صفحة :173-210   

الفصل الخامس: كلام علي مسك الختام..

 كلام علي مسك الختام:

روى أبو مخنف أن عماراً قال هذا البيت ذلك اليوم (أي يوم الشورى):

يـا نـاعـي الإسـلام قـم فـانـعــه          قـد مـات عـرف وأتـى مـنـكــر!

أما والله لو أن لي أعواناً لقاتلتهم.

وقال أمير المؤمنين «عليه السلام»: لئن قاتلتهم بواحد لأكونن ثانياً، فقال: والله ما أجد عليهم أعواناً، ولا أحب أن أعرضكم لما لا تطيقون([1]).

أي أنه «عليه السلام» يحذر عماراً من أي تحرك في هذا الإتجاه، لأن ذلك سوف يدفع بعلي بن أبي طالب «عليه السلام» إلى الدفع عن عمار، ثم ينجر جميع أنصاره إلى الدخول في الحرب، وهو لا يريد أن يعرضهم لما لا يطيقون..

وروى أبو مخنف، عن عبد الرحمن بن جندب، عن أبيه قال: دخلت على علي «عليه السلام» وكنت حاضراً بالمدينة يوم بويع عثمان، فإذا هو واجم كئيب، فقلت: ما أصاب قوم صرفوا هذا الأمر عنكم؟!

فقال: صبر جميل!

فقلت: سبحان الله، إنك لصبور.

قال: فأصنع ماذا؟!

قلت: تقوم في الناس خطيباً، فتدعو هم إلى نفسك، وتخبرهم أنك أولى بالنبي «صلى الله عليه وآله» بالعمل والسابقة، وتسألهم النصر على هؤلاء المتظاهرين عليك، فإن أجابك عشرة من مائة شددت بالعشرة على المائة، فإن دانوا لك كان ما أحببت، وإن أبوا قاتلتهم، فإن ظهرت عليهم فهو سلطان الله آتاه نبيه «صلى الله عليه وآله»، وكنت أولى به منهم إذ ذهبوا بذلك، فرده الله إليك، وإن قتلت في طلبه فقتلت شهيداً، وكنت أولى بالعذر عند الله تعالى في الدنيا والآخرة.

فقال «عليه السلام»: أوتراه كان تابعي من كل مائه عشرة؟!

قلت: لأرجو ذلك.

قال: لكني لا أرجو، ولا والله من المائة اثنين. وسأخبرك من أين ذلك! إن الناس إنما ينظرون إلى قريش، فيقولون: هم قوم محمد «صلى الله عليه وآله» وقبيلته، وإن قريشاً تنظر إلينا فتقول: إن لهم بالنبوة فضلاً على سائر قريش، وإنهم أولياء هذا الأمر دون قريش والناس، وإنهم إن ولوه لم يخرج هذا السلطان منهم إلى أحد أبداً، ومتى كان في غيرهم تداولتموه بينكم، فلا والله لا تدفع قريش إلينا هذا السلطان طائعة أبداً.

قلت: أفلا أرجع إلى المصر، فأخبر الناس بمقالتك هذه، وأدعو الناس إليك.

فقال: يا جندب، ليس هذا زمان ذلك.

فرجعت، فكلما ذكرت للناس شيئاً من فضل علي زبروني ونهروني، حتى رفع ذلك من أمري للوليد بن عقبة، فبعث إلي فحبسني([2]).

بيت النبوة ومعدن الرسالة:

وقال علي «عليه السلام» في الشورى: «نحن بيت النبوة، ومعدن الحكمة، وأمان أهل الأرض، ونجاة لمن طلب»([3]).

ونقول:

إنه «عليه السلام» يريد أن يقول لهؤلاء المتوثبين على الخلافة: أين تذهبون؟! إنكم لستم من أهل الخلافة بجميع المعايير.. إذ حتى لو أغمضنا النظر عن النص الذي سمعوه ووعوه، وعن البيعة التي أعطوها له «عليه السلام» في يوم الغدير.. فإنهم لا يملكون أدنى مبرر لسعيهم هذا، وذلك لما يلي:

1 ـ إنهم إنما يتوثبون على خلافة النبوة، ومقام الإمامة، ويريدون أن يحكموا الناس بإسم الدين، وأن يضطلعوا بمهمات رسول الله «صلى الله عليه وآله» الذي صنعه الله تعالى على عينه، وكان مسدداً بالوحي، وأن يستأثروا بمقام علي «عليه السلام»، الذي كان «صلى الله عليه وآله» قد ضمه إليه منذ صغره، وقال «عليه السلام»:

«كنت أتبعه اتباع الفصيل إثر أمه، يرفع لي في كل يوم من أخلاقه علماً، ويأمرني بالإقتداء به.

ولقد كان كل سنة يجاور بحراء، فأراه ولا يراه غيري، ولم يجمع بيت واحد يومئذ في الإسلام غير رسول الله «صلى الله عليه وآله» وخديجة، وأنا ثالثهما، أرى نور الوحي والرسالة، وأشم ريح النبوة.

ولقد سمعت رنة الشيطان حين نزل الوحي عليه «صلى الله عليه وآله»، فقلت: يا رسول الله، ما هذه الرنة؟!

فقال: هذا الشيطان قد أيس من عبادته، إنك تسمع ما أسمع، وترى ما أرى غير أنك لست بنبي، ولكنك لوزير، وإنك لعلى خير إلخ..»([4]).

فإذا كان علي تربى في بيت النبوة فهو يستمد معارفه وأخلاقه وقيمه من مصدر الوحي الإلهي ومن رسول رب العالمين، فلا معنى لأن يقرن به أو أن يزاحمه من عاش في بيوت الضلال والإنحراف وأهل الجاهلية، التي لا أثر فيها للمعرفة فضلاً عن أن تكون معرفة من خلال النبوة، التي تأخذ عن الله تبارك وتعالى..

كما لا يمكن أن يقاس بمن عاش في أحضان أهل المآثم والإنحراف، الذين لا يملكون شيئاً من القيم، ولا يراعون أبسط قواعد الأدب، ولا يمارسون سوى ما تمليه عليهم أهواؤهم وعصبياتهم، ومفاهيمهم الجاهلية، والشريرة.

فكيف يمكن لهؤلاء أن يكونوا في موقع خلافة النبوة، وأن يقوموا بما كان يقوم به رسول الله «صلى الله عليه وآله».. لا سيما وأن من مهماته «صلى الله عليه وآله» تعليم الناس أحكام الله، وتربيتهم تربية إلهية صحيحة، وتزكيتهم وتطهيرهم.

وهل يمكن لهذا النوع من الناس أن يؤتمن على دماء الناس وأموالهم وأعراضهم؟!.. ثم أن يحفظ لهم مستقبلهم في محيطهم، ويدفع عنهم الأعداء، ويحل مشكلاتهم، ويحكم بينهم بما يرضي الله تبارك وتعالى؟!

إن أي منصف عاقل يرى أنه لا مجال للمقايسة بين هؤلاء وبين بيت النبوة، الذي هو مصدر التشريع، ومعدن الوحي والتنزيل، وهم الأصل والمنشأ الذي تستقى منه السنن والأحكام والمفاهيم والقيم والأخلاق الصافية والصحيحة..

2 ـ وإذا كان لابد للحاكم من تدبير أمور الناس، ووضع كل شيء في موضعه وهو ما يعبر عنه بـ «الحكمة»، فإن هذه الحكمة ليست أمراً عادياً وبسيطاً، أو قريب المنال، بل هي تحتاج إلى تعليم إلهي فقد، قال تعالى:

{هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلاَلٍ مُبِينٍ}([5]).

