|
مشرفة
|
|
|
|
الدولة : جنة الإمام الحسين عليه السلام
|
|
|
|
المستوى :
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
سليلة حيدرة الكرار
المنتدى :
ميزان الثقلين القرآن الكريم والعترة الطاهرة عليهم السلام
بتاريخ : 11-Jun-2012 الساعة : 06:09 PM
اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
السلام على جوهرة العصمة وفريدة الرحمة سيدتنا ومولاتنا الزهراء وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم بظهور قائمهم والعن أعدائهم لعنة دائمة إلى يوم الدين
( الَّذِى خَلَقَ سَبْعَ سَمَـوَت طِبَاقاً مَّا تَرَى فِى خَلْقِ الرَّحْمَـنِ مِن تَفَـوُت فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِن فُطُور) (3) ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئاً وَهُوَ حَسِيرٌ(4) وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَبِيحَ وَجَعَلْنَـهَا رُجُوماً لِّلشَّيَـطِينِ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ (5)﴾
من تفسير الأمثل:
وبعد إستعراض نظام الموت والحياة الذي تناولته الآية السابقة، تتناول الآية اللاحقة النظام الكلّي للعالم، وتدعو الإنسان إلى التأمّل في عالم الوجود، والتهيّؤ لمخاض الإمتحان الكبير عن طريق التدبّر في آيات هذا الكون العظيم، يقول تعالى: (الذي خلق سبع سموات طباقاً).
بالنسبة إلى موضوع السموات السبع فقد استعرضنا شيئاً حولها في تفسير الآية (12) من سورة الطلاق، ونضيف هنا أنّ المقصود من (طباقاً) هو أنّ السموات السبع، كلا منها فوق الاُخرى، إذ أنّ معنى (المطابقة) في الأصل هو الشيء فوق شيء آخر.
ويمكن إعتبار "السموات السبع" إشارة إلى الكرات السبع للمنظومة الشمسية، والتي يمكن رؤيتها بالعين المجرّدة، حيث تبعد كلّ منها مسافة معيّنة عن الشمس أو تكون كلّ منها فوق الاُخرى.
أمّا إذا اعتبرنا أنّ جميع ما نراه من النجوم الثابتة والسيارة ضمن السماء الاُولى، فيتّضح لنا أنّ هنالك عوالم اُخرى في المراحل العليا، حيث أنّ كلّ واحد منها يكون فوق الآخر.
ثمّ يضيف سبحانه: (ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت).
إنّ الآية أعلاه تبيّن لنا أنّ عالم الوجود - بكلّ ما يحيطه من العظمة - قائم وفق نظام مستحكم، وقوانين منسجمة، ومقادير محسوبة، ودقّة متناهية، ولو وقع أي خلل في جزء من هذا العالم الفسيح لأدّى إلى دماره وفنائه.
وهذه الدقّة المتناهية، والنظام المحيّر، والخلق العجيب، يتجسّد لنا في كلّ شيء، ابتداء من الذرّة الصغيرة وما تحويه من الإلكترونات والنيوترونات والبروتونات، وانتهاءً بالنظم الحاكمة على جميع المنظومة الشمسية والمنظومات الاُخرى، كالمجرّات وغيرها... إذ أنّ جميع ذلك يخضع لسيطرة قوانين متناهية في الدقّة، ويسير وفق نظام خاصّ.
وخلاصة القول أنّ كلّ شيء في الوجود له قانون وبرنامج، وكلّ شيء له نظام محسوب.
ثمّ يضيف تعالى مؤكّداً: (فارجع البصر هل ترى من فطور).
"فطور" من مادّة (فطر)، على وزن (سطر) بمعنى الشقّ من الطول، كما تأتي بمعنى الكسر (كإفطار الصيام) والخلل والإفساد، وقد جاءت بهذا المعنى في الآية مورد البحث.
ويقصد بذلك أنّ الإنسان كلّما دقّق وتدبّر في عالم الخلق والوجود، فإنّه لا يستطيع أن يرى أي خلل أو اضطراب فيه.
لذا يضيف سبحانه مؤكّداً هذا المعنى في الآية اللاحقة حيث يقول: (ثمّ ارجع البصر كرّتين ينقلب إليك البصر خاسئاً وهو حسير).
