سئل السيد محمد حسين فضل الله:

ماذا كانت تقصد الزهراء عليها السلام بقولها خير للمرأة أن لا ترى رجل ولا يراها؟

أجاب:

هذا حديث يقول السيد الخوئي رحمه الله في كتبه الفقهية هذا حديث ضعيف السند ولم تثبت صحة سنده. [ للإستماع إضغط هنا]

ونقول:

يا سبحان الله كل ما سئل السيد محمد حسين يستدل من خلال غيره من العلماء وعند رجوعنا إلى ما دلنا عليه فنجده خلاف ما يقول فننصح بالرجوع إلى كتب السيد الخوئي رحمه الله وطالبناه أن يدلنا على اسم الكتاب الذي يضعف فيه السيد الخوئي هذا الحديث.

ونروي بعض مصادر الحديث لربما أعطينا للباحث الكريم صورة واضحة عن استدلالات السيد محمد حسين فضل الله.

عن علي عليه السلام أنه قال : قال لنا رسول الله صلى الله عليه واله وسلم : أي شيء خير للمرأة ؟ فلم يجبه أحد منا ، فذكرت ذلك لفاطمة عليها السلام  فقالت : ما من شيء خير للمرأة من أن لا ترى رجلاً ولا يراها ، فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه واله فقال: صدقت ، إنها بضعة مني. مناقب أمير المؤمنين ج-2 ص 210 ،  مناقب آل أبي طالب ج-3 ص ، 119 بحار الأنوار ج-43 ص 84 ،  مجمع الزوائد ج-4 ص 255 ، كنز العمال ج16 ص 601-602 ، مجمع النورين ص 65 ،  صحيفة الزهراء (ع) ص 290

بالله عليكم احكموا من أين أتى بضعف هذا الحديث في سنده أو بدللته ؟

نوادر الراوندي: بإسناده عن موسى بن جعفر ، عن آبائه (عليهم السلام ) قال: استأذن أعمى على فاطمة (عليها السلام) فحجبته فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لها: لم حجبته وهو لا يراك؟ فقالت (عليها السلام): إن لم يكن يراني فأنا أراه وهو يشم الريح فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أشهد أنك بضعة مني. مسند فاطمة ص 337 ، مناقب ابن المغازلي 381 ، بحار الأنوار – المجلسي ج43ص91وج100ص250 وج101ص38 ، فاطمة بهجت النبي المصطفى (صلى الله عليه وآله) ص258 ، العوالم ج11ص123 ، إحقاق الحق ج10ص258 ، مستدرك الوسائل ج14ص182و289 ، دعائم الإسلام ج2ص214 ، العدد القوية ص292

إن السيد محمد حسين فضل الله قد ذكر في كتابه الزهراء القدوة هذا النص: أن الزهراء عليها السلام قد خطبت المهاجرين والأنصار خطبتها المعروفة بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله) وجاء في النص ما يلي:

(فلاثت خمارها على رأسها واشتملت بجلبابها، وأقبلت في لمة من حفدتها ونساء قومها، تطأ ذيولها، ما تخرم مشيتها مشية رسول الله (صلى الله عليه وآله).

حتى دخلت على أبي بكر وهو في حشد من المهاجرين والأنصار، وغيرهم، فنيطت دونها ملاءة، (يعني ستاراً)فجلست ثم أنّت أنّة أجهش القوم لها بالبكاء فارتج المجلس، ثم أمهلت هنيئة حتى إذا سكن نشيج القوم، وهدأت فورتهم، افتتحت الكلام بحمد الله والثناء عليه.. الخ). رجع قسم كتب السيد فضل الله في الميزان

2 ـ إن السيد محمد حسين فضل الله نفسه يوثق هذه الخطبة، فهو يقول:

"الظاهر أنه يمكن حصول الوثوق بصدور هذه الخطبة عن سيدتنا فاطمة الزهراء (ع)، لأنها مشهورة ومعروفة، وذكرها المؤرخون القدامى، وقد كان أهل البيت والعلويون يتناقلونها كابراً عن كابر، ويعلمونها ويحفظونها لصبيانهم، ما يدل على أنها من المسلمات عندنا، هذا مضافاً إلى أن متنها قوي ومتناسب مع المضمون الفكري الإسلامي.

3 ـ والسؤال هو: إذا كانت الزهراء ترى الرجال وتحادثهم، كما كان الرجال يرونها ويحادثونها، فلماذا؟

ألف: نيطت دونها هذه الملاءة يا ترى؟! وقد كان ذلك بأمرها هي!! مع أنه قد كان بإمكانها أن تلتف بعباءتها، وتقف بينهم وتلقي خطبتها.

وكيف يمكنه بعد هذا أن يثبت لنا: أنها (عليها السلام) كانت ترى الرجال، ويراها الرجال؟!