وذلك لأن وضع الأمور في مواضعها يحتاج إلى معرفة حقائق الأشياء بدقة، وحقيقة ارتباطاتها، ودرجات تأثيرها وتأثراتها.. وهذا غير ممكن إلا لمن أطلعه الله على غيبه، وكشف له عن الحقائق بالوحي، أو بتعليم ينتهي إلى الوحي الإلهي.

ولأجل ذلك لم يقل علي «عليه السلام»: نحن «لدينا تدبير وحكمة»، أو نحن أهل الحكمة؛ إذ يمكن أن يقال له: ونحن أيضاً كذلك..

بل أراد «عليه السلام» أن يبين لهم أمراً خاصاً به، ليس لأحد سواه، وهو أنه هو أصل الحكمة ومنشؤها، فمن لا يأتي إلى بيته ويأخذها منه، فلن يجد هذه الحكمة في موضع آخر.. لأن الحكمة تحتاج إلى تعليم إلهي كما قلنا.

3 ـ ثم إنه «عليه السلام» أشار إلى خصوصية أخرى منحصرة فيه، ويفقدها سائر أهل الشورى، وهي أنه «عليه السلام» «أمان لأهل الأرض».

وهذا الكلام يلمح إلى نصوص يعرفها أهل الشورى، وسمعوها من رسول الله «صلى الله عليه وآله»، فكما أن النجوم تحفط النظام الكوني، فإذا اختل وضع النجوم فلا أمان للسماء ولا لأهلها، وسيكون الدمار والخراب لها، والهلاك والفناء لسكانها، كذلك الحال بالنسبة لأهل البيت «عليهم السلام»، فإنهم هم الذين يحفظون للناس أمنهم، ووجودهم، وتوازنهم في الحياة، وبدونهم لا بد من السقوط، حيث لا يتمكن أحد من حفظ وجوده، ولا يستطيع أن يتماسك ويتوازن.

وقد روي عن رسول الله «صلى الله عليه وآله» أنه قال: النجوم أمان لأهل السماء، وأهل بيتي أمان لأمتي([6]).

4 ـ وإذا عصفت الرياح المدمرة لدين الناس، ولأخلاقهم، ولخصائصهم الإنسانية، ولأمنهم واقتصادهم، وكل جهات وجودهم وحياتهم.. وذلك بسوء اختيارهم، فإن أهل البيت «عليهم السلام» يبقون هم سفن النجاة لجميع البشر، ولكن بشرط واحد، وهو أن يعودوا هم إليهم، ويطلبوا النجاة منهم.

أما إذا بقوا سادرين في غيهم، مصرين على استبعاد أهل البيت «عليهم السلام» من دائرة حياتهم، وتعطيل دورهم، فإنهم هم الذين يكونون قد جنوا على أنفسهم، ورضوا لها بالهلاك والبوار، ولحياتهم بالخراب والدمار..

وقد قال رسول الله «صلى الله عليه وآله»، مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح، من ركب فيها نجا ومن تخلف عنها غرق([7]).

نركب أعجاز الإبل، وإن طال السرى:

ثم قال «عليه السلام» لأهل الشورى: «لنا حق إن نعطه نأخذه، وإن نمنعه نركب أعجاز الإبل، وإن طال السرى([8]). لو عهد رسول الله «صلى الله عليه وآله» عهداً لأنفذنا عهده، ولو قال لنا قولاً لجادلنا عليه إلخ..».

ونقول:

1 ـ إن هذا الكلام قد دسّ فيه ما ليس منه، وأضيف السقيم إلى السليم، كيداً منهم لعلي «عليه السلام»، وسعياً في إبطال أمره، والتشويش على الحق بالباطل، فإنه «عليه السلام» يقول: في الفقرة الأولى: إن الخلافة حق لنا مأخوذ منا، وعلى آخذه أن يرجعه إلينا، وسوف نأخذه منه، فلا يتوهمن أحد أننا صرفنا النظر عنه..

ثم يقول: إن لم يعطنا الغاصب حقنا، فسوف لا نكف عن طلبه، والسعي إليه وتحمل المشقات، وركوب المصاعب من أجل الوصول إليه، تماماً كما يركب المسافر أعجاز الإبل التي يصعب ويشق على الراكب مواصلة ركوبه عليها، ولا سيما مع طول المسير.

وبالأخص إذا كان المسير ليلاً، حيث يلتقي الجهد الجسدي، مع انسداد الأفق عن أي أمل ظاهر، لأن الراكب لا يتبين فيه غاية، ولا يستقر بصره على شيء.

فمن يقول هذا الكلام، ويقرر هذه الحقيقة كيف يعود ليبطله من أساسه، فيقول: «لو عهد إلينا رسول الله «صلى الله عليه وآله» عهداً لأنفذنا عهده، ولو قال لنا قولاً لجادلنا عليه حتى نموت» فإن استعمال كلمة «لو» هنا، التي هي حرف امتناع في غير محله، لأنها تستتبع القول: ولكن النبي «صلى الله عليه وآله» لم يعهد إلينا بشيء، ولو عهد إلينا عهداً لأنفذناه، ولو قال لنا قولاً لجادلنا عليه؟! وهذا لا يتلاءم مع قوله: «لنا حق، فإن أعطيناه الخ..»، فإن الحق الذي يريد أن يركب أعجاز الإبل ويتحمل المشقات في طلبه، إنما ثبت له بعهد الرسول، وببيعة الغدير، وبالنص عليه بالأقوال الواضحة التي لم يزل يؤكدها ويرددها طيلة حياته، والآيات الصريحة التي تؤكد أن الإمامة والخلافة له، دون كل أحد..

ولم يثبت له هذا الحق بالتمني، ولا بالتخيل والتظني.

ولم يكن أمير المؤمنين «عليه السلام» من الذين يقررون الشيء ونقيضه.. ولذلك فنحن لا نرتاب في أن الحديث عن عدم وجود عهد أو قول من رسول الله «صلى الله عليه وآله» مكذوب على أمير المؤمنين الذي لم يزل هو وكل أنصاره وشيعته وأهل بيته ومحبيه يلهجون به، وبالتنديد بمن غلبه عليه، وأخذه منه.. ويذكِّرون الناس بمظلوميته فيه..

وهو أساس الخلاف في الأمة، منذ استشهاد رسول الله «صلى الله عليه وآله» وإلى يومنا هذا..

وقد ظهر من البيان السابق معنى قوله «عليه السلام»: «وإلا ركبنا اعجاز الإبل، وإن طال السرى»، فلا حاجة إلى الإعادة..

وهذا المعنى الذي ذكرناه هو الظاهر المتبادر من هذه الفقرة، وهو أقرب من المعنى الذي ذكره الشريف الرضي «رحمه الله»، حيث قال: المراد «إننا إن لم نعط حقنا كنا أذلاء، وذلك أن الرديف يركب عجز البعير، كالعبد والأسير، ومن يجري مجراهما»([9]).

إذ إن الإنسان قد يردف ولده أو صديقه، أو أخاه أيضاً، وقد كان المسلمون في بدر يعتقب الإثنان والثلاثة بل الأربعة منهم البعير الواحد.. فهل ذلك يعني الذل والمهانة لهم، أو لأي من الراكبين منهم؟!..

حروب أصحاب الشورى:

وقد ذكر علي «عليه السلام»: أن من نتائج هذه الشورى الأمور التالية:

1 ـ نشوء حروب تزهق فيها الأرواح.

2 ـ أن تخان العهود التي تعطى في أمر الخلافة.

3 ـ أن يكون بعض أهل الشورى أئمة لأهل الضلالة..

4 ـ أن يصبح بعضهم الآخر شيعة لأهل الجهالة..

