رواية سليم

السؤال:

بسم الله الرحمن الرحيم

والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين..

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

هل رواية سليم بن قيس صحيحة في شأن دفاع الإمام علي «عليه السلام» عن السيدة الزهراء «عليها السلام»، وإذا كانت صحيحة لماذا لا تذكر على المنابر ولا تناقش؟!

 وهذه الرواية في كتاب سليم بن قيس ص150: أن علياً «عليه السلام» وثب فأخذ بتلابيب عمر، ثم نتره فصرعه، ووجا أنفه ورقبته، وهم بقتله، فذكر قول رسول الله «صلى الله عليه وآله» وما أوصاه به.

 فقال: «والذي كرم محمداً بالنبوة يا بن صهاك لولا كتاب من الله سبق وعهد عهده إلي رسول الله «صلى الله عليه وآله» لعلمت أنك لا تدخل بيتي».

دمتم في رعاية الله..

الجواب:

بسم الله الرحمن الرحيم

والحمد لله، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين..

فأولاً: إن رواية سليم إن كانت صحيحة السند فلا إشكال، وإن لم تكن صحيحة السند، فلا شيء يوجب الحكم بكذبها وردها. بل إن هذا التصرف الذي تنقله لنا هذه الرواية طبيعي جداً ومتوقع جداً في  موقف كهذا..

ثانياً: إن سند الرواية هو أبان بن أبي عياش، عن سليم بن قيس، عن ابن عباس([1]). وابن أبي عياش، وإن كان قد ضعفه أهل السنة ـ لكن الظاهر: أن تضعيفهم له هو بسبب مذهبه ورواياته في أهل البيت «عليه السلام» ([2]).

أما علماء الشيعة، فإن الشيخ الطوسي وإن كان قد وصفه بقوله: «تابعي ضعيف»([3]) وضعفه أيضاً ابن الغضائري([4]) ولكن العلامة قد توقف في ذلك قائلاً: «والأقوى عندي التوقف فيما يرويه لشهادة ابن الغضائري عليه بالضعف»([5]).

ويبدو من كلامه هذا، وعدم الإشارة إلى عبارة الشيخ «رحمه الله»: أنه يرى أن تضعيف الشيخ الطوسي مأخوذ من تضعيف ابن الغضائري([6]).

حيث احتمل بعضهم([7]): أن قول الشيخ عن أبان: «تابعي ضعيف» مصحف «تابعي صغير»، فإن هذا هو تعبير الذهبي في ميزان الإعتدال.

وبعد أن احتمل بعضهم أن تضعيف أبان إنما هو بسبب تضعيف المخالفين، قال: «وينبغي عده من مدائحه»([8]).

وفي تهذيب المقال: أن أبان من  العباد، فلعل التضعيف كان من جهة المذهب([9]).

وقال صاحب كتاب الجامع في الرجال: «الأقرب عندي قبول رواياته تبعاً لجماعة من متأخري أصحابنا، اعتماداً بثقات المحدثين، كالصفار، وابن بابويه، وابن  الوليد، وغيرهم، والرواة الذين يروون عنه، ولاستقامة أخبار الرجل، وجودة المتن منها»([10]).

ووثقه أيضاً المولى حيدر علي الشيرواني([11]).

وأما الطعن في كتاب سليم، فقد تحدثنا  عنه في كتاب مأساة الزهراء ج1 ص142 ـ 155 وقلنا: إنه غير ضائر، بل هو في غير محله، بل إن اعتماد العلماء المتقدمين على كتاب سليم يكفي في ذلك، بل إن لم نقل: إن ذلك يدل أيضاً على اعتمادهم على راوي الكتاب، وهو أبان بن أبي عياش ([12]).

ثانياً: إن  عدم ذكر حديث على المنابر لا يدل على عدم صحة الحديث، لأن عدم ذكره قد يكون له أسباب مختلفة، ولعل منها أن بعض الناس لا يحتمل ذكر بعض الأمور، فيثور، ويعصف، وقد يتصرف تصرفات رعناء.. مع أن المطلوب قد يكون تبريد الأجواء وعدم التعرض لما يحرك العواطف ويشحن النفوس.

ثالثاً: إن التعبير بأنه «عليه السلام» أراد قتل عمر ثم ذكر قول رسول الله «صلى الله عليه وآله» قد لا يكون دقيقاً. فإن علياً «عليه السلام» لا ينسى وصية النبي له «صلى الله عليه وآله» في أشد المواقف حراجة. ولكن الراوي هو الذي استنتج ذلك.

والحمد لله، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين.


([1]) الحديث في كتاب سليم ج2 ص862 فما بعدها.

([2]) راجع: منهج المقال ص15.

([3]) رجال الطوسي ص106.

([4]) خلاصة الأقوال للعلامة ص206.

([5]) نفس المصدر ص207.

([6]) راجع: أعيان الشيعة للسيد محسن الأمين ج5 ص50.

([7]) هو صاحب تهذيب المقال ج1 ص182.

([8]) هو السيد الصغائي الخونساري في كشف الأستار ج2 ص30.

([9]) تهذيب المقال ج1 ص182 ـ 183.

([10]) الجامع في الرجال ج1 ص11.

([11]) رسالة في كيفية استنباط الأحكام من الآثار في زمن الغيبة (مخطوطة).

([12]) كشف الأستار ج2 ص123.

 
 
 
العودة إلى الرئيسية العودة إلى موقع الميزان منتديات موقع الميزان