صفحة :127-158   

الفصل الأول

إنكاره هكذا بدأ..

بـدايـة:

إننا نذكر في هذا الفصل طائفة من مقولات هذا البعض الرامية إلى إنكار ما جرى على الزهراء مثل:

ألف: ضربهم لها بالسوط.

ب: إحراق باب بيتها.

ج: كسر ضلعها.

د: إسقاط جنينها.

هـ: دخول بيتها.

و: عصرها بين الباب والحائط.

ز: لطم خدها.

ح: رضيت عن الشيخين.

ط: استشهادها.

ي: الهجوم على بيتها.

ك: ظهور ومعرفة قبرها.

ل: بل هو يقول:

«إن الذين جاء بهم عمر كانت قلوبهم مملوءة بحب الزهراء، فكيف نتصور ان يهجموا عليها..».

ونذكر من كلماته ما يلي:

630 ـ أنا لا انفي كسر ضلع الزهراء لكنني غير مقتنع بذلك.

631 ـ النفي يحتاج إلى دليل كما الإثبات يحتاج إلى دليل.

يقول البعض:

«أنا لا أنفي قضية كسر الضلع، ولكنني أقول: إنني غير مقتنع بذلك. وكما أن الإثبات يحتاج إلى دليل. كذلك النفي يحتاج إلى دليل».

ويقول في أجوبته على آية الله التبريزي:

«إنني لم أنكر ذلك لأن الإنكار يحتاج إلى دليل وليس عندي دليل على النفي».

وقفة قصيرة:

إنه قد ذكر أسباب عدم اقتناعه، وفقاً لما أوردناه في هذا الكتاب، وفي كتاب مأساة الزهراء، وقد قلنا في ذلك الكتاب: إنها أسباب هي أشبه بالطحلب يمسك به الغريق، فراجع ذلك الكتاب، أما هنا فنكتفي بإلفات نظر القارئ الكريم إلى ما يلي:

إن ما ذكره هذا البعض لا يمكن قبوله منه، وذلك للأسباب التالية:

1 ـ إن مقولات هذا البعض تظهر أنه غير مقتنع بأي شيء مما جرى على الزهراء؛ لأنه يدعي: أن حبهم للزهراء، ومكانتها، ولان ضرب المرأة عيب وغير ذلك من تعللات واهية، يمنع من حدوث كسر الضلع وإسقاط الجنين، والضرب، وإحراق البيت وغير ذلك..

2 ـ إن هذا البعض الذي هو غير مقتنع لم يزل يجهد عبر مختلف وسائل الإعلام التي تقع تحت اختياره، وفي أية فرصة تسنح له.. لزرع الشك في نفوس الناس.. ولم يزل يحشد ما يراه أدلة وشواهد على عدم صحة ذلك، تحت ستار إثارة علامات استفهام.. فلماذا هذا الحرص منه على إقناع الآخرين بعدم صحة ذلك؟!

3 ـ إن مهمة العالم هي أن يحلّ المشكلات التي يواجهها الناس في حياتهم الفكرية، خصوصاً فيما يطلبه الناس منه، ويرون أنه هو المسؤول عنه، ويدخل في دائرة اختصاصه.. فإما أن يثبت لهم الأمر الذي يتحدث عنه بدليل، أو ينفي بدليل، أو يطلب لنفسه إجازة، يحزم فيها أمره إلى جانب هذا الإثبات، أو مع ذلك النفي. وليس من حقه أن يثقف الناس بمشكوكاته..

4 ـ إن الرجل العادي إذا أعرب عن شكه، فالناس يعتبرون شكه ناشئاً عن عدم علمه. أما إذا كان المعرب عن شكه يقول للناس إني عالم، ويتصدى لما يتصدى له العلماء، فان الناس سيرون ان شكه شك علمي، وهو يساوق عدم ثبوت الحقيقة إلى درجة النفي والإنكار.

632 ـ أنا لا أتفاعل مع أحاديث كسر ضلع الزهراء.

633 ـ أنا لا أتفاعل مع أحاديث ضرب الزهراء على خدها.

634 ـ يتحفظ على أحاديث ضربها وكسر ضلعها.

635 ـ ضربها وكسر ضلعها وإسقاط جنينها لا يتصل بالعقيدة.

636 ـ لا يهمني كسر ضلع الزهراء أو لم يكسر.

637 ـ القول بكسر ضلعها أو عدمه لا يمثل له أية سلبية أو إيجابية.

يقول البعض عن كسر ضلع الزهراء:

«قلت: أنا استبعد ذلك، ولا أتفاعل مع الكلمة نفسها»([1]).

ويقول البعض:

«سواء كسر ضلع الزهراء أو لم يكسر، فان ذلك لا يقع في دائرة اهتماماتي».

ويقول:

«أنا ليست القضية من المهمات التي تهمني، سواء قال القائلون: إن ضلعها كسر، أو لم يقل القائلون. هذا لا يمثل بالنسبة لي أية سلبية، أو أية إيجابية، هي قضية تاريخية. تحدثت عنها في دائرة خاصة، ولم أتحدث عنها في الهواء الطلق ولكن الذين يصطادون في الماء العكر حاولوا أن يجعلوا منها قضية للتشهير.. وإلا.. فهذه القضية ليست من المهمات التي اهتم بإثباتها ونفيها، لا من ناحية علمية، ولا من ناحية سياسية..».

ويقول:

«إنا لا أتفاعل مع كثير من الأحاديث التي تقول بأن القوم كسروا ضلعها، أو ضربوها على وجهها، أو ما إلى ذلك. إنني أتحفظ في كثير من هذه الروايات».

ويقول:

«قلت: إني لا أتفاعل. بمعنى أن لدي علامات استفهام لا بد من الإجابة عنها بطريقة علمية»([2]).

وقفة قصيرة:

إننا نجد أنفسنا في غنى عن تحديد مواضع الخلل في الأقاويل السابقة، ولكننا مع ذلك نذكر القارئ الكريم بما يلي:

1 ـ إذا كان كسر ضلع الزهراء، وكذلك ضربها، وإسقاط جنينها لا يقع في دائرة اهتمامات هذا البعض، فلماذا هو مهتم بحشد الأدلة والشواهد من كل حدب وصوب من اجل تشكيك الناس بهذا الأمر؟!

