منتديات موقع الميزان

منتديات موقع الميزان (http://www.mezan.net/vb/index.php)
-   ميزان الثقلين القرآن الكريم والعترة الطاهرة عليهم السلام (http://www.mezan.net/vb/forumdisplay.php?f=128)
-   -   تفسير سورة الملك (http://www.mezan.net/vb/showthread.php?t=31568)

سليلة حيدرة الكرار 14-Jun-2012 06:53 AM

السلام على جوهرة العصمة وفريدة الرحمة سيدتنا ومولاتنا الزهراء وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم بظهور قائمهم والعن أعدائهم لعنة دائمة إلى يوم الدين


﴿قُلْ أَرَءَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِىَ اللهُ وَمَن مَّعِىَ أَوْ رَحِمَنَا فَمَن يُجِيرُ الْكَـفِرِينَ مِنْ عَذَاب أَلِيم (28) قُلْ هُوَ الرَّحْمَـنُ ءَامَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِى ضَلَـل مُّبِين (29) قُلْ أَرَءَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَآؤُكُمْ غَوْراً فَمَن يَأْتِيكُم بِمَاء مَّعِينِ (30)﴾

جاء في تفسير الأمثل :

من الذي يأتيكم بالمياه الجارية؟

إنّ الآيات أعلاه، التي هي آخر آيات سورة الملك، تبدأ جميعها بكلمة (قل) مخاطبة الرّسول الأكرم صلى الله عليه وآله، حيث أنّها تمثّل استمراراً للأبحاث التي مرّت في الآيات السابقة حول الكفّار، وتعكس هذه الآيات الكريمة جوانب اُخرى من البحث.

يخاطب الباريء عزّوجلّ - في البداية - الأشخاص الذين يرتقبون وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله وأصحابه، ويتصوّرون أنّ بوفاته سوف يمحى دين الإسلام وينتهي كلّ شيء.

وهذا الشعور كثيراً ما ينتاب الأعداء المخذولين إزاء القيادات القويّة والمؤثّرة، يقول تعالى مخاطباً إيّاهم: (قل أرأيتم إن أهلكني الله ومن معي أو رحمنا فمن يجير الكافرين من عذاب أليم).

ورد في بعض الروايات أنّ كفّار مكّة، كانوا دائماً يسبّون الرّسول صلى الله عليه وآله والمسلمين، وكانوا يتمنّون موته ظنّاً منهم أنّ رحيله سينهي دعوته كذلك، لذا جاءت الآية أعلاه ردّاً عليهم.

كما جاء شبيه هذا المعنى في قوله تعالى: (أم يقولون شاعر نتربّص به ريب المنون).

لقد كانوا غافلين عن وعد الله سبحانه لرسوله الأمين، بأنّ اسمه سيكون مقترناً مع مبدأ الحقّ الذي لا يعتريه الفناء وإذا جاء أجله فإنّ ذكره لن يندرس، نعم، لقد وعده الله سبحانه بانتصار هذا المبدأ، وأن ترفرف راية هذا الدين على كلّ الدنيا، وحياة الرّسول (ص) أو موته لن يغيّرا من هذه الحقيقة شيئاً.

كما ذكر البعض تفسيراً آخر لهذه الآية وهو: إنّ خطاب الله لرسوله الكريم - الذي يشمل المؤمنين أيضاً - مع ما عليه صلى الله عليه وآله من الإيمان الراسخ، كان يعكس الخوف والرجاء معاً في آن واحد.

فكيف بكم أنتم أيّها الكافرون؟ وما الذي تفكّرون به لأنفسكم؟

ولكن التّفسير الأوّل أنسب حسب الظاهر.

واستمراراً لهذا البحث، يضيف تعالى: (قل هو الرحمن آمنا به وعليه توكّلنا فستعلمون من هو في ضلال مبين).

وهذا يعني أنّنا إذا آمنا بالله، واتّخذناه وليّاً ووكيلا لنا، فإنّ ذلك دليل واضح على أنّه الربّ الرحمن، شملت رحمته الواسعة كلّ شيء، وغمر فيض ألطافه ونعمه الجميع (المؤمن والكافر)، إنّ نظرة عابرة إلى عالم الوجود وصفحة الحياة تشهد على هذا المدّعى، أمّا الذين تعبدونهم من دون الله فماذا عملوا؟ وماذا صنعوا؟

وبالرغم من أنّ ضلالكم واضح هنا في هذه الدنيا، إلاّ أنّه سيتّضح بصورة أكثر في الدار الآخرة.

أو أنّ هذا الضلال وبطلان دعاواكم الفارغة ستظهر في هذه الدنيا عندما ينتصر الإسلام بالإمدادات الإلهية على جيش الكفر بشكل إعجازي وخارق للعادة، عندئذ ستتبيّن الحقيقة أكثر للجميع.

إنّ هذه الآية - في الحقيقة - نوع من المواساة للرسول الأكرم صلى الله عليه وآله والمؤمنين، كي لا يظنّوا أو يتصوّروا أنّهم وحدهم في هذا الصراع الواسع بين الحقّ والباطل، حيث أنّ الرحمن الرحيم خير معين لهم ونعم الناصر.

ويقول تعالى في آخر آية، عارضاً لمصداق من رحمته الواسعة، والتي غفل عنها الكثير من الناس: (قل أرأيتم إن أصبح ماؤكم غوراً فمن يأتيكم بماء معين).

