![]() |
591- لا عدلَ من غير (علمٍ يستعينُ بهِ=على قضاءِ حقوقٍ) ضيمَ راجيها
592- علمُ الكتابِ لديهِ حاضرٌ فإذا=أفتى فإنّ كتابَ الله يُفتيها 593- وقالها قولةً كالذّكرِ معجزةً=يعنو لها الدهرُ تعظيماً لملقيها 594- نادى سلوني أريكم كلَّ خافيةٍ=من الأمور وأَهديكم لنائيها 595- إنّ السماءَ وما تحويه من طُرُقٍ=أضعافُ أضعافُ ما تحوي أراضيها 596- وإنني لعلى علمٍ بأجمعِها=وما سوايَ عليمٌ بالذي فيها 597- سلوا عن الذكر ما من آيةٍ نزلت=إلا وأنبأْتُكم أَسرارَ خافيها 598- علمٌ ورتثُ عن المختار زاخرَهُ=حفظاً لشِرعتِهِ ممن يُماريها 599- فلم يجد فيهمُ من طالبٍ شرفاً=أو دافعٍ حسداً أو نازعٍ تيها 600- كلٌّ يعاني حَسْبَ موضعِهِ= من الصَّغارِ فنورُ الهَدْيِ يُعشيها 601- ولو أقامت على ما يدّعي حُجَجاً=لناجزتْهُ بمَكْرٍ من دواهيها 602- لكنّها أيقنت بالقولِ فاتَّخذتْ=وليجةً علَّها تُخفي تغابيها 603- إذ قام من بينهم شيخٌ بمسألةٍ=تُنبيكَ من نفسها عن خُبْثِ مُلقيها 604- فقال كم شعرةً في لِحْيَتي فإذا=ردُّ الجواب خفايا الغيب يُبديها 605- بأنّها لو ترى في كلِّ واحدةٍ=من الشياطين أنْ لو شئتُ أُحصيها 606- وأنَّ في بيتك المشؤومِ وا حَرَباً=من السوائمِ سَخْلٌ لا يدانيها 607- سيقتلنَّ حسيناً فوق عاريةٍ=من الفلاة غريباً في بَراريها 608- ولست أعجبُ ممّن كان مكتنزاً=علمَ البلايا وما يَلقى مُلاقيها 609- لو شاء إخبارَها عمّا يكونُ إلى=يومِ القيامةِ لا يُخفي خوافيها 610- فعنده سرُّ علمِ الغيبِ ما خَفيتْ=عن العقولِ وما دقَّتْ معانيها 611- ثَبْتُ اليقنِ فما كشفُ الغطاءِ لهُ=إلا علومٌ تمادى في تناهيها 612- لو شاء يحكمُ كلاً حَسْبَ مِلَّتِهِ=وهو العليمُ بما تُلقي أماليها 613- كم من وفودٍ من الأحبارِ أرجعَها=لأهلِها والهدى نوراً يدلّيها 614- وعنده حاضرٌ في كلِّ معضلةٍ=فصلُ الخِطابِ فيستجلي غَواشيها 615- ولا كمن قال: إنّي لستُ خيرُكُمُ= ولا سلوني أقيلوني تُكافيها 616- أين الضمائرُ من عتبى فلا عتبٌ=- بعد العَفاءِ- ولا لومٌ يُعافيها 617- وقائلٌ قال: ما لي يا أبا حسنٍ= أرى الإجابةَ قبل الفِكْرِ تُعطيها؟ 618- فقال: علمي بها من غيرِ مسأَلَةٍ=مثلُ الأناملِ لا أحتاجُ أُحصيها 619- علمٌ عن المصطفى عن جبرئيلَ عن = اللهِ العظيمِ فأسرارٌ سأُبديها 620- لو كان فيكم لها أهلٌ وكيف بمن=ردّوا شهادتَهُ بالغيبِ يُنبيها؟ - ماذا أقولُ بمن في مدحِهِ نزلت=آياتُ صدقٍ أمات الله مخفيها 622- قد حاربته رجالٌ لا عديدَ لها=علَّ المكارمَ عن معناه تُقصيها 623- وقاتلوا كلَّ من والاهُ واختلقوا=لشانئيهِ فلم تنفعْ طواغيها 624- فراعَهُمْ أنهم في فعلهم ختموا=على معاليهِ أنْ لا شيءَ يُنسيها 625- تبقى مدى الدهرِ نبراساً تُضيءُ لنا=درباً يُكابد وَقْدَ الجمرِ ماشيها 626- يرى بعينيهِ ما يندى الجبينُ له=من المهازلِ والبلوى تُقَّفيها 627- قد ضلَّ إثنانُ في معاهُ ذو مِقَةٍ=غالٍ وذو إِحَنٍ هيهاتَ يُطفيها 628- وشايعتهُ كرامٌ في المعادِ غداً=من حوضِهِ الجَمِّ ماءَ الخلدِ يَسقيها 629- بأنّهم لذمارِ المصطفى حفطوا=إنَّ العهودَ ببذلِ النفس تَحميها 630- عاشت عليّاً كما قال الرسولُ لهُ=أنتَ الصّراطُ من الأهوالِ تُنجيها 631- وكيف لا ولنفسِ المصطفى مَثَلٌ=كان النبيُّ على التقوى يُربّيها 632- هذا عليٌّ ومُلْكُ الكونِ في يدِهِ=زهدٌ كساهُ من الأثوابِ باليها 633- لعلَّ في الأرضِ من لا قوتَ يُشبعُهُ=والجوعُ للنفسِ موتٌ ليس يُخطيها 634- يُزهي العُفاةَ وليُّ الأمرِ أفقرَهَم=على المكارِ والجُلّى يواسيها 635- نفسي الفداءُ لنعلٍ كان يخصفُها=وعنده من كنوزِ الأرض غاليها 636- يأتي على الألفِ في الهيجاءِ صارمُهُ=وألفُ ركعةِ في يومٍ يُصلّيها 637- شعارُهُ الجوعُ لا يُغنيهِ من سَغَبٍ=قوتٌ وليلتهُ بالذّكرِ يَطويها 638- على الصعيدِ أعارَ الليلَ وحشتَهُ=بِعَبْرةٍ تُحزنُ الثّكلى وتُشجيها 639- ترى السماءُ علاها يرتمي جَسَداً=فتسكبُ العينُ من شجوٍ دراريها 640- نامت عيونٌ وأنفاسُ الورى خمدتْ=ونفسَهُ بلهيبِ الشّوقِ يوريها 641- تضجُّ في سمعِهِ نارٌ مُسَجّرةٌ=ونفحةٌ من رجاءِ الله تُطفيها 642- يتلو الكتابَ فتُبكيهِ تلاوتُهُ=وفقدُ أحمدَ للآياتِ يُبكيها 643- فيستريحُ إلى رؤيا تسامرُهُ=برؤيةٍ من رسولِ الله مُهديها 644- يبثُّهُ همَّ ما يلقاهُ من مِحَنٍ=من أمّةٍ دينُها أضحى يُعانيها 645- فيبزغُ الفجرُ عن وجهٍ لهيبتِهِ=تعنوا الملوكُ حياءً من تجلّيها 646- وإنْ تبسّمَ تُغضي الشمسُ من خَجَلٍ=بَرْقُ الثنايا عن الإشراقِ يَكفيها 647- تجري السماحةُ في كفّيهِ سابقَةً=رأياً على شَمَمِ الإيثارِ يُجريها 648- لم تعرفِ التِّبْرَ حتى قال مادحُها=أنتِ فإنّكِ للعافينَ تُثريها 649- وإنْ تكلَّمَ فالإعجازِ مَنطقُهُ= والناسُ عن دُرَرِ الأصدافِ يُلهيها 650- يُهدي البلاغةَ من مكنونِهِ جُمَلاًً=أَربابُها ببليغِ القولِ تُطريها 651- في كلِّ سَمْعِ لها من وَقْعِها نَغَمٌ= مُشْجٍٍ لصادِحَةِ الآمالِ يُنسيها 652- بين الرجاءِ وبين الخوفِ سامعُها= فللذنوبِ قبولُ التَّوْبِ ماحيها 653- لا يبلغُ القَصْدَ من ألقى بخطبتِهِ= ولا يَجيءُ بِقِطْعٍ من أماليها 654- فَخْرُ البليغِ إذا عُدَّتْ مكارمُهُ= فإنّما لعليِّ الطُّهْرِ يُنميها 655- فقولُهُ دون قولِ الله فوق كلا=مِ النّاسِ معجزةٌ تأْبى تَثنّيها 656- خذْ عهدَ مالكِ فالسُّوّاسُ لو لزمتْ= ما جاء فيه لوفّت حقَّ باريها 657- ولا تُشيدُ عروشاً من أضالعِنا=ووِرْدُها من دماءِ الشعبِ قانيها 658- تُمسي وتُصبح للصُّلبانِ عابدةً=ورنَّةُ السَّوطِ والآهاتِ تُصبيها 659- ولو وَعَتْ ساعةً ما قال حيدرةٌ=لأسهرتْ ليلَها كَلأً لمَرعيها 660- والبحرُ من أينَ ما يأتيهِ ذو إِرَبٍ= يُقرى النوالَ بلا مَنٍّ فيَقضيها |
661- أعطى فأغنى ولم توردْ عطيّتُهُ= ماءَ الوجوهِ ولم تُخْلِقْ تواليها
662- أكتبْ على الأرضِ إمّا جئتَ في طلبٍ=مخافةً أنْ يمسّ الذلُّ عافيها 663- هذا شعارُ عليٍّ في مواهبِهِ=وهذه سُوَرُ القرآنِ تُمليها 664- في السرِّ والجهرِ من آلاءِهِ سُوَرٌ=كسورةِ الدّهرِ مَرَّ الدهرِ نُنشيها 665- له صفاتٌ من الأضدادِ قد جُمِعَتْ= في جوهرٍ لصفاتِ الله تحكيها 666- تبقى كجوهرِهِ فرداً يحارُ به= غَوْصُ العقولِ بأنْ يُحصي لئاليها 667- أَثنى عليه كتابُ الله مُمتدِحاً= ذاتاً بها الحمدُ قد تمّت مَثانيها 668- وخصَّهُ أحمدٌ بالمدحِ مُنشغلاً= عمّن سواهُ من الأصحابِ تَنْبيها 669- لكنّ عائشَ - والمختارُ يُسمِعُها = تلك المدائحَ - ضِغْناً لا تُباليها 670- لم ترعَوِ عن جهادِ المرتضى فغدت= للنائراتِ بقوسِ الغدرِ ترميها 671- وهي العليمةُ إنْ سارت ستنبحُها= كلابُ حوأب للحمراءِ تُرثيها 672- سارت ولم ترعَ للقرآن آيتَهُ= ولن تقرَّ ونارُ الحقد تكويها 673- تسائلت: ما اسمُ هذي الأرضِ؟ قيلَ لها= فأدركت أنّ طه كان يَعنيها 674- وأنّها لعهودِ المصطفى نكثَتْ= وطالما كان حفظَ العهد يوصيها 675- وناصَبت من له بالفضلِ قد شهدت= واليومَ في حربِهِ الشيطانُ يُغويها 676- وحولَها معشرٌ صانوا حلائِلَهُمْ= وأبرزوها فأرضتْ مُستبيحيها 677- ولستُ أعجبُ منهم بل عجبتُ لها= كيف استساغت هلاكاً في ذراريها؟ 678- ماذا دعاها لحربٍ غيرِ مجديةٍ؟= وللكتائب نحو الموت تزجيها 679- هل كان للأمرِ كالماضينَ مُغتصباً؟= كلا فشوراهُ لا شورى تُباريها 680- أم أنّها تنظر الاسلامَ في خطرٍ=من فتنةٍ ليس يُبقيهِ تَماديها 681- فأخرجت من بنيها كلَّ ذي تِرَةٍ= عزُّ الأماني - وقد خابت - تَلافيها 682- قل لي بربّكَ ماذا بين عائشةٍ= وبين عثمانَ لولا النَّكْثُ يُغريها؟ 683- فالناسُ قد بايعت طوعاً فقائدهُمْ= أولى بذا الأمرِ فلتخسأ دعاويها 684- لِمْ لا تحاججُ بِدْءَ الأمر حيدرةً؟