أحب ياسر الحبيب

السؤال:

بسم الله الرحمن الرحيم

سلام عليكم ورحمة الله..

اللهم صل على محمد وآل محمد، واهلك أعدائهم أجمعين..

إلى السادة والعلماء القائمين على الموقع, أنا من المتأثرين بالشيخ ياسر الحبيب بسبب الغشاوة التي أزالها عني منذ عام، حيث كنت أُعظَِم من شأن بعض ظالمي أهل البيت «عليهم السلام» ( إشتباها مني).

مولانا, لو تكرمتم بالإجابة علينا بالطريقة التي تناسب وضعكم..

1 ـ ما موقفكم الشخصي من الشيخ ياسر الحبيب؟! ولماذا لم نجد إلى الآن أي تصريح من أي مرجع معتبر, مع أن التصريح يحل الكثير من الإشكالات العالقة عندنا عوام الشيعة؟!

2 ـ كيف أتعامل مع أصدقائي «الشيعة» الذين يحترمون بعض أعداء أهل البيت «عليهم السلام», ويحتجون عليَّ بكلام فلان وفلان؟!

3 ـ قال رسول الله «صلى الله عليه وآله»: «من تأثم أن يلعن من لعنه الله فقد لعنه الله» , ما صحة هذا الحديث, ومتى تنصحنا بالجهر بالبراءة, أو نخفيها إلى الأبد؟!

الجواب:

بسم الله الرحمن الرحيم

والحمد لله، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين..

وبعد..

فإنني لم أجد مبرراً لقولكم في رسالتكم: «لو تكرمتم بالإجابة علينا بالإجابة التي تناسب وضعكم»، فكأنكم تريدون بهذا الإيحاء بأن الإجابة التي سوف نرسلها إليكم قد لا تكون دقيقة، أو أنها قد يكون فيها تدليس، أو إبهام، أو إيهام بخلاف الحق، أو فيها تعمية على المقصود، أو ما إلى ذلك..

فإن كان هذا هو مقصودكم، فهو يعني فقدان الثقة بأبة إجابة تصدر عنا.. وبذلك تسقط عن الإعتبار، ولا يبقى لها أية قيمة..

وذلك يجعل حتى توجيه السؤال إلينا ضرباً من العبث، وبلا مبرر ظاهر..

وقد كان هذا يكفي لصرف النظر عن الجواب. ولكنني لم أفعل، لأنني أراهن على قدرة الحقائق الواضحة والدلائل اللائحة على أن تفرض نفسها على أي كان من الناس. حتى إذا أراد أن ينأى بنفسه عنها، ويتجاهلها، فإنما يكون ذلك من تجاهل العالم، على قاعدة: وجحدوا بها.. أو على طريقة النعامة التي تدخل رأسها في الرمال زاعمة أنها إن فعلت ذلك فإن الصياد لا يراها..

وأستطيع أن ألخص إجابتي على الفقرات الثلاث الواردة في السؤال كما يلي:

1 ـ ليس لدي أي موقف شخصي تجاه ياسر الحبيب، إذ لا توجد فيما بيننا أية علاقة، بل لا أتذكر أنني التقيت به، أو تعرفت عليه، أو كلمته في أي أمر من الأمور، لا مباشرة، ولا بواسطة الهاتف، أو غيره من وسائل التواصل. ولا أتذكر له صورة في ذهني.. ولكنني أعترض بشدة على بعض ما يبلغني عنه من كلام حول بعض القضايا، ولا سيما ما خالف فيه ما هو ثابت عند شيعة أهل البيت «عليه السلام» من نزاهة وطهارة زوجات الأنبياء من الفاحشة.

أسأل الله تعالى أن يصلح أمورنا، وأن يهدينا سبيل الرشاد والسداد، وأن يعصمنا من الشذوذ والخروج عن جادة الحق والصواب في الأقوال والأفعال، إنه سميع قريب مجيب الدعاء.

2 ـ أما ما ذكرت من عدم تصريح أحد من مراجع الشيعة لكي تحل الإشكالات لدى العوام.. فجوابه: أن على العوام أن يرجعوا إلى مراجعهم في أمور دينهم. وليس لهم أن يأخذوا من أي كان شيئاً من الدين.. ولا ينبغي أن نتوقع أن يلاحق المراجع العوام فرداً فرداً، وأن يسألوهم عما سمعوه، وأخذوه من هذا أو ذاك.. ليقولوا لهم: هذا صواب، وهذا خطأ..

فإن ذلك مما لا مجال لتوهم إمكان حصوله، فضلاً عن توقع الحصول..

فالمطلوب من العوام أنفسهم: أن يعرفوا أن عليهم أن يأخذوا معالم دينهم من مراجعهم، لا من كل ناطق أو ناعق. وعقائد الشيعة واضحة، وأدلتها صريحة وقاطعة، وليس فيها أية شبهة أو إشكال.

3 ـ لا أعرف أحداً من الشيعة، بل لا أعرف أحداً من المسلمين يعظم أحداً من أعداء أهل البيت «عليهم السلام»، مع علمه بعداوته لهم..

بل الذي نعرفه، هو: أن بعض المسلمين يعظم بعض من كانت له مواقف سلبية تجاه أهل البيت «عليهم السلام»، ولكنه يظن، أو يقطع بأن من يعظمهم معذورون في تلك المواقف.. أو هو يعتقد بأنهم قد تابوا منها، وتراجعوا عنها.. أو هو لا يعرف شيئاً، ولم تبلغه تلك المواقف من الأساس.

ومن كان هذا حاله.. لا يرى نفسه موالياً لأعداء أهل البيت «عليه السلام».. لأنه إما لا يعرف بما جرى.. وإما أنه يعرف به، ولكنه يعتقد بتوبة من فعل ذلك.. أو أنه يشك في صحة ما يقال له من ذلك.. أو لأنه يعتقد بأن هذا من الإختلاف في الرأي، وهو لا يفسد في الود قضية. ويظن أن ذلك هو من الإحتهاد الذي يؤجر عليه من يمارسه، سواء أخطأ أم أصاب.

4 ـ وأما السؤال الأخير، فلا أرى فيه أي إشكال، فإن معناه: أن من علم أن الله تعالى قد لعن الظالمين، أو الكاذبين، أو الكافرين، أو غيرهم، فليس له أن يرى نفسه آثماً بلعنه هؤلاء الأصناف.. ولكن المهم هو: أن يحصل له العلم بأن هذا الصنف، أو هذا الشخص هو من مصاديق الفئة التي لعنها الله سبحانه حقيقة وواقعاً.. فلو شك في ذلك، فلا جناح عليه، ولا إشكال.

5 ـ أما البراءة من كل ظالم، ومن كل من أوجب الله تعالى البراءة منهم، فلا أحد يناقش في وجوبها، ولكن الخلاف إنما هو في تحديد أعيان وأشخاص هؤلاء الذين تجب البراءة منهم. فقد ترى أنت أن فلاناً تجب البراءة منه، في حين أن الآخر يرى أنه ممن تجب موالاته.

فما دامت الأمور لم تحسم في مقام الإقناع بالدليل، فليس لأحد أن يبادر إلى انتهاج سبيل التحدي الموجب لصدود الناس عن الحق، والمؤدي لإثارة عصبياتهم، وتحريك مشاعرهم، والدخول معهم في جدال وقتال، لا ثمرة له إلا تضيع فرص التلافي والتعاون على البر والتقوى.. واستبدال ذلك بالتعاون على الإثم والعدوان. فإن اتحاد المسلمين أمام أعدائهم لحماية أصل وجودهم، وتكريس عزتهم، وحفظ كرامتهم، والحصول على المزيد من القوة والحصانة أمام هجماتهم هو الأهم والأولى.

ولكن ذلك لا يمنع من احتفاظ كل إنسان بمعتقده، وانتظار الفرصة المؤاتية للعودة إلى الحوار الهادئ والرصين..

6 ـ ومهما يكن من أمر، فإن على الناس أن يجعلوا الأمور بأيدي العلماء، فإنهم أمناء الرسل، وليس لأي كان من الناس أن يعبث بمصير الأمة على هواه، ووفق ما تمليه عليه غرائزه، وأهواؤه، ومشاعره.. وهناك عناوين وأحكام ثانوية قد أوجب الله على الناس العمل بها إلى أن يظهر الله دينه على يد سليل النبوة «صلوات الله عليه وعلى آبائه أجمعين».

والحمد لله، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين.

 
 
العودة إلى الرئيسية العودة إلى موقع الميزان منتديات موقع الميزان