"كرّتين" من مادّة (كر) على وزن (شرّ) بمعنى التوجّه والرجوع إلى شيء معيّن، و (كرّة) بمعنى التكرار و (كرّتين) مثنّاها.
إلاّ أنّ بعض المفسّرين ذكر أنّ المقصود من الـ (كرّتين) هنا ليس التثنية، بل الإلتفات والتوجّه المتكرّر المتعاقب والمتعدّد.
وبناءً على هذا فإنّ القرآن الكريم يأمر الناس في هذه الآيات أن يتطلّعوا ويتأمّلوا ويدقّقوا النظر في عالم الوجود ثلاث مرّات - كحدّ أدنى - ويتدبّروا أسرار الخلق.
وبمعنى آخر فإنّ على الإنسان أن يدقّق في خلق الله سبحانه مرّات ومرّات، وعندما لا يجد أي خلل أو نقص في هذا النظام العجيب والمحيّر لخلق الكون، فإنّ ذلك سيؤدّي إلى معرفة خالق هذا الوجود العظيم ومدى علمه وقدرته اللامتناهية، ممّا يؤدّي إلى عمق الإيمان به سبحانه والقرب من حضرته المقدّسة.
"خاسىء" من مادّة (خسأ) و (خسوء) على وزن (مدح، وخشوع) وإذا كان مورد إستعمالها العين، فيقصد بهما التعب والعجز، أمّا إذا استعملت للكلب فيقصد منها طرده وإبعاده.
"حسير" من مادّة (حسر)، على وزن (قصر) بمعنى جعل الشيء عارياً، وإذا ما فقد الإنسان قدرته وإستطاعته بسبب التعب، فإنّه يكون عارياً من قواه، لذا فإنّها جاءت بمعنى التعب والعجز.
وبناءً على هذا فإنّ كلمتي (خاسىء) و (حسير) اللتين وردتا في الآية أعلاه، تعطيان معنى واحداً في التأكيد على عجز العين، وبيان عدم مقدرتها على مشاهدة أي خلل أو نقص في نظام عالم الوجود.
وفرّق البعض بين معنى الكلمتين، إذ قال: إن (خاسىء) تعني المحروم وغير الموفّق، و (حسير) بمعنى العاجز.
وعلى كلّ حال فيمكن إستنتاج أساسين من الآيات المتقدّمة:
الأوّل: أنّ القرآن الكريم يأمر جميع السائرين في درب الحقّ أن يتدبّروا ويتأمّلوا كثيراً في أسرار عالم الوجود وما فيه من عجائب الخلق، وأن لا يكتفوا بالنظر إلى هذه المخلوقات مرّة واحدة أو مرّتين، حيث أنّ هنالك أسراراً كثيرة وعظيمة لا تتجلّى ولا تظهر من خلال النظرة الاُولى أو الثانية.
بل تستدعي النظر الثاقب والمتعاقب والدقّة الكثيرة، حتّى تتّضح الأسرار وتتبيّن الحقائق.
الأمر الثّاني: الذي يتبيّن لنا من خلال التدقيق في هذا النظام، هو إدراك طبيعة الإنسجام العظيم بين مختلف جوانب الوجود، بالإضافة إلى خلوه من كلّ نقص وعيب وخلل.
وإذا ما لوحظ في النظرة الأوّلية لبعض الظواهر الموجودة في هذا العالم (كالزلازل والسيول، والأمراض، والكوارث الطبيعية الاُخرى، والتي تصيب البشر أحياناً في حياتهم) واعتبرت شروراً وآفات وفساداً، فإنّه من خلال الدراسات والتدقيقات المتأمّلة يتبيّن لنا أنّ هذه الاُمور هي الاُخرى تمثّل أسراراً أساسية غاية في الدقّة.
إنّ لهذه الآيات دلالة واضحة على دقّة النظام الكوني، حيث معناها أنّ وجود النظام في كلّ شيء دليل على وجود العلم والقدرة على خلق ذلك الشيء، وإلاّ، فإنّ حصول حوادث عشوائية غير محسوبة لا يمكن أبداً أن تكون منطلقاً للنظام ومبدأ للحساب.
يقول الإمام الصادق في حديث مفضّل المعروف عنه "إنّ الإهمال لا يأتي بالصواب، والتضادّ لا يأتي بالنظام".
