تقديم

   

صفحة :   

تقديم:

بسم الله الرحمن الرحيم

والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد المصطفى، وعلى آله الطيبين الطاهرين.

وبعد..

فإنني قبل كل شيء أحب أن يكون القارئ الكريم على بينة من الأمر بالنسبة للنقاط التالية:

1 ـ إن ما سوف يطلع عليه القارئ الكريم فيما يلي من صفحات ليس بحثا علميا وتحليليا لقضية حياتية وحساسة. وإنما هو مجرد عرض لطائفة من النصوص يهدف إلى إقناع بعض الناس بأن عليهم أن لا يتسرعوا في أحكامهم، وأن لا يطلقوا لتصوراتهم العنان إلى درجة الإيحاء بأنهم يسخرون من عقول الناس، ويحتقرون وعيهم، ويهزأون بالمستوى الثقافي والعلمي لهم.

2 ـ إني لآسف كل الأسف على هذه الأيام من العمر التي صرفت في جمع هذه النصوص، وكم كنت أتمنى لو إنني عوضا عن ذلك عالجت بعض الأمور الحياتية التي تفيد الناس. ولكن عزائي الوحيد هو أنني قد أكون بعملي هذا قد أسهمت بتحصين أولئك الطيبين، الذين هم في أعلى درجات الطهر والصفاء، حتى لا تبهرهم العناوين الكبيرة الخادعة، ولا الأسماء اللامعة، فلا تؤثر عليهم الدعاوى العريضة التي يطلقها مثقف هنا، أو صاحب مقام هناك.

3 ـ إن سبب المبادرة إلى جمع هذه النصوص، والتأليف بينها، هو أن البعض ينسب إلى أستاذ جامعي لمادة التاريخ الإسلامي في جامعة دمشق([1]) أنه يقول: إنه لم يكن في عهد النبي لمداخل البيوت مصاريع خشبية تفتح وتغلق، أو تقرع وتطرق، بل كانوا يسترون مداخل بيوتهم بالمسوح والستائر.

ولا ندري مدى صحة نسبة ذلك إلى ذلك الرجل، ولا نعلم أيضا حدود وقيود هذه الدعوى، لو صحت النسبة إليه..

واستدل ذلك البعض على صحة كلام ذلك الأستاذ الجامعي بما يذكرونه من أن النبي «صلى الله عليه وآله» قدم من سفر ووجد على باب بيت الزهراء([2]) ستاراً فيه تصاوير، فأزعجه ذلك، وكذلك قصة اكتشاف زنا المغيرة بن شعبة من رفع الريح لستار الباب، فرآه الشهود على تلك الحال المريبة..

والهدف من ذلك كله هو التأكيد على عدم صحة ما ورد في النصوص الصحيحة في الحديث والتاريخ. من محاولة إحراق باب بيت فاطمة، وكسر ذلك الباب، أو ضغطها «عليها السلام» بين الباب والحائط، وغير ذلك من أحداث مؤلمة ومسيئة للمبادئ والقيم الإسلامية والإنسانية..

4 ـ لقد ذكرت في هذا العرض الذي سوف يسرح القارئ طائفة من النصوص التي تدل على وجود أبواب ذات مصاريع في المدينة المنورة، وفي مكة، والكعبة في عهد الرسول الأعظم «صلى الله عليه وآله» بالإضافة إلى باقة صغيرة جدا مما يدل على وجود الأبواب للبيوت في عهد الخلفاء الأوائل. ولم ننس كذلك أن نورد بعض ما يدل على محاولتهم إحراق باب بيت الزهراء «عليها السلام». أو التهديد بذلك حسبما سنرى.

5 ـ إنني لم أقصد فيما عرضته هنا إلى الاستيعاب، والاستقصاء التام، لأنني أعلم: أن ذلك سينتج كتابا ضخما، يتألف من عدة مئات من الصفحات المشحونة بالنصوص، ولم أجد مبررا لصرف العمر في أمر كهذا، ليس هو في عداد المسلمات والبديهيات وحسب، بل كاد أن يكون الحديث فيه فظا وممجوجا أيضاً.

فكان أن اقتصرت في الأكثر على مصادر محدودة، كالصحاح الستة، ومسند أحمد، وكنز العمال، من مصادر أهل السنة، وعلى البحار وبعض مصادره من مصادر شيعة أهل البيت، بالإضافة إلى بعض ما يعرض إمام الناظر في المصادر الأخرى، ولم يكن ثمة عمد في تقصي ما ورد في هذا وذاك على حد سواء.

وكأنني أشعر: أنني قد استدرجت إلى صرف العمر في أمر كنت أحسبه قليل الجدوى أو عديمها، لولا أنني أردت كما قلت تحصين أولئك الذي قد تخدعهم الألقاب والأسماء.

وفقنا الله لصواب القول، وسداد الرأي، وحسن وجدوى الفعل، ولكل ما فيه هدى وصلاح ورشاد.

والحمد لله، وصلاته وسلامه على محمد وآله الطاهرين.

1 ربيع الثاني 1417 ه‍. ق

جعفر مرتضى العاملي

 

 

([1]) المقصود هو الدكتور سهيل زكار.

([2]) ويلاحظ: أن عامة الروايات، وجل إن لم يكن كل النصوص التاريخية، والكلمات التي وردت على لسان الصحابة وغيرهم، قد عبرت ببيت الزهراء: أو باب بيت الزهراء «عليها السلام»، وشذ وندر أن تجد تعبيراً ببيت علي «عليه السلام». وهذا أمر يلفت النظر حقاً، ولا بد من دراسة أسبابه ودوافعه لدى المحبين والمبغضين على حد سواء.

 
   
 
 

موقع الميزان