= لعلّها لحقيقِ الحقِّ يَهديها 685- فالحقُّ في حكمهِ طوعٌ لبغيتِهِ=لا الحيفُ يعمرُها لا العدلُ يُبليها 686- لو شاء حيدرُ أنْ يقتصَّ من أحدٍ= بِدْءاً بعائشَ أهلَ الغدر يُفنيها 687- فهيَ التي لقميصِ المصطفى رفعت= في حربها نعثلاً مذ صار يُزويها 688- واليومَ تحمل ضدَّ المرتضى قُمُصاً= ملطخاتٍ بعارِ من تجنّيها 689- لو نال طلحةُ جدوى قتلِ نعثلها=أو الزبيرُ لجرَّتْ ثوبَها تِيها 690- لكنْ عليٌّ جنى أَثمارَ دوحتِها=وما جنت غيرَ آثامٍ تُقاضيها 691- وما استشار فليس الرأْيُ يَنقُصُهُ= إن رامَ أمراً ولا للخُبْرِ راجيها 692- وكم تمنَّوا يولّيها فما حَضِيا= بإِمرَةٍ كان للأبرارِ يَصفيها 693- وكان يعلم ما تُخفي سرائرُهُمْ= وعُمْرَةُ الغدر قد بانت بَوانيها 694- سارت إلى البصرةِ المشؤومُ طالعُها= أمُّ الدُّهَيْمِ لحربٍ ليس تغنيها 695- وسار حيدرُ في جيشٍ لهُ لَجِبٍ= برايةٍ يومَ بدرٍ كان راعيها 696- وناشدَ القومَ حُكْمَ الله وامتثلوا= طريقةً لعن القرآنُ مُرسيها 697- ما كان حيدرُ يخشى بأسَ صولتهم= لكنّه شاء من غَيٍّ يُنَجّيها 698- إنّ الذين لحربٍ قادَهُمْ جَمَلٌ= رُغاؤهُ عن سماعِ الحقِّ يُصميها 699- فأرسل السيفَ في أوساطِهِمْ أَسِفاً= على نفوسٍ من الغِسْلينَ يَسقيها 700- وشخَّصَ الداءَ أنْ تُكوى جنوبُهُمُ= وأثوباً من نسيجِ الويل يُغشيها |
701- تظنُّ عائشُ يغنيها تهكُّمها= بحيدرٍ أنْ غدت حفصٌ تُغنّيها
702- ومرَّ حيدرُ بالقتلى مطرَّحةً=وغُبرةُ العار إذلالاً تواريها 703- ولاتَ حينَ عتابٍ فالقضاءُ جرى=وحكمةُ الله قد سارت بماضيها 704- وخُلْقُ حيدرَ قد آلت سجاحتُهُ=لعائشٍ بجميل الصّفح يوليها 705- خُلْقٌ يرقُّ فلا شيءٌ يكدّره=حتى العداةُ إذا فائت يُفيّيها 706- ماذا أقول بمن أخلاقُهُ نهلت= خُلْقَ النبيّ فمحضُ الصَّفْوِ جاريها 707- (عفوتَ فاصفح فإنّ العفوَ من شِيَمِكْ)= شهادةٌ عائشٌ عنّي تؤدّيها 708- فهبَّ يشملُها عفواً كما عهدت= خلائِقاً عَذَباتُ اللطف تُرْبيها 709- وصاح بالناس أنْ ردّوا غنائمكم = لأهلها وارفقوا بِرّاً بأهليها 710- فليس في هذه غُنْمٌ لمنتصرٍ=إلا إقامةَ حقٍّ في نواحيها 711- و ها أقمتم حدودَ الله بيِّنَةً= حتى أفاءَ لأمر الله باغيها 712- هذا هو العدلُ لا ضَرْباً بِدِرَّتهِ= ولا دعاوى عن العنقاءِ ترويها 713- قد كلّفت بيتَ مالِ المسلمين بأنْ= يعطي البريّةَ جزّالاً ويُثريها 714- (تصوّر الأمرَ معكوساً وخذ مثلاً)= لو أنّ عائشةً رامت أمانيها 715- وأقبل النصرُ بالبشرى يكلّلُها = وصار أمرُ عليٍّ بين أيديها 716- لمثَّلتْ ومحت آثارَ من قتلت= وأهلكت نسلَهم إذ ذاك يُهنيها 717- وأرسلت من خيول الضِّغنِ ضابحةً=على الجسومِ وبالأسيافِ تَفريها 718- وغادَرَتْهم بلا غسلٍ ولا كفنٍ= وبالسياطِ إذا حنّت بَواكيها 719- وجرّعتهم - وقد أجملتُ - من غُصَصٍ= فوقعةُ الطفِّ بالتفصيل تحكيها 720- خذْ من عليٍّ ومن أعدائِهِ عِبَراً= وجرِّد النّفسَ فالأهواءُ تُعميها 721- فأيُّهُمْ لمنالِ الحقِّ مَدْرَجَةٌ= وأيُّهمْ لصروح البُطْلِ يَبنيها؟ 722- أ نفسُ أحمدَ أم نفسٌ يخادعُها= شيطانُها وبوادي التَّيْهِ يُلقيها؟ 723- ومن به (هل أتى...) للمدح مُنْزَلَةٌ= أم من رسولُ الهدى بالذمِّ يُقصيها؟ 724- ومن أقام عمودَ الدين صارمُهُ= أم من لقولة طه لا تراعيها؟ 725- ومن لو الأرضُ طرسٌ والبحار غدت= حِبْراً وأشجارها الأقلام نبريها 726- والانس والجنُّ كتاباً لما قدرت= مناقباً لأبي السبطين تُحصيها 727- وكيف تسطيعُ والمختار قال به= مقالةً لعقول الخلق تُعييها 728- أن ليس يعرفُ كُنْهَ المرتضى بشرٌ= إلا أنا وإلهُ الكون باريها 729- لذاك أمّتهُ أقوامٌ لتعبدَهُ= دون الإله فأمضى سيفَهُ فيها 730- وغيرهم بالغوا في بغضِهِ وبغوا= فكبكبوا وعذابُ الله يُخزيها 731- ويمكرون وإنّ الله لو علموا= أشدُّ مكراً ويومُ الحشر آتيها 732- يومٌ به تقدم السبعونَ طائفةً = ونيّفٍ لرسول الله داعيها 733- ماذا تقولُ إذا ما صار يسألها= عن الأمانةِ هل كانت توفّيها؟ 734- أم أنها ضُيّعت من بعد غيبتِهِ=وأنها جاهدتْ أنْ لا تؤدّيها؟ 735- وتاركاً فيهم الثِّقْلينِ هل حفظوا= آيَ الكتاب وآلَ البيت ثانيها؟ 736- أم أنّهم غادروها خلف أظهرِهِمْ= ويمّموا من دروب الغيِّ داجيها؟ 737- ولو أتت فِرَقُ الاسلامِ أجمعها=يوم المعاد إلى الرّحمن مُبديها 738- ستدخل النارَ إلا فرقةً سلكت=درب الرسول فذاك الدربُ مُنجيها 739- كلٌّ ينادي بأنّ الحقَّ منهجُهُ=وأنّه لفروضِ الشّرع يُحييها 740- وليس في الدين أن نقفوا خطى أحد ال= أسلافِ أو نجتبي مما يشهّيها 741- ولو نُحَكِّمُ في هذا ضمائرَنا= إنَ الضمائرَ لا تُغوي مُناجيها 742- فهل كآلِ رسولِ في سَقَرٍ= ومن سواهم بجنّاتٍ يُجازيها؟ 