الصفحة 237
عند الله مزية"(1). واما الشرط الثالث (الشجاعة) فقد تكلمنا عنها في موضوع: (ما جا في الامام علي في غزوات النبي وحروبة) فراجع.

اذن ثبت بالعقل والنقل ان علي ع اعلم الصحابة والاعلم هو الافضل والافضل هو الاولى!!!.

____________

1- حلية الأولياء لأبي نعيم ج 1 / 65 - 66، ترجمة الإمام علي بن أبي طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر الشافعي ج 1 / 117 حديث 160، الرياض النضرة ج 2 / 262، مطالب السؤول ج 1 / 95 ط النجف، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 9 / 173 ط مصر بتحقيق محمد أبو الفضل و ج 2 / 431 أفست على ط مصر قديم، المناقب للخوارزمي الحنفي ص 71، الميزان للذهبي ج 1 / 313، كفاية الطالب للكنجي الشافعي ص 270 ط الحيدرية وص 139 ط الغري، الغدير للأميني ج 3 / 96، ينابيع المودة للقندوزي الحنفي ص 315 ط اسلامبول وص 379 ط الحيدرية، منتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد ج 5 / 34، فرائد السمطين ج 1 / 223 ح 174.


الصفحة 238

الدليل العشرون حديث النجوم

قال رسول الله ص: " النجوم أمان لأهل الأرض من الغرق، وأهل بيتي أمان لأمتي من الاختلاف، فإذا خالفتها قبيلة من العرب، اختلفوا فصاروا حزب إبليس(1)".

وفي لفظ: " النجوم أمان لأهل السماء، وأهل بيتي أمان لأمتي(2)".

وجاء بألفاظ أخرى تصب مصب واحد وهو (ان اهل البيت ع امان الامة(3).

وفي رواية: قيل لرسول الله (ص): ما بقاء الناس بعدهم - أي أهل البيت-فقال (ص): " بقاء الحمار إذا كسر صلبه"(4).

وهذا الحديث وحديث السفينة وحديث الثقلين يؤكد ان اهل البيت هم الفرقة الناجية من بين ال73فرقة لان لفظ (من ركبها نجى) ولفظ (لن تضلو ما ان تمسكتم بهما) ولفظ (امان لاهل الارض) هذه الفاظ تدل بوضوح انهم الفرقة الناجية من الضلال ولانحراف, وقد بينا في اية التطهير منهم اهل البيت المعصومين ع.

____________

1- الصواعق المحرقة لابن حجر الشافعي ص 91 و 140 ط الميمنية وص 150 و 234 ط المحمدية وصححه، إحياء الميت للسيوطي بهامش الاتحاف ص 114، منتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد ج 5 ص 93، ينابيع المودة للقندوزي الحنفي ص 298 ط اسلامبول وص 357 ط الحيدرية، جواهر البحار للنبهاني ج 1 / 361 ط الحلبي بمصر.

2- ذخائر العقبى لمحب الدين الطبري الشافعي ص 17، نظم درر السمطين للزرندي الحنفي ص 234، إحياء الميت للسيوطي بهامش الاتحاف ص 112، الجامع الصغير للسيوطي ج 2 ص 161 ط الميمنية بمصر وص 587 ط دهلي، الفتح الكبير للنبهاني ج 3 ص 267، منتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد ج 5 ص 92، الصواعق المحرقة لابن حجر ص 185 و 233 ط / صفحة 26 / المحمدية وص 111 و 140 ط الميمنية بمصر، ينابيع المودة للقندوزي الحنفي ص 20 و 188 و 191 و 298 ط اسلامبول وص 22 و 222 و 226 و 257 ط الحيدرية، إسعاف الراغبين للصبان الشافعي بهامش نور الأبصار ص 128 ط السعيدية وص 117 ط العثمانية بمصر، فرائد السمطين ج 2 / 241 ح 515 وص 252 ح 521.

3- المستدرك للحاكم ج 2 ص 448 و ج 3 ص 457، الصواعق المحرقة لابن حجر ص 150 و 185 و 233 و 234 ط المحمدية بمصر وص 91 و 111 و 140 ط الميمنية بمصر، إسعاف الراغبين للصبان بهامش نور الأبصار ص 128 ط السعيدية وص 117 ط العثمانية بمصر، مجمع الزوائد ج 9 ص 174، ذخائر العقبى للطبري الشافعي ص 17، منتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد ج 5 ص 92، ينابيع المودة للقندوزي الحنفي ص 19 و 20 و 21 و 188 و 191 ط اسلامبول وص 21 و 22 و 23 و 222 و 226 ط الحيدرية، الغدير للأميني ج 3 ص 81، إحقاق الحق للتستري ج 9 ص 294 - 308 ط طهران، محمد وعلي وبنوه الأوصياء للعسكري ج 1 ص 239 - 282 ط الآداب، محمد وعلي وحديث الثقلين للعسكري ص 127 - 170 ط الآداب، فرائد السمطين للحمويني ج 1 / 45 و ج 2 / 252 ح 522.

