معاوية بن يزيد

بسم الله الرحمن الرحيم

والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين..

 ما رأيكم بمعاوية بن يزيد (لعنةالله عليه) هل كان شيعياً, محباً لأهل البيت >عليهم السلام< أو كان مثل عمر بن عبدالعزيز (لعنه الله) ، وما معنى ترك معاوية بن يزيد (لعنةالله عليه) الخلافة بعد أبيه يزيد (لعنةالله عليه) هل خوفاً أم سياسة .أرجو من سماحتكم جواباً كاملاً مع ذكر المصدر؟!
شكراً جزيلاً..



الجواب:

بسم الله الرحمن الرحيم

والحمد لله، والصلاة والسلام على عباده الذين اصطفى محمد وآله والطيبين الطاهرين..

وبعد..

إن أمر معاوية بن يزيد غير واضح لنا، فقد تضاربت الأخبار في أمره.. فذكر بعضهم أنه بعد أيام قلائل من خلافته خلع نفسه على المنبر وقال: «أيها الناس، إني قد نظرت في أموركم وأمري، فإذا أنا لا أصلح لكم والخلافة لا تصلح لي، إذ كان غيري أحق بها، ويجب أن أخبركم به، هذا علي بن الحسين زين العابدين ليس يقدر طاعن على أن يطعن فيه، وإن أردتموه فأقيموه، على أني أعلم أنه لا يقبلها»([1]).

وفي نص آخر: أنه صعد المنبر، ولعن أباه وجده، وتبرأ منهما ومن فعلهما.

فقالت أمه: ليتك كنت حيضة في خرقة.

فقال: وددت ذلك يا أماه.

ثم سقي السم. وكان له معلم شيعي فدفنوه حياً([2]).

وعن مجالس المؤمنين: إنه مصداق ﴿يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ﴾([3]). وهو في بني أمية كمؤمن آل فرعون([4]).

غير أننا نجد أيضاً قولهم عنه: إنه قال في آخر إمارته: «إني ضعفت عن أمركم، فابتغيت لكم مثل عمر بن الخطاب، حين استخلفه أبو بكر، فلم أجده، فابتغيت ستة مثل ستة الشورى فلم أجدهم، فأنتم أولى بأمركم فاختاروا له من أحببتم». ثم دخل منزله وتغيب حتى مات.

وقيل: مات مسموماً..

وفي جميع الأحوال نقول:

1 ـ إن جميع بني أمية وأكثر الناس من غيرهم كانوا يعرفون صاحب الحق في الخلافة، ويدركون أن بني أمية غاصبون لها. ويعرفون أيضاً من هو صاحب الحق، وأنه هو الرجل الكامل الذي لا يستطيع طاعن أن يطعن فيه، لكنهم لا يعترفون بذلك علناً..

كما أن الجميع يعلم: أن الإمام السجاد «عليه السلام» لا يرضى بأن ينصبه بنو أمية، لأن ذلك معناه: أن يفرضوا عليه أن يلبي لهم مطالبهم، ويسير بسيرتهم. وهذا ما لا يرضاه لنفسه بأي حال من الأحوال. وقد سبقه أمير المؤمنين «عليه السلام» إلى الامتناع عن قبول الخلافة حين قتل عثمان، وقال لهم: «دعوني والتمسوا غيري..». لكنهم حين تعهدوا بأن يرضون بأن يعمل فيهم بما يرضي الله، لا وفق أهوائهم قبل ذلك منهم.. وكان ما كان..

2 ـ إن لعن معاوية بن يزيد أباه وجده، وتبرؤه منهما ليس بالأمر الغريب، فهو يعلم أن ما فعله أبوه لا يمكن أن يرضاه أحد في الأمة إلا إذا كان على شاكلة يزيد، فكان من أظهر أفاعيله أنه قتل الإمام الحسين «عليه السلام» وأهله وأبناءه وأصحابه في كربلاء، وهدم الكعبة وأباح المدينة.. كما أن أباه قد قتل من المسلمين عشرات الألوف.. ومكن لولده يزيد.. وقتل الخيار من الصحابة من أمثال حجر بن عدي، وهاشم المرقال، وعمار بن ياسر، وابن بديل، وذي الشهادتين، وغيرهم..

3 ـ لقد كان بإمكان معاوية بن يزيد أن يمهد الأمور لنقل السلطة إلى أصحابها الشرعيين بصورة هادئة ومقبولة ومثمرة، ولكنه لم يفعل. ولا شيء يدل على أنه كان على اتصال بالإمام زين العابدين «عليه السلام» أو بغيره من بني هاشم..

4 ـ لقد نتج عن فعله هذا وثوب مروان بن الحكم وأولاده على الخلافة، وتمكنهم منها، وتضاؤل احتملات وصول الخلفاء الشرعيين للمقام الذي اختصهم الله به..

فهل يصح أن يعد هذا التصرف من هذا الرجل الضعيف سياسة؟! أم أنه طيش ورعونة، وضعف، وانهزام؟!

والحمد لله والصلاة والسلام على محمد وآله..

جعفر مرتضى العاملي..


([1]) حبيب السير ج2 ص131.

([2]) كامل البهائي ج2 ص260.

([3]) الآية 95 من سورة الأنعام.

([4]) مجالس المؤمنين ج2 ص252.

 
 
 
العودة إلى الرئيسية العودة إلى موقع الميزان منتديات موقع الميزان