743- وآلُ أحمدَ هل من بعده انقلبوا=إلى الضلالةِ أم ضلّت أعاديها؟ 744- وهل لموقدِ نارٍ في ديارِهِمُ= يومَ القيامة منه العذرُ يُرضيها؟ 745- وهل لقاتلهمْ حظٌّ كما لهمُ= من الثواب؟ وتلك العقلُ يَنفيها 746- وهل لهندٍ كما للطهر فاطمةٍ= جنّاتُ عدنٍ بها من كان يؤذيها؟ 747- وهل عليٌّ ومن عاداهُ يومئذٍ= على السواءِ؟ وهاديها كطاغيها؟ 748- وهل سوى حيدرٍ ينجو وشيعته؟ = أم أنّ بالحشر قد ينجو مُعاديها؟ 749- بُعْداً وسُحْقاً لأعمى في بصيرتِهِ= إذ لم يَرَ الشمسَ في أبهى مَجاليها 750- وما يرى أيّها تنجو غداةَ غدٍ=وما يَميزُ عليّاً من معاويها 751- وما يُميّزُ بين الدينِ في رجلٍ = وبين وَغْدٍ لكأسِ الخمرِ حاسيها |
752- وبين من همُّهُ يُحيي عقيدتَهُ= وبين من همُّهُ بالجور يُرديها
753- وبين من كان جبرائيلُ مادحَهُ= بمِدْحَةٍ لرسول الله يُهديها 754- أنْ لا فتى في الورى إلا أبو حسن=مَنْ سيفُهُ لأصول الدين يُرسيها 755- وبين من أحمدٌ قد كان يلعنُهُ= بلعنةٍ عن لسان الوحي يُفضيها 756- إذ ليس ينطق إلا حين يُنطقُهُ= وحيٌ لعلّ من الأدواء يشفيها 757- وإن علا منبري هذا معاويةٌ = إلا اقتلوهُ وإلا فاركبوا التيها 758- بنو أميّةَ في القرآن قد لُعِنوا= وذا معاويةٌ إحدى مخازيها 759- الشاربُ الخمرَ والإسلامُ حرّمَها=والقاتلُ النفسَ والقرآن يحميها 760- والمستحلُّ حرامَ الله يُعلنُهُ= وللمفاسد بين الناس يُفشيها 761- ومُبطلاً لحدود الله مُبتدِعاً= والجاهليةُ جهراً صار يُعليها 762- مُكذِّباً دعوةَ الهادي كوالدِهِ= مَنْ حارب الدينَ تَسْفيها وتَشْويها 763- شعارُهُ: هاشمٌ بالملك قد لَعِبت= وما النبوّةُ إلا من دعاويها 764- إنّ الذي عاش في أحضانِ نابغةٍ=هيهاتَ للنفس من عُهْرٍ يُنقّيها 765- وكيف يطهرُ غِرْسٌ كان غارسَهُ= على السّفاحِ أبو سفيانَ زانيها؟ 766- وهل يُطَهَّرُ من أدرانِهِ نَجَسٌ؟= وهل لوصمةِ عارٍ ما يُزكّيها؟ 767- واهاً لحيدرَ ما أمضى عزيمتَهُ= وصبرَهُ عند أهوالٍ يُعانيها 768- لم يرضَ بالقومِ إذ أقصوهُ ناحيةً=عن الخلافةِ تَبكيهِ ويَبكيها 769- حتى قسا الدهرُ أنْ أضحى معاويةٌ= بين النظائرِ ما أنكى مآسيها 770- وأمةٌ نشرُ دينِ الله همّتُها= أمست على سادرِ الآمال تَطويها 771- يا موتُ زُرْ إنّ دنياً هكذا انقلبت= فيها الموازينُ لا خيرٌ لنا فيها 772- ورُغْمَ ذاك وهذا بات حيدرةٌ= للشام من بلد الإسلامِ يُدنيها 773- وهل ينام أبو سفيان - لو سَلِمت= من الحروب - قريرَ العين هانيها؟ 774- إنّ ابن حربٍ إلى حربٍ يُصيّرُها= لعلّ من بدرِ ثاراتٍ يوفّيها 775- ولم يجد غيرَ عثمانٍ وفتنتِهِ= وليجةً لطَغامِ الشّام تُغريها 776- وعصبةٌ أغضبت بالأمس صاحبَها= يوم الحصار وضربُ الدُّفِ يُلهيها 778- أضحت تُعِدُّ لنيل الثأر عُدَّتَها= كأنّ عثمانَ أخذَ الثأر يوصيها 779- فجنَّدت من بنيها كلَّ سائِمَةٍ= كتائباً ساقها للموت حاديها 780- يقتادها نجلُ من تلك التي حملت= من خمسةٍ أكبُشاً والعاصُ ساديها 781- عمرو الذي إنْ خلا فحلٌ بمُخْدَعِهِ = يغضي فما شأنه؟ والأمر يَعنيها 782- معاشرٌ أصبح الديّوثُ قائدَها= ليس البراهينُ والأنباءُ تغنيها 783- هذا ابن آكلة الأكباد أودعها= حمقاً عن الحقِّ والآياتِ يَكفيها 784- وإذ رأى حيدرُ الأجلافَ عازمةً= على المضيّ تُلبّي غدر مُغويها 785- شعارُها عن أبي سفيان تحملُهُ=شريعةً أمعنت بالدين تشويها 786- نادى الجهادَ عبادَ اللهِ فاتخذوا=إلى الجنانِ سبيلاً ليس يُخطيها 787- فأقبل الزحفُ ميموناً تظلّلُهُ=راياتُ بدرٍ وقد خفّت لداعيها 788- طلائعٌ من بني المختار تقْدِمُها=وخيرةُ الصّحب إجلالاً تُقفّيها 789- لبّوا نداءَ أمين الله يحملُهُمْ=لنُصرةِ الحقّ إنّ الحقّ يُزهيها 790- فأرضُ صفّينَ عن بدرٍ وعن أُحُدٍ=ليست بمنأى وإن مُدّت صحاريها 791- فتلكما واجبُ التنزيل أوقدها= وهذه واجبُ التأويل يَقضيها 792- وقام حيدرُ فيهم خاطباً فعسى= مقاله لا مقال السيف يُجديها 793- فما وعتهُ وقد أعيوا محجّتَهُ= كأنّهُ لم يكن بالنّصح يوليها 794- ظناً بأنّ عليّاً صار يرهبها= والعمرُ إنْ طال بالأبطالِ يوهيها 795- وفاتها أنّ سيفَ الله يشحذُهُ=بَرْيُ الرقابِ إذا ما انصاع يبريها 796- وكان من خُلُقِ الهادي وشيمتِهِ= لا يبدأ الحربَ بل بالنصر يُنهيها 797- كذاك شأنُ أميرِ المؤمنينَ ومن= سواهُ للسنّةِ السّمحاءِ يُحييها؟ 798- وهذه سُحُبُ الهيجاءِ قد مطرت= بوابلٍ من نبالٍ خاب راميها 799- وهل تُخيفُ فتىً يرجو منيّتَهُ=تحت السيوف إذا الأقدارُ تؤتيها |
