صفحة : 159-176  

الفصل الثاني

المزيد من الأدلة الواهية..

بـدايـة:

إن هذا البعض لم يزل يثير الشكوك حول ما جرى على الزهراء بعد وفاة رسول الله «صلى الله عليه وآله». وحين يواجه بالاعتراض والانكار، والنقد من قبل المخلصين من علماء الأمة ومراجع الدين. يبدأ بكيل الشتائم لهم عبر وسائل الإعلام المتوفرة لديه، أو تصل إليها يده، ويصورهم بابشع الصور، ويتهمهم بأعظم التهم، التي يوجب بعضها استحلال دمائهم..

هذا عدا عن تحريضه الناس ضدهم، وتعبئة قلوب الناس الطيبين والغافلين بالحقد والضغينة، والتنفر من كل عالم أو مرجع، أو حتى من يضع العمامة على رأسه، بل ومن كل متدين لا يدور بفلكه، ولا يلتزم خطه ونهجه..

ونحن نورد في هذا الفصل نبذة من استدلالاته الواهية التي ترمي للتشكيك بما جرى على سيدة النساء، وتبرئة الآخرين مما فعلوه ضدها.

فنقول:

672 ـ خصومتهم لعلي لا تمنع من احترامهم لزوجته لسبب ما.

673 ـ تشبيه حالتهم مع علي وزوجته بمرشح ينافس مرشحاً آخر..

يقول البعض:

«إن خصومة المهاجمين مع علي «عليه السلام» لا تمنع من كونهم يحبون الزهراء «عليها السلام»، ويحترمونها؛ إذ قد يكون هناك مرشح ينافس مرشحاً آخر، ويريد إسقاطه في الانتخابات، ولكن خصومته له لا تمنع من أنه يحترم زوجة منافسه، ويجلها، لسبب أو لآخر..».

وقفة قصيرة:

ونلاحظ هنا:

1 ـ إن قضيتهم مع علي لا تشبه قضية المرشح الذي ينافس مرشحاً آخر.. بل هي بمثابة انقلاب عسكري، اعتمد أسلوب الضربة الخاطفة والموجعة، والتي صاحبها ارتكاب جرائم قتل وحرب، وانتهاك حرمات واقتحام بيوت، ومحاولة إحراقها، وما إلى ذلك.

2 ـ إن احترام المرشح لزوجة منافسه، لا يعرف بالتكهن، والاحتمالات، بل يعرف بالممارسة، وبالموقف.. وقد رأينا من هؤلاء القوم شراسة وقسوة بالغة في تعاطيهم مع زوجة من يصفه هذا البعض بـ «المنافس»!!

3 ـ ولنفترض: أن المهاجمين كانوا يحبونها ويحترمونها. ولكن ذلك لم يمنعهم، إذ وقفت في وجههم، وهددت طموحاتهم، وظهر لهم أنها ستكون سبباً في إفشال خطتهم ـ لم يمنعهم ذلك ـ من أن يعاملوها بقسوة وبعنف بالغ..

ومن الواضح: أن الملك عقيم لا رحم له ولا رحمة فيه، فإن طالب الملك قد يقتل أخاه وأباه وولده من أجل الملك ـ وفي التاريخ شواهد كثيرة على ذلك.. وقد يحب الإنسان صديقه أكثر من حبه لنفسه، فإذا تعارض لديه الحبّان، فإن السوار لن يكون أحب إليه من المعصم. فسيكسر ألف سوار، ولتسلم تلك اليد. كما يقول المثل المعروف.

674 ـ اعتراض المهاجمين على عمر بأن في البيت فاطمة يدل على محبتهم لها.

675 ـ اعتراضهم بوجود فاطمة في البيت دليل إجلالهم لها واحترامها.

676 ـ معنى: «إن في البيت فاطمة»: أنه كيف ندخل ونخوفها ونروعها.

يقول البعض:

«إن الذين اعترضوا على عمر، حين هدد بإحراق بيت الزهراء «عليها السلام» هم نفس الذين جاؤا معه ليهاجموا البيت، فقالوا له: إن فيها فاطمة!!

فقال: وإن.

واعتراضهم هذا يدل على أن للزهراء محبة في نفوسهم، وعلى أنهم يحترمونها، ويجلونها؛ لأن معناه: أن بنت رسول الله «صلى الله عليه وآله» في البيت، فكيف ندخل عليها ونروِّعها ونخوفها»؟!

