موسوعة من حياة المستبصرين
عبد المعبود خدايار عطائي
( أفغانستان ـ إسماعيلي )

ولد عام 1971م بمدينة " بدخشان " في أفغانستان(1)، نشأ في أوساط عائلة تعتنق المذهب الإسماعيلي(2)، أكمل دراسته الابتدائية في بلده، ثم درس لمدّة خمس سنوات في المدارس الحنفية في الباكستان.

تشرّف باعتناق مذهب أهل البيت (عليهم السلام) عام 1991م في باكستان، بعد دراسة معمقة ومناقشات كثيرة جرت بينه وبين علماء وطلبة الشيعة.

 

مرحلة التذبذب وفقدان الثبات:

يقول الأخ عبد المعبود: " كنت إسماعيلي المذهب بدء الأمر، وكنت غير

____________

1- أفغانستان: تقع في منتصف قارة آسيا، يحدها من الشمال كل من طاجيكستان وأوزبكستان وتركمنستان، ومن الشرق والجنوب باكستان، ومن الغرب ايران، يبلغ عدد السكان فيها (27) مليون نسمة، يدين 99% منهم بالإسلام، وتقدر نسبة الشيعة بـ 25%.

2- الاسماعيليون: هم القائلون بإمامة إسماعيل بن الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) بعد أبيه، وبهذا يختلفون عن الشيعة الإمامية الاثني عشرية الذين يقولون بإمامة الإمام موسى بن جعفر (عليه السلام) بعد أبيه.

وافترق الاسماعيلية إلى عدّة فرق، أبرزها: الآغاخانية (النزارية)، والبهرة ـ وتعني هذه الكلمة الجد والعمل ـ.


الصفحة 2
مؤدياً للطقوس العبادية وفق ما كان يعتقده الإسماعيليون في مدينة " بدخشان "(1)، ودعماً من بعض أتباع المذهب الحنفي سافرت إلى باكستان ودخلت مدارسهم الدينية وانتميت إلى مذهبهم من دون وعي وبصيرة، فصرت أؤدي فرائضي الدينية وفق ما كان يمليه عليَّ الأساتذة الأحناف. 

وتأثّرت بسبب ذلك بجملة من الأمور: كعدالة جميع الصحابة، وعدم جواز البحث عن مواقفهم التي أدت إلى إفتراق الأمّة وتمزقها بعد النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم)، لاسيما عن الأمور التي قام بها " الخلفاء الراشدين "، كما تأثّرت بشخصية معاوية بن أبي سفيان، لتعظيمهم إياه في كتبهم وخطبهم، وأحاطوه بهالة من القداسة باعتباره: كاتب الوحي(2)، وخال المؤمنين(3)، والحليم عند الغضب(4)، والعادل في سيرته(5)!!.

وبقيت مدّة خمس سنوات مع الأحناف في باكستان، ثم عدت إلى

____________

1- أهل بدخشان كما يقول المترجم له: يعتقدون بسقوط التكاليف الدينية كالصلاة و الحج والصوم...! ومنشأ هذا الانحراف كان على يد الحسن الثاني بن محمّد بن بزرك أميد المتقلد لزعامة الطائفة النزارية الإسماعيلية بعد وفاة والده سنة 558 هـ (أنظر: تاريخ وعقائد الإسماعيلية: 441).

2- أنظر: صحيح مسلم، باب فضائل أبي سفيان: 4 / 1945 (2501)، وفيه: (معاوية تجعله كاتباً بين يديك)، ونقل ابن حجر العسقلاني عن المدائني: (كان زيد بن ثابت يكتب الوحي، وكان معاوية يكتب للنبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) فيما بينه وبين العرب)،الإصابة: 6 / 153.

3- باعتبار أن اخته رملة بنت أبي سفيان وكنيتها أُم حبيبة، تزوّجها النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) سنة 6 أو 7 للهجرة، أي قبل فتح مكة.

4- أنظر: معاوية بن أبي سفيان لابن تيمية: 87، البداية والنهاية لابن كثير: 8 / 82، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 41 ـ 60): 315.

5- من الذين قالوا بعدالة معاوية: الجاحظ في رسائلة (رسالة الحكمين...): 1 / 344، وابن كثير في البداية والنهاية: 8 / 82، وكذا أبوالحسن الأشعري، والماتريدي، والباقلاني، والنووي، والسبكي، وغيرهم.