4- الصواعق المحرقة ص 237 ط المحمدية وص 143 ط الميمنية.


الصفحة 239

محاولة لتحريف الكلم عن مواضعة:

1- قال ابن حجر: قال بعضهم: يحتمل أن المراد بأهل البيت - الذين هم أمان - علماؤهم، لأنهم الذين يهتدي بهم كالنجوم والذين إذا فقدوا جاء أهل الأرض من الآيات ما يوعدون(1).

أقول: انه هنا يعترف بلحديث لكنه حاول صرفة عن المعصومين ع فجعله عام في العلماء او علماء اهل البيت, المهم ان هناك ميزه خاصة لعلماء اهل البيت وهي انهم امان لاهل الارض ونحن نعتقد ان اهل البيت ع هم كلهم علماء بدون استثناء لانهم عندنا معصومين ولا يكونوا امان الا لعظم شانهم فلا محل لصرف الكلم عن موضعة.

2-حديث (النجوم أمان لأهل السماء فإذا ذهبت ذهبوا، وأهل بيتي أمان لأهل الأرض فإذا ذهب أهل بيتي ذهب أهل الأرض). هذا الحديث موجود في مصادر كثيرة، ومن المصادر التي يروى عنها هذا الحديث: مسند أحمد، وهذا الحديث ليس الآن موجودا فيه فقد حذفوه منه!!!.

والجواب: اننا نقول لكل قاري منصف ان يقراء الطبعات الاولى من الكتب لان الجديدة قد حرفت " فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ".

3-هناك حديث يروونه ان رسول الله ص قال: أصحابي كمثل النجوم - أو أصحابي كالنجوم - فبأيها اقتدوا أهتدوا.

ارادوا بذلك جعل فضيلة للصحابة كي لا يثبت فضل اهل البيت ع عليهم بحديث النجوم, وانه يجب الاقتداء به وان الصحابة هم امان اهل الارض ولكن مصير محاولاتهم الفشل لانهم يكذب بعضهم بعضا,اما روايات اهل البيت فيثبت بعضها بعضا, ولقد ضعف حديث اصحابي كالنجوم اعلامهم ومفسريهم ومحدثيهم كالحافظ الدارقطني حديث النجوم إذ أخرجه في كتابه (غرائب مالك)، ذكر ذلك الحافظ ابن حجر العسقلاني, وابن حزم كذب حديث النجوم وحكم ببطلانه وكونه موضوعا، ذكر ذلك جماعة منهم أبو حيان حيث قال عند ذكره هذا الحديث: قال الحافظ أبو محمد علي بن أحمد بن حزم في رسالته في (إبطال الرأي والقياس

____________

1- الصواعق المحرقة: 152.


الصفحة 240
والاستحسان والتعليل والتقليد) ما نصه: وهذا خبر مكذوب موضوع باطل لم يصح قط(1).

ولقد ضعف حديث اصحابي كالنجوم الحافظ البيهقي في كتابه (المدخل) على ما نقل عنه الحافظ ابن حجر العسقلاني(2).

وقال الحافظ أبو عمر ابن عبد البر ما نصه: قد روى أبو شهاب الحناط عن حمزة الجزري عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أصحابي مثل النجوم فأيهم أخذتم بقوله اهتديتم. وهذا إسناد لا يصح، ولا يرويه عن نافع من يحتج به. وقد روى في هذا الحديث إسناد غير ما ذكر البزار عن سلام بن سليم قال: حدثنا الحارث بن غصين عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم. قال أبو عمرو: هذا إسناد لا تقوم به حجة، لأن الحارث بن غصين مجهول(3).

وصرح بضعف حديث اصحابي كالنجوم الحافظ ابن عساكر.

وقال الحافظ ابن الجوزي ما نصه: روى نعيم بن حماد، قال: عبد الرحيم بن زيد العمي عن أبيه عن سعيد بن المسيب عن عمر بن الخطاب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سألت ربي فيما يختلف فيه أصحابي من بعدي، فأوحى إلي يا محمد: إن أصحابك عندي بمنزلة النجوم في السماء بعضها أضوأ من بعض، فمن أخذ بشئ مما عليه من اختلافهم فهو على هدى. وقال يحيى بن معين: عبد الرحيم كذاب(4).

وقدح الحافظ ابن دحية في حديث اصحابي كالنجوم ونفى صحته، فقد قال الحافظ الزين العراقي ما نصه: وقال ابن دحية - وقد ذكر حديث أصحابي كالنجوم - حديث لا يصح(5). وقال الحافظ أبو محمد بن أحمد بن حزم في رسالته (إبطال الرأي والقياس والاستحسان والتعليل والتقليد) ما نصه: وهذا خبر مكذوب عن النبي صلى الله عليه

____________

1- المحيط 5 / 528، وانظر سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة 1 / 78.

