صفحة :269-314   

القسم الثالث

الآيات النازلة في أهل البيت

 بـدايـة:

إننا نذكر في هذا القسم، العديد من الموارد التي تظهر كيف يحاول البعض التشكيك في نزول الآيات في أهل البيت «عليهم السلام»، رغم أن العدو يروي ويعترف، فضلاً عن الصديق، بنزولها فيهم «عليهم السلام».

هذا عدا عن أنه في العشرات من الآيات الكريمة يتجاهل حتى الإشارة الى أن نزولها في أهل البيت مروي عند السنة والشيعة فيمر عليها بدون أدنى اعتناء بذلك.. رغم إظهاره اهتماماً ظاهراً بتسطير ما يقوله الآخرون عن نزول آيات في من عداهم، مع انصرافه عن التصدي للتأييد أو للتفنيد، الأمر الذي يختزن معنى القبول، والتسليم.

وقد تحدث اخوة اعزاء عن إنكاره نزول آيات كثيرة في أهل البيت «عليهم السلام» مثل نزول آية: ﴿وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ([1]).. في علي «عليه السلام» وغيرها، فلم نتعرض لها مما ذكرنا هنا بعضاً آخر من تلك الموارد التي يحاول فيها التشكيك في نزول آيات كريمة في أهل البيت «صلوات الله وسلامه عليهم»..

فنقول:

749 ـ التشكيك بروايات أن في القرآن حديثاً عن أهل البيت وأعدائهم.

750 ـ هذه الأحاديث تبعد القرآن عن كونه الكتاب المبين.

751 ـ الأحاديث المذكورة جو خاص يضرّ بحجية القرآن.

752 ـ أجواء الروايات الخاصة تجعله لا يمنح الوعي الفكري.

753 ـ هذا الجو الخاص للقرآن جعله لا يمنح الوعي الشرعي.

754 ـ هذا الجو الخاص للقرآن يجعله لا يمنح الوعي الروحي.

755 ـ هذا الجو الخاص للقرآن يضر بفهمهم له حسب القواعد التي تركز الطريقة العامة للفهم العام.

يقول البعض:

«هذه أسئلة توقف عندها الكثيرون في حركة التفسير، وأثاروا الكثير من الجدل حولها، حتى خيل للبعض أن القرآن كتاب رمزي لا يعلمه إلا الفئة التي جعل الله لها الميزة في فهم وحيه، فأنكروا حجية ظواهره إلا بالرجوع الى أئمة أهل البيت «عليهم السلام»، وانطلق البعض ليتحدث عن تعدد المعاني للكلمة الواحدة بطريقة عرضية أو طولية، واستفاد آخرون من الروايات أن القرآن، في مجمل آياته، حديث عن أهل البيت بطريقة إيجابية، وعن أعدائهم بطريقة سلبية، ليبقى للأحكام وللقضايا العامة وللقصص المتنوعة مقدار معين..

 وهكذا كان التصور العام للقرآن خاضعاً للأجواء الخاصة التي تبعد به عن أن يكون الكتاب المبين الذي أنزله الله على الناس ليكون حجة عليهم، من خلال آياته الواضحة التي تمنحهم الوعي الفكري والروحي والشرعي، على أساس ما يفهمونه منها، بحسب القواعد التي تركز الطريقة العامة للفهم العام»([2]).

وقفة قصيرة:

ونقول:

إننا نسجل هنا ما يلي:

1 ـ أنظر كيف يورد الكلام حول أمور وردت في الأحاديث الشريفة، عن المعصومين «عليهم الصلاة والسلام» بطريقة تظهر سخفها وسقوطها.. موحياً بأن الناس هم الذين استفادوا ذلك من الروايات الصحيحة.. أو المعتبرة، مثل ما روي بسند معتبر عن الإمام الجواد «عليه السلام»، قال: «نزل القرآن أربعة أرباع: ربع فينا، وربع في عدونا، وربع سنن وأمثال، وربع فرائض وأحكام»([3]).

وقريب منه روي عن أبي جعفر الباقر «عليه السلام» أيضاً([4]).

وعن النبي «صلى الله عليه وآله» أيضاً([5]).

وعن أبي جعفر «عليه السلام»: «يا خيثمة نزل القرآن ثلاثاً: ثلث فينا وفي أحبائنا، وثلث في أعدائنا وعدو من كان قبلنا، وثلث سنة ومثل الخ..»([6]).

وثمة روايات أخرى عن الأصبغ بن نباتة عن أمير المؤمنين «عليه السلام» فراجع([7]).

ولعل الفرق بين الثلث والربع قد نشأ من ملاحظة أن ربع آيات القرآن قد نزل فيهم حقيقة..

أما الرواية التي حددت الثلث فقد لاحظت بالإضافة الى ما نزل فيهم «عليهم السلام» ما كان عاماً لكنهم «عليهم السلام» كانوا أبرز وأجلى، وأفضل مصاديقه، فصار المجموع ثلث القرآن.

2 ـ وما الذي يمنع من صحة هذه الأحاديث، فإن أهل البيت «عليهم السلام» هم مثال الإنسان الإلهي المؤمن، الجامع لكل صفات الخير، والكمال، والذي هو محل الكرامة الإلهية..

وعدوهم «عليهم السلام».. هو على النقيض من ذلك، فكل ما ورد من أحاديث تلامس هذا النوع من الناس أو ذاك فهو حديث عنهم, وعن عدوهم، سواء أكان حديثاً عن الماضي، أو عن الحاضر أو عن المستقبل..

ولا ضير بعد هذا في أن يكون ما بقي، سنناً وأمثالاً، وفرائضَ، وأحكاماً.

3 ـ لا ندري كيف تتسبب هذه الأحاديث في إبعاد القرآن عن أن يكون كتاباً مبيناً؟!.

وهل إن الأخذ بهذه الأحاديث، واعتبار أهل البيت «عليهم السلام»، وأعدائهم أجلى مصاديق ذينك الصنفين من الآيات يسقطه عن الحجية على الناس؟!.

ولماذا كان خضوع القرآن لهذا الجو الخاص ـ يجعله غير قادر على أن يمنح الوعي الفكري، والروحي، والشرعي ـ على حد تعبير هذا البعض ـ الذي اختار أن يطبق كلامه هذا على آية: ﴿أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ([8]). وما شابهها من آيات نزلت في أهل البيت «عليهم السلام»؟!.

وكيف ينشأ عن الأخذ بهذه الروايات التغيير فيما يفهمونه من آياته، بحسب القواعد التي تركز الطريقة العامة للفهم العام؟!

4 ـ إن كل هذا الكلام الذي ساقه هذا البعض مجرد تهاويل لا أساس لها.. فإنه لا شك في أن هناك مناسبات اقتضت نزول كثير من الآيات في الحروب، وفي الأشخاص، وفي الأحداث.. وغير ذلك.. ولم يضر ذلك بالفهم العام للآيات وفق القواعد التي تركز الطريقة العامة للفهم العام.

إذ لا فرق بين أن يقال: إن الآيات قد نزلت لمعالجة هذه الحادثة أو تلك، وبين أن يقال إنها نزلت في هذا الفريق أو ذاك الفريق..

فإذا كان ذاك مضراً.. فهذا مثله.. وإذا كان غير مضر في فهم القرآن فهذا أيضاً كذلك.

756 ـ وردت عدة روايات في هذا الرأي أو ذاك الرأي. (الظاهر: أن مراده بذاك الرأي هو الخلفاء).

757 ـ لا يقبل بتفسير الأئمة للآية بالإمام المهدي ويتبني رأي المخالفين.

758 ـ ينسب إلى نهج البلاغة ما ليس في نهج البلاغة.

759 ـ لا بد من إدخال «المرحلة»([9]) الأولى للدعوة في مضمون الآية.

   ويقول البعض في تفسير قوله تعالى: ﴿وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا([10]) ما يلي:

   «..وقد اختلف المفسرون في تطبيق الآية على الواقع التاريخي أو المستقبلي فيمن هم المقصودون بالذين آمنوا وعملوا الصالحات الذين وعدهم الله بالإستخلاف.

   فهناك من قال: إن المراد بهم أصحاب النبي «صلى الله عليه وآله» الذين كانوا يعيشون الخوف والضغط والاضطهاد من قِبَل المشركين الذين كانوا يملكون السيطرة المطلقة على المؤمنين، فوعدهم الله أن يجعلهم الخلفاء على الناس من بعدهم، يمكّنهم في الأرض ويبدلهم من بعد خوفهم أمناً، وهذا ما حدث في سيطرة النبي «صلى الله عليه وآله» ومَن بعده، وسيطرة المسلمين على المنطقة كلها..

   وهناك من قال: بأنها تعمّ الأمة كلها فيما أفاء الله عليها من الانتصارات والفتوحات التي جعلتها في مدة طويلة من الزمن، مهيمنة على الامر كله، حتى استطاع الاسلام أن يكون القوة الكبيرة في العالم بحيث شعر المسلمون بالعزة والكرامة والأمن والقوة والسيطرة.

   وهناك من قال: بأن المراد بها الخلفاء الراشدين، ومن قال بأن المراد المهدي المنتظر، وقد وردت هناك عدة روايات في هذا الرأي أو ذاك الرأي..