الصفحة 3
أفغانستان لأمارس عملي كمبلّغ ديني في " بدخشان "، لكن ـ وبعدة مضي فترة من الزمن ـ وجدت نفسي لا أمتلك العقيدة المتينة التي يمكنني الاستناد إليها بقوّة وثبات، فقرّرت العودة إلى باكستان، لأواصل بحثي بشكل أعمق وأدق فيما يخصّ معتقدي. 

وحيث أنني لم أنتفع فيما سبق من مدرسة الأحناف، صممت أن أدخل مدرسة إسلامية أخرى، فراجعت بعض المدارس الدينية حتى تم تسجيلي في مدرسة تنتمي إلى مذهب الإمامية الاثني عشرية.

 

مشاهدة بصيص النور وسط الظلام الدامس:

بعد تعرّفي على أتباع أهل البيت (عليهم السلام) تفاجأت حينما رأيت معتقداتهم تختلف عما ورثته من الإسماعيلة وعما درسته عنه الأحناف!.

فقرّرت أن أقوم بالمقارنة بين ما حصلت عليه من معلومات ـ طيلة خمس سنوات ـ في مدارس الأحناف وبين ما أدرسه الآن، لأتبع بعد ذلك أحسنه.

ولأجل الدقة في استنتاج المعلومات والحرص للوصول إلى الحقائق بنفسي، كنت أبحث وقتئذ في المصادر المختلفة في مكتبة المدرسة التي كانت حاوية لشتى كتب الطوائف والمذاهب الإسلامية، وقد شددت عزمي أن لا أعود إلى بلدي إلاّ وأنا محملاً بالأدلّة والبراهين، وأن لا أنتمي إلى معتقد إلاّ عن بصيرة.

من هذا المنطلق دخلت في مناقشات ومناظرات عديدة مع الطلاب الشيعة، وكانت معظمها منصبة على مكانة الصحابة لاسيما معاوية بن أبي سفيان.

فكانت النتائج التي توصّلت إليها غير متوقعة لي أبداً، فعرفت بعد المناظرات العديدة التي جرت بيني وبين الشيعة أنّ معاوية قد نسبت إليه مناقب وفضائل ما أنزل الله بها من سلطان! وقد حكم علماء العامة في الجرح والتعديل


الصفحة 4
بوضعها وبطلانها ". 

فقد ردّ النووي رواية كاتب الوحي، وقال: " واعلم أنّ هذا الحديث من الأحاديث المشهورة بالإشكال، ووجه الإشكال: إنّ أباسفيان إنّما أسلم يوم فتح مكة سنة ثمان من الهجرة، وهذا مشهور لاخلاف فيه، وكان النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) قد تزوّج بأمّ حبيبة قبل ذلك بزمان طويل... تزوجها سنة ست وقيل سنة سبع "(1).

وقال ابن القيم مع ما نقل من أقوال: " إنّ حديث عكرمة في الثلاث التي طلبها أبو سفيان من النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) غلط ظاهر لا خفاء فيه.

قال أبو محمّد بن حزم: هو موضوع بلا شك، كذّبه عكرمة بن عمّار.

قال ابن الجوزي: هذا الحديث وهم من بعض الرواة لاشكّ فيه ولاتردد، وقد إتهموا به عكرمة بن عمار "(2).

والذهبي ـ الذي يعتبر من أئمة العامه في هذا الفنّ ـ قال: " وفي صحيح مسلم قد ساق له أصلا منكراً عن سمّاك الحنفي، عن ابن عباس، في الثلاثة التي طلبها أبو سفيان "(3).

 

تقييم موضوعي لسيرة معاوية بن أبي سفيان:

 

معاوية وكتابة الوحي:

لو سلّم أنّ معاوية كتب الوحي ـ كما إدعى البعض ـ فلم يشير أحد إلى المدّة التي تصدّى فيها لهذه المهمّة، مع العلم أنّه لم يسلم إلاّ بعد فتح مكّة!، كما لم يذكر

____________

1- أنظر: صحيح مسلم بشرح النووي: 16 / 279 (5963).

2- أنظر: زاد المعاد: 1 / 106.

3- أنظر: ميزان الاعتدال: 5 / 116 (5719).


الصفحة 5
أحد مستند ذلك ولا نجد إشارة في التاريخ الإسلامي إلى الآيات التي كتبها معاوية!. 

وحتى لو صحّ أنّه كتب الوحي، فهذا لا يستوجب تنزيهه عن الخطأ، أو عصمته من الضلال بعد ذلك، فقد إرتدّ عبد الله بن سعد بن أبي سرح وكان كاتباً للوحي! ونزل فيه قوله تعالى: ( قالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ ما أَنْزَلَ اللهُ... )(1)، فهو بعد أن كتب للنبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) رجع ناكصاً على عقبيه حتى أحبط عمله(2).