800- وَحَلّؤوهُ عن العذبِ الفراتِ وقد =كاد الأوامُ جيوشَ الحقّ يُرديها
801- هذا الفراتُ فخلّوا بين منهلِهِ= وبيننا حاجةً للعذر يَقضيها 802- لا لن تذوقوهُ حتى تهلكوا عطشاً= بزعمهم أنّ ذاك الهَذْرَ يُثنيها 803- فطاف بالسّيف يسقيهم مُنادَمةً= صِرْفاً من الرّاح ما يُشجي بواكيها 804- ومدَّ من جثثٍ درباً معبّدةً= نحو الفرات فساقي الموت ساقيها 805- فأيقن ابن أبي سفيان تهلكَةً = بعصبةِ الشرك لا تبقي بواقيها 806- وليس يعلم خسفاً كان أم صَعَقاً=من السماء وأمر الله آتيها 807- إنّ الطغاة وميضُ البرقِ يُفزعُها= ورنّةُ الرعد تُنسيها أمانيها 808-فكيف والموتُ إنساناً يَحيقُ بها= هلا يطمئنها شيءٌ فيُهنيها 809- ومن غدا المكرُ في سِلْمٍ وسيلتَهُ= فخدعة الحرب لا تجفو مُداريها 810- لكنّها - والقضاءُ الحَتْمُ أذهلها= عن السّماعِ - تأبّتْ غوثَ عافيها 811- بحيث تلك الوغى غيرُ التي ألِفَتْ=ترى النفوسَ وصالُ البيضِ يُشقيها 812- ترى العصاةَ لوعظِ السيفِ خاشعةً=والله أكبر للآجال تُدنيها 813- ترى الرجالَ رجالَ الله لاهيةً= والغافلين سجوداً في بَواديها 814- والماضياتِ سُكارى فَرْطَ ما شربت= من النّجيع كأنّ الوِرْدَ يُضميها 815-وقد تثوب إلى وعيٍ فيؤسفُها= من الثُّمالةِ بَرْضٌ ليس يُرضيها 816- ولو درت أنّها في ساعةٍ شربت= بحراً لهان ولكنْ من سيُنبيها 817- فالناسُ في شُغُلٍ عنها بها وَلَهاً=كيف السبيلُ إلى دربٍ يُنجّيها؟ 818- ونفخةُ الصّورِ قد صكَّتْ مسامعَهم = فضاقت الأرضُ واندكَّت رواسيها 819- وكان مالكُ للنيران خازنَها= والظالمون دخولُ النارِ يُخزيها 820- يطيع أمرَ عليٍّ فهو قائدُهُ= ومن كمالكِ للنيران يوريها؟ 821- نَسْرّ يُعير قلوبَ الصّيد أجنحةً= قبل اللقاءِ إذا ما حلَّ واديها 822- لاعيب فيه سوى نفسٍ تُطاوعه= على الفداء فيمضي في تفاديها 823- للبيضِ والسّمرِ في الهيجا يُغازلها= وعفّةً منه في سِلْمٍ يُجافيها 824- يعفو ويصفحُ عمن ساءهُ شَمَماً= وهو الأشمّ إذا امتازت رواسيها 825- لا ينزل الخوفُ عزّاءً بساحتهِ= وسيفُهُ من سيوف الله ماضيها 826- ربّاه حيدرُ إنْ حُمَّ اللقا قَدَراً= يُنسي المقاديرَ ما تُلقي دواهيها 827-وعاش حيدرَ آياتٍ مجسّدَةً= كالمحكماتِ أبتْ الا تجلّيها 828- ذاك الذي لم يدع للحقّ خافيةً= الا وعنه شموسُ الأفقِ ترويها 829- حاز الفراتَ وقد لاقى معاويةً = بشيمةً حيّرت حتى معاديها 830- لو شاء أهلكها في الحرب من عطش= وهو القدير متى ما شاء يُظميها 831- لكنّهُ وفراتُ الماء في يدهِ= يأبى الدنيّةَ في فعلٍ يساويها 832- إنَّ الفضيلةَ تأبى أن سيّدها= في ساعةِ العُسْرِ والبلوى يجافيها 833- فصاح بالهمجِ الغوغاءَ دونكم = هذا الفراتُ عسى ينفي تصاميها 834- فأيقنت أنَ دينَ الله يحملُهُ= فتىً لشِرعةِ دين الله يحييها 835- ففرّق الجيشَ منه بعد صارمِهِ= رأيٌ به مُرهَفاتُ الخَتْلِ يوهيها 836- يجتثُّ جذرَ دهاءٍ ظنَّ صاحبُهُ= أن الثمارَ كما الأوهام يَجنيها 837- وهو العليمُ بأنّ الصّدقَ منتصرٌ= وإنْ تجدّلَ مغلوباً بناديها 838- عُمْرُ الدّهاءِ سويعاتٌ يتيه بها= غُمْرٌ كطائفة الأحلامِ يطويها 839- والباقياتُ برغم الدهر خالدةً= مفاخرٌ أبت الأيامُ تُبليها 840- سل عنها صفّينَ آفاقا تزيّنُها= تلك الطّوالعُ ما أسمى معانيها 841- تجبْكَ أن دُعاةَ المكر خائبةٌ= وأن للقيم المثلى معاليها 842- وليلةٌ هي وُسْعُ الدهر ما لقِيَتْ= من الخطوب وقد أدمت حواشيها 843- ليلُ الهرير بحيث الموتُ أغرقُهُ= سَيْلُ النفوس وسيفُ الله يُجزيها 844- سيفٌ لهيبتهِ الأجسادُ قد سجدت= وذلُّها عن رئاءِ الناس يُغنيها 845- وما انجلى همُّها الا على هِمَمٍ= للقاسطين لَقىً والخزي يرثيها 846- وليلةً سلبتْها البيضُ مهجتَها= وسيفُ حيدرَ للأنفاسِ يُحصيها 847- لولا القضاءُ لما أبقى لهم أَثَراً= لكنَّ آثارَها السّوءاتُ تُبديها 848- تحت العَجاجَةِ كم أنجت منافِحَةً= وما استطاع حسامٌ أنْ ينجّيها 849- وفعلةٌ لابنِ عاصٍ وابنِ أرطأةٍ= أضحوكةً عن شفاهِ الدهر نَرويها 850- هذا يُعدُّ لدى السوّاس نابغةً=وذا يُعَدُّ من الفرسانِ عاتيها |
