صفحة : 53-70  

الفصل الثاني

 حُسينيّات..

وفيما يلي من صفحات لمحة من كلام البعض حول شخصية الإمام الحسين «عليه السلام» وما يرتبط به من الشعائر والعبادات:

831 ـ الإلتفات إلى الجانب الإنساني دون الرسالي في قضية الحسين «عليه السلام» تخلّف.

832 ـ تمثيل عاشوراء صنمية.

   سُئِلَ البعض عن الإجتماعات وتمثيل واقعة عاشوراء، فكان له جواب مميز(!!) وذلك كما يلي:

«س:... الإجتماعات والتماثيل؟!

ج: هذه صنمية. نحن الآن ليس عندنا شغل بالإمام الحسين «عليه السلام» بصفته الشخصية، كما أنه هناك جماعة يؤلّهون الإمام علي «عليه السلام»، هل نحن يعني نقبل منهم؟! نلعنهم؟!».

   إلى أن قال:

«نحن نخاطب الحسين من خلال دوره الرسالي، و من خلال ممارسته الشخصية للخط الرسالي الذي يدعو إليه، فإذن لا يمكن لنا أن نغير صورة الحسين «عليه السلام» ونجعله مجرد شخص لا يوحي لنا إلا بالبكاء، ولا يوحي لنا إلا باللطم. لا، إنما يوحي لنا بالحركة في سبيل الإسلام، وبالحركة في سبيل تغيير أنفسنا، الواقع قضية الحسين هو هذا.. وهذا الموجود عندنا من الإستغراق في قضية الحسين «عليه السلام» بعيدا عن الجانب الرسالي، إنما هو تخلف. هذا ناشئ من انه أخذنا يعني الكثير من خصائص التخلف وغرقنا فيها، ولا زلنا غارقين فيها»([1]).

ثمّ يذكر أن عنصر المأساة يجب أن يبقى. فنبكي على الحسين حتى تبقى قضية الحسين خالدة.

فيلاحظ: أنه يعتبر تمثيل قضية عاشوراء صنمية مع أنه كان قد دعا إلى تمثيل عاشوراء في مسرحية وقد أعلن ذلك في مقابلة أجرتها معه جريدة السفير في عشرة محرم سنة 1417هـ ([2]).

 وهو يعتبر أن الالتفات إلى الجانب الإنساني من قضية الإمام الحسين «عليه السلام» مع غض النظر عن الجانب الرسالي منها تخلف ثم هو يركز على الجانب الرسالي، بعيداً عن صفته الشخصية، وتجد الكثير من تصريحاته المشيرة إلى ذلك، فلنقرأ معا النص التالي أيضاً..

   833 ـ ذاتيات الحسين «عليه السلام» في زيارة وارث.

834 ـ التوجه إلى الله مباشرة، لا إلى الحسين «عليه السلام».

وفي شرح زيارة الإمام الحسين «عليه السلام»، أعني (زيارة وارث) نجده يقول:

إنه لم يحدثنا عن أية ذاتية من ذاتيات الحسين «عليه السلام» وذاتية الحسين تمثل الكمال، ولكنه حدثنا عن عبودية الحسين لله سبحانه تعالى، لذلك، فإن الله يريدنا ألا نتوجه إلى الناس مباشرة بل أن نتوجه إلى الله مباشرة([3]).

   1 ـ إن هذا البعض يقول هذا مع أن الزيارة تشير إلى بعض ذاتيات الإمام «عليه السلام» أيضاً، فقد جاء فيها: أشهد أنك كنت نورا في الأصلاب الشامخة والأرحام المطهرة لم تنجسك الجاهلية بأنجاسها ولم تلبسك من مدلهمات ثيابها([4]).

   أليس هذا حديثا عن ذاتيات الحسين «عليه السلام»؟!

   2 ـ ألا يريد الله منا: أن نستشفع إليه بأنبيائه، وأوليائه.. فما معنى نفي التوجه إلى الناس مباشرة؟!

835 ـ زيارة الناحية المقدسة للامام الحسين «عليه السلام» موضوعة.

836 ـ ذيل زيارة عاشوراء موضوع أيضاً.

ويقول البعض في سؤال وجواب جاء على النحو التالي:

س: في الزيارة المعروفة «وخرجن ناشرات الشعور لاطمات الخدود» فكيف يمكن لبنات الرسالة أن يخرجن ناشرات الشعور؟!