وقفة قصيرة:

ونطلب من القارئ الكريم، أن يقف عند النقاط التالية:

1 ـ ما هو الدليل على أن الذين قالوا لعمر: إن في البيت فاطمة كانوا من المهاجمين؟! فقد كان بيتها «عليها السلام» في مسجد النبي «صلى الله عليه وآله»، فلعل المعترض هو أحد من كان موجوداً في المسجد، يراقب ما يجري. ولعله بعض المؤمنين الطيبين، الذين صادف حضورهم هناك.

وهذا هو الأولى بالاعتبار، لأن ظاهر حال المهاجمين هو أنهم لا يقيمون وزناً لعلي وللحسنين وللزهراء «صلوات الله وسلامه عليهم».

2 ـ لنفترض: أن المعترض على عمر هو أحد المهاجمين. فهل هذا الاعتراض من واحد منهم يصير دليلاً على أن الجميع كانوا يحبونها ويجلونها، ولا يحبون أن يخوفوها، ويروعوها؟!

3 ـ ولنفترض: أن بعض المهاجمين قال ذلك.. فلعله قد قاله خوفاً من انقلاب الأمور ضدهم، لو أن الزهراء «عليها السلام» أصيبت بأذى، فهو بمثابة تحذير لعمر، حتى لا يفسد الأمر بتصرف ينذر بعواقب وخيمة. حيث لا يمكنهم تبرير ذلك للناس.. فإن الاعتداء على علي قد يمكن تبريره بأنه قتل آباءهم وإخوانهم، أو قاتلهم وواجههم.

فلا يكون هذا القول دليلاً على حب أحد من المهاجمين، ولا حتى دليلاً على حب قائله للزهراء، فضلاً عن أن يدل على احترامه وتبجيله لها.

4 ـ لقد اعتدى المهاجمون على الزهراء، ودخلوا بيتها، وهتكوا حرمتها.. واغتصبوا فدكاً، وإرثها.. وقال بعضهم للنبي: إن النبي ليهجر و.. و.. ولم نجد أحداً من المهاجمين اعترض، أو أدان..

5 ـ إن تاريخ وسياسات الذين جاء بهم عمر ليهاجموا الزهراء يدل على أنهم لا يحبون أهل البيت، ولا يجلونهم، إلا بصورة يقتضيها واقع المجاملة الظاهرية.

677 ـ طلب الشيخين للمسامحة يدل على مكانة وقيمة الزهراء بين كبار الصحابة.

يقول البعض:

«ألا يدل طلب الشيخين ـ ابي بكر وعمرـ المسامحة من الزهراء «عليها السلام» على أن الزهراء «عليها السلام» كانت تحتفظ بقيمتها في المجتمع المسلم بين كبار الصحابة».

وقفة قصيرة:

ونقول:

1 ـ إن طلب المسامحة يدل على أنهم لم يراعوا مكانتها، ولا قيمتها في المجتمع المسلم حيث إنهم آذوها، وأهانوها إلى درجة احتاجوا معها إلى طلب المسامحة..

2 ـ إن قيمة رسول الله في المجتمع المسلم أعظم من قيمة الزهراء، وقد آذوه إلى حد أنهم قالوا عنه: إنه ليهجر، وقد قذفوا زوجته، ونفروا به ناقته، وعصوا أمره بتجهيز جيش أسامة، وما إلى ذلك..

كما أنهم لم يراعوا حرمته بعد وفاته، فاعتدوا على ابنته وهددوها بإحراق بيتها وهي فيه.. وضربوها، وكسروا ضلعها، وأسقطوا جنينها، وأحرقوا بابها، وكشفوا دارها. وندموا على ذلك ندامة ظاهرية، حيث لا ينفع الندم. وقلنا: «ظاهرية»، لأنهم لم يصلحوا شيئاً مما أفسدوه، ولا أعادوا الحق الذي اغتصبوه، كما أن الذين جاؤا بعدهم قد هتكوا حرمة الكعبة، ورموها بالعذرة، وبالمنجنيق، وقتلوا الحسين «عليه السلام» ومن معه، وسبوا عياله و.. و.. الخ..

