..

    إلا أن هذا الاحتكاك بين المصريين والعرب لم تكن نتيجته تنحصر فقط في تحسين صورة الشيعة والدفاع عنها إنما تعدته إلى التزام كثير من المصريين بنهج الشيعة بعد أن تعرفوا إليها عن طريقهم وبواسطة الكتب التي كانوا يحصلون عليها بواسطتهم.. (2)

    وقد تم القبض على بعض هذه العناصر العربية في دائرة التنظيم الشيعي الخميني في عام 88 ومنذ ذلك الحين توقف نشاط الشيعة العرب في مصر..

    وكان البعض من العراقيين قد قام بطبع عدد من الكتب الشيعية والكتب المعادية لنظام صدام حسين ونشرها في الأوساط الثقافية..

    ومن هذه الكتب كتاب أصل الشيعة وأصولها وكتاب الحرب العراقية الايرانية وكتاب أكذوبة تحريف القرآن بين الشيعة والسنة. ونحو وحدة إسلامية. وفي سبيل الوحدة الإسلامية.

  • البداية:

    في أواخر عام 86 بدأ الإعداد لقيام أول دار نشر شيعية في مصر وكان قيام هذه الدار على كاهل بعض المصريين وبعض العرب. وتم الاتفاق على تسميتها بدار البداية. كما تم الإعداد لنشر عدد من الكتب لبعض مؤلفين ومفكرين من

    الصفحة 145
    الشيعة للدخول بها معرض القاهرة الدولي للكتاب.. (3)

    وكان ظهور دار البداية في معرض القاهرة الدولي للكتاب عام 87 قد شكل مفاجأة كبيرة للتيار السلفي الوهابي المتربص بنا. كما كان مفاجأة لرجال الأمن والمراقبين.

    ولم يستطع التيار السلفي ضبط أعصابه وكظم غيظه لهذا الحدث فأعلن عن غضبه في منشور انطلق يوزعه على رواد المعرض. وكان هذا المنشور يحوي تحذيرا من دار البداية ومن عدة كتب في مقدمتها كتاب المراجعات وأصل الشيعة وأصولها. وقد أرفق بهذه المنشور صورة صفحة من كتاب الكافي تحوي عدد من الأحاديث الموجهة ضد الصحابة.. (4)

    ولم يقف رد فعل التيار السلفي والذي كان مممثلا في دور النشر السعودية والمصرية المتحالفة معه. عند هذا الحد بل تعداه في القيام بغرات ما بين الحين والآخر على جناح دار البداية لتهديد القائمين عليها وزجر المتعاملين معهما.. (5)

    وشارك رجال الأمن أيضا في هذه الغارات وقاموا باستدعاء القائم على الدار للتحقيق معه حول هذا الأمر.. (6)

    ولعل التوقيت الذي برزت فيه هذه الدار كان من العوامل التي دعمتها إعلاميا ويسرت لها السبيل لنشر كتبها في الوسط الإسلامي. إذ حققت الحملة المضادة التي شنت عليها مردودا دعائيا لم تكن لتستطع القيام به في مثل الظروف العصيبة التي كانت تحيط بالشيعة في ذلك الوقت..

    وعلى الرغم من أن الكتب التي أصدرتها دار البداية لم تكن كتبا فقهية أو عقائدية وكانت كتبا فكرية إلا أنها استفزت التيار السلفي استفزاز كبيرا..

    وعندما تم القبض على المجموعة الشيعية الأولى عام 88 كانت دار البداية أحد ركائز القضية التي تم صناعتها في تلك الفترة حيث اعتبرت أحد أنشطة المخابرات الايرانية في مصر. ومنذ ذلك الحين توقفت دار البداية.

    وفي الوقت الذي اتهمت فيه دار البداية بالعمل لحساب إيران أو على حد تعبير

    الصفحة 146
    الحكومة (الرشوة الدولية) كانت الساحة المصرية تكتظ بعشرات دور النشر السلفية المدعومة من السعودية والتي قام بتأسيسها عناصر من الجماعات الإسلامية التي سبق اعتقالها في قضايا إسلامية. ولا تزال هذه الدور تعمل حتى اليوم وتتكاثر. (7)

    وقد قامت إحدى دور النشر السلفية بإصدار كتاب خاص بدار البداية تحت عنوان (بداية الشر ونهج البربر) هاجمت فيه الشيعة والدار وبعض الكتب التي أصدرتها. والمتأمل في هذا الكتاب الذي كان يوزع مجانا على رواد المعرض عام 88 يجده أشبه بتقرير أمني كتب بقلم رجل من رجال الأمن.. (8)

    وما يجب ذكره هنا أن دار البداية أصبحت علامة بارزة في تاريخ الشيعة الحديث في مصر على ما قدمته من إنجازات في ميدان الدعوة لمذهب آل البيت وما تركته من أثر لا زال باقيا في الوسط الإسلامي حتى اليوم..