وقد أظهرت الأحداث: أن من قصدهم علي «عليه السلام» بكلامه هذا هم جميع من عداه من أهل الشورى، فإنهم صاروا بعد ذلك شيعة لعثمان، ولسائر أهل الجهالة من بني أمية، ووقعت خيانة العهود، ونشبت الحروب التي أزهقت فيها ألوف الأرواح.

وأما علي «عليه السلام» فقد التزم بعدم تحريك أي ساكن طيلة حكومة عثمان.. بل هو قد حاول أن يساعد عثمان على تصحيح المسار، وأن يخرجه من ورطته باقتراح الحلول الناجعة. فكان يستجيب له في البداية، ثم يتراجع بتأثير من مروان وغيره من بني أمية..

بل هو ـ كما يقال وسيأتي بيان ذلك ـ قد أرسل أبناءه ليمنعوا الناس من اقتحام بيته، وقتله..

وبعد قتل عثمان، وإصرار الناس على البيعة له «عليه السلام» خان بعض أركان الشورى عهدهم، ونكثوا بيعتهم، وجمعوا الجموع لقتال خليفتهم وإمامهم، وشنوا الحروب عليه.. ورضوا لأنفسهم بأن يكونوا أئمة لأهل الضلالة..

فصلوات الله وسلامه على علي أمير المؤمنين، ووصي رسول رب العالمين، فقد كان ينظر إلى الغيب من ستر رقيق.. لأنه هو حامل علم الإمامة، وقد نشأ في بيت النبوة، ومعدن الرسالة.. كما أشار إليه «عليه السلام»..

خدعة عمرو بن العاص:

وقد حاولت بعض الروايات التي ذكرها الطبري أيضاً أن تقول: إن عمرو بن العاص، خدع علياً «عليه السلام» حيث أشار عليه بأن يقول لعبد الرحمان: اعمل بمقدار الجهد والطاقة، لكي يرغب فيه ابن عوف، ويجعل الخلافة له.. فكان ذلك سبباً لابعاده «عليه السلام» عنها. وأن عمروا أوصى عثمان بأن يجيب بأنه سوف يفعل ما يطلبه منه بصورة قاطعة.. فكان ذلك هو السبب في صيرورة الأمر إلى عثمان..

ونقول:

أولاً: هذه الرواية إن دلت على شيء فهي تدل على وجود تواطؤ على علي «عليه السلام» لإبعاده عن الخلافة، بدليل أنها ذكرت أن ابن العاص كان على علم مسبق بنوايا ابن عوف، وبما سيطلبه من أهل الشورى..

ثانياً: إن التواطؤ وإن كان غير مستبعد عن عمرو بن العاص، وابن عوف.. ولكن الحقيقة هي أن أمير المؤمنين «عليه السلام» لم ينخدع بما قاله عمرو بن العاص، ولم يجب عبد الرحمان بما أجاب به استجابة لتوصية عمرو.. بل أجاب به لأنه هو الصواب الذي لا يمكنه أن يحيد عنه.. لأن علياً «عليه السلام» مع الحق، والحق مع علي، يدور معه حيثما دار، فلا يحتاج «عليه السلام» إلى تعليم ابن العاص، ولا إلى تعليم غيره، ويشهد لذلك أن عمرواً لو نصح علياً «عليه السلام» بما نصح به عثمان، فإنه لا يقبل منه، لأنه لا يرضى بأن تصبح سنة أبي بكر وعمر، بما فيها من أخطاء وتعديات عدلاً لسنة رسول الله «صلى الله عليه وآله» المسددة بالوحي الإلهي.

ثالثاً: ذكرنا في موضع آخر أن علياً «عليه السلام» إنما شرط قدر الجهد والطاقة، فيما يرتبط بالعمل بالكتاب والسنة فقط.

أما سنة أبي بكر وعمر، فرفض العمل بها من الأساس لأنها لا يجوز تسميتها بالسنة إذا خالفت سنة الرسول..

ويشهد لذلك أن عدداً من النصوص تقول: إن علياً اقتصر على العمل بالكتاب وسنة النبي «صلى الله عليه وآله»، ولم يشر إلى سنة أبي بكر وعمر بشئ أصلاً..

ولعلك تقول: لعل علياً «عليه السلام» كان يقصد بالعمل بالجهد والطاقة ما يكون في سنة أبي بكر وعمر، موافقاً للكتاب والسنة.

ونجيب: بأنها إذا وافقت كتاب الله وسنة نبيه لم تعد سنة أبي بكر وعمر.. بل تلك هي سنة الله ورسوله..

ولو سلمنا ذلك، فإن ابن عوف كان يريد أن يحمله حتى على ما خالف كتاب الله وسنة نبيه، ولأجل ذلك رفض أمير المؤمنين «عليه السلام».

رابعاً: عرفنا من خلال تصريحات علي «عليه السلام» نفسه أنه «عليه السلام» كان يعلم منذ اللحظة الأولى بأن الخلافة قد صرفت عنه، وأنه لم يفاجأ بما حصل.

خامساً: إن هذه الرواية وإن كان لا يبعد حصولها، لأنهم أرادوا أن يطمئنوا إلى طبيعة جواب علي «عليه السلام»، لكن الإيحاء بأن علياً «عليه السلام» لم يصل إلى الخلافة بسبب أن خدعة عمرو بن العاص قد جازت عليه هو الذي نرفضه ولا نرضاه، لأن القرائن كلها على خلاف ذلك.

فإن علياً لم يكن ساذجاً ولا مغفلاً إلى هذا الحد.. كما أنه لم يكن يريد الوصول إلى الخلافة بأي ثمن كما هو حال غيره. بل هو يريدها لكي يحق الحق، ويبطل بها الباطل، فلا يتوسل بالباطل للوصول إليها..

ونحن على يقين من أن عبد الرحمان لو سمع من علي «عليه السلام»، نفس الجواب الذي سمعه من عثمان، لكان قد طرح مطلباً تعجيزياً آخر، يرفضه علي «عليه السلام»، ويؤدي إلى ابعاده عن الخلافة جزماً، كأن يطلب منه أن يعترف بعدم وجود نص عليه من رسول الله «صلى الله عليه وآله»، ويعلن ذلك صراحة، أو ما إلى ذلك.

ذنب علي عدله:

وقد أثرت تخويفات عمر لقريش وغيرها من علي «عليه السلام»، أثرها، وعرفوا صحة قوله: إنه إن وليهم «عليه السلام»، فسيحملهم على الصراط المستقيم، والمحجة البيضاء، وإن كرهوا.

والمحجة والصراط المستقيم هي نفس الذي حاربهم عليه الرسول في حياته، ورفضوا الإذعان له.. وهو نفس ما يريده منهم «عليه السلام». وهو نهج الإسلام الحق الذي ظنوا أنهم أصبحوا في حلٍ منه، وفي منأى عنه بمجرد إبعاد علي «عليه السلام» عن الخلافة من يوم وفاة رسول الله..

وقد أكد لهم صحة تخويفات عمر لهم نفس سيرة علي «عليه السلام» على مدى السنين التي سلفت.. وأكده أيضاً علي «عليه السلام» نفسه، حين ناشدهم «عليه السلام» بفضائله ومزاياه، فأقروا له بها. وأنهى «عليه السلام» كلامه ببيان المعيار الذي يعتمده، ويطلب منهم الإلتزام به، حين قال لهم:

«وردوا الحق إلى أهله، واتبعوا سنة نبيكم (وفي نص آخر: وسنتي من بعده)، فإنكم إذا خالفتم (خالفتموني) خالفتم الله، فقد سمع ذلك منه جميعكم، فادفعوها إلى من هو أهلها، وهي له»([10]).

