أنشدك بالله الذي لا إله إلا هو يا زيد، أسمعت رسول الله يقول لعلي: من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه؟ قال: نعم، فانصرف الرجل(1). اذن هذا الحديث قد بلغ حد التواتر وصار قطعي الصدور من الرسول رغم ما بذل في سبيل عدم تدوينه والتحدث به لان الله متم نوره ولو كره الكارهون, وصار بمنزلة اية كما قد نص الشيخ عبد العزيز الدهلوي صاحب كتاب التحفة الاثنا عشرية بقوله: (إن الحديث إذا وصل حد التواتر وأصبح قطعي الصدور عن رسول الله كان بمنزلة آية قرآنية، فكما أن القرآن الكريم مقطوع الصدور من الله سبحانه وتعالى، ولا ريب في أن هذا القرآن مقطوع الصدور من الله سبحانه وتعالى، ولا ريب في هذا القرآن وفي ألفاظه ووصول القرآن الكريم إلينا بالتواتر القطعي، فكل حديث يروى عن رسول الله ويصل إلينا بأسانيد تفيد القطع واليقين يكون هذا الحديث بحكم الآية القرآنية وبمثابة القرآن الكريم)(2).
إذن أصبح قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): من كنت مولاه فهذا علي مولاه.. بمثابة آية في القرآن الكريم من حيث أنه مقطوع الصدور عن رسول الله (ص).
دلالة حديث الغدير على إمامة أمير المؤمنين ع:
يتلخص في أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) بعد أن أخذ منهم الإقرار وأشهدهم على أنه أولى بهم من أنفسهم وو...أثبت (صلى الله عليه وآله وسلم) لعلي ما ثبت له من الأولوية بالناس من الناس سواء امارة او غيرها المهم ان في كل الروايات انه جعل للامام من الامر ما له صلى الله عليه واله، ثم إنهم جميعا بايعوه على هذا وسلموا عليه بإمرة المؤمنين، وهنأوه ومنهم عمر وابي بكر وقال عمر بن الخطاب لعلي يوم الغدير: " بخ بخ لك يا ابن أبي طالب أصبحت مولاي ومولى كل مسلم(3)". ونظمت فيه الأشعار
____________
1- المعجم الكبير للطبراني.
2- هذا الكتاب الذي طبع مختصره بالعربية بقلم الآلوسي البغدادي، ونشره بعض أعداء الدين مع تعاليق شحنها بالسباب والشتائم وبالشحناء والبغضاء لأهل البيت ولشيعتهم.
3- ترجمة الإمام علي بن أبي طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر الشافعي ج 2 / 75 ح 575، مناقب علي بن أبي طالب لابن المغازلي الشافعي ص 18 ح 24، المناقب للخوارزمي الحنفي ص 94، تاريخ بغداد للخطيب
=>
وقال الكميت:
وقال أبو تمام في قصيدته الرائية كما في ديوانه:
وقال السيد الحميري في ذلك أيضا:
____________
<=
البغدادي ج 8 / 290، شواهد التنزيل للحاكم الحسكاني الحنفي ج 1 / 158 ح 213، سر العالمين لأبي حامد الغزالي ص 21، إحقاق الحق ج 6 / 256، فرائد السمطين ج 1 / 77.
شبهه ورد:
يقول الشيخ عبد العزيز الدهلوي صاحب كتاب التحفة الاثنا عشرية: بأن لفظة مولى لا تجئ بمعنى الأولى بإجماع أهل اللغة.
الجواب:
أولا: الآية الكريمة الموجودة في سورة الحديد في القرآن الكريم، والأحاديث الصحيحة الموجودة حتى في الصحيحين دالة على مجئ كلمة المولى بمعنى الأولى، وقد ذكر الكثير من كبار علماء اللغة والتفسير والأدب من أهل السنة الذين يصرحون وينصون على مجئ مولى بمعنى الأولى وهم كثير جدا فراجع(2).
وأيضا بعض المحدثين والمعلقين من كبار العلماء والمدرسين في تعاليقهم على تفسير البيضاوي. فنفس كلمة المولى موجودة فيه وقد فسرت بالأولى، في سورة الحديد قوله تعالى: (هي مولاكم) أي النار (وبئس المصير)(3). يفسرون الكلمة ب: هي أولى بكم وبئس المصير.والأحاديث أيضا كثيرة، والأشعار العربية الفصيحة وكلمات اللغويين أ موجودة(4).
