وقال المعترض:
إن الطعن في نسب الكوفي كان في حياة الكوفي نفسه..
ونقول:
أولاً:
كيف تأكد لديه أن الطعن في نسب الكوفي قد بدأ في حال حياة الكوفي؟!
وعلى أي شيء استند المعترض في قوله:
«نعم
رمي بالدعوة وهو حي»؟!
ثانياً:
تساءل المعترض: هل افترى الطاعنون بنسب الكوفي على الكوفي؟!
ونقول له على سبيل الإلزام بما ألزم به نفسه:
هل من يحقق في نسب السيدات الكريمات، ويثبت بالدليل
أنهن ربائب، يكون معتدياً عليهن؟!
ثالثاً:
لم لا يكون سبب ادعاء الكوفي للنسب الشريف هو قناعته بصحة انتسابه
إليه.. فإن عدم معرفة كثير من الناس بهذا الإنتساب لا يدل على بطلان
دعوى مدعيه..
رابعاً:
إن جميع الذين أشاروا إلى نسب الكوفي لم يعاصروا هذا الرجل فمنهم:
فإنه ذكر أن الكوفي كان يقول:
إنه من آل أبي طالب.
ونلاحظ على هذا الطعن ما يلي:
ألف:
إن النجاشي ولد بعد وفاة الكوفي بزمان.
ب:
ليس في عبارة النجاشي دلالة على أي طعن بالنسب، بل هي تعبير عن عدم
اطلاع النجاشي على هذا الأمر، وأنه يجعل عهدته على مدعيه، فقد قال:
«كان
يقول: إنه من آل أبي طالب، غلا في آخر عمره([1])
ولو كان النجاشي عالماً بأنه دعي لكان صرح بذلك.
ج:
إذا كان مستند المعترض في هذا الطعن القاطع في نسب الكوفي، هو قول
النجاشي، فما باله أقر في ضمن كلامه الآنف الذكر بأنه يوحى بدعوته؟..
والحقيقة هي:
أنه لا يوحي بها، فضلاً عن أن يصلح مستنداً للرمي القاطع بها.
د:
قول المعترض عن تعبير النجاشي: «لم يعهد أن استعمل نظيره في تعريف
الأشراف»، غير دقيق، لأن النجاشي كان لا يعرف الحقيقة هنا، وكان يعرفها
في الموارد الأخرى، فاستعمل في كل مورد ما يناسبه من التعابير..
وهو أيضاً لم يعاصر الكوفي وقد ألمح لهذا الأمر بما
يشبه كلام النجاشي، فقد قال:
«
المدعي للعلوية»([2])
فنسب ادعاء العلوية إلى نفس أبي القاسم.
وكلامنا مع الغضائري هو نفس كلامنا الآنف الذكر مع
النجاشي..
وقال
العلامة:
«وادعى
أنه من بني هارون بن الكاظم «عليه السلام»..»([3]).
ولكن قال أبو نصر البخاري:
ما أعقب هارون بن موسى.
وقال أبو الحسن العمري، وابن
طباطبا:
إنه أعقب من محمد وموسى، وأعقب موسى عقباً يقال لهم: بنو الأفطسية،
وإليها ادعى أبو القاسم المخمس الكوفي، فقال: أنا علي بن أحمد بن موسى
بن أحمد بن هارون بن موسى([4]).
وهذا التعبير في كلام العلامة يبقى غير ظاهر الإتجاه،
إذ يحتمل أن تقرأ كلمة:
«ادعي»
بالبناء للمعلوم، فيكون الكوفي هو المدعي لذلك، ويحتمل قراءتها بالبناء
للمجهول، فيكون غيره هو المدعي لذلك.. والإحتمال الأول هو الأرجح
بقرينة الكلام الأخير، حيث جاء فيه: فقال: أنا علي بن أحمد الخ..
وربما يكون في النص التالي تلويحاً باتهام الكوفي نفسه
بادعاء النسب الشريف، رغم انه قد صرح أيضاً بان ثم من نسبه إلى بيوت
عدة، فعن أبي الحسن العمري قال: كتبت من الموصل إلى ابي عبد الله
الحسين بن محمد بن القاسم بن طباطبا، المقيم في بغداد، اسأله عن اشياء
في النسب، من جملتها نسب علي بن أحمد الكوفي، فجاء الجواب في خطه الذي
لا أشك فيه:
إن هذا الرجل كاذب مبطل، وإنه ادعي إلى بيوت عدة لم
يثبت له نسب في جميعها، وإن قبره بالري يزار على غير أصل([5]).
حيث يحتمل أن يكون المراد بقوله:
«هذا
الرجل كاذب مبطل» أي في ما يدعيه من نسب..
ويحتمل أن يكون كاذباً في دعاوى أخرى عقائدية، أو
غيرها.. بقرينة قوله: «مبطل»، ولأن النص قد تضمن الحديث عن أمور ترتبط
بالنسب وغيره كما هو ظاهر..
بل قد أضاف المجدي مفسراً المراد من
كلام ابن طباطبا قوله:
«أقول: مراده من علي بن أحمد الكوفي الذي رماه بالكذب هو رئيس
القرامطة»([6]).
ولست أدري إن كان المقصود به علي بن أحمد القرمطي، الذي
استولى على عمان، أو غيره([7]).
ويحتمل أن يكون غيره قد نسبه إلى بيوت عدة، فلا يضر ذلك
ولا يخدش في دينه وأمانته، لأنهم هم المسؤولون عن تقصيرهم وجهلهم بنسب
هذا الرجل..
والتدقيق في هذه العبارة يعطي أنها لا تدل على إنكاره
لنسب الكوفي، بل تدل على عدم معرفته بحقيقة الحال أيضاً.
([1])
رجال النجاشي 265 ـ 691 وخاتمة المستدرك للمعزز النوري ج 1 ص
163 ـ
165 والخلاصة 233 ـ 10 ونقد الرجال 3 ـ 226 ومنتهى المقال 4 ـ
336 وروضات الجنات ج 4 ص 382 وحاوي الاقوال ج 4 ص 28 وتنقيح
المقال ج2 ص 265.
([2])
خاتمة المستدرك ج1 ص 165 والخلاصة 233 ـ 10 وحاوي الأقوال ج 4
ص 28 ورجال المامقاني ج 2 ص 265.
([3])
راجع: تنقيح المقال ج2 ص 265 ومعجم رجال الحديث ج11 ص 263 ـ
264، وخاتمة المستدرك ج1 ص 165 والخلاصة 233 ـ10 ومنتهى المقال
4 ـ 337 وفقه الرجال 3 ـ 227 ورجال ابن داود 259 ـ 330 وحاوي
الأقوال ج4 ص 28 و29.
([4])
الكنى والألقاب ج1 ص126 عن ابن عنبة في عمدة الطالب.
([5])
أعيان الشيعة ج 6 ص 162 والكنى والألقاب ج1 ص 146 عن عمدة
الطالب والمجدي ص 11.
([6])
المجدى في أنساب الطالبيين ص11.
([7])
راجع:
الكامل في التاريخ ج8 ص567 و568.
|