الصفحة 81
في نفس الباب -: يا بني هذا وارث علم النبيين، هذا موسى بن جعفر، إن أردت العلم الصحيح تجده عند هذا... الخ(1)).

أقول: إن هذا الاعتراف صريح صارخ بأحقية من نص عليهم رسول الله صلى الله عليه وآله وهذا التصريح والاعتراف ممن يدعي الخلافة مع اعترافه بحق الإمام، بل لم ياخذ حقه فقط بل حبسه مرارا، ودس له السم كرارا(2), وهذا ما حصل لكل اصحاب الائمة من الاعتراف بحقهم ومنازعتهم اياه!!! كما ذكره المؤرخون من الفريقين!!!.

وروى القندوزي الحنفي في ينابيعه، كتاب المأمون إلى العباسيين حين حاولوا صرفه عن تولية ولاية العهد للإمام الرضا عليه السلام وهو طويل مذكور في كتب كثيرة نذكر لك نبذة منها: قال - بعد ذكر فضل علي عليه السلام وجملة من مناقبه وأنه أول من أسلم، وأفقههم في دين الله -: (وهو صاحب الولاية في حديث غدير وهو نفس النبي صلى الله عليه وآله يوم المباهلة، والله جمع المناقب والآيات المادحة فيه، ثم نحن وبنو علي عليه السلام كنا يدا واحدة حتى قضى الله الأمر إلينا، ضيقنا عليهم وقتلناهم أكثر من بني أمية إياهم(3)).

وعن كتاب (مناقب آل طالب) في أحوال الإمام الصادق عليه السلام عن مسند أبي حنيفة، قال: قال الحسن بن زياد: سمعت أبا حنيفة، وقد سئل من أفقه من رأيت؟ قال: جعفر بن محمد عليهم السلام، لما أقدمه المنصور بعث إلي، فقال: يا أبا حنيفة! إن الناس قد فتنوا بجعفر بن محمد، فهئ له من مسائلك الشداد، فهيأت له أربعين مسألة، ثم بعث إلي أبو جعفر وهو بالحيرة، فأتيته فدخلت عليه، وجعفر جالس عن يمينه، فلما بصرت به دخلني من الهيبة لجعفر ما لم يدخلني لأبي جعفر، فسلمت عليه، فأومأ إلي، فجلست ثم التفت إليه فقال: يا أبا عبد الله هذا أبو حنيفة. قال: نعم،

____________

1- ينابيع المودة: 2 / 460 الباب 65.

2- أورده في الفصول المهمة: 220، وفي نور الأبصار: 166، والاتحاف بحب الأشراف: 150، والصواعق المحرقة: 122، وأئمة الهدى: 122، عنهم الاحقاق: 12 / 335 - 339، وأبو الفرج الأصفهاني في مقاتل الطالبيين: 333، وغيرهم.

3- ينابيع المودة: 2 / 580 باب 92 نقلا " عن ابن مسكويه صاحب التاريخ في كتابه (نديم الفريد).

الصفحة 82
أعرفه. ثم التفت إلي، فقال: يا أبا حنيفة الق على أبي عبد الله من مسائلك. فجعلت ألقي عليه، ويجيبني فيقول: أنتم تقولون كذا، وأهل المدينة يقولون كذا، ونحن نقول كذا، فربما تابعناكم، وربما تابعناهم، وربما خالفنا جميعا، حتى أتيت على الأربعين مسألة، فما أخل منها بشئ ثم قال أبو حنيفة: أليس إن أعلم الناس، أعلمهم باختلاف الناس(1).

وعن كتاب (مناقب آل أبي طالب) في أحوال الإمام الصادق عليه السلام قال: إنه روي عن الإمام مالك بن أنس أنه قال: ما رأت عين، ولا سمعت أذن، ولا خطر على قلب بشر أفضل من جعفر الصادق، فضلا وعلما وعبادة وورعا(2).

وروى محمد بن طلحة الشافعي في كتابه (مطالب السؤول) عن أحمد بن حنبل، أنه قال: ما جاء لأحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله من الفضائل ما جاء لعلي(3). اقول: فلماذا اهل الحديث ومنهم اتباع احمد بن حنبل يفضلون الخلفاء الثلاثة على الامام ع؟؟؟!!!