2- الكاف الشاف في تخريج أحاديث الكشاف المطبوع على هامش الكشاف 2 / 628.

3- جامع بيان العلم 2 / 90 - 91.

4- العلل المتناهية في الأحاديث الواهية، وانظر فيض القدير في شرح الجامع الصغير 4 / 76.

5- تعليق تخريج أحاديث منهاج البيضاوي. جاء ذلك عنه في عبقات الأنوار.


الصفحة 241
وسلم مما في أيدي العامة ترويه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: إنما مثل أصحابي كمثل النجوم - أو كالنجوم - بأيها اقتدوا اهتدوا. وهذا كلام لم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم، رواه عبد الرحيم بن زيد العمى عن أبيه عن سعيد بن المسيب عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم وإنما أتى ضعف هذا الحديث من قبل عبد الرحيم، لأن أهل العلم سكتوا عن الرواية لحديثه والكلام أيضا منكر عن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يثبت، والنبي صلى الله عليه وسلم لا يبيح الاختلاف من بعده من أصحابه هذا نص كلام البزار. قال ابن معين: عبد الرحيم بن زيد كذاب ليس بشئ، وقال البخاري هو متروك.

وقدح شمس الدين ابن القيم الجوزية في حديث النجوم، حيث قال في رد المقلدين وأدلتهم: الوجه الخامس والأربعون: قولهم: يكفي في صحة التقليد الحديث المشهور: أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم. جوابه من وجوه: أحدها: إن هذا الحديث قد روي من طريق الأعمش عن أبي سفيان بن جابر، ومن حديث سعيد بن المسيب عن ابن عمر، ومن طريق حمزة الجزري عن نافع عن ابن عمر ولا يثبت شئ منها. قال ابن عبد البر: حدثنا محمد بن إبراهيم بن سعيد: إن أبا عبد الله بن مفرح حدثهم ثنا محمد بن أيوب الصموت قال: قال لنا البزار: وأما ما يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم فهذا الكلام لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم(1). والحافظ الزين العراقي ما نصه: حديث أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم: رواه الدارقطني في (الفضائل) وابن عبد البر في (العلم) من طريقه من حديث جابر وقال: هذا إسناد لا تقوم به حجة، لأن الحارث بن غصين مجهول. ورواه عبد بن حميد في (مسنده) من رواية عبد الرحيم بن زيد العمي عن أبيه عن ابن المسيب عن ابن عمر. قال البزار: منكر لا يصح. ورواه ابن عدي في (الكامل) من رواية حمزة بن أبي حمزة النصيبي عن نافع عن ابن عمر بلفظ: فأيهم أخذتم بقوله - بدل اقتديتم - وإسناده ضعيف من أجل حمزة فقد اتهم بالكذب. ورواه البيهقي في (المدخل) من حديث عمر ومن حديث ابن عباس بنحوه، ومن

____________

1- إعلام الموقعين 2 / 223.


الصفحة 242
وجه آخر مرسلا وقال: متنه مشهور وأسانيده ضعيفة لم يثبت في هذا إسناد. قال البيهقي: ويؤدي بعض معناه حديث أبي موسى: النجوم أمنة لأهل السماء - وفيه -: أصحابي أمنة لأمتي الحديث.

الدارقطني في (المؤتلف) من رواية سلام بن سليم عن الحارث ابن غصين عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر مرفوعا، وسلام ضعيف. وأخرجه في (غرائب مالك) من طريق حميد بن زيد عن مالك عن جعفر ابن محمد عن أبيه عن جابر في أثناء حديث وفيه: فبأي قول أصحابي أخذتم اهتديتم، إنما مثل أصحابي مثل النجوم من أخذ بنجم منها اهتدى، وقال: لا يثبت عن مالك، ورواته دون مالك مجهولون. ورواه عبد بن حميد والدارقطني في (الفضائل) من حديث حمزة الجزري عن نافع عن ابن حمزة. وحمزة اتهموه بالوضع. ورواه القضاعي في (مسند شهاب) من حديث أبي هريرة، وفيه جعفر بن عبد الواحد الهاشمي، وقد كذبوه. ورواه ابن طاهر من رواية بشر بن الحسن عن الزبيري عدي عن أنس، وبشر كان متهما أيضا. وأخرجه البيهقي في (المدخل) من رواية جويبر عن الضحاك عن ابن عباس. وجويبر متروك، ومن رواية جويبر عن جواب بن عبيد الله مرفوعا. وهو مرسل. قال البيهقي: هذا المتن مشهور وأسانيده كلها ضعيفة. وروى في (المدخل) أيضا عن ابن عمر: سألت ربي فيما يختلف فيه أصحابي من بعدي فأوحى إلي يا محمد أصحابك عندي بمنزلة النجوم في السماء بعضها أضوأ من بعض فمن أخذ بشئ مما هم عليه من اختلافهم فهو عندي على هدى. وفي إسناده عبد الرحيم بن زيد العمي. وهو متروك(1).