  • دار الهدف:

    وقد قامت بعد دار البداية دار جديدة هي دار الهدف لتكون لافتة لشيعة مصر وعلامة من علامات إثبات وجودهم. ولا تزال الحرب الدعائية تشن عليها من قبل التيار السلفي كما لا تزال ترصدها عيون الحكومة.. (9)

    وفضلا عن كون دار الهدف تشارك في معرض القاهرة الدولي للكتاب في كل عام وتسهم في نشر الكتاب الشيعي في مصر وما يحمل هذا من مردود دعائي للشيعة في مصر. فإنها تقوم بالإضافة إلى ذلك بإحياء المناسبات الشيعية كذكرى عاشوراء وذكرى الغدير وذلك تكون قد تحولت إلى حسينية بالمفهوم الشيعي. (10)

    وإذا كانت الظروف التي تواكبها دار الهدف هي أقل حدة من الظروف التي واكبت دار البداية فإنه لا تزال هناك عدة تحديات تواجهها على مستوى الداخل والخارج..

    فعلى مستوى الداخل هناك التيار السلفي الوهابي المتربص الذي يزداد قوة وفعالية وانتشارا خاصة وأن الساحة خالية أمامه بعد بطش الحكومة بالتيارات الأخرى وهناك أيضا الحكومة التي تضع بعض المحاذير الأمنية على النشاط

    الصفحة 147
    الشيعي..

    وعلى مستوى الخارج ينعكس على الدوام موقف الحكومة من إيران على الشيعة وعلى أنشطتهم في مصر فالحكومة لا تزال تنظر للشيعة على أنهم تابعين لإيران.

    ومثل هذه التحديات لا تواجه دار الهدف بصفتها دار نشر شيعية وإنما تواجهها بصفتها لافتة لشيعة مصر..


    الصفحة 148

    ____________

    (1) المرجع رتبة فقهية عند الشيعة ويقصد بها الفقيه الذي ترجع إليه الناس في أمور دينها ومن أشهر المراجع المعاصرين السيد محمد الشيرازي والسيد الكلبكاني في إيران. وكل مرجع له رسالة عملية أي كتاب يحوي أحكام الفقه يتناول منه المقلدون لكل مرجع. وأغلب شيعة مصر يقلدون السيد محمد الشيرازي..

    (2) من هذه الكتب المراجعات والشيعة في الميزان وشبهات حول الشيعة ومنار الهدى في النصر على الأئمة الاثني عشر ونهج البلاغة..

    (3) كنا قد قمنا بتأسيس دار البداية وتولينا إدارتها. ومن بين الكتب التي أصدرناها باسم الدار: البعث الإسلامي والمجتمع الإسلامي للسيد محمد المدرس. وكتاب كيف نقهر الخوف للشيخ حسن الصفار. وبعض الكتيبات الصغيرة للسيد هادي المدرس. بالإضافة إلى كتاب من تأليفنا هو الحركة الإسلامية في مصر واقع السبعينات..

    (4) قام السلفيون بتمزيق كل الملصقات الخاصة بدار البداية في المعرض.

    والكافي هو أحد كتب الحديث الأربعة عند الشيعة. والأحاديث التي صورتها هي أحاديث تتحدث عن ردة الصحابة بعد وفاة الرسول (ص).

    (5) كان وجودنا على رأس الدار قد شكل حصانة لها في مواجهة السلفيين إذ أنني معروف لدى التيارات الإسلامية وسبق لنا معايشتهم لسنوات داخل المعتقلات. ويذكران السلفيين وغيرهم كانوا يظنون أن دار البداية ليست مصرية.

    (6) استدعيت في ذلك الوقت لمكتب الأمن وكان حوار الأمن وكان حوار الأمن يتركز على ماهية الكتب التي نشرتها الدار وقد احتفظوا ببعض هذه الكتب لدراستها.