وكذا كان عبد الله بن خطل من قبله كاتباً للنبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم)، ثم أرتدّ وأصبح يقول: " إن كان محمّد نبيّاً فإنّي لا أكتب له إلاّ ما أريد "، حتى أمر رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)بضرب عنقه يوم الفتح ولم تشفع له كتابة الوحي(3).

فهذه المناقب المفتعلة والصفات الوهمية التي حاول البعض تزيين شخصية معاوية بها قد كشفها الواقع، وهي غير خافية على كلّ متتبع باحث في التاريخ الإسلامي.

 

وصف معاوية بخال المؤمنين:

إنّ وصف معاوية بـ " خال المؤمينن " وجعله متفرداً به لا يعدو عن كونه تمحلا لا أكثر!.

لإنّه إنّما يكون خالاً لو كان كون أمّ حبيبة أمّاً للمؤمنين من طريق النسب لا من طريق تحريم النكاح والتعظيم لحقوق الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم)، ولو كان قولهم هذا قياساً مقبولاً وتأويلاً معقولاً لكان أبو بكر وعمر أجداداً للمسلمين!، ولو كان أحد أولى

____________

1- النساء: 93.

2- أنظر: أسباب نزول القرآن للواحدي: 223 (442).

3- أنظر: الكامل لابن عديّ: 1 / 405.


الصفحة 6
بهذا اللقب من غيره لكان محمّد بن أبي بكر أولى به، لأنّ أخته عائشة أقرب النساء إلى رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) ـ على قولهم ـ وأنّه ابن الخليفة الأوّل، وولد مسلماً، ولم يشهر سيفاً بوجه الإسلام، ولم يؤلب الناس على النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم)، في حين أنّ معاوية وأمّه وأبيه وجدّه وأخيه(1) كانوا من أقطاب الكفر ومن رموز الكيد للإسلام حتى بعد استسلامهم يوم الفتح!. 

وأيضاً لو صحّ ما يقولون، لكان جميع ولد أبي بكر وعمر أخوالاً للمسلمين و...

 

حقيقة معاوية بن أبي سفيان:

في الواقع أنّ معاوية لم يدفعه الحماس الديني نحو إحداث نقلة نوعية في إيمان المجتمع الشامي ـ رغم الفترة الطويلة التي تسلط فيها على تلك البلاد ـ بل كان أعظم همّه تثبيت دعائم ملكه في تلك المعمورة، وذلك لأنّه لم ينصقل بالإسلام منذ أن دخل فيه مجبراً بعد فتح مكّة، وكان يكنّ العداء لرسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)! لكونه السبب في زوال المكانة التي كانت لبني أميّة زمن الجاهليّة، ولهذا سعى لإخماد الإسلام عندما وقع الحكم بيده.

ويؤكدّ ذلك ما ورد عن مطرف بن المغيرة بن شعبة، حيث قال: " وفدت مع أبي المغيرة إلى معاوية، فكان أبي يأتيه يتحدث عنده ثم ينصرف إلي، فيذكر معاوية ويذكر عقله ويعجب مما يرى منه.

إذ جاء ذات ليلة فأمسك عن العشاء! فرأيته مغتماً، فانتظرته ساعة وظننت لشئ حدث فينا أو في عملنا.

 

____________

1- جدّه لأمه عتبة بن ربيعة، وأخوه شيبة بن ربيعة، وقتل هذان يوم بدر، كما قتل معهم خال معاوية الوليد بن عتبة، وأخو معاوية حنظلة بن أبي سفيان وغيرهم من بني أمية.


الصفحة 7
فقلت له: ما لي أراك مغتماً منذ الليلة؟! 

قال: يا بني إنّي قد جئت من عند أخبث الناس!

قلت له: ما ذاك؟

قال: قلت له وقد خلوت به: إنّك قد بلغت منّا يا أمير المؤمنين، فلو أظهرت عدلا وبسطت خيراً فإنّك قد كبرت! ولو نظرت إلى إخوتك من بني هاشم فوصلت أرحامهم، فوالله ما عندهم اليوم شيء تخافه!

قال لي: هيهات هيهات!! مَلكَ أخو تيم فعدل وفعل ما فعل، فوالله ماعدا أن هلك فهلك ذكره، إلاّ أن يقول قائل: أبو بكر، ثم ملك أخو عدي فاجتهد وشمّر عشر سنين، فوالله ماعدا أن هلك، فهلك ذكره، إلاّ أن يقول قائل: عمر، ثم ملك أخونا عثمان، فملك رجل لم يكن أحد في مثل نسبه، فعمل ما عمل وعمل به، فوالله ماعدا أن هلك، فهلك ذكره وذكر ما فُعل به، وإنّ أخا هاشم يصرخ به في كلّ يوم خمس مرّات: أشهد أنّ محمّداً رسول الله، فأي عمل يبقى مع هذا؟ لا أم لك، والله إلاّ دفناً دفناً "(1).