نعم.. هذه هي قيمة الزهراء في المجتمع المسلم التي اضطرت القوم إلى طلب المسامحة، وذلك ليزيلوا الآثار السلبية لعدوانهم عليها.. وهذه هي قيمة سيد رسل الله وخير خلقه عند هؤلاء القوم..

3 ـ ولماذا لم يقل هذا البعض: إن استرضاءها «عليها السلام» كان صورياً.. وليس واقعياً؟! بدليل أنهم لم يتخذوا أية خطوات عملية لإزالة آثار عدوانهم الآثم عليها.. ولا تراجعوا عن قرارهم بغصب أرض فدك، واغتصاب الخلافة من علي.. وأصروا على عدم معاقبة الجناة الذين قتلوا محسناً..

4 ـ إن تعظيم الزهراء واحترامها «عليها السلام» لم يمنعهم من اقتراف ما يعترف به هذا البعض ـ مثل غصب فدك ـ والتهديد بإحراق بيتها عليها بمن فيه، ولا من هتك حرمة ذلك البيت والدخول إليه عنوة.

5 ـ إن الحب والاحترام لا يمنع حتى الأب من قتل ولده في سبيل الملك، بل يقال: إن بعض النساء في العصر العباسي قد قتلت ولدها من أجل ذلك.. فلا يصلح ما ذكره هذا البعض دليلاً على النفي، بل هو لا يصلح حتى مبرراً للتشكيك بما جرى على الزهراء..

678 ـ الإعتداء على الزهراء بفظاعة يثير الرأي العام ضد المهاجمين.

679 ـ احترام الناس للزهراء يجعلنا نشك في صحة ما يقال من اعتداء شنيع.

680 ـ رواية كسر الضلع ضعيفة.

681 ـ تضعيفه لرواية كسر الضلع كان جواباً على سؤال بعض النساء.

682 ـ التحليل التاريخي يفرض التحفظ في موضوع كسر ضلع الزهراء.

683 ـ لا يجرؤ على ضرب الزهراء أشد الناس انحرافاً ووحشية.

684 ـ للزهراء محبة وعاطفة لدى المسلمين لم يبلغها أحد.

685 ـ قلوب المهاجمين كانت مملوءة بحب الزهراء.

686 ـ محبة المسلمين للزهراء اكثر من محبتهم لعلي، والحسنين.

687 ـ الدليل على حبهم للزهراء: أن علياً دار بها على البيوت طلبا للنصرة.

688 ـ المسألة محل خلاف في رواياتها التاريخية..

689 ـ المسألة محل خلاف في التحليل النقدي لمتن الروايات.

يقول البعض عن كسر ضلع الزهراء:

«أنا استبعدت الموضوع استبعاداً، رسمت علامة استفهام على أساس التحليل التاريخي. قلت: أنا لا أتفاعل مع هذا لأن محبة المسلمين للزهراء «عليها السلام» كانت أكثر من محبتهم لعلي، وأكثر من محبتهم للحسن وللحسين، وفوقها محبتهم لرسول الله «صلى الله عليه وآله».

قلت: إن من المستبعد أن يقدم أحد على فعل ذلك، مع الإقرار بوجود نوايا سيئة ومبيتة ليس لبراءة فلان من الناس، بل خوفاً من أن يهيج الرأي العام الإسلامي»([1]).

ويقول أيضاً:

«والمسألة محل خلاف من جهة الروايات التاريخية، وفي بعض الأمور المتعلقة بالتحليل النقدي للمتن»([2]).

ويقول:

«المسألة كلها تدخل في نطاق التساؤلات التحليلية لمثل هذه المسألة في ابعادها التاريخية، سواء من ناحية السند، أو المتن، أو الأجواء العامة..»([3]).

ويقول البعض:

«إن الزهراء «عليها السلام» كانت تحظى بمكانة متميزة لدى المسلمين جميعاً، فالتعرض لها والاعتداء عليها بهذا الشكل الفظيع قد يثير الرأي العام ضد المهاجمين.

ويدل على ذلك أكثر من خبر يتحدث عن تعامل الناس معها بطريقة الاحترام والتبجيل، وذلك يثير علامات استفهام كثيرة حول صحة ما يقال من اعتداء شنيع عليها».