   وإننا نعتقد أن الآية جاءت من أجل أن تثير في نفوس المسلمين الثقة الكبيرة بالله وبأنفسهم، من خلال ذلك وتكشف لهم الغيب الالهي الذي يتحرك في سنن الله في الكون فيما يمنحهم الله من لطفه وفيما يأخذ به الناس من أسباب النصر، في الدعوة والحركة والجهاد، في كل ما تحتاجه الحياة من عناصر القوة للرسالة وللإنسان.. لئلا يتساقطوا تحت تأثير الضغوط الصعبة الكبيرة التي تطبق عليهم، وتحيط بهم من كل جانب، ولئلا يضعفوا أمام نوازع الضعف الكامنة في شخصياتهم فيما تشدّهم الرواسب اليه، وفيما تطبق لديهم الظروف عليه، ليستمروا في التحرك، وليتابعوا المسيرة بقوّةٍ وجدٍّ وإخلاص..

   ولم تكن لتقتصر على مرحلةٍ من المراحل، أو جيلٍ من الاجيال، لانها تؤكد الموقف على أساس الايحاء برعاية الله للاسلام والمسلمين في امتداد مسيرتهم في خط الحياة الطويل.. ولذلك فمن الممكن تطبيقها على كل مرحلةٍ استطاع الاسلام فيها أن يحكم ويمتد ويهيمن، واستطاع المسلمون أن يعيشوا فيها الطمأنينة والقوّة والثبات، وعلى كل مرحلة مستقبلية تتصف بهذا الوصف ولكن.. مهما اختلفت التطبيقات، فلا بد من إدخال الاولى للدعوة التي كان الله يريد للمسلمين أن لا يخضعوا للاهتزازات التي كانت تتحرك في حياتهم، وللضغوط المحيطة بهم.. ليثبتوا على المبدأ، ويلتزموا بالاسلام.

   وقد جاء في نهج البلاغة، كلام لعلي «عليه السلام» لعمر، لما استشاره لانطلاقه لقتال أهل فارس حين تجمعوا للحرب قال «عليه السلام»: إن هذا الامر لم يكن نصره ولا خذلانه بكثرة ولا بقلّة، وهو دين الله الذي أظهره وجنده الذي أعزه وأيّده حتى بلغ ما بلغ وطلع حيث طلع ونحن على موعود من الله حيث قال عز اسمه: ﴿وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا([11])، والله تعالى منجز وعده وناصر جنده.

   فلننطلق مع وعد الله ليكون عنواناً لكل مسيرتنا»([12]).

وقفة قصيرة:

ونقول:

إن لنا هنا ملاحظات عدة، نختصر القول فيها على النحو التالي:

   1ـ قوله: «وهناك من قال: بأن المراد بها الخلفاء الراشدين ومن قال بأن المراد المهدي المنتظر (عج). وقد وردت هناك عدة روايات في هذا الرأي..» غير دقيق، وذلك لما يلي:

   ألف: إن هذا القول ليس دقيقا، فإنه لم ترد روايات تقول إن المراد بالآية هم الخلفاء الراشدون.

   ب: إن القول بأن المراد بهذه الآية الامام المهدي (عج) إنما يستند إلى الروايات الكثيرة الواردة عن اهل البيت «عليهم السلام» في هذا الشأن.

   ج: قال الطبرسي: «وعلى هذا إجماع أهل العترة الطاهرة، وإجماعهم حجة لقول النبي «صلى الله عليه وآله»: إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله، وعترتي أهل بيتي إلخ..» ([13]).

   وقال الشيخ الطوسي وهو يرد على الجبائي ومن تابعه: «وقال أهل البيت «عليهم السلام»: إن المراد بذلك المهدي (عج)»([14]).

   2 ـ إننا لا ندري كيف يتجرأ أحد ـ مهما بلغ من القوة والشوكة ـ على أن يقول بمقالةٍ يخالف فيها صراحةً ما ثبت عن أهل البيت «عليهم السلام».

   ونجد هذا الرجل لا يلتفت إلى ما ثبت عن أهل البيت هنا ويقول:

«إن الآية لا تقتصر على مرحلة دون مرحلة بل هي تشمل ما كان في الماضي حيث استطاع الاسلام فيها أن يمتد ويهيمن، تشمل على كل مرحلة مستقبلية تتصف بهذا الوصف، لكن في جميع الأحوال لا بد من إدخال المرحلة الاولى للدعوة..».

   3 ـ إن هذا الرجل يذكر رواية عن أمير المؤمنين «عليه السلام» ناسباً لها إلى نهج البلاغة، فلما راجعنا نهج البلاغة وجدنا أن الاستشهاد بالآية غير موجود في هذا الكتاب، فكيف أقحم هذا الرجل هذا الاستشهاد، وهذه الآية بالذات؟! ولماذا؟!

وكيف نفسر دعوته إلى التحقق من النصوص والتثبت فيها؟!

760 ـ آية البلاغ في فضل علي «عليه السلام».

761 ـ نرجح أن الصحيح نزول آية البلاغ في «فضل» علي «عليه السلام».

يقول البعض عن آية: ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ([15]) بعد أن ناقش الأقوال فيها:

..مع أن الآية توحي بأن النبي «صلى الله عليه وآله» كان قد بلغ الكثير من الرسالة، أو بلغ كل تفاصيلها كما تشير إليه كلمة ﴿وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ﴾ أي فكأنك لم تبلغ الرسالة التي بلغتها.. لأن النتيجة ستكون بهذه المثابة من حيث الخطورة..

وبهذا نرجح أن يكون الوجه الصحيح هو الوجه الآخر وهو أنها نزلت في فضل علي([16]).

وقفة قصيرة:

اللافت للنظر هنا أمران:

إنه رجح نزول آية: ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ﴾ في فضل علي «عليه السلام»، ولم يجزم بذلك، فهل نشأ موقفه هذا عن مقولته في الإمامة بأنها من المتحول، حيث يقول:

«..إن المتحول هو الذي يتحرك في عالم النصوص الخاضعة في توثيقها ومدلولها للاجتهاد مما لم يكن صريحا بالمستوى الذي لا مجال لاحتمال الخلاف فيه ولم يكن موثوقا بالدرجة التي لا يمكن الشك فيه، وهذا هو الذي عاش المسلمون الجدل فيه، كالخلافة والإمامة، والحُسن والقبح العقليين»([17]).

إنه قال: «إنها نزلت في (فضل علي)».

ولم يقل في أمر إبلاغ إمامته «عليه السلام». ولا ندري السبب في إضافة كلمة «فضل»؟!

762 ـ المباهلة أسلوب تأثير نفسي.

763 ـ النبي هو الذي أشرك أهل بيته في المباهلة.

ويقول البعض:

   «..ويظهر من الآية ـ ومن جو القصة ـ أن هؤلاء القوم لم يريدوا الاقتناع بل دخلوا في جدل عقيم لا يحقق أي هدف، ولا يصل إلى أية نتيجة.. مما دعا النبي «صلى الله عليه وآله» إلى طرح المباهلة عليهم، كأسلوب من أساليب التأثير النفسي الذي يُشعرهم بالثقة المطلقة بالعقيدة الإسلامية وبمفاهيم الدعوة الجديدة.. حتى إن النبي كان مستعداً لأن يعرّض نفسه للموقف الصعب عندما يقف مع أهل بيته ليواجهوا الآخرين بالوقوف بين يدي الله.. فيما تنازعوا فيه فيطلبوا منه ـ سبحانه ـ أن يجعل اللعنة على الكافرين.

   وقد أراد النبي «صلى الله عليه وآله» أن يزيد الموقف تأثيرا في الإيحاء النفسي لدى الآخرين بالثقة، فلم يقتصر على تقديم نفسه للمباهلة والملاعنة، بل طرح القضية على أساس اشتراك أهل بيته ـ معه في ذلك ـ مع أن بإمكانه أن يحصر الأمر بنفسه، دون أن يترك ذلك أي تأثير سلبي في الموقف.

   ولكنه ـ كما أشرنا ـ أراد أن يعطيهم الإيحاء بالاطمئنان الكامل بصدق دعواه، لأن الإنسان قد يعرض نفسه للخطر، ولكنه لا يعرض ابناءه وأهل بيته لما يعرض نفسه لما يمكن أن يتفاداه.

   ولهذا أدرك القوم الموضوع وأبعاده، فاهتزت أعماقهم بالخوف من الخوض في هذه التجربة التي تستتبع اللعنة الفعلية التي تتجسد في عذاب الله وعقابه، فأقلعوا عن الأمر وقبلوا الصلح..»([18]).

وقفة قصيرة:

1 ـ ونريد أن نلفت النظر: إلى أن هذا البعض يرى أن إشراك أهل البيت في أمر المباهلة هو أسلوب اتبعه النبي «صلى الله عليه وآله» للتأثير النفسي على الطرف الآخر. فهل هذا يعني إبعاد قضية المباهلة عن أن تكون بمستوى الجدية الحقيقية، ومواجهة الطرف الآخر بالموقف الحاسم والحازم، وإنما هي مجرد أسلوب من أساليب المناورة للتأثير النفسي على الطرف الآخر؟!

   2 ـ هل يعني نسبة هذه المبادرة إلى رسول الله «صلى الله عليه وآله» نفسه بقرار منه بتقديم أهل بيته الذي تربطه بهم رابطة المحبة والعاطفة، هل يعني ذلك محاولة إبعاد القضية عن أن تكون تدبيراً إلهياًً، وقراراً ربانياًً، يعطي الدلالة القاطعة على ما لأهل البيت من مقام عند الله مما لم يذكر لأحد سواهم؟‍!

