سئل السيد محمد حسين فضل الله:

يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين كيف نعلم أن السيدة الزهراء صلوات الله عليها هي سيدة نساء العالمين؟

فأجاب:

هناك حديث أن مريم سيدة نساء عالمها باعتبار أن الله اصطفاها وأن فاطمة سيدة نساء العالمين ، ويمكن اثنينهم يكونوا سيدة نساء العالمين ما في مشكلة ، يعني الآن ممكن فاطمة سيدة نساء العالمين ومريم سيدة نساء العالمين وأنا غالباً ترى هذه الأسئلة أقول أنه جماعة ما مختلفين فنحن نخلف بينهم ليش الآن فاطمة طاهرة مطهرة ومريم طاهرة مطهرة وهما في مواقع القرب عند الله إسا (الآن) هما ما مختلفين إسا نحن نقول أنه فاطمة أفضل أو مريم أفضل فلو كانت أفضل أو مو أفضل فهذه سيدة نساء يعني هذا ليس دخيلاً في العقيدة ، القضية نحن ، أعتقد أن هذا الشيء موجود عند العلماء يتكلمون فيه لكن ليس هو نهتم بالقضايا اللي تمثل أسس العقيدة ، أقول يمكن الحل الاثنين أن نقول أن فاطمة سيدة نساء العالمين وأن مريم سيدة نساء العالمين ، ما في الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة يعني ما في عندنا هو الحسن سيد شباب أهل الجنة والحسين سيد شباب أهل الجنة ، هما سيدا شباب أهل الجنة ، وهما أيضاً سيدتا نساء العالمين ما في مشكلة وبذلك بعد ما نخرب علاقاتهم مع بعض ولا شيء. [ للإستماع إضغط هنا]

ونقول:

مريم أفضل أم فاطمة عليهما السلام؟

أولا: لا شك في أن الزهراء عليها السلام هي أفضل نساء العالمين، من الأولين والآخرين، أما مريم فهي سيدة نساء عالمها. وقد روي ذلك عن رسول الله (ص) نفسه، فضلا عما روي عن الأئمة عليهم السلام

راجع: ذخائر العقبى: ص 43 ، سير أعلام النبلاء: ج 2 ص 126 ، الجوهرة: ص 17 ، الاستيعاب (مطبوع بهامش الإصابة): ج 4 ص 376 ، تاريخ دمشق (ترجمة الإمام علي بتحقيق المحمودي ": ج 1 ص 247 ـ 248 ، المجالس السنية: ج 5 ص 63 عن أمالي الصدوق ، الاستيعاب وشرح الأخبار: ج 3 ص 56 ، مقتل الحسين للخوارزمي: ج 1 ص 79 ، نظم درر السمطين: ص 178 و 179 ، معاني الأخبار: ص 107 ، علل الشرائع: ج 1 ص 182، البحار: ج 43 ص 37 و ج 39 ص 278 و ج 37 ص 68، مناقب ابن شهر آشوب.

ويدل على أنها أفضل من مريم كونها سيدة نساء أهل الجنة، ومريم من هؤلاء النسوة.

راجع: الرسائل الاعتقادية: ص 459 عن صحيح البخاري: ج 5 ص 36 ، الطرائف: ص 262 عن الجمع بين الصحاح الستة ، مرآة الجنان: ج 1 ص 61 ، ضياء العالمين: ج 2 ق 3 ص 19 / 20 و 21.

 ويدل على أفضليتها أيضا، ما روي عن الصادق(ع): لولا أن الله تبارك وتعالى خلق أمير المؤمنين لفاطمة ما كان لها كفؤ على ظهر الأرض من آدم ومن دونه (2). وهذا الخبر يدل على أفضلية أمير المؤمنين (عليه السلام) أيضا. الكافي: ج 1 ص 461 ، البحار: ج 43 ص 10 و 107 ، ضياء العالمين "مخطوط": ج 2 ق 3 ص 11 عن عيون المعجزات: وص 48 عن كتاب الفردوس

ثانيا: إن سؤالنا عن الأفضلية لا يعني أننا نختلف في ذلك، بل هو استفهام لطلب المزيد من المعرفة بمقامات أولياء الله تعالى التي ورد الحث على طلب المزيد منها، لأنه يوجب مزيدا من المعرفة بالله تعالى.

ونحن لو اختلفنا في ذلك فليس هو خلاف الخصومة والعدوان، وإنما هو الخلاف في الرأي، الذي يأخذ بيدنا إلى تقصي الحقيقة وازدياد المعرفة، وتصحيح الخطأ والاشتباه لدى هذا الفريق أو ذلك.