وقد أفصح بهذا عن مكنونات نفسه تجاه النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم)، فهو يكاد يموت من الغيظ بسبب هذا النداء، وسعى محموماً لإخماد هذا الصوت، ولكن (يَأْبَى اللهُ إِلاّ أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ)(2).

أمّا الجوانب الأخرى من سيرته الشوهاء فهي لاتقل في التعدي على حقوق المسلمين عن سابقتها، فقد استأثر بالأموال واصطفى الذهب والفضة ومنعها من الناس(3)، كما كان يقسّم الأقطاع ويهب الأمصار لأعوانه ـ كعمر وبن

____________

1- أنظر: مروج الذهب للمسعودي: 3 / 404.

2- التوبة: 32.

3- أنظر: المستدرك للحاكم: 3 / 442 ـ 443، أسد الغابة لابن الأثير: 2 / 164.


الصفحة 8
العاص ـ كيفما يشاء(1)، وكان مسرفاً مبذّراً يبذخ الأموال حتى وصفه عمر بن الخطاب بكسرى العرب(2)

وكان من الذين دعموا سيرته وأعانوه فيها الصليبي "سرجون" والسفاح "بسر بن أرطاء" والدعي "زياد ابن أبيه" وأشباههم!!

 

نفاق معاوية:

كان كبار الصحابة، يعرفون بغض معاوية لرسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)! فقد قال عمّار ابن ياسر(رضي الله عنه) في حرب صفين: "... أتريدون أن تنظروا إلى من عادى الله ورسوله وجاهدهما وبغى على المسلمين وظاهر المشركين، فلما رأى الله عزّوجلّ يعزّ دينه ويظهر رسوله، أتى النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) فأسلم وهو فيما يرى راهب غير راغب، ثم قبض الله عزّوجلّ رسوله(صلى الله عليه وآله وسلم)، فوالله، إن زال بعده معروفاً بعداوة المسلم وهوادة المجرم... "(3).

فتلبّس معاوية برداء النفاق، وكانت سياسته في عموم بلاد المسلمين قائمة على المكر والخداع، ولذا لم تذق الأمصار الإسلامية ـ وخصوصاً دمشق ـ في عهده حلاوة الإيمان وطعمه الحقيقي، حتى بلغت به الجرأة أن فسح المجال لتجارة الخمر ولم يمنعها!!

فقد أخرج أحمد بن حنبل في مسنده من طريق عبد الله بن بريدة، قال: " دخلت أنا وأبي على معاوية، فأجلسنا على الفرش، ثم أوتينا بطعام فأكلنا، ثم أوتينا بالشراب، فشرب معاوية ثم ناول أبي، فأبى، ثم قال: ما شربته منذ حرّمه

____________

1- أنظر: الكامل في التاريخ لابن الأثير: 3 / 355، الإمامة والسياسة لابن قتيبة: 1 / 117.

2- أنظر: البداية والنهاية لابن الكثير: 8 / 87.

3- أنظر: تاريخ الطبري: 5 / 12، الكامل في التاريخ لابن الأثير: 3 / 294.


الصفحة 9
رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) "(1)

وأخرج ابن عساكر في تاريخه، وابن مندة وغيرهما من طريق محمّد بن كعب القرظي، قال: " غزا عبد الرحمن بن سهل الأنصاري في زمن عثمان ومعاوية أمير على الشام، فمرت به روايا خمر تحمل ـ لمعاوية ـ فقام إليها عبد الرحمن برمحه فبقر كل راوية منها، فناوشه الغلمان حتى بلغ شأنه معاوية، فقال: دعوه فإنّه شيخ قد ذهب عقله، فقال ـ عبد الرحمن ـ: كذب والله ما ذهب عقلي، ولكن رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) نهانا أن ندخل بطوننا وأسقيتنا خمراً، وأحلف بالله لئن بقيت حتى أرى في معاوية ما سمعت من رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) لأبقرن بطنه، أو لأموتن دونه "(2).

كما أنكر الصحابي عبادة بن الصامت على معاوية ذلك إذ رآه يتناول الخمر وتصدى له بقوّة ليردعه عن ذلك، فما كان من معاوية إلاّ أن كتب إلى عثمان بن عفان أن عبادة يفسد الشام! وكان قرار الخليفة ـ كالعادة ـ التبعيد والنفي(3)!.