فالمعيار عنده «عليه السلام» هو الحق وطاعة الله سبحانه، وعدم مخالفة أوامره ونواهيه. وهذا يوجب عليهم التخلي عن كثير من طموحاتهم التي لا مجال لها في ظل هذا المنهج، القائم على التزام الحق والعدل الشامل في كل حياته، ومواقفه، وسياساته بكل حزم وإصرار.

وهذا بالذات هو ما يخشونه ويرفضونه، فإنهم لما سمعوا مناشداته هذه وكلامه المذكور آنفاً، وقام إلى الصلاة:

«تغامزوا بينهم، وتشاوروا، وقالوا: قد عرفنا فضله، وعلمنا أنه أحق الناس بها، ولكنه رجل لا يفضل أحداً على أحد، (ويجعلكم ومواليكم سواء)، فإن وليتموها إياه جعلكم وجميع الناس فيها شرعاً سواء، ولكن ولوها عثمان، فإنه يهوى الذين تهوون، فدفعوها إليه»([11]).

وفي نص آخر: إن وليتموه إياها ساوى بين أسودكم وأبيضكم، ووضع السيف على عاتقه([12]).

نعم، إن عدل علي «عليه السلام» هو ذنب علي.. وموافقة هوى عثمان لأهواء قومه وميولهم هو الذي أوصل عثمان إلى الخلافة، ورجحه بنظرهم على علي «عليه السلام».. فهم لم يفوا إذن بعهودهم، ولا التزموا بالمواثيق التي أعطوها..

فإنا لله وإنا إليه راجعون.

الشورى في كلام علي :

وجاء فيما أجاب به أمير المؤمنين «عليه السلام» اليهودي الذي سأله عما امتحن به من بين الأوصياء قوله:

«..وأما الرابعة ـ يا أخا اليهود ـ: فإن القائم بعد صاحبه (يعني عمر) كان يشاورني في موارد الأمور فيصدرها عن أمري، ويناظرني في غوامضها فيمضيها عن رأيي، لا أعلمه أحداً ولا يعلمه أصحابي، لا يناظره في ذلك غيري، ولا يطمع في الامر بعده سواي.

فلما أن أتته منيته على فجأة، بلا مرض كان قبله، ولا أمر كان أمضاه في صحة من بدنه، لم أشك أني قد استرجعت حقي في عافية بالمنزلة التي كنت أطلبها، والعاقبة التي كنت التمسها، وإن الله سيأتي بذلك على أحسن ما رجوت وأفضل ما أملت.

فكان من فعله أن ختم أمره بأن سمى قوما أنا سادسهم، ولم يسوِّني بواحد منهم، ولا ذكر لي حالا في وراثة الرسول «صلى الله عليه وآله» ولا قرابة، ولا صهراً، ولا نسباً، ولا كان لواحد منهم مثل سابقة من سوابقي، ولا أثر من آثاري.

وصيرها شورى بيننا، وصير ابنه فيها حاكما علينا، وأمره أن يضرب أعناق النفر الستة الذين صير الامر فيهم إن لم ينفذوا أمره.

وكفى بالصبر على هذا ـ يا أخا اليهود ـ صبراً.

فمكث القوم أيامهم كلها كل يخطب لنفسه وأنا ممسك، إلى أن سألوني عن أمري، فناظرتهم في أيامي وأيامهم، وآثاري وآثارهم، وأوضحت لهم ما لم يجهلوه من وجوه استحقاقي لها دونهم، وذكرتهم عهد رسول الله «صلى الله عليه وآله» إليهم، وتأكيد ما أكده من البيعة لي في أعناقهم.

دعاهم حب الإمارة، وبسط الأيدي والألسن في الأمر والنهي، والركون إلى الدنيا، والاقتداء بالماضين قبلهم إلى تناول ما لم يجعل الله لهم.

فإذا خلوت بالواحد ذكرته أيام الله، وحذرته ما هو قادم عليه وصائر إليه، التمس مني شرطاً أن أصيرها له بعدي.

فلما لم يجدوا عندي إلا المحجة البيضاء، والحمل على كتاب الله عز وجل، ووصية الرسول «صلى الله عليه وآله»، وإعطاء كل امرئ منهم ما جعله الله له، ومنعه ما لم يجعل الله له، أزالوها عني إلى ابن عفان، طمعاً إلى التبجح معه فيها.

وابن عفان رجل لم تسو به وبواحد ممن حضره حال له قط، فضلاً عمن دونهم، لا ببدر ـ التي هي سنام فخرهم ـ ولا غيرها من المآثر التي أكرم الله بها رسوله «صلى الله عليه وآله»، ومن اختصه معه من أهل بيته.

ثم لم أعلم القوم أمسوا من يومهم ذلك حتى ظهرت ندامتهم، ونكصوا على أعقابهم، وأحال بعضهم على بعض، كل يلوم نفسه، ويلوم أصحابه.

ثم تذكر الرواية أحداث عثمان، وغيرها([13]).

ونقول:

إن لنا مع النص المتقدم عدة وقفات، نذكر منها ما يلي:

عمر يصدر ويورد عن أمر علي :

لقد صرح أمير المؤمنين «عليه السلام»: بأن عمر بن الخطاب كان يشاوره في موارد الأمور، فيصدرها عن أمره، ويناظره في غوامضها، فيمضيها عن رأيه.. وصرح بأنه «عليه السلام» كان يعلم بذلك، ولا يَعْلَمُه أحد من أصحاب علي «عليه السلام».

وقال: «ولا يناظره في ذلك غيري».

ويؤيد هذا الأمر.. ما تقدم من أن عمر كان قد أمرهم بأن لا يعصوا لعلي «عليه السلام» أمراً..

وذلك يعطي:

ألف: إن عمر لم يكن هو الحلَّال الحقيقي للمشاكل، ولا كان هو الكاشف لغوامض الأمور، أو الواقف على دقائقها، بل كان يستفيد ذلك من غيره..

ب: إن هذا التدخل المباشر في الأمور من شأنه أن يطمئن أمير المؤمنين «عليه السلام» إلى سلامة أمور المسلمين، حتى لو كان ذلك بقيمة تعرضه هو للحيف والظلم من قبل غاصبي حقه، والذين لا يمكن أن يدانوه في علم أو فضل أو مقام، أو كرامة أو حكمة، أو تدبير.. وما إلى ذلك..

وهذا يفسر لنا قول علي «عليه السلام»: «لأسلمن ما سلمت أمور المسلمين، ولم يكن جور إلا علي خاصة»([14]) كما سيأتي.. وقد كان ذلك في أشد الفترات حساسية، وهي فترة تأسيس الدين. كما أشرنا إليه في موضع آخر من هذا الكتاب.

ج: إن ذلك يجعل عمر بن الخطاب يأمن جانب علي «عليه السلام».. الذي كان هو مصدر الخوف الحقيقي له، ويضمن سكوت علي ورضاه..

د: إن عمر يرى نفسه: أنه هو الرابح من هذه السياسة، من حيث إنه يكون قد حل المشكلات التي تعرض له بأفضل وجه وأتمه، ويضمن بذلك استمرار حكمه بقوة وفاعلية وثبات..

هـ: إذا كان المراد من عبارة: لا أُعَلِّمه أحداً، ولا يعلمه أصحابي هو كتمانه «عليه السلام» ذلك. جاز لنا أن نقول:

إن الحفاظ على سرية هذا الأمر، وعدم البوح به لأحد هو ضمانة استمراره، حيث يبقى مصوناً من وسوسات أهل الأهواء وكيد أهل الباطل، وما أكثرهم..

