![]() |
الحركة الفاطمية في تثبيت الإمامة
الحركة الفاطمية في تثبيت الإمامة
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق وأعز المرسلين نبينا محمد بن عبد الله، وعلى آله الطيبين الطاهرين.. أما بعد.. فإن الزهراء عليها السلام في المدة القصيرة التي عاشتها بعد وفاة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله لعبت دوراً مهماً جداً في تثبيت الإمامة، والتأكيد على هذا الأساس العظيم من أسس الإسلام التي قام عليها وقد دعت إليها في كل حركة قامت بها سواء كانت حركة رفض لفرض الواقع الجديد أو بيان لما هو واجب الأمة تجاه قادتها. لذلك فقد اخترت أن تكون مقالتي هذه بعنوان: الحركة الفاطمية في تثبيت الإمامة. وهي مقالة تحليلية للدور الذي قامت به الزهراء صلوات الله عليها. وعليه نقول: إنه بعد اغتصاب الحكم من الإمام علي صلوات الله عليه