____________
1- راجع: الغدير للعلامة الأميني ففقد ذكر الشعراء الذين خلدوا واقعة الغدير في شعرهم ابتداء من القرن الأول حتى القرن الرابع عشر، وقد طبع منه أحد عشر مجلدا وقد ذكر فيه - 105 - من شعراء الغدير وقد انتهى به المطاف إلى القرن الثاني عشر الهجري.
2- أبو زيد الأنصاري، اللغوي المعروف وأبو عبيدة البصري معمر بن المثنى وأبو الحسن الأخفش و أبو العباس ثعلب وأبو العباس المبرد وأبو إسحاق الزجاج وأبو بكر ابن الأنباريوأبو النصر الجوهري، صاحب كتاب صحاح اللغة وجار الله الزمخشري، صاحب الكشاف والحسين البغوي، صاحب التفسير وصاحب مصابيح السنة وأبو الفرج ابن الجوزي الحنبلي.والبيضاوي، صاحب التفسير المعروف والنسفي، صاحب التفسير المعروف وأبو السعود العمادي، صاحب التفسير المعروف.
3- سورة الحديد: 15.
4- راجع كتاب عبقات الأنوار، ونفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار - في قسم حديث الغدير_ وغيرها.
فرسول الله يخاطب عليا بمثل هذا الخطاب: أنت ولي كل مؤمن بعدي ومؤمنة، أو أنت ولي كل مؤمن من بعدي، أو أنت وليي في كل مؤمن بعدي. ووجود كلمة بعدي في جميع الألفاظ الثلاثة,ٍٍٍٍٍٍ.
وعن عمران وبريدة: (قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): علي مني وأنا من علي وعلي ولي كل مؤمن بعدي.
والرواة لهذا الحديث الصحابة وأعلام المحدثين وأشهر الأئمة الحفاظ من أهل السنة في القرون المختلفة، الذين يروون هذا الحديث، والسندالذي في مسند احمد وابي داود ولحاكم صحيح قطعا، وقد نص على صحته أيضا كبار الأئمة كابن عبد البر صاحب الإستيعاب والمزي صاحب تهذيب الكمال والسيوطي والمتقي وغيرهم(3).
يقول الذهبي حيث يروي عن بريدة: وهو حديث ثابت عن بريدة وهذا نص من الحافظ الذهبي على ثبوت هذا الحديث(4).
وعن عمران بن حصين يقول: بعث رسول الله (صلى الله عليه وسلم) سرية - السرية قطعة من الجيش - واستعمل عليها عليا، فغنموا، فصنع علي شيئا فأنكروه،
____________
1- مسند أبي داود الطيالسي: 360 رقم 2752 - دار المعرفة - بيروت. ونحوه في مستدرك للحاكم 3 / 134.
2- مسند أحمد 1 / 545 ذيل حديث 3052.
3- الإستيعاب في معرفة الأصحاب 3 / 1092 ,المزي في تحفة الأشراف 5 / 191 رقم 6316 - دار الكتب العلمية - بيروت، تهذيب الكمال 20 / 481 , القول الجلي في مناقب علي: 60، جمع الجوامع كما في ترتيب كنز العمال 11 / 3294 1 ,كنز العمال 11 / 608.
4- هذا الحديث في رسالته في حديث الغدير , في الرقم (81).
هذا لفظ الطبري على ما يرويه عنهما المتقي الهندي في كنز العمال. وكذا الحديث في المسند لأحمد بن حنبل وفي آخره: فأقبل رسول الله على الرابع وقد تغير وجهه فقال: دعوا عليا، دعوا عليا، إن عليا مني وأنا منه، وهو ولي كل مؤمن بعدي. وفي صحيح الترمذي: فأقبل إليه - أي إلى الرابع - رسول الله، والغضب يعرف في وجهه فقال: ما تريدون من علي، ما تريدون من علي، ما تريدون من علي، إن عليا مني وأنا منه، وهو ولي كل مؤمن بعدي(2).
أخرجه وصححه: ابن أبي شيبة في المصنف شيخ البخاري صاحب الصحيح، روى الحديث في المصنف وعنه في كنز العمال ونص على صحته. ورواه محمد بن جرير الطبري. ونص على صحته أيضا جلال الدين السيوطي ٍوالمتقي الهندي صاحب كنز العمال.
