فتح الباب:
وإذا جاء التعبير بـ «فتح الباب» ونحوه واحتاج الباب
الى من يفتحه في وجه الطارق فإن ذلك إنما يكون من المواد الصلبة التي
لا يقدر الطارق على إزاحتها من طريقه، إذ لو كان الباب مستورا بالمسوح،
فيكفي أن يقال للطارق: أدخل، فيزيح الستار ويدخل.
ونحن نجد في النصوص ما يؤكد على الحاجة إلى فتح الباب
للطارقين.
كما أن استعمال كلمة «فتح» يشير إلى أن الباب ليس من
قبيل الستائر والمسوح، وإلا لكان التعبير بـ «أزاح الستار عن الباب» هو
الأصوب والأنسب، فلنلاحظ إذن النصوص التالية:
1 ـ
تقدم عن سويد بن غفلة أنه، قال: أصابت علياً شدة، فأتت
فاطمة «عليها السلام» ليلاً رسول الله «صلى الله عليه وآله»; فدقت
الباب. فقال: أسمع حس حبيبتي بالباب، يا أم أيمن قومي وانظري، ففتحت
لها الباب الخ..»
([1]).
2 ـ
وفي حديث آخر أن رسول الله «صلى الله عليه وآله» قال
لأنس: افتح له. فدخل([2]).
3 ـ
وسيأتي حديث أم سلمة حول فتح وبقاء الباب مغلقا.
4 ـ
وثمة حديث يقول: إنه «صلى الله عليه وآله» ـ ، كان عند
عائشة «إذ طرق الباب، فقال: قومي، فافتحي الباب لأبيك، فقمت وفتحت له..
ثم طرق الباب، فقال: قومي وافتحي الباب لعمر، فقمت وفتحت له.
وطرق الباب فقال: قومي وافتحي الباب لعثمان، فقمت
وفتحت.
ثم طرق الباب فوثب النبي «صلى الله عليه وآله»، وفتح
الباب، فإذا علي بن أبي طالب..
إلى أن قالت الرواية: فقال النبي: يا عائشة، لما جاء
أبوك كان جبرائيل بالباب. وهممت أن أقوم فمنعني. ولما جاء علي «عليه
السلام» وثبت الملائكة تختصم في فتح الباب له، فقمت فأصلحت بينهم،
وفتحت الباب له..»([3]).
5 ـ
وفي حديث زواج فاطمة «عليها السلام» أن النبي «صلى الله
عليه وآله» «أتاهما في صبيحتها، وقال: السلام عليكم، أدخل، رحمكم
الله؟!
ففتحت أسماء الباب، وكانا نائمين تحت كساء الخ..»([4]).
6 ـ
تقدم حديث مجيء الخياط بثياب للحسن والحسين «عليهما
السلام» في يوم العيد، فقرع الباب، ففتحت الزهراء الباب له([5]).
7 ـ
عن أبي موسى، وقريب منه عن أنس، وعن زيد بن ثابت:
أنه كان مع النبي «صلى الله عليه وآله» عود يضرب به بين
الماء والطين، فجاء رجل يستفتح.
فقال: افتح له، وبشره بالجنة، فإذا هو أبو بكر (رض)
قال: ففتحت له، وبشرته بالجنة. ثم جاء رجل يستفتح،
فقال: افتح له وبشره بالجنة فإذا هو عمر ففتحت له
وبشرته بالجنة ثم جاء رجل يستفتح فقال: افتح له وبشره بالجنة، على بلوى
تصيبه، أو بلوى تكون.
قال: فإذا هو عثمان، ففتحت له وبشرته بالجنة، وأخبرته
فقال الله المستعان([6]).
ونحن وإن كان لنا رأي في هذا الحديث ونظائره، ونعتقد
أنه موضوع ومصنوع ولكن نفس التعابير الواردة فيه تشير إلى أن واضعه
إنما يتحدث على أساس أجواء كان يعيشها ويشير إلى واقع كان قائماً في
مدينة الرسول «صلى الله عليه وآله» ـ . كما أشرنا إليه آنفاً.
8 ـ
وفي حديث أبي الطفيل: أنه «صلى الله عليه وآله» انطلق
إلى مكان كذا وكذا، ومعه ابن مسعود وأناس من أصحابه، حتى أتى دارا
قوراء; فقال: افتحوا هذا الباب، ففتح، ودخل النبي، ودخلت معه، فإذا
قطيفة في وسط البيت الخ.. ثم ذكرت الرواية الغلام الأعور الذي كان تحت
القطيفة، ولم يشهد لرسول الله «صلى الله عليه وآله» بالرسالة([7]).