وقال القاضي الشوكاني في مبحث الإجماع: وهكذا حديث أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم، يفيد حجية قول كل واحد منهم. وفيه مقال معروف، لأن في رجاله عبد الرحيم العمي عن أبيه، وهما ضعيفان جدا، بل قال ابن معين: إن عبد الرحيم كذاب، وقال البخاري متروك، وكذا قال أبو حاتم. وله طريق أخرى فيه: حمزة النصيبي وهو ضعيف جدا، قال البخاري: منكر الحديث، وقال ابن معين: لا

____________

1- الكافي الشاف في تخريج أحاديث الكشاف المطبوع بهامش الكتاب، 2 / 628.


الصفحة 243
يساوي فلسا، وقال ابن عدي: عامة مروياته موضوعة. وروى أيضا من طريق: جميل بن زيد، وهو مجهول(1).

وهناك علماء كثيرين غيرهم يصرحون بضعف حديث النجوم منهم: ابن الملقن. وابن تيمية. والجلال المحلي. وأبو نصر السجزي وأبو ذر الحلبي. وأحمد بن قاسم العبادي. والسبكي. وابن إمام الكاملية صاحب منهاج الأصول. والمولوي نظام الدين صاحب صبح صادق في شرح المنار. وولده المولوي عبد العلي بحر العلوم صاحب شرح مسلم الثبوت. ومن العلماء المتأخرين: محمد ناصر الدين الألباني والسيد محمد بن عقيل العلوي(2). بل يمكن أن نقول: إنه رأى كافة العلماء - من القدماء والمتأخرين - الذين يجوزون الخطأ على الصحابة, وحديث النجوم يدل على العصمة اذ فيه انهم امان فمن تبعهم امن على دينه ونفسه وهذا لا يكون الا مع معصومين لا يخالفون الحق ولا يختلفون فيه, وقد ذكرنا نبذة من اقوالهم في رد حديث اصحابي كالنجوم وتضعيفه والحكم بوضعه, فثبت انه مجعول لاغراض سياسية ولكن الله لا يهدي كيد الخائنين, وهناك أحاديث كثيرة أيضا وردت في خصوص الصحابه تفيد سوء حال جم غفير منهم، وانقلابهم من بعد الرسول ص على أعقابهم، خاسرين كما في صحيح البخاري من أن أناسا من أصحابه (صلى الله عليه وآله) يؤخذ بهم ذات الشمال فيقول: أصحابي أصحابي فيقال: إنهم لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم(3). وفي صحيح آخر: ليرفعن رجال منكم ثم ليختلجن دوني فأقول: يا رب أصحابي فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك(4). وفي صحيح ثالث: أقول: إنهم مني، فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك، فأقول: سحقا لمن غير بعدي(5). وفي صحيح خامس: فأقول: يا رب أصحابي، فيقول: إنك لا علم لك بما أحدثوا بعدك، إنهم ارتدوا وأعلى أدبارهم

____________

1- إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول 83.

2- سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة , النصائح الكافية لمن يتولى معاوية.

3- صحيح البخاري 8: 149.

4- صحيح البخاري 8: 148.

5- صحيح البخاري 8: 150 و 9: 59.


الصفحة 244
القهقرى(1). وفي صحيح سادس: بينا أنا قائم إذا زمرة حتى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم فقال: هلم، فقلت: أين؟ قال: إلى النار والله، قلت: وما شأنهم؟ قال: إنهم ارتدوا على أدبارهم القهقرى. ثم إذا زمرة حتى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم فقال: هلم، قلت: أين؟ قال: إلى النار والله، قلت: ما شأنهم؟ قال: إنهم ارتدوا بعدك على أدبارهم القهقرى، فلا أراه يخلص منهم إلا مثل همل النعم(2).

قال القسطلاني في شرح صحيح البخاري في هذا الحديث: همل، بفتح الهاء والميم: ضوال الإبل، واحدها هامل، أو: الإبل بلا راع، ولا يقال ذلك في الغنم، يعني: إن الناجي منهم قليل في قلة النعم الضالة، وهذا يشعر بأنهم صنفان كفار وعصاة. نعم ان الصحابة لا يصح ان يكونوا امان لبطلان الحديث اولا كما صرح به اعلامهم وثانيا كما صرح الرسول ص ان اصحابة منهم من ارتد على عقبيه القهقري, وثالثا لما شجر بين الصحابة من الخلاف الموجب للتباغض والتشاتم والتلاكم والمقاتلة القاضية بخروج إحدى الفريقين عن حيز العدالة، ودع عنك ما جاء في التأريخ عن أفراد منهم من ارتكاب المآثم والإتيان بالبوائق.

