الإهداء:

   

صفحة : 5-16   

 
   

الإهداء:

   بسم الله الرحمن الرحيم

وله الحمد والصلاة والسلام على محمد وآله..

سيدي.. يا بن النبي.. ويا حفيد علي.. بحق أمك الزهراء المظلومة.. إلا ما كنت الشفيع لي إلى الله سبحانه.. في يوم لا ينفع مال ولا بنون، إلا من أتى الله بقلب سليم.

سيدي.. إن هذا الجهد الذي أرفعه إليك، وأضعه بين يديك.. ومعه كل هذا الأذى الذي أتحمله، وكل ما أتعرض له من خيانة وكيد.. وكل ما يرميني به الموتورون من سهام الحقد والشحناء، وقوارص الضغينة والبغضاء. إن ذلك كله.. لم يكن منافسة منا في سلطان، ولا التماس شيئ من فضول الحطام.. ولكن لنرد المعالم من هذا الدين.. نعم.. لنرد المعالم من هذا الدين، ونظهر كلمة الحق والهدى بين العباد، ونحملها وهي أمانة الله في أعناقنا لننشرها في مختلف البلاد..

سيدي.. فكن لي المعين والنصير، والولي، والمؤيد. فأنت باب الله وخيرة الله من خلقه، وصفوته، وحجته على عباده. وأنت المظهر للعدل والناشر للهدى في بلاده..

   سيدي، هذه حاجتي اليك، وطلبتي وضعتها بين يديك، فبحق أمك الزهراء، وعمتك زينب، إلاّ شملتني بعين عطفك ومحبتك ورعايتك.

     14شعبان 1418 هـ. ق.

 

تنبيه من كلام البعض:

يقول البعض:

«نحن ندعو إلى الحوار بين العلماء والنقد بينهم، وعلينا أن لا نعتبر النقد عداوة.. ولكننا لا نزال متخلفين نعتبر النقد عداوة». (نشرة فكر وثقافة، عدد 3ص 4)

فنحن عملا بهذه المقولة نبادر إلى عرض بعض ما طرحه هو نفسه من مقولات وأفكار، ونرجو من الله أن لا يعتبر ذلك عداوة حتى لا نكون متخلفين.

ويقول البعض أيضاً:

«أنا لا أدعي لنفسي العصمة، ولكنني أستطيع أن أقول: إن 99, 99% مما يقال وينشر ضدي هو كذب، وافتراء، وبهتان»([1]).

ونقول:

إننا نطلب من القارىء الكريم أن يراجع ويقارن فقط!!!.

وسئل البعض:

هل على المفكرين العظام أن ينظروا إلى ردود الفعل الآتية حول كلماتهم أم أن لهم نظرة أخرى؟!

فأجاب:

«لا بد لهم أن ينظروا إلى ردود الفعل لا أن يتعقدوا منها، ولكن عليهم أن يبحثوا في الأمر جيداً فقد يكون فيها شيء من الحقيقة، فليس معنى هذا أن من يرد عليك هو عدو، فنحن نقول كما علمنا أئمتنا: «رحم الله امرءاً أهدى إلي عيوبي»، فقد يكون الشخص الذي ينقدك أو ينقد فكرك يحبك أكثر مما يحبك الشخص الذي يمدحك.

لذلك فنحن سعداء أن ينتقدنا الناس، ونحن نسمع ردود الفعل ونقرؤها، ونفكر فيها، فإن كان فيها خير أخذنا بها، وإن لم يكن فيها خير دعونا لصاحبها بالهداية. وتبقى النظرة المستقبلية تتحرك على أساس متابعة الواقع»([2]).

ونقول:

إننا لم نجده أعلن عن تراجعه ولو عن مفردة واحدة مما أثير، مما يعد بالمئات، بل بالألوف، كما يظهر من كتابنا هذا، مما يعني أن كلامه هذا لم يزل في مستوى الشعار، ولم يتحول إلى عمل وممارسة خصوصاً وهو يعلن أن أفكاره ما تزال أفكاره، وأنه يتحمل مسؤوليتها مائة بالمائة. مما يعني أنه ملتزم حتى بالمتناقضات، وسنرى الكثير منها في هذا الكتاب.

وقد سئل البعض:

كثير من الأفكار والطروحات بدأ البعض يطرح التأويل والشكوك حولها منذ فترة، علماً أنها كانت موجودة في مقالاتكم وكتبكم منذ الثمانينات، وكانوا يرون بأنها مميزة ومهمة. ما هو سر الإنقلاب؟!