إنّ للأرض في الحقيقة قشرتين متفاوتتين: (قشرة قابلة للنفوذ) يدخل فيها الماء، واُخرى (غير قابلة للنفوذ) تحفظ بالماء، وجميع العيون والآبار والقنوات تولّدت من بركات هذا التركيب الخاصّ للأرض، إذ لو كانت القشرة القابلة للنفوذ لوحدها على سطح الكرة الأرضية جميعاً ولأعماق بعيدة، فإنّ جميع المياه التي تدخل جوف الأرض لا يقرّ لها قرار، وعندئذ لا يمكن أن يحصل أحد على قليل من الماء.

ولو كانت قشرة الأرض غير قابلة للنفوذ لتجمّعت المياه على سطحها وتحوّلت إلى مستنقع كبير، أو أنّ المياه التي تكون على سطحها سرعان ما تصبّ في البحر، وهكذا يتمّ فقدان جميع الذخائر التي هي تحت الأرض.

إنّ هذا نموذج صغير من رحمة الله الواسعة يتعلّق بموت الإنسان وحياته.

"معين" من مادّة (معن)، على وزن (طعن) بمعنى جريان الماء.

وقال آخرون: إنّها مأخوذة من (عين) والميم زائدة.

لذا فإنّ بعض المفسّرين ذهبوا إلى أنّ معنى (معين) تعني الماء الذي يشاهد بالعين بغضّ النظر عن جريانه.

إلاّ أنّ الغالبية فسّروه بالماء الجاري.

وبالرغم من أنّ الماء الصالح للشرب لا ينحصر بالماء الجاري، إلاّ أنّه ممّا لا شكّ فيه أنّ الماء الجاري يمثّل أفضل أنواع ماء الشرب، سواء كان من العيون أو الأنهار أو القنوات أو الآبار المتدفّقة... ونقل بعض المفسّرين أنّ أحد الكفّار عندما سمع قوله تعالى: (قل أرأيتم إن أصبح ماؤكم غوراً فمن يأتيكم بماء معين) قال: (رجال شداد ومعاول حداد) وعند نومه ليلا نزل الماء الأسود في عينيه، وفي هذه الأثناء سمع من يقول: إأتي بالرجال الشداد والمعاول الحداد ليخرجوا الماء من عينيك.

ومن الواضح أنّه في حالة عدم وجود القشرة الصلبة وغير القابلة للنفوذ، فإنّه لا يستطيع أي إنسان قوي ولا أي معول حادّ أن يستخرج شيئاً من الماء.

تعقيب
جاء في الروايات عن أئمّة أهل البيت (عليهم السلام) أنّ المراد من الآية الأخيرة من هذه السورة هو ظهور الإمام المهدي عليه السلام وعدله الذي سيعمّ العالم.

فقد جاء في حديث عن الإمام الباقر عليه السلام أنّه قال: "نزلت في الإمام القائم(ع)، يقول: إن أصبح إمامكم غائباً عنكم، لا تدرون أين هو؟ فمن يأتيكم بإمام ظاهر يأتيكم بأخبار السموات والأرض، وحلال الله وحرامه؟ ثمّ قال: والله ما جاء تأويل هذه الآية، ولابدّ أن يجيء تأويلها".

والروايات في هذا المجال كثيرة، وممّا يجدر الإنتباه له أنّ هذه الروايات هي من باب (التطبيق).

وبعبارة اُخرى فإنّ ظاهر الآية مرتبط بالماء الجاري، والذي هو علّة حياة الموجودات الحيّة.
أمّا باطن الآية فإنّه يرتبط بوجود الإمام عليه السلام وعلمه وعدالته التي تشمل العالم، والتي هي الاُخرى تكون سبباً لحياة وسعادة المجتمع الإنساني.

ولقد ذكرنا مرّات عدّة أنّ للآيات القرآنية معاني متعدّدة، حيث لها معنى باطن وظاهر، إلاّ أنّ فهم باطن الآيات غير ممكن إلاّ للرسول والإمام المعصوم، ولا يحقّ لأي أحد أن يطرح تفسيراً ما لباطن الآيات.
وما نستعرضه هنا مرتبط بظاهر الآيات، أمّا ما يرتبط بباطن الآيات فعلينا أن نأخذه من المعصومين (عليهم السلام) فقط.

لقد بدأت سورة الملك بحاكمية الله ومالكيته تعالى، وانتهت برحمانيته، والتي هي الاُخرى فرع من حاكميته ومالكيته سبحانه، وبهذا فإنّ بدايتها ونهايتها منسجمتان تماماً.

اللهمّ، أدخلنا في رحمتك العامّة والخاصّة، وأرو ظمأنا من كوثر ولاية أولياءك.

ربّنا، عجّل لنا ظهور عين ماء الحياة الإمام المهدي، واطفيء عطشنا بنور جماله ...



ربّنا، ارزقنا اُذناً صاغية وعيناً بصيرة وعقلا كاملا، فاقشع عن قلوبنا حجب الأنانية والغرور لنرى الحقائق كما هي، ونسلك إليك على الصراط المستقيم بخطوات محكمة وقامة منتصبة ...

آمين ربّ العالمين
نسألكم الدعاء لنا ولوالدينا


الساعة الآن »07:41 PM.

المواضيع والمشاركات التي تطرح في منتديات موقع الميزان لا تعبر عن رأي المنتدى وإنما تعبر عن رأي كاتبيها فقط
إدارة موقع الميزان
Powered by vBulletin Copyright © 2017 vBulletin Solutions, Inc