 

معاوية وأهل الشام:

إنّ من أجلى مظاهر كيد معاوية للإسلام، عزله الشام عن الروح الإسلامية التي بيّنها رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) وجسّدها بقوله وفعله، بل أنّه أماتها بتطبيقه لأوامر منع نشر الحديث النبوي لاسيما المتعلّقة بمكانه أهل البيت (عليهم السلام) ، فصار أهل الشام لايعرفون رمزاً للإسلام ورحماً للنبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) غير معاوية!! حتى أنّه قال لعمّار بن

____________

1- مسند أحمد بن حنبل: 5 / 347.

2- تاريخ ابن عساكر: 34 / 420، وذكره ابن حجر في الاصابة: 4 / 312 (5140)، ولخصه في تهذيب التهذيب: 6 / 192، ولخصه ابن عبد البر في الاستيعاب: 2 / 836 (1424)، وابن الاثير في أسد الغابة: 3 / 299.

3- أنظر: سير أعلام النبلاء للذهبي: 2 / 9 ـ 10، تاريخ ابن عساكر: 26 / 198.


الصفحة 10
ياسر(رضي الله عنه) في مجلس يضمّ جمعاً من الصحابة ـ أيّام إضطراب الأمر على عثمان ـ: " يا عمّار، إنّ بالشام مائة ألف فارس كل يأخذ العطاء مع مثلهم من أبنائهم وعبدانهم، لايعرفون عليّاً ولا قرابته، ولا عماراً ولا سابقته... "(1)!. 

فترعرع الشاميون على هذا النهج، بأنّ معاوية عنّدهم عنوانٌ للإيمان، حتى نشؤوا على النصب(2)، فكان شتم الإمام عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) وسبّه عندهم سنّة!

وقد أورد الجاحظ في رسائله: " إنّ قوماً من بني أميّة قالوا لمعاوية: فلو كففت عن لعن هذا الرجل، فقال لهم: لا والله حتى يربو عليه الصغير ويهرم عليه الكبير ولايذكر ذاكر له فضلا "(3)!.

وقال ابن الأثير: دعا معاوية المغيرة بن شعبة وهو يريد أن يستعمله على الكوفة، فقال له في كلام: " وقد أردت إيصاءك بأشياء كثيرة أنا تاركها اعتماداً على بصرك، ولست تاركاً إيصاءك بخصلة، لاتترك شتم عليّ وذمّه "(4)!.

وإنّ أدلّ دليل على بغي معاوية وضلاله، خروجه على إمام زمانه ومحاربته إياه، وقتله الآف المسلمين في معركة صفين، من بينهم الصحابي الجليل عمّار بن ياسر(رضي الله عنه)، الذي قال عنه رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم): " ويح عمّار تقتله الفئة الباغية، يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار "(5).

ولشهرة الحديث ما أنكره معاوية وما ردّه، بل قال: " قتله من جاء به، فقال

____________

1- أنظر: الإمامة والسياسة لابن قتيبة: 1 / 46.

2- أنظر: سير أعلام النبلاء للذهبي: 3 / 128 (ترجمة معاوية بن أبي سفيان).

3- أنظر: شرح النهج لابن أبي الحديد: 4 / 57، نقلاً عن الجاحظ.

4- أنظر: الكامل في التاريخ الابن الأثير: 3 / 472، تاريخ الطبري: 5 / 253، العقد الفريد لابن عبد ربّه: 4 / 366.

5- أنظر: صحيح البخاري: 1/ 172 (436)، صحيح مسلم: 4 / 2236، صحيح ابن حبان: 15 / 554 (7079)، مسند أحمد: 3 / 90 (11879).


الصفحة 11
ابن عباس: فقد قتل رسول الله حمزة! لأنّه جاء به إلى الكفار فقتلوه "(1)

 

حقد معاوية على الإمام عليّ (عليه السلام) والأنصار:

إنّ السبب الأساسي لحقد معاوية لأمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) إلى هذا الحدّ، هو أنّه (عليه السلام) قد أرغم أنوف المشركين لاسيما أئمة الكفر كأبي سفيان وأبي جهل وعتبة بن ربيعة وغيرهم، وحطم كبرياء قريش وخيلاءها في كل ميدان، وكان السابق لها في كل فضل، فهو الأوّل إسلاماً(2)، وهو الوصي و...