«ج: أولاً: إن هذا المقطع هو من (زيارة الناحية) وهي زيارة موضوعة من قبل بعض العلماء لم يثبت ـ لدينا ـ صدورها عن الإمام الحجة «عليه السلام» فلم يثبت سندها عنه، ولذلك فهي زيارة مفجعة تثير الشعور، ولكنها لا تمثل كلام الإمام خصوصاً وأن مسألة خروجهن ناشرات الشعور شيء لا يمكن تصديقه في هذه القصة، وإنما ذكرت إثارة للجو بلسان الحال، أي أنهن لولا وجود الرجال الأجانب لنشرن شعورهن»([5]).

وقد حكم أيضاً على ذيل زيارة عاشوراء: بأنه غير ثابت، فقد سئل عن الأدعية والزيارات التي ثبتت مصادرها عن الأئمة الأطهار «عليهم السلام» فقال في الجواب:

هناك زيارة وارث وزيارة أمين الله وهكذا زيارة عاشوراء بدون ذيلها... الذي قد يرى العلماء أنه من الزيادات الخ..

ونقول:

إن المبادرة إلى الحكم القاطع على زيارة الناحية بأنها موضوعة من قبل بعض العلماء، في غير محله. وذلك للأسباب التالية:

1 ـ إن هذا البعض تارة يقول هي موضوعة، ثم يلحق ذلك مباشرة بقوله:

«لم يثبت لدينا صدورها عن الإمام الحجة».

ومن المعلوم: أن عدم ثبوت ذلك عنده لا يبرر الحكم القاطع عليها بأنها موضوعة من قبل بعض العلماء..

2 ـ إن الفقرة التي هي مورد السؤال قد وردت في الزيارة المنقولة عن الشريف المرتضى «رحمه الله»([6])، وهي التي قال المجلسي عنها:

«والظاهر: أن الزيارة من مؤلفات السيد والمفيد رحمهما الله. ولعله وصل إليهما خبر في كيفية الصلاة، فإن الاختراع فيها غير جائز»([7]).

وقال أيضاً:

الظاهر: أنه من تأليف السيد المرتضى رضي الله عنه، قال في مصباح الزائر زيارة بألفاظ شافية، يذكر فيها بعض مصائب يوم الطف يزار بها الحسين صلوات الله عليه، زار بها المرتضى علم الهدى رضوان الله عليه، وسأذكرها على الوصف الذي أشار هو إليه([8]).

ولكن عاد المجلسي «رحمه الله»، وذكر نصا آخر للزيارة يختلف عن النص الذي أورده السيد المرتضى، وقد ذكرت الفقرة السابقة فيها أيضاً.. ولكنه استظهر منها أنها زيارة مروية وليست من تأليف أحد.. ثم احتمل أن يكون المرتضى قد أخذ هذه الرواية ثم زاد عليها ما شفى غليل صدره، وأبان فيه عن مكنون سره.. واحتمل أيضاً أن تكون رواية أخرى له خاصة به..

   وإليك نص عبارة المجلسي «رحمه الله»:

«..أقول: قال مؤلف (المزار الكبير) زيارة أخرى في يوم عاشوراء مما خرج من الناحية إلى أحد الأبواب، قال: تقف عليه وتقول: السلام على آدم صفوة الله وخليفته، وساق الزيارة إلى آخرها مثل ما مر»([9]).

فظهر أن هذه الزيارة منقولة مروية، ويحتمل أن لا تكون مختصة بيوم عاشوراء، كما فعله السيد المرتضى.

وأما الاختلاف الواقع بين تلك الزيارة وبين ما نسب إلى السيد المرتضى، فلعله مبني على اختلاف الروايات.

والأظهر أن السيد أخذ هذه الزيارة، وأضاف إليها من قبل نفسه ما أضاف([10]).

3 ـ وأما بالنسبة لاستبعاد أن تكون النساء قد خرجن من الخدور ناشرات الشعور، كما ورد في زيارة الناحية والتشكيك في الزيارة استنادا إلى ذلك، فلا يصلح أساسا للتشكيك، وذلك لأن ظروف الحروب الضارية ربما توجد حالة من الذعر والإندهاش، تؤدي بالنساء أن يخرجن على حالة لا يخرجن عليها في الظروف العادية. والنساء اللواتي حضرن كربلاء من مختلف القبائل العربية، وقد يكون فيهن نساء يسرع إليهن الخوف، ونساء أكثر صلابةً وثباتا، فلم يكن كل من حضر من النساء في كربلاء في مستوى زينب «عليها السلام» من حيث المعرفة والصلابة والثبات.