851- ومن يضعْ نفسَه في غير موضعِها = هانتْ وإن غرّها جهلاً تماديها
852- سارا إلى حرب من ألوى بصارِمِهِ = شُمَّ الرِّعانِ فأوهى عزمَ قاسيها 853- ظنّا بذاك فخاراً والتي سلكت = دربَ الغرورِ وميضُ السيف يُعشيها 854- وقولُ أحمدَ في عمّار أرَّقَها = فأوَّلتْهُ كما تهوى أمانيها 855- وصوتُ عمّار وَقْرٌ في مسامعِها = وسيفُهُ حجةٌ أوهت دعاويها 856- حتى سقته ضِياحاً من نكايتِها = وجدَّلته تريباً في سوافيها 857- نفسي الوقاءُ لنفسٍ حشوُها قِيَمٍ = والت عليّاً ببذلٍ من تفانيها 858- لم يُبْلَ مثلُ عليٍّ قطُّ من أحدٍ = بالناس غيرُ رسول الله هاديها 859- دعاهمُ لكتاب الله فاتَّخذوا = آياتِهِ هُزُواً والشركُ يُغريها 860- هلا رعوه وهمْ في حربه جهدوا = حتى على صِنْوِهِ تحنوا أعاديها؟ 861- وقال حيدرُ فيما قاله أَسِفاً = لم أرضَ بالقوم قبلي نْ أساويها 862- ظلماً تقمَّصَها هذا ليُلبسَها = هذا وقد علمت أنّي منجِّيها 863- حتى يُقال عليٌّ أو معاويةٌ = كلاهما سنّة المختار يبغيها 864- هذا هو الكفرُ في سرٍّ وفي علنٍ = والجلجليّةُ عن عمروٍ ستحكيها 865- والحقُّ ما شهدت أعداؤه علناً = بأنه عن هداه الحرصُ يُثنيها 866- وإنْ تشابَهَ بين الناس أمرهُما = جهلاً وما علمت قرآنَها تيها 867- لِمْ لا تحكِّمُ فيما بينها حَكَماً = ذا مِرَّةٍ يبتغي مرضاةَ باريها؟ 868- فوق الأسنّةِ قد أعلوا مصاحِفَهم = كأنها أرؤوسٌ في الطفِّ تُعليها 869- وأصبح الأمرُ فيما بينهم دَخَلاً = وأَلبسوا الغيَّ ثوبَ الحقّ تمويها 870- وصيّروا ذمّةَ الاسلام مَنْهَبَةً = للقاسطين وقد أولته تشويها 871- وآلَ بالأمر أنْ عمرو ابن نابغةٍ = والاشعريُّ نفاقاً كان موهيها 872- صارا على الدين حُكّاماً ورأيهما = خلافة المصطفى بالغدر يقضيها 873- فأعولَ الدينُ يشكو هولَ نكبتِهِ = والناسُ سامدةً تشكوا تعاميها 874- وغدرةٌ تلو أخرى صار دينُهم = في كفِّ من غاله من قبلُ تسفيها 875- وبات حيدرُ والاسلامُ في طرفٍ = والناس في طرف تبغي معاويها 876- وليس تعزبُ عقبى حرمةٍ هُتكت = لكنَّما الجهلُ للأهواء يُمضيها 877- وليس للرأي ممّن لا يُطاع يدٌ = ترمي إذا لم تكن بالجور يعليها 878- وهذه الناسُ أبصارٌ يرون بها = ويسمعون دبيباً في أقاصيها 879- أما القلوبُ فأحجارٌ مسنَّدةٌ = فما سوى الزيفِ من شيءٍ يُداريها 880- حتى وإن كان لا يُبقي كرامتَها = فلا تلمْها فقد ضلَّت معانيها 881- إنَّ السوائمَ تهوى الذلَّ يُشبعها = وعداً وتبغضُ قوتَ العزِّ يكفيها 882- تعوَّدت أنْ تُجاري كلَّ طاغيةٍ = لعلّه من فُتاتِ الخبز يَقريها 883- شبَّتْ وشابتْ ولم تبرحْ لها شِيَمٌ = على المهانةِ قد قامت مباديها 884- والمخزياتُ من الآثار مُعْقِبَةٌ = للوارثين من الأهوالِ داجيها 885- سارت على سنن الآباءِ حافظةً = شرَّ العهود وحبُّ المال يُغريها 886- وإنها لو أطاعت أمر بارئها = لصارت الأرضُ تِبْراً بين أيديها 887- لكنّضها خسرت دنياً وآخرةً = إذ مكّنت فاسقاً في خَذْلِ زاكيها 888- خلَّت علياً يقاسي الداءَ منفرداً = وهو الطبيبُ متى تضنى يداويها 889- وأسلمت نفسَها للداءِ سادِرَةً = بخُلَّبٍ ومُداجٍ من أمانيها 890- وكان للحرب يدعوها لينصرَها = وللهدى وطريقِ العزِّ يُمشيها |
891- ودبَّ للرِّجس في أجسادها خَدَرٌ = فضيّعت من فروض الله سانيها