وسنرى أن هذا هو بلاء عثمان حين كان علي «عليه السلام» يسعى في حل المشكلات له، وللناس معه.

لم أشك أنني استرجعت حقي:

ويواجهنا في جواب أمير المؤمنين «عليه السلام» لذلك اليهودي قوله: إنه لما طعن عمر «لم أشك أني قد استرجعت حقي في عافية، بالمنزلة التي كنت أطلبها»..

والسؤال هنا هو: أننا نعلم أن علياً «عليه السلام» كان يخبر بالغيوب، وقد سمع من رسول الله «صلى الله عليه وآله» الشيء الكثير عما يجري بعده، ومن ذلك حكومة بني أمية، وقتل عثمان، وما يجري على الإمام الحسين «عليه السلام»، وما يجري على أمير المؤمنين «عليه السلام» نفسه.. فكيف يمكن القبول بأنه «عليه السلام» كان حين قتل عمر متيقناً بأن الأمر سيصير له»؟!

ونجيب: بأن علياً «عليه السلام» لا يتحدث مع اليهودي من خلال اطلاعه على الغيب، فإن ذلك مما لا يتعقله ذلك اليهودي، بل ولا أكثر المسلمين، بل كان «عليه السلام» يحدثه عن مسار الأمور بحسب الظاهر، فالمناسب هو طرح الأمر له وفق حركة الأحداث في الواقع الخارجي، لكي يدرك المفارقة في التعامل الذي كان يمارسه عمر بن الخطاب تجاه علي بن أبي طالب «عليه السلام»..

فهو يتعامل معه بطريقة تجعله يطمئن إلى أن حقه سيعود إليه.. ثم يفاجئه بالشورى التي أراد أن تكون بمثابة إهانة لعلي «عليه السلام»، وإسقاط لمقامه وسبباً للذهاب بحقه.

وقد أشار «عليه السلام» إلى أن هذا الواقع الجديد، إذا لوحظ مع الأجواء التي سبقته فإنه يعطي الحق لعلي «عليه السلام» ولكل من عداه بأن يتوقع مبادرة عمر إلى تصحيح الخلل الذي نشأ عن هذه الشورى التي اخترعها ونسقها على النحو الذي عرفناه..

ولأجل ذلك جهر «عليه السلام» بالشكوى من عدم ذكره لخصوصيات علي «عليه السلام» التي تميزه عن سائر الذين اختارهم للشورى..

وقد اعتبر «عليه السلام» هذا منه من مفردات غمط حقه، باعتبار أن أحداً من أولئك الأشخاص لم يكن له مثل سوابق علي «عليه السلام»، ولا له أثر من آثاره.. فضلاً عن أن تصح مساواته به.

ولم يكن يصح أن يقرن «عليه السلام» إلى هذه النظائر.

وهذا يبين لذلك اليهودي ولغيره.. أن ما كان يطلبه عمر كان أكثر من مجرد السلطان.. إذ يفترض فيه أن يعيد الحق إلى أهله بعد موته، لاسيما وأن أهله قد عضوا على الجرح. وساعدوه في إدارة الأمور، وجنبوه الأخطار والمشكلات فيها.. ولكنه لم يفعل ما كان يتوقع منه، ولم يقابل الجميل بمثله، كما كان متوقعاً، بل قابله بضده، وتعامل مع من أحسن إليه كل هذا الإحسان من منطلق الحسد والضغينة، وبأسلوب التعمية والتضليل، ولا نريد أن نقول أكثر من ذلك، لئلا يظن ظان بتاً أننا خرجنا عن اللغة العلمية، أو عن الموضوعية..

القرابة والصهر دليل الإمامة:

واللافت هنا: أنه «عليه السلام» تحدث إلى هذا اليهودي عن أن عمر لم يفعل ما كان ينبغي أن يفعله، حين شكل الشورى، فهو لم يذكر له حالاً في وراثة الرسول «صلى الله عليه وآله»، ولا قرابة، ولا صهراً، ولا نسباً..

فيرد سؤال، وهو: أن علياً وشيعته، يستدلون على إمامته «عليه السلام» بالنص القرآني، والنبوي، لا بالوراثة، ولا بالصهر ولا بالنسب.

يضاف إلى ذلك: أن علياً «عليه السلام» لا يرث رسول الله «صلى الله عليه وآله» في ماله مع وجود السيدة الزهراء، فإنها «عليها السلام» هي التي ترث أباها، دون سواها.

ونقول:

أولاً: إن الذي استدل بالقرابة هو أبو بكر وعمر في سقيفة بني ساعدة، وبذلك منعوا الأنصار بشخص سعد بن عبادة من مواصلة سعيهم لهذا الأمر، فلعلي «عليه السلام» الحق في أن يُلْزِم عمر، وأبا بكر وشيعتهما بما ألزموا به أنفسهم، ليظهر أنهم قد تناقضوا مع أنفسهم، وتجاهلوا المبرر الذي أتى بعمر نفسه إلى الحكم..

وليكن هذا الكلام جارياً على نفس النسق الذي تضمنه قوله «عليه السلام» في الشعر المنسوب إليه مخاطباً أبا بكر في شأن السقيفة:

فإن كنت بالشورى ملكت  أمورهم             فكيـف بـهـذا والمشـيرون غـيـب
وإن كنت بالقربى حججت خصيمهم                           فغـيرك أولى بـالـنـبـي  وأقرب
(
[15])

ثانياً: إذا علم أن فاطمة «عليها السلام» وحدها هي التي ترث رسول الله «صلى الله عليه وآله»، دل ذلك على أنه «عليه السلام» يشير بقوله: «ولا ذكر لي حالاً في وراثة الرسول «صلى الله عليه وآله»، إلى الأحاديث الصادرة عنه «صلى الله عليه وآله»، وفيها: أنه «عليه السلام» وصيه ووارثه، وأنها تتحدث عن وراثة مقامه «صلى الله عليه وآله».. وكذا الأحاديث التي أشارت إلى وراثة علمه:

مثل قوله «صلى الله عليه وآله» عنه «عليه السلام»: إن علياً وصيي ووارثي، أو ما بمعناه([16]).

وقوله «صلى الله عليه وآله» عن علي «عليه السلام»: وارث علم النبيين([17]).

وقوله «صلى الله عليه وآله» عنه «عليه السلام»: مستودع مواريث الأنبياء([18]).

ثالثاً: إن الحديث عن النسب والصهر في خصوص هذا المورد مهم جداً، فإنه من أدلة إمامته «عليه السلام» أيضاً، حيث إن هذا التزويج قد تضمن التصريح بأنه لولا علي «عليه السلام» لم يكن لفاطمة كفؤ، آدم فمن دونه([19])، ولا سيما مع ما رافق ذلك من رد خطبة أبي بكر وعمر لها، والتأكيد على أن الله تعالى هو الذي زوجها من علي «عليه السلام» دونهما..

رابعاً: بالنسبة للحديث عن النسب والقرابة، نقول:

إنه لا يراد بها ذلك المعنى العشائري المرفوض والمدان إسلامياً، والذي هو من الأمور غير الإختيارية، التي لا أثر لها حاسماً في موضوع الإمامة..

بل المراد هو ما ينسجم مع قوله «عليه السلام»: نحن بيت النبوة ومعدن الحكمة، وفق ما ذكرناه في المقصود منها حين تحدثنا عن تلك الفقرة، في موضع آخر من هذا الكتاب([20]).

خامساً: وأخيراً: يبدو أن سبب الحديث عن النسب والصهر مع ذلك اليهودي هو دلالته على ما ورد في كتب أهل الملل من التعريف بوصي نبي آخر الزمان: بأنه ابن عمه، وصهره. وليس المقصود الإستدلال به على مقام الإمامة.