   وقد أشرنا في كتاب مأساة الزهراء «عليها السلام» إلى إخلاله بهذه المنقبة فلتراجع هناك.

   وقد خرجت الروايات الكثيرة التي وردت في هذه المناسبة وأشارت إلى فضل علي ومقام هؤلاء الصفوة الذين أخرجهم رسول «صلى الله عليه وآله» لهذا الأمر العظيم والخطير.

764 ـ لا فائدة من معرفة دابة الأرض.

765 ـ الأئمة يفسرون الآية بالرجعة والبعض يفسرها بيوم القيامة.   

قال البعض في تفسير قوله تعالى:

   ﴿وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآَيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجًا مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآَيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ([19]).

«..وقد أفاض المفسرون كثيراً في الحديث عن الدابة، في طبيعتها الإنسانية، والحيوانية، وفي صفاتها الغريبة وفي كيفية خروجها.. ومضمون كلامها.. مما لم يثبت به حجة قاطعة.. وقد لاحظنا أن القرآن وضعها في موضع الإبهام.. ولم يفصل أي شيء من هذه الأمور، فلنترك الخوض في ذلك كله.. لأنه مما لا فائدة فيه على مستوى النهج القرآني في مضمونه وإيحاءاته ﴿وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجًا مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآَيَاتِنَا﴾ فلا يقتنع بما تفرضه من الإيمان بالله، ورسله، واليوم الآخر، بل يبقى مستمرا في غيه وعناده ﴿فَهُمْ يُوزَعُونَ([20]) أي يحبسون ويوقفون، بحيث يرد أولهم على آخرهم ـ كما هو معنى الايزاع.. وذلك هو يوم القيامة الذي يحشر الله فيه الناس كلهم، والمؤمنين منهم، والمكذبين بآيات الله»([21]).

وقفة قصيرة:

1ـ إننا إذا رجعنا إلى الأحاديث الكثيرة المروية عن أهل البيت «عليهم السلام»، ومنها ما هو صحيح سنداً، فسنجد أنهم «عليهم السلام»، قد فسروا قوله تعالى: ﴿ويوم نحشر من كل أمة فوجا ممن يكذب بآياتنا فهم يوزعون﴾ بما ينطبق على أمر الرجعة في آخر الزمان، قبل يوم القيامة، وقد تضمنت هذه الأحاديث استدلالات منهم «عليهم السلام» على هذا الأمر؛ يقول الإمام الصادق «عليه السلام»: أفيحشر الله يوم القيامة من كل أمة فوجاً؟! ويدع الباقين! لا، ولكنه في الرجعة.

وأما آية القيامة ﴿وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا([22]).

   فلماذا لا يلتفت هذا البعض إلى هذه الروايات الكثيرة والمعتبرة، والى ما هو الحق في تفسير الآية؟ هل لأن الأمر يتعلق بالرجعة؟! ([23]) التي نعرف موقفه منها. فإنه وإن كتب في اجوبته على بعض المسائل المرسلة الى قم أن أحاديثها متواترة، لكنه في اكثر من موضع، قد حاول أن يؤولها ويشكك في معناها. وسيأتي هذا الكتاب كما ذكرنا في كتاب «مأساة الزهراء» في الجزء الأول في الصفحات 103 ـ 106 متنا وهامشاً ما يفيد جداً في هذا المقام.

   واللافت للنظر هنا: أنه هو نفسه خلافا لما يقوله أئمة اهل البيت «عليهم السلام»، يقول:

«وذلك هو يوم القيامة الذي يحشر الله فيه الناس كلهم».

مع أن الآية تتحدث عن حشر فوج من كل أمة.

2 ـ هناك روايات صحيحة السند بالإضافة إلى الكثير من الروايات الأخرى مروية عن الأئمة الطاهرين «عليهم السلام» وكذلك عند اهل السنة تفيد: أن المقصود بدابة الأرض التي يخرجها الله لعباده هو علي أمير المؤمنين «عليه السلام»، فإذا كانوا «عليهم السلام» قد تحدثوا عن هذا الأمر، وأوضحوه، فلماذا يعتبره هذا البعض مما لا فائدة فيه لا في مضمونه، ولا في إيحاءاته.‍‍؟!

   وإذا كان هذا الأمر قد ورد بروايات مستفيضة، وبعضها صحيح السند، فلماذا لا يشير إلى ذلك على الأقل؟!.

   وإذا كان الخبر الصحيح، والمستفيض ليس حجة فما هي الحجة إذن؟ على أمر لا يثبت إلا بالنقل؟!..

   وأما دعوى لزوم كون الخبر متواترا في ما سوى الأحكام الشرعية فهي دعوى باطلة جملة وتفصيلا وقد تقدم ما ينفع في المقام. مع أنها دعوى تؤدي إلى لزوم إلقاء القسم الأعظم من أحاديث النبي «صلى الله عليه وآله» والأئمة «عليهم السلام» لعدم جدواه. وذلك من أجل أن يصبح المجال مفتوحا أمام استيحاءات حضارية، واستحسانات تقدمية لهذا أو ذاك من الناس. أما الأحاديث عن أهل البيت، بأسانيد صحيحة، أو معتبرة أو مؤيدة بالقرائن، فلا بد من إبعادها عن حياتنا الفكرية والثقافية كما يظهر مما يقوله هذا البعض.

   3 ـ إننا نلاحظ: أن هذا البعض الذي تجاهل الروايات الكثيرة التي تفسر الاية وتطبقها على علي أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام.. وعجز عن رد هذه الروايات بطريقة علمية الى اسلوب التنفير، بالاستفادة مما ارتكز لدى العوام في معنى كلمة «دابة» حيث إنهم لا يأخذون بمعناها اللغوي، بل يقصدون بها البهائم التي اعتادوها وألفوها، مع أن الله سبحانه وتعالى قد استعمل هذه في كتابه العزيز، واراد بها ما يمثل الانسان، فهو يقول: ﴿وَاللهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ([24]).

   وقد فسر من يمشي على رجلين بالناس، وفسرت الدابة في اللغة بكل ما يدب على الأرض..

   لكن هذا الرجل يرفض تفسير الدابة بما ورد عن الأئمة «عليهم السلام»، وبما تؤيده اللغة، مستفيداً ـ كما قلنا ـ من أسلوب التنفير للناس العاديين. الذين لم يعرفوا معنى هذه الكلمة من مصادره الصحيحة والمعتمدة، فهو يقول:

«تفسير «دابة الأرض»:

   ذهب العلامة «القمي» في تفسير قوله تعالى: ﴿وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ([25])، على أنها تخصّ علي «عليه السلام» آخر الزمان استناداً إلى حديث مجمله أنه «صلى الله عليه وآله» دخل المسجد فوجد علياً مضطجعاً وعند رأسه كومة رمل فدفعه قائلاً: «قم يا دابّة الأرض».

ثم التفت إليه وقال: يا علي، إذا كان آخر الزمان بعثك الله فليس من ينصب به عداءك؟!

يجب أن ندقق في الحديث، لأنه ليس كل حديث يجب أن نأخذ به خصوصاً إذا أردنا أن نعرضه على القرآن، فدابة الأرض هو التعبير عن الدابّة بخصوص اللفظ. أما أن يعبّر عن الإمام علي بالدابة فهذا تعبير لا ينسجم مع موقع الإمام «عليه السلام» لأن دابة الأرض هي حشرات الأرض وإذا أردنا أن نعظم الإمام علي «عليه السلام» فيجب أن نأتي بكلمة تليق به وحتى لو كانت استعارة لمعنى آخر فلا بد أن تتناسب مع طبيعة المعنى الجديد. إننا عندما ننطلق مع السياق القرآني نرى أنه لا ينسجم مع مقام الامام علي «عليه السلام»..»([26]).

766 ـ تجاهل الأحاديث المفسرة للأسماء التي علمها الله لآدم بأسماء النبي «صلى الله عليه وآله» والأئمة «عليهم السلام».

767 ـ علم الله آدم أسماء الموجودات.

يقول البعض:

«ما هي الأسماء التي علمها الله لآدم؟!

   لقد استفاضت النصوص الدينية في الأحاديث الواردة عن أئمة أهل البيت «عليهم السلام» وعن غيرهم في أن المراد منها هي أسماء الموجودات الكونية سواء منها الموجودات العاقلة، أو غيرها، ولعل هذا هو الذي توحي به طبيعة الجو الذي يحكم الموقف في هذه الآيات، وينسجم مع مهمة الخلافة عن الله في الأرض، التي اعد لها الإنسان، فإنها تفرض المعرفة الكاملة بكل متطلباتها ومجالاتها.

   جاء في تفسير العياشي عن أبي العباس عن أبي عبد الله (جعفر الصادق) «عليه السلام» قال: سألته عن قول الله: ﴿وَعَلَّمَ آَدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا﴾ ماذا علمه؟!

قال «عليه السلام»: والأرضين والجبال والشعاب والأودية.

   وجاء في تفسير الطبري عن ابن عباس قال: علم الله آدم الأسماء كلها وهي هذه الأسماء التي يتعارف بها الناس: إنسان ودابة وارض وسهل وبحر وجبل وحمار وأشباه ذلك من الأمم وغيرها.