ولم يكتف معاوية لعداوته للإمام عليّ (عليه السلام) ، بل تعدى عداؤه إلى الأنصار، لإيوائهم رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) والمهاجرين الأوّلين، ووقوفهم المشرف مع النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم)في حروبه ضد المشركين، فكان معاوية يتحين الفرص للإيقاع بهم وإهانتهم والحط من شأنهم، حتى قال شاعر البلاط الأموي:


 

ذهبت قريش بالمفاخر كلّها و اللؤم تحت عمائم الأنصار

  

ولما جاء وفدهم إلى دمشق، أخبر الحاجب بأنّ وفد الأنصار بالباب، فتضايق معاوية من هذه الكلمة وقال لحاجبه: قل لهم ليدخل أبناء قيلة ـ وهو الإسم الذي عرفوا به في الجاهلية ـ فلم يدخلوا حتى دعاهم بالاسم الذي سماهم به رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)، ولم يعبأ معاوية بما قاله(صلى الله عليه وآله وسلم) في حقهم: " لو سلك الناس شعباً وسلكت الأنصار شعباً لسلكت شعب الأنصار، والله لولا الهجرة لكنت امرءً من الأنصار، اللهم إرحم الأنصار وأبناء الأنصار "(3).

فكانت كلمة الأنصار تهزّ كيان معاوية، وتذكره بالهزائم المنكرة التي لقيتها

____________

1- أنظر: الطرائف لابن طاووس: 2 / 218.

2- أنظر: الكامل في التاريخ لابن الأثير: 2 / 55، وقد تقدّم ذكر الأحاديث في هذا الأمر.

3- أنظر: مسند أحمد: 3 / 76 (11748)، (12616)، صحيح البخاري: 4 / 1576 (4082)، صحيح مسلم: 2 / 735 (1059).


الصفحة 12
جموع الكفر ـ بقيادة أمّه وأبيه ـ على أيدي الأنصار، كما تذكره بفراره يوم بدر ـ حتى ورمت قدماه ـ خشية أن يقع في الأسر!. 

وقد بلغ من حقده أنّه جهد في استئصال كل ما يمتّ بصلة لأهل بيت النبوة (عليهم السلام) ، فتتبع شيعتهم ومحبيهم وحرمهم من العطاء وهدم دورهم وقلع نخلهم وقتلهم بشكل بشع ومروع!، ومصرع حجر بن عدي وأصحابه في " مرج عذراء " خير شاهد على ذلك، مما حدى بارتفاع بعض الأصوات ـ رغم بغضها لأميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) وبغيها عليه ـ التي استنكرت فعل معاوية هذا!، حتى قالت عائشة: " لولا أنّا لم نغيّر شيئاً إلاّ صارت بنا الأمور إلى ما هو أشدّ منه لغيّرنا قتل حجر! أما والله إن كان ما علمت لمسلماً حجّاجاً معتمراً "(1).

 

خصال معاوية الموبقة:

قال الحسن البصري: " أربع خصال كنّ في معاوية، لو لم تكن فيه إلاّ واحدة لكانت موبقة... وقتله حجراً وأصحاب حجر، فياويلا له من حجر!، ويا ويلا من حجر وأصحاب حجر! "(2).

كما أنّه قتل عمرو بن الحمق الخزاعي، وطيف برأسه، وكان هو أوّل رأس يطاف به في الإسلام(3).

فيا ترى أين حلم معاوية؟! الذي يزعمه البعض، والظاهر أنّهم نسبوا إليه هذه الصفة لما ورد أنّه قال: " رأى من الشرفة رجلا مع جاريته، فدخل عليها وقال للرجل: ما جرّأك على ذلك؟ فقال الرجل: حلمك يا أمير المؤمنين، فحلم

____________

1- أنظر: الكامل في التاريخ لابن الأثير: 3 / 487.

2- أنظر: الكامل في التاريخ لابن الأثير: 3 / 487.

3- أنظر: تاريخ الإسلام للذهبي: 4 / 88، شرح النهج لابن أبي الحديد: 2 / 290.


الصفحة 13
عنه معاوية وتركه"(1)، فحلمه يظهر في مثل هذه المواقف!. 

وفي الواقع أنّ معاوية كان خاضعاً للأعراف الجاهلية، وسيراً على ذلك كان يقطع الرؤوس، ويحيي النزاعات القبلية، والممارسات اللاأخلاقية، فكان هذا الأمر سمة بارزة لعهده، ومرجع ذلك إلى النزعة الثأريّة والانتقاميّة التي كان يحملها بين جوانحه، فإسلامه المتأخر وعدم تشبعه بروح الدين العظيمة، واستماتته على الزعامة وتلهّفه للسلطة ولو على حساب دماء آلآف المسلمين!.