    (7) تشكل دور النشر السلفية الوهابية نسبة 70 % على الأقل من دور النشر المصرية. وعلى رأس هذه الدور دار الصحوة التي نشرت أكبر كم من

    =>


    الصفحة 149

    ____________

    <=

    الكتب التي تهاجم الشيعة وإيران والمكتبة السلفية التي أسسها محب الدين الخطيب والتي تعد من أولى المكتبات التي نشرت الفكر الوهابي وبذرت بذور العداء للشيعة في مصر. ثم دار الاعتصام ودار هجر ومكتبة ابن تيمية ودار المدني وهي دار سعودية تتخذ من مصر مقرا لها.

    (8) ادعى الكاتب في منشوره هذان دار البداية ودار الهدف تابعتان لإيران وتدفان إلى نشر التشيع في مصر. وهاجم بعض الكتب التي أصدرتها دار البداية من مؤلفاتنا ومؤلفات الشيخ حسن الصفار أحد رموز الشيعة البارزة (9) قمنا بتأسيس دار الهدف بجهد ذاتي منا..

    (10) ذكرى عاشوراء في العاشر من محرم وذكرى الغدير في الثامن عشر من ذي الحجة. وقد حققت الإحتفالات بهذه المناسبات دعاية كبيرة للشيعة في مصر حيث كانت الدعوة لهذه الإحتفالات لا تقتصر على الشيعة وحدهم.


    الصفحة 150

    الصفحة 151

    النشاط الشيعي

    دعوة التقريب
    بعثها العلماء وقتلتها السياسة


    الصفحة 152

    الصفحة 153

    بدأت

    دعوة التقريب في مصر عام 1946 وقد دعمتها جماعة الإخوان في ذلك الوقت بقيادة حسن البنا وتبناها الكثير من رجال الأزهر الذين ارتبطوا بعلاقات حميمة مع كثير من علماء الشيعة طوال تلك الفترة وحتى أواخرا السبعيات ومن علماء الأزهر ورجاله البارزين الذين ارتبطوا بتلك الدعوة الشيخ محمود شلتوت والشيخ عبد المجيد سليم والشيخ الشرباصي والشيخ الفحام والشيخ محمد المدني الذي تولى منصب السكرتير العام لجماعة التقريب بين المذاهب الإسلامية..

    ومن علماء الشيعة الذين ساهموا في هذه الجماعة وارتبطوا بعلاقات مع رجال الأزهر والدعاة البارزين في حقل الدعوة بمصر الشيخ محمد تقي القمي صاحب الدعوة وراعيها في مصر وهو من إيران. والشيخ محمد جواد مغنية إلمام القضاء الشرعي الجعفري في لبنان والشيخ محمد حسين آل كاشف الغطاء من علماء العراق والسيد مرتضى الرضوي الذي التقى بمعظم رجالات الفكر في القاهرة والسيد طالب الحسيني الرفاعي مؤسس جميعة آل البيت في مصر وهو من علماء العراق.. (1)

    ولم يكن من هدف هذه الدعوة أن يترك السني مذهبه أو يترك الشيعي مذهبه، كما يعبر الشيخ المدني، وإنما كانت تهدف إلى أن يتحد الجميع حول الأصول

    الصفحة 154
    المتفق عليها ويعذر بعضهم بعضا فيما وراء ذلك مما ليس شرطا من شروط الأيمان ولا ركنا من أركان الإسلام ولا إنكارا لما هو معلوم من الدين بالضرورة. (2)

  • بين الأنصار والخصوم:

    وقد كان لجماعة التقريب في بداية معارضون ينابذونها العداء ويثيرون من حولها الشبهات.. يقول الشيخ محمود شلتوت: كان الجو السائد عند بدء الدعوة مليئا بالطعون والتهم مشحونا بالافتراءات وأسباب القطيعة وسوء الظن من كل فريق بالآخر حتى عد تكوين الجماعة بأعضائها من المذاهب المختلفة. السنية الأربعة. والإمامية والزيدية. نصرا مبينا أهاج نفوس الحاقدين. وهو جمت الدعوة لا من فريق واحد بل من المتعصبين أو المتزمتين من كلا الفريقين. السني الذي يرى أن التقريب يريد أن يجعل من السنيين شيعة. والشيعي الذي يرى إننا نريد أن المذاهب. أو إدماج بعضها في بعض.. حارب هذه الدعوة ضيقو الأفق. كما حاربها صنف آخر من ذوي الأغراض الخاصة السيئة ولا تخلو أي أمة من هذا الصنف من الناس. حاربها الذين لا يجدون في التفرق ضمانا لبقائهم وعيشهم.