ويقول البعض عبر إذاعة محلية تابعة له:

«إن الذين جاء بهم عمر كانت قلوبهم مملوءة بحب الزهراء فكيف نتصور أن يهجموا عليها. ثم يستدل هذا البعض على ذلك بأن علياً «عليه السلام» كان يدور بالزهراء على بيوت المهاجرين والانصار لتدافع عن حقه، أي أنها تريد أن تستفيد من مكانتها لكسب نصرتهم، فكيف يجرؤون على مهاجمتها».

ويقول أيضاً:

«الملحوظ: أن شخصية الزهراء «عليها السلام» كانت الشخصية المحترمة عند المسلمين جميعاً، بحيث إن التعرض لها بهذا الشكل قد يثير الكثير من علامات الاستفهام. وذلك من خلال ما نلاحظه من تعامل الجميع معها في اكثر من خبر»([4]).

ويقول البعض أيضاً:

«قبل سنة في هذا المسجد في مجتمع للجنة النسائية محدود جداً جرى حديث عن الزهراء، وسئلت عن مسألة كسر الضلع، فقلت: أنا حسب اطلاعي: إن الرواية الواردة في هذا ضعيفة.

وقلت: إن التحليل التاريخي يجعل الإنسان يتحفظ في هذا الموضوع؛ باعتبار أن الزهراء كانت تملك محبة، وثقة، وعاطفة لدى المسلمين لم يبلغها أحد.

كنا نقول: إن هناك تحفظاً في الرواية الواردة؛ لأنها ضعيفة في سندها وفي طبيعتها. وإن تحليل ودراسة موقع الزهراء في المسلمين يجعلنا نستبعد أنهم يجرؤون على ذلك، حتى لو كانوا في اشد حالات الانحراف والوحشية».

وقفة قصيرة:

ونقول:

1 ـ إن احترام الناس للصدّيقة الطاهرة ليس فوق احترامهم لرسول الله «صلى الله عليه وآله»، ومكانتها لا تزيد على مكانته. وقد وجدنا أنهم يواجهون الرسول قبل وفاته بجرأة تفوق الوصف حين قالوا له: إن النبي ليهجر([5]).

ولم نجدهم حركوا ساكناً، ولا ثار الرأي العام ضد هذا القائل ـ وهو شخص واحد ـ بل وجدنا الكثيرين منهم يقفون إلى جانبه، ويقولون: القول ما قال فلان. كما أن مكانة الرسول لم تمنع هذا القائل من إطلاق هذا القول الشنيع.

ثم إنه «صلى الله عليه وآله» قد أمرهم بالالتحاق بجيش أسامة فلم يطيعوه رغم إصراره «صلى الله عليه وآله» الشديد حتى لقد لعن من تخلف عن جيش أسامة([6]) وحتى هذا لم ينفع!!

2 ـ لقد قتل أناس يدّعون الإسلام سبط الرسول، وسيد شباب أهل الجنة، ورميت الكعبة بالمنجنيق، وبالعذرة، وبغيرها.. واستبيحت مدينة الرسول وسبيت العيال والأطفال لسبط الرسول، ورمى خليفة المسلمين ـ وهو الوليد الأموي ـ القرآن بالنشاب و.. و.. الخ..

ولم نجد الرأي العام يتحرك، أو يستفيق من سباته. وإن كان قد أفاق أحياناً؛ فبعد فوات الأوان.. رغم أن الإسلام كان قد ضرب بجرانه، وقوي سلطانه، وشب الناس وشابوا عليه..

3 ـ لقد كان أهل المدينة أكثر من فريق، وهم كما يلي:

الأول: ذلك الفريق الذي لا يتورع عن مواجهة الرسول بالقول حتى بمثل: إنه ليهجر، ولا يبالي بشيء، بل هو على استعداد لضرب الزهراء، وهتك حرمة بيتها، وإسقاط جنينها، وكسر ضلعها، وإحراق بيتها على من فيه، وحتى قتلها إن أمكنه ذلك، من أجل الحصول على ما يريد..

الثاني: الناس الضعفاء والبسطاء الذين لا حول لهم ولا قوة، وقد كانوا أو أكثرهم يكنون شيئاً من الحب لأهل البيت، ولكن ليس بيدهم حيلة، ولا يجرؤون على فعل أي شي للدفع..

الثالث: ذلك الفريق الذي كان يكنّ لأهل البيت بعض الحب والتقدير، وليس ضعيفاً إلى درجة تقعده عن النصر، ولكنه لا يجد في نفسه الدافع للتضحية، أو للمبادرة لبذل أي شيء في سبيل إحقاق الحق.. لأنه يرى مصلحته هي في الابتعاد عن هذه الأجواء..