ثالثا: إن علينا أن ندرك ـ كل بحسب قدرته ـ إن كل ما جاء في كتاب الله تعالى، وكل ما قاله رسول الله (ص) وأوصياؤه عليهم السلام، وأبلغونا إياه، وكل ما ذكر في كتاب الله العزيز، لا بد أن نعرفه بأدق تفاصيله إن استطعنا إلى ذلك سبيلا، وهو علم له أهميته، وهو يضر من جهله، وينفع من علمه. ولا ينحصر ما ينفع علمه بما يرتبط بالأمور السياسية فقط، أو المالية، أو الاجتماعية، أو التنظيمية، والممارسة اليومية للعبادات أو ما إلى ذلك.

وذلك لأن للانسان حركة في صراط التكامل ينجزها باختياره وجده، وبعمله الدائب، وهو ينطلق في حركته هذه من إيمانه، ويرتكز إلى درجة يقينه، وهذا الإيمان وذلك اليقين لهما رافد من المعرفة بأسرار الحياة، ودقائقها، وبملكوت الله سبحانه، وبأسرار الخليقة، ومن المعرفة بالله سبحانه، وبصفاته وأنبيائه وأوليائه الذين اصطفاهم، وما لهم من مقامات وكرامات، وما نالوه من درجات القرب والرضا، وما أعده الله لهم من منازل الكرامة، كمعرفتنا بأن الله سبحانه هو الذي سمى فاطمة. البحار: ج 43 ص 13 ح 7 عن علل الشرائع: ج 1 ص 178 ح 2.

 وهو الذي زوجها في السماء قبل الأرض. ذخائر العقبى: ص 31 ، كشف الغمة: ج 2 ص 98 ، كنوز الحقائق للمناوي بهامش الجامع الصغير: ج 2 ص 75 ، البحار: ج 43 ص 141 و 145

 وبأنها كانت تحدث أمها وهي في بطنها ، وغير ذلك. فاطمة الزهراء من المهد إلى اللحد للقزويني: ص 39 ، البحار: ج 43 ص 2 ، نزهة المجالس: ج 2 ص 227 ، ضياء العالمين: ج 2 ق 3 ص 27. 38 "مخطوط

وهذه المعرفة تزيد في صفاء الروح ورسوخ الإيمان، ومعرفة النفس الموصلة إلى معرفة الرب سبحانه.

ومن الواضح: أن مقامات الأنبياء والأوصياء والأولياء، ودرجات فضلهم قد سمت وتفاوتت بدرجات تفاوت معرفتهم بذلك كله.

غير أن بعض المعارف قد تحتاج إلى مقدمات تسهل علينا استيعابها، وتؤهلنا للاستفادة منها بالنحو المناسب، فتمس الحاجة إلى التدرج في طي مراحل في هذا السبيل، تماما كطالب الصف الأول، فإنه لا يستطيع عادة أن يستوعب ـ بالمستوى المطلوب ـ المادة التي تلقى على طلاب الصف الذي هو في مرحلة أعلى كالطالب الجامعي مثلا، بل لا بد له من طي مراحل تعده لفهم واستيعاب ذلك كله تمهيدا للانتفاع به.

وكلما قرب الإنسان من الله، زادت حاجته إلى معارف جديدة تتناسب مع موقعه القربى الجديد، واحتاج إلى المزيد من الصفاء، والطهر، وإلى صياغة مشاعره وأحاسيسه وانفعالاته، بل كل واقعه وفقا لهذه المستجدات.

وهذا شأن له أصالته وواقعيته ولا يتناسب مع مقولة: هذا علم لا ينفع من علمه ولا يضر من جهله.

وإذا كان الإمام الصادق عليه السلام لم يترفع عن الخوض في أمر كهذا، حين سئل عن هذا الموضوع فأجاب. فهل يصح منا نحن أن نترفع عن أمر تصدى للإجابة عنه الإمام(ع) دونما اضطرار، وهو الأسوة والقدوة؟!.

إذن.. نحن بحاجة لمعرفة ما لفاطمة(ع) من مقام علي وكرامة عند الله، ومعرفة ما لها من فضل على باقي الخلائق، وبحاجة إلى معرفة أنها سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين، وأنها أفضل من مريم(ع)، ومن كل من سواها، حتى لو كانت مريم(ع) سيدة نساء عالمها.

إننا بحاجة إلى ذلك، لأنه يعمق ارتباطنا بفاطمة عليها السلام، ويدخل فاطمة إلى قلوبنا، ويمزجها بالروح وبالمشاعر وبالأحاسيس، ليزداد تفاعلنا مع ما تقول وما تفعل، ونحس بما تحس، ونشعر بما تشعر، ونحب من وما تحب، ونبغض من وما تبغض، ويؤلمنا ما يؤلمها ويفرحنا ما يفرحها، فيزيدنا ذلك خلوصا وطهرا وصفاء ونقاء، ومن ثم هو يزيد في معرفتنا بحقيقة ظالميها والمعتدين عليها، ويعرفنا حجم ما ارتكب في حقها، ومدى سوء ذلك وقبحه.

العودة