كما كان معاوية مجانباً للإسلام في كل شيء ومتمرداً على تعاليمه في السرّ والعلن! فقد ورد عن رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه قال: " الولد للفراش، وللعاهر الحجر "، ولكنّ معاوية ألحق عبد بني علاج زياد بن أبيه بأبي سفيان وادّعا أنّه أخٌ له(2)!!.

 

مشروعيّة خلافة معاوية:

قد منع جمع كبير من تولّي الطلقاء لأمر الخلافة، ومنهم:

1 ـ عمر بن الخطاب، حيث قال: " هذا الأمر في أهل بدر ما بقي منهم أحد، ثم في أهل أحد،... وليس فيها لطليق ولا لولد طليق ولا لمسلمة الفتح شيء "(3).

وورد عنه أيضاً: " لا تختلفوا فإنّكم إن اختلفتم جاءكم معاوية من الشام وعبد الله بن أبي ربيعة من اليمن، فلا يريان لكم فضلا لسابقتكم. وإنّ هذا الأمر لايصلح للطلقاء ولا لأبناء الطلقاء "(4).

2 ـ عبدالله بن عباس، إذ كتب إلى معاوية: " ما أنت والخلافة؟ وأنت طليق

____________

1- أنظر: حياة الحيوان: 2 / 200.

2- أنظر: تاريخ الطبري: 5 / 214، الكامل في التاريخ لابن الأثير: 3 / 441. 3- أنظر: الطبقات لابن سعد: 3 / 260، فتح الباري للعسقلاني: 13 / 257 (7217)، أسد الغابة لابن الأثير: 4 / 387.

4- أنظر: الاصابة لابن حجر العسقلاني: 4 / 79 (4674).


الصفحة 14
الإسلام، وابن رأس الأحزاب، وابن آكلة الأكباد من قتلى بدر "(1)

3 ـ قيس بن سعد بن عبادة، حيث قال في كتاب وجّهه إلى معاوية: " أمّا بعد، فأنت وثن ابن وثن، دخلت في الإسلام كرهاً، وأقمت فيه فرقاً، وخرجت منه طوعاً، ولم يجعل الله لك فيه نصيباً "(2).

وغير هؤلاء من الصحابة كمعين بن يزيد بن الأخنس السلمي، وصعصعة ابن صوحان العبدي، وعبد الرحمن بن غنم الأشعري.

وقد كان معاوية يعلم بعدم استحقاقه للخلافة، لأنّه من الطلقاء(3).

 

معاوية وتثبيت دعائم الحكم له ولإبنه:

سلك معاوية كل الطرق الملتوية من أجل الحصول على الخلافة، فكان يفتك بمناوئيه ويغتال معارضيه وإن كانوا أولى الناس بهذا الأمر.

وكان غدره بجملة من الصحابة والتابعين خير شاهد على ذلك، إذ أنّه قتل سيد شباب أهل الجنّة الإمام الحسن (عليه السلام) ، عندما أغرى جعده بنت الأشعث زوجة الإمام (عليه السلام) فسمته حتى قضى نحبه(4)، ولمّا بلغ الخبر معاوية أظهر الفرح والسرور بذلك!(5).

وورد عن صاحب (المصالت) أنّه قال حول معاوية: " كان على المنبر

____________

1- أنظر: الامامة والسياسة لابن قتيبة: 1 / 134، شرح النهج لابن أبي الحديد: 8 / 66.

2- أنظر: مقاتل الطالبيين لأبي الفرج: 43، الكامل في التاريخ لابن الأثير: 3 / 270، تاريخ اليعقوبي: 2 / 187، شرح النهج لابن أبي الحديد: 16 / 43، العقد الفريد لابن عبد ربّه: 5 / 21.

3- الطلاقاء: هم أهل مكّة الذين أسرهم النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) يوم الفتح، وقال لهم: إذهبوا فأنتم الطلقاء.

4- أنظر: البداية والنهاية لابن كثير: 8 / 32، مروج الذهب للمسعودي: 2 / 427، أخبار.

5- أنظر: الامامة والسياسة لابن قتيبة: 1 / 196.


الصفحة 15
يأخذ البيعة ليزيد، فقالت عائشة: هل استدعى الشيوخ لبنيهم البيعة؟ قال: لا، قالت: فبمن تقتدي؟! فخجل، وهيأ لها حفرة فوقعت فيها فماتت "(1)

هكذا كانت سيرة معاوية، وهكذا كان عدله في الرعية، ورعايته لحقّ الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم)!.