وبعد كل ما تقدم فإننا لا نستطيع قبول هذا الحكم القاطع من ذلك البعض على هذه الزيارة بالوضع. ونظير هذا كلامه على (ذيل) زيارة عاشوراء بعد ثبوته عن الأئمة «عليهم السلام» من دون مبرر ظاهر. وكيف يثبت لديه أول الزيارة ولم يثبت لديه ذيلها مع أن الذي أثبتها هو سند واحد ثبت به فقرات هذه الزيارة جميعا!!.

837 ـ من الأساليب الشائعة في قراءة العزاء: أن الحسين «عليه السلام» فدى بنفسه ذنوب شيعته.

838 ـ ذنوب الشيعة مغفورة بشكل مباشر كما في التفكير المسيحي.

839 ـ ذنوب الشيعة مغفورة بشفاعة الحسين من خلال استشهاده.

840 ـ الشفاعة من خلال الشهادة أسلوب بعيد عن التفكير الإسلامي.

يقول البعض:

   «..ثم ما معنى أن يتحمل شخص العذاب والآلام ليفدي بذلك خطايا البشرية القليلة والكثيرة إذ لا نعقل معنى لاستيفاء الحق بذلك.. فإن الفكرة الطبيعية المعقولة هي أن يتحمل الإنسان مسئولية خطأه فيجني ثمارها بنفسه وهذا هو ما ركزه القرآن في قوله تعالى: ﴿وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى([11]).

   وبهذه المناسبة نحب أن نشير إلى أن مثل هذه الفكرة ـ وهي فكرة التكفير عن خطايا الآخرين بالآلام التي يتحملها شخص معين عظيم يقف ليفدي الناس بذلك ـ قد انتقلت إلى بعض الأساليب الشائعة في عرض قضية الإمام الحسين في ثورته واستشهاده.. فان بعض القارئين للسيرة يحاولون أن يذكروا أن الحسين فدى بنفسه ذنوب شيعته وخطاياهم مما يقتضي غفران تلك الذنوب بتضحيته إما بشكل مباشر، كما في التفكير المسيحي.. أو بشكل غير مباشر باعتبار أنه يشفع لهم من خلال هذه الشهادة.. إننا نحب أن نسجل ابتعاد هذه الأساليب عن التفكير الإسلامي وعن الطابع الإسلامي للثورة الحسينية التي انطلقت من اجل إقامة الحق وإزهاق الباطل والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بعيدا عن أي حالة فداء لذنوب الآخرين، بل هو الفداء والتضحية للحق وفي سبيل الله»([12]).

وقفة قصيرة:

1 ـ ليت هذا البعض قد ذكر لنا مَن مِن قراء السيرة الحسينية يقول: إن الحسين باستشهاده فدى بنفسه ذنوب الشيعة بشكل مباشر كما في التفكير المسيحي؟! أو حتى بشكل غير مباشر كما يذكر هذا الرجل؟!

فنحن طيلة عمرنا لم نقرأ ولم نسمع بهذه المقولة من أحد من الناس، من علماء، أو قراء عزاء، أو غيرهم، إلا ما ينقلونه عن اعتقاد المسيحيين بذلك فيما يتعلق بالمسيح «عليه السلام».

فكيف أصبح هذا من الأساليب الشائعة في عرض قضية الإمام الحسين «عليه السلام» ونحن لا نجد أحدا يذكر هذا أصلا؟!

2 ـ أما غفران ذنوب الشيعة بشفاعة الإمام الحسين «عليه السلام»، فما هو المحذور في ذلك، إذا كانت أوصاف الشيعة الذين تنالهم الشفاعة تنطبق عليهم.

وقد وردت هذه الأوصاف في أحاديث أهل البيت «عليهم السلام»، وهي أمور يحسن بكل موال ومحب، بل وبكل عاقل أن يقرأها ويتمعن فيها ويتحرى سبيل الاتصاف بها، ليجد أن شفاعة الإمام الحسين لمن يتحلى بهذه الأوصاف ليست أمراً مستغرباً، بل هي محض الإنصاف ومنتهى العدل والفصل، فراجع كتاب صفات الشيعة للشيخ الصدوق «رحمه الله» تعالى([13]).