   وهناك اتجاه في تفسير ذلك، بأسماء الملائكة، وأسماء ذريته دون سائر أجناس الخلق، وهو الذي اختاره الطبري في تفسيره.. وذلك أن الله جل ثناؤه قال: ﴿ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ([27]). يعني بذلك أعيان المسمين بالأسماء التي علمها آدم ولا تكاد العرب تكني بالهاء والميم عن أسماء بني آدم والملائكة. وأما إذا كانت عن أسماء البهائم وسائر الخلق، فإنها تكنى عنها بالهاء والألف أو بالهاء والنون ولكن هذا الاتجاه لا يتناسب مع طبيعة الخلافة، لا سيما إذا فهمنا من الآية أن آدم لم يكن هو الخليفة بشخصه، بل بسبب تجسيده للنوع الإنساني ـ كما استقربناه آنفاً، فإن معرفة أسماء الذرية والملائكة لا يقدم شيئاً ولا يؤخر في الموضوع.

   وأما التعبير عن الأسماء بالضمير المستعمل لما يعقل، فقد اعترف صاحب التفسير المذكور بأن العرب قد تستعمل ضمير من يعقل، إذا كان عائدا على من يعقل، وما لا يعقل بفعل التغليب، وبذلك جاء القرآن الكريم: ﴿وَاللهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ([28]). قال إن الغالب المستفيض في كلام العرب ما وصفنا، ولكننا لا نعتبر الغلبة في مثل هذا ـ لو ثبتت ـ لغة مرجوحة أو غير فصيحة، لان القرآن نزل بذلك في الآية المتقدمة مما يوحي بأنها لغة مألوفة معتبرة؛ولعل ذهاب ابن عباس ـ فيما روي عنه ـ يقّرب ما ذكرناه بأنه أعرف بكلام العرب من المتأخرين الذين عرفوه بالنقل، بينما كانت معرفته له بالسماع والممارسة»([29]).

وقفة قصيرة:

1 ـ إن هذا البعض يفسر الأسماء التي علمها الله سبحانه لآدم «عليه السلام» بأسماء الموجودات العاقلة وغيرها، ناسباً هذا التفسير للروايات المستفيضة عن أهل البيت «عليهم السلام» وغيرهم، ولم يشر لا من قريب ولا من بعيد إلى الروايات التي تقول: إن الأسماء التي علمها الله لآدم هي أسماء الأئمة والحجج على الخلق، مع أنها أقرب إلى الاعتبار وأصح سنداً([30])، وهي مروية عن الإمام السجاد؛ والصادق؛ والعسكري «عليهم السلام».

وقد ساق الحديث عن الروايات التي تفسر الآية بأسماء الموجودات بطريقة توحي أنها وحدها بين أيدينا، ولا يوجد سواها.

ثم ادعى أنها منسجمة مع جو الآيات، ومع مهمة الخلافة عن الله في الأرض.

مع أن الروايات التي ذكرت: أن المراد أسماء النبي والأئمة هي الأوفق بالسياق لا سيما مع ملاحظة قوله: ﴿ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ([31]). حيث جاء بضمير (هم) في (عرضهم) الذي يستعمل في الأساس للتعبير عن العقلاء.

فإرادة أسماء الموجودات من هذا الضمير تحتاج إلى تصرف في الضمير بادعاء انه قد أريد تغليب العقلاء من الجن والإنس والملائكة على غيرهم، إما للتشريف، أو لغير ذلك من أمور.

   أما لو كان المراد بالأسماء، النبي والأئمة، الذين هم حجج الله على الخلق، فلا يحتاج إلى هذه التأويلات والتخريجات؛ لأنهم هم اعقل عقلاء هذا الوجود.

2 ـ وإذا قال: إن إرادة أسماء الموجودات هو المناسب لمهمة الخلافة عن الله.

فإننا نقول:

إن الأنسب منه هو إرادة الهداة إلى شرع الله، والأدلاء للخلق، والقادة لهم، والمهيمنين على مسيرتهم في مجال العلم والمعرفة حيث إنه لولا وجود النبي «صلى الله عليه وآله» والأئمة «عليهم السلام» لكانت الكارثة الحقيقية، والمأساة الكبرى لهذا الإنسان الذي سيجر على كل هذه المخلوقات الوبال والنكال.

3 ـ واللافت للنظر هنا: أنه لم يذكر من الأقوال إلا قول الطبري الذي اختار أن المراد هو أسماء الملائكة وأسماء ذرية آدم. مع أن القول بأن المراد بها هو اسماء الأئمة «عليهم السلام»، اكثر شيوعا وذيوعا بين المفسرين من اصحابنا.

4 ـ أما قوله: إن ابن عباس اعرف بكلام العرب.. فيرد عليه:

أولاً: لا بد من ثبوت النقل عن ابن عباس.

ثانياً: إن هذا من الأمور النقلية، التي لا طريق للاستحسان ولا للعقل اليها. وقد منع العلماء من إثبات اللغة بالعقل، والذوق، فاذا ورد عن أهل البيت «عليهم السلام»؛ أن المراد هو كذا، وجب الأخذ به، طبعاً مع عدم مخالفته القواعد العقلية. والنقل عن ابن عباس لو ثبت فإنه لا قيمة له في مقابل كلام الأئمة الأطهار «عليهم السلام».

ثالثاً: إنه هو نفسه، يشترط الثبوت القطعي للرواية في غير الأحكام، فلا بد من تواتر الرواية عنده، فكيف أخذ بالرواية هنا في أمر توقيفي. وهي ليست قطعية عنده ولا متواترة؟! وكيف ترك غيرها من الروايات التي هي أولى بالقبول؟!

768 ـ سورة المعارج مكية.

769 ـ جدال المشركين كان حول الآخرة (لا في إمامة علي).

770 ـ نفي ضمني لفضيلة لأمير المؤمنين «عليه السلام».

771 ـ الزكاة شرعت في المدينة.

يقول البعض:

﴿سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ لِلْكَافِرينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ مِنَ اللهِ ذِي الْمَعَارِجِ تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا وَنَرَاهُ قَرِيبًا يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاءُ كَالْمُهْلِ وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ وَلَا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيمًا([32]).

هل السورة مكية أو مدنية؟!:

وهذه من السور المكية ـ في رأي الكثيرين ـ إلا في بعض آياتها، فقد نقل عن الحسن ـ فيما ذكره صاحب مجمع البيان ـ: أن آية و ﴿فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ([33]) مدنية، فإن ظاهره الزكاة التي شرعت في المدينة.

   ويعلق صاحب الميزان على ذلك: بأن هذا القول يستتبع أن تكون الآيات المتصلة بها الواقعة تحت الاستثناء لما في سياقها من الاتحاد واستلزام بعضها البعض.

   ويضاف الآيات الواردة في المستثنى منه، وهي قوله: ﴿إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا﴾ إلى قوله: ﴿مَنُوعًا([34]) لنفس الحجة.

   ويستطرد ـ في استنتاجه ـ ليستوحي من سياقها، أن مضامين هذا الفصل بأجمعها تناسب حال المنافقين في المدينة الذين كانوا يحيطون بالنبي «صلى الله عليه وآله» عن اليمين وعن الشمال..

وقد نوقش قول الحسن ـ: بأن الحق المعلوم لا يراد به الزكاة فقد روي عن الإمام جعفر الصادق «عليه السلام»، أن المراد به حق يسميه صاحب المال في ماله غير الزكاة المفروضة.

   كما ورد عن ابن عباس أن هذه السورة نزلت بعد سورة الحاقة التي هي من السور المكية. مع ملاحظة أن سياقها في بداياتها ونهاياتها التي تتحدث عن اليوم الآخر يناسب كونها مكية([35]).

   ويقول:

«..﴿سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ لِلْكَافِرينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ([36]) هل هناك سؤال عن العذاب في طبيعته، أو في توقيته ليكون السؤال في معنى الاستفهام؟! أوأن السؤال بمعنى الطلب، فتكون القضية هي في الطريقة التي كان يريد المشركون فيها مع النبي الحوار الجدلي عن الآخرة وعذابها الذي ينتظرهم فيبرزون الحديث بطريقة التحدي، كما كانت الطريقة التاريخية للأمم السابقة التي كانت تستعجل العذاب كإيحاء بعدم جديته في إظهار تكذيبهم للرسول بهذا الأسلوب.

والظاهر: أن هذا هو الأقرب من خلال السياق الذي أكد العذاب كحقيقة إيمانية ثابته لا مجال للشك فيها»([37]).

وقفة قصيرة:

   إننا نشير هنا ـ باختصار ـ إلى أمور ثلاثة:

   الأول: إننا نلاحظ: أن هذا البعض لا يقبل بكون هذه السورة مدنية، مستندا إلى رواية ابن عباس الواردة في تصنيف سور القرآن إلى مكية ومدنية. مع أن ابن عباس كان له من العمر حين وفاة رسول الله «صلى الله عليه وآله» عشر سنوات أو ثلاث عشرة سنة على أبعد تقدير، ثم إنه أيد كلامه بدعوى أن سياقها، في بداياتها ونهاياتها، التي تتحدث عن اليوم الآخر يناسب كونها مكية..

   ولم يشر لا من قريب ولا من بعيد الى أن ثمة روايات كثيرة تذكر: أن صدر هذه السورة قد نزل في قضية غدير خم، حين قدم ذلك الرجل على رسول الله «صلى الله عليه وآله»، معترضا على تنصيبه عليا «عليه السلام» إماماً، فلما لم يجد عند النبي «صلى الله عليه وآله» ما يوافق هواه ولّى وهو يقول: اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء.