2 ـ إذا كان ذلك لا يدخل في دائرة اهتماماته، فلماذا سأل ـ حسبما يدعي هو ـ السيد شرف الدين عن هذا الأمر في أوائل الخمسينات، أي قبل ما يقرب من خمسين عاماً من هذا التاريخ؟!..

3 ـ إذا كان ذلك لا يدخل في دائرة اهتماماته.. فلماذا كان مهتماً ببحث هذا الأمر؟! حسبما سجله في رسالة منه أرسلها إلى إيران، لجعفر مرتضى العاملي بتاريخ 3/6/1414 هـ. فهو يقول:

«إن لدي تساؤلات تاريخية تحليلية في دراستي الموضوع، كنت أحاول إثارتها في بحثي حول هذا الموضوع».

ويقول فيها أيضاً:

«كنت آنذاك أحاول البحث في الروايات حول.. هذا الموضوع وقد عثرت أخيراً على نص في البحار الخ..» ([3]).

وثمة عبارات أخرى تفيد هذا المعنى في الرسالة نفسها.

4 ـ إذا كان لا يهتم لهذا الأمر، فلماذا ناقش كل العلماء في هذا الأمر في إيران وغيرها.. على حد تعبيره؟!

5 ـ إذا كان لا يهتم لهذا الأمر، فلماذا يدعو العلماء لدراسة هذا الأمر؟! ويقول في رسالته للسيد جواد الكلبايكاني:

«كنت في ذلك الوقت في حالة بحث تاريخي حول الموضوع».

ويقول فيها أيضاً:

«لذلك كنت أحاول دراسة الموضوع تاريخياً، من جهة السند، ومن جهة المتن، ومن خلال بعض التحليلات التاريخية، فكان الجواب في ذلك المجتمع النسائي مختصراً وسريعاً على نحو إثارة الاحتمال. ولكنني عثرت في أبحاثي بعد ذلك على كثير من النصوص الخ..»([4]).

6 ـ وإذا كانت المسألة لا تدخل في دائرة اهتماماته، فلماذا يكتب للسيد الكلبايكاني أيضاً:

«إني أعتقد أن علينا ان نبحث هذه الأمور بطريقة علمية، قبل أن يبحثها غيرنا من أعداء أهل البيت»؟!

ويقول في نفس الرسالة المنشورة والتي كتبها بخط يده أيضاً:

«إنني أدعو جميع إخواني من العلماء والباحثين إلى دراسة هذه الأمور بالدقة والتحقيق؛ لأن ذلك هو سبيل الوصول إلى الصواب، وهو الطريقة المثلى لتأكيد كل تراثنا بالطريقة المثلى، على أساس الحق والواقع»([5]).

7 ـ لماذا لا يهتم هذا البعض لكسر ضلع الزهراء، وضربها، وإسقاط جنينها، ويهتم لأحد ابنائه لو فرض ـ لا سمح الله ـ أنه جرح، واحتاج إلى طبيب؟!

8 ـ هل هذا البعض لا يهتم لكل قضايا التاريخ، أم أن عدم اهتمامه هذا يختص بضرب الزهراء، وكسر ضلعها وحسب، رغم ما لهذه القضية من ارتباط بكثيرٍ من الشؤون العقائدية والإسلامية..

9 ـ لماذا يهتم النبي «صلى الله عليه وآله» والأئمة الطاهرون بما يجري على الإمام الحسين «عليه السلام»، وبما يجرى على الزهراء؟! ولا يهتم هذا البعض به؟!

10 ـ إن الذين ضربوا الزهراء، وكسروا ضلعها، وأسقطوا جنينها و.. و.. قد تصدوا لأعظم وأخطر مقام بعد الرسول، وهو مقام الخلافة له «صلى الله عليه وآله».. ومعرفة واقع هؤلاء مفيد جداً لكل مسلم يريد أن يعيش الإسلام بكل صفائه وحيويته ونقائه.. فليس هذا الأمر سخيفاً، ولا تافهاً.. وليس هو من قبيل معرفة تاريخ الآشوريين، أو الكلدان، وغيرهم من الشعوب التي بادت.

11 ـ إن هذا البعض الذي لا يهتم لضلع الزهراء «عليها السلام»، مهتم جداً بالتأكيد على أن الذين هاجموا الزهراء كانوا يحبونها، ويحترمونها، ويجلونها، فكيف يهاجمونها، فضلاً عن أن يضربوها، أو أن يكسروا ضلعها، أو أن يسقطوا جنينها، أو أن يحرقوا بابها؟! على حد تعابيره..

12 ـ ما معنى قوله:

«إن ضرب الزهراء.. و.. و.. لا يمثل عنده أية سلبية، أو إيجابية»؟!

وما معنى أن لا يهتم بإثبات أو نفي هذه القضية، لا من ناحية علمية، ولا من ناحية سياسية؟!

13 ـ إن هذا البعض يحاول التقليل من خطورة مقولاته التي أطلقها، فيقول:

«هي قضية تاريخية تحدثت عنها في دائرة خاصة، ولم أتحدث عنها في الهواء الطلق».

ونقول:

أولاً: إن الحديث عن هذه القضية قد كان في مسجد الإمام الرضا «عليه السلام» في بئر العبد، أمام كاميرا الفيديو، وأجهزة ضبط الصوت. وفي مجتمع نسائي مفتوح.. فهل ذلك دائرة خاصة، وليس حديثاً في الهواء، الطلق؟!

ثانياً: إن خطأ هذه المقولات، وخطورتها، لا يدفعه ولا يرفعه أن يكون هذا البعض قد أطلقها في الهواء الطلق، أو في دائرة خاصة..

ثالثاً: سواء أكان قد قالها في دائرة خاصة، أو في الهواء الطلق، فإن إصراره عليها، وحرصه على إقناع الناس بها عبر إذاعة تابعة له.. وحتى عبر قنوات التلفاز حتى الإقليمية منها وبغير ذلك من وسائل.. يفرغ هذا التبرير من محتواه، ويسقطه عن الصلاحية لتبرير أي شيء.

638 ـ ناقشت كل العلماء في إيران وغيرها حول ضرب الزهراء فلم يقنعوني.

639 ـ نفي الضرب وإسقاط الجنين، وكسر الضلع لا يعني تبرئة أحد.

640 ـ ضرب الزهراء والإسقاط و.. لا يتصل بالعقيدة.