841 ـ الإضراب عن الطعام حتى الموت قد يجوز، واللطم في عاشوراء إضرار بالنفس لا يجوز.

842 ـ الإضراب المضر يجوز إذا حقق مشروعاً عاماً ولا يجوز اللطم العنيف في عاشوراء لأنه مضر.

843 ـ الإضراب الانتحاري عن الطعام إذا حفظ الواقع العام فهو جهاد ـ لكن التطبير على الحسين حرام.

844 ـ ضرب الرأس في عاشوراء تخلف.

845 ـ ضرب الظهور بالسلاسل تخلّف.

846 ـ اللطم إذا لم يكن هادئاً، عاقلاً حزيناً نوع من التخلف.

847 ـ ضرب الظهور بالسلاسل حرام لأنه إضرار بالنفس.

848 ـ كل ما فيه إضرار بالنفس في عاشوراء حرام.

سئل البعض:

من أساليب الإحتجاج كتعبير عن المعارضة على الظلم هو الإضراب عن الطعام، فهل الشرع يجيز هذا العمل، لا سيما إذا كان يجرّ إلى التهلكة كالموت مثلاً؟!

فأجاب:

«الأصل في الشرع الإسلامي أن لا يضر الإنسان نفسه ـ إذ يحرم إضرار الإنسان بنفسه لا سيما إذا كان الضرر بالغاً، والأصل أن لا يلقي الإنسان بيده إلى التهلكة لأن الله لم يرخّص له ذلك، فأنت لا تملك حياتك لتملك الحرية في إنهاء حياتك. وربما تفرض المصلحة الإسلامية العليا أن تضرب عن الطعام لأن ذلك يمكن أن يحقق مشروعاً عاماً حيوياً يمنح الناس الكثير من النتائج الإيجابية في حياتهم، فقد يجوز ذلك إذا كان لهذا المشروع من الأهمية ما يغلب المفسدة التي تحصل من الإضرار بالنفس.

أمّا الإضرار الذي يؤدي إلى التهلكة فلا نملك أساساً شرعياً، فيما نواجهه من حالات الاحتجاج، ما يمكن أن نرخص به الآخرين.

وأما في المطلق، أي إذا وصلت القضية إلى حد إما أن يسقط الواقع كله أو أن يضرب الإنسان عن طعام إضراباً انتحارياً ـ إذا صح التعبير ـ فذلك يكون نوعاً من أنواع الجهاد، لأن الجهاد قد يجعلك تضحي بنفسك في ساحة المعركة السياسية. ولا بد في هذا من أن يحدده أهل الخبرة الذين يعون طبيعة التحرك والنتائج الإيجابية أو السلبية المترتبة عليه من جراء التحدي»([14]).

 ويقول:

«لذلك نحن نريد أن نتخفف من كل هذه التركة الثقيلة التي انطلقت من خلال عصور التخلف.

وأنا أصرّ من موقع فقهي، فكري، إسلامي مسؤول، ولو شتمني الشاتمون، ولو اتهمني المتهمون؛ لأن المسألة هي مسألة حركتنا الإسلامية في العالم، وقضية إشراقة الإسلام في العالم:

إن ضرب الرأس بالسيف تخلّف.

إن ضرب الظهور بالسلاسل تخلّف.

وإن اللطم ـ إذا لم يكن هادئاً، عاقلاً حزيناً هو نوع من أنواع التخلّف.

فللحزن تعبيره العقلاني، الذي لا يمثل مجرّد حالة استعراضية، وإنما هي الحالة التي تملك تعبيراً عن الحزن الخ..»([15]).

ويقول:

«الشيخ الأنصاري وجماعة من العلماء يقولون: إن الإضرار بالنفس محرم، حتى لو لم يؤد إلى التهلكة، كما لو جرح الإنسان يده. وهكذا يندرج تحت هذا العنوان ـ أي حرمة الإضرار ـ التطبير، وضرب الظهور بالسلاسل، الذي يؤدي إلى الإدماء، أو ما يشبهه»([16]).