9 ـ
عن عائشة، قالت: فتح رسول الله «صلى الله عليه وآله»
بابا بينه وبين الناس، أو كشف ستراً([8]).
10 ـ
عن أبي عبد الله الجسري، في حديث مرض النبي «صلى الله
عليه وآله» ـ : فأغمي عليه.. ثم أفاق، فقال: افتحوا له الباب. ففتحنا
الباب، فإذا عثمان..([9]).
11 ـ
في حديث عائشة: أن رسول الله «صلى الله عليه وآله» فتح
الباب رويدا، ثم خرج وأجافه رويدا. (راجع عنوان: أجاف الباب حديث رقم
3).
12 ـ
وفي حديث سلمان عن فاطمة، تقول فاطمة «عليها السلام»:
«وكنت رددت باب الحجرة بيدي، إذ انفتح الباب، ودخل علي ثلاث جواري».
(راجع عنوان: رددت باب الحجرة بيدي)([10]).
13 ـ
وحين جاء اليهود إلى النبي «صلى الله عليه وآله» ـ ،
فوجدوه قد توفي، وجلس مكانه أبو بكر، فوجدوا أن أبا بكر ليس هو المطلوب
«خرجوا من بين يدي أبي بكر، وتبعوا الرجل، حتى أتوا منزل الزهراء
«عليها السلام»، وطرقوا الباب، وإذا بالباب قد فتح، فإذا بعلي قد خرج،
وهو شديد الحزن على رسول الله الخ..»([11]).
14 ـ
ويذكرون في صفة النبي «صلى الله عليه وآله»: أنه «صلى
الله عليه وآله» «كان يخصف النعل، ويرقع الثوب، ويفتح الباب..»([12]).
15 ـ
وفي حديث نافع مولى عائشة يروي فيه: «أنه «صلى الله
عليه وآله» أتي بطعام، فقال «صلى الله عليه وآله»: ليت أمير المؤمنين
وسيد المسلمين (كان حاضراً كي) يأكل معي. قالت عائشة; ومن أمير
المؤمنين؟
فسكت.
ثم أعادت فسألت: فسكت.
ثم جاء جاء فدق الباب، فخرجت إليه، فإذا علي بن أبي
طالب، فرجعت فأخبرته. فقال ادخله. ففتحت له الباب، فدخل.
فقال: مرحبا وأهلا، لقد تمنيتك الخ..»([13]).
16 ـ
وفي حديث الطير: «فدقت الباب دقا عنيفا وقالت لي عائشة:
من هذا؟
فقلت أنا علي.
فسمعت رسول الله يقول لها: يا عائشة، افتحي (له) الباب
ففتحت، فدخلت»([14]).
فلو كان الباب مجرد ستر، فقد كان بإمكان النبي أن يقول
لعلي: ادخل.
17 ـ
وفي حديث آخر يقول: إن أبا أيوب نادى: يا أماه «افتحي
الباب، فقد قدم سيد البشر. فخرجت وفتحت الباب، وكانت عمياء»([15]).
18 ـ
عن سفينة مولى رسول الله: أن امرأة من الأنصار أهدت له
«صلى الله عليه وآله» طيرين..
إلى أن تقول الرواية:
..فقال «صلى الله عليه وآله»: افتح له. ففتحت([16]).
19 ـ
وفي قصة الإفك على مارية، أمر النبي «صلى الله عليه
وآله» عليا «عليه السلام» بقتل جريج، يقول النص: «فضرب علي باب
البستان، فأقبل إليه جريج ليفتح له الباب، فلما رأى عليا عرف في وجهه
الشر، فرجع، ولم يفتح الباب، فوثب علي على الحائط ونزل إلى البستان
الخ..»([17]).
ومن الواضح:
أنه لو كان ثمة ستر على الباب لم يحتج «عليه السلام» إلى أن يثب على
الحائط.
20 ـ
وعن عائشة، كان النبي «صلى الله عليه وآله» ـ يصلي
والباب عليه مغلق، فجئت، فمشى حتى فتح لي، ثم رجع (راجع عنوان: غلق
الباب).
21 ـ
تقدم عن جابر، عنه «صلى الله عليه وآله»: أغلق بابك،
واذكر اسم الله، فإن الشيطان لا يفتح بابا مغلقا (راجع عنوان غلق
الباب).
22 ـ
وتقدم في حديث زواج فاطمة: «فقالت: أم أيمن: من هذا؟!
فقال: أنا رسول الله. ففتحت له الباب».
23 ـ
وتقدم حديث مجيء النبي «صلى الله عليه وآله»، وأبي بكر،
وعمر إلى بيت أبي الهيثم بن التيهان، وفيه: «ففتحت الباب فدخلنا الخ..»