ان الحديث عن عمران بن حصين فيه بعض التفصيل وذكر تلك القضية التي قال فيها رسول الله هذا الكلام, لكن عند بريدة الخبر الصحيح وعند جهينة الخبر الصحيح فلننظر
____________
1- كنز العمال 11 / 608 , القول الجلي في مناقب علي: 60 , كنز العمال 13 / 142 رقم 36444.
2- مسند أحمد 5 / 606 رقم 19426. ونحوه في سنن الترمذي 5 / 632 رقم 3712 - دار إحياء التراث العربي - بيروت , وصحيح ابن حبان 15 / 373 رقم 6929 - مؤسسة الرسالة - بيروت - 1418 هـ. خصائص علي: 75، فضائل الصحابة للنسائي: 14 رقم 43 - دار الكتب العلمية - بيروت , و مستدرك الحاكم 3 / 110 - 111.
يقول بريدة: فكتب بذلك خالد بن الوليد إلى النبي (صلى الله عليه وآله)، وأمرني أن أنال منه، وهذا لفظ النسائي أيضا. وفي تاريخ دمشق: فكتب معي خالد يقع في علي وأمرني أن أنال منه، فأعطى الكتاب بيد بريدة وعبأ معه ثلاثة وكأنه يريد بذلك إقامة البينة اللازمة على ما صنع علي عند رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم). يقول بريدة - كما في المعجم الأوسط للطبراني وغيره من المصادر -: فقدمت المدينة، ودخلت المسجد، ورسول الله في منزله، وناس من أصحابه على بابه، فقالوا: ما أقدمك؟ قال: جارية أخذها علي من الخمس، فجئت لأخبر النبي، قالوا: فأخبره فإنه يسقطه من عين رسول الله، ورسول الله في البيت يسمع الكلام، هذا لفظ الطبراني. فخرج رسول الله من بيته، فقام أحد الأربعة فقال: يا رسول الله، ألم تر أن عليا صنع كذا وكذا، فأعرض عنه النبي، ثم قال الثاني ما قال الأول، فأعرض عنه رسول الله،
____________
1- المعجم الأوسط 6 / 232 رقم 6085 - دار الحديث - القاهرة - 1417 هـ.
لاحظوا، كيف تلاعبوا بالقضية فزاد أحدهم ونقص الآخر، فذكر بعضهم بعض القصة ولم يذكر البعض الآخر، وأحدهم أو آحاد منهم يذكرون القصة مبتورة. والقصة هي القصة كما يرويها بريدة بن الحصيب لانه صاحب القصة.
محور الاستدلال بحديث الغدير:
____________
1- تاريخ ابن عساكر - ترجمة الإمام علي (عليه السلام) 1 / 400 رقم 466 - مؤسسة المحمودي - بيروت. المعجم الأوسط 5 / 217 رقم 4842.
2- سنن البيهقي 6 / 342 - دار الفكر , المعجم الأوسط 5 / 425.
2- ان النصوص السابقة(إن عليا لا يفعل إلا ما يؤمر به، أو إنما يفعل ما أمر به) الفاظ تؤيد ان الرسول ص في اكثر من مناسبة كرر لفظ (وليكم بعدي) وهذا يدل ايضا على عصمته,فالرسول (ص) تارة يقول: إن عليا لا يفعل إلا ما يؤمر به، أو إنما يفعل ما أمر به) وهذه الفاظ تؤيد ان الرسول ص في اكثر من مناسبة كرر لفظ (وليكم بعدي) وهذه العبارة مصداق لآية مباركة وهي قوله تعالى: (بل عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون)(1).
3- يدل على ثبوت الأولوية بالتصرف لعلي (عليه السلام)، وهذه الأولوية مستلزمة للإمامة، وذلك:
أولا: لأن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) حصرها في علي عندما قال: وهو وليكم من بعدي، ومن المعلوم أن المعاني الأخرى من الولاية، كالنصرة والمحبة وغيرهما، ليست بأمور مختصة بعلي (عليه السلام).
ثانيا: وجود كلمة بعدي في ألفاظ الحديث كلها أو أكثرها، فكلمة بعدي صريحة في هذا المعنى، لأن البعدية هذه إما بعدية زمانية أو بعدية رتبية: ربما يستظهر بالدرجة الأولى أن تكون البعدية رتبية، علي وليكم بعدي أي غيري، أي ما عداي في الرتبة علي وليكم. أما إذا كانت كلمة بعدي بمعنى الزمان والظرف، علي وليكم من بعدي، يدل وجود هذه الكلمة على أن أمير المؤمنين ولي المؤمنين بعد رسول الله بلا فصل، وإلا لما أسقط بعضهم كلمة بعدي في الحديث، لما حرفوا هذا الحديث بإسقاط كلمة بعدي.