ويقول:

«لو خرجت وأنت في حالة تعرُّق ولفحك الهواء البارد، فأصبت بالحمى، فحتى لو شفيت بعد يومين فهذا حرام، لأنه تعريض النفس للضرر، والإضرار بالنفس ظلم للنفس، وظلم النفس محرم ﴿وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ([17]). وعلى هذا الأساس، فنحن نقول: بأنه يمكن للإنسان أن يلطم بحسب ولائه، وبحسب محبته، لكن بشرط أن لا يكون اللطم مضراً بالجسد، بحيث يدمي الجسد، أو أنه يصيب رئة الإنسان، أو ما أشبه ذلك»([18]).

وقفة قصيرة:

ونقول:

إن هذا البعض يرى أن اللطم إذا لم يكن هادئاً تخلّف، وأن ضرب الظهر بالسلاسل والرأس بالسيف تخلّف. ويحرم ذلك كله باعتباره إضراراً بالنفس.

ولكنه هنا يجيز الإضراب عن الطعام في مواجهة الظلم، من أجل المصلحة الإسلامية العليا، حيث يمكن أن يحقق ذلك مشروعاً عاماً يمنح الناس الكثير من النتائج الإيجابية في حياتهم..

بل هو يجيز الإضراب عن الطعام إضراباً انتحارياً يؤدي إلى التهلكة ـ إذا كان ذلك يحفظ الواقع كله من السقوط، ويعتبره نوعاً من الجهاد، رغم أنه لا توجد معركة عسكرية ـ لأن الجهاد قد يجعلك تضحي بنفسك في ساحة المعركة السياسية..

فهل لا يرى هذا البعض: أن مراسم كربلاء، وعاشوراء الإمام الحسين، واللطم، بل والتطبير في هذه المناسبة، يمكن أن يمنح الناس الكثير من النتائج الإيجابية في حياتهم؟! و أليس في ذلك مصلحة تغلب مفسدة الإضرار بالنفس؟!

بل هو يرى ـ فقط ـ فيه الناحية السلبية، من حيث إنه يضر بجسد الفرد، ويلحق به بعض الأذى بحسب زعمه..

جوّز الانتحار أو الإضراب عن الطعام فقط في ساحة المعركة السياسية لحفظ الواقع السياسي، ويا ليته قد جوز اللطم العنيف وأخرجه عن دائرة التخلف في ساحة الدعوة إلى الله، وإقامة الشعائر لحفظ الواقع الإيماني والديني للناس؟!

849 ـ التشنيع على اللطم في عزاء الحسين «عليه السلام».

ويقول البعض:

«هل نفكر أيها الأحبة كيف نضرب رقاب العدو، وكيف نضرب رؤوس الأعداء بالمقدار الذي نفكر فيه كيف نضرب رؤوسنا وبأيدينا؟! أي همّ هو الهمّ الكبير عندنا»؟!

«القوم يتسلحون، وأمريكا تعطيهم أقوى السلاح ليضربوننا ويقتلوننا (كذا) ونحن نتناقش: كيف لنا أن نضرب رؤوسنا، ونجلد ظهورنا، ونظل نلعن بعضنا بعضاً؟! والعدو يصب علينا كل لعنات التاريخ.. من كان صغيراً بهذا الحجم، فليس من شأنه أن يتحدث عن الكبار..»([19]).

850 ـ الإحتفال بشرب الخمر في عاشوراء.

   ثم إن هذا البعض يقول:

   «ثمّة أناس في العراق يحتفلون في عاشوراء بشرب الخمر، فأي حزن على الحسين عندما يصبح الإنسان في غيبوبة. لقد كان البعض يشرب الخمر ليلة العاشر من المحرم من أجل الإحماء»([20]).

ولكنه اعتذر عن هذا الكلام في أجوبته على الشيخ التبريزي بأنه لم يقصد الشيعة في كلامه، واليك نص عبارته:

«لم أقصد الشيعة في كلامي الذي حرّفه المحرّفون، بل قصدت بعض الناس في شمال العراق من غير الشيعة، من أهل الفرق الباطلة، وعلى هذا فان حساب هذا المحرف على ربّه يوم القيامة؛ لأني ذكرت في العدد الثاني من منبر السبت: أن الشيعة لم يقوموا بذلك، وأن لهم الأثر الكبير في تخليد قضية الحسين «عليه السلام» في العراق».