641 ـ الإجماع على الضرب وإسقاط الجنين لم يقنع هذا البعض.

642 ـ هذا البعض يسأل الناس العاديين: هل كسر الضلع ثابت عندكم؟!

يقول البعض:

«ضرب الزهراء، وإسقاط جنينها، وكسر ضلعها قضية تاريخية، ليست متصلة بالعقيدة».

ويقول البعض أيضاً:

«لدي علامات استفهام تحتاج إلى جواب، والحقيقة لم أجد لها جواباً، ناقشت كثيراً من العلماء، كل العلماء في إيران وغيرها، حول مسألة ضرب الزهراء وغيرها، فلم يقنعوني».

 ويقول([6]):

«لم أثر الموضوع، بل كان حديثاً خاصاً، استغله الحاقدون، ونشروه بين الناس، فإذا كان هناك إساءة لذكرى الزهراء، فهم الذين يتحملون مسؤوليتها».

ويقول:

«إن نفي ضرب الزهراء، وإسقاط جنينها، وكسر ضلعها، لا يعني تبرئة أحد ممن ظلموها، فما هو الحرج في ذلك»؟!

ويسأله بعض الأخوة عما ينسب إليه حول الإعتداء على الزهراء وكسر ضلعها، فيرد السؤال على السائل ـ وهو رجل عادي ـ ويقول له:

هل كسر الضلع ثابت عندكم أنتم؟! وما الدليل؟!.

وقفة قصيرة:

ونحن نشير هنا إلى ما يلي:

1 ـ إنه إذا كان قد ناقش كل العلماء في إيران وفي غيرها، فلماذا لم ينتشر خبر هذه المناقشات، ولم يسمع أحد بنتائجها؟!

2 ـ إذا كان قد ناقش كل العلماء، فلماذا أنكروا عليه وأصدروا في حقه الفتاوي في خصوص الفترة التي وصلهم فيها نبأ حديثه في مسجد بئر العبد أمام طائفة من النساء، واطلعوا على شريط الفيديو والكاسيت، الذي سجل بعض مقولاته فيه؟!

3 ـ إن العلماء في إيران فقط يعدّون بعشرات الألوف، فكيف بمن هم خارج إيران، فمتى تسنى له الاجتماع بهم، ورؤيتهم فضلاً عن أن يكون قد ناقشهم جميعاً؟!

4 ـ إذا كان هذا الأمر حديثاً خاصاً، نشره الحاقدون بين الناس، وجعلوه وسيلة للتشهير، فكيف ناقش كل العلماء في إيران وغير إيران في هذا الأمر، ولم يقنعوه ولم ينشر عنه ذلك الحاقدون، ولا جعلوه وسيلة للتشهير به؟!

5 ـ إنه إذا كان قد ناقش كل العلماء في إيران وفي غيرها فإنه بلا شك لم يستطع أن يجد ولو عالماً واحداً يوافقه الرأي فيما يذهب إليه.. فإنه قد عجز عن إقناع أيٍ منهم عجزاً ذريعاً.. ولأجل ذلك نجدهم بمختلف طبقاتهم قد هبوا لنصرة دينهم، وسجلوا إدانتهم له، ولما سمعوه من مقولاته..

6 ـ وأما قوله:

«إن نفي ضرب الزهراء ونفي إسقاط جنينها، وإنكار كسر ضلعها، لا يمثل تبرئة للظالمين».

فهو عجيب وغريب.. فإنك إذا قلت: إن فلاناً لم يضرب فلانةً، فقد برأته من تهمة ضربها، فإذا قلت: إنه لم يكسر ضلعها.. فقد برأته من هذه التهمة أيضاً. فإذا قلت: إنه لم يسقط جنينها، فقد برأته من ثلاثة اتهامات.

وواضح: أن هذا البعض لم يعترف إلا بالتهديد بإحراق البيت من قبل أناس قلوبهم مملوءة بحب صاحبة البيت، ويعرفون أن مكانتها لا تسمح لهم بفعل أي شيء ضدها. وجرم هذا الشخص الذي اكتفى بالتهديد، ولم يزد عليه شيئاً اقل بكثير من جرم من يعتدي بالضرب. فكيف إذا زاد على ذلك إسقاط الجنين، وكسر الضلع، وغير ذلك؟!.

ويمكن عودة المياه إلى مجاريها بسهولة إذا كانت الجريمة هي مجرد تهديد من محب ولكن عودتها إلى مجاريها ستكون أصعب بكثير حين تكون هناك جريمة ضرب، واقتحام بيوت وقتل جنين وكسر عظام، وما إلى ذلك..

7 ـ أما بالنسبة لكون ضرب الزهراء «عليها السلام»، وإسقاط جنينها، وكسر ضلعها لا يتصل بالعقيدة.. فهو أغرب وأعجب، فإن من يدعي لنفسه مقام الإمامة والخلافة لرسول الله.. إذا كان لم يرتكب أي جرم، سوى التهديد الظاهري للزهراء «عليها السلام»، فإن قبول دعواه لهذا المقام العظيم سيكون أيسر مما لو كان قد ارتكب جريمة قتل جنين، وضرب سيدة نساء العالمين، وكسر ضلع من يغضب الله لغضبها، ويرضى لرضاها.. إذ لا ريب في أن من يكون كذلك لا يكون صالحاً لمقام خلافة الرسول الأعظم «صلى الله عليه وآله».

8 ـ لماذا هذا الإصرار على تشكيك الناس في ما جرى على الزهراء «عليها السلام»؟! وهل يقبل من يجعل نفسه في عداد العلماء أن يطرح على الإنسان العادي سؤال: هل كسر الضلع ثابت عندكم؟ وما الدليل؟! إلا إذا كان يسعى إلى تشكيكه فيما يعتقده..

9 ـ وهل يليق بالعالم أن يطرح شكوكه على الناس العاديين، ثم يقول لهم: أنا لا أريد أن أنفي. أنا أريد أن أثير علامات استفهام؟!

وماذا يفهم الناس العاديون إذا قال لهم العالم: أنا شاك في ثبوت هذا الأمر؟! ثم يقيم لهم عشرات الأدلة على أن ذلك بعيد وغير معقول. ثم يقول لهم: أنا لا أنفي ذلك..