فلم يبقى الا ان يسلم لما دلت هذه الأحاديث على عصمة أهل البيت من الذنوب والخطأ، لمساواتهم فيها بالقرآن الثابت عصمته في أنه أحد الثقلين المخلفين في الناس، وفي الأمر بالتمسك بهم كالتمسك بالقرآن، ولو كان الخطأ يقع منهم لما صح الأمر بالتمسك بهم، الذي هو عبارة عن جعل أقوالهم وأفعالهم حجة، وفي أن المتمسك بهم لا يضل كما لا يضل المتمسك بالقرآن، ولو وقع منهم الذنوب أو الخطأ لكان المتمسك بهم يضل، وإن في اتباعهم الهدى والنور كما في القرآن، ولو لم يكونوا معصومين لكان في اتباعهم الضلال، وأنهم حبل ممدود من السماء إلى الأرض كالقرآن، وهو كناية عن أنهم واسطة بين الله تعالى وبين خلقه، وأن أقوالهم عن الله تعالى، ولو لم يكونوا معصومين لم يكونوا امان للامة لان غير المعصوم يضل ويضل, وفي عدم جواز مفارقتهم بتقدم عليهم بجعل نفسه إماما لهم أو تقصير عنهم وائتمام بغيرهم، كما لا يجوز التقدم عليهم ولا التخر

____________

1- صحيح البخاري 8: 150.

2- صحيح البخاري 8: 150 - 151.


الصفحة 245
عنهم ولو كانوا يجهلون شيئا لوجب تعليمهم ولم ينه عن رد قولهم فدلت هذه الأحاديث على أن منهم من هذه صفته في كل عصر وزمان بدليل قوله (ص) أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض وأن اللطيف الخبير أخبر بذلك، وورود الحوض كناية عن انقضاء عمر الدنيا، فلو خلا زمان من أحدهما لم يصدق أنهما لن يفترقا حتى يردا عليه الحوض, إذا علم ذلك ظهر أنه لا يمكن أن يراد بأهل البيت جميع بني هاشم، بل هو من العام المخصوص بمن ثبت اختصاصهم بالفضل والعلم والزهد والعفة والنزاهة من أئمة أهل البيت الطاهر، وهم الأئمة الاثنا عشر وأمهم الزهراء البتول، للإجماع على عدم عصمة من عداهم، والوجدان أيضا على خلاف ذلك، لأن من عداهم من بني هاشم تصدر منهم الذنوب ويجهلون كثيرا من الأحكام، ولا يمتازون عن غيرهم من الخلق الا لنسبهم الشريف للعترة الطاهرة فلهم بذلك حق الاحترام لا وجوب الطاعة لان وجوب الطاعة لا يكون الا لمن هم المجعولين شركاء القرآن وامان اهل الارض وسفينة النجاة وباب حطة: "وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَداً وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّداً وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ".


الصفحة 246

الدليل الواحد والعشرون علي مع الحق

قال رسول الله (ص): "علي مع الحق، والحق يدور معه حيث دار، ولن يفترقا حتى يردا علي الحوض"(1). اخرجه جمع من الحفاظ والأعلام منهم: الخطيب من طريق يوسف بن محمد المؤدب قال: حدثنا الحسن بن أحمد بن سليمان السراج: حدثنا عبد السلام بن صالح: حدثنا علي بن هاشم بن البريد عن أبيه عن أبي سعيد التميمي عن أبي ثابت مولى أبي ذر قال: دخلت على أم سلمة فرأيتها تبكي وتذكر عليا وقالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " علي مع الحق والحق مع علي ولن يفترقا حتى يردا علي الحوض يوم القيامة"(2). وحديث أم سلمة سمعه سعد بن أبي وقاص في دارها قال سمعت: رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: علي مع الحق. أو: الحق مع علي حيث كان: قاله في بيت أم سلمة فأرسل أحد إلى أم سلمة فسألها فقالت: قد قاله رسول الله في بيتي. فقال الرجل لسعد: ما كنت عندي قط ألوم منك الآن. فقال ولم؟! قال: لو سمعت من النبي صلى الله عليه وسلم لم أزل خادما لعلي حتى أموت. أخرجه الحافظ الهيثمي وقال: رواه البزار وفيه سعد بن شعيب ولم أعرفه وبقية رجاله رجال الصحيح(3). وهذا الحافظ ابن مردويه في (المناقب) والسمعاني في (فضائل الصحابة) أخرجا بالإسناد عن محمد بن أبي بكر عن عايشة أنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: علي مع الحق والحق مع علي لن يفترقا حتى يردا علي الحوض. وأخرج ابن مردويه في (المناقب) والديلمي في (الفردوس) أنه لما عقر جمل عايشة ودخلت دارا بالبصرة أتى إليها محمد بن أبي بكر فسلم عليها فلم تكلمه فقال لها: أنشدك الله أتذكرين يوم حدثتيني عن النبي صلى الله عليه وسلم إنه قال:

____________

1- تاريخ بغداد للخطيب البغدادي ج 14 / 321، ترجمة الإمام علي بن أبي طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر الشافعي ج 3 / 119 ح 1162، غاية المرام ص 539 (باب) 45 ط إيران، الإمامة والسياسة لابن قتيبة ج 1 / 73 ط مصطفى محمد بمصر و ج 1 ص 68 ط آخر، منتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد ج 5 / 30، فرائد السمطين للحمويني ج 1 / 177. وذكره في إحقاق الحق ج 5 ص 624، أرجح المطالب لعبيد الله الحنفي ص 598 ط لاهور. ونقله في الغدير ج 3 ص 178 عن: المناقب لابن مردويه، فضائل الصحابة للسمعاني، ربيع الأبرار للزمخشري.

2- التأريخ ج 14 ص 321.

3- مجمع الزوائد 7 ص 236.


الصفحة 247
الحق لن يزال مع علي وعلي مع الحق لن يختلفا ولن يفترقا؟ فقالت: نعم. وروى ابن قتيبة في (الإمامة والسياسة) عن محمد بن أبي بكر أنه دخل على أخته عائشة رضي الله عنها قال لها: أما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: علي مع الحق، والحق مع علي؟! ثم خرجت تقاتلينه(1). وروى الزمخشري في (ربيع الأبرار) قال: استأذن أبو ثابت مولى علي على أم سلمة رضي الله عنها فقالت: مرحبا بك يا أبا ثابت، أين طار قلبك حين طارت القلوب مطائرها؟ قال: تبع علي بن أبي طالب. قالت: وفقت والذي نفسي بيده لقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: علي مع الحق والقرآن، والحق والقرآن مع علي، ولن يفترقا حتى يردا علي الحوض. وبهذا اللفظ أخرجه أخطب الخطباء الخوارزمي في (المناقب) من طريق الحافظ ابن مردويه. وكذا شيخ الاسلام الحموي في (فرائد السمطين) في الباب ال 37 عن طريق الحافظين أبي بكر البيهقي والحاكم أبي عبد الله النيسابوري. وأخرج ابن مردويه في (المناقب) عن أبي ذر أنه سئل عن اختلاف الناس فقال: عليك بكتاب الله والشيخ علي بن أبي طالب عليه السلام فإني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: علي مع الحق والحق معه وعلى لسانه، والحق يدور حيثما دار علي.

واحتج أمير المؤمنين به يوم الشورى على الصحابة بقوله: أنشدكم بالله أتعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: ألحق مع علي وعلي مع الحق يزول الحق مع علي كيفما زال؟ قالوا: أللهم نعم(2). واجاء من طريق الطبراني واحمد بن حنبل وغيرهم بإسناد صحيح قول رسول الله ص يوم غدير خم: أللهم وال من والاه، وعاد من عاداه (إلى قوله): وأدر الحق معه حيث دار(3). وصح عنه صلى الله عليه وآله قوله: رحم الله عليا أللهم أدر الحق معه حيث دار(4).

____________

1- الإمامة والسياسة 1 ص 68.

2- راجع احتجاجات الامام علي ع.

3- راجع حديث الولاية.

4- صحيح الترمذي ج 5 / 297 ح 3798، المستدرك على الصحيحين للحاكم النيسابوري ج 3 / 124، المناقب للخوارزمي الحنفي ص 56، ترجمة الإمام علي بن أبي طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر الشافعي ج 3 / 117 ح 1159 و 1160، غاية المرام ص 539 (باب) 45 ط إيران، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 2 / 572 أفست بيروت على ط مصر، و ج 10 / 270 ط مصر بتحقيق محمد أبو الفضل، منتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد ج 5 / 62 ط الميمنية بمصر، الفتح الكبير للنبهاني ج 2 / 131، جامع الأصول لابن الأثير ج 9 / 420، فرائد السمطين للحمويني ج 1 / 176. وذكره في إحقاق الحق ج 5 ص 626 عن: المحاسن والمساوي للبيهقي ص 41 ط بيروت، الإنصاف للباقلاني ص 58 ط القاهرة، المناقب لعبد الله / صفحة 171 / الشافعي ص 28 مخطوط، الجمع بين الصحاح لرزين ج 3 مخطوط، تاريخ الاسلام للذهبي ج 2 / 198 ط مصر، مفتاح النجا للبدخشي مخطوط، شرح ديوان أمير المؤمنين للمبيدي ص 180 مخطوط، أرجح المطالب للشيخ عبيد الله الحنفي ص 599 ط لاهور.