فراجع.
24 ـ
وقد رووا عن علي «عليه السلام»: أنه لما مات أبو بكر،
قال علي: «قلت: يا رسول الله، هذا أبو بكر يستأذن، فرأيت الباب قد فتح،
وسمعت قائلا يقول: أدخلوا الحبيب إلى حبيبه الخ..».
رواه ابن عساكر، وقال: «منكر، وأبو طاهر كذاب، وعبد
الجليل مجهول الخ..»([18]).
وقد قلنا:
إن الخبر وإن كان غير صحيح، ولكنه يشير إلى أن ما يتحدث عنه قد كان مما
يستعمله الناس آنئذ.
25 ـ
وتقدم حديث خديجة مع النبي «صلى الله عليه وآله» تحت
عنوان: (أجاف الباب) وفيه عدة موارد يمكن الاستشهاد بها هنا، فلتراجع
هناك.
وفيها أيضا قول علي «عليه السلام»: «كان النبي إذا أراد
أن يفطر أمرني أن أفتح لمن يرد إلى الإفطار»([19]).
26 ـ
في رواية عن أنس جاء فيها: «..فاشتملت فاطمة «عليها
السلام» بعباءة قطوانية، وأقبلت حتى وقفت «عليها السلام» على باب رسول
الله «صلى الله عليه وآله»، ثم سلمت وقالت: يا رسول الله، أنا فاطمة.
ورسول الله «صلى الله عليه وآله» ساجد يبكي، فرفع رأسه وقال: ما بال
قرة عيني فاطمة حجبت عني، افتحوا لها الباب، ففتح لها الباب، فدخلت.
الخ..»([20]).
27 ـ
وكان علي «عليه السلام» في بيت أم سلمة، فأتى علي، فدق
الباب دقا خفيفا، فعرف رسول الله «صلى الله عليه وآله» دقه، وأنكرته أم
سلمة، فقال لها رسول الله «صلى الله عليه وآله»: قومي فافتحي له الباب
الخ..([21]).
([1])
تقدم الحديث ومصادره تحت عنوان: ضرب أو دق أو طرق أو قرع الباب
رقم 9.
([2])
قد تقدم الحديث تحت عنوان: ضرب أو دق، أو طرق أو قرع الباب رقم
10.
([3])
البحار: ج 37، ص 313 عن مشارق أنوار اليقين.
([4])
البحار: ج 43 ص 117 ومناقب آل أبي طالب: ج 3 ص 356.
([5])
راجع: عنوان: ضرب، أو طرق أو دق أو قرع الباب، حديث رقم 1.
([6])
مسند أحمد: ج 4 ص 406 وكنز العمال: ج 13 ص 94 و 95 و 93 و 66 و
65 و ج 2 ص 537 عن ابن عساكر.
([7])
مسند أحمد: ج 5 ص 454.
([8])
تقدم تحت عنوان: فتح بابا أو كشف ستراً.
([9])
مسند أحمد: ج 6 ص 263.
([10])
وراجع أيضاً: عوالم العلوم: ج 1 ص 162 ومهج الدعوات: ص 5
ومصادر أخرى ذكرها في هامش العوالم. وثمة مصادر أخرى ذكرناها
في عنوان: رددت باب الحجرة بيدي.
([11])
تقدم هذا الحديث مع مصادره تحت عنوان: ضرب أو دق أو طرق، أو
قرع الباب، حديث رقم 5.
([12])
البحار: ج 16 ص 227 عن مناقب آل أبي طالب، ج 1 ص 146.
([13])
تقدمت المصادر لذلك تحت عنوان: ضرب أو دق أو طرق أو قرع الباب،
حديث رقم 7.
([14])
تقدم هذا الحديث مع مصادره تحت عنوان: ضرب أو دق أو طرق أو قرع
الباب.
([15])
مناقب آل أبي طالب: ج 1 ص 133.
([16])
البحار: ج 38، ص 355 عن الطرائف.
([17])
راجع عنوان: ضرب، أو طرق، أو دق، أو قرع الباب، الحديث رقم 8.
([18])
كنز العمال: ج 12 ص 538 و 539.
([19])
عوالم العلوم: ج 11 ص 41.
([20])
عوالم العلوم: ج 11 ص 265 عن تنبيه الغافلين ص 22 وإحقاق الحق
(قسم الملحقات): ج 10 ص 182 عنه.
([21])
مناقب الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب «عليه السلام»
للقاضي محمد بن سليمان الكوفي ج 1 ص 338.
|