643 ـ سكوتها عن مطالبة الشيخين دليل على عدم ضربهم لها.

644 ـ سكوتها عن مطالبة الشيخين دليل على عدم إسقاط الجنين.

645 ـ لو اعتدوا على الزهراء لما سكت الناس.

646 ـ لم تضرب فاطمة، ولا كسر ضلعها، ولا كشف بيتها، بدليل قول كاشف الغطاء.

647 ـ لو ضربت الزهراء لاحتج به علي.. لأن ذلك يثير الجماهير..

648 ـ لا دليل شرعياً على إحراق الباب.

649 ـ لا دليل شرعياً على ضرب الزهراء.

650 ـ لا دليل شرعياً على كسر الضلع.

651ـ تحريف سند الرواية ثم القول: سند رواية دلائل الإمامة ضعيف.

651 ـ ضرب المرأة عيب عند العرب فكيف ضربت الزهراء.

652 ـ كاشف الغطاء يشكك في ما جرى على الزهراء.

يقول البعض:

«لماذا لم تذكر الزهراء ما جرى من ضرب، وإسقاط جنين لأبي بكر وعمر، عندما جاءا إليها ليسترضياها»؟!

ويقول:

«ليس ثمة دليل شرعي على أنهم ضربوها، وأحرقوا الباب، وكسروا الضلع. وأما رواية دلائل الإمامة فهي ضعيفة، لأن راويها محمد بن سنان، ووثاقته محل نظر. ولو كان عبد الله بن سنان فهو ثقة، لكنه محمد بن سنان. والأغلبية لا يأخذون بكلامه».

ويقول:

«كيف يمكن أن يضرب المهاجمون الزهراء، وقد كان ضرب المرأة عيباً عند العرب»؟!

ويقول في أجوبته على آية الله التبريزي، فيما زعم أنه رد عليه:

«كما أن الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء يشكك في ذلك، لا من جهة تبرئة عمر، ولكن لأن ضرب المرأة عند العرب كان عاراً على الإنسان وعقبه، كما جاء في نهج البلاغة، فهو أمر مستنكر وعار عند الناس، لذلك لا يفعلونه خوفاً من العار، كما يقول كاشف الغطاء»([7]).

ويقول فيما اعتبره رداً على آية الله التبريزي أيضاً:

«وما ذكرتموه عن دلائل الإمامة تحت عنوان بسندٍ معتبر، ليس معتبراً؛ لأن الراوي هو محمد بن سنان، الذي لم يوثق عندنا، وعند سيدنا الأستاذ السيد الخوئي قده»([8]).

وقد استدل البعض، بإجابة الشيخ محمد حسين آل كاشف الغطاء ـ الذي وصفه بأنه من المفكرين ـ على سؤال حول هذا الموضوع، معتبراً أن كلام كاشف الغطاء يثبت عدم صحة ما يقال من كسر ضلع الزهراء «عليها السلام»، بسبب ضرب المهاجمين لها، كما أن ذلك ينفي ما يقال من دخولهم بيتها، وضربها، وما لحق أو سبق ذلك من أحداث.

واستدل أيضاً على نفي حصول أي شيء على الزهراء بأن الناس لن يوافقوا على التعرض للزهراء «عليها السلام» بسوء أو أذى. ولن يجرؤ المهاجمون على فعل أي شيء ضدها. لأن الناس لا يقبلون ذلك منهم.

ويتساءل هذا البعض عن السبب في عدم استفادة علي «عليه السلام» من هذا الأمر في حجاجه واحتجاجه، مع أن فيه حجة قوية وهامة عليهم، وإثارة عاطفية من جميع الجهات ضدهم على حد تعبيره.

وقفة قصيرة:

والنقاط التي نريد إثارتها هنا هي التالية:

1 ـ إن هذا البعض يقول: إنه لم ينكر ما جرى على الزهراء «عليها السلام» وإنما أثار علامات استفهام. والذي نورده في هذا الفصل من استدلالات مختلفة له هي استدلالات على عدم حصول هذا الأمر.. فهو يقول: «أشك»، ولكنه يقيم عشرات الادلة على النفي..

2 ـ إن هذا البعض يعترف بأن الزهراء قد ظلمت في غصب فدك، وفي تهديدها بالإحراق، وفي غصبهم الخلافة من علي «عليه السلام».

ثم إنه هو نفسه يستدل على نفي حصول الضرب، وإسقاط الجنين، وكسر الضلع، بأن ذلك لو صح، فقد كان اللازم أن تذكر ذلك لأبي بكر وعمر، حينما جاءا ليسترضياها..

ونقول في جوابه:

لماذا لم تذكر الزهراء جرائمهم في غصب فدك، والخلافة والتهديد بالإحراق للشيخين حينما جاءاها ليسترضياها؟!

فإذا كان اللازم: أن تذكر لهما ضربها، وإسقاط جنينها وكسر ضلعها، فإن اللازم أيضاً: أن تذكر لهما ما يعترف هو بحصوله أيضاً: من أنهم هددوها بالإحراق على الأقل و.. و..

3 ـ إن الزهراء قد تحدثت حين جاءها الشيخان بصورة كلية وعامة، فذكرت لهما: أنهما آذياها وأغضباها.. وأنها لن ترضى عنهما. ولو أنها ذكرت ما أصابها من ضرب وسقط جنين وغير ذلك، لكانت قد مكنتهم من تشويه القضية، بإشاعة: أن القضية مجرد حنق شخصي، وسيقولون للناس: إنه قد كان على الزهراء أن تكون أكثر مرونة وتسامحاً، حيث إن العفو هو سبيل الإنسان المؤمن. وفي ذلك تضييع للقضية الأساس والأهم، بل هو يستبطن الطعن في شخصية سيدة نساء العالمين، والتي يرضى الله لرضاها، ويغضب لغضبها، حيث إن ذلك يظهرها بمظهر من يهتم بنفسه أكثر مما يهتم بقضايا الدين، والإسلام والإيمان.

4 ـ إن عدم الاحتجاج بأمر لا يدل على عدم وقوع ذلك الامر، إذ قد تحصل موانع من الاحتجاج به.