    وحاربها ذوو النفوس المريضة وأصحاب الأهواء والنزعات الخاصة. هؤلاء وأولئك ممن يؤجرون أقلامهم لسياسات مفرقة لها أساليبها المباشرة وغير المباشرة في مقاومة أية حركة إصلاحية. والوقوف في سبيل كل عمل يضم شمل المسلمين ويجمع كلمتهم.. (3)

    ويقول الشيخ القمي وهو يضرب مثلا عن أن الثقافة الإسلامية هي سبيل وحدة المسلمين: وهكذا تحولت الثقافة الإسلامية من عامة جامعة إلى مذهبية ضيقة.

    ومن قومية شائعة إلى طائفية محدودة. وعكف كل عالم على مراجع مذهبه وأغضى عما في المذاهب الأخرى. وتعصب لما درس. واستراب في كل ما جهل.

    وتأثرت كل طائفة بعلمائها وتمسكت بنهجهم ونفرت من كل من يخالفهم في الرأي. ذهبت إلى الشك في عقائد الطوائف الأخرى.. وفي رأيي أن ثقافة

    الصفحة 155
    إسلامية موحدة إذا التف حولها المسلمون كفيلة بتوحيد صفوفهم ولا يخفي ما تؤدي إليه الوحدة من عز ومجد وسؤدد. وما دامت هذه الثقافة موجودة فإن من الميسور بلوغ هذه الهدف وهو ما نعمل له ونسعى إلى تحقيقه.. (4)

    ويقول الشيخ محمد حسين آل كاشف الغطاء معرفا بجماعة التقريب: جماعة التقريب ترديدان تقرب بين الطوائف الإسلامية وتبعثهم وتحثهم على الأخوة والوحدة التي أمرهم بها الله في كتابه العزيز ولكن يلزمهم ويلزمنا تمهيدا لهذه الغاية الشريفة أن ينصحوا لإخوانهم من الكتاب وحملة الأقلام ألا يتحرشوا ويطعنوا بإخوانهم الإمامية. فما يكاد يأتي عام إلا ونسمع أو نرى كتابا أو رسالة ترمي الشيعة بالفظائع وتهجم عليهم بالمطاعن. وبحكم الضرورة يلتجئ هؤلاء إلى الدفاع عن أنفسهم فتثور الأحقاد وتستمر الحفائظ وتكون أكبر خدمة للأعداء والمستعمرين. كما أن اللازم على كل فرقة من المسلمين من الشيعة وغيرهم أن يوصدوا باب المجادلات المذهبية وما يثير الحفائظ والعصبية فإنها إن لم تكن محرمة بنفسها ومضرة بذاتها فهي من أعظم المحرمات في هذه الظروف التي أحاط بنا فيها الأعداء. أعداء الإسلام من كل جانب ومكان حتى من المسلمين ومدعي الإسلام العدو الداخلي الذي ضرره أعظم من العدو الخارجي فهل في هذه كفاية وبلاغ أيها المسلمون.. (قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين).. (5)

    وقد استمرت جماعة التقريب تعمل في مصر حتى أواخر السبعينات تمكنت من خلال هذه الفترة من استقطاب الكثير من الرموز الإسلامية البارزة فيها وعلى رأسهم الشيخ محمد متولي الشعراوي..

    وكانت فترة السبعينات فترة ساخنة فكريا ولم تكن الساحة متسامحة فكريا وعقائديا في مواجهة أية دعوة تتصل من بعيد أو قريب بالشيعة. إذ كانت قد برزت على الساحة التيارات الإسلامية المتشددة وفي مقدمتها التيار السلفي وتيار التكفير وبرز الدور السعودي الوهابي الذي تمكن من اختراق هذه التيارات ودفع بها إلى تحريض العلماء وإصدار البيانات التي تندد بجماعة التقريب وتشكك في الشيخ القمي..


    الصفحة 156

  • الحرب النفطية:

    ومن هذه الحرب التي شنت على جماعة التقريب تلك الحرب التي تزعمتها مجلة الاعتصام التي تسير في الخط السعودي الوهابي والتي نشرت رسالة من مفتي مصر السابق محمد حسنين مخلوف إلى الشيخ الشعراوي الذي كان وزيرا للأوقاف حينئذ ينصحه فيها بالخروج عن جماعة التقريب ووقف حواره مع الشيعة.. (6)

    وعندما قامت الثورة الإسلامية في إيران توقف نشاط الجماعة وتوقفت مجلة " رسالة الإسلام " التي كانت تصدرها الجماعة والتي كانت تضم الكثير من المقالات لعلماء من السنة والشيعة. كما توقفت جميعة آل البيت وسائر الأنشطة الشيعية الأخرى في مصر..