وروى غير واحد من أعاظم علماء أهل السنة والجماعة في مؤلفاتهم أنه سئل الشافعي عن الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام، فقال: ماذا أقول برجل أنكر أعداؤه فضله حسدا وطعما، وكتم أحباؤه فضله خوفا وفرقا، وفاض ما بين هذين ما طبق الخافقين. وقال إمام الأدب خليل بن أحمد في حقه عليه السلام، لما قيل له: لم لا تمدح عليا؟ قال: كيف أقدم في مدح من كتم أحباؤه فضائله خوفا، وأعداؤه حسدا،

____________

1- مناقب آل أبي طالب: 4 / 25 طبع دار الأضواء. ورويت هذه الشهادة من أبي حنيفة باختلاف يسير لا يغير المعنى عن (جامع مسانيد أبي حنيفة) لقاضي القضاة الخوارزمي.

2- مناقب آل أبي طالب: 4 / 248.

3- رواه الحاكم في المستدرك: 3 / 107، والثعلبي في تفسيره على ما في مناقب عبد الله الشافعي: 112، وابن عبد البر في الإستيعاب: 2 / 466، والموفق بن أحمد في المناقب: 19، وأبو يعلى الحنبلي في طبقات الحنابلة 1 / 319، وابن الأثير في الكامل: 300، والگنجي في كفاية الطالب: 125، والطبري في الرياض النضرة: 2 / 212، والذهبي في تلخيص المستدرك المطبوع بذيل المستدرك: 3 / 107، والزرندي في نظم درر السمطين: 80، والعسقلاني في تهذيب التهذيب: 7 / 339، وابن حجر في الصواعق المحرقة: 72، والحلبي في السيرة الحلبية: 2 / 207، وابن الجوزي في المناقب أحمد بن حنبل: 163، عنها إحقاق الحق: 4 / 388 و ج 5 / 122 - 127 و ج 15 / 694 - 700وغيرها.

الصفحة 83
وظهر بين الكتمانين ما ملأ الخافقين(1). وإليك بعضا من أبياته في أفضلية علي عليه السلام وأهل بيته، منها ما ذكره ابن الحجر في صواعقه، قال: قال الإمام الشافعي في مدح أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله:

يا أهل بيت رسول الله حبكم *** فرض من الله في القرآن أنزله
كفاكم من عظيم الفخر أنكم *** من لم يصل عليكم لا صلاة له(2)

ومنها ما ذكره ابن الصباغ المالكي في (الفصول المهمة) قال: قال الإمام الشافعي:

يا راكبا بالمحصب من منى *** واهتف بساكن خيفها والناهض
سحرا إذا فاض الحجيج إلى منى *** فيضا كملتطم الفرات الفائض
إن كان رفضا حب آل محمد *** فليشهد الثقلان أني رافضي(3)

وقال الشافعي أيضا:

إذا في مجلس ذكروا عليا *** وشبليه وفاطمة الزكية
هربت إلى المهمين من أناس *** يرون الرفض حب الفاطمية
على آل الرسول صلاة ربي *** ولعنته لتلك الجاهلية(4)

وقال ايضا:

إلى غير ذلك من أشعاره الكثيرة المصرحة في أفضلية علي وأهل بيته عليهم السلام وقد ذكرها علماء السنة والجماعة في مؤلفاتهم، فراجع, فلما هذا العناد وشهادة سلفكم (الصحابة)و أئمتكم (الأئمة الأربعة) في حق أمير المؤمنين وأهل بيته الطاهرين الميامين عليهم السلام دالة دلالة واضحة على أحقيتهم على من سواهم، فلماذا أيها المسلم لا تاخذ دينك عن مذهب الحق، (مذهب آل البيت عليهم السلام)الذي جاء عن رسول الذي هو المنجي لمن اتبعه؟؟؟!!! واية الذكر في حقهم ع شي بسيط بالنسبة الى ماجاء في حقهم عليهم السلام كما روى الخوارزمي في المناقب بإسناده عن ابن عباس قال: قال

____________

1- أخرجه في إحقاق الحق: 4 / 2.

2- أخرجه أحمد في مسنده: 6 / 323.

3- أخرجه في الكنى والألقاب: 2 / 349 عن الفصول المهمة.

4- فرائد السمطين: 1 / 135.