ثم إن ما فعله هؤلاء لم يكن بالأمر الخافي على أحد، فلا فائدة من الاحتجاج به، إلا إذا كان ثمة ضرورة لإحراجهم بإلزامهم بالامر. حيث يكون لهذا الإلزام فائدة وليس ثمة من عائدة، لأنهم كانوا مصرين على ما فعلوه. حتى إنهم لم يعترفوا لها ولو بغصب فدك، فمن لا يتراجع عن هذا الأمر الصغير، هل يتراجع عن ذلك الأمر الكبير والخطير؟!..

5 ـ بالنسبة لرواية دلائل الإمامة، نقول لهذا البعض: إن راويها هو عبد الله بن سنان الذي يعترف هذا البعض نفسه بوثاقته، فسند الرواية صحيح. وليس هو محمد بن سنان، كما زعم هذا البعض..

ولا ندري ما هو السبب في تغييره وتبديله في سند هذه الرواية، لينقلب الأمر في وثاقة راويها رأساً على عقب؟!

6 ـ ما معنى قوله: ليس ثمة دليل شرعي على أنهم ضربوها، وأحرقوا الباب، وكسروا الضلع.. أليس قد ذكرنا في كتابنا مأساة الزهراء مئات الروايات والنصوص الدالة على ذلك كله؟! فإذا لم يكن هذا دليلاً شرعياً، فما هو الدليل الشرعي الذي يطلب؟!

7 ـ إن كون ضرب المرأة عيباً لا يعني عدم ارتكابهم لهذا العيب إذا وجدوا أن أمراً خطيراً جداً سوف يخسرونه كما هو الحال هنا([9]).

8 ـ قد جلدت السيدة زينب بالسياط كما ذكر هذا البعض نفسه وكذا سائر السبايا..

وكان المشركون يعذبون النساء في مكة، حتى ماتت سمية أم عمار بن ياسر تحت التعذيب، وقد اعترف عمر نفسه بأنه كان يعذب جارية بني مؤمل.

ولما مات عثمان بن مظعون بكت النساء فجعل عمر يضربهن.

وأهدر النبي «صلى الله عليه وآله» دم هبار بن الأسود، لأجل ما كان منه في حق زينب.

وضرب عمر النساء ومنهن أم فروة أخت أبي بكر لأنها بكت أخاها؟.. إلى غير ذلك مما لا مجال لاستقصائه؟!

9 ـ لا ندري بعد كل ما قدمناه متى كانت أقوال الرجال حجة في اثبات الحقائق أو نفيها؟! فعلام إذن يستشهد بكلام كاشف الغطاء يا ترى؟!

على أن كاشف الغطاء لا ينفي مظلومية الزهراء بصورة قاطعة، بل هو يعبر عن حيرته وذهوله.. من هذا الأمر الفظيع الذي جرى على بنت رسول الله «صلى الله عليه وآله». وقد تحدث في شعره عن مظلومية الزهراء، فقال:

وفي الطفوف سقوط السبط منجدلاً     من سقط محسن خلف الباب منهجه

وبالخيام ضرام النـار من حطـب        بباب دار ابنــة الـهادي تـأججه

ولأجل ذلك، فإننا نرى: أن كلام هذا الرجل ربما يكون قد جاء للإجابة على سؤال من قبل من يقدس أولئك المهاجمين، فجاءت إجابته «رحمه الله» كافية لبيان الحقيقة من جهة، ولا تثير حساسية هذا النوع من الناس من جهة أخرى.

وإن من يلاحظ كلماته في جنة المأوى ص83، ابتداء من قوله: طفحت، واستفاضت كتب الشيعة.. وانتهاء بقوله: ما يعد أعظم وأفظع، يجد صحة هذا الذي ذكرناه. حيث إنه قد اكد على حدوث هذه المظالم في حق الصديقة الطاهرة «عليها السلام» بما لا مزيد عليه.

10 ـ أما بالنسبة لقوله:

«إن الناس لن يسكتوا على أمر العدوان على الزهراء، لحبهم لها، ولمكانتها في نفوسهم..».

فجوابه واضح: إذ إن هؤلاء الناس أنفسهم قد قالوا لرسول الله، وهو مريض، وقد أراد أن يكتب لهم كتاباً لن يضلوا بعده: إن النبي ليهجر..

إلا أن ينكر هذا البعض حتى صدور هذا منهم إذ: «من أجل عين ألف عين تكرم».

كما أن سبط رسول الله «صلى الله عليه وآله» وسيد شباب أهل الجنة قد قتل هو وولده وأصحابه وسبيت النساء والأطفال..

أضف إلى ذلك: أن هذا البعض يعترف بجمع الحطب والتهديد بالإحراق.. فأين كانت غيرة الناس آنئذ يا ترى؟!

11 ـ وحول عدم ذكر علي «عليه السلام» لهذا الأمر في حجاجه واحتجاجه مع أنه أمر يثير الجماهير ضد غاصبي الخلافة فقد بات واضحاً أن علياً «عليه السلام» نفسه قد أوضح بما لا مزيد عليه أن الأمر لا يتحمل أية إثارة، فإن الإسلام كان في خطر شديد وأكيد.

أضف إلى ذلك: أن الأمر لم يكن خافياً على أحد. فلا داعي إلى ذكره مع هذا الحضور الشديد له في الأذهان.

مع أن الجراح الشخصية، والآلام الروحية يمكن حل عقدتها ببعض الكلام المعسول، وبالخضوع الظاهري منهم والاعتذار، وتضيع القضية الكبرى. وقد تحدثنا عن ذلك في كتاب مأساة الزهراء. فراجع([10]).

654 ـ الروايات التي تتحدث عن مظلوميتها متضافرة ومستفيضة.

655 ـ روايات المظلومية تكاد تكون متواترة..

656 ـ هل كشف دار فاطمة، أم كشف بيتها؟!..

657 ـ حرق الدار لم يتأكد له.

658 ـ كسر الضلع لم يتأكد له.

659 ـ إسقاط الجنين لم يتأكد له.

660 ـ لطم خد الزهراء «عليها السلام» لم يتأكد له.

661 ـ ضرب الزهراء «عليها السلام» لم يتأكد له.

662 ـ مظالم الزهراء الأخرى لم تتأكد له أيضاً.

663 ـ المفيد شكك في وجود ولد اسمه «محسن».

664 ـ المفيد يشكك في إسقاط الجنين ونحن نوافقه.

665 ـ كثير ممن هجم على دارها كان قلبه ينبض بمحبتها.

