إغلاق الباب

   

صفحة :   

إغلاق الباب:

وقد تكرر التعبير ب‍: أغلق عنكم دونه باب. أو: أغلق عليه. أو أغلق عليهما الباب بيده. أغلقت الباب. اغلقوا الأبواب. نغلق الأبواب. وما شاكل، في الكثير من الموارد، ونحن نذكر منها ما يلي:

1 ـ روي عن علي «عليه السلام»، أنه قال في خطبة له «فما قطعكم عنه (أي الله) حجاب، ولا أغلق عنكم دونه باب»([1]).

وهذا الحديث، وإن كان قد صدر عنه «عليه السلام» بعد وفاة النبي «صلى الله عليه وآله» ـ ربما ـ بعدة سنين، ولكننا ذكرناه، لأننا نرى: أن الأمور لم تكن قد اختلفت في تلك المدة الوجيزة.

ولا سيما وأن المستدل بقصة زنا المغيرة حسبما ذكرناه آنفا يدرك أن ما استدل به إنما وقع بعد وفاة النبي «صلى الله عليه وآله» بعدة سنين أيضاً.

2 ـ جاء في حديث تزويج فاطمة علياً «عليهما السلام»: أنه «صلى الله عليه وآله» أمرهما أن يقوما إلى بيتهما، ثم دعا لهما.

«ثم قام فأغلق عليه بابه..».

وفي نص آخر: «ثم قام فأغلق عليهما الباب بيده»([2]).

3 ـ وعن الكاظم «عليه السلام»، عن أبيه «عليه السلام» قال:

جمع رسول الله «صلى الله عليه وآله» أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وفاطمة، والحسن والحسين «عليهم السلام»، وأغلق عليه وعليهم الباب، وقال:

يا أهلي، ويا أهل..

إلى أن قال: ونزلت آية: ﴿وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا([3])»([4]).

4 ـ وعن رسول الله «صلى الله عليه وآله» أنه قال: من ولي أمرا من أمر الناس، ثم أغلق بابه دون المسكين، والمظلوم، أو ذي الحاجة أغلق الله تبارك وتعالى دونه أبواب رحمته عند حاجته وفقره أفقر ما يكون إليها([5]).

وفي نص آخر: «ولم يغلق بابه دونهم، فيأكل قويهم ضعيفهم»([6]).

5 ـ وفي حديث للنبي «صلى الله عليه وآله» مع أبي ذر يقول «صلى الله عليه وآله» له: اقعد في بيتك، وأغلق عليك بابك الخ..([7]).

6 ـ عن جابر، قال: أمرنا رسول الله «صلى الله عليه وآله» أن نغلق الأبواب وأن نوكئ الأسقية، وأن نطفئ المصابيح.

7 ـ وفي نص آخر، عن جابر، عنه «صلى الله عليه وآله» قال: اغلقوا الأبواب بالليل، واطفئوا السرج([8]).

8 ـ قال أبو حميد: إنما أمر بالأسقية أن توكأ ليلا، وبالأبواب أن تغلق ليلاً([9]).

فإن إغلاق الأبواب بالليل إنما هو من أجل حفظ أهل البيت من أن يلج عليهم إنسان أو حيوان فيلحق الضرر بهم أو يؤذيهم.

9 ـ عن عائشة: كان النبي «صلى الله عليه وآله» يصلي في البيت، والباب عليه مغلق، فجئت، فمشى حتى فتح لي، ثم رجع([10]).

10 ـ وعن الزهراء «عليها السلام» أنها قالت لسلمان: «كنت جالسة بالأمس في هذا المجلس وباب الدار مغلق، وأنا أتفكر في انقطاع الوحي عنا، وانصراف الملائكة عن منزلنا، فإذا انفتح الباب من غير أن يفتحه أحدا، الخ..»([11]).

11 ـ وفي تفسير قوله تعالى: ﴿..وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ..([12]) روى في الكافي عن أبي عبد الله الصادق «عليه السلام»: أن قوماً من أصحاب رسول الله «صلى الله عليه وآله» لما نزلت هذه الآية أغلقوا الأبواب، وأقبلوا على العبادة، الخ..([13]).

12 ـ ولما كانت الليلة التي قبض في صبيحتها النبي «صلى الله عليه وآله» دعا علياً، وفاطمة، والحسن، والحسين «عليهم السلام»، وأغلق عليهم الباب، وقال: يا فاطمة، وأدناها منه فناجاها من الليل طويلا، فلما طال ذلك خرج علي، والحسن والحسين، وأقاموا بالباب، والناس خلف الباب([14]).

13 ـ وفي حديث الهجوم على بيت الزهراء نجد عمر يقول: «فلما انتهينا إلى الباب، فرأتهم فاطمة «عليها السلام» أغلقت الباب في وجوههم»([15]).