الصفحة 84
رسول الله صلى الله عليه وآله: لو أن الغياض أقلام، والبحار مداد، والجن حساب، والإنس كتاب ما أحصوا فضائل علي بن أبي طالب عليه السلام(1).

قال القندوزي بإسناده عن ابن عباس: والذي نفس عبد الله بن العباس بيده، لو كانت البحار مدادا، والأشجار أقلاما، وأهلها كتابا، فكتبوا مناقب علي بن أبي طالب عليه السلام ما أحصوها(2). وقال عبد الله بن حجل في خطبة له: أنت أعلمنا بربنا، وأقربنا بنبينا، وخيرنا في ديننا(3).

قالوا عن انفسهم:

لما سئل أبو بكر عن قول الله تعالى: (وفاكهة وأبا) فقال: " أي سماء تظلني وأي أرض تقلني أن أقول في كتاب الله بما لا اعلم(4). وسئل أبو بكر عن الكلالة فقال: " إني سأقول فيها برأيي، فإن كان صوابا فمن الله، وإن كان خطأ فمني ومن الشيطان(5). وورد أن عمر بن الخطاب تلا هذه الآية: (فأنبتنا فيها حبا وعنبا وقضبا وزيتونا ونخلا وحدائق غلبا وفاكهة وأبا) قال: " فكل هذا قد عرفناه فما الأب؟ ثم نقض عصا كانت في يده، فقال: هذا لعمر الله التكلف! اتبعوا ما تبين لكم هداه من هذا الكتاب(6). وأخرج الخاري ومسلم في صحيحههم في باب التيمم باربعة طرق إن رجلا أتى عمر، فقال: إني أجنبت فلم أجد ماء، فقال: لا تصل. فقال عمار: أما

____________

1- الخوارزمي في المناقب: 18 , عنه إحقاق الحق: 4 / 390.

2-ينابيع المودة: 121 و 122 , عنه إحقاق الحق: 4 / 101، و ج 15 / 609 و 610.

4- فتح الباري: 13 / 230. تفسير القرطبي: 19 / 223. مقدمة في اصول التفسير، ابن تيمية: ص 30. تفسير ابن كثير: 1 / 5 3.

5- أخرجه سعد بن منصور، عبد الرزاق، ابن أبي شيبة، الدارمي في سننه 2 ص 365، وابن جرير الطبري في تفسيره 6 ص 30 ابن المنذر، البيهقي في السنن الكبرى 6 ص 223، وحكى عنهم السيوطي في الجامع الكبير كما في ترتيبه 6 ص 20، وذكره ابن كثير في تفسيره 1 ص 260، والخازن في تفسيره 1 ص 367، وابن القيم في أعلام الموقعين 1\28و.

6- صحيح مسلم: كتاب الحيض، باب التيمم. 2 - النساء: 20. 3 - السنن الكبرى: 7 / 233، وذكره السيوطي في جمع الجوامع كما في الكنز: 8 / 298 نقلا عن سنن سعيد بن منصور والبيهقي، ورواه السندي في حاشية السنن لابن ماجة: 1 / 583، والعجلوني في كشف الخفاء: 1 / 269 و 2 / 118. 4 - تفسير ابن كثير: 1 / 478. تفسير القرطبي: 5 / 99. 5 -شرح صحيح البخاري، القسطلاني: 8 / 57. الكشاف: 1 / 357. 6 - إرشاد الساري: 8 / 57، تفسير ابن كثير: 1 / 478.

الصفحة 85
تذكر يا أمير المؤمنين إذ أنا وأنت في سرية فأجنبنا فلم نجد ماء، فأما أنت فلم تصل، وأما أنا فتمعكت في التراب وصليت، فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): " إنما كان يكفيك أن تضرب بيديك الأرض، ثم تنفخ ثم تمسح بهما وجهك وكفيك! فقال عمر: اتق الله يا عمار! قال: إن شئت لم أحدث به ".