____________
1- سورة الأنبياء: 26، 27.
خامسا: ابن عباس يذكر هذه المنقبة، وهذه الفضيلة، ضمن فضائل لأمير المؤمنين يصرح بأنها خاصة بعلي، وحديث عبد الله وقول رسول الله: إن له أكثر من ذلك، وكان خالد يتصور بأنه لو ينتهز هذه الفرصة، ويرسل هؤلاء الجماعة، ويكتب هذا الكتاب، وينسق مع الموجودين في المدينة المنورة، الذين يفكرون تفكيره ويخططون معه، يمكنهم أن يستفيدوا من هذه القضية، لأن يحطوا من منزلة علي عند رسول الله وعند المسلمين، وكأن في القضية مؤامرة مدبرة من هؤلاء المنافقين، ورسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ملتفت إلى جميع القضايا، رسول الله يعلم، رسول الله عالم بنوايا هؤلاء القوم، وهم لا يعلمون أنه يسمع أصواتهم من وراء الباب، من وراء الجدار، وهم جالسون على بابه، فخرج (صلى الله عليه وآله وسلم) والغضب يعرف في وجهه فقال: ما تريدون من علي، ما تريدون من علي، دعوا عليا..الخ
____________
1- مسند أحمد 4 / 502 رقم 18841 هـ، مستدرك الحاكم 3 / 110 - دار الفكر - بيروت - 1398 هـ.
2- تاريخ ابن عساكر - ترجمة الإمام علي (عليه السلام) 1 / 404 رقم 473 - 478., المعجم الأوسط 6 / 232 رقم 6085.
فأين حديث علي مني وأنا من علي، وهو وليكم من بعدي؟؟!!!!
وقد نقل البعض عن الترمذي بلا لفظة(بعدي) مع أن الحديث موجود في الترمذي مع كلمة (بعدي)!! وكأنهم لا يشعرون أن هناك ناظرا في الكتاب، أن هناك من يقرأ كتابه، أن هناك من يرجع إلى صحيح الترمذي ويطابق بين النقلين وبين اللفظين، لكنهم لا يستحون من الناس اذا لا يخافوا من الله!!!(فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون).
محاولات لرد حديث الغدير:
1- يقول بعضهم: لا نسلم صحة هذا الحديث، ومن هؤلاء الفخر الرازي, وادعى الرازي بأن الامام علي ع لم يكن في حجة الوداع،بل كان في اليمن في ذلك الوقت.
____________
1- صحيح البخاري 5 / 207 - دار إحياء التراث - بيروت.
وصححوه وقالوا بتواتره, ورد عليه حتى ابن حجر المكي صاحب الصواعق, وشراح الحديث وعلي القاري وغيرهم الذين نرجع إليهم احتجاجا بكلماتهم وإلزاما للقوم بأقوال علمائهم, يقول علي القاري في المرقاة في شرح المشكاة بأن هذا القول باطل، لثبوت أن عليا رجع من اليمن، وكان مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في حجة الوداع(1).
وفي الصحاح أيضا حديث بقضية الخروج من الإحرام، كلهم يروون هذا الحديث، أصحاب الصحاح الستة وغيرهم، وفيه: إن عليا كان مع رسول الله في حجة الوداع.
2- ويقول ابن حزم الأندلسي وبعض أتباعه، وترون الشيخ سليم البشري المالكي يقوله في مراجعته للسيد شرف الدين، يقول: بأنكم معاشر الإمامية تذهبون إلى أن الإمامة من أصول الدين، ولا ريب أن أصول الدين لا تثبت إلا بالأخبار المتواترة أو الأدلة القطعية، وحديث الغدير لا نوافق على تواتره، فإذن، لا تثبت بحديث الغدير إمامة علي.
والجواب:
1- كما اجبنا على الرازي بلسان قومه فكذلك شان امثاله.
2- ان عدة من أعلام القوم ينصون على تواتر حديث الغدير، ويذكرونه في كتبهم المختصة بالأحاديث المتواترة فالتكذيب لصحاحهم ومسانيدهم واعلامهم قبل غيرهم ونحن نلزمهم بمثل تصريح الذهبي، وابن كثير، وابن الجزري، والسيوطي، والكتاني، والزبيدي، والمتقي الهندي، والشيخ علي القاري، وغيرهم، بتواتر حديث الغدير.
____________