14 ـ عن جابر، وعن أبي هريرة، عن النبي «صلى الله عليه وآله» قال: أغلق بابك، واذكر اسم الله، فإن الشيطان لا يفتح باباً مغلقاً. أو اغلقوا الأبواب، واذكروا اسم الله.. الخ..([16]).

15 ـ وحين ذهب المغيرة وأبو موسى الأشعري إلى عمر «قال: قام إلى الباب ليفتحه فإذا آذنه الذي أذن لنا عليه في الحجرة، فقال: امض عنا لا أم لك. فخرج، وأغلق الباب خلفه ثم جلس الخ..» ([17]).

16 ـ وحين توفي رسول الله جاء المغيرة وأخبر الناس بما يجري في السقيفة «فتركوا رسول الله «صلى الله عليه وآله» كما هو وأغلقوا الباب دونه، وأسرع أبو بكر وعمر، وأبو عبيدة إلى سقيفة بني ساعدة الخ..»([18]).

17 ـ وفي حديث عيادة النبي «صلى الله عليه وآله» ومن معه لها «عليها السلام» قال: «فقام فمشى حتى انتهى إلى الباب، والباب عليها مصفق، قال: فنادى الخ..»([19]).

والنصوص التي تضمنت تعابير من هذا النوع كثيرة لا مجال لاستقصائها، وما ذكرناه يكفي للإقناع، والله هو المسدد، والهادي.


 

([1]) نهج البلاغة: الخطبة رقم 193، وراجع ج 2 ص 193 (ط الاستقامة)، والبحار: ج 74 ص 314 و 315.

([2]) البحار: ج 43 ص 122 و 142 و ج 101 ص 89 عن مصباح الأنوار وغيره. وراجع: كشف الغمة: ج 1 ص 352 و 372 و ج 2 ص 98 وآية التطهير: ج 1 ص 122 وإحقاق الحق (الملحقات): ج 10 ص 409، عن رشفة الصادي ونظم درر السمطين ص 188، وعوالم العلوم: ج 11 ص 308، ومناقب الخوارزمي ص 243، ومجمع الزوائد ج 9 ص 208، وحلية الأولياء ج2 ص75، وغير ذلك والمصنف للصنعاني ج 5 ص 489.

([3]) الآية 20 من سورة الفرقان.

([4]) البحار: ج 24 ص 219 و 220 و ج 38 ص 81 وكنز الفوائد: ص 190.

([5]) مسند أحمد: ج 3 ص 441، وبمعناه في البحار ج 27 ص 246.

([6]) البحار: ج 97 ص 32 و ج 22 ص 495 وأصول الكافي: ج 1 ص 406 وقرب الإسناد ص 100 (ط مؤسسة آل البيت «عليهم السلام» لإحياء التراث).

([7]) مسند أحمد: ج 5 ص 149.

([8]) راجع: مسند أحمد: ج 3 ص 363، و ج 5 ص 82 و 425 وراجع البحار: ج 73 ص 177 وفي هامشه. وراجع: مكارم الأخلاق: ص 128 (ط الأعلمي سنة 1392 هـ).

([9]) صحيح مسلم: ج 3 ص 1593.

([10]) مسند أحمد: ج 6 ص 31.

([11]) البحار: ج 43 ص 66 عن مهج الدعوات.

([12]) الآيتان 2 و 3 من سورة الطلاق.

([13]) البحار: ج 22 ص 131 و 132 و ج 67 ص 281، والكافي: ج 5 ص 84، وعن الفقيه: ج 3 ص 101.

([14]) البحار: ج 22 ص 490، عن الطرف ص 38 ـ 44.

([15]) البحار: ج 38 ص 227 وتفسير العياشي ج 2 ص 66 ـ 67.

([16]) سنن أبي داود: ج 2 ص 339، وصحيح مسلم (ط سنة 1412 هـ) ج 3 ص 193، ومسند أحمد: ج 3 ص 386 ـ 395. وراجع ص 301 و 319، والبحار ج 60 ص 204، وسنن ابن ماجة ج 2 ص 1129. والموطأ: ص 665 ـ 1683، وكنز العمال: ج 16 ص 438، وراجع: ج 15 ص 352، و 336 و 335 و 439، عن البخاري، ومسلم، والنسائي، وأبي داود، وابن خزيمة، وابن حبان، والبيهقي، وابن النجار.

([17]) البحار: ج 30، ص 452، والشافي ج 4 ص 126 و 135، وشرح النهج للمعتزلي: ج 2 ص 29 ـ 35، والايضاح لابن شاذان ص 147.

([18]) البدء والتاريخ: ج 5 ص 65.

([19]) حلية الأولياء: ج 2 ص 42.

 
   
 
 

موقع الميزان