فأجاب ذلك البعض بقوله:

«اسألوا هؤلاء الأشخاص فهم يتحملون مسؤولية ما يقولونه، فمن جهتي أفكاري ما تزال أفكاري، ومستعد أن أتحمل مسؤوليتها مائة بالمائة ـ وأنا مستعد أن أشكر كل من يدلني على خطأ في قول وفعل، وأعتبر أنه قدّم لي هدية في هذا المجال ـ ولكن الكثير من الناس يشتمون ويشتمون، ولا يحاورون، ولا يناقشون»([3]).

ونقول:

سبحان من يغير ولا يتغير!! فهل يعقل أن يعلن أحد عن عدم حدوث أي تغيير في افكاره طيلة ما يقرب من عقدين من الزمن، ولا تتكامل أفكاره ولا يطرأ عليها أي تطور نحو الأفضل أو أي تقليم أو تطعيم، علماً أن في تلك الأفكار الكثير من الإختلاف والتناقض أو نحو ذلك؟!

يقول البعض:

«إنه عندما تطرح القضية ويكون فيها موقفان فإن صاحب الموقف الذي يرى الحق له يتكلم على أساس أنه لا يخاطب شخصاً ولكن يخاطب موقفاً ويخاطب رأياً ويخاطب اتجاهاً، مضافاً إلى أنه في الحق لا مجال للمجاملة، ذلك أن المجاملات والديبلوماسيات والكلمات الضبابية إنما هي في العلاقات الإنسانية التي تتصل ببعض الأوضاع التي يعيشها المجتمع في خطوطه، أما عندما تكون القضية قضية إثبات حق ودحض باطل، فإن المجاملة تكون خيانة، وإن الإعتبارات الإجتماعية حينئذٍ لا تسقط الإعتبارات الموضوعية العلمية، ولذلك كانوا يتكلمون بكل صراحة الحق الذي يعتقدونه، ومن المفارقات أن هذا الحق الذي يطرحونه بكل صراحة وبكل موضوعية لا يثير رد فعل اجتماعي سلبي كما لو يتساءل البعض: كيف تتجرأ على هذا وكيف تتكلم مع هذا بهذه اللغة لأنهم كانو يعيشون المسألة في أجواء الصراحة في الحق، ولم تؤثر فيهم كل هذه الأساليب التي جاءت بها الحضارات من تغطية الحق بكلمة هنا وبعاطفة هناك»([4]).

هكذا هو شعورنا:

يقول البعض في كتابه «من وحي القرآن» ج2 ص171:

«وقد يكون الأساس في اختيار النبي للخطاب، ثم اتباع أقسى الأساليب شدة في خطاب الله معه، هو الإيحاء بأن هذه القضية هي من القضايا التي تبلغ مرحلة كبيرة من الأهمية والخطورة بالمستوى الذي لا يمكن فيها مراعاة جانب أي شخص، وإن كان عظيماً في مستوى عظمة النبي محمد «صلى الله عليه وآله»، لأن عظمة الأشخاص وقداستهم مستمدة من طاعتهم لله فيما يريد وفيما لا يريد فإذا انحرفوا عن الخط، ولن ينحرفوا عنه، سقطت عظمتهم وتحولوا إلى أشخاص عاديين خاطئين لا يملكون لأنفسهم من دون الله ولياً ولا نصيراً.

   ويعتبر هذا أسلوب من الأساليب البارزة في القرآن في القضية التي تتخذ جانب الخطورة على أساس العقيدة وصدقها وسلامتها من الإنحراف».

 

قبل المقدمة:

بسم الله الرحمن الرحيم

والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين.. واللعنة على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين.

لولا كتاب مأساة الزهراء:

لم أكن أقرأ له.. لأنني ـ شأن كثيرين غيري عاشوا في حواضر العلم ـ أعتبر كتبه ومقالاته تخصّ جيلا بعينه، وتعنيه، وتريد أن ترشده وتهديه.

وقبل أكثر من أربع سنوات.. وفي مسجد بئر العبد بالذات، وأمام كاميرا الفيديو.. تحدث إلى طائفة من النساء عن الزهراء «عليها السلام»، وعن مأساتها..

فأثار تساؤلات، على حدّ تعبيره.. وأصدر أحكاما، أثارت عاصفة من الإحتجاج، ووجهت بالإدانة والرفض..

فتراجع في رسائل له مكتوبة، وعبر وسائل مسموعة..

ولكنه بعد أن هدأت العاصفة، عاد ليثير نفس الأفكار عن الزهراء «عليها السلام»، ويحرك قضايا، ويطرح مسائل هي الأخرى حسّاسة   وهامّة.

ورأيت أن من واجبي أن أطّلع على بعض مقولاته وطروحاته، فقرأت له بعض ما كتب ونشر، وسمعت نزرا يسيرا مما بثّته إذاعة محليّة تابعة له..

ففوجئت بما قرأت وسمعت، إلى درجة كبيرة.. وأدركت خطورة الأمر.. فبذلت محاولات كثيرة للدخول في حوار مثمر ومفيد، يمنع من تفاقم الأمور، ويعيدها إلى نصابها، فلم أوفق في ذلك.