666 ـ المتيقن هو كشف دار فاطمة والتهديد بالإحراق.

يقول البعض:

«ولا نجازف إذا قلنا: إن الروايات التي تتحدث عن مظلوميتها متضافرة ومستفيضة، بل تكاد تكون متواترة»([11]).

ويقول:

«ولأجل هذه المحبة والقدسية التي يحملها المجتمع المسلم للزهراء «عليها السلام» رأينا أنه عندما هجم على دارها من هجم بقصد الإساءة وهّددوا بإحراق البيت كان الاستنكار الوحيد أن في البيت فاطمة، ولم يقولوا: إن في البيت علياً، ولا الحسنين، ولا زينب، بل إن فيه فاطمة، ما يدل على أنها كانت تعيش في عمق وجدان المسلمين، وتستحوذ على محبتهم، حتى إن كثيراً ممّن هجم على دارها مع المهاجمين كان قلبه ينبض بمحبتها. ولهذا انصرف باكياً عندما سمع صوتها([12]).

وهكذا وجدنا المسلمين تفاعلوا مع خطبتها، التي خطبتها بعد وفاة الرسول «صلى الله عليه وآله»، وغصب الخلافة، ومصادرة فدك، وتأثروا كثيراً لكلامها، حتى أنه لم ير الناس أكثر باك ولا باكية منهم يومئذ»([13]).

ويقول:

«هناك بعض الحوادث التي تعرضت لها مما لم تتأكد لنا بشكل قاطع وجازم، كما في مسألة حرق الدار فعلاً، وكسر الضلع، وإسقاط الجنين، ولطم خدها، وضربها.. ونحو ذلك مما نقل إلينا من خلال روايات يمكن طرح بعض علامات الاستفهام حولها، إما من ناحية المتن وإما من ناحية السند. وشأنها شأن الكثير من الروايات التاريخية.

ولذا فقد أثرنا بعض الاستفهامات كما أثارها بعض علمائنا السابقين رضوان الله عليهم، كالشيخ المفيد الذي يظهر منه التشكيك في مسألة إسقاط الجنين، بل في أصل وجوده، وإن كنا لا نوافقه على الثاني..

ولكننا لم نصل إلى حد النفي لهذه الحوادث، كما فعل الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء «رحمه الله» بالنسبة لضربها، ولطم خدها، لأن النفي يحتاج إلى دليل، كما أن الإثبات يحتاج إلى دليل، ولكن القدر المتيقن من خلال الروايات المستفيضة بل المتواترة تواتراً إجمالياً هو الاعتداء عليها من خلال كشف دارها، والهجوم عليه والتهديد بالإحراق، وهذا كان للتدليل على حجم الجريمة التي حصلت.. هذه الجريمة التي أرقت حتى مرتكبيها، ولذا قال الخليفة الأول لما دنت الوفاة ليتني لم أكشف بيت فاطمة، ولو أعلن علي الحرب»([14]).

ويقول:

«إن الشيخ المفيد «رحمه الله» في كتاب الإرشاد يشكك في وجود محسن، فيقول: وينقل بعض الشيعة: أنه أسقطت ولداً سماه رسول الله «صلى الله عليه وآله»، وهو حمل محسناً؛ فعلى قول هذه الطائفة من الشيعة يكون أولاد علي «عليه السلام» ثمانية وعشرين ولداً»([15]).

وقفة قصيرة:

1 ـ قد ذكرنا فيما سبق نصاً من الكتاب الذي يقول عنه:

«أصبح هذا الكتاب «الزهراء القدوة» يمثل كل فكري في سيدة نساء العالمين».

غير أن الحقيقة هي: أن الأمر ليس كذلك، فلدينا الكثير مما قاله حول الزهراء، ولم نجد له أثراً في هذا الكتاب، بل ربما نجد فيه ما يعاكسه ويناقضه، وهو القائل: إن أفكاري ما تزال أفكاري وأنا ملتزم بها.

مما يعني: أنه ملتزم بما في هذا الكتاب، وملتزم أيضاً بغيره مما قاله حول السيدة الطاهرة «عليها السلام» في الإذاعات وأجهزة التلفاز، أو سجلته الصحف والمجلات واحتفظت به أجهزة التسجيل (الكاسيت، والفيديو) وغير ذلك.

2 ـ إن الحديث المستفيض هو الذي رواه في كل طبقة أزيد من ثلاثة رواة.

والخبر المستفيض لا يخرج عن كونه من أخبار الآحاد أيضاً.

والملفت: أنه قد أصر على عدم بلوغ أحاديث مظلومية الزهراء حد التواتر، وقوله: «بل تكاد تكون متواترة» شاهد على هذا الاصرار..

ومن الواضح:

أولاً: أن هذا البعض يشترط في حجية الاخبار التاريخية، وغيرها ـ ما عدا الاحكام ـ أن تكون مفيدة للقطع، وبدون ذلك فلا حجية لها. فأخبار مظلوميتها على رأيه لا تفيد في إثباتها، لأنها مستفيضة، أي أنها ثلاث روايات أو أزيد، ولكنها لم تصل الى حد التواتر المفيد للقطع..

ثانياً: إن ما ذكرناه في كتاب مأساة الزهراء من نصوص حديثية عن المعصومين، ومن نصوص تاريخية، وغيرها، وهي من الكثرة بحيث استغرقت اكثر صفحات الجزء الثاني، وهي تعد بالعشرات والمئات.. ليست متواترة وحسب، وإنما هي مجموعة تواترات تضاف إلى بعضها البعض.

ثالثاً: إننا حين نستوضح من هذا البعض عن المظلومية التي يقصدها، ويبخل علينا بالحكم بتواتر نصوص إثباتها، فانه سيجيب: إنه يقصد فقط جمع الحطب والتهديد بالإحراق. ولعله يضيف إلى ذلك أيضاً غصب فدك وغصب الخلافة. أما ما عدا ذلك، فهو يشك فيه.. غير أنه اعترف في هذا النص بكشف دار فاطمة، وهو ما كان ينكره في السابق..

فإذا كان هذا المقدار من المظلومية (وهو جمع الحطب والتهديد بالإحراق)، لم تصل رواياته إلى درجة التواتر الذي هو حجة عنده، فكيف بما سواه مما جرى عليها صلوات الله وسلامه عليها؟!

