وقد استدل هذا المعترض على عدم تبعيته للبعض بأمور
ثلاثة، لا تفيد كلها في إثبات ما يرمي إليه..
فقد استدل على ذلك بأنه من بلد يقع على الخليج الفارسي،
وذلك البعض من بلد يقع على البحر الأبيض المتوسط، وبانه لم يره منذ ان
ولد، وبانه لم يقرأ له ولو صفحة واحدة.
وجوابه:
1 ـ
إن بعد المسافات لا يمنع من التبعية في الأفكار، أو الإعتقادات، إذ ليس
المراد بالتبعية: المشي خلف الآخر في الأزقة والشوارع.. وكم من
الشرقيين كانوا أتباعاً لمن في المغرب، وكذلك العكس، وجميع أهل
الديانات يتبعون من قد يكون قريباً منهم، ومن قد يكون بعيداً عنهم،
وربما تفصل بينهم القارات والمحيطات.
2 ـ
إن رؤية الشخص ليست شرطاً في الإتباع، فكم من الناس يتبعون في أفكارهم
وآراءهم السياسية والدينية، وغيرها من لم يروه طيلة حياتهم.
بل هم يتبعون من مات قبل ولادتهم بمئات أو بآلاف
السنين.
3 ـ إن قراءة مؤلفات المتبوع أيضاً ليست شرطاً في تحقق
الإتباع، فكم من الأميين يتبعون زعماء، أو فلاسفة أو أنبياء، أو حكماء،
أو أصحاب مشاريع سياسية، أو إجتماعية، أو غيرها.. ولم يقرأ لهم أتباعهم
كلمة واحدة، بل اعتمدوا على ما شاع عنهم وذاع، وطرق الأسماع..
ونحن نقرأ في الصلوات على النبي «صلى الله عليه وآله»،
وأهل بيته «عليهم السلام»: «اللهم
العن.. (من فعل كذا) وآخر تابع له على ذلك..»([1]).
ولا شك في أن هذا التابع لم يقرأ شيئاً من كتابات المتبوع، لأنه لم
يترك له ما يقرؤه. بل إن كثيراً من المتبوعين لا يحسنون القراءة ولا
الكتابة من الأساس.
([1])
سيأتي فقرات من هذا.
|