وأخرج البيهقي عن الشعبي، قال: خطب عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) الناس فحمد الله وأثنى عليه، وقال: ألا لا تغالوا في صداق النساء، فانه لا يبلغني عن أحد ساق أكثر من شئ ساقه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أو سيق إليه، إلا جعلت فضل ذلك في بيت المال، ثم نزل، فعرضت له امرأة من قريش، فقالت: يا أمير المؤمنين أكتاب الله تعالى أحق أن يتبع أو قولك؟ قال: بل كتاب الله؟ فما ذاك؟ قالت: نهيت الناس آنفا أن يغالوا في صداق النساء، والله تعالى يقول في كتابه: (وآتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا)فقال عمر (رضي الله عنه): كل أحد أفقه من عمر. مرتين أو ثلاثا. وفي رواية قال عمر: " امرأة أصابت ورجل أخطأ ". وفي رواية أخرى قال: كل أحد أعلم من عمر. وفي أخرى قال: إن امرأة خاصمت عمر فخصمته(1). وأتي عمر بن الخطاب بامرأة حامل قد اعترفت بالفجور فأمر برجمها فتلقاها علي فقال: ما بال هذه؟ فقالوا: أمر عمر برجمها فردها علي وقال: هذا سلطانك عليها فما سلطانك على ما في بطنها؟ ولعلك انتهزتها أو أخفتها؟ قال: قد كان ذلك. قال: أوما سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: " لا حد على معترف بعد بلاء. انه من قيد أو حبس أو تهدد فلا إقرار له. وخلى سبيلها، ثم قال: عجزت النساء أن تلدن مثل علي بن أبي طالب، لولا علي لهلك عمر(2)". وفي

____________

1- أخرجه أبو يعلى في مسنده الكبير، وسعيد بن منصور في سننه، والمحاملي في أماليه، وابن الجوزي في سيرة عمر ص 129، وابن كثير في تفسيره 1 ص 467 عن أبي يعلى وقال: إسناده جيد قوي، والهيثمي في مجمع الزوائد 4 ص 284، والسيوطي في الدر المنثور 2 ص 133، وفي جمع الجوامع كما في ترتيبه 8 ص 298، وفي الدرر المنتثرة ص 243 نقلا عن سبعة من الحفاظ ومنهم أحمد وابن حبان والطبراني، وذكره الشوكاني في فتح القدير 1 ص 407، والعجلوني في كشف الخفاء 1 ص 269 نقلا عن أبي يعلى وقال: سنده جيد، وابن درويش الحوت في أسنى المطالب ص 166 وغيرها كثير.

2- الرياض النضرة 2 ص 196، ذخاير العقبى ص 80، مطالب السئول ص 13، مناقب الخوارزمي ص 48، الأربعين للفخر الرازي ص 466.

الصفحة 86
حادثة مشابهة لهذه، قال عمر: كل أحد أفقه مني، ثلاث مرات. وعن مجاهد قال: قدم عمر بن الخطاب الشام فوجد رجلا من المسلمين قتل رجلا من أهل الذمة فهم أن يقيده، فقال له زيد بن ثابت: أتقيد عبدك من أخيك فجعله عمر دية وأخرج البيهقي " إن عثمان بن عفان (رضي الله عنه) أتى بإمرأة قد ولدت في ستة أشهر فأمر بها أن ترجم، فقال علي بن أبي طالب (رضي الله عنه): " ليس ذلك عليها قال الله تبارك وتعالى (وحمله وفصاله ثلاثون شهرا) وقال (وفصاله في عامين) وقال (والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين) فالرضاعة أربعة وعشرون شهر والحمل ستة أشهر، فأمر بها عثمان أن ترد فوجدت قد رجمت(1)".

وهكذا كان حال اصحاب الائمة جميعا فأبو حنيفة يقول: لولا السنتان لهلك النعمان.

قال الآلوسي: هذا أبو حنيفة، وهو من أهل السنة يفتخر ويقول بأفصح لسان: (لولا السنتان لهلك النعمان) يعني السنتين اللتين جلس فيهما لأخذ العلم عن الإمام جعفر الصادق عليه السلام(2).

وقد اشتهر عن أبي حنيفة قوله: جعفر بن محمد أفقه من رأيته(3). وأخذ العلوم عنه. ثم مالك أخذ العلوم عن كتب أبي حنيفة. والإمام مالك بن أنس يقول: ما رأت عين، ولا سمعت أذن، ولا خطر على قلب بشر أفضل من جعفر الصادق فضلا وعلما وعبادة وورعا(4).