الرابع: ذلك الفريق المخلص والمستعد للتضحية بكل شيء من أمثال أبي ذر، والمقداد، وعمار وسلمان. وهؤلاء هم أقل القليل..

وهناك فريق خامس، يلتقي مع الفريق الأول في الأهداف والطموحات.. قد يبذل محاولات لزجّ أهل البيت في صراع خاسر لهم، مربح له. فما دام ذلك الصراع يخدم مصالحه، فإنه ينميه ويذكيه.. فإذا لم يعد يرى فيه فائدة تركه ليبحث عن مصالحه في غيره، فإذا وجدها في مناهضته عدا عليه بالقتال، ورفع لواء الغدر.. وذلك من أمثال أبي سفيان حين عاد من سفره، وحاول أن يثير علياً وبني هاشم..

فمن أين؟! وما دليل هذا البعض على أن قلوب المهاجمين كانت مملوءة بحب الزهراء «عليها السلام»؟!

ولماذا لا يكون المهاجمون هم الفريق الأول المبغض لعلي والزهراء والشانئ لهم، والحاقد عليهم؟!

4 ـ إن مراجعة سريعة لأسماء المهاجمين، وقراءة لبعض تاريخهم تكفي لإظهار مدى بعدهم عن أهل البيت «عليهم السلام». وانحرافهم عن خطهم، ومناوأتهم لهم. ويكفي أن نذكر أن منهم:

1 ـ المغيرة بن شعبة.

2 ـ خالد بن الوليد.

3 ـ أسيد بن حضير.

4 ـ محمد بن مسلمة.

5 ـ ابا عبيدة بن الجراح.

6 ـ عثمان بن عفان.

7 ـ زيد بن اسلم.

8 ـ قنفذ.

9 ـ عبد الرحمان بن عوف.

10 ـ معاذ بن جبل.

11 ـ عمر بن الخطاب.

12 ـ عياش بن ربيعة.

13 ـ سالم مولى أبي حذيفة..

وغيرهم..([7]).

وتكفي ممارساتهم حين الهجوم على بيت الزهراء وبعده للدلالة على حقيقة موقفهم منها، ومن أمير المؤمنين علي «عليه السلام».. حيث جمعوا الحطب، وهددوا، وأحرقوا، وضربوا، وأسقطوا الجنين، وضربوا بالسوط ولطموا الخد، واقتحموا البيت، وكسروا الضلع، بل لقد منعوها حتى من البكاء إلى جانب قبر أبيها رسول الله، حتى اضطرت لاتخاذ بيت الأحزان في البقيع..

على أن من الضروري الالتفات إلى أن أحداً لا يستطيع الجهر بالانحراف عن أهل البيت «عليهم السلام»، حتى وهو يمارس ضدهم أبشع أنواع الجرائم، لأنه يكون بذلك قد وقف موقفاً مناقضاً للقرآن بصورة صريحة ويعرضه للرمي بالكفر والخروج من الدين، ولأن ذلك يعرف الناس بحقيقة ومدى مظلومية أهل البيت «عليهم السلام»..

5 ـ لو كان المهاجمون يحبون الزهراء، ويقدرونها، فلماذا يهددونها ويظلمونها ولماذا احتاج علي إلى ان يدور بها على بيوت المهاجرين والأنصار لطلب نصرتهم.. بل كان يكفيها أن تواجه المهاجمين أنفسهم، وتستخدم نفوذها عندهم، ولترجع الحق إلى أهله من أيسر طريق.

6 ـ ولا أدري كيف تستنصر الزهراء بالناس لمجابهة الذين يحبونها ويحترمونها، وتكون سبباً في زرع بذور الشقاق بين محبيها، وضرب بعضهم ببعض؟!

7 ـ ولا أدري لماذا أوصت الزهراء بأن لا يحضر أحد ممن ظلمها جنازتها؟! فإنهم إذا كانوا يحبونها ويحترمونها، فلماذا تحرمهم من هذا الأجر وتحجزهم عن نيل هذا الشرف؟!