892- وهوَّمت وهي عينُ الحق ساهرة= على قذىً وهوىً للزيغ يُعميها 893- هي السَّوامُ سواءٌ في سجيَّتها= فاللينُ يُفسدها والسَّوطُ يَهديها 894- لا ترتضي العدلَ يَسقيها هدايتَها = وتهنأُ الجّورَ يستسقي هواديها 895- يعصونَ من طاعةُ الرحمنِ طاعتُهُ = ويُهرعون إلى مرضات عاصيها 896- هذا علي أبى التحكيمَ فانتفضوا= ضراغماً وأبوا إلا يُراضيها 897- وقد راوا غِبَّةَ التحكيمَ فابتدرت= باللَّوم قائدَها ماذا سيُرضيها؟ 898- وإنه لو أبى لامتازَ منفرداً = وقاتلوهُ واعلوا دينَ طاغيها 899- ما كان عن خيفةٍ فالعربُ لو جُمعت= لحربهِ لاغتدى فرداً يُلاقيها 900- لكنّه شاء أنْ يُبقي لمقتبسٍ = نوراً إذا أظلمت وَهْناً دياجيها 901- ما كان يُرضيهِ منهمْ عُصبةٌ مرقت= عن دينِها وغدت تُبدي تَعاليها 902- من كان منه الاصلاح يُقعدُهُ= عن القصاصِ وميضٌ من تُشّظيها 903- فراسلَ القومَ إنْ ثوبوا إلى رَشَدٍ = ولا تُثيروا من الأضغانِ خابيها 904- وبلَّغ النّصْحَ إلا أنَّ من خبثت= قِدْماً أُرومتُها لا نصحَ يُجديها 905- وغاضه منهم أنباءُ فاجعةٍ= على ابن خبّابِ قد أخنت مأسيها 906- إذ غادروه وشقّوا بطنَ زوجتِهِ= وأْداً وما سلمت من غدرِ مُرديها 907- حتى الأجنّةُ لم تأمن نكايتَهم= والظلمُ إنْ خامرَ الأرواح يُشقيها 908- عاثوا فساداً وأحيوا كلَّ موبقةٍ= قد جاهد المصطفى مَحْقاً لمؤتيها 909- وعند ذاك فما يغني أخا شِيَمٍ= صبرٌ إذا شكت البلوى يشكّيها 910- فهبَّ يُثبتُ حكمَ الله في بشرٍ= بذي الفِقارِ وقد آلى لَيُشفيها 911- وكان بينهما نهرٌ وكان فتىً= يُنمى إلى الأزد حمّالاً مساعيها 912- بحيث يسمع ما يُلقي أبو حسنٍ= من المقالةٍ تصريحاً وتنويها 913- والى علياً وحامى عن رسالتِهِ= لكنَّ في النفس أوهاماً يُعانيها 914- يرى الخوارجَ عبّاداً وأوجهُهم= طولَ السجودِ بدوراً في تجلّيها 915- تالين للذِّكرِ والاجسادُ ناحلةُ= من الصيامِ وذكرُ الله يُبكيها 916- تُرى يحلُّ لنا حقاً قتالهمُ؟ = أم أننا بسيوفِ الجَّور نفنيها؟ 917- وبينما هو في أفكارهِ ثملاً = وحَيْرةُ الشكِّ مهموماً يقاسيها 918- إذ جاء فارسُ عجلاناً لحيدرةٍ= فقال: يا سيدي الاخبار أرويها 919- إنّ الخوارجَ فوق الجسر قد عبروا= وقد رايت من الصَّفيْن تاليها 920- فقال حيدرُ: لا لن يعبروا أبداً = وجاء آخرُ رأيَ العين يحكيها 921- فقال حيدرُ: لا لن يعبروا أبداً = وجاء آخرُ بالإيقان يُمضيها 922- فقال حيدرُ: لا لن يعبروا أبداً = مقالةً عن رسول الله أمضيها 923- وقال لي: سوف تُفنيهم سوى هَمَلٍ = أقلّ من عشرةٍ والله يُخزيها 924- ولن ينالوا من الأصحاب عاشرَهم= بل دون ذلك إمّا شئتَ تُحصيها 925- فقال في نفسِهِ الأزديُّ مبتهجاً= قد آنَ للحرب أنْ تُبدي خَوافيها 926- قد آنَ للحقِّ أنْ تُبلى سرائرُهُ= وللهداية أنْ ينهلَّ صافيها 927- والله لو عبروا الجسرَ الذي عبروا= لأنصرَ القومَ حتى الوعدُ ياتيها 928- فسار للجسرِ حيث العينُ مُعنيةٌ = عن السّماعِ وللأوهام تُقصيها 929- إذا بهمْ فوق ذاك الجسر ما عبروا= وقولةُ المصطفى قد حقَّ روايها 930- وهاله أنْ رأى الصِّديقَ حيدرةً= من خلفِهِ لِبَناتِ الرّيْب يُوديها 931- هلا تيقنتَ يا ابن الازدِ من خبري؟= نادى عليٌّ وآيَ الصدق يُنشيها 932- أجابه الفارسُ المغوارُ مبتشراً= أنت الوصيُّ أعادي من تُعاديها 933- وعدَّ حيدرةُ الفاروقُ عُدَّتَهُ= لحربِ من فجّرت سُمّاً أفاعيها 934- وردَّ دابِرَ من كادوا لنحرهِمُ= وأُطفئت فتنةٌ سُحْقاً لموريها 935- وذو الثُّديَّةِ شرُّ الخلق مصطلَمٌ=نبوءةٌ صدّق الكرّارُ مُنبيها 936- نبوءةٌ لن يُضيرَ الحقَّ مُنكرُها= فبالفضائلِ قد أبدت تأسّيها 937- وأيُّ أكرومةٍ للمرتضى ظهرت= من دون أنْ يغتدي جِلْفٌ ليَنفيها؟ 938- لا يزعُمَنَّ عِداةُ الصدق قد غنموا = فوزاً إذا جرت الدنيا بأيديها 939- فإنّما هي أيامٌ يُداولها= بين الأنامِ وإنْ طالت لياليها |
940- كم معشرٍ حسبوا الدنيا تهيمُ بهم = حبّاً وقد عرفوا عقبى محبّيها
941- فعاهدوها فما أوفت لهم ذِمَماً = واستنصحوها وطبعُ الغدر يُثنيها 942- واستعبدتهم وظنّوا ذلَّها نِعَماً = واستصرخوها وما ملّوا تَصاميها 943- كأنّهم وصروفُ الدهر تُنذرهم = هيمٌ عطاشٌ ورودُ الماء يُظميها 944- فاستمرؤا كلَّ مَوْبوءٍ وما نكروا = طعماً وما بلغوا عيشاً يهنّيها 945- ماذا دهى أمّةً خلّت أبا حسنٍ = يدعو وقد غفلت عمّا يُنجّيها؟ 