الصفحة 248
وقال الرازي في تفسيره(1). وأما أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه كان يجهر بالتسمية فقد ثبت بالتواتر، ومن اقتدى في دينه بعلي بن أبي طالب فقد اهتدى والدليل عليه قوله عليه السلام: أللهم أدر الحق مع علي حيث دار(2). وحكي الحافظ الكنجي في (الكفاية(3))، وأخطب خوارزم في (المناقب) عن مسند زيد قوله صلى الله عليه وآله لعلي: إن الحق معك والحق على لسانك وفي قلبك وبين عينيك، والإيمان مخالط لحمك ودمك كما خالط لحمي ودمي(4). وأخرج غير واحد عن أبي سعيد الخدري عنه صلى الله عليه وآله إنه قال مشيرا إلى علي: الحق مع ذا، الحق مع ذا, وفي لفظ ابن مردويه عن عايشة عنه صلى الله عليه وآله: الحق مع ذا يزول معه حيثما زال(5). وأخرج ابن مردويه والحافظ الهيثمي في (مجمع الزوائد) عن أم سلمة أنها كانت تقول: كان علي على الحق، من اتبعه اتبع الحق، ومن تركه ترك الحق، عهدا معهودا قبل يومه هذا, ومن طريق شيخ الاسلام الحموي قوله صلى الله عليه وآله وسلم في أوصيائه: فإنهم مع الحق، والحق معهم لا يزايلونه ولا يزايلهم(6). وحديث علي مع القرآن رواه الحاكم(7), وعن عبد الله بن عباس قال: قال رسول الله (ص): " الحق مع علي بن أبي طالب حيث دار(8)". قال المتقي:

____________

1- تفسير الرازي 1 ص 111.

2- بهذا اللفظ رواه الشهرستاني في نهاية الإقدام ص 493 , مستدرك الحاكم 3 ص 125، جامع الترمذي 2 ص 213، الجمع بين الصحاح لابن الأثير، كنز العمال 6 ص 157، نزل الأبرار 24 , مسند أبي يعلى، سنن سعيد بن منصور، مجمع الزوائد للحافظ الهيثمي 7 ص 35 وقال: رواه أبو يعلى ورجاله ثقات , في لفظ الهيثمي: عهد معهود.

3- الكفاية ص 135.

4- المناقب 77.

5- ترجمة الإمام علي بن أبي طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر ج 3 / 119 ح 1161، مجمع الزوائد ج 7 / 35،.

6- مجمع الزوائد)9 ص 134.

7- المستدرك ج3 / 124.

8- فرائد السمطين للحمويني الشافعي ج 1 / 177 ح 139.


الصفحة 249
تكون بين الناس فرقة واختلاف فيكون هذا وأصحابه على الحق - يعني عليا - هذا في كنز العمال.

نعم كيف لا يكون مع الحق بل هو الحق وقد قال الرسول (ص) فيه: " علي مني بمنزلة رأسي من بدني(1)"

وقال ص: " والذي نفسي بيده لتقيمن الصلاة، ولتؤتن الزكاة، أو لأبعثن إليكم رجلا مني أو كنفسي... فأخذ بيد علي فقال هو هذا(2)". وقال: " يا عمار إذا رأيت عليا قد سلك واديا وسلك الناس واديا غيره فاسلك مع علي، ودع الناس فإنه

____________

1- ترجمة الإمام علي بن أبي طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر الشافعي ج 2 / 375 ح 870، الصواعق المحرقة لابن حجر ص 123 ط المحمدية وص 75 ط الميمنية، نور الأبصار للشبلنجي ص 73 ط السعيدية بمصر وص 73 ط العثمانية، إسعاف الراغبين للصبان المطبوع بهامش نور الأبصار ص 158 ط السعيدية وص 143 ط العثمانية، ينابيع المودة للقندوزي الحنفي ص 180 و 185 و 254 و 284 ط اسلامبول وص 212 و 219 و 303 و 341 ط الحيدرية و ج 2 / 4 و 10 و 79 و 109 ط العرفان بصيدا، المناقب للخوارزمي الحنفي ص 87 و 91 ط الحيدرية، مناقب علي بن أبي طالب لابن المغازلي الشافعي ص 92 ح 135 و 136، الجامع الصغير للسيوطي ج 2 / 56 ط الميمنية و ج 2 ص 140 ح 5596 ط مصطفى محمد، منتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد ج 5 / 30، الرياض النضرة للطبري الشافعي ج 2 / / صفحة 172 / 214. وفي إحقاق الحق ج 5 ص 236 عن: فردوس الأخبار للديلمي، المناقب المرتضوية ص 88 ط بمبي، كنوز الحقائق ص 18 ط بولاق، مفتاح النجا في مناقب آل العبا للبدخشي ص 28 و 43 مخطوط، مشارق الأنوار للحمزاوي ص 91 ط الشرفية بمصر، تاريخ بغداد للخطيب البغدادي ج 7 / 12 ط السعادة بمصر، انتهاء الأفهام ص 213. وقريب من هذا اللفظ يوجد في: مناقب علي بن أبي طالب لابن المغازلي الشافعي ص 92 ح 135 و 136، ذخائر العقبى للمحب الطبري الشافعي ص 63.