8 ـ وبعد، فإن هذا البعض لا يستطيع أن يدعي: أن الله قد أطلعه على غيبه؛ فأشرف على قلوب الناس في عهد رسول الله؛ وقاس مقدار محبتهم للرسول «صلى الله عليه وآله» وللحسنين ولعلي، ولفاطمة «صلوات الله وسلامه عليهم»، فعرف مقدار التفاوت بين حبهم لهذا وحبهم لذاك. فكيف استطاع هذا البعض أن يعرف أن حبهم للزهراء أكثر من حبهم للحسن والحسين ودون ذلك حبهم لعلي «عليه السلام»؟!

9 ـ ثم إن هناك احتراماً يظهر في الرخاء، وفي الظروف العادية، ولا أثر له في النصرة عند البلاء، وقد كان احترام كثير من الناس لها «عليها السلام» من هذا القبيل.

10 ـ وقد روي عن الإمام الصادق «عليه السلام» قوله في جملة حديث له: «..وأما قذف المحصنات، فقد قذفوا فاطمة على منابرهم الخ..»([8]).

11 ـ ليته حين حلل (!!) قضية الزهراء لينفي ما جرى عليها.. قد حلل أيضاً قضية تحريك النبي «صلى الله عليه وآله» للزهراء برجله.. ليعلمها حكما شرعياً، لعلها بزعم هذا البعض ـ كانت تجهله، وهو لزوم الاستيقاظ لصلاة الصبح.. فراجع.. ما ذكر، حول هذه القضية في أوائل هذا القسم.

12 ـ أما بالنسبة لضعف سند حديث كسر ضلع الزهراء فقد تحدثنا عنه في كتابنا: «مأساة الزهراء» بجزأيه، فراجع.

ولا ننسَ أخيراً: أن هذا البعض لم يقتصر في نفيه لمظالم الزهراء على إنكار حديث كسر ضلعها بل تعدى ذلك إلى التشكيك في جميع ما جرى عليها. ولم يعترف إلا بالتهديد بالإحراق، مع تأكيده على أن المهددين كانوا يحبون الزهراء، بل كانت قلوبهم مملوءة بحبها، مما يعني: أن التهديد كان صورياً وليس حقيقياً.

13 ـ وأما قوله:

«إنه سئل عن موضوع كسر الضلع في مجتمع نسائي صغير، فأجاب بأن الرواية ضعيفة الخ..».

فهو غريب، إذ إنه قد ذكر ذلك في نفس الخطبة الطويلة التي أوردها في مسجد بئر العبد، أمام كاميرات الفيديو وقبل أن يوجه إليه أي سؤال..

14 ـ إن ما ذكره هذا البعض من أن المسألة محل خلاف في روايتها التاريخية، لا يصح، لأن الخلاف إنما هو في التفصيل والإجمال، وفي الاقتصار على ذكر بعض الحوادث من هذا الراوي، وتعرض الراوي الآخر لذكر التفاصيل، ولرواية الأحداث التي يراد التعتيم عليها، وتجاهلها..

15 ـ وأخيراً.. ألا يعتبر قول هذا البعض:

«إن أشد الناس انحرافاً ووحشية لا يجرؤ على ضرب الزهراء».

ألا يعتبر دليلاً قاطعاً على نفي تعرضها «عليها السلام» للضرب؟!

فكيف يقول: «إنني لم أنفِ، بل طرحت علامات استفهام، لأن النفي يحتاج إلى دليل»؟!


([1]) الزهراء المعصومة ص55 و 56.

([2]) أجوبة البعض على آية الله التبريزي، الجواب رقم 17.

([3]) من رسالة أرسلها هذا البعض إلى قم بتاريخ 3/ 6/ 1414 هـ.

([4]) من رسالة أرسلها البعض إلى قم بتاريخ 3/6/1414 هـ. وهي مطبوعة ومتداولة.

([5]) راجع مصادر ذلك في: مأساة الزهراء ج1 ص234 و 235.

([6]) بحار الأنوار ج27 ص324 والإستغاثة ص21 وشرح نهج البلاغة، وبقية المصادر في مأساة الزهراء ج1 ص227 و 228 وغير ذلك..

([7]) راجع: مأساة الزهراء ج1 ص226.

([8]) تهذيب الاحكام م ج4 ص149 ومعادن الحكمة ج2 ص122 و 123 عنه، وعن من لا يحضره الفقيه (ط النجف) ج2 ص366.

 
   
 
 

موقع الميزان