946- تراهم خُشّعاً أبصارهم فَرَقاً= من المنون وما هبّت لواعيها 947- وللنُّخيلةِ يدعوهم لينقذَهم = ورِبْقةُ الذلِّ والأغلال تُعييها 948- وحيدرٌ يستثير الناسَ يخبرهم= ما حلَّ من بُسْرِ من بلوى بواديها 949- والناسُ يشغلُهم عنه تقاعسُهم = كأنّه لم يكن بالقول يَعنيها 950- وأشعثٌ وابن ربعيْ والألى بَرَءوا= من النبوّةِ سارت في تجنّيها 951- فثبَّطوا الناس عن دينٍ يناشدهم = حقَّ الجهاد وخوفُ الموت يُقعيها 952- ومثلُ حيدرَ لم يصبر على أَوَدٍ = وأن يرى أمّةً زاغت فيرثيها 953- خمسون عاماً أراها من بطولته = معنى الفدا وقد أوعت معانيها 954- وعاشها أمّةً بالخير قد خرجت = للناس تُنقذها من شرِّ مغويها 955- وواكبته نقيَّ الجَّيب من طَبَعٍ = منزَّهاً من عيوب الناس تنزيها 956- فعاهدوه وهبّوا من معاقلهم = أُسْداً تهدُّ من الأجبال راسيها 957- يستنظرون هلالَ العيد يوهبهم = بشائراً لأمير النّحل تُزجيها 958- فريضةُ الصوم قد وافت تعلّمهم = من الجهاد فروضاً من تساميها 959- والقاسطون أعدّوا من مكائدهم = ما أُلبست من ثياب العار ضافيها 960- تحشّد الثأرُ جيشاً لا عديد له = على عليٍّ وكم عانى ليهديها 961- وخلفهم من بني الأحزاب ما ورثت= مِن الضّغون ومَنْ سرّاً يواليها 962- فلا قريشٌ لعهد الثأر ناسيةً = ولا اليهودُ لنار الوَثْرِ تُطفيها 963- ولا الألى دخلوا الاسلام من فَرَقٍ = وللنفوسِ حنينُ الشرك يُشقيها 964- ولا لعائشةٍ نفسٌ تقرُّ على = سِلْمٍ وقد سُلبت منها أمانيها 965- ألقى ابن هندٍ إلى عمرو ابن نابغةٍ= بخطّةٍ أُحكمت كالليل داجيها 966- لا يعرف الغدرُ من أسرارِها جُمَلاً = حقداً تحمَّلَ أنكاها مراديها 967- وافى إلى الكوفةِ الحمراءَ مرتدياً = ليلاً به أصبحت سوداً لياليها 968- أمَّ المحاريبَ يبغي سَلْبَ عزَّتِها = بقتلِ مَنْ سيقُهُ علّى مبانيها 969- حُمَّ القضاءُ وحان الوعدُ إذ نظرت = إلى السماء وقد غارت دراريها 970- ترى الملائكَ تحت العرشِ باكيةً = والأنبياءَ فنَوْح ُالوحيِ يُشجيها |
971- هذا عليٌّ وحكمُ الله في يدِهِ = لحكمة الله عن طَوْعٍ يُلبّيها
972- نادى الصلاةَ عبادَ الله فاغتنموا = ضيافةً لم يخِبْ إلا مُجافيها 973- وكبّر المرتضى والذّكْرُ في فمهِ = ينعى وأياتُهُ تبكي لتاليها 974- وسورةُ الحمدِ تبكي أنَّ واحدةً= من المثاني بحِجْرِ الموت تُلفيها 975- أهوى عليٌّ يؤدّي حقَّ ركعتِهِ = لسجدةٍ واستوى شِفْعاً يثنّيها 976- فكبَّر السيفُ مسموماً بهامتِهِ = بضربةٍ لم يزل يَفري تشظّيها 977- فصاح فزتُ وربِّ البيت مفخرةً = لمولدي وسطَ بيت الله أُنميها 978- وفي السموات جبريلٌ يؤبِّنه = قد هُدّمت للهدى أمضي أواخيها 979- غالوا الوصيَّ عليّ المرتضى فلقد= غالت بقتلتِهِ المختارَ هاديها 980- ليت السماء هوت فوق الثرى كِسَفاً = وليت فوق الثرى تهوي رواسيها 981- مَنْ للديانة إنْ عاثٍ أضرّ بها = ومن يُجير الهدى مما يُخشّيها؟ 982- من لليتامى إذا جار الزمان بهم = وللأيامى إذا اشتدّت مآسيها؟ 983- من للعُفاة إذا ضاقت بهم سُبُلٌ = وقد قضى صابراً من كان يغنيها؟ 984- ومن لزينبَ والسبطين من سَنَدٍ = من جور نائبة الايّام تحميها؟ 985- بالأمس قد فقدت جدّاً ووالدةً = واليومَ تفقد واليها وراعيها 986- مَنْ عنده الحوضُ في يوم المعاد ومَنْ = لراية الحمد عند الحشر يُعليها 987- يا من له الصحبُ والاعداءُ قد شهدت = بأنّه من شِمام الفضل راسيها 988- أتيت فضلك استسقي إذا ظمئت = نفسي فمن كأسك الأوفى تُوافيها 989- وللشفاعةِ أنْ أرقى لبُغيتِها = فأنت لو شئتَ للنيرانِ تُطفيها 990- ألقيت رحلي وحاجاتي يضيق بها = سواك إنّك للحاجات تقضيها 991- أرجو المماتَ على عهد الولاء لكم = حتى أنال من الجنّات عاليها 992- ولست أفزعُ إن مستني نائبةٌ = إلا إليك وكم أذللت عاتيها؟ 993- فكيف أفزع في قبري - إذا بُليت = سريرتي - من ذنوبٍ لست أحصيها 994- ونورُ حُبَّيْكَ مشكاةٌ تنوِّرُ لي = ليلَ الذنوب وإن مدَّت بداجيها 995- يا شِفْعَ أحمدَ إشفع لي = ووالدتي ووالدي ولأخوانٍ أُساقيها 996- خمر الولاءِ بكأسٍ من فضائلكم = فإنني رُغم من ناواك أُفشيها 997- وتلك الفيَّتي بالحبِّ أنظمها = جَهْدَ المقلِّ فما وفَّت قوافيها 998- معشارَ ذرّةِ ما تحويه من قِيَمٍ = يفنى الزمان وما تفنى معاليها 999- ولستُ أسألُكُم أجراً فعبدكُمُ = يرى المودَّةَ نُعمى أنت مُسديها 1000- فمنتهى الشكرِ حمداً لا يُحيط بها= وغايةُ المدحِ شكراً لا يؤدّيها انتهى |
الساعة الآن »04:16 PM. |