وكان كتاب «مأساة الزهراء «عليها السلام»: شبهات وردود» بمثابة إعلانٍ لفشل تلك الجهود، ودق ناقوس الخطر بالنسبة للموضوع برمّته..

وكان أن تحرّكت بعنف وشراسة حرب الإشاعات والإتهامات، وقيل ما قيل، ونُشِر ما نُشِر، وأصدروا عددا من الكتب.. وبدا واضحا أن ذلك كله ـ تقريباً ـ يهدف إلى تعمية الأمر على الناس، وإبعادهم عن الموضوع الأساس والحساس جدّا، والمصيري من الناحية الإيمانية، والعقائدية..

وكان خيارنا الوحيد لإنجاز التكليف الشرعي الملقى على عواتقنا، تقديم نبذة يسيرة من مقولات يعرف كل عالم بصير: أنها لا تنسجم مع مدرسة أهل البيت .. فكان هذا الكتاب..

ونحن على يقين بأن حملاتهم التشكيكية وغيرها ضدّنا، ستكون هذه المرة أشدّ ضراوة وأقسى.. غير أننا نريد لكل المخلصين أن يطمئنوا إلى أن ذلك يزيدنا معرفة، وسيعزز من صلابتنا في نصرة الحق، وتوخّي المزيد من الصراحة في بيان الحقيقة، مهما كان الثمن..

ومن جهة أخرى، وقبل حوالي ثلاثة أشهر سرقت إحدى مسوّدات هذا الكتاب، ورغم أنها كانت ناقصة بدرجة كبيرة، وغير منقحة، فقد بيعت لمن يهمهم الأمر بمبلغ كبير من المال، هو ـ على ذمة الشهود ـ يعد بآلاف الدولارات!.

وعلى أثر ذلك نشطت مساع من هنا وهناك، كان من بينها ما شارك فيه عدد من أهل العلم، الأعزاء والأحباء، يطالبوننا بتأخير إصدار هذا الكتاب، ولو لمدة وجيزة، آخذين على عاتقهم إقناع البعض بإصدار كتاب يشتمل على تصحيحات من شأنها أن تحل الإشكال القائم وتعيد الأمور إلى نصابها. على اعتبار: أن ثمة خطأ يحتاج إلى تصحيح ولا نُصِرّ أن يكون ذلك بأيدينا، فرحبنا بهم جميعا، وقطعنا على انفسنا وعدا بتأخير إصدار هذا الكتاب مدة عشرة أو خمسة عشر يوما، إذ لا يحتاج هذا المهم إلى أكثر من ذلك.

ثم مدّدت المهلة مرة ثانية. وفي المرة الثالثة مددناها لمدة شهر، ومضى أكثر من شهرين، وذهبت تلك الأيام التي حددت في تلك المرات، ولحقتها أيام عديدة أخرى.. ونحن ننتظر الفرج..

وجاء الفرج أخيرا على شكل كتاب تخيّل مؤلفه أنه يرد على كتابنا «مأساة الزهراء «عليها السلام» وكتاب «مأساة الزهراء «عليها السلام» وتعرض أيضاً لكتاب: الصحيح من سيرة النبي الأعظم «صلى الله عليه وآله».

ولم يفاجئنا كل ذلك في حد نفسه. ولكن ما لفت نظرنا هو أنه قد تعرض بصورة مبطنة، فيها شيئ من إظهار (الشطارة) لكتابنا هذا بالذات، مستفيدا ـ كما هو ظاهر ـ من تلك النسخة التي سرقت وبيعت بذلك المبلغ الكبير من المال..

ومهما يكن من أمر، فقد أحببنا أن نعرف القارئ الكريم بحقيقة ما جرى وأن ينتظر المزيد من أمثال هذه الأمور، فإن ذلك من حقه علينا..

وإذا كان ذلك قد أزعجه، فنحن نعتذر إليه وعليه منّا سلام الله، ورحمة منه وبركات.

وعودا على بدء، نكرر ونقرر: أن الزهراء «عليها السلام» في مأساتها ومعاناتها، ومواقفها الرسالية، كما عرّفتنا الحق بعد وفاة النبي «صلى الله عليه وآله»، ها هي في غيبة الولي توضح المكنون، وتظهر ما كنا عنه غافلين..

وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.

فصلوات الله وسلامه على الزهراء، وأبيها، وعلى بعلها وبنيها..

 


([1]) رؤى ومواقف، عدد2، سنة 1417هـ، 1996م، دار الملاك، وجريدة فكر وثقافة.

([2]) الندوة ج2 ص444.

([3]) الزهراء المعصومة: ص47 و 48.

([4]) الزهراء القدوة ص240.

 
 

موقع الميزان