فرماه الله بحجر على رأسه فقتله، وأنزل قوله تعالى: ﴿سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ..﴾ وهذا المعنى مروي عند الشيعة بعدّة طرق. ومروي أيضاً بطرق غيرهم([38]).

   فلماذا يأخذ برواية ابن عباس الضعيفة، ويترك جميع هذه الروايات المروية من طرق الشيعة وغيرهم؟!

   بل لماذا لم يشر أصلاً إلى هذه الروايات؟! رغم أنه ينقل كلام العلامة الطباطبائي «رحمه الله» الذي تضمن استدلالاً على مدنية السورة بهذه الروايات نفسها. فنجده قد نقل كلامه باستثناء هذه الفقرات، التي تضمنت استدلاله هذا، فإنه اسقطها ولم يلتفت لها ولم يشر إليها. ولو أغمضنا عن كل هذا فكيف حصل له القطع الذي يشترطه دائما في امثال هذه الأمور من الرواية الضعيفة، ولم يحصل له مما هو اصح سنداً، وأكثر عدداً، لا قطع ولا ظن، بل حتى ولا شك أيضاً؟!

   الثاني: إن الآية قد أخبرت عن أن ثمة من طلب من النبي «صلى الله عليه وآله» أن ينزل العذاب عليه، وأن الذي فعل ذلك هو فرد من الناس عبّر عنه بصيغة المفرد مع تنوين التنكير «سائل» وليس هو «المشركون»، ولا طائفة منهم. لتكون القضية عبارة عن إدارة الحوار الجدلي بين النبي «صلى الله عليه وآله» وبين المشركين، كما يقول هذا الرجل.

فمن أين استنتج أن المراد هو عذاب الآخرة؟! وهل يصح أن يطلب المشركون أن ينزل عليهم عذاب يوم القيامة..

الثالث: قوله: إن الزكاة قد شرعت في المدينة، غير صحيح. وذلك لما يلي:

1 ـ إن عدة آيات قرآنية نزلت في مكة تأمر بإيتاء الزكاة، ونذكر من ذلك:

   قوله تعالى: ﴿فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ([39]) وهي في سورة مكية.

وقوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ([40]) وهي مكية.

وقوله تعالى: ﴿الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ([41]) وهي مكية.

وقوله تعالى: ﴿الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالْآَخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ([42]) وهي مكية أيضاً.

ولنراجع سورة الروم المكية الآية 39. ثم إن الله تعالى قال: عن إسحاق، ويعقوب، ولوط، وإبراهيم «عليهم السلام»: ﴿وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ([43]).

2 ـ وروي عن أبي طالب: أنه حدث عن النبي «صلى الله عليه وآله»: أن ربه أرسله بصلة الأرحام، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة ([44]).

3 ـ عن جرير بن عبدالله البجلي، قال: لما بعث النبي «صلى الله عليه وآله» أتيته لأبايعه، فقال: لأي شيء جئت يا جرير؟!

قلت: جئت لأسلم على يديك.

فدعاني إلى شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وتقيم الصلاة المكتوبة، وتؤتي الزكاة المفروضة([45]).

4 ـ وقد روى الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه عن حماد عن حريز، عن محمد بن مسلم، وأبي بصير، وبريد، وفضيل، كلهم عن ابي جعفر وأبي عبد الله «عليهما السلام»، قال: فرض الله الزكاة مع الصلاة.([46]) وسند هذه الرواية معتبر.

5 ـ ويرد ذلك أيضاً: أن جعفر بن أبي طالب قد ذكر الزكاة لملك الحبشة، على أنها مما أمرهم الله به([47]).

   ولكن قد جاء في رواية صحيحة السند:

   أنه لما نزلت آية الزكاة، التي في سورة التوبة، وهي مدنية ومن أواخر ما نزل، أمر «صلى الله عليه وآله» مناديه في الناس: إن الله فرض عليكم الزكاة. وبعد أن حال الحول أمر مناديه فنادى في المسلمين: أيها المسلمون، زكوا أموالكم تقبل صلواتكم، قال: ثم وجه عمال الصدقة وعمال الطسوق([48]).

   ولكن هناك عشرات الآيات التي نزلت قبل سورة التوبة التي ربما تصل الى ثلاثين آية، كلها تدل على فرض الزكاة. وحملها كلها على الاستحباب، أو على خصوص زكاة الفطرة بعيدٌ جداً.

فلا بد من حمل هذه الرواية على أنه «صلى الله عليه وآله» إنما ألزم الناس بدفعها ووضع الجباة لها، بعد نزول هذه الاية، مع كون ايجابها قد حصل في مكة، قبل ذلك.

772 ـ المراد بأولي الأمر المفهوم الأوسع.

773 ـ إرادة الأئمة «عليهم السلام» «من أولي الأمر» من باب التطبيق.

774 ـ إرادة المفهوم العام يمكننا من التمسك بالآية في ولاية أهل الشورى من المسلمين.

إن البعض حين يصل الى آية: ﴿أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ([49]) يذكر اتجاهات عديدة في تحديد المراد من ﴿أُولِي الْأَمْرِ.

ويذكر أيضاً قول الشيعة:

1 ـ إن المراد بهم الأئمة المعصومون من أهل البيت «عليهم السلام».. وحين يواجه الأحاديث التي تعد بالعشرات الدالة على أن المراد بهم خصوص الأئمة نجده يقول:

2 ـ «إن من الممكن السير مع الأحاديث التي تنص على أن المراد من أولي الأمر، الأئمة المعصومون، مع الإلتزام بسعة المفهوم، وذلك على اساس الأسلوب الذي جرت عليه أحاديث أئمة أهل البيت «عليهم السلام» في الإشارة الى التطبيق بعنوان التفسير، للتأكيد على حركة القرآن المستقبلية في القضايا الفكرية والعملية الممتدة بامتداد الحياة، لأن ذلك هو السبيل الأفضل لوعي الإنسان المسلم للفكرة، على أساس التطبيق الواضح من أجل أن يرتبط بالواقع بشكل مؤكد.

3 ـ إن هذا الاحتمال الذي يؤكده إطلاق الآية يجعلنا قادرين على التمسك بالآية، في ما يثار فيه الجدل كثيراً من أمر الولاية في حال غيبة الإمام، في ولاية الفقيه، أو في ولاية أهل الشورى من المسلمين، وذلك في الحالة التي يصدق عليهم أنهم أولو الأمر من ناحية واقعية.

إن هذه الملاحظات قد تستطيع أن تثير أمامنا بعض الأفكار حول الموضوع، من أجل الوصول الى نتيجة حاسمة في مجال التطبيق والإستنتاج، والله العالم»([50]).

وقفة قصيرة:

ونقول:

1 ـ إن هذا البعض يتحدث عن الموضوع بطريقة توحي بأن هذه الآية إن لم تتسع لتشمل غير أهل البيت «عليهم السلام»، فلسوف نقع في ورطة حيث سنفتقد الوسيلة التي تعرفنا على موقف الإسلام من حكومة الولي الفقيه، أو حكومة أهل الشورى من المسلمين حين يصدق عليهم أنهم أولوا الأمر من ناحية واقعية..

مع أن موضوع ولاية الفقيه له أدلته الواضحة، ولا يتوقف حسم الموقف فيه على عموم هذه الآية أو خصوصها..

وماذا يعني لنا التأكيد على حكومة أهل الشورى من المسلمين؟! ما دمنا ممن يلتزم خط الإمامة، ونيابة المجتهدين العامة عنهم «عليهم السلام» وفقاً لما أثبتته الأدلة..

2 ـ لا ندري ماذا يقصد هذا البعض بالحالة التي يصدق على أهل الشورى من المسلمين: أنهم أولوا الأمر من ناحية واقعية.. فإن هذه الحالة تبقى من المبهمات، والتي لا نعرف حدودها ولا مناشئها.

3 ـ ثم لا ندري ماذا يريد بالناحية الواقعية:

فهل يريد أنهم قد تسلطوا على الناس، وهيمنوا على أمورهم، ولو بالسلطان القاهر، وبقوة السيف الباتر، فجعلهم ذلك أولي أمر تجب طاعتهم؟ إن كان يقصد هذا فمن الواضح: أن الإسلام يرفض حكومة المتغلبين، ولا يرضى إلا بحكومة من نصبهم الله حكاماً على الناس. إما على وجه الخصوص وهم الأئمة الطاهرون «صلوات الله وسلامه عليهم» أو على وجه العموم وهم نوابهم الفقهاء، رضوان الله تعالى عليهم.

أم أنه يقصد: أن عمرهم يصل الى حد يصبحون فيه من أهل الشورى.. أم أن ثقافتهم هي التي تؤدي بهم الى ذلك.. أم نسبهم، أم مكانتهم الإجتماعية أم موقعهم السياسي، أم ماذا؟!

إن كل ذلك مما لا يقره الإسلام ولا يعترف به، بل تعيين أولي الأمر في الإسلام هو قضاء منه تعالى و ﴿إِذَا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ([51]).

4 ـ ماذا يقصد «بأهل الشورى من المسلمين»؟!

فهل يريد بهم نفس ما يقصد به أهل السنة من مصطلح:

«أهل الحل والعقد»؟!

وكيف يصبح الإنسان من أهل الشورى، ومن أهل الحل والعقد؟

وكيف يخرج عنهم؟!

وما هو عددهم؟!