____________

1- الرياض النضرة: 2 / 196. ذخائر العقبى ص 80. مطالب السؤول ص 13. مناقب الخوارزمي ص 4 الفخر الرازي: ص 66 , الرياض النضرة: 2 / 196. ذخائر العقبى: ص 81. الكفاية، الكنجي: ص 105. 3 - أخرجه عبد الرزاق وابن جرير الطبري، كنز العمال: 7 / 304. 4 - الأحقاف: 15. 5 السنن الكبرى: 7 / 442، وابن كثير في تفسيره: 4 / 169، وابن الديبع في تيسير الوصول: 2 / 9، والعيني في عمدة القاري: 9 / 642، والسيوطي في الدر المنثور نقلا عن ابن المنذر وابن أبي حاتم.

2- كتاب التحفة الاثني عشرية: ص 8.

3- ذكره الخوارزمي في جامع مسانيد أبي حنيفة: 1 / 222، وفي مناقب أبي حنيفة: 1 / 173، وفي الجواهر المضيئة: 2 / 486. وذكر نعيم في الحلية: 3 / 198، والشافعي في مطالب السؤول: 81، والأفغاني في كتابه أئمة الهدي: 117، والشافعي في الإتحاف بحب الأشراف: 54.

4- كتاب مناقب آل أبي طالب في أحوال الإمام الصادق.

الصفحة 87
وقال عنه ابن حنيفه: ما رايت افقه من جعفر بن محمد(1). وقد اخذوا عنه هو ومالك وغيرهم من علماء اهل السنه.

والامام السجاد ع الذي وصفه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بزين العابدين، والحديث متفق عليه، ومن رواته صاحب الصواعق(2). وعن يحيى ابن سعيد إنه قال: هو أفضل هاشمي رأيته في المدينة(3). وقصيدة الفرزدق في حقه معروفة ومشهورة(4).

الإمام الباقر (عليه السلام): أعلم الناس وأفضلهم في عهده، ولذا لقبه النبي بالباقر، لأنه بقر العلم، وكان من الآخذين عنه أبو حنيفة وابن جريج والأوزاعي والزهري وغيرهم، وهؤلاء أئمة أهل السنة في ذلك العصر.

وقال ابن حبان: من سادات اهل البيت فقها وعلما وفضلا. وكان جابر إذا حدث عن الباقر يقول - كما في ترجمته من ميزان الذهبي -: -حدثني وصي الأوصياء.

وقال الذهبي: موسى الكاظم الامام القدوة...وقال ابو حاتم: ثقه صدوق امام من ائمة المسلمين.وقال ابن الجوزي: ... ويدعى بالعبد الصالح لعبادته واجتهاده وقيامه بالليل(5). وقال الحافظ ابن حجرالعسقلاني: مناقبه كثيرة(6). وقال ابن حجر المكي: كان اعبداهل زمانه واعلمهم واسخاهم وقالوا انه كان معروف عند اهل العراق بباب قضاء الحوائج عند الله(7). وقد ذكرت له كرامات كثيره منها ما ذكرمن قصته مع شفيق البلخي التي ذكرها ابن الجوزي في صفوة الصفوة(8). وقال ابن طلحه في كتابه المعروف مطالب السؤول: (من عظماء اهل البيت وساداتهم وذو علوم جمة وعبادة معروفة واوراد متواصلة وزهاده بينه وتلاوة كثيرة يتبع معاني القرآن الكريم ويستخرج

____________

1- تهذيب الكمال ج5\78.

2- الصواعق المحرقة: 302 - 304.

3- فيض القدير في شرح الجامع الصغير 3 / 415.

4- راجع ديوان الفرزدق 2 / 178 - دار صادر - بيروت.

5- راجع تذكرة الخواص ص 357 وتهذيب الكمال: 29\45 وتاريخ بغداد: 13\27.

6- تهذيب التهذيب: 10\303.

7- الصواعق المحرقة: 307.

8- صفوة الصفوة 2/185.

الصفحة 88
من بحره جواهره... والاقتادء بهديه يورث الجنة)(1) ونقل ابن حجر الهيثمي: (نقل الناس عنه من العلوم ما سارت به الركبان وانتشر صيته في جميع البلدان(2).

والامام الرضا ع ذكر انه كان يجلس في المسجد النبوي ويفتي الناس وهو ابن اثنين وعشرين سنه(3). ومن تلامذته احمد بن حنبل(4). وقال الذهبي عنه: كان سيد بني هاشم في زمانه واجلهم وانبلهم وكان المامون يعظمه ويخضع له(5).