إحتقار.. وإهانة:

وبعد.. أليس من الأمور المؤلمة جداً لمن علَّمه رسول الله «صلى الله عليه وآله» ألف باب من العلم، يفتح له من كل باب ألف باب: أن يجعل عمر بن الخطاب ولده عبد الله، الذي لا يحسن أن يطلق امرأته ـ كما يقول عمر نفسه ـ حاكماً على ذلك العالِم، والوصي الخاتم، وأن يجعل مصير الدين والأمة كلها، وكل جهود الأنبياء بيد إنسان من هذا القبيل؟!..

ألا يعد الصبر على هذا المصاب الجلل من أعظم فضائل علي «عليه السلام»، ومن دلائل إمامته، ومن شواهد حرصه على الدين وأهله.. وهو تطبيق عملي لقوله «عليه السلام»: لأسلمن ما سلمت أمور المسلمين، ولم يكن جور إلى علي خاصة([21]).

وهذا الألم هو ما عبر عنه «عليه السلام» في حديثه مع ذلك اليهودي، حيث قال له: «وكفى بالصبر على هذا ـ يا أخا اليهود ـ صبراً»([22]).

لا يوجد نص على الخلفاء:

قال المعتزلي: «قال أبو بكر (أي الجوهري): وأخبرنا أبو زيد، قال: حدثنا عبد العزيز بن الخطاب، قال: حدثنا علي بن هشام، مرفوعاً إلى عاصم بن عمر بن قتادة، قال:

لقي علي «عليه السلام» عمر، فقال له علي «عليه السلام»: أنشدك الله، هل استخلفك رسول الله «صلى الله عليه وآله»؟!

قال: لا.

قال: فكيف تصنع أنت وصاحبك؟!

قال: أما صاحبي فقد مضى لسبيله، وأما أنا فسأخلعها من عنقي إلى عنقك.

فقال «عليه السلام»: جدع الله أنف من ينقذك منها. لا، ولكن جعلني الله علماً، فإذا قمت فمن خالفني ضل»([23]).

ونقول:

لسنا بحاجة إلى التوسع في بيان مرامي هذه الحادثة، ففيها ما يلي:

1 ـ إقرار من عمر بن الخطاب: بأن رسول الله «صلى الله عليه وآله» لم يستخلفه، وذلك يبطل محاولات اتباع الخلفاء ادعاء شيء من هذا القبيل.

2 ـ أقر أيضاً: بأن عدم وجود النص له تبعات مخيفة، لا بد من التفكير فيها وفي تحاشيها..

3 ـ ثم أقر: بأن أبا بكر قد مضى لسبيله دون أن يحل مشكلته، وأنه سوف يواجه نتائج فعله.

4 ـ إن ما اقترحه عمر هو فيما يظهر: الإحتفاظ بالموقع، وتحميل المسؤولية لعلي «عليه السلام».

5 ـ إنه «عليه السلام»: قد أفهم عمر أن ذلك لا يصح، لأنه يتضمن المساعدة على اغتصاب المقام الذي جعله الله لأمير المؤمنين، والأئمة من بعده «عليهم السلام».

6 ـ إنه «عليه السلام» قد بين: أن على عمر أن ينصاع لأوامره «عليه السلام»، لا أن ينفذ هو أوامر من غصب الحق من أهله..

7 ـ قد بين له: أن عدم الإنقياد والطاعة لعلي معناه الوقوع في الضلال والهلاك.

العيون تظلم العين:

قال حذيفة بن اليمان لأمير المؤمنين «عليه السلام» في زمن عثمان: إني والله ما فهمت قولك، ولا عرفت تأويله، حتى بلغت ليلتي. أتذكر ما قلت لي بالحرة؟! وإني مقبل: كيف أنت يا حذيفة إذا ظلمت العيون العين والنبي «صلى الله عليه وآله» بين أظهرنا؟!

ولم أعرف تأويل كلامك إلا البارحة. رأيت عتيقاً، ثم عمر تقدما عليك، وأول اسمهما عين.

فقال: يا حذيفة نسيت عبد الرحمن حيث مال بها إلى عثمان!!

وفي رواية: وسيضم إليهم عمرو بن العاص مع معاوية بن آكلة الأكباد، فهؤلاء العيون المجتمعة على ظلمي([24]).

ونقول:

1 ـ إن هذا الحديث يتعرض لإخبار غيبي ألقاه علي «عليه السلام» إلى حذيفة، وهو مما اختصه الله به «عليه السلام»، وأبلغه إياه رسول الله «صلى الله عليه وآله»، وأوصاه «صلى الله عليه وآله» بما ينبغي أن يفعله في هذه الأحوال..

2 ـ إن حذيفة يقر بأنه لم يعرف تأويل كلام أمير المؤمنين إلا في زمن خلافة عثمان .. ورأى ما جرى عليه في زمان أبي بكر وعمر..

3 ـ صرحت الرواية: بأنه «عليه السلام» قد أخبر حذيفة بما يجري قبل استشهاد رسول الله «صلى الله عليه وآله»، أي أن ما جرى بعده إلى زمان عثمان لم يفاجئ علياً «عليه السلام». وأنه كان يعرف الأحداث والأشخاص بأسمائهم..

وقد صحح لحذيفة، أو نبهه إلى أنه قد غفل عن عبد الرحمان بن عوف، فإنه هو الآخر من جملة المشاركين في ظلم العين، يعني علياً «عليه السلام»..

4 ـ ثم أشار «عليه السلام» إلى أن مضمون ما أخبره به لم يتحقق كله، بل بقي جزء آخر يتمثل بظلم عمرو بن العاص له، وأول اسمه عين، فإنه سيتشارك مع معاوية في ظلمه.

5 ـ إنه «عليه السلام» قد أخبر حذيفة بذلك، وبقي حذيفة يتذكر هذا الخبر هذه السنين الكثيرة .. فدل ذ لك على أن من أهداف هذه الأخبار هو حفظ إيمان حذيفة، وصيانته من الإختلال بفعل الإعتياد على الواقع الجديد، وحسبان أن الأمور تجري بصورة طبيعية، كي لا يتوهم أن تولية علي «عليه السلام» كانت رغبة ترجيحية لرسول الله «صلى الله عليه وآله»، وليست أساساً في هذا الدين، وأن العمل على خلاف هذه الرغبة لا يخل بالمسار العام للإيمان والإسلام..

فإذا ظهر لحذيفة: أن الله تعالى يرى ويعلم ويخبر بأدق تفاصيل ما يجري، وأن معرفة ذلك كله ليس أمراً عبثياً، فلا بد أن يتوقف ويتأمل بعمق بكل ما يجري. وهكذا كان..


([1]) راجع: شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج12 ص265 و 266 وج9 ص55 والشافي في الإمامة ج4 ص211 وغاية المرام ج6 ص21 وكتاب الأربعين للشيرازي ص216 ومناقب أهل البيت «عليه السلام» للشيرواني ص409 والسقيفة وفدك للجوهري ص88 والدرجات الرفيعة ص262.

([2]) شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج12 ص266 و 267 ومكاتيب الرسول ج3 ص734 والشافي في الإمامة ج4 ص212 وغاية المرام ج6 ص21.

([3]) شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج1 ص195 وج19 ص134 وتاريخ مدينة دمشق ج42 ص429 وتاريخ الأمم والملوك ج3 ص300 والكامل في التاريخ ج3 ص74 وغريب الحديث لابن قتيبة ج1 ص370 ومصباح البلاغة (مستدرك نهج البلاغة) ج1 ص316 وبحار الأنوار ج31 ص404 وغاية المرام ج6 ص7.