وما هي مواصفاتهم؟!

وهل يستطيع أن يثبت شرعية إسلامية لحكومة هؤلاء؟!

5 ـ وهل تحقق لدى هذا البعض أن نظام الحكم في الإسلام هو نظام الشورى؟ أو نظام أهل الحل والعقد؟ أم أنه نظام الإمامة وولاية الفقيه العادل الجامع للشرائط كما هو الحق من مذهب أهل البيت«عليهم السلام»؟!

6 ـ أم أنه يقصد بالترديد بين «ولاية الفقيه» وبين «ولاية أهل الشورى» هو الترديد بين ما عند الشيعة، وما عند السنة لتكون الآية مصححة لكلا النهجين، وبذلك يصبح الحكام، وعلى نهج أهل السنة واجبي الطاعة، انطلاقاً من الآية الشريفة ﴿أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ﴾؟!([52]).

7 ـ إن الآية حين يتقيد مضمونها بما ورد عن رسول الله «صلى الله عليه وآله» ويتحدد المراد منها لا تعود قادرة على تأييد احتمال عموم المفهوم، فضلاً عن تأكيده، بل تصير دليلاً على عدم صحة ذلك العموم، أو فقل: على أن الشارع لا يقبل به ولا يتبناه..

8 ـ إننا إذا أردنا ألا نغالي في تحديد سلبيات هذا الإتجاه فسوف تكون النتيجة هي على الأقل أنه لا يوجد نص على أمير المؤمنين ـ «عليه السلام» ـ أبداً حتى آية: ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ([53]) وآية: ﴿وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ([54]).. فإنها تكون أيضاً عامة، وإرادة علي «عليه السلام» منها من باب أنه أبرز أو أفضل المصاديق.. بل حتى آية: ﴿تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ([55]). وآيات ذم إبليس وفرعون و.. و.. إنها كلها ستتخذ صفة العموم، وتصبح إرادة إبليس وفرعون، وأبي لهب منها من قبيل الإنطباق على أبرز المصاديق أيضاً.

775 ـ النبي وأهل البيت هم الصفوة العليا للراسخين، والراسخون كثيرون.

776 ـ النبي وأهل البيت هم ممن أخذوا من العلم بقدر واسع.

777 ـ الراسخون في العلم لا تختص بأهل البيت «عليهم السلام».. (وهو تكذيب للأحاديث بأنها فيهم فقط).

778 ـ تفسيره الراسخين بمن يفهم القرآن والدين والحياة، ولم يفسره بمن علمهم من الله.

779 ـ تفسير الراسخين بمن يعرف الحكمة في التجربة العملية لا بمن يهديهم الله ويسددهم وهم المعصومون.

يقول البعض:

«..﴿وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آَمَنَّا([56]) والمراد بهم: الذين يملكون رسوخاً في العلم بالمستوى الذي يستطيعون بها أن يفهموا كتاب الله ودينه وشريعته وحقائق الحياة الدالة على وجوده، وتوحيده وحركة الحكمة في تجربتهم العملية في الحياة، وقد ورد هذا التعبير في آية أخرى وهي قوله تعالى: ﴿لَكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ([57])»([58]).

وإذا كانت بعض الأحاديث قد تحدثت عن النبي محمد «صلى الله عليه وآله» والأئمة «عليهم السلام»، فإن ذلك وارد على سبيل أنهم أفضل المصاديق، لأن علم النبي مستمد من وحي الله، وإلهامه، كما أن علمهم مستمد من علم النبي «صلى الله عليه وآله» وقد جاء في حديث النبي محمد «صلى الله عليه وآله»: «أنا مدينة العلم وعلي بابها»([59]).

وفي حديث الإمام علي «عليه السلام» قال: «علمني ألف باب من العلم، فتح لي كل باب ألف باب»([60]).

وقال الإمام جعفر الصادق «عليه السلام» في ما روي عنه ما مضمونه: «حديثي حديث أبي، وحديث أبي حديث جدي، وحديث جدي حديث الحسين، وحديث الحسين حديث الحسن، وحديث الحسن حديث أمير المؤمنين، وحديث أمير المؤمنين حديث رسول الله «صلى الله عليه وآله»، وحديث رسول الله «صلى الله عليه وآله» قول الله عز وجل».

وهؤلاء هم الصفوة العليا من الراسخين في العلم وممن أخذوا من العلم بقدر واسع ﴿يَقُولُونَ آَمَنَّا بِه([61])»([62]).

وقفة قصيرة:

إن كلام هذا البعض يعطينا:

1 ـ إن هناك أناساً من غير أهل البيت «عليهم السلام» يملكون رسوخاً في العلم بالمستوى الذي يستطيعون به أن يفهموا كتاب الله، ودينه، وشريعته، وحقائق الحياة الدالة على وجود الله وتوحيده..

ومن الواضح: أن هذا يخالف الأحاديث الصريحة في أن من يفهم القرآن فهما حقيقياً، وعميقاً، وصحيحاً هم ـ فقط ـ النبي «صلى الله عليه وآله» وأهل البيت صلوات الله وسلامه عليهم، دون كل أحد.

2 ـ إن هذا البعض يقول:

«إن أهل البيت «عليهم السلام» هم أفضل المصاديق للراسخين في العلم.. ».

مع أن المعروف عن مذهب أهل البيت والمروي بأسانيد كثيرة هو: أنهم «عليهم السلام» هم المعنيون بهذه الآية، دون كل أحد.

3 ـ إن القول بأن هذه الآية أو تلك قد أريد بها كذا يحتاج الى اليقين، والى الحجة، اما إذا قال لك نفس صاحب القول مرادي من هذه الآية هو الأئمة «عليهم السلام» فليس لأحد من الناس الحق في صرف الكلام باتجاه آخر.. بأن يقول:

إن مراده من الآية هو معنى آخر، حتى لو كان هو المعنى العام الشامل لكل عالم.. وعلى رأسهم النبي «صلى الله عليه وآله»، والأئمة الطاهرون «عليهم السلام».

4 ـ قد تكررت هذه المقولة من هذا البعض في موارد عديدة، مثل آية ﴿أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ﴾..([63]).

وذلك معناه: فتح الباب للتشكيك في نصوص الإمامة، وفي النصوص التي تبين أن لأهل البيت مقاماً خاصاً يجعل لهم الحق دون سواهم بمقام الإمامة العظمى.

فإن لازم كلام هذا البعض هو أن آية: ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ([64]). لا تختص بعلي «عليه السلام»، بل تشمل كل من يمكن أن يتصدق وهو راكع ـ كما يقول ابن تيمية ـ ولكنه «عليه السلام» أفضل مصاديقها وهكذا الحال في أكثر الآيات المشابهة.. فهل نقبل ذلك منه؟!.

وهكذا يتضح: أن القول بعموم هذه الآيات النازلة في خصوص أهل البيت يراد به إنكار هذه النصوص الصريحة فيهم.. وإعطاء نصيب لغيرهم من الآيات الشريفة..

فهل ننتظر أن يصل الأمر الى الأحاديث الشريفة أيضاً حتى مثل حديث الغدير، وحديث إنذار العشيرة الأقربين، وحديث المنزلة.. وغير ذلك.. علماً بأنه حتى حديث الغدير قد نال نصيبه من التشكيك من قبل هذا البعض. ولو أن ابن تيمية كان حياً لأفرحه كثيراً أن يرى كيف أن منهجه في التشكيك بما يعود إلى علي وأهل بيته قد عاد إلى الحياة من جديد.

780 ـ لا معنى أن يكون الباطن مخزوناً عند الراسخين في العلم.

781 ـ لا فائدة من اختزان المعنى الباطن عند الراسخين في العلم.

782 ـ الدلالة الذاتية للقرآن لا تدل على الباطن لعدم وجود ظهور في ذلك.

783 ـ مفردات التفسير، وتفاصيل العقيدة تحتاج الى اليقين.

يقول البعض:

«ومن جهة أخرى، ما معنى أن يكون المعنى الباطن مخزونا لدى الراسخين في العلم وما فائدة ذلك؟! فإن كان ذلك من جهة أنهم حجج الله الذين لا بد أن يقبل قولهم في أسرار الدين، حتى لو لم يكن ذلك مفهوماً من اللفظ، فإن طبيعة الحجية تفرض ذلك من دون حاجة الى تضمين القرآن لذلك، لأن عصمتهم تؤكد صدقهم فتؤدي الى قبول تلك الحقائق الخفية منهم، وإن كان ذلك من خلال الطبيعة الذاتية للدلالة القرآنية، فإن المفروض عدم وجود ظهور للقرآن في ذلك».

ثم أن هذا البعض يطرح سؤالاً يقول: كيف نفهم ذلك؟!

ثم يجيب عن ذلك:

«بضرورة التأكد من صحة الأحاديث المروية عن النبي، وعن الأئمة حول تفاصيل العقيدة، ومفردات الوجود، والتفسير.. سنداً ومتناً، ولزوم تحصيل اليقين أو ما يقرب منه بخلاف ما يتصل منها بالأحكام الشرعية»([65]).