ونقول:

إن كلام هذا البعض مذكور في (منبر السبت) بتاريخ 20 حزيران 1996م بعين العبارة، ولم نجد فرقاً بينها وبين نقل السائل.

ونقول:

كيف يصح هذا الإعتذار مع أن عبارة «من أجل الإحماء» إنما تنطبق على خصوص الشيعة.

ومن جهة أخرى: إن كلام هذا البعض مذكور في (منبر السبت) بتاريخ 20/حزيران/1996م بعين العبارة ولم نجد فرقاً بينها وبين نقل السائل. غير أننا رجعنا إلى كلامه في (منبر السبت)، العدد الثاني، الموجود أيضاً بصورة معدلة في العدد الثاني من (رؤى ومواقف) ص 118، فوجدناه يذكر أن هؤلاء الناس ربما لا يتبعون التشيع بالمعنى الصحيح، وذكر أيضا: الحديث جاء عن مناطق تسيء إلى التشيع في عاشوراء، وذلك يعني: أن مقصوده هو الشيعة الذين ليس لديهم التزام ديني.. وعبارته في (منبر السبت) العدد الثاني هي التالية:

«..قلت: إنه في بعض المواقع في العراق ومما يناسب القرى التي لها وضع خاص، وفيها الكثير من الانحراف العقيدي، فإن الناس هناك يعيشون هذا الجوّ، وربما هم لا يتبعون التشيع بالمعنى الصحيح،.. ونحن نعرف أن العراقيين استطاعوا أن يجسّدوا شعائر أهل البيت «عليهم السلام»، ويجسّدوا روحيّة أهل البيت «عليهم السلام». وأعتقد أن الجوّ الذي انطلقت فيه مآتم أهل البيت «عليهم السلام»، ومواكب أهل البيت «عليهم السلام» هي التي حفظت الإسلام، في كثير من مواقعه.

   أنا لم أقل هذا عن النجف أو كربلاء، أو الكاظمية، إنّما جاء الحديث عن مناطق تسيء إلى التشيع في عاشوراء»([21]).

وأما عبارته التي نقلها السائل عن (منبر السبت)، فهي موجودة في العدد الصادر بتاريخ 20 حزيران 1996 بعين العبارة التي ذكرناها، ولم يحرفها أحد كما ذكرنا، أما ما ذكره بعد ذلك، فهو لا يصلح تفسيرا لعبارته الآنفة الذكر، لأن غير الشيعة من أهل الفرق الباطلة لا يعنيهم الحزن على الحسين في عاشوراء ؛ ليقال: أي حزن على الحسين عندما يصبح الإنسان في غيبوبة؟!

وسيأتي كلامه عن الشهادة لعلي «عليه السلام» بالولاية في الإقامة للصلاة، وكلامه حول التكتف، وقول (آمين) في الصلاة في قسم الفتاوي والآراء الفقهية؛ فانتظر..


([1]) مجلة الموسم العددان21 و 22 ص309 و 310.

([2]) كتاب الندوة ج1 ص460 ـ 461.

([3]) الندوة ج1 ص312 ـ 313.

([4]) مفتاح الجنات ج2 ص111 ومصباح المتهجد ص664.

([5]) الندوة ج1 ص456.

([6]) البحار ج98 ص240 وأشار في الهامش إلى مصباح الزائر ص121 ـ 124.

([7]) البحار ج98 ص251.

([8]) البحار ج98 ص231 وأشار في الهامش إلى مصباح الزائر ص116.

([9]) المزار الكبير ص171.

([10]) البحار ج98 ص328.

([11]) الآية 164 من سورة الأنعام.

([12]) من وحي القرآن (الطبعة الأولى) ج1 ص193 ـ 194.

([13]) وراجع أيضا كتاب البحار ج8 ص29 ـ 63.

([14]) الندوة ج4 ص502.

([15]) حديث عاشوراء ص106.

([16]) حديث عاشوراء ص220.

([17]) الآية 118 من سورة النحل.

([18]) الندوة ج1 ص458.

([19]) فكر وثقافة العدد 17 الصفحة 4.

([20]) نشرة منبر السبت بتاريخ 20 ـ 6 ـ 1996.

([21]) نشرة منبر السبت، بتاريخ 29 ـ 6 ـ 1996. تحت عنوان: إنصاف العراقيين.

 
   
 
 

موقع الميزان