وقال ابن حجر: قال الحاكم سمعت ابابكر بن المؤمل بن الحسن بن عيسى يقول: (خرجنا مع امام اهل الحديث ابي بكر بن خزيمه وعتديله ابي علي الثقفي مع جماعه من مشايخنا وهم اذ ذالك متوافرون, خرجنا إلى زيارة قبر علي بن موسى الرضا بطوس فرأيت من تعظيمه - أي تعظيم خزيمه _ لتلك البقعه وتواضعه لها وتضرعه عندها ما تحيرنا)(6). والامام الجواد ع قال الذهبي عنه: من سادات اهل بيت النبوة ع وقال الصفدي ذلك(7). وفي تاريخ الخطيب ما يفيد انه كان يرجع اليه في معاني الاخبار وحقائق الاحكام(8).

نعم المامون لما راى من فضل الامام الجواد ع على صغر سنه حبس علومه عن الناس لكي لا يفتنوا به والتاريخ لم يذكر كثيرا من فضائله ولا من بعده من الائمة ع بسبب الحصار الذي كان من قبل اعداء ال محمد ص ولكن هذا لايدل على عدم امامتهم اذ ثبت حديث الاثنا عشر ولا يقول بالوصاية من اب إلى ابن حتى الامام الثاني عشر غير المذهب الامامي واجماعهم حجة ويؤيد ذلك الاخبار الوارده عند السنة والزيدية بل حتى احاديث وردت

____________

1- مطالب السؤول ص110.

2- تقريب التهذيب ج 1/ 163.

3- تهذيب التهذيب: 7\339-دار الفكر 1404, والمنتظم لابن الجوزي: 10\119-120 رقم 1114- دار الكتب العلميه - بيروت 1412.

4- سير اعلام النبلاء: 9\388-مؤسسة الرسالة -1405.

5- تاريخ الاسلام من ص 201-210\270 -دار الكتاب العربي -1411. ملاحظة: الشيعة تعتقد ان المامون خبيث عدو لآل محمد ص انما كان يحترمه امام الناس خوفا منهم حتى انه قتله وتظاهر بالحزن عليه.

6- تهذيب التهذيب ج7/ 339.

7- تاريخ الاسلام من 211 - 220: 385.

8- تاريخ بغداد: 3\54.

الصفحة 89
تذكرهم بصفاتهم واسمائهم كما اشرنا إلى ذلك من كتب اهل السنه(1), ونحن قبل ان نناقش مسألة انه هل يمكن ان يأخذ الامام منصب الامامه في الصغر؟ لابد ان نثبت ان الامامه منصب إلهي كالنبوة, فإ ذا اقتنع المخالف بذلك, فسنقول له كذلك أوتي يحيى وعيسى الحكم والنبوة في صغرهما واذا لم يقتنع بذلك فلا داعي للمناقشه في مسالة متفرعة على الايمان بذلك الاصل, وقد اثبت المحققون والمؤلفون الشيعه بأدلة كافيه ان ولاية ال محمد ص منصب إلهي وأمر سماوي لاسلطة للبشر فيه وهم الائمة الاثنى عشر ع.

والامام الهادي عليه السلام قال عنه الخطيب في تاريخه: (اشخصه جعفر المتوكل من مدينة رسول الله ص إلى بغداد ثم إلى سرمن رأى, فقدمها وأقام فيها عشرين سنه وتسعه اشهر ولذا عرف بالعسكري)(2), وقد شهد اعلام اهل السنة بفقهه وعبادته وزهده, قال اليافعي: (كان الامام علي الهادي متعبدا فقيها اماما)(3). وقال ابن كثير: (كان عابدا زاهدا)(4). وقد ظهرت منزلته العلمية في قضية اتفقت للمتوكل عجز العلماء عن اعطاء الراي الصحيح فيها فحلها الامام ع وقد ذكر القصه الخطيب البغدادي في تاريخه(5). والامام العسكري ع الذي كان اكثر عمره الشريف تحت النظر والحصار ممنوع من الالتقاء به ونشر علمه ومع ذلك فقد ظهرت منه فوائد وكرامات ونقلت عنه روايات كثيره في كتب اهل السنه(6).

والامام الثاني عشر محمد بن الحسن المهدي المنتظر (عج) وفيه بحث خاص حول وجوده الشريف وغيبته وما يتعلق بذلك بلادله الوثيقه من كتب الزيدية والسنه(7).