    والغريب أن الأزهر الذي كان متحالفا مع دعوة التقريب ومتعاطفا مع الشيعة انقلب فجأة على الشيعة وإيران بعد قيام الثورة سيرا مع سياسة الحكومة المعادية لإيران ولا يزال الأزهر على موقفه هذا حتى اليوم حيث يطارد الكتاب الشيعي في مصر بدعوى أن الشيعة وراء التطرف السائد فيها.. (7)

    إن الطابور الضخم من فقهاء النفط أسهم بدور كبير في القضاء على جماعة التقريب في مصر أكثر من إسهام الحكومة ذاتها. فهؤلاء الفقهاء كانوا يتحركون من منظور جذاب وهو منظور العقيدة والحفاظ عليها من العد الشيعي. أما الحكومة فكانت تتحرك من منظور أمني بحت.. (8)

    وعلى الرغم من هذا الحصار الأمني والفكري الذي طوق الواقع الإسلامي بمصر بعد قيام الثورة الإسلامية واندلاع الحرب العراقية الايرانية كانت لا تزال هناك أصوات تنادي بالتقريب وتحاول إنصاف الشيعة من العلماء والدعاة. وفي مقدمة هؤلاء الشيخ محمد الغزالي الذي يقول: نعم أنا كنت من المعنيين بالتقريب بين المذاهب الإسلامية وكان لي عمل دؤوب ومتصل في دار التقريب في القاهرة وصادقت الشيخ محمد تقي القمي كما صادقت الشيخ محمد جواد مغنية ولي أصدقاء من العلماء والأكابر من علماء الشيعة. وأنا أريد فعلا أن نذهب الجفوة أو

    الصفحة 157
    الشقاق المر الذي شاع بين المسلمين خصوصا في أيام اضمحلالهم الفعلي.. (9)

    والأستاذة الداعية السيدة زينب الغزالي أجابت حين سئلت عن رأيها في مشكلة التفريق بين المذاهب الإسلامية. قائلة: فلا شك أن هذه مؤامرة صهيونية إنني أرى أن الشيعة الجعفرية والزيدية مذاهب إسلامية مثل المذاهب الأربعة لدى السنة وعلى عقلاء السنة والشيعة وعلى قيادات السنة والشيعة أن يجتمعوا في صعيد واحد وأن يتفاهموا وأن يتعارفوا على ربط المذاهب الأربعة والمذهب الشيعي بعضها ببعض وكذلك مذهب الظاهرية لابن حزم وأدعوا إلى اجتماع علماء الإسلام من كل المذاهب للتصدي لتلك المؤامرة الصهيونية. ولي أنا شخصيا تجربة في هذه المسألة فقبل عام 1952 كان هناك جماعة التقريب بين المذاهب والتي كان يشرف عليها الشيخ محمود شلتوت والشيخ القمي وقد شاركت في عمل هذه الجماعة وبمباركة الإمام حسن البنا الذي كان يري أن المسلمين سنة وشيعة أمة واحدة وأن الخلاف المذهبي لا يفرق وحدة الأمة. وكان الإخوان المسلمون متعاونين مع هذه الجماعة على أساس أن الإسلام يد واحدة. إله واحد. كتاب واحد، رسول واحد، حلال واحد، حزام واحد، نظام سياسي واحد، اقتصاد واحد، نظام اجتماعي واحد، دولة واحدة، من أجل تطهير العالم من الظلم والزور والخديعة التي تمارسها القوتان الكبريان ويجب أن يكون الشيعة والسنة على قلب واحد.. (10)

    والدكتور علي عبد الواحد وافي عميد كلية التربية جامعة الأزهر الذي يقول في كتابه: بين الشيعة وأهل السنة: وإنما الغرض من تأليف هذا الكتاب - التقريب بين طوائف أهل السنة وطوائف الشيعة الجعفرية وبيان أن الخلاف بينهما خلاف اجتهادي يسمح به الإسلام بل يرحب به ولا يصح أن يدعوا إلى قطيعة ولا إلى تتافر.. (11)

    وكانت هناك لقاءات بين زعيم الإخوان حسن البنا وبين علماء ومراجع الشيعة البارزين في فترة الأربعينات وكان الهدف من هذه اللقاءات هو توحيد المسلمين في مواجهة التحديات الداخلية والخارجية.. ومن أشهر هذه اللقاءات اللقاء الذي تم