3 ـ يلاحظ: أنه إنما اعترف بكشف «دارها» ولم يقل بيتها، وان كان حين ذكر كلام أبي بكر حول هذا الأمر، نجد أن تعبير ابي بكر قد جاء أدق وأوضح من كلام هذا البعض فقد قال أبو بكر: «بيت فاطمة» ولم يقل: «دار فاطمة..»، لأن الدخول للدار قد لا يصاحبه دخول البيت.

4 ـ إن هذا النص الذي ذكرناه ـ وهو الذي نقلناه من كتاب «الزهراء القدوة» وقد هذب إلى أقصى الدرجات ـ يوضح: أنه لا يزال مصراً على تشكيكاته بما جرى على الزهراء من مظالم..

ويوضح أيضاً: أن إنكاره لا ينحصر بأمر كسر الضلع وحسب، وانما يتعداه إلى مختلف مفردات مظلوميتها «عليها الصلاة والسلام».

5 ـ إن مراجعة علامات الاستفهام والأدلة التي طرحها هذا البعض، وقد ذكرنا شطراً كبيراً منها في هذا الفصل تعطينا: أن ما جعله مبرراً للتشكيك في إحراق الباب والضرب، وإسقاط الجنين هو نفسه من أسباب التشكيك حتى في جمع الحطب، وفي حدوث أدنى تعرض بالسوء للزهراء «عليها السلام».. فإذا جرّت باؤه هناك، فلا بد أن تجرّ في سائر الموارد..

فقد احتج بأن للزهراء، مكانة كبيرة لدى المسلمين. تمنع من حدوث هذه الأمور..

فإذا كانت هذه المكانة تمنع من الإحراق ومن كسر الضلع، وإسقاط الجنين و.. و.. فانها تمنع أيضاً جمع الحطب، ومن التهديد بالإحراق. وتمنع أيضاً من كشف «دارها» على حد تعبيره..

واستدل أيضاً: بأن الذين جاء بهم عمر لمهاجمة بيتها كانت قلوبهم مملوءة بحبها، فكيف نتصور أن يهجموا عليها كما ذكره في إذاعة تابعة له..

وهذا بالذات يقال بالنسبة لجمع الحطب، والتهديد، فإن قلوبهم كانت مملوءة بحبها، فكيف نتصور أن يكشفوا دارها. أو أن يجمعوا الحطب، أو أن يهددوا بإحراق البيت؟!

وهكذا الحال بالنسبة للعديد من أدلته التي ذكرنا في هذا الكتاب شطراً منها..

وإذا كان هؤلاء الأشخاص ـ على حد تعبيره في كتاب للإنسان والحياة ـ قد فهموا كلام النبي حول تعيين من يقوم بالأمر بعده بطريقة معينة، فكان إبعاد علي «عليه السلام» عن الخلافة نتيجة هذا الفهم الذي يعذر فيه صاحبه، فإن النتيجة تصبح واضحة وجلية.. ولا حاجة بنا إلى قول أكثر من ذلك.

6 ـ وأما بالنسبة لما ذكره هذا البعض فيما اعتبره رداً على آية الله التبريزي حول كلام الشيخ المفيد «رحمه الله» في الإرشاد عن تعداد أولاد أمير المؤمنين «عليه السلام».. فهو غريب وعجيب، إذ إن من البديهي عند أهل العلم والاطلاع: أن من يطلق عليهم اسم «الشيعة» كانوا عدة فرق، كالإسماعيلية، والزيدية، والإمامية، والفطحية، والمعتزلة وغيرهم، فلا يحق للشيخ المفيد أن يقول: إن الشيعة يقولون بكذا.. إذا كانت بعض فرقهم لا تقول به، بل عليه أن يقول: «ومن الشيعة من يقول الخ..»، ولأجل ذلك نجده قد عبّر بهذا التعبير بالذات.

فما معنى أن ينسب إلى الشيخ المفيد التشكيك بأصل وجود المحسن؟!

667 ـ شرف الدين يثبت كسر الضلع، وهذا البعض ينسب إليه نفيه.

668 ـ شرف الدين يثبت بيت الأحزان، وينسب هذا البعض إليه نفيه.

669 ـ شرف الدين يثبت كشف البيت وهذا البعض ينسب إليه نفيه.

670 ـ سند مهاجمة الزهراء محل مناقشة في بعض ما ورد.

671 ـ لم يذكر شرف الدين في المراجعات والنص والاجتهاد أي شيء من ذلك.

يقول البعض:

«لقد كانت المسألة كلها: أن لدي تساؤلات تاريخية تحليلية في دراستي، كنت أحاول اثارتها في بحثي حول هذا الموضوع.. لا سيما أني كنت قد سمعت من الإمام شرف الدين قدس سره، جواباً عن سؤال حول الموضوع: إن الثابت عندنا أنهم جاؤا بالحطب، ليحرقوا البيت. فقالوا: إن فيها فاطمة.

فقال: وإن.

ولذلك فقد أجبت عن سؤال حول الموضوع: أن السند محل مناقشة، في بعض ما ورد. ولكنه أمر ممكن..

وعن سؤال حول إسقاط الجنين: أن من الممكن أن يكون طبيعياً الخ..» ([16]).

ويضيف على ما تقدم في مورد آخر:

«ولم يذكر السيد عبد الحسين في النص والاجتهاد، ولا في المراجعات أي شيء من هذا الذي يقال؛ راجعوا..».

وقفة قصيرة:

ونقول:

إننا نتمنى على القارئ الكريم أن يلاحظ الأمور التالية:

1 ـ لماذا يلجأ هذا البعض إلى أقوال الرجال.. وهو لم يزل يعنف السابقين بأنهم قد ارتكبوا أخطاء، ولا سيما في أمور العقيدة، فضلاً عن غيرها، ويريد هو تصحيحها؟!

