الأبواب في مكة قبل الفتح:
وتدل النصوص أيضا على أنه قد كان للبيوت أبواب في مكة
قبل فتحها في السنة الثامنة للهجرة. ونختار للتدليل على ذلك النصوص
التالية:
1 ـ
عن أم هاني بنت أبي طالب، قالت: لما كان يوم فتح مكة
أجرت رجلين من أحمائي، فأدخلتهما بيتا، وأغلقت عليهما باباً([1]).
2 ـ
وعن النبي «صلى الله عليه وآله»، أنه قال في فتح مكة:
«من دخل دار أبي سفيان، فهو آمن، ومن أغلق [عليه] بابه فهو آمن»([2]).
زاد في حديث آخر قوله: «فغلق الناس أبوابهم»([3]).
3 ـ
وحين أرادت قريش قتل النبي: قال أبو طالب لعلي: «يا
بني، اذهب إلى عمك أبي لهب فاستفتح عليه، فإن فتح لك، فادخل، وإن لم
يفتح لك فتحامل على الباب فاكسره، وادخل عليه، وقل له، يقول لك أبي: إن
امرءا عمه في القوم ليس بذليل.
قال: فذهب أمير المؤمنين «عليه السلام» فوجد الباب
مغلقاً، فاستفتح، فلم يفتح له، فتحامل على الباب فكسره، ودخل الخ..»([4]).
4 ـ
وسأل ابن
الكواء علياً «عليه السلام»: أين كنت حيث ذكر الله نبيه وأبا بكر، ﴿ثَانِيَ
اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا
تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا﴾؟!([5]).
فقال أمير المؤمنين «عليه السلام»: ويلك يا ابن الكواء،
كنت على فراش رسول الله «صلى الله عليه وآله» وقد طرح علي برده..
إلى أن يقول:
وجعلوني في بيت، واستوثقوا مني ومن الباب بقفل..
إلى أن قال:
ثم سمعت صوتاً آخر يقول: يا علي، فإذا بالباب قد تساقط ما عليه، وفتح،
فقمت وخرجت([6]).
5 ـ
وفي احتجاج أمير المؤمنين «عليه السلام» على اليهود،
ذكر «عليه السلام» لهم: أن مشركي مكة قالوا للنبي «صلى الله عليه
وآله»: «يا محمد، ننتظر بك إلى الظهر، فإن رجعت عن قولك، وإلا قتلناك،
فدخل النبي «صلى الله عليه وآله» في منزله، فأغلق عليه بابه مغتما
لقولهم الخ..»([7]).
6 ـ
وفي حديث الهجرة: «فتح رسول الله الباب وخرج»([8]).
7 ـ
قصة سواد بن قارب حينما توجه إلى مكة، وقصد بيت خديجة،
قال: «ثم انتهيت إلى بابها، فعقلت ناقتي، ثم ضربت الباب، فأجابتني..
إلى أن قال:
فسمعته يقول: يا خديجة، افتحي الباب.
ففتحت فدخلت. فرأيت النور في وجهه ساطعاً الخ..»([9]).
8 ـ
وحين عاد النبي «صلى الله عليه وآله» من الشام، حينما
ذهب في تجارة لخديجة «قرع الباب، قالت الجارية: من بالباب؟!
قال: أنا محمد»([10]).
9 ـ
وفي حديث الحمل بفاطمة «عليها السلام» حين أمر الله
تعالى نبيه باعتزال خديجة أربعين صباحا، ويكون في بيت فاطمة بنت أسد،
وانتهت المدة، بعث إليها عمار بن ياسر يقول لها:
«لا تظني يا خديجة، أن انقطاعي عنك..
إلى أن قال:
فإذا جنك الليل فأجيفي الباب..
إلى أن يقول:
قالت خديجة: وكنت قد ألفت الوحدة، فكان إذا جنني الليل غطيت رأسي،
وأسجفت ستري، وغلقت بابي..
إلى أن تقول خديجة:
إذ جاء النبي «صلى الله عليه وآله» فقرع الباب، فناديت: من هذا الذي
يقرع حلقة لا يقرعها إلا محمد «صلى الله عليه وآله».
فنادى النبي «صلى الله عليه وآله» بعذوبة كلامه، وحلاوة
منطقه: افتحي يا خديجة فإني محمد.
قالت خديجة: فقمت فرحة مستبشرة بالنبي «صلى الله عليه
وآله»، وفتحت الباب الخ..»([11]).
10 ـ
وفي حديث إسلام عمر، وذهابه إلى بيت أخته يقول: ذهبت »
مغضبا حتى قرعت الباب.. فلما قرعت الباب قيل: من هذا؟
إلى أن قال:
فلما فتحت لي أختي الباب قلت: يا عدوة نفسها..».
ثم يستمر في كلامه، الذي يحوي تعابير كثيرة من هذا
القبيل([12]).
([1])
مسند أحمد: ج 6 ص 343 وكنز العمال: ج 8 ص 403 عن ابن أبي شيبة،
وابن جرير.
([2])
وحيث أن مصادر ذلك تكاد لا تحصى، فنحن نقتصر على نموذج منها،
وهي التالية: سنن أبي داود: ج 2 ص 162، وتفسير القمي: ج 2 ص
321، ومسند أحمد: ج 2 ص 292، والوسائل: ج 15 ص 27، وتهذيب
الأحكام للشيخ الطوسي: ج 4 ص 116، و ج 6 ص 137، والكافي: ج 5 ص
12، الخصال: ج 1 ص 276، وصحيح مسلم (نشر دار إحياء التراث
العربي): ج 3 ص 1408، والبحار: ج 75 ص 169، و ج 21 ص 104 و 139
و 117 و 129 و 136، ومناقب آل أبي طالب: ج 1 ص 207.
([3])
مسند أحمد: ج 2 ص 538، (ط 1401 ه دار التعارف ـ بيروت)، وصحيح
مسلم: ج 3 ص 1406، (نشر دار إحياء التراث العربي).
([4])
الكافي: ج 8 ص 276، و 277، والبحار: ج 22 ص 265 و 266.
([5])
الآية 40 من سورة التوبة.
([6])
خصائص الأئمة للسيد الرضي: ص 58 (ط سنة 1406 ه. نشر مجمع
البحوث الإسلامية ـ مشهد ـ ايران)، والخرايج والجرايح: ج 1 ص
215 (ط سنة 1409 ه، قم) وفي هامشه عن حلية الأبرار: ج 1 ص
278، وعن مدينة المعاجز: ص 76، وراجع: البحار: ج 36 ص 43 و 44
و ج 19 ص 76.
([7])
البحار: ج 10 ص 36، و ج 18 ص 56، والاحتجاج: ج 1 ص 513، وعن
الخصال.
([8])
البحار: ج 19 ص 73، والخرايج والجرايح: ج 1 ص 144.
([9])
البحار: ج 18 ص 98 ـ 100 و ج 60 ص 106، والاختصاص: ص 182.
([10])
البحار: ج 16 ص 49.
([11])
البحار: ج 16 ص 78 و 79 وعوالم العلوم: ج 11 ص 41.
([12])
راجع: كنز العمال: ج12 ص547 و 553 و 558.
|