 

موقف النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) من معاوية:

إنّ معاوية من الذين حلّت عليه لعنة النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم)!.

فقد نقل الطبري: أنّه رأى رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) أباسفيان مقبلا على حمار ومعاوية يقود به وإبنه يزيد يسوق به، قال: " لعن الله القائد والراكب والسائق "(2).

وذكر الذهبي وأحمد بن حنبل في مسنده، وأبي يعلى، وابن مزاحم من طريق أبي برزة الأسلمي، والطبراني من طريق ابن عباس: " كنّا مع رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) في سفر، فسمع رجلين يتغنيان وأحدهما يجيب الآخر... فقال النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم): انظروا من هما؟ فقالوا: معاوية وعمرو بن العاص، فرفع رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) يديه، فقال: اللهم أركسهما ركساً، ودعَّهما إلى النار دعّاً "(3).

كما أخرج الطبري في تاريخه: " إنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) قال: يطلع من هذا الفجّ رجل من أُمتي يحشر على غير ملتي، فطلع معاوية "(4).

 

____________

1- أنظر: الصراط المستقيم لعليّ بن محمد العاملي: 3 / 45.

2- أنظر: تاريخ الطبري: 10 / 58.

3- أنظر: سير أعلام النبلاء للذهبي: 3 / 132 (ترجمة معاوية)، المعجم الكبير للطبراني: 11 / 38 (10970)، مسند أبي يعلى: 13 / 429 (4736)، مصنّف ابن أبي شيبة: 7 / 526 (37720)، مسند أحمد: 4 / 421.

4- تاريخ الطبري: 10 / 58، وأنظر: وقعة صفين لابن مزاح: 220.


الصفحة 16
وأخرج البلاذري في تاريخه الكبير مسنداً عن عبدالله بن عمرو بن العاص قال: " كنت جالساً عند النبيّ (صلى الله عليه وآله)، فقال: يطلع عليكم من هذا الفجّ رجل يموت يوم يموت على غير ملتي، قال: وتركت أبي يلبس ثيابه، فخشيت أن يطلع، فطلع معاوية "(1)

وأخرج ابن مزاحم، وابن عدي، والعقيلي، والخطيب، والمناوي من طريق أبي سعيد الخدري وعبد الله بن مسعود، أنّه(صلى الله عليه وآله وسلم) قال: " إذا رأيتم معاوية على منبري فاقتلوه "، وفي لفظ: " إذا رأيتم معاوية يخطب على منبري فاقتلوه "، وفي آخر " إذا رأيتم معاوية يخطب على منبري فاضربوا عنقه "(2).

 

الاستقرار على الصراط المستقيم:

يقول الأخ عبد المعبود: " عرفت بعد التفحّص والبحث حقيقة معاوية، وتبيّن لي نفاقه وما ارتكب من انتهاكات في حقّ الإسلام، كما اتضحت لي أمور أُخرى عن بعض الصحابة، فوجدت نفسي أمام مفترق طرق، أحدها يؤدي إلى الغواية والضلال وهو طريق معاوية ومن مكّنه ومهّد له، والآخر يؤدي إلى الهداية والفلاح وهو طريق آل محمّد(صلى الله عليه وآله وسلم)، فاخترت هذا الطريق على ذاك، لأنّجو بنفسي من الهاوية، وقرّرت ترك أخذ معالم ديني من أناس قد شوهوا معالم الإسلام بغية الوصول إلى مآربهم.

ولهذا سلكت طريق أهل البيت (عليهم السلام) واعتنقت مذهبهم عام 1991م في باكستان ".

 

____________

1- أنساب الأشراف (التاريخ الكبير): 5 / 134.

2- أنظر: واقعة صفين لابن مزاحم: 221، تاريخ الطبري: 10 / 58، شرح النهج لابن أبي الحديد: 15 / 176، الكامل لابن عدي: 2 / 146، تاريخ ابن عساكر: 59 / 155، سير أعلام النبلاء للذهبي: 3 / 149، البداية والنهاية لابن كثير: 8 / 91.

العودة

 

www.mezan.net <‎/TITLE> ‎<META HTTP-EQUIV="Content-Type" CONTENT="text/html; charset=windows-1256">‎ ‎<META NAME="keywords" CONTENT=" السيد محمد حسين فضل الله في الميزان ">‎ ‎<META NAME="description" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله في كتبه ">‎ ‎<META NAME="author" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله بصوته ">‎ ‎<META NAME="copyright" CONTENT=" رأي المراجع العظام والعلماء ">‎ <‎/HEAD>