ثمّ تتناول الآية التالية صفحة السماء التي يتجسّد فيها الجمال والروعة، حيث النجوم المتلألئة في جوّ السماء، المشعّة بضوئها الساحر في جمال ولطافة، حيث يقول سبحانه: (ولقد زيّنا السماء الدنيا بمصابيح وجعلناها رجوماً للشياطين وأعتدنا لهم عذاب السعير).
إنّ نظرة متأمّلة في ليلة مظلمة خالية من الغيوم إلى جوّ السماء المليء بالنجوم كاف لإثارة الإنتباه فينا إلى تلك العوالم العظيمة، وخاصّة طبيعة النظم الحاكمة عليها، والروعة المتناهية في جمالها ولطافتها وعظمتها، وسكونها المقترن بالأسرار العجيبة، والهيبة التي تلقي بظلالها على جميع العوالم، ممّا يجعل الإنسان أمام عالم مليء بالمعرفة ونور الحقّ، ويدفعه باتّجاه عشق الباريء عزّوجلّ الذي لا يمكن وصفه والتعبير عنه بأي لسان.
وتؤكّد الآية الكريمة - مرّة اُخرى - الحقيقة القائلة بأنّ جميع النجوم التي نشاهدها ما هي إلاّ جزء من السماء الاُولى، والتي هي أقرب إلينا من أي سماء اُخرى من السموات السبع، لذا أطلق عليها اسم (السماء الدنيا) أي السماء القريبة والتي هي أسفل جميع السموات الاُخرى.
"الرجوم" بمعنى (الرصاص) وهي إشارة إلى الشهب التي تقذف كرصاصة من جهة إلى اُخرى من السماء، كما أنّ (الشهب) هي بقايا النجوم المتلاشية والتي تأثّرت بحوادث معيّنة، وبناءً على هذا، فإنّ المقصود بجعل الكواكب رجوماً للشياطين، هو هذه الصخور المتبقّية.
أمّا كيفية رجم الشياطين برصاصات الشهب (الأحجار الصغيرة) التي تسير بصورة غير هادفة في جو السماء، فقد بيّناه بشكل تفصيلي في التّفسير الأمثل في تفسير الآية (18) من سورة الحجر، وكذلك في تفسير الآية (20) من سورة الصافات.
ملاحظة
عظمة عالم الخلق:
بالرغم من أنّ القرآن الكريم نزل في مجتمع الجاهلية والتأخّر... إلاّ أنّنا عندما نلاحظ آياته نراها غالباً ما تدعو المسلمين إلى التفكّر والتأمّل بالأسرار العظيمة التي يزخر بها عالم الوجود، الأمر الذي لم يكن مفهوماً في ذلك العصر، وهذا دليل واضح على أنّ القرآن الكريم صادر من مبدأ آخر، وأنّ العلم والمعارف الإنسانية كلّما تقدّمت فإنّها تؤكّد عظمة القرآن الكريم أكثر فأكثر.
فالكرة الأرضية التي نعيش عليها - مع كبر حجمها وسعتها - صغيرة في مقابل مركز المنظومة الشمسية (قرص الشمس)، بحيث أنّها تساوى مليون ومائتي ألف كرة أرضية مثل أرضنا.
هذا من جهة، ومن جهة اُخرى فإنّ منظومتنا الشمسية جزء من مجرّة عظيمة، يطلق عليها اسم "درب التبانة".
وطبقاً لحسابات العلماء الفكليين فإنّه يوجد في مجرتنا فقط (000(000(000(100) - مائة مليارد - نجمة، حيث تكون الشمس ومع ما عليها من عظمة إحدى نجومها المتوسطة.
ومن جهة ثالثة فإنّ في هذا العالم الواسع مجرّات كثيرة إلى حدّ أنّها تخرج عن الحساب والعدد، وكلّما تطوّرت التلسكوبات الفلكية العظيمة تمّ كشف مجرّات اُخرى عديدة.
فما أعظم قدرة هذا الربّ الذي وضع هذه الأسرار الكبيرة مع ذلك النظام الدقيق "العظمة لله الواحد القهّار".
نسألكم الدعاء لنا ولوالدينا
|
توقيع سليلة حيدرة الكرار |
تركت الخلق طـراً في هـواك
وأيتمت العيــال لــكي أراك
فلـو قطعتني في الحب إربــا
لمـا مـال الفــؤاد إلى سواك
|
|
|
|
|