([4]) نهج البلاغة (بشرح عبده) ج2 ص137 ـ 160 (الخطبة القاصعة) رقم 192 وراجع: مناقب آل أبي طالب ج2 ص28 والطرائف لابن طاووس ص415 وشرح مئة كلمة لأمير المؤمنـين لابن ميثم البحراني ص220 والصراط المستقيم = = ج2 ص65 وكتاب الأربعين للشيرازي ص223 وبحار الأنوار ج14 ص476 وج18 ص223 وج38 ص320 وج60 ص264 وجامع أحاديث الشيعة ج1 ص68 والغدير ج3 ص240 وسنن النبي «صلى الله عليه وآله» للطباطبائي ص403 ومكاتيب الرسول ج1 ص407 ونهج السعادة ج7 ص33 و 145 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج13 ص197 وخصائص الوحي المبين ص28 ونهج الإيمان لابن جبر ص532 وينابيع المودة ج1 ص209.

([5]) الآية 2 من سورة الجمعة.

([6]) ذخائر العقبى ص17 ونظم درر السمطين ص234 ومنتخب كنز العمال (بهامش مسند أحمد) ج5 ص92 و 93 والصواعق المحرقة ص185 ومشارق الأنوار للصغاني ص109 ومجمع الزوائد ج9 ص174 والمعجم الكبير للطبراني ج7 ص22 والجامع الصغير للسيوطي ج2 ص680 وكنز العـمال ج12 ص96 = = و 101 و 102 ومستدرك الحاكم ج2 ص448 وج3 ص149 و 457 وتلخيصه للذهبي (مطبوع بهامشه)، ومقتل الحسين للخوارزمي ص19 وكشف الخفاء ج2 ص135 و 327 وفيض القدير ج6 ص386 ومسند زيد بن علي ص463 وعيون أخبار الرضا «عليه السلام» ج1 ص30 وكمال الدين ص205 ومناقب الإمام أمير المؤمنين «عليه السلام» للكوفي ج2 ص133 و 142 و 174 وشرح الأخبار ج3 ص13 والتفسير المنسوب للإمام العسكري «عليه السلام» ص546 ونور الثقلين ج4 ص542 وسبل الهدى والرشاد ج11 ص6 و 7 وينابيع المودة ج1 ص71 و 72 وج2 ص104 و 114 و 442 و 443 و 474 وج3 ص142 وكتاب المجروحين لابن حبان ج2 ص236 وتاريخ بغداد ج3 ص281 وتاريخ مدينة دمشق ج40 ص20 وتنبيه الغافلين لابن كرامة ص44 والنصائح الكافية ص45 والدر النظيم ص771 والتعجب للكراجكي ص151 والأمالي للطوسي ص259 و 379 وبحار الأنوار ج23 ص122 وج27 ص308 و 309 وكتاب الأربعين للماحوزي ص353 ومناقب أهل البيت «عليهم السلام» للشيرواني ص176 وخلاصة عبقات الأنوار ج4 ص116 و 315 و 316 و 317 و 318 والمراجعات ص76 و 384 وجامع أحاديث الشيعة ج1 ص19 والغدير ج3 ص81 ومستدرك سفينة البحار ج9 ص561.

([7]) راجع: المعجم الصغير ص78 (ط دهلي) وعيون الأخبار لابن قتيبة ج1 ص211 والمعارف (ط مصر) ص86 والصواعق المحرقة ص184 ومستدرك الحاكم ج3 ص150 ومجمع الزوائد ج9 ص168 وتاريخ الخلفاء ص573 والخصائص الكبرى ج2 ص266 وينابيع المودة (ط اسلامبول) ص28 و 27 و 183 و 161.

([8]) هذه الفقرة وردت في: تاريخ الأمم والملوك ج4 ص236 و 237 و (ط مؤسسة الأعلمي) ج3 ص300 ونهج البلاغة (بشرح عبده) ج4 ص6 والفايق في غريب الحديث ج2 ص336 وغريب الحديث لابن قتيبة ج2 ص139 و (ط = = دار الكتب العلمية) ج1 ص371 والنهاية في غريب الحديث ج3 ص185 وراجع: شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج18 ص132 و 133 ومجموعة ورام ص4 وتهذيب اللغة للأزهري ج1 ص341 والكامل في التاريخ ج3 ص74 والمناقب لابن شهر آشوب ج1 ص274 ومصباح البلاغة (مستدرك نهج البلاغة) ج1 ص316 وبحار الأنوار ج29 ص600 وج31 ص404 ومناقب أهل البيت «عليهم السلام» للشيرواني ص400 وكتاب الأربعين للماحوزي ص271 ومجمع البحرين ج3 ص124 وتاريخ مدينة دمشق ج42 ص429 و 431 وكتاب الفتوح لابن أعثم ج2 ص332 ولسان العرب ج5 ص371 وج10 ص270 وتاج العروس ج8 ص96.

([9]) نهج البلاغة (بشرح عبده) ج4 ص6 وبحار الأنوار ج29 ص600 وكتاب الأربعين للماحوزي ص272 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج18 ص132 ومجمع البحرين ج3 ص125.

([10]) الإحتجاج ج1 ص336 و (ط دار النعمان) ج1 ص210 وبحار الأنوار ج31 ص344 و 383 عنه، وعن إرشاد القلوب ج2 ص57 ومصباح البلاغة (مستدرك نهج البلاغة) ج3 ص231 والإمام علي بن أبي طالب «عليه السلام» للهمداني ص718 وغاية المرام ج2 ص138.

([11]) راجع: الهامش السابق.

([12]) بحار الأنوار ج31 ص383 وإرشاد القلوب للديلمي ص57 والأمالي للطوسي ص554 وحلية الأبرار ج2 ص334 والإمام علي بن أبي طالب «عليه السلام» للهمداني ص719.

([13]) الخصال ج2 ص374 ـ 376 وبحار الأنوار ج31 ص347 ـ 349 وج38 ص176 ومصباح البلاغة (مستدرك نهج البلاغة) ج3 ص138 والإختصاص للمفيد ص173 وحلية الأبرار ج2 ص370.

([14]) راجع: نهج البلاغة (بشرح عبده) ج1 ص124 وبحار الأنوار ج29 ص612 والإمام علي بن أبي طالب «عليهم السلام» للهمداني ص703 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج6 ص166.

([15]) نهج البلاغة (بشرح عبده) ج4 ص43 (الحكمة رقم 190)، وخصائص الأئمة للشريف الرضي ص111 والتعجب للكراجكي ص53 والصراط المستقيم ج1 ص67 وكتاب الأربعين للشيرازي ص187 وبحار الأنوار ج29 ص609 وج34 ص405 وكتاب الأربعين للماحوزي ص254 وخلاصة عبقات الأنوار ج3 ص317 والمراجعات ص340 والنص والإجتهاد ص21 والإمام علي بن أبي طالب «عليه السلام» للهمداني ص564 و 710 وموسوعة أحاديث أهل البيت «عليهم السلام» للنجفي ج5 ص453 وج7 ص89 وج9 ص118 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج18 ص416 ونهج الإيمان ص384 وحياة الإمام الحسين «عليه السلام» للقرشي ج1 ص247 وغاية المرام ج6 ص7 وبيت الأحزان ص119 والأسرار الفاطمية للمسعودي ص123.