وقفة قصيرة:

ونقول:

1 ـ قد تحدثنا عن دعواه لزوم تحصيل اليقين، أو الإطمينان في تفاصيل العقيدة في قسم المنهج الإستنباطي وهو القسم الذي يتحدث فيه عن قواعده ومناهجه التي يتبناها ويلتزم بها، وقد ظهر مما ذكرناه هناك: أن هذه المقولة لا تصح، ولا يمكن قبولها، وذلك لأمور كثيرة نذكر منها هنا أيضاً:

ألف: إنه لا دليل لديه على لزوم تحصيل الأدلة اليقينية في الأمور الكونية، والتاريخ، وملكات الأشخاص، والتفسير، واسرار الواقع، وجوانب الحياة، بل المهم هو أن تثبت بالحجة المعتبرة شرعا، وعند العقلاء.

نعم.. يجب تحصيل اليقين في خصوص الأمور العقائدية الأساسية الأولى، وهي التي يجب الإعتقاد بها على كل حال، وهي خصوص ما يتوقف عليه الإسلام، والإيمان كالتوحيد والنبوة واليوم الآخر، وهو ما يتوقف عليه حقن دمه، والحكم بطهارته وحل ذبيحته بصورة أوليّة، بشرط أن لا يصاحب ذلك إنكار لأصل عقيدي أو لضرورة دينية، وما إلى ذلك.. وكذا يطلب اليقين في المعجزة التي يتوقف عليها ثبوت أصول العقيدة.

ويطلب اليقين أيضاً في الإمامة أما ما عدا ذلك فيجب الإعتقاد به اجمالاً على ما هو عليه وأما تفصيلاً فإنما يجب ذلك لو التفت إليه، لا مطلقاً. نعم لا يجوز له إنكاره، فلو أنكره لزمته تبعات الإنكار، وقد يكون منها خروجه عن دائرة الدين او عن مذهب أهل البيت «عليهم السلام»، وهذا النوع من الإعتقادات لو ثبت له بحجة معتبرة وجب عليه الإعتقاد به، والإ فإنه ليس له أن يكذبه، ويرده فقد ورد النهي الأكيد عن رد الخبر على أهل البيت «عليهم السلام»([66])، فكيف بما يدخل في نطاق العقيدة والإيمان؟!

ب: إن إنكار هذا البعض لحجية الأخبار غير المتواترة والقطعية في ما عدا الأحكام سوف يفقده معظم معارفه الدينية، التي لم يزل يرددها هنا، وهناك، وتسقط بذلك عن الاعتبار، ويصبح بلا ثقافة دينية، وبلا معارف يعتد بها، لأنه لا يستطيع أن يدعي أنها كلها متواترة تفيد اليقين.. بل هي أخبار آحاد، فإذا كان لا يرى هو لها أي اعتبار فكيف يثقّف بها الآخرين، ويدخلها في وجدانهم!!

ج: إن أدلة حجية الأخبار سواء أكانت هي الآيات أو الروايات، أو بناء العقلاء الذي أمضاه الشارع ـ إن هذه الحجية ـ لم تخصص بخصوص الأحكام.

د: إن من يقول بالأخذ بالخبر الموثوق ـ لا بخبر الثقة، لا يحق له القول بلزوم الإقتصار على الخبر الصحيح السند، هنا وعلى الموثوق ومطلق الحجة هناك.

هـ: إن قول هذا البعض بلزوم الإقتصار على القرآن، وعلى الأخبار المتواترة، والقطعية، وإلقاء كل خبر لا يفيد القطع أو الإطمينان معناه لزوم إلقاء كل حديث النبي «صلى الله عليه وآله»، وأهل بيته «عليهم السلام»، والإقتصار على بضعة أحاديث قد لا تتجاوز عدد اصابع اليدين.

إذن، فعلى الإسلام السلام.. وهذا يتوافق بصورة واضحة مع مقولة: حسبنا كتاب الله..

2 ـ إن ما ورد عن النبي «صلى الله عليه وآله» وأهل بيته «عليهم السلام» من أن علم الباطن موجود عندهم، وأنهم هم الراسخون في العلم، حتى على تقدير لزوم تحصيل اليقين أو الإطمينان بالأخبار التي تتعرض لغير التشريع، إن ذلك ليس من أخبار الأحاد، بل هو مفيد لليقين سنداً، ومتناً، وليس من حق هذا البعض أن يرده..

3 ـ إننا نخشى أن يكون مقصود هذا البعض باليقين، أو الإطمينان هو خصوص الشخصي منه، وفي أي خبر كان، فإن كان هذا هو المقصود، فإن الدين يصبح ملعبة بأيدي أهل الأهواء والبدع، ولكل طامع وطامح.

4 ـ إن فائدة كون العلم مخزوناً لدى الراسخين في العلم هو نفس فائدة تعليم النبي «صلى الله عليه وآله» علياً «عليه السلام» ألف باب من العلم يفتح له من كل باب ألف باب.. وهو نفس فائده تعليم آل داود منطق الطير، وهو نفس فائدة «علم من الكتاب» الذي كان عند آصف بن برخيا، الذي جاء بعرش بلقيس من اليمن الى بيت المقدس، وهو نفس الآيات الكبرى التى رآها رسول الله «صلى الله عليه وآله» في رحلة المعراج ﴿لَقَدْ رَأَى مِنْ آَيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى([67]) و ﴿لِنُرِيَهُ مِنْ آَيَاتِنَا([68]) وهو نفس فائدة الغيب الإلهي ـ كله أو بعضه ـ الذي يطلع الله عليه من يرتضيه من رسول..

وحتى لو كان هذا البعض لا يدري الفائدة من ذلك، فإن ذلك لا يبرر له رفض الحديث.

5 ـ على أن من الواضح: أن هناك مرجعيات للناس يرجعون إليها في أمور دينهم، ولتحصيل معارفهم، كما أن لهم مرجعيات في سائر أمورهم الحياتية كالطب وغيره، ولو صحت مقولة هذا البعض فإنه لا تبقى فائدة من تعلم المهندس لعلم الهندسة والطبيب لعلم الطب، والرياضي لعلم الرياضيات، والفيلسوف للفلسفة، والفقيه للفقه، وما إلى ذلك.. فإن المقصود ـ على حد قول هذا البعض ـ إن كان هو حفظ تلك المعارف والقواعد، فإن المعارف والقواعد موجودة في ضمن الكتب، ومحفوظة فيها.. وإن كان المقصود هو إلزام الآخرين بها، فإن ذلك حاصل حتى وهي موجودة في ضمن الكتب.

وإذا أجاب هذا البعض: بأن المهندس، والطبيب، والفقيه، والفيلسوف، والرياضي.. و.. و.. يمثلون مرجعيات للناس في أوقات حاجتهم الى علومهم، ولو لأجل تعلم جزئياتها ودقائقها لتقوية ملكات البحث العلمي في هذه الدائرة أو تلك، أو في علم هنا، وعلم هناك..

فإن الجواب: هو أن حفظ هذه العلوم القرآنية الباطنة لدى الأنبياء والأولياء إنما هو ليكونوا هم المرجعيات للناس عند الحاجة إليها..

وكذلك ليستخدموها في تربيتهم أو تعليمهم للناس وتثقيفهم بها، حينما يبلغون أو بعضهم ـ كسلمان ـ الدرجات التي يمكن أن تفيدهم في زيادة يقينهم، أو في غير ذلك من حالاتهم وشؤونهم، وحتى تصرفاتهم.. من خلال إطاعتهم لله التي تصل بهم إلى مقام «عبدي أطعني تكن مثلي تقول للشيء كن فيكون» كما اعترف به هذا البعض نفسه.

فاتضح بما ذكرناه عدم صحة الإستدلال الذي قدمه ذلك البعض لبيان عدم الفائدة في أن يكون المعنى الباطن محفوظاً لدى الراسخين في العلم.

6 ـ والأغرب من ذلك قوله:

«فإن كان ذلك من جهة أنهم حجج الله الذين لا بد أن يقبل قولهم في أسرار الدين، حتى لو لم يكن ذلك مفهوماً من اللفظ، فإن طبيعة الحجية تفرض ذلك، من دون حاجة الى تضمين القرآن لذلك»..

فإن قوله الأخير لا معنى له لأن كونهم حجج الله تعالى لا يستلزم أن لا يتضمن القرآن علومهم، ولا يستلزم أن لا يكون القرآن مرجعاً لهم يعرفون بواطنه، ويكتشفون أسراره بوسائل عرفهم الله إياها، وأوقفهم عليها.

كما أن كلامه هذا معناه: طرح الروايات الكثيرة التي تحدثت عن بطون القرآن([69])، وتصبح هذه البطون بلا فائدة.

7 ـ وأغرب من ذلك قوله:

«وإن كان ذلك من خلال الطبيعة الذاتية للدلالة القرآنية، فإن المفروض عدم وجود ظهور للقرآن في ذلك».

 فإن هذا الكلام يستبطن أن يكون هذا البعض قد عرف جميع وجوه الدلالات القرآنية..

مع أننا نلاحظ ما يلي:

ألف: اختلاف الناس في درجات فهمهم للمعاني القرآنية، وفي اكتشافهم لأسراره، وإدراك لطائفه وإشاراته..

ب: إن هذا البعض نفسه قد اعترف بأن ثمة أموراً لم يكن قد ادركها حين كتابته لكتابه المعروف «من وحي القرآن» وقد ذكر ذلك في مناسبة إنكاره لنزول الوحي مباشرة على نبي الله لوط، فراجع ما ذكرناه حول النبي لوط «عليه السلام» في قسم (مع الأنبياء والرسل).

ج: إن هذا البعض يسجل في نفس كتابه الآنف الذكر: أنه يخالف المفسرين في فهم كثير من الآيات القرآنية، وفي دلالاتها..