وقد امتدح جمع من الصحابة أمير المؤمنين عليه السلام في شعرهم بالأعلمية كحسان بن ثابت، وفضل بن عباس، وتبعهم في ذلك أمة كبيرة من شعراء القرون الأولى, والأمة

____________

1- راجع كتابي (وعرفت منهم اهل البيت ع) فاني قد اوردت ما فيه الكفاية.

2- تاريخ بغداد ج12 /56.

3- مرآة الجنان: 2\119 - دار الكتب العلمية - بيروت 1417.

4- البداية والنهايه المجلد 6 الجزء 11 \15 - دار الفكر - بيروت.

5- تاريخ بغداد: 12\56-57.

6- راجع: حلية الاولياء ولسان الميزان: 1\209, والفصول المهمة في معرفة الائمة: 284-290-منشورات الاعلمي طهران , وروض الرياحين لليافعي وعنه جواهر العقدين ق 2ج2\431 , وجامع كرامات الاولياء للنبهاني: 2\18 - دار الكتب العلمية - بيروت -1417.

7- راجع كتابي (وعرفت منهم اهل البيت ع).

الصفحة 90
بعد أولئك كلهم مجمعة على تفضيل أمير المؤمنين عليه السلام على غيره بالعلم إذ هو الذي ورث علم النبي صلى الله عليه وآله وقد ثبت عنه بعدة طرق قوله صلى الله عليه وآله وسلم: إنه وصيه ووارثه. وفيه: قال علي: وما أرث منك يا نبي الله؟! قال: ما ورث الأنبياء من قبلي قال: وما ورث الأنبياء من قبلك؟! قال: كتاب الله وسنة نبيهم. قال الحاكم في المستدرك في ذيل حديث وراثته النبي دون عمه العباس ما نصه: لا خلاف بين أهل العلم أن ابن العم لا يرث مع العم، فقد ظهر بهذا الإجماع أن عليا ورث العلم من النبي دونهم(1). وبهذه الوراثة الثابتة صح عن علي عليه السلام قوله: والله إني لأخوه ووليه وابن عمه ووارث علمه، فمن أحق به مني(2)؟!.

وهذه الوراثة هي المتسالم عليها بين الصحابة وقد وردت في كلام كثير منهم وكتب محمد بن أبي بكر إلى معاوية فيما كتب: يا لك الويل، تعدل نفسك بعلي؟! وهو وارث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ووصيه(3).

وما يؤكد أنهم أولو الأمر وأهل الذكر: أن الهداية لا تدرك بعد النبي إلا بالقرآن وبهم معا، وأن الضلالة لا يمكن تجنبها إلا بالقرآن وبهم معا، فهم أحد الثقلين بالنص(4). وتفيد بأن الأمة لا بد لها بعد فقد نبيها أن ترجع إلى الأئمة من أهل البيت لمعرفة الحقائق، وقد بينا رجوع الصحابة إلى الإمام علي بن أبي طالب ليبين لهم ما أشكل عليهم، ورجعوع الناس على مر السنين إلى الأئمة من أهل البيت لمعرفة الحلال والحرام ولينهلوا من معارفهم وعلومهم وأخلاقهم, إذا كان الأمر كذلك باعتراف أئمة أهل السنة والجماعة فلماذا كل هذا التشنيع وهذا الاستنكار بعد هذه الأدلة وبعدما أثبت تاريخ المسلمين كافة بأن أئمة أهل البيت عليهم السلام كانوا أعلم أهل زمانهم، فأي غرابة في أن يخص الله سبحانه وتعالى أولياءه الذين اصطفاهم بالحكمة والعلم اللدني ويجعلهم قدوة المؤمنين وأئمة المسلمين ولو تتبع المسلمون أدلة بعضهم بعضا، لاقتنعوا بقول الله ورسوله، ولكانوا أمة

____________

1- المستدرك 3 ص 226.

2- خصائص النسائي ص 18، مستدرك الحاكم 3 ص 126 صححه هو والذهبي.

3- كتاب صفين لنصر بن مزاحم 133، مروج الذهب 2 ص 59 ,ضضائل الخمسة 1 / 280 - 281.

4- حديث الثقلين سوف نبحثه فيما بعد ان شاء الله تعالى.