وقال المعترض:
لماذا لا يكون هناك زينبان:
إحداهما:
بنت خديجة من النبي «صلى الله عليه وآله».
والأخرى:
ابنة خديجة من البناش..
فقلنا له:
ولماذا لا يكون هناك زينبان؟!
إحداهما بنت النبي «صلى الله عليه وآله»، وقد ماتت صغيرة، والأخرى
ربتها خديجة في بيت النبي «صلى الله عليه وآله» فصارت ربيبته([1]).
فأجابنا المعترض هنا بقوله:
«وعن
زينب بنت النباش، إنما هو مجرد فرض افترضناه من دون أساس له، وقياس
السيّد زينب ابنة سيّدتنا خديجة على ابنة النبّاش قياس مع الفارق، فإنّ
تلك المفترضة ابنة لخديجة، فجاز لها أن تسمّيها بما شاءت، وهذه ابنة
غيرها فليس لها تسميتها. والإنسان يسمي ولده، ولا سلطان له على غيره.
وإن قبلنا الفرض الذي احتمله السيد فسوف تكون مجموعة
فروض معقودة الأذناب بعضها ببعض.
ثم قوله:
«لماذا
يفرض أن زينب بنت النبّاش قد توفّيت؟! ولا يفرض أنها هي هذه التي
تزوجها عثمان إلخ..»([2]).
ونجيبه:
بأن القضية لا يحلها الفرض، وإلّا لفرضنا فروضاً لا تعدّ ولا تحصى، فلا
مجال للفروض التي أراد منا فرضها، أو التي أباحها لنفسه قياساً على ما
طلب»([3]).
ونقول:
أولاً:
إنما افترض وجود زينبين؛ إحداهما بنت خديجة من النبي «صلى الله عليه
وآله» والأخرى ابنة خديجة من النباش، لكي يلزمنا بذلك، وليؤكد ويثبِّت
ما يذهب إليه، من أن البنات بنات النبي «صلى الله عليه وآله» على
الحقيقة، فقوله هنا:
«إنما
هو مجرد فرض افترضناه من دون أساس له»
لا يقبل منه، لأنه فرض أريد إبطال كلامنا، وإلزامنا بما يدعيه..
وبعبارة أخرى:
قوله: إن القضية لا يحلها الفرض. ينقض قوله: إنما هو فرض افترضناه من
دون أساس له.. فإنه إنما افترضه لينقض به كلامنا، ويبطله، ويحل القضية
عن هذا الطريق، وهذا معناه: أن الفرض له أثر بالغ في حل القضايا.
ثانياً:
إذا كان لا مجال للفروض التي أردناها منه، مع وجود الروايات التي
تؤيدها، من حيث دلالتها على أن البنات ربائب، فلماذ نقض كلامنا بفرضية
أن تكون خديجة قد ولدت بنتين باسم زينب؟! مع أنه فرض لا أساس له
باعتراف المعترض نفسه، ولا يوجد ما يؤيده؟!
وإذا كان يريد أن يحرم علينا الفروض التي أبحناها
لأنفسنا، فلماذا أباح لنفسه ما حرمه علينا؟!
ثالثاً:
لماذا شنع علينا وعلى الكوفي حين احتملنا وجود هالتين، وتحدانا بانه
سيجعل رقبته تحت المقصلة إن جئنا له بنص يثبت ذلك؟!
ومن الذي قال:
إن خديجة هي التي تولت تسمية هذه البنت بزينب دون تلك؟!
فلعل أب تلك البنت هو الذي تولى تسمية ابنته في الموردين. كما أن من
الممكن أن يترك تسميتها لأمها.. وربما يسمى الأب هنا، وتسمى الأم هناك،
وقد يحصل العكس.. كما أن الأم قد تنفرد بتسمية الولد حين يكون الأب قد
مات قبل ولادته، أو غائب غيبة طويلة.
إن التسمية قد توكل لشخص ثالث، لأجل موقعه وشرفه، أو
لغرض آخر.. فإن التسمية للأولاد لم تكن من موقع السلطة والولاية، وإنما
كانت من موقع التراضي، والإكرام والمحبة، والدالة في كثير من الأحيان..
فلا معنى لقوله:
«والإنسان
إنما يسمي ولده، ولا سلطان له على ولد غيره».
إن ما ذكرناه من أن بنات النبي «صلى الله عليه وآله» قد
متن صغاراً لم يكن مجرد فرض معلق في الهواء، بل هو ما اقتضته كلمات
أولئك الذين صرحوا: بأن أولاد النبي «صلى الله عليه وآله» قد ماتوا
جميعاً، حتى شمت به المشركون، ووصفوه بالأبتر، فنزلت سورة الكوثر،
وولدت له فاطمة الزهراء بعد ذلك.
كما أنه هو ما يقتضيه تصريح الروايات والنصوص التي
ذكرناها بأن البنات اللواتي عشن إلى ما بعد الهجرة كنّ ربائب له «صلى
الله عليه وآله».
وأين هذا من الفرض الذي أورده المعترض، وصرح هنا بأنه
لا أساس له؟!
([1])
القول الصائب، ص129 و130.
([2])
القول الصائب، ص130.
([3])
بنات النبي «صلى الله عليه وآله» لا ربائبه، ص132 و133.
|