د: إنه إذا كانت معاني القرآن وخصوصياته التفسيرية لم تزل تتكشف عبر العصور، وقد تكشف الكثير منها في هذا العصر، بسبب الثورة الكبيرة التي حصلت وتحصل في مجالات العلوم المختلفة.

فهل يستطيع هذا البعض أن يدعي مع ذلك أن ما سجله هو وغيره من معاني ادعوا أنهم قد استفادوها من الدلالات القرآنية قد أظهر كل المعاني القرآنية وما على ذلك من مزيد في المستقبل؟! وأن حركة اكتشاف المعاني القرآنية قد توقفت عند هذا الحد؟! وكيف يمكن أن نوفق بين هذا التوجه، وبين ما روي عن أمير المؤمنين «عليه السلام»: من أن هذا القرآن «لا تفنى عجائبه، ولا تنقضي غرائبه، ولا يشبع منه علماؤه.. وأن ظاهره أنيق وباطنه عميق».

هـ: إن هذا البعض نفسه يذهب الى مقولة غريبة وعجيبة، بل وخطيرة جداً أيضاً، مفادها.. أن عالم الدلالات يتطور بتطور الزمن، وأنه يختلف من زمن الى آخر..

فهو يقول:

«إن الكلمة لا تبقى في مدلولها اللغوي الوضعي جامدة لا تتحرك، بل تأخذ من حركتها التاريخية الكثير من الإشارات، والرموز، والإيحاءات، التي قد يفهم الناس منها الكثير خارج مدلولها الذاتي» ([70]).

فلماذا لا يطبق مقولته هذه على القرآن، ويفسح المجال لفهم جديد لهذا الكتاب الذي هو هدية الله الى الخلق.. ويقبل بافتراض أن يكون النبي «صلى الله عليه وآله» والأئمة «عليهم السلام» قد عرفوا كل معاني القرآن هذه، بسبب أن الله قد علمهم كل العلوم التي يحتاج إليها البشر، وكل ما يتوصلون إليه من معارف في الكون والحياة..

بل لماذا لا يقبل بإمكانية أن يكون الله سبحانه قد رضي رسوله أهلاً، وفي مستوى لأن يطلعه على غيبه في كل شؤون الخلق والحياة، وأسرار الوجود.

أو بمستوى يفوق كثيراً ما يمكن أن يتوصل إليه البشر الذين أرسل اليهم، وهو نبيهم، وإمامهم وسيدهم عبر العصور والدهور..

وحيث إن الله سبحانه قد أطلعه على هذا المستوى الرفيع من علمه وغيبه، فإنه سيكون قادراً على فهم معاني القرآن، كأدق ما يكون الفهم، وفي مستوى لا يرقى إليه ما فهمه هذا البعض، بل كل من فسر القرآن سابقاً، وسوف يفسره لاحقاً.. بحيث لابد من الرجوع إليه «صلى الله عليه وآله» في فهم دقائقه، وبواطنه وحقائقه.


([1])  الآية 43  من سورة الرعد.

([2]) من وحي القرآن (الطبعة الثانية دار الملاك) ج1 ص6.

([3]) تفسير البرهان ج1 ص21 والكافي ج2 ص459 وتفسير الصافي ج1 ص24 ومصابيح الأنوار ج2 ص294 وعدة رسائل للمفيد (المسائل السروية) ص225 وتفسير العياشي ج1 ص9 وفي هامشه عن بحار الأنوار ج19 ص30.

([4]) تفسير البرهان  ج1 ص21.

([5]) تفسير البرهان  ج1 ص21.

([6]) تفسير البرهان  ج1 ص21.

([7]) تفسير البرهان ج1 ص21 والكافي ج2 ص459 ومصابيح الأنوار ج2 ص295 وتفسير العياشي ج1 ص9 وعن بحار الأنوار ج19 ص30 وعن تفسير الصافي ج1 ص24.

([8]) الآية 59 من سورة النساء.

([9]) إضافة اقتضاها سياق كلامه.

([10]) الآية 55 من سورة النور.

([11]) الآية 55 من سورة النور.

([12]) من وحي القرآن ج16 ص390 ـ 392.

([13]) مجمع البيان (ط مؤسسة التاريخ العربي سنة 1412 هـ بيروت لبنان) ج7 ص201.

([14]) التبيان ج7 ص457.

([15]) الآية 67 من سورة المائدة.

([16]) من وحي القرآن (الطبعة الأولى) ج8 ص172 .

([17]) مجلة المنهاج البيروتية الصادرة عن مركز الغدير للدراسات العدد الثاني (مقالة الأصالة والتجديد)..

([18]) من وحي القرآن (الطبعة الأولى) ج 6 ص38 و 39 .

([19]) الآية 82 و 83 من سورة النمل.

([20]) الآية 83 من سورة النمل.

([21]) من وحي القرآن ج17 ص280 و 281 .

([22]) الآية 47 من سورة الكهف .

([23]) تفسير القمي ج2 ص130 و 131 وتفسير البرهان  ج3 ص210 .

([24]) الآية 45 من سورة النور.

([25]) الآية 82 من سورة النمل.

([26]) الندوة ج1 ص308 .

([27]) الآية 31 من سورة البقرة.

([28]) الآية 45 من سورة النور.

([29]) من وحي القرآن (الطبعة الأولى) ج1 ص161  ـ 163 .

([30]) راجع: البرهان في تفسير القرآن ج1 ص73  ونور الثقلين ج1 ص46 وكمال الدين وإتمام النعمة ج1 ص14 وتفسير الإمام العسكري ص217 وتفسير فرات الكوفي ص56  ـ 57 وبحار الأنوار ج37 ص62 ـ 63 وتفسير الصافي ج1 ص96 وراجع ص101.

([31]) الآية 31 من سورة البقرة.

([32]) الآيات 1 ـ 10 من سورة المعارج.

([33]) الآيتان 24 و 25 من سورة المعارج.

([34]) الآيات 19 ـ 21 من سورة المعارج.

([35]) من وحي القرآن (الطبعة الأولى) ح 23 ص101 ـ 102.

([36]) الآيتان 1 و 2 من سورة المعارج.

([37]) من وحي القرآن (الطبعة الأولى) ج23 ص104  ـ 105 .

([38]) تفسير البرهان ج4 ص381 ـ 383 ومجمع البيان ج10 ص352 وقد ذكر في الدر المنثور ج6 ص261 و 162 وقول النضر بن الحارث دون أن يشير إلى المناسبة .

([39]) الآية 156 من الأعراف .

([40]) الآية 4 من المؤمنون.

([41]) الآية 3 من النمل، والآية 4 من سورة لقمان.

([42]) الآية 7 من سورة فصلت.

([43])  الآية 73 من سورة الأنبياء.

([44]) الإصابة ج4 ص119 وبحار الأنوار 35 ص151 والطرائف  ص304 والغدير ج7 ص368 عن نهاية الطلب للشيخ إبراهيم الحنبلي .

([45])  تدريب الراوي ج2 ص212 عن الطبراني في الأوسط، وذكر الشطر الأول من الحديث في الإصابة ج1 ص232.

([46]) الوسائل ج4 ص5 والكافي ج3 ص498 .

([47]) الثقات لابن حبان  ج1 ص65 وحلية الأولياء ج1 ص114 ـ 116 عن ابن إسحاق، والبداية والنهاية ج3 ص70 و 74 و 69 وتاريخ الخميس ج1 ص290 وسنن البيهقي ج9 ص144 والسيرة النبوية لابن هشام ج1 ص360 ومجمع الزوائد ج6 ص27 و 24  عن الطبراني، وأحمد، ورجاله رجال الصحيح، وحياة الصحابة ج1 ص354 و 357 عن بعض ما تقدم، وعن فتح الباري ج7 ص30 وحسّن اسناده.

([48]) راجع الكافي ج3 ص497 وتفسير البرهان ج2 ص156 .

([49]) الآية      59 من سورة النساء.

([50]) من وحي القرآن (الطبعة الثانية دار الملاك) ج7 ـ ص325 و 326.

([51]) الآية 36 من سورة الأحزاب.

([52]) الآية 59 من سورة النساء.

([53]) الآية 67 من سورة المائدة.

([54]) الآية 55 من سورة المائدة.

([55]) الآية 1 من سورة المسد.

([56]) الآية 7 من سورة آل عمران.

([57]) مجمع البيان ج1 ص528.

([58]) الآية 62 من سورة النساء.

([59]) م. ن ج1 ص528.

([60]) بحار الأنوار ج10 ص290 باب 8 رواية 1.

([61]) الآية 7 من سورة آل عمران.

([62]) من وحي القرآن (الطبعة الثانية دار الملاك) ج5 ص240 و 241.

([63]) الآية 59 من سورة النساء.

([64]) الآية 55 من سورة المائدة.

([65]) تأملات في المنهج البياني ص11.

([66]) الكافي ج2 ص223 وبحار الأنوار ج2 ص186 وراجع: 187 و 88 والمحاسن للبرقي ص30  و 231.

([67]) الآية 18 من سورة النجم.

([68]) الآية 1 من سورة الإسراء.

([69]) راجع: الصحيح من سيرة النبي الأعظم «صلى الله عليه وآله» ج2 ص266ـ 268.

([70]) المعارج العدد 28 ـ 31 ص264.

 
   
 
 

موقع الميزان