2 ـ إن ما ذكره هذا البعض عن السيد عبد الحسين شرف الدين لا يمكن قبوله، إذ قد قال السيد عبد الحسين «رحمه الله»: «وكأني بها، وقد أصلى ضلعها الخطب، ولاع قلبها الكرب، ولعج فؤادها الحزن، واستوقد صدرها الغبن، حين ذهبت كاظمة، ورجعت راغمة، ثم انكفأت إلى قبر أبيها باكية شاكية قائلة:

قـد كان بعدك أنبــاء وهنـبثة            لو كنت شاهدها لم تكثر الخطب

إنـا فقدناك فقد الأرض وابلهـا                واختلّ قومك فاشهدهم فقد نكبوا

فليت بعـدك كـان الموت صادفنا        لمـا قضيت وحالت دونك الكثب

ولم تزل ـ بأبي هي وأمي ـ بعد أبيها «صلى الله عليه وآله» ذات غصة لا تساغ، ودموع تترى، من مقلة عبرى، قد استسلمت للوجد، وأخلدت في بيت أحزانها إلى الشجون، حتى لحقت بأبيها، معصبة الرأس، قد ضاقت عليها الأرض. الخ..»([17]).

كما أنه «رحمه الله» قد ذكر في هامش كتابه النص والإجتهاد، وكذلك في أصل الكتاب: أن القوم قد كشفوا بيت فاطمة، فراجع([18]).

5 ـ أضف إلى ما تقدم: أن السيد عبد الحسين شرف الدين حينما يناقش أهل السنة، فهو لا يريد أن يواجههم بكل هذه الطامّات، فان ذلك من شأنه أن يثير عصبيتهم وحفيظتهم، ويبعثهم على العناد، فتفوت الفائدة من الحوار معهم. فلا بد من المداراة لهم، ومحاولة إيصالهم إلى الحق والحقيقة بصورة تدريجية..

4 ـ على أن كتب السيد شرف الدين لا تنحصر في المراجعات، وفي النص والاجتهاد، بل له مؤلفات أخرى، مثل كتاب المجالس الفاخرة. وقد نقلنا عنه النص السابق ذكره..

5 ـ ما معنى قوله: «إن السند محل مناقشة في بعض ما ورد..».

فهل يريد أن يقول: إن بعض ما ورد صحيح، والبعض الآخر فيه مناقشة؟! وما هو الضير في ذلك، ما دام أن بعض ما ورد صحيح السند؟!

وإذا بلغت النصوص الحديثية، والتاريخية حد التواتر، فما هي الحاجة إلى البحث في صحة السند وضعفه؟!

6 ـ أما بالنسبة لكون إسقاط الجنين كان طبيعياً، فقد أشرنا إلى بعض ما فيه في مورد آخر من هذا الكتاب.

7 ـ ما معنى أن يستند في أمر خطير كهذا إلى قول واحد أو اثنين أو ثلاثة من المتأخرين، حيث تفردوا بأمر لا شاهد لهم عليه، ويخالفهم فيه آلاف العلماء، بل علماء الأمة بأسرها، وعشرات بل مئات النصوص الصريحة والصحيحة والمتواترة فهل يصح الاعتماد على قول كهذا لتغيير الحقيقة التاريخية، وترك كل ما عداه وتجاهله، واقتلاعه من وجدان الناس؟!

8 ـ هذا كله.. عدا عن أن من غير المعقول: أن يُسِرّ السيد شرف الدين بهذه الحقيقة الخطيرة جداً إلى فتى يافع، ويترك جهابذة العلماء فلا يشير إليهم بشيء من ذلك، لا من قريب ولا من بعيد. ثم هو لا يسجل ذلك في أي من كتبه، بل يسجل ما يخالفه حسبما تقدم.

9 ـ والأغرب من ذلك أن يتذكر هذا البعض هذا النص الذي تفرد بنقله عن السيد شرف الدين «رحمه الله»، ولا ينساه، ولا يبدل حرفاً ولا كلمة، رغم ما نشهده منه من نسيان لأبسط الأمور، وأقربها إلى حياته حتى إنه لينسى مقدار عمره حسبما عرفناه في كتابنا: لماذا كتاب مأساة الزهراء. وفي كتاب: مأساة الزهراء نفسه..

10 ـ إن قولهم لعمر، حين الهجوم على البيت: إن فيها فاطمة. فأجاب: وإن.. إنما ذكر في كتاب: الإمامة والسياسة، ولم يذكر لهذا النص سند. وغير هذا النص اكثر تداولاً، واصح سنداً، واكثر عدداً، مما يعد بالعشرات.. فلماذا اعتبر السيد شرف الدين ـ لو صح النقل عنه ـ خصوص هذا النص هو الثابت. ويترك كل ما عداه..

11 ـ هل يقصد السيد شرف الدين بقوله المنسوب إليه: «عندنا» طائفة الشيعة، أم يقصد نفسه؟! فإن كان يقصد طائفة الشيعة، فإن الشيخ الطوسي وكاشف الغطاء قد صرحا بإجماع الشيعة خلفاً عن سلف على خلاف ذلك.

وإن كان يقصد نفسه، فلا بد أن نسأله عن الأدلة التي جعلته يختار هذا النص التاريخي المرسل، المروي في خصوص ذلك الكتاب المشار إليه آنفاً، ويترك ما عداه مما حفلت به المصادر الكثيرة والمتنوعه، التي أوردنا جانباً عظيماً منها في الجزء الثاني من كتابنا: مأساة الزهراء؟!


([1]) الزهراء المعصومة ص56.

([2]) ورد القول الأخير في ما اعتبره البعض أجوبة له على آية الله التبريزي.الجواب رقم 17.

([3]) الرسالة منشورة في آخر كتاب (الفضيحة). وهي بخط يد هذا البعض، فراجعها.

([4]) راجع المصدر السابق.

([5]) المصدر السابق.

([6]) أجوبة البعض على آية الله التبريزي، الجواب رقم 17.

([7]) الجواب رقم 17.

([8]) الجواب رقم 17.

([9]) راجع للإنسان والحياة ص271.

([10]) مأساة الزهراء ج1 ص204.

([11]) الزهراء القدرة ص107.

([12]) شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج16.

([13]) الزهراء القدوة ص160 و 161.

([14]) الزهراء القدوة ص109 و 110.

([15]) راجع أجوبة هذا البعض على آية الله التبريزي، الجواز رقم 17.

([16]) من رسالة أرسلها البعض إلى قم بتاريخ 3/6/1414 هـ. وهي منشورة ومتداولة.

([17]) المجالس الفاخرة ص35.

([18]) النص والاجتهاد ص19 و 20 و 21 متناً وهامشاً، وراجع (ط الأعلمى) ص82 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج6 ص50.

 
   
 
 

موقع الميزان