([16]) ذخائر العقبى (مطبعة القدسي) ص71 والأمالي للصدوق ص450 واليقين لابن طاووس ص488 والخصال ص430 وكفاية الأثر ص124 ومناقب آل أبي طالب ج2 ص35 والعمدة لابن البطريق ص76 و 234 والروضة في فضائل أمير المؤمنين ص95 والطرائف لابن طاووس ص22 و 23 و 35 والصراط المستقيم ج1 ص66 و 326 وج2 ص29 وكتاب الأربعين للشيرازي ص36 و 47 وحلية الأبرار ج2 ص443 و 445 وبحار الأنوار ج22 ص536 وج24 ص324 وج36 ص264 و 328 وج38 ص19 و 103 و 147 و 154 و 339 وج39 ص339 وكتاب الأربعين للماحوزي ص192 والمراجعات ص135 و 301 و 399 والنص والإجتهاد ص562 والسقيفة للمظفر ص63 وشواهد التنزيل ج1 ص99 والكامل لابن عدي ج4 ص14 وتاريخ مدينة دمشق ج42 ص392 والموضوعات لابن الجوزي ج1 ص374 و 376 وج2 ص31 وبشارة المصطفى ص101 والمنـاقـب للخـوارزمي ص85 وكشف الغمـة ج1 ص112 و 347 = = ونهج الإيمان ص198 و 380 وكشف اليقين ص262 وجواهر المطالب لابن الدمشقي ج1 ص107 وتأويل الآيات ج2 ص624 وينابيع المودة ج1 ص167 و 235 و 255 و 369 و 370 وج2 ص79 و 163 و 232 و 279 وبناء المقالة الفاطمية ص428 ومنهاج الكرامة ص86 ونهج الحق ص214 وغاية المرام ج1 ص178 وج2 ص144 و 146 و 147 و 202 و 239 وج5 ص106 وج6 ص153 و 163 و 331 ونفس الرحمن للطبرسي ص423 و 434 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج4 ص71 و 72 و 75 وج4 ص100 و 160 و 227 وج5 ص50 وج7 ص213 و 414 و 418 وج15 ص130 و 131 و 132 و 154 و 156 وج20 ص230 و 383 و 445 و 446 وج21 ص129 وج22 ص234 و 280 و 281 و 282 و 291 و 310 و 324 وج23 ص350 و 404 و 580 وج30 ص621.

([17]) راجع: إحقاق الحق (الملحقات) للمرعشي النجفي ج4 ص10 و 104 وج7 ص578. وتأويل الآيات ج1 ص275.

([18]) ينابيع المودة (ط إسلامبول) ص133 والأمالي للصدوق ص382 والمحتضر للحلي ص141 وبحار الأنوار ج38 ص100 وج40 ص52 والإمام علي بن أبي طالب «عليه السلام» للهمداني ص159 وموسوعة أحاديث أهل البيت «عليهم السلام» = = للنجفي ج9 ص13 و 317 ومستدركات علم رجال الحديث ج2 ص294 وبشارة المصطفى ص95 ونهج الإيمان لابن جبر ص541 وينابيع المودة ج1 ص397 وغاية المرام ج1 ص177 وج3 ص78 وج6 ص162 وج7 ص41 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج4 ص7 و 170 وج20 ص309 و 311 و 407 وج22 ص295.

([19]) الكافي للكليني ج1 ص461 ومن لا يحضره الفقيه للصدوق ج3 ص393 وعيون أخبار الرضا ج2 ص203 و (ط أخرى) ج1 ص225 والخصال ص414 وبشارة المصطفى ص328 وفي (ط أخرى) ص267 وكشف الغمة للإربلي ج2 ص100 وفي (ط أخرى) ص188 عن مصباح الأنوار، وغيره ومجمع النورين للمرندي ص27 و 43 واللمعة البيضاء للتبريزي الأنصاري ص96 وبيت الأحزان للشيخ عباس القمي ص24 وحياة أمير المؤمنين لمحمديان ج1 ص107 وتفسير القمي لعلي بن إبراهيم ج2 ص338 وحياة الإمام الحسن للقرشي ج1 ص15 وص321 عن تلخيص الشافي ج2 ص277 والمحتضر لحسن بن سليمان الحلي ص240 والخصائص الفاطمية للكجوري ج1 ص119 والأنوار القدسية للشيخ محمد حسين الأصفهاني ص36 عن المحجة البيضاء ج4 ص200 وشرح أصول الكافي= = للمازندراني ج7 ص222 ووسائـل الشيعة للحر العاملي (ط مؤسسة آل البيت) ج20 ص74 و (ط دار الإسلامية) ج14 ص49 ودلائل الإمامة للطبري ص80 وعلل الشرائع ج2 ص178 وأمالي الصدوق ص474، ونوادر المعجزات ج6 ص84 وتفضيل أمير المؤمنين «عليه السلام» للشيخ المفيد ص32 ومناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب ج2 ص290 والفصول المهمة للحر العاملي ج1 ص408 وج3 ص411 وبحار الأنوار ج8 ص6 وج43 ص10 و 92 ـ 93 و 97 و 107 و 141 و 145 وروضة الواعظين ص148 وكنوز الحقائق للمناوي (مطبوع مع الجامع الصغير) ج2 ص75 (وط بولاق مصر) ص133 وإعلام الورى ج1 ص290 وتسلية المجالس وزينة المجالس ج1 ص547 والأسرار الفاطمية للمسعودي ص83 وأمالي الطوسي ج1 ص42 ونور البراهين للسيد نعمة الله الجزائري ج1 ص315 ومستدرك سفينة البحار ج9 ص126و 288 والإمام علي «عليه السلام» لأحمد الرحماني الهمداني ص126 و 334 ومستدرك الإمام الرضا للعطاردي ج1 ص241 والحدائق الناضرة للمحقق البحراني ج23 ص108 والتهذيب ج7 ص470 ح90 وص475 ح116 وإحقاق الحق (قسم الملحقات) ج7 ص1 ـ 2 وج17 ص35 ج19 ص117 عن عدد من المصادر التالية: مودة القربى للهمداني (ط لاهور) ص18 و 57 وأهل البيت لتوفيق أبي علم ص139 ومقتل الحسين للخوارزمي (ط الغري) ص95 و (ط أخرى) ج1 ص66 والفردوس ج3 ص373 و 418 و 513 والسيدة الزهراء «عليها السلام» للحاج حسين الشاكري ص23 والمناقب المرتضوية لمحمد صالح الترمذي، وينابيع المودة= = لذوي القربى للقندوزي الحنفي ج2 ص80 و 244 و 286. لكن أكثر مصادر أهل السنة اقتصرت على عبارة لولا علي لم يكن لفاطمة كفؤ.. ولم تذكر كلمة، آدم فمن دونه.

([20]) راجع: نثر الدر ج1 ص310 .

([21]) راجع: نهج البلاغة (بشرح عبده) ج1 ص124 وبحار الأنوار ج29 ص612 والإمام علي بن أبي طالب «عليهم السلام» للهمداني ص703 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج6 ص166.

([22]) الخصال ج2 ص374 ـ 376 وبحار الأنوار ج31 ص347 ـ 349 وج38 ص176 ومصباح البلاغة (مستدرك نهج البلاغة) ج3 ص138 والإختصاص للمفيد ص173 وحلية الأبرار ج2 ص370.

([23]) شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج2 ص58 وحلية الأبـرار ج2 ص318 و 319 ومناقب أهل البيت «عليهم السلام» للشيرواني ص460 والسقيفة وفدك للجوهري ص55 وغاية المرام ج5 ص325.

([24]) قضاء أمير المؤمنين علي بن أبي طالب «عليه السلام» ص112 ومناقب آل أبي طالب ج2 ص103 والصراط المستقيم ج3 ص12 ومدينة المعاجز ج2 ص183 وبحار الأنوار ج41 ص311.

 
   
 
 

العودة إلى موقع الميزان