2- المستدرك على الصحيحين للحاكم ج 2 / 120، ترجمة الإمام علي بن أبي طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر الشافعي ج 2 / 368 ح 867 و 868، مجمع الزوائد للهيثمي الشافعي ج 9 / 163 وص 134، الصواعق المحرقة لابن حجر الشافعي ص 75 ط الميمنية وص 124 ط المحمدية بمصر، ينابيع المودة للقندوزي الحنفي ص 40، 285 ط اسلامبول وص 44 و 341 ط الحيدرية و ج 1 / 38 و 110 ط العرفان بصيدا، كنز العمال للمتقي الهندي ج 15 / 144 ح 412 ط 2، عبقات الأنوار قسم حديث الثقلين ج 1 / 276. وذكره في إحقاق الحق ج 6 ص 451 عن: أرجح المطالب للشيخ عبيد الله الحنفي ص 446 ط لاهور، انتهاء الأفهام ص 212، مفتاح النجا للبدخشي ص 28 مخطوط. وقريب منه يوجد في: خصائص أمير المؤمنين للنسائي ص 89 ط الحيدرية وص 32 ط بيروت، تذكرة الخواص للسبط بن الجوزي الحنفي ص 40 ط الحيدرية، الاستيعاب لابن عبد البر بهامش الإصابة ج 3 /؟ 46، / صفحة 173 / المناقب للخوارزمي الحنفي ص 81.


الصفحة 250
لن يدلك على ردى، ولن يخرجك من هدى(1)". وفي رواية: يا عمار اذا رايت عليا قد سلك واديا... يا عمار: إن طاعة علي من طاعتي، وطاعتي من طاعة الله عز وجل(2). واخرج ابن الأثير بسنده عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أبشر يا عمار، تقتلك الفئة الباغية(3). وروى ابن سعد في طبقاته بسنده عن عمرو بن ميمون قال: أحرق المشركون عمار بن ياسر بالنار، قال: فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم، يمر به ويمر على رأسه فيقول: يا نار كوني بردا وسلاما على عمار، كما كنت على إبراهيم، تقتلك الفئة الباغية(4).

وروى ابن سعد في طبقات بسنده عن هنى مولى عمر بن الخطاب قال: كنت أول شئ مع معاوية، فكان أصحاب معاوية يقولون: لا والله لا نقتل عمارا أبدا إن قتلناه فنحن كما يقولون [أي الفئة الباغية] فلما كان يوم صفين ذهبت أنظر في القتلى، فإذا عمار بن ياسر مقتول، فقال هنى: فجئت إلى عمرو بن العاص، وهو على سريره، فقلت: أبا عبد الله، قال: ما تشاء، قلت أنظر أكلمك، فقام إلي فقلت: عمار بن ياسر ما سمعت فيه؟ فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تقتلك الفئة الباغية، قلت هوذا والله مقتول، فقال: هذا باطل، فقلت: بصر عيني به مقتول، قال: فانطلق فأرنيه، فذهبت به فأوقفته عليه، فساعة رآه انتقع لونه، ثم أعرض في شق، وقال: إنما قتله الذي خرج به(5).

اقول: لهذا السبب تمنى عمر بن العاص انه بعرة او انه مات قبل صفين كما في الروايات انه لما حضرته الوفاة قال لابنه: لود أبوك أنه كان مات في غزات ذات السلاسل، إني قد دخلت في أمور لا أدري ما حجتي عند الله فيها ثم نظر إلى ماله فرأى كثرته فقال:

____________

1- ترجمة الإمام علي بن أبي طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر الشافعي ج 3 / 170 ح 1208، المناقب للخوارزمي الحنفي ص 57 وص 105 ح 110، ترجمة أمير المؤمنين من تاريخ ابن عساكر ج 3 ص 214 ح 1219.

2- تاريخ بغداد 13 / 186، كنز العمال 12 / 212، فرائد السمطين 1 / 178. المناقب - للخوارزمي -: 57 و 124.

3- ابن الأثير: أسد الغابة 4 / 133 (دار الشعب - القاهرة 1970)، تحفة الأحوذي 10 / 300 - 301، وقال الترمذي: وفي الباب عن أم سلمة وعبد الله بن عمرو، وأبي اليسر وحذيفة بن اليمان.

4- ابن سعد: الطبقات الكبرى 33 / 177 (دار التحرير - القاهرة 1969).

5- طبقات ابن سعد 3 / 181.