الدراسات الحوزوية

السؤال:

بسم الله الرحمن الرحيم

والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين..

في الكثير من الدراسات العلميّة التي درست من الفلسفة وعلم النفس طبعاً، أليست الدراسة الحوزويّة فيها الكثير من الأخطاء العلميّة الفادحة، نظراً لارتباط العلم بحامله، مما أدّى الى التردّي والجهل المركّب، فقد وصلت إلى قناعة: أن من مقوّمات خروج الحجّة (أرواحنا له الفداء) اكتمال العقل؟!

لهذا سؤالي: هل يوجد لدينا حوزات فتحت الباب للعلوم الحديثة بالأيدي الشريفة المؤطّرة دينياً لتتصدى لهذا الأمر على ما أعتقد هذا باب يجب بحثه بالجدّية الكافية؟!

أرجو الجواب لحاجة ماسة..

الجواب:

بسم الله الرحمن الرحيم

والحمد لله، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين..

فإن حوزاتنا العلمية قد أنتجت أفذاذ العلماء، وأعاظم الفقهاء والمتكلمين والفلاسفة، والأدباء والشعراء، ورواد جميع العلوم التي كانت هي المنطلق للحضارات في العالم كله..

وإذا كنا نرى بعض الهنات أو الفجوات فيها، فإن غيرها من جميع الحواضر العلمية العالمية لم يكن بأفضل منها. ولا أسبق إلى الإبداع، رغم ضعف إمكاناتها.. وأنها تعتمد المبادرات الفردية، وليس لها أي حام أو راع، أو رافد في أي مجال من المجالات، بل كانت ولا تزال محاربة من قِبَلِ كل سلطة زمنية إلى أن منَّ الله تعالى على الأمة بالجمهورية الإسلامية بقيادة آية الله السيد الخميني «قدس سره»، فإنه برغم كل ما واجهه من تحديات لم يغفل عن تأييد الحوزة العلمية، وإسداء النصائح والتوجيهات المفيدة جداً لها..

وها هي لا تزال في نمو متواصل، وتحقق المزيد من التقدم يوماً بعد يوم.. وإن كنا قد نشعر أحياناً بأن بعض التدخلات التي تتخذ طابعاً إصلاحياً قد لا تكون موفقة، إن لم نقل: إنها قد تؤدي إلى عكس ما يتوخى منها.. ولكن أملنا كبير جداً في أن تواصل حوزاتنا جهدها وجهادها لتعطي الصورة الأكثر سطوعاً، وإشراقاً عن حقائق الإسلام.. ولتسهم في التمهيد لصنع المناخ الملائم، والبيئة القادرة على حضانة الجيل الواعي، والملتزم والمتفاني، والباذل نفسه في سبيل الله، والصالح لأن يقدم كوكبة من أهل البصيرة والجهاد، قادرة على حمل المسؤولية بين يدي ولي الله الأعظم أرواحنا فداه، إن شاء الله..

ثم إنه حين يأذن الله تعالى له بالظهور، سيكون أعظم همه أرواحنا فداه هو أن يعين الناس على أنفسهم، وعلى كل أدوات الشيطان، وحبائله، بنفحة من الوعي، وليمسح عن الأعين الغشاوات، وعن العقول ظلم الشبهات، وعن القلوب رين الشهوات..

ولست ادري ماذا تقصدون بالعلوم الحديثة.. فإن العلم ليس فيه حديث وقديم، بل العلم حقائق راهنة عرفها من عرفها، وجهلها من جهلها. والعلم الصحيح ليس هو الحديث، وإنما العلم الصحيح، هو ذلك الذي لدى أهل البيت «عليهم السلام».. ولذلك قال الإمام الصادق «عليه السلام»: فليشرق الحسن وليغرب فوالله لن يجد علماً صحيحاً إلا ها هنا.

وأما العلم الوافد لنا من الأمم الأخرى، ففيه الصحيح والسقيم، والتام والناقص، والحقيقي والمزيف..

فلا بد من النظر في كل مفردة من مفرداته، وتفحصها بدقة ودراية، تماماً كما فعل ائمتنا حين وجهوا حركة الترجمة التي بدأت ضعيفة في العصر الأموي، ثم نشطت في العصر العباسي، ولا سيما في عصر المأمون وعامة القرن الثالث والرابع.. حيث تعاملوا معها «عليهم السلام» هم وتلامذتهم، ثم العلماء التابعون لمدرستهم من موقع المتفحص الناقد.. وميزوا بين غثها وسمينها، وبين صحيحها وسقيمها..

ولست أدري أيضاً ماذا قصدتم بالحديث عن الأخطاء العلمية الفادحة في الدراسة الحوزوية.. فيا حبذا لو ذكرتم بعض مفردات هذه الأخطاء..

وحبذا لو ذكرتم أيضاً أين ظهرت حالة التردي، والموارد التي ظهر فيها الجهل المركب؟! وهل لنا أن نظن: أن أحداً يملك إكسيراً يميز لنا مكامن الجهل المركب في الحوزات العلمية؟! ويدلنا على الوهدات التي حصل فيها التردي، ويهيئ لنا وسائل انتشال من تردى فيها؟!

وهل الحوزات العلمية بنظركم هي السبب في نقصان العقول؟! وكيف؟! ولماذا؟!

حفظكم الله ورعاكم، وسدد على طريق الحق والخير والهدى خطاكم..

والسلام عليكم ورحمة الله..

والحمد لله، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين.

 
 
العودة إلى الرئيسية العودة إلى موقع الميزان منتديات موقع الميزان