صفحة : 85  

نزلت الآية والبنات على قيد الحياة:  

وقد تقدم قول المعترض: إن آية الحجاب قد نزلت وكان البنات على قيد الحياة، ولم تمت منهن سوى أم كلثوم، فناسب ذلك التعبير بـ «بناتك» بصيغة الجمع.

وقد قلنا:

أولاً: إن هذا التعبير إذا كان على نحو القضية الحقيقية فهو مناسب مطلقاً، سواء أكان البنات على قيد الحياة أو بعد الممات. لا سيما وأن المقصود هو أن يشمل الأمر حتى صورة الإفتراض والتقدير بالنسبة لمن ولد من البنات ومن يحتمل أن يولد. تماماً كما هو الحال في الزوجات، فإن العبارة تشمل حتى اللواتي تزوجهن بعد نزول الآية، وهن متعددات.

ثانياً: إن التي ماتت هي رقية، وليست أم كلثوم. إلا على قول البلاذري، وبعض آخر..

لزوم التناقض في القرآن:

وقد ذكر المعترض: أن البنات لو كن «متبنيات» لم يصح نسبتهن في الآية إلى النبي «صلى الله عليه وآله»، لعدم جواز نسبة الأدعياء إلى غير آبائهم.

ونقول:

أولاً: إن آية ﴿ادْعُوهُمْ لِآَبَائِهِمْ﴾، إنما تحرم نسبتهم إلى غير آبائهم على نحو الحقيقة، أما النسبة المجازية فلا تحرم، ولذا لا بأس بأن يخاطب الشيخ الكبير الفتى اليافع بقوله: «يا بني».

ومن النسب المجازية قول النبي «صلى الله عليه وآله»: «أنا وعلي أبوا هذه الأمة»([1]).

فما نفاه القرآن بقوله: ﴿مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ﴾ هو الأبوة الحقيقية.

ثانياً: قد نسب الله تعالى إبراهيم إلى آزر بقوله: ﴿وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آَزَرَ﴾ مع أنهم يقولون: إن هناك إجماعاً على أن آزر لم يكن أباً حقيقياً لإبراهيم وإنما هو عمه. وأن اسم أبي إبراهيم هو «تارخ».

ثالثاً: إذا كانت القضية واردة على نحو القضية الحقيقة، وكان هؤلاء البنات ربائب بمعنى التربية، فهن غير مقصودات بالآية، ولا يضر ذلك بالآية شيئاً.


 

([1]) البرهان (تفسير) ج1 ص369 عن الفائق للزمخشري، وعن ابن شهرآشوب، وعلل الشرايع ص127 وعيون أخبار الرضا ج2 ص85 والبحار ج16 ص95 وج40 ص45 ومعاني الأخبار ص52 وتفسير الميزان ج4 ص357 عن العياشي، وابن شهرآشوب.

 
   
 
 

موقع الميزان