ننصح بمراجعة كتاب مأساة الزهراء للسيد جعفر مرتضى العاملي ج1 ص 258 فما بعدها..

ب: ويوم وصل السبايا إلى الكوفة:

(خطبت أم كلثوم بنت علي (عليه السلام) في ذلك اليوم، و من وراء كلتها رافعة صوتها بالبكاء)

ج: وعندما حمل السبايا ورأس الحسين (عليه السلام) إلى الشام يقول الراوي: (فلقد حدثني جماعة كانوا خرجوا في تلك الصحبة أنهم كانوا يسمعون بالليالي نوح الجن على الحسين (عليه السلام) إلى الصباح. وقالوا: (فلما دخلنا دمشق ادخل بالنساء والسبايا بالنهار مكشفات الوجوه)

د: و يقول ابن طاووس: (و حمل نساؤه على اطلاس اقتاب بغير وطاء، مكشفات الوجوه بين الأعداء).

هـ: عن علي (عليه السلام) أن فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) استأذن عليها أعمى فحجبته فقال لها النبي (صلى الله عليه وآله) لما حجبته وهو لا يراك ؟

فقالت: إن لم يكن يراني فأنا أراه وهو يشم الريح فقال النبي (ص) (اشهد انك بضعة مني).

و: استأذن ابن أم مكتوم على النبي (صلى الله عليه وآله) وعنده حفصة فقال (صلى الله عليه وآله): قوما فادخلا البيت فقالتا إنه أعمى فقال إن لم يكن يراكما فإنكما تريانه.

وعن أم سلمة: كنت عند رسول الله، و عنده ميمونة، فأقبل ابن ام مكتوم، و ذلك بعد أن أمر بالحجاب.

فقال: احتجبا.

فقلنا: يا رسول الله أليس أعمى؟!

قال: افعمياوان أنتما؟! ألستما تبصرانه ؟.

ز: و تذكر رواية أخرى أنها أرادت أن تأتي إلى أبيها فتبرقعت ببرقعها، ووضعت خمارها على رأسها، تريد النبي.

والرواية: وان كان فيها إشكال من جهة أخرى لكن هذه الفقرة سليمة عن الإشكال.. فان كان ثمة تصرف في الرواية فإنه في غير هذا المورد.

ح: في حديث زواج الزهراء (عليها السلام) بأمير المؤمنين (عليه السلام): أن ام سلمة أتت الى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فلما وقفت بين يديه كشف الرداء عن وجهها حتى رآها علي. ثم اخذ بيدها فوضعها في يدي علي).

ط: قد خطبت السيدة زينب أمام يزيد لعنه الله، فكان مما قالته: (أمن العدل بابن الطلقاء، تخديرك حرائرك و إماءك، و سوقك بنات رسول الله (صلى الله عليه وآله) سبايا قد هتكت ستورهن، و أبديت وجوههن، يحدو بهن الأعداء من بلد إلى بلد، و يستشرفهن أهل المناقل، و يبرزن لأهل المناهل، و يتصفح وجوههن القريب و البعيد، و الغائب والشاهد والشهيد.. الخ)

إشارة و تذكير:

بقي أن نشير إلى أن قول السيد محمد حسين فضل الله بأن الزهراء كانت ترى الرجال، و يراها الرجال، ثم استشهاده له بمجيء الشيخين إليها لاسترضائها..

لا يمكن قبوله لسببين:

الأول: أن النص التاريخي يصرح بأنها حين جاءا لاسترضائها (شدت قناعها، وحولت وجهها الى الحائط، فدخلا).

الثاني: النصوص المتقدمة الصريحة بأنها كانت تتبرقع، و في أنها تضرب بينها و بين الرجال ستائر، و تخاطبهم من خلفها.. و غير ذلك من نصوص.

4 ـ وأما فيما يرتبط بخروج النساء في الحرب فإنما كن يخرجن ليسقين العطشى، ويداوين المرضى، فلا دليل على أنه (صلى الله عليه وآله) كان يسمح للشابات بذلك في غير حالات الضرورة.

5 ـ والغريب في الأمر هنا: أن لهذا البعض كلاماً ما يوحي بأن السيدة الزهراء عليها السلام كانت تخرج مع النساء لتقوم بشؤون الحرب أيضاً.. ولا ندري من أين جاءنا بهذا الخبر.. إذ لا نجد بين أيدينا سوى قصة مداواتها لجرح أبيها في واقعة أحد.

فلماذا يحاول إيهام القارئ بما هو أبعد من ذلك؟!

وهل يمكنه أن يقول لنا: أي شأن من شؤون الحرب تولته السيدة الزهراء صلوات الله وسلامه عليها؟!

العودة