المقصود من عبارة قدس سره

السؤال:

بسم الله الرحمن الرحيم

والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين..

سؤالي هو: ما المقصود من مفردة (قدس الله سره)؟!

وما هو هذا السر المقدس؟! وهل الكلمة من الكلمات المحدثة، أم أنها مستخدمة قديماً منذ أيام الشيخ المفيد والطوسي وغيرهما من الأعلام؟!

 أنتظر إجابتك بفارغ الصبر، وأتمنى أن تكون إجابتك بشكل مفصل لا مختصرة..

 وسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

الجواب:

بسم الله الرحمن الرحيم

والحمد لله، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين..

قَدُسَ ـ بفتح القاف، وضم الدال ـ: طهر وتبارك، وقول القائل: قدس سره، هو دعاء له بأن يطهر الله باطن أمره، ويجعله مباركاً.

أي جعله بحيث يكون سره وباطنه المستور في المباركية والطهر، كعلانيته..

قال عيسى «عليه السلام»: ﴿وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا([1])..

وتقديس الله سبحانه. ووصف الأرض بالمقدسة، وتقديس الأنبياء، والأوصياء.. قد ورد في الأحاديث، وفي الآيات بعض من ذلك.

ومنه قوله تعالى: ﴿ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ([2]).. وقوله تعالى: ﴿وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ([3]). وقوله: ﴿إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى([4])..

وأما تقديس الناس العاديين، وكثير من الأمور الأخرى، فقد ورد في العديد من الروايات، فمثلاً ورد: أنه إذا كان لأهل بيت شاة قدستهم الملائكة.. أو أقدست عليهم الملائكة([5]).

وفي نص آخر: قُدِّسوا وبورك عليهم.

فقال: وكيف يقدسون؟!

قال: يقف عليهم ملك كل صباح ومساء، فيقول: قدستم، وبورك عليكم. وطبتم أو طاب أدامكم.

فقلت له: ما معنى قدستم؟!

قال طهرتم([6]).

وروي عن أبي جعفر «عليه السلام» ما دل على أن أرض كربلاء مقدسة أيضاً([7]).

وعن أبي عبد الله «عليه السلام» ما دل على تقديس زوار الإمام الحسين «عليه السلام»، فقد قال: ثم اكتنفوه، وقدسوه، وينادون ملائكة السماء أن قدسوا زوار حبيب الله([8]).

المراد بحبيب الله: الإمام الحسين «عليه السلام»..

وفي أدعية وداع شهر رمضان عن الإمام الصادق «عليه السلام»: «وبحق مجاورتي بيتك الحرام حجاجاً ومعتمرين ومقدسين»([9]).

وقال الإمام الرضا «عليه السلام» عن الإمام الجواد: قدست أم ولدته([10]).

وعن النبي «صلى الله عليه وآله» عن البطيخ: فإنها فاكهة مباركة طيبة، مطهرة للفم، مقدسة القلب([11]).

وروي عنهم «عليهم السلام»: عليكم بالعدس.. لقد قدسه سبعون نبياً([12]).

وفي نص آخر: عليكم بالعدس، فإنه مبارك مقدس([13]).

وعن الإمام الصادق «عليه السلام»: تربة قم مقدسة، وأهلها منا إلخ..([14]).

والروايات التي تشير إلى تقديس الأشخاص والأشياء كثيرة، فراجعها في مظانها..

وهذا كله وسواه يدل على: أن هذا المعنى المستخدم في الدعاء للأشخاص، وهو قولهم: «قدس سره»، مقتبس منهم، ومأخوذ عنهم «عليهم السلام».

والحمد لله، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين.

 


([1]) الآية 31 من سورة مريم.

([2]) الآية 21 من سورة المائدة.

([3]) الآية 30 من سورة البقرة.

([4]) الآية 12 من سورة طه.

([5]) بحار الأنوار ج61 ص130 و 133 وراجع ص126 و ج10 ص96 عن الخصال ج2 ص617 والمحاسن للبرقي ص640 وراجع: تحف العقول ص100 ـ 125.

([6]) بحار الأنوار ج61 ص127 وراجع: ص133 عن ثواب الأعمال ص93 ومن لا يحضره الفقيه ج3 ص220 وراجع: المحاسن للبرفي ص640 و 643 والكافي ج6 ص544.

([7]) بحار الأنوار ج98 ص107 و 108 وج54 ص202 عن كامل الزيارات ص268 و 270 وكتاب عباد العصفري ص16و 17 وتهذيب الأحكام ج6 ص72.

([8]) بحار الأنوار ج98 ص64 وكامل الزيارات ص132.

([9]) بحار الأنوار ج95 ص179.

([10]) بحار الأنوار ج50 ص15 عن عيون المعجزات.

([11]) بحار الأنوار ج59 ص296.

([12]) بحار الأنوار ج61 ص259.

([13]) بحار الأنوار ج 61 ص257.

([14]) بحار الأنوار ج57 ص218.

 
 
 
العودة إلى الرئيسية العودة إلى موقع الميزان منتديات موقع الميزان