حرمة إيذاء الزهراء

السؤال:

بسم الله الرحمن الرحيم

سماحة العلامة المجاهد السيد جعفر مرتضى العاملي.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

هناك شخص يقول: «لا دليل على حرمة الفعل المباح المقتضي لإيذاء الزهراء». ما رأيكم في مثل هذا الشخص؟!

1 ـ هل هو ضال مضل؟!

2 ـ هل هو معاند؟!

3 ـ هل هو خارج عن التشيع؟!

 4 ـ هل هو ناصبي؟!

5 ـ هل يجوز الاستماع إلى محاضراته؟!

6 ـ هل يجوز قراءة كتبه؟!

7 ـ هل يجوز التبليغ له؟!

8 ـ هل يجوز الصلاة خلفه؟!

9 ـ هل يجوز دفع الحقوق الشرعية إليه؟!

10 ـ وما هو الحكم بالنسبة إلى الذين صلوا خلفه ودفعوا إليه الحقوق الشرعية، هل يعيدون صلواتهم ويدفعون الحقوق من جديد أم لا؟!

أفتونا مأجورين. وشكراً.

هذا سؤال وجه اليكم وأجبتم عنه، وصاحب العبارة هو السيد الخوئي قد سره.

الجواب:

بسم الله الرحمن الرحيم

والحمد لله، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين..

فلعل الذي قال: لا دليل على حرمة الفعل المباح المقتضي لإيذاء الزهراء «عليها السلام»، قد أخذ  بما يقوله ابن كثير، من أن أبا بكر قد عمل بما يجب عليه شرعاً، وليس من حق الزهراء «عليها السلام» أن تتأذى إذا قام الإنسان بما يجب عليه..  فهل إذا كان بعض الناس يتأذى منك إذا صليت، أو إذا أكلت يجب عليك أن تترك الصلاة وأن لا تأكل؟! أم اللازم هو أن ينصح ذلك الشخص وأن يبين له أنه ليس من حقه أن يتأذى، أو أن ينزعج؟! فقد قال ابن كثير الحنبلي عن الزهراء «عليها السلام» وأبي بكر: «فسألته أن ينظر علي في صدقة الأرض التي بخيبر وفدك فلم يجبها إلى ذلك. لأنه رأى أن حقا عليه أن يقوم في جميع ما كان يتولاه رسول الله «صلى الله عليه وآله». [و] هو الصادق البار الراشد التابع للحق «رضي الله عنه»، فحصل لها ـ وهي امرأة من البشر ليست بواجبة العصمة ـ عتب وتغضب، ولم تكلم الصديق حتى ماتت»([1]).

وقال أيضاً: «وكأنها سألته بعد هذا أن يجعل زوجها ناظراً على هذه الصدقة، فلم يجبها إلى ذلك لما قدمناه، فتعتبت عليه بسبب ذلك، وهي امرأة من بنات آدم تأسف كما يأسفون، وليست بواجبة العصمة مع وجود نص رسول الله «صلى الله عليه وآله»، ومخالفة أبي بكر الصديق»([2]).

ونقول:

أولاً: لقد استنبط ابن كثير من عند نفسه تاريخاً حكاه لنا، ورتب عليه أحكاماً يدعي في هذا التاريخ أن الزهراء «عليها السلام»، طلبت من أبي بكر أن يجعل علياً «عليه السلام» ناظراً على فدك، وهو كلام لا أساس له، ولا تجد له في المصادر المعتبرة عيناً ولا أثر.. على أن هذا الطلب لا مبرر ولا معنى له، ولا فائدة فيه، فلماذا تطلبه؟! ولماذا تغضب إذا رفض طلبها؟!

ثانياً: لماذا اعتبر أبا بكر واجب العصمة، وصادق مصدق، ولم ير الزهراء «عليها السلام» كذلك، مع أن قول الرسول «صلى الله عليه وآله»: «يغضب الله لغضبها» يدل على عصمتها..

ثالثاً: إن ما زعمه من تاريخ مخترع يكذبه التاريخ المقبول، من أنها طالبت بفدك لأنها ملكها، وقد نحلها إياها أبوها، وشهد لها علي والحسنان «عليهم السلام»، وأم أيمن. والذين شهد الله لهم بالتطهير عن الكذب، وعن كل رجس..

رابعاً: إن الزهراء «عليها السلام» لا تتأذى من الناس إذا قاموا بما يجب عليهم، أو فعلوا ما هو مباح لهم.. وتقرير الأمر بهذا النحو يستبطن اتهاماً للزهراء «عليها السلام» إما بالجهل بالأحكام، أو بحب الدنيا بصورة أخرجتها عن حدود المعقول..

خامساً: إن الزهراء «عليها السلام» قد تأذت وهجرت أبا بكر من إقدامهم على مخالفة أمر رسول الله «صلى الله عليه وآله» في يوم الغدير، ويوم إنذار العشيرة، وغير ذلك. وعدم الإلتفات لوصاياه في أهل بيته «عليهم السلام»، وتجاهل أقواله في أمير المؤمنين «عليه السلام»، ثم من ضربها، وإسقاط جنينها..

سادساً: إن اتهام الزهراء «عليها السلام» بأنها قد  غضبت لفعل أمر مباح يسري إلى اتهام النبي «صلى الله عليه وآله» بذلك أيضاً، بل هو يسري إلى الجرأة على لله سبحانه، لأن إغضابها يؤدي إلى إغضاب رسول الله «صلى الله عليه وآله»، فهل يغضب الرسول من فعل مباح؟!

كما أن إغضاب الرسول «صلى الله عليه وآله» يؤدي إلى إغضاب الله سبحانه وتعالى، فهل يغضب الله من فعل المباح أيضاً؟! أو لغضب من يغضب لفعل مباح؟!

سابعاً: لنفترض أن فعل المباح قد أدى إلى إيذاء مؤمن، كرفع الصوت المؤذي لمؤمن مصاب بمرض بعينه، فإنه إذا تعنون بعنوان إيذاء المؤمن صار حراماً، فكيف إذا تعنون بعنوان إيذاء الزهراء «عليها السلام»، التي يغضب الله ورسوله لغضبها؟! إلا إذا فرض أن قائل هذا القول يقصد: أنه لا دليل على حرمة رفع صوته إذا كان لا يعلم بحصول الإيذاء به.. فإن رفع الصوت في هذا المورد لا دليل على حرمته.. إلا إن كان يريد تبرير ما جرى على الزهراء بهذه الطريقة التي تستبطن كتمان الحق، والتدليس على الناس، غير أن هذا التبرير ـ لو سلم ـ فهو لا ينفع، فإن ما جرى على الزهراء لا ينحصر بفعل المباح، بل هم قد تجاوزوه إلى ضربها وإسقاط جنبنها، ومحاولة إحراق بيتها عليها وعلى أولادها، ودخول بيتها بلا إذن، وأخذ وصي رسول الله «صلى الله عليه وآله» عنوة ليجبروه على البيعة لهم..

فهل يصح اعتبار ذلك كله من المباحات؟!

والحمد لله، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين.

 


([1]) البداية والنهاية ج5 ص249 و (ط دار إحياء التراث العربي) ج5 ص270.

([2]) البداية والنهاية ج5 ص289 و (ط دار إحياء التراث العربي) ج5 ص310.

 

 
 
العودة إلى الرئيسية العودة إلى موقع الميزان منتديات موقع الميزان