قد صرحت رواية الإحتجاج:
بأن طلحة والزبير قالا: إنهما يخافان أن يُنْقَضُ أمر
أمة محمد، وأنهما يريدان من عائشة أن تخرج معهما، لعل الله أن يرتق بها
فتقاً إلخ..
ونقول:
1 ـ
إنك ترى كل طالب سلطة بغير حق يتذرع بأنه يريد الإصلاح، وإقامة دين
الله تعالى، وقد حكى الله تعالى عن فرعون أنه قال: ﴿ذَرُونِي
أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ
دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ﴾([1]).
وقال أيضاً: ﴿مَا
أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ
الرَّشَادِ﴾([2]).
2 ـ
إن أمر أمة محمد قد اجتمع بإجماع المهاجرين والأنصار بما فيهم طلحة
والزبير على البيعة لعلي «عليه السلام»، المنصوص عليه من قبل الله
ورسوله، والذي بايعه عشرات الألوف من الناس بما فيهم المهاجرون
والأنصار في يوم الغدير، قبل وفاة الرسول «صلى الله عليه وآله» بسبعين
يوماً.
كما أنه قد بويع في زمن الرسول مرات، كيوم الفتح وغيره.
والإجماع الذي حصل على بيعته بعد قتل عثمان. وفي عهد
الرسول «صلى الله عليه وآله» أيضاً، لم يحظ به أحد من الذين استخلفوا
قبله ولا بعده..
وكان ما جرى في السقيفة، ثم تولية عمر وعثمان بعد ذلك
نقضاً لذلك الإجماع من الله ورسوله، متخلياً عن البيعة التي أعطوها له
«عليه السلام» في يوم الغدير المبارك.
ثم كان أول من أظهر الخلاف على إمام زمانه، ومن نقض أمر
هذه الأمة وأحدث الصدع والفتق فيها بعد هذا الإجماع الظاهر بعد قتل
عثمان هو طلحة والزبير وعائشة.. وتبعهما على ذلك معاوية، ثم إسهامات
أبي موسى الأشعري في هذا الأمر بما فعله حين البيعة لعلي «عليه
السلام»، وتخذيله الناس عنه، وخيانته له في قصة التحكيم، ثم تبعهما
غيرهما.
3 ـ
يلاحظ: أن طلحة والزبير لم يطلبا من أم سلمة أن تخرج معهما، مع أنها ـ
باعتراف عائشة ـ أكبر وأجل زوجات رسول الله وأقربهن إليه «صلى الله
عليه وآله»..
4 ـ
كان رسول طلحة والزبير إلى عائشة لإقناعها بالخروج لحرب علي «عليه
السلام» هو عبد الله بن الزبير، ويبدو أنها كانت قد خططت هي وإياهما
لهذا الأمر، وكانت عازمة عليه، ولكنها كانت تحتاج إلى مخرج مقبول عند
الناس يبرر خروجها معهما، عند الناس، بعد أن علم القاصي والداني بأنها
كانت مأمورة بالقرار في بيتها. وقد قال لها ذلك عثمان([3])،
وأبو الأسود، وزيد بن صوحان وغيرهم. فادعوا بالاتفاق معها إعلان: أن
الغرض من هذا التحرك هو السعي لرتق الفتق، ورأب الصدع. وجمع شمل
الأمة؟!
5 ـ
إنهم قد بدأوا بأم سلمة مع أنهم كانوا يعلمون: أن أم سلمة ليست على
خطهم، ولا ترضى بنهجهم، ولا توافق على الخروج معهم، ولم يكن عملهم هذا
إلا مكراً وخدعة، لأن المطلوب لهم هو إظهار حسن مقاصدهم، وسلامة
نواياهم، وادعاء أن دافعهم لما يقدمون عليه هو الغيرة على مصلحة
الأمة..
وعرض الأمر على أم سلمة يساهم في ذلك بصورة كبيرة
بنظرهم. مع أن واقع الأمر كان خلاف ذلك تماماً.
وقد قالت عائشة:
إنها لم تؤمر بالخروج، ثم قالت: إن خرجت أم سلمة خرجت
معها..
وهو كلام غير مقبول، بل متهافت، فلاحظ ما يلي:
أولاً:
إنها ليس فقط
لم تؤمر بالخروج، بل هي قد أمرت بأن تقر في بيتها:
﴿وَقَرْنَ
فِي بُيُوتِكُنَّ﴾([4]).
فلماذا خفضت من مستوى بشاعة خروجها، وادعت: أنها لم تؤمر بالخروج، أليس
لأجل أن تعطي لنفسها فسحة لتبرير خروجها، بعد أن تكون قد ألقت في
الأذهان احتمال: أن يكون عدم أمرها بالخروج، لا يعني حرمة ذلك الخروج،
بل هو ينسجم مع جواز أن تخرج إذا أحبت ذلك؟!
أما الآية الشريفة فقد تجاهلتها، لأنها تنص على عدم
جواز الخروج من الأساس، فإذا أقرت بذلك، فإنها ستحتاج إلى المزيد من
الجهد لتبرير خروجها المحرم.
ثانياً:
إنها علقت خروجها على خروج أم سلمة. ولكنها حين امتنعت
أم سلمة لم تتراجع عن عزمها على الخروج، بل خرجت بالفعل. فما فائدة
تعليقها يا ترى؟!
ثالثاً:
إن حفصة كانت حاضرة في مكة، بالإضافة إلى أم سلمة. بل
قد يقال: إن غيرهما من أزواجه «صلى الله عليه وآله» كن في مكة أيضاً،
وقد كانت حفصة عازمة على الخروج معها، ولكن أخاها عبد الله منعها من
ذلك، قال ابن الأثير:
«وكانت أزواج النبي «صلى الله عليه وآله» معها على قصد
المدينة، فلما تغير رأيها إلى البصرة تركن ذلك. وأجابتهم حفصة إلى
المسير معهم، فمنعها أخوها عبد الله»([5]).
ألا يدلنا ذلك:
على أن حصرها الأمر بأم سلمة، حين قالت: لا يحضرني إلا أم سلمة، قد جاء
بعد اطلاعها على منع عبد الله بن عمر لأخته من الخروج معها؟! وبعد
امتناع أزواج النبي
«صلى الله
عليه وآله»
من ذلك؟!
وإذا صح ذلك، لم يعد معنى لتعليقها خروجها على خروج أم
سلمة، بل إن تصميمها على الخروج كان سابقاً على لقائها بها، وحوارها
معها.
فلا مجال لفهم هذا التدافع في النصوص ودلالاتها إلا
القول بأن ما جرى بينها وبين أم سلمة كان من مفردات الجهد الإعلامي
الذي بذلته للتخفيف من بشاعة ما تقدم عليه..
وقد اعترفت عائشة:
بأن أم سلمة كانت كبيرة أمهات المؤمنين.
ومن الواضح:
أن مقصود عائشة: أن أم سلمة أكبرهن قدراً ومنزلةً، لأنها لم تكن أكبرهن
سناً، فإن أم حبيبة كانت أكبر من أم سلمة، وقد ولدت قبل البعثة بسبع
عشرة سنة([6]).
وهي من مهاجرة الحبشة.
أما أم سلمة، فهي وإن كانت من مهاجرة الحبشة أيضاً، إلا
أنها أصغر من أم حبيبة، لأن الواقدي يقول: إنها توفيت سنة تسع وخمسين
ولها أربع وثمانون سنة([7]).
مما يعني: أن عمرها حين البعثة كان اثنتي عشرة سنة فقط.
ونحن لا نوافق على وفاتها سنة تسع وخمسين، بل نقول:
إنها توفيت سنة ستين أو إحدى وستين، بعد استشهاد الإمام
الحسين «عليه السلام»، لأن النبي
«صلى الله عليه وآله»
كان قد أودعها قارورة فيها من تراب كربلاء، فإذا رأتها فاضت دماً، فقد
قتل الحسين «عليه السلام»([8]).
وقد ذكرنا في كتابنا:
الصحيح من
سيرة النبي
«صلى الله
عليه وآله»،
الجزء الخامس، فصل: شخصيات وأحداث: أنها لم تلبث بعد استشهاد الحسين
إلا يسيراً([9]).
فوفاتها في سنة ستين([10])
أو إحدى وستين أو سنة اثنتين وستين لا تجعلها أكبر نساء النبي «صلى
الله عليه وآله» سناً إذا كانت قد توفيت وعمرها أربع وثمانون سنة، بل
هو يدل على أنها أصغر من أم حبيبة بإحدى عشرة سنة، أو بعشر، أو بتسع
سنين، كما هو واضح.
وكان مما أثنت به عائشة على أم سلمة
قولها:
إنه
«صلى الله
عليه وآله»
«كان يقمؤ في بيتك» أي يدخل. فاعتبرت ذلك من مفردات تفضيلها، وتميزها
على بقية نسائه
«صلى الله
عليه وآله».
ولا يكون ذلك كذلك إلا إذا زاد دخوله «صلى الله عليه وآله» بيتها على
المعتاد من دخوله «صلى الله عليه وآله» بيوت سائرهن..
وهذا يدل على عدم صحة ما رووه، من أنه
«صلى الله
عليه وآله»
«كان يقمؤ إلى منزل عائشة كثيراً»([11]).
إلا إذا كان المراد:
أن دخوله «صلى الله عليه وآله» إلى بيت عائشة كان
كثيراً، ولكن دخوله إلى بيت أم سلمة كان أكثر.
ومما أثنت به عائشة على أم سلمة
قولها:
«وكان يقسم لنا في بيتك».
وليس المراد هنا:
القسْم بين النساء، بل المراد: قسم ما يأتيه من هدايا.
ويدل على ذلك:
نص رواية ابن أعثم، الذي يقول: «وكان رسول الله يبعث إلى بيتك ما يتحف
له، ثم يقسمه بيننا»([12]).
وقد ذكرت عائشة ذلك، للتدليل على أن هذا مما كان «صلى
الله عليه وآله» يفضل أم سلمة ويميزها به على سائر أزواجه.
وبذلك يعلم:
أن ما رواه ابن اختها عروة بن الزبير عنها قال: كان الناس يتحرون
بهداياهم يوم عائشة.
قالت:
فاجتمع صواحبي
إلى أم سلمة، فقالوا: يا أم سلمة، إن الناس يتحرون بهداياهم يوم عائشة،
وإنَّا نريد من الخير ما تريد عائشة، فمري رسول الله
«صلى الله
عليه وآله»
أن يأمر الناس أن يهدوا إليه حيث ما كان، أو حيث ما دار.
قالت:
فذكرت ذلك أم
سلمة للنبي
«صلى الله
عليه وآله».
قالت:
فأعرض عني، فلما عاد إليَّ ذكرت له ذلك، فأعرض عني.
فلما كان في الثالثة ذكرت له ذلك،
فقال:
يا أم سلمة، لا تؤذيني في عائشة، فإنه والله ما نزل علي
الوحي، وأنا في لحاف امرأة منكن غيرها([13]).
غير أن قول عائشة لأم سلمة:
«..وكان الوحي ينزل في بيتك»، يكاد يكون اعترافاً بأن
الوحي لم يكن ينزل في بيت غيرها من أزواج رسول الله «صلى الله عليه
وآله».. وإن كانت عبارة أبي مخنف قد خففت من مستوى هذه الدلالة حيث
يقول: إن عائشة قالت لأم سلمة: «وكان جبرئيل أكثر ما يكون في منزلك»([14]).
وبذلك يعلم عدم صحة ما روي أيضاً
عنها:
من أن النبي
«صلى
الله عليه وآله»
رد وساطة أم سلمة لنسائه، بعد أن أعرض عنها مرتين، ثم قال لها في
الثالثة:
«يا أم سلمة، لا تؤذيني في عائشة، فإنه ـ والله ـ ما
نزل علي الوحي، وأنا في لحاف امرأةٍ منكن غيرها([15]).
وعدم صحة ما روي عنها أيضاً، من
أنها تقول:
إنها فضلت على
نساء النبي
«صلى الله
عليه وآله»
بعشر، وذكرت منها قولها: «وكان ينزل عليه الوحي، وهو معي، ولم يكن ينزل
عليه، وهو مع أحد من نسائه غيري»([16]).
يضاف إلى ذلك:
أولاً:
أنه لا معنى لأن يعرض النبي «صلى الله عليه وآله» عن أم
سلمة مرتين، ثم يجيبها في المرة الثالثة، فإن الطلب الذي عرضته عليه لا
يستدعي هذه الشدة، وليس فيه أي إيذاءٍ له «صلى الله عليه وآله»..
ثانياً:
من أين علمت عائشة: أن الوحي لم ينزل على النبي «صلى الله عليه وآله»،
وهو مع أحدٍ من نسائه؟! فإنها لم تكن حاضرة معه طيلة تلك الليالي التي
كان يخصصها لهن.. فإن كن قد أخبرنها بذلك، فهل أخبرتها خديجة «رحمها
الله»؟! وهي لم تجتمع معها في بيت رسول الله «صلى الله عليه وآله».
ثالثاً:
لا ندري لماذا لم تروَ هذه الروايات إلا عن عائشة،
وحزبها، مثل ابن أختها عروة وأمثاله؟!
وقد صرحت إحدى الروايات المتقدمة:
بأن عائشة قالت لأم سلمة: «أنت أقرب منزلة من رسول الله
«صلى الله
عليه وآله»
في نسائه»([17]).
وبذلك يعلم:
عدم صحة ما رواه ذكوان خادم عائشة عن ابن عباس: أن عائشة كانت أحب نساء
النبي
«صلى الله عليه وآله» إليه([18]).
وعدم صحة ما رووه عن أم سلمة بأنها
قالت عن عائشة:
«والله لقد كانت أحب الناس إلى رسول الله»([19]).
وعدم صحة قول عائشة عن نفسها:
«وكنت أحب نسائه إليه»([20]).
وكذا لا صحة لما روي:
من أن عمرو بن
العاص سأل النبي
«صلى الله
عليه وآله»:
من أحب الناس إليك؟!
قال:
عائشة.
قال:
إنما أقول من الرجال.
قال:
أبوها([21]).
ويدل على ما نقول أيضاً:
ما روته عائشة نفسها من أن أحب الناس إلى النبي
«صلى الله
عليه وآله»
فاطمة من النساء، وزوجها من الرجال([22]).
تقدم قول أم سلمة لعائشة:
«لقد زرتيني، وما كنت زوارة»، وصرحت لها: بأن زيارتها كانت لأمر مَّا
كان يهم عائشة إنجازه.
فدل ذلك على أمرين:
أحدهما:
أن عائشة لم تكن وصولةً لأم سلمة التي تعترف لها عائشة
بالفضل، وأقربية منزلتها عند رسول الله «صلى الله عليه وآله». رغم
انتفاء مبررات الغيرة بمرور عشرات السنين على فقدان الرسول الأعظم «صلى
الله عليه وآله».
الثاني:
إنها دلت على أن طبع عائشة كان يميل إلى انتهاز الفرص
لتحقيق أغراضها. ولم يكن وصلها وقطعها إلا بمقدار ما يؤثر ذلك في إنجاز
تلك الأغراض.
وليس لأجل العمل بما أمر به الشارع من وصل أهل الإيمان
والفضل، ونيل الثواب الجزيل، والأجر الجميل بذلك.
وقد زعمت عائشة لأم سلمة:
أن الذي أخبرها باستتابة القوم لعثمان، فلما تاب قتلوه صائماً في شهر
حرام، هو ابن أختها عبد الله بن الزبير.
وفي الإختصاص:
«إن ابني وابن أخي (لعل الصحيح: «إن ابني وابن أختي»([23]))
أخبراني: أن الرجل قتل مظلوماً([24])»([25]).
وفي الإحتجاج:
أن طلحة والزبير هما اللذان أخبراها بأن عثمان قتل مظلوماً([26]).
ولكن ليت شعري. كيف يمكن لأم سلمة أن تقبل منها ذلك،
وهي تعلم: أن طلحة والزبير إنما قدما عليها بعد أربعة أشهر من قتل
عثمان؟!
إلا أن يقال:
إن إخبارهما لعائشة، وإخبار ابن الزبير لها بذلك يمكن أن يكون بواسطة
الكتابة لها، فقد ذكرت الروايات أنهما كتبا إليها يطلبان منها أن تظهر
الطلب بدم عثمان قبل أن يقدما مكة.
وحينئذٍ لا بد من الإجابة على سؤال:
لماذا سكتت عن هذا الأمر هذه المدة كلها؟!
يضاف إلى ذلك:
أنه كيف يمكن التغاضي عن موقفها حين أخبروها بقتل عثمان، ففرحت، وأعلنت
رضاها بقتله، فلما أخبروها بالبيعة لعلي صرخت مستنكرة لذلك، معلنةً: أن
عثمان قتل مظلوماً؟!
وذلك قبل أن تلتقي بأحد، وقبل أن تتسلم أية رسالة من أي
كان.
ومع غض النظر عن هذا وذاك نسأل:
ألم تكن عائشة على علم بأن طلحة والزبير كانا يجران النار إلى قرصهما.
ولا يمكن قبول شهادتهما؟!
وحتى لو شهد لها أي كان من الناس، فإن ذلك لا يدعو لجمع
الجيوش، وتجهيز العساكر لحرب علي «عليه السلام»، والعمل على نقض بيعته،
وتقويض حكمه. بل كان الواجب هو أن تقر هي في بيتها كما أمرها الله
ورسوله. وهو ما قاله لها، وذكر به العديد من الصحابة، ومنهم أبو
الأسود، وزيد بن صوحان وغيرهما.
والنصيحة للمؤمنين من وراء الحجاب كما فعلت أم سلمة.
وأن ترشدهم إلى أن أولياء الدم هم الذين يرفعون الأمر إلى علي «عليه
السلام» ليحكم فيه.
كما أنه يجب على كل مسلم أن يبادر إلى مساعدته «عليه
السلام» بالمال وبالرجال، ليتمكن من قمع الفتنة، وليتولى هو الأخذ
للمظلوم من ظالمه المزعوم؟!
وأغرب ما في الأمر:
أن عائشة طلبت من أم سلمة أن تخرج معها طلباً للصلح بين أمة محمد
«صلى
الله عليه وآله»..
وذلك غير مقبول:
أولاً:
لأن ذلك ليس
مما يطلب منها.. بل واجبها هو القرار في بيتها: ﴿وَقَرْنَ
فِي بُيُوتِكُنَّ﴾([27]).
ثانياً:
إن اجتماع الصحابة على البيعة لأمير المؤمنين «عليه
السلام» قد حسم مادة الخلاف، واستوسقت الأمور له، وسارت بالإتجاه
الصحيح، فأي خلاف كان قائماً بين أمة محمد، وتريد هي أن تحسمه من
البصرة..
ثالثاً:
قالت عائشة ـ حسب رواية ابن أعثم ـ: أن عبد الله بن
عامر أخبرها أنه اجتمع في البصرة مئة ألف سيف من الرجال يطلبون بثأر
عثمان، وأخاف الحرب بين المسلمين.
وفي الإختصاص:
أن عبد الله بن الزبير، وابنها قد أخبراها بذلك.
وهذا لا يكفي مبرراً لخروجها، فكان عليها أولاً وبالذات
بعد تنفيذ أمر الله ورسوله بالقرار في بيتها، وصون حجابها ونفسها أن
تنصح هؤلاء وعامة المسلمين بوجوب الطاعة لولي الأمر حقاً الذي هو وصي
الرسول، وزوج البتول، وسيد أصحاب الكساء. وتبين لهم حرمة الخروج عليه،
بل حرمة عصيانه ومخالفته. كما أنه كان يمكنها أن تتبين صدق قولهما،
بإرسال مبعوثين من قبلها للتحقق من ذلك..
كما أنه كان عليها أن تسال ابن عامر عن سبب تركه
البصرة، إذا كان لديه مئة ألف سيفٍ يطلبون بدم عثمان.
ولمن ترك البصرة إذاً؟!
ولماذا وكيف استطاع ابن حنيف أن يتولى البصرة، ويسيطر
عليها؟!
ولماذا لا يأخذها حَمَلة المئة ألف سيف من يده؟!
وأين ذهبت المئة ألف سيف حين وصلت هي وطلحة والزبير إلى
البصرة؟! هل غاروا في الأرض أم تبخروا في السماء؟!
والحال، أن المتوقع أن ينضموا إليها، وان يكونوا تحت
لوائها، بل أن ينضم إليهم مثلهم، وأن لا يبقى معنى لإصرار علي «عليه
السلام» على الحرب بعد هذا، كما لا معنى لانتصاره عليها وعلى من كان
معها في حرب الجمل..
فمن كان يملك مئة ألف سيف قبل أن يتحرك من مكانه يكون
هو سيد البلاد، والقابض على أزمة الأمور ولا ينبغي أن يبقى مكان لعلي
ولا لسواه في البلاد الإسلامية كلها؟!
إن من حقنا:
أن نتلمس الفرق بين موقف أم سلمة وعائشة، حين ذكر
«صلى الله
عليه وآله» أن
إحداهما ستنبحها كلاب الحوأب، وأنها تأتي يوم القيامة
ناكبة عن الصراط، حيث وجدنا أن الإناء سقط من يد أم سلمة، وترفع يدها
من الحيس، من شدة ذعرها من هذا الخبر، وفرقها منه.
أما عائشة فتضحك، ولا يظهر عليها أي أثر نظير ما ظهر
على أم سلمة.
وليس لنا أن نسمي موقف أم سلمة بالضعيف، وموقف عائشة
بالقوي. فإن الجرأة على الضحك، سببها الضعف والوهن أمام داعي هوى
النفس، وقسوة القلب، وأما الخضوع والضعف أمام الله سبحانه، والخشية
منه، فهي عين القوة في مواجهة الهوى، وتحدي تسويلات النفس، وقهر
الشيطان، وتقويض هيمنته وسلطانه. وقد قال «صلى الله عليه وآله» وعلي
«عليه السلام»: «أشجع الناس من غلب هواه»([28]).
فأم سلمة كانت الأقوى فيما يرضي الله، وكانت عائشة هي
الأضعف أمام نفسها في مواجهة ميولها.
ويلاحظ:
أن عائشة قد ضحكت ـ فيما يظهر ـ تشفياً بأم سلمة، وشماتةً بها.. وهذا
يزيد في مستوى توجيه اللوم لعائشة، لأنها تستحق هذا اللوم من جهتين:
إحداهما:
أنها شمتت بهذه المرأة الصالحة.
والأخرى:
أنها لم تبال أن تكون هي صاحبة ذلك الجمل.
وحين ذكر النبي
«صلى الله عليه وآله»
ما يجري لإحداهما في ماء الحوأب، فإنه قد أبهم الأمر من جهة، وأوضحه من
جهة أخرى.. فأما إبهامه له، فكان حين ذكر أن هذا الأمر سيحصل لواحدة
منهما دون سائر الناس..
رغم أنه «صلى الله عليه وآله» حصر حصوله، أو كاد، في
خصوص عائشة، حين قال لها: إني أحسبك هي، ثم أوضح ذلك بصورة أوفى وأتم
بقوله: يا حميراء، أما إني قد أنذرتك. ولم يقل لأم سلمة «رحمها الله»
شيئاً من ذلك.
وأما قوله «صلى الله عليه وآله»:
أن المرأة
التي تركب الجمل الأدبب، فتنبحها كلاب الحوأب، فتكون ناكبة عن الصراط..
فهو من الذم الذي لم نكن نحب أن يتعرض له أي كان من الناس، فضلاً عمن
هي زوجة رسول الله
«صلى الله
عليه وآله»
التي أصبح هذا حالها، ومآلها..
كما أن هذا القول يسقط القول المشهور عند فريق من
المسلمين عن عدالة جميع من رأى النبي
«صلى الله
عليه وآله»
مميزاً.
وعلينا أن نسجل هنا ملاحظة ثالثة أيضاً حول هذه الكلمة
المروية عن رسول الله
«صلى الله
عليه وآله»،
من أن هذه المرأة التي ستركب الجمل تكون ناكبة عن الصراط. فإنها أطلقت
الكلام، ولم تستثن صورة ندمها على ما فرط منها.
ولعل سبب عدم الاستثناء هذا هو:
أنه حين يتعلق الأمر بإمامة الأمة وهدايتها، فإن الحق يصير للأمة، فلو
اعتدى معتدٍ على هذا الحق، فلا يسقطه الندم، بل يسقطه إصلاح ما فسد،
وإعادة الأمور إلى نصابها..
ثم إنه إذا سقط ضحايا وشهداء بسبب هذا العدوان، فإن
قسطاً من هذا الحق يصير لهم، وقد ورد: أن الظلم ثلاثة فظلم لا يغفر
وظلم لا يترك، وظلم مغفور لا يطلب.
فأما الظلم الذي لا يغفر فالشرك بالله، قال الله تعالى:
﴿إِنَّ
اللهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ﴾([29]).
وأما الظلم الذي يغفر، فظلم العبد نفسه عند بعض الهنات.
وأما الظلم الذي لا يترك، فظلم العباد بعضهم بعضاً.
القصاص هناك شديد، ليس هو جرماً بالمدى، ولا ضرباً بالسياط، ولكنه ما
يستصغر ذلك معه([30]).
وقد ضحكت عائشة حين وقع الإناء من يد أم سلمة، خوفاً
وفرقاً وذعراً من أن تكون هي المرأة المقصودة بكلامه
«صلى الله
عليه وآله»..
وإذ برسول الله «صلى الله عليه
وآله» يقول لعائشة:
مما تضحكين يا حمراء الساقين؟!([31]).
وهذه كلمة هامة في مغزاها ومعناها، فلاحظ ما يلي:
أولاً:
قد ادعى محبو عائشة: أن لقب «حميراء» الذي كانت عائشة
تلقب به قد جاء على سبيل الثناء على جمالها، وإظهار شدة بياضها، وصفاء
لونها..
ولكن الأمر لم يكن كذلك:
ألف:
لأنها لم تكن بيضاء بل كانت سوداء([32])،
أو أدماء([33])،
ولعلها كانت ذات شعرٍ أحمر، أو أن سوادها أو أدمتها كانت مشربة بحمرة،
فأوجب ذلك إطلاق كلمة حمراء عليها، حتى عرفت بذلك..
ويدل على صحة القول بأن أدمتها كانت مشربة بحمرة نفس
قول النبي «صلى الله عليه وآله» لها في هذا المورد: «يا حمراء
الساقين».
ب:
إن مما يدل على أن توصيفها بالحميراء لم يكن على سبيل
الثناء، وأن العرب يقولون: شر النساء الحميراء المحياض([34]).
ثانياً:
إن النبي «صلى
الله عليه وآله» في بداية كلامه عن التي تنبحها كلاب الحوأب لم يميز
عائشة على أم سلمة ولا العكس.. ولكن أم سلمة فزعت لكلام النبي «صلى
الله عليه وآله»، حتى سقط الإناء من يدها. فضحكت عائشة، وكأنها شمتت
بها، لأنها ظنت أن هذا من دلائل ضعف أم سلمة، أو من أمارات سطحية
تفكيرها، حيث صدقت ما قيل لها، وذعرت إلى هذا الحد.. فبادر
«صلى الله
عليه وآله»
إلى كسر عنفوانها هذا، وأفهمها أن هذا الاضطراب الذي رأته لدى أم سلمة
هو من مآثر هذه المرأة الصالحة، التي تستحق عليها الإكبار والإجلال..
لأنه يدل على مدى حرصها على التزام خط الإيمان والطاعة لله تعالى
ورسوله «صلى الله عليه وآله»، واليقين والتصديق بما يأتي به عنه..
والذي يستحق أن يضحك منه هو من لا يبالي بغضب الله
تعالى ورسوله، ويلهث وراء أمور تافهة، يحاول أن يدغدغ بها مشاعره،
وينعش بها خاطره، ويتلهى بها في دنياه وآخرته.. مع أنها أمور ليست من
موجبات كماله، بل هو يتوهم أنها من مظاهر النقص لدى غيره.
وقد واجهها
«صلى الله
عليه وآله»
بما دل على أنها تفقد حتى أدنى المقومات التي يفرح بها أهل الدنيا
وطلابها، فضلاً عن فقدانها لما عدا ذلك حين أشار إلى أنها لو فكرت
وأنصفت لشغلها هذا الفقدان عن هذه الشماتة الممقوتة. فإنها ليس فقط لا
تملك ما يستحق الذكر من ذلك، بل هي تعاني من معايب كثيرة في هذا الأمر
بالذات، كما ظهر من قوله
«صلى الله
عليه وآله»:
«مما تضحكين يا حمراء الساقين»؟!
إنه
«صلى الله
عليه وآله»
أراد أن يشغلها بعيوب نفسها عن تناول محاسن غيرها بالتوهين، والتقبيح.
ولم يحدثها «صلى الله عليه وآله» عن الآخرة، ولا خوفها
منها، لأن الحديث عن الآخرة في هذا المقام لم يكن يجدي، لأن نفس إخباره
«صلى الله
عليه وآله»
بأمر راكبة الجمل، وأنها تكون بذلك ناكبة عن الصراط. هو حديث عن سوء
العاقبة، وهو معناه: أن ركوبها الجمل سوف يفسد عليها آخرتها، ولن تضمن
به أي ربح دنيوي. وقد كان ينبغي أن يكون هذا أقوى من أي شيء آخر في هز
كيانها، وفي إعادتها إلى التوازن.
ولكنها لما ظهر أنها لم تتأثر به، بل هي تشفع وتضحك
وتشمت بالصالحات، اللواتي هزهن هذا الخبر من الأعماق، كان لا بد من
الاستفادة من أسلوب آخر، يمكن أن يترك أثراً أقوى وأشد، من حيث أنه قد
اسْتُلَّ من نفس الجو الذي وضعت نفسها فيه، ولم ترد أن تخرج منه، رغم
سعيه
«صلى الله
عليه وآله»
إلى حملها على الابتعاد عنه..
وقد ناشدت أم سلمة عائشة بما جرى في قديد أو في غيرها،
حيث هجمت عائشة على النبي
«صلى الله
عليه وآله»،
وهو يناجي علياً «عليه السلام»، فأسمعها ما أساءها، وأبكاها..
ونقول:
1 ـ
قد يقال: إن اختلاف النص المنقول عن الاحتجاج عن النص المنقول عن
الاختصاص. قد يدلل على أنهما واقعتان مختلفتان
ويمكن أن تكون واقعة واحدة لكن الرواة لم يحسنوا
بيانها.
ولكن الروايتين تتفقان على أن النبي
«صلى الله
عليه وآله»
قد تحدث عن أن مبغض علي «عليه السلام» يخرج من الإيمان كما في
الاختصاص، أو أنه منافق كذاب كما في رواية الاحتجاج.. والنتيجة واحدة.
2 ـ
إن رواية
الاحتجاج تقول: إنه
«صلى الله
عليه وآله»
قد تحدث عن بغض علي «عليه السلام» بمجرد إقحام عائشة بجملها بينه وبين
علي «عليه السلام»، فدل ذلك: على أنه
«صلى الله
عليه وآله»
قد رأى أن فعل عائشة هذا ناشئ عن بغضها لعلي «عليه السلام».. مع أن
فعلها قد يفسر بأوجهٍ أخرى. فلولا أنه
«صلى الله
عليه وآله»
يعرف هذا البغض، ومداه ومستواه، وكان على يقين من أنه هو الذي دعاها
إلى هذا الفعل لم يقل لها ذلك..
ويلاحظ:
أن عائشة لم تنكر ذلك، ولم تسأل عن سبب سوق الحديث بهذا الاتجاه
3 ـ
إنه
«صلى الله عليه وآله»،
قد أخبر أن عائشة لن تدع علياً «عليه السلام» وشأنه، بل هي تتقصده
بالأذى في العديد من المواطن. وهذا الكلام مع هذا الغضب الظاهر، ومع
هذا الرفض لتصرفها يدل على أنها ستكون هي المعتدية على علي «عليه
السلام». وأن حالها في تلك الأيام مع علي «عليه السلام» تشبه حالها في
هذا اليوم..
وهذا من أعلام نبوته
«صلى الله عليه وآله».
ومن الغيوب التي أذن الله تعالى له بإظهارها. لتكون حجة ظاهرة وبرهاناً
ساطعاً، يستعصي على التأويل.
وحين نصل إلى المناشدة الثالثة نشير إلى الأمور
التالية:
ألف:
إن رواية
الإحتجاج ذكرت أن الشيخين حين دخلا على النبي «صلى الله عليه وآله»،
وطلبا منه أن يستخلف كان في المرض الذي قبض فيه
«صلى الله
عليه وآله»..
ولكن هل كان ذلك فيما عرف برزية يوم الخميس، حين قال له عمر تلك الكلمة
القارصة: إن النبي ليهجر، ومنع من أن يأتوه بكتف ودواة.
فإن هذا غير صحيح، ولا معقول، إذ لا معنى لطلب أبي بكر
وعمر من النبي
«صلى الله
عليه وآله»
أن يستخلف في مرضه هذا.. لأنه
«صلى الله
عليه وآله»
كان قد استخلف عليهم علياً «عليه السلام» قبل موته
«صلى الله
عليه وآله»
بسبعين يوماً، وذلك في غدير خم، وهو راجع من حجة الوداع، حيث أخذ منهم
البيعة لعلي «عليه السلام» وبخبخوا له.
والصحيح:
هو أن هذه الحادثة، قد حصلت قبل مرض موته «صلى الله عليه وآله»، وقبل
يوم الغدير، وكان
«صلى الله
عليه وآله»
في سفرٍ له. وكان «عليه السلام» يخصف نعل رسول الله
«صلى الله
عليه وآله»
في ظل سمرة، كما في رواية المعتزلي، وتؤيدها رواية الإختصاص.
ولا مانع من أن يكون
«صلى الله
عليه وآله»
مريضاً حينها
ـ ولكنه لم يكن مرض موته
«صلى الله
عليه وآله».
كما أن تعبير رواية الإحتجاج بأن علياً «عليه السلام»
كان يخصف نعل رسول خلف البيت، لا ينافي ذلك، لأن البيت أيضاً يطلق على
الخيمة التي كان «صلى الله عليه وآله» ينزل فيها في ذلك السفر، بل قد
يكون
«صلى الله
عليه وآله»
مسافراً، وقد نزل في بيتٍ دعاه إليه أحد الناس..
ب:
إن رواية
الإحتجاج صرحت: بأنه
«صلى الله
عليه وآله»
قال لأبي بكر وعمر: «ما خليفتي عليكم إلا خاصف النعل..».
ولكن رواية المعتزلي والإختصاص
تقول:
إنه «صلى الله عليه وآله» لو استخلف عليهم لتفرقوا عن
خليفته..
ويمكن الجمع بين الروايتين، فيكون قد قال هذه العبارة
وتلك معاً، وربما يكون قد قال إحداهما لأبي بكر، وعمر، والأخرى
لزوجتيه: أم سلمة، وعائشة.
ج:
إن رواية
الإحتجاج قد تفيد: أن مطلوب الشيخين كان هو حمله
«صلى الله
عليه وآله»
في اللحظات الأخيرة على التخلي عن علي «عليه السلام» واستبعاده من
موضوع الخلافة، فأجابهما
«صلى الله
عليه وآله»
بالإصرار على إبقائه، ولذلك قال: ما خليفتي عليكم إلا خاصف النعل، ولو
كان مطلوبهما مجرد نصب الخليفة ابتداءً، لكان يكفي أن يقول: خليفتي
عليكم خاصف النعل، ولا حاجة لاستعمال كلمتي«ما» و «إلا» الدالين على
الحصر، ونفي الأغيار.
ولم يتمكن الشيخان من تحقيق ما أرادا، بل جاءت النتائج
معكوسة.
قال المعتزلي تعليقاً على قوله «صلى الله عليه وآله» ـ
حسب روايته هو ـ: «لو قد استخلفت أحداً الخ..»: «فإن قلت: فهذا نص صريح
في إمامة علي «عليه السلام»، فما تصنع أنت وأصحابك المعتزلة به؟!
قلت:
كلا، إنه ليس
بنص كما ذكرت، لأنه
«صلى الله
عليه وآله»
لم يقل: قد استخلفته، وإنما قال: «لو قد استخلفت أحداً لاستخلفته. وذلك
لا يقتضي حصول الاستخلاف.
ويجوز أن تكون مصلحة المكلفين متعلقة بالنص عليه لو كان
النبي
«صلى الله
عليه وآله»
مأموراً بأن ينص على إمام بعينه من بعده. وأن يكون من مصلحتهم أن
يختاروا لأنفسهم من شاؤا إذا تركهم النبي
«صلى الله
عليه وآله»
وآراءهم، ولم يعين أحداً»([35])
ونقول:
أولاً:
كأن المعتزلي الذي روى بنفسه الخطبة الشقشقية، بالإضافة
إلى عشرات النصوص الصريحة بالنص على إمامة علي «عليه السلام» يريد أن
يتذاكى علينا بالإيحاء بعدم وجود نص على علي «عليه السلام»، وبإيهام:
أن الشيعة يستدلون على إمامته «عليه السلام» بأمثال هذا النص الذي
اختاره، أو أنهم بحاجة إلى إثباتها إلى أمثال هذه النصوص..
ونحن نطمئنه إلى أننا لا نحتاج إلى أمثال هذه الأدلة،
بل نحن بغنى عنها بما حفلت به كتبنا وبمجاميع حديث خصومنا، من نصوص
صحيحة ومتواترة وصريحة، بالإضافة إلى الآيات الكثيرة الدالة على ذلك،
ويكفي من ذلك آية:
﴿إِنَّمَا
وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا الَّذِينَ
يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ﴾([36]).
وآية:
﴿يَا
أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ
وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ
مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ﴾([37]).
وآيات أخرى كثيرة نزلت في علي «عليه السلام»
ويكفينا أيضاً حديث:
أنت مني بمنزلة هارون من موسى. وحديث الغدير، والبيعة بالخلافة بعده،
التي أخذها النبي «صلى الله عليه وآله» من تلك الجموع الغفيرة لعلي
«عليه السلام»..
بالإضافة إلى مئات النصوص الأخرى التي حفلت بها كتب
حديثهم، وتفاسيرهم، وغيرها.
ثانياً:
إذا كان النبي «صلى الله عليه وآله» يصرح هنا بأنه لو
أراد أن يستخلف أحداً لاستخلف علياً، فإن اختيار شخصٍ آخر غير علي
«عليه السلام»، يكون على خلاف عمل الرسول «صلى الله عليه وآله».
بل على خلاف رغبته. وما رآه مصلحة. لا سيما وأنه لم
يبين لنا كيفية نصب الحاكم من بعده «صلى الله عليه وآله». فاستيلاء أبي
بكر على الخلافة لا مبرر له، ولا دليل على أنه يرضي رسول الله «صلى
الله عليه وآله»، أو يوافق عليه، أو يصححه، فما بال المعتزلي،
والمعتزلة يصححونه بصورة جازمة؟!
ثالثاً:
لقد ذكر الشهرستاني: أنه «ما سل سيف في الإسلام على
قاعدة دينه مثل ما سل على الإمامة في كل زمان»([38]).
فهل يعقل أن يترك «صلى الله عليه وآله» الأمة من دون حل لهذه القضية؟!
وقد قال تعالى: ﴿وَمَا
اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللهِ﴾([39]).
فكيف يترك الله ورسوله هذا الأمر المهم الموجب لهذا الاختلاف العظيم من
دون بيان حكمه، وسبل الخروج من المأزق فيه؟!
وها نحن نريد أن نرجع إلى الله لمعرفة هذا الحكم، وسنجد
أنه قد بينه لنا وفق مذهب الشيعة، أو أنه قد أهمله، ولم يذكر فيها
شيئاً وفق ما ذهب إليه المعتزلة وأهل السنة، فماذا نصنع؟! وبأيهما
نأخذ؟! وأيهما يوافق قوله تعالى:
﴿وَمَا
اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللهِ﴾؟!
وهل علينا أن نقف حائرين، ضائعين وتائهين؟!
رابعاً:
إذا كانت رواية الإحتجاج هي الصحيحة فهي تضمنت النص على
خلافته «عليه السلام»، فلماذا استبعدها المعتزلي، ولم يهتم لها؟!
هـ:
يلاحظ: أن جميع المناشدات ـ التي ذكرتها أم سلمة
لعائشة، وأقرت لها عائشة بها ـ باستثناء المناشدة الثالثة قد تضمنت: أن
النبي «صلى الله عليه وآله» أخبر بأن عائشة سوف تقدم على أمرٍ خطير..
وهذا من الغيب الإلهي الذي حبا الله تعالى به نبيه،
تكرمة له، وليقيم به الحجة على عائشة، وعلى من معها، وعلى الأمة
بأسرها، ليحيا من حيي عن بينة، ويموت من مات عن بينة. ولتعرف الأمة
المحق فتكون معه وتتبعه، وتعرف المبطل فتجتنبه، وتكون عليه.
فهذه الأخبار الغيبية وسائل بيان وهداية، وهي لطف إلهي
بالناس إلى يوم القيامة. لأنها ترشد الناس إلى الصراط المستقيم،
ليلتزموه ولا يتنكبوه، في حبهم، وبغضهم، ومواقفهم وممارساتهم..
وقد قلنا:
إنه لم يكن بين الناس خلاف لتخرج عائشة للصلح بينهم، بل كان إجماع
الناس على البيعة لعلي «عليه السلام» قد حسم كل خلاف، وعاش الناس
أشهراً عديدة بأمن وسلام. وكان خروج عائشة على إمامها هو الشرارة التي
أشعلت النار، التي أطفأها «عليه السلام» بسيفه، وبحكمته وحزمه..
وإنما أرادت عائشة أن تجعل من دعوى الصلح بين الناس
ستاراً يخفي بشاعة ما تقدم عليه من إشعال نار الفتنة. ويدلنا على ذلك:
أن أم سلمة قد قالت لها بعد مناشدتها ونصيحتها لها:
يا عائشة، أنا أخرج على علي «عليه السلام» بعد الذي
سمعته من رسول الله
«صلى الله
عليه وآله»؟!
فلم تعترض عائشة على كلامها هذا، بل رضيت وسلمت، وأعلنت
انصرافها عن مسيرها ذاك حسب رواية الإحتجاج.. ولكنها عادت ورضيت
بالمسير.
وهذه إدانة أخرى لها.. فهي قد حاولت أن تخدع أم سلمة
بدعوى الصلح بين الناس، ثم أقرت بما ينقض ذلك.. وأعلنت انصرافها عن
المسير، ثم عادت لنقض هذا الإقرار عملياً حين رضيت بالمسير، والخروج
على إمامها.
إن رواية الإختصاص ذكرت أموراً سكتت عنها رواية
الإحتجاج، وهي أن عائشة أظهرت درجة من القبول لكلام أم سلمة. ولكنه لم
يكن حاسماً، لأنه جاء متخماً بالترديد والتغطية على نيتها الحقيقية،
حيث قالت لها: «ما أقبلني لوعظك، وأسمعني لقولك، فإن أخرج ففي غير حرج،
وإن أقعد ففي غير بأس».
وذكرت أيضاً:
أن رسولها خرج فنادى: «من أراد أن يخرج فليخرج، فإن أم المؤمنين غير
خارجة».
وذلك يدلنا على الأمور التالية:
ألف:
إن عائشة إذا كانت تعجب من شدة قبولها لموعظة أم سلمة،
ومن شدة سماعها لقولها، فالمفروض: هو أن تعلن عزوفها التام عن ذلك
المسير الذي بينت لها أم سلمة سلبياته.. وأن تستمر على الالتزام بهذا
الإعلان حتى النهاية.
ب:
إن غاية ما رضيت عائشة بأن تعطيه لأم سلمة هو أن المسير
والقعود أصبحا بنظرها سيان.
وذلك يعني أنها لم تقبل موعظتها.. ولا استجابت لمقتضيات
اعترافها بمضون المناشدات.
ج:
لعل عائشة أرادت أن تتفادى مواجهة أم سلمة، ربما لأنها
تعلم أن لها مكانة عظيمة في الناس، فإذا أعلنت أم سلمة معارضتها لهذا
المسير، وعرف الناس ذلك، فلربما تنكفئ عنهم (أي عن عائشة، وطلحة،
والزبير) جماعات كبيرة ومؤثرة، ويرفضون المسير معهم..
ولعل هذا أيضاً هو السبب في إعلان
عائشة أولاً:
أنها لا تريد الخروج.. ثم عادت لتفاجئ الناس بخروجها..
الأمر الذي لا يترك الكثير من الفرصة لمعرفة الحقيقة، بل قد يتوهمون:
أن أمراً مّا قد حدث، وأن على الناس أن يتفادوه قبل حلول الكارثة.
د:
إنها في نفس الوقت الذي أعلنت أنها لا تريد الخروج، قد
دعت الناس للخروج بصورة مبطنة.. حيث نادى مناديها بالقول: من أراد أن
يخرج فليخرج..
ولو أنها قالت للناس:
إنها لم تتأكد من أن في هذا الخروج مصلحة للأمة، لكانت
قد نصحت الناس، وألقت بالمسؤولية عليهم، ليتحمل كل واحد منهم مسؤولية
تصرفه، وموقفه.
ولكن بما أنها كانت قد أعلنت ـ قبل ذهابها إلى أم سلمة
ـ عزمها على الخروج، فإن عدولها عنه الآن قد يفهم على أنه لأمر يعنيها
شخصياً، كمرض، أو لتهيئة الناس للحاق بهم، أو لتهيئة الإمكانات لهم
وإمدادهم بها، أو لغير ذلك من أمور. وقد أكد للناس هذا الفهم أنها طلبت
ممن عزم على الخروج البقاء على عزمه، وأن ينفذ ما عزم عليه.
هـ:
إن نفس قولها للناس: من أراد أن يخرج، فليخرج فيه إعلان
بالرضا بخروج الناس إلى حرب إمامهم، إن لم نقل: إنه يتضمن درجة من
التحريض على الخروج إذا كان يفترض بها لو أرادت أن تقوم بواجبها، منع
الناس من الخروج، وإخبارهم بأنه معصية ما بعدها معصية.
و:
إن مبادرتها بعد ساعة أو ساعات يسيرة إلى النداء بأنها
خارجة معهم، ثم خروجها معهم بالفعل، سوف يزيد في حماسهم، وسيوجب لهم
الفرح الشديد، ويؤكد عزمهم، ويشد على قلوبهم، ويزيد من تصميمهم على
مواصلة السير في هذا الطريق مهما كلفهم الأمر.
وحول الأبيات التي قالتها أم سلمة لعائشة نشير إلى ما
يلي:
أولاً:
إن الرواية التي ذكرها في الإختصاص، وكذا رواية
الإحتجاج عن الإمام الصادق «عليه السلام» تصرح: بأن أم سلمة قد قالت
هذه الأبيات بعدما زعم، من أن عائشة قد أظهرت الندم على ما فعلت، وإنما
أظهرت الندم بعد انتهاء وقعة الجمل على النحو الذي انتهت إليه.. بل
الصحيح: هو أنها لم تندم، بل حزنت وأسفت، لأنها لم تشف غيظها، ولم تحقق
غايتها بقتل الإمام وأصحابه.
ولكن رواية جامع الأخبار تقول:
إن عائشة أجابت أم سلمة بما تقدم، فقالت أم سلمة:
لـو كـان مـعـتـصـماً من زلة أحد كانت لعائشة
الرتبى على الناس([40])
فظاهر هذا الكلام:
أنها قد قالت ذلك في نفس ذلك المجلس.
ثانياً:
ورد في رواية الاحتجاج أن البيت الثاني هو كما يلي:
من زوجـة لـرسـول الله فاضلـة وذكـر آي مـن
الـقـرآن مــدراس
غير أن الظاهر:
أن الرواية الأخرى هي الأصح، وفيها:
كـم سـنـة لـرسـول الله دارسـة وتـلـو آي مـن
الـقـرآن مــدراس
وذلك لأن السياق في الأبيات هو اللوم والتعريض، بل
التقريع، حتى إن عائشة اعتبرت ذلك شتيمة لها.
وأم سلمة وإن كانت قد برأت نفسها من تهمة الشتيمة،
لكنها لم تتراجع عن مضمون قولها، بل بينت لها أنها إنما تصف أمراً
واقعاً. حيث اعتبرت أن عائشة كانت تعيش في فتنة أقبلت فغطت عين البصير،
وحين أدبرت أبصرها العاقل والجاهل.
وعلى كل حال،
فإن ذكر سنن الرسول التي درست هو الذي يتناسب مع ذكر أن
تلاوة القرآن قد درست أيضاً. وأصبحت كمثيلاتها من السنن الدارسة. كما
أن حِكَماً كثيرةً قد زالت وذهبت.
ثم
ذكرت «رحمها الله»:
أن ما فعلته عائشة وفريقها كان مما تأباه العقول. وكأن العقول قد نزعت
من هؤلاء القوم، حتى جرى فيهم القضاء.
ثم ذكرت:
أن عائشة قد استبدلت الذي هو أدنى بالذي هو خير، فبعد
الإيناس الذي هو خير، اختارت الإيحاش الذي لا يصح الميل إليه، ولا
التعويل عليه.
فأين ذلك كله؟! وكيف يناسب القول عن زوجة الرسول
فاضلة؟!
وقول
أم سلمة لعائشة:
إن «الفتنة إذا أقبلت غطت عين البصير، وإذا أدبرت أبصرها العاقل
والجاهل» هو من أروع الكلام في هذا الموضوع. مع اختصاره، وجامعيته
ودقته، وهو يتوافق مع قول الإمام علي «عليه السلام»:
أقبلت الفتن كقطع الليل المظلم([41]).
فإن قطع الليل المظلم تغطي عين البصير، وتؤدي به إلى
التيه والبلاء، ولكنه هو الذي أوقع نفسه فيها، مع قدرته على تحاشيها،
كما قال أمير المؤمنين «عليه السلام»:
كن في الفتنة كابن اللبون، لا ظهر فيركب، ولا ضرع فيحلب([42]).
وإذا انكشفت ظلمات الفتن، ورأى الإنسان واقعه، وعرف
موقعه، وقارن بينه وبين ما كان فيه، فسيدرك أنه كان في فتنة عمياء.
وسيرى الفرق بين الظلمة والنور..
وقد أظهر سعيد الأفغاني شكه في صحة الحوار الذي جرى بين
أم سلمة وعائشة، ولكنه لم يستطع أن يجد وجهاً أو مبرراً لهذا الشك
الإقتراحي، الذي سعى لأن يفرضه على غيره فرضاً، فقد قال:
وهذا كلام ـ على تكلفه وتصنعه ـ يجوز أن يدور بين أم
سلمة وعائشة، وهو أشبه بالواقع، وأقل حظاً من الشك. ووجود كثير من
مفرداته في معاجم اللغة: تُشْرَح، ويشار إلى أنها في كلام أم سلمة
لعائشة... باعث على بعض الاطمئنان، وإن كنت لا أمنع جواز الزيادة في
الرواية، وإني من الجملة الأخيرة في قول أم سلمة ـ خاصة ـ لقي بعض الشك([43]).
ثم ظن أنه وجد عكازة يتوكأ عليها في تمرير الشبهة التي
يريد أن يثيرها، فقال:
أورد كلام أم سلمة هذا ابن أبي طاهر
في كتابه:
«بلاغات النساء» عقب كلامها أيضاً في نصيحتها لعثمان،
وجوابه لها، ثم قال:
«زعم لي ابن أبي سعد: (أنه
صح عنده أن العتابى كلثوم بن عمرو صنع هذين الحديثين) وقد كتبتهما على
ما فيهما». أنظر ص11 وما قبلها في «بلاغات النساء» وما أشبه هذا بالحق!
فتأمل»([44]).
ونحن لا نستطيع أن نوافق على كلامه هذا، فلاحظ ما يلي:
1 ـ
إن هذا الرجل يدعي: أن كلام أم سلمة فيه تكلف وتصنع،
ولم نفهم كيف صار كلامها بهذه الصفة!! وكيف أدرك هو هذا التكلف
والتصنع، ولم ندركه نحن؟!
وإذا كان يجوز أن يدور هذا الحوار بين أم سلمة وعائشة،
فمعنى ذلك: أنه لا تصنُّع ولا تكلُّف فيه. وإذا كان أشبه بالواقع، فهذا
دليل آخر على عدم وجود تكلف ولا تصنع فيه، لأن أم سلمة إنما تتكلم على
سجيتها.
2 ـ
إن التصنع والتكلف ظاهر في كثير من الخطب والكلمات
المنسوبة لعائشة كما يظهر بالمراجعة، لأن كلامها لا يشبه بعضه في كثير
من الأحيان، ولكننا لم نجده أشار إلى شيء من ذلك، حتى حين كان يشكك أو
يقطع بعدم صحة نسبة بعض الخطب إليها كما هو الحال بالنسبة لرواية طيفور،
وأبي حيان التوحيدي لخطبة عائشة في محضر علي «عليه السلام»؟!
3 ـ
قوله: «لا أمنع جواز الزيادة في الرواية» لا يجديه
نفعاً، فإن أصالة عدم الزيادة تسقط هذا الاحتمال، وتجعله كالعدم. ولولا
ذلك لسقطت حجية، أكثر كلام العرب المنقول، لأن احتمال الزيادة لا ينفك
عن النقل غالباً..
4 ـ
أما بالنسبة لقول ابن أبي سعد: إنه قد صح عنده أن
العتابي كلثوم بن عمرو هو الذي وضع حديث أم سلمة، فهو مجرد تهمة
وادعاء. لا مجال لقبوله إلا مع الشاهد والدليل، الذي صحح عنده ذلك.
وهل رواية حديث أم سلمة منحصر بالعتابي؟!
وإذا كانت رواية طيفور تنتهي إلى العتابي، فإن رواية
غيره لهذا الحوار لا تمر بهذا الرجل.. فراجع على سبيل المثال ما رواه
الصدوق والمفيد من ذلك([45]).
5 ـ
وقد تعجبنا من قول هذا الرجل: ما أشبه هذا بالحق، مع
أنه هو الذي يقول في نفس هذا المورد: هو أشبه بالواقع. فما هذا التناقض
الذي أوقع نفسه فيه؟!
([1])
الآية 26 من سورة غافر.
([2])
الآية 29 من سورة غافر.
([3])
راجع: الصحيح من سيرة النبي الأعظم «صلى الله عليه وآله» ج16
ص252.
([4])
الآية 33 من سورة الأحزاب.
([5])
بحار الأنوار ج32 ص145 والكامل في التاريخ (ط دار الكتاب
العربي) ج3 ص105 فما بعدها، و (ط دار صادر) ج3 ص208 والفتنة
ووقعة الجمل ص114 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج32 ص460 وتاريخ
الأمم والملوك ج4 ص458 فما بعدها، و (ط مؤسسة الأعلمي) ج3
ص470. وراجع: البداية والنهاية ج7 ص258 والعبر وديوان المبتدأ
والخبر ج2 ق2 ص154.
([6])
الإصابة ج4 ص305 و (ط دار الكتب العلمية) ج8 ص140 والإكمال في
أسماء الرجال ص152 .
([7])
الإصابة ج4 ص424 و (ط دار الكتب العلمية) ج8 ص344 والطبقات
الكبرى لابن سعد (ط صادر) ج8 ص96 والمجموع للنووي ج2 ص138 وسبل
السلام ج1 ص30 وعمدة القاري ج2 ص173 وتحفة الأحوذي ج1 ص300
والجامع لأحكام القرآن ج14 ص165 والفصول المهمة لابن الصباغ ج1
ص42.
([8])
مصادر هذه القضية في كتاب: سيرتنا وسنتنا للعلامة الأميني، ص66
و 75 و 76 و 77 و 98 و 138 والسجود على الأرض للعلامة الأحمدي
ص112 و 113 و 114.
([9])
مقتل الحسين للمقرم ص 355 ومسند ابن راهويه ج4 ص16 وسير أعلام
النبلاء ج2 ص202.
([10])
الإستيعاب (مطبوع مع الإصابة) ج4 ص422 و (ط دار الجيل) ج4
ص1921 وأسد الغابة ج5 ص560 والإكمال في أسماء الرجال للتبريزي
ص155 والوفيات لابن الخطيب ص34.
([11])
النهاية في اللغة لابن الأثير ج4 ص106 والفايق في غريب الحديث
للزمخشري ج3 ص124 ولسان العرب ج15 ص201 وتاج العروس ج20 ص101
وبحار الأنوار ج32 ص165 .
([12])
بحار الأنوار ج32 ص167 عن تاريخ ابن عثم.
([13])
أسد الغابة ج5 ص503 والإصابة ج8 ص233 وسنن الترمذي ج5 ص362
وفتح الباري ج5 ص150 وتغليق التعليق ج3 ص353 وسير أعلام
النبلاء ج2 ص142 وج7 ص84 والبداية والنهاية (ط دار إحياء
التراث العربي) ج8 ص100 وصحيح البخاري (ط دار المعرفة) ج4 ص221
وسنن النسائي ج7 ص68 وعمدة القاري ج16 ص253 ومسند ابن راهويه
ج2 ص18 والسنن الكبرى للنسائي ج5 ص284 وتغليق التعليق ج3 ص353
وتاريخ الإسلام للذهبي ج4 ص248 والوافي بالوفيات ج16 ص342.
([14])
بحار الأنوار ج32 ص162 و 169 والنص والإجتهاد ص429 والغدير ج9
ص83 وغاية المرام ج1 ص242 وج6 ص287 وحياة الإمام الحسين للقرشي
ج2 ص29 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي (ط بيروت) ج6 ص217 وقاموس
الرجال للتستري ج12 ص205.
([16])
الطبقات الكبرى لابن سعد ج8 ص64 وراجع: المستدرك للحاكم ج4 ص10
وسير أعلام النبلاء ج2 ص191 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص118
ومجمع الزوائد ج9 ص241 وتخريج الأحاديث والآثار ج2 ص426
والمعجم الكبير للطبراني ج23 ص31 والمصنف لابن أبي شيبة ج7
ص528 وكنز العمال (ط مؤسسة الرسالة) ج13 ص695 والدر المنثور ج5
ص32 و 37 وتفسير الآلوسي ج18 ص132.
([17])
بحار الأنوار ج32 ص167.
([18])
الطبقات الكبرى لابن سعد ج8 ص75 ومسند أحمد ج1 ص276 و 349
والمستدرك للحاكم ج4 ص9 و 10 ومسنـد أبي يعـلى ج5 ص57 والمعجـم
= = الكبير للطبراني ج10 ص321 وجامع البيان ج5 ص150 والدر
المنثور ج5 ص37 وسير أعلام النبلاء ج2 ص179 والبداية والنهاية
(ط دار إحياء التراث العربي) ج8 ص101.
([19])
مسند ابن راهويه ج2 ص18 والمستدرك للحاكم ج4 ص14 ومسند أبي
داود ص224 وسير أعلام النبلاء ج2 ص191.
([20])
الطبقات الكبرى لابن سعد ج8 ص65 وسبل الهدى والرشاد ج11 ص178
وراجع 179 والإصابة ج8 ص234 والمعجم الكبير للطبراني ج23 ص30
وراجع ص31 وسير أعلام النبلاء ج2 ص147 وراجع: تخريج الأحاديث
والآثار ج2 ص426 والبداية والنهاية (ط دار إحياء التراث
العربي) ج8 ص101.
([21])
الطبقات الكبرى لابن سعد ج8 ص67 والمستدرك للحاكم ج4 ص12
وتاريخ مدينة دمشق ج30 ص27 و 135 و 136 و 137 وج44 ص220 وج46 =
=ص147 والكشف الحثيث ص141 والسنن الكبرى للبيهقي ج7 ص299 وصحيح
ابن حبان ج16 ص40 والإستيعاب (ط دار الجيل) ج3 ص967 ولسان
الميزان ج3 ص216 وذكر أخبار إصبهان ج2 ص132.
([22])
راجع المصادر التالية: المسترشد للطبري ص449 و 450 وشرح
الأخبار ج1 ص140 و 429 وج3 ص55 ومناقب آل أبي طالب ج3 ص111
والفضائل ص169 والطرائف ص157 وذخائر العقبى ص35 ص62 وبحار
الأنوار ج32 ص272 وج37 ص78 وج38 ص313 وج43 ص38 و 53 وج3 ص157
ومناقب أهل البيت «عليهم السلام» للشيرواني ص145 و 146 و 151 و
233 وخلاصة عبقات الأنوار ج2 ص302 والغدير ج10 ص86 ومكاتيب
الرسول ج3 ص672 وسنن الترمذي ج5 ص362 والمستدرك للحاكم ج3 ص157
ونظم درر السمطين ص102 وخصائص أمير المؤمنين للنسائي ص109
وتاريخ بغداد ج11 ص428 وكنز العمال ج13 ص145 وتاريخ مدينة دمشق
ج42 ص261 و 263 و 264 وتهذيب الكمال ج5 ص126 وسير أعلام
النبلاء ج2 ص125 و 131 والجوهرة في نسب الإمام علي وآله ص17
وإعلام الورى ج1 ص295 والمناقب للخوارزمي ص79 وكشف الغمة ج1
ص94 وج2 ص90 وجواهر المطالب لابن الدمشقي ج1 = = ص53 وينابيع
المودة للقندوزي الحنفي ج2 ص39 و 55 و 151 و 320 واللمعة
البيضاء للتبريزي ص179 والنصائح الكافية ص50.
([23])
الإختصاص ص116 وغاية المرام ج6 ص290.
([24])
وربما يستفاد من هذا أن لعائشة ولداً، وقد قلنا في الجزء
الثالث عشر من كتابنا: الصحيح من سيرة النبي الأعظم «صلى الله
عليه وآله»: أنها كانت متزوجة من رجل آخر قبل رسول الله «صلى
الله عليه وآله»، وكان لها منه ولد اسمه عبد الله.
فهل
يمكن أن يقال: إنه هو المقصود بكلامها هذا؟!
ولماذا لا نجد له كثير ذكر في التاريخ؟! أم أنه كان قد مات،
وأن ما نراه هنا لا يعدو كونه من الإشتباهات أو التصحيفات؟!
([25])
المعيار والموازنة ص27 وأعيان الشيعة ج1 ص448 وبحار الأنوار
ج32 ص162 وغاية المرام ج6 ص290 وراجع: شرح إحقاق الحق
(الملحقات) ج32 ص434.
([26])
الإحتجاج للطبرسي ج1 ص243 وبحار الأنوار ج32 ص149 ورسائل
المرتضى ج4 ص67 وأنساب الأشراف ص223 وتاريخ اليعقوبي ج2 ص180.
([27])
الآية 33 من سورة الأحزاب.
([28])
بحار الأنوار ج74 ص112 وج67 ص76 ومستدرك الوسائل ج12 ص111
وجامع أحاديث الشيعة ج13 ص250 ومستدرك سفينة البحار ج5 ص369
وج10 ص570 ومنازل الآخرة ص212.
([29])
الآية 48 من سورة النساء.
([30])
نهج البلاغة (بشرح عبده) ج2 ص90 ـ 96 الخطبة رقم 176 وراجع:
الكافي ج2 ص443 بلفظ «الذنوب الثلاثة»، والمحاسن للبرقي (ط6)
كتاب الأشكال والقرائن، والأمالي للصدوق ص153 و (ط مؤسسة
البعثة) ص325 عن الإمام الباقر «عليه السلام»، وعن تفسير
العياشي ج2 ص262 والنهاية ج2 ص56 وكنز العمال ج3 ص498 الحديث
رقم 7588 عن الطيالسي والبزار، عن أنس، وشرح نهج البلاغة
للمعتزلي ج10 ص33 وبحار الأنوار ج72 = =ص320 و 321 وينابيع
المودة ج3 ص436 و 437 وأعلام الدين للديلمي ص107.
([31])
الإحتجاج ج1 ص388 و 389 و (ط دار النعمان) ج1 ص242 و 243 وبحار
الأنوار ج32 ص149 و 150 ورسائل المرتضى ج4 ص67 .
([32])
الضعفاء للعقيلي ج2 ص155 وتاريخ ابن معين ج1 ص369 والكامل لابن
عدي ج3 ص446 و 447 والتعديل والتجريح للباجي ج3 ص1305 وتاريخ
الإسلام ج9 ص169 وكتاب المجروحين لابن حبان ج1 ص353 .
([33])
الضعفاء للعقيلي ج2 ص155 والعلل لأحمد بن حنبل ج1 ص442
والتاريخ الصغير للبخاري ج2 ص96 والتاريخ الكبير للبخاري ج4
ص104 = =والكامل لابن عدي ج3 ص446 و 447 وميزان الاعتدال ج2
ص243 وج3 ص125.
([34])
ربيع الأبرار ج4 ص280 وروض الأخيار المنتخب من ربيع الأبرار
ص130 ولسان العرب ج15 ص115.
([35])
شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج6 ص218 و 219.
([36])
الآية 55 من سورة المائدة.
([37])
الآية 67 من سورة المائدة.
([38])
الملل والنحل للشهرستاني ج1 ص24 ومحاضرات في تاريخ الأمم
الإسلامية للخضري ج1 ص167 و الشافي في الإمامة ج1 ص7 و 8
ومنهاج الكرامة للعلامة الحلي ص110 وراجع: المهذب لابن البراج
ج1 ص13 ودلائل الإمامة للطبري ص16 والمراجعات ص51 وخلاصة عبقات
الأنوار ج3 ص313 .
([39])
الآية 10 من سورة الشورى.
([40])
جامع الأخبار ص356 و 357 وبحار الأنوار ج32 ص152 و 154 و 155
ومعاني الأخبار ص376 والإحتجاج للطبرسي ج1 ص245 ومستدرك سفينة
البحار ج7 ص514.
([41])
راجع: الإرشاد للشيخ المفيد ج1 ص181 والإفصاح للشيخ المفيد ص50
وكنز الفوائد ص61 ومناقب آل أبي طالب ج1 ص201 وبحار الأنوار
ج21 ص409 وج22 ص466 و 472 وشرح نهج البلاغة ج10 ص183 وج13 ص27
ومسند أحمد ج3 ص489 وسنن الدارمي ج1 ص37 والمستدرك للحاكم ج3
ص56 ومجمع الزوائد ج9 ص24 والمعجم الكبير ج22 ص347 وكنز العمال
ج12 ص262.
([42])
نهج البلاغة (بشرح عبده) ج4 ص3 ومصباح البلاغة (مستدرك نهج
البلاغة) ج4 ص189 وعيون الحكم والمواعظ للواسطي ص392 وبحار
الأنوار ج66 ص408 وج74 ص234 ومستدرك سفينة البحار ج8 ص123 ونهج
السعادة ج8 ص35 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج9 ص146 وج18 ص82.
([43])
عائشة والسياسة ص100.
([44])
عائشة والسياسة ص100.
([45])
معاني الأخبار (ط مركز النشر الإسلامي) ص375 والإختصاص (ط
مكتبة المفيد) ص116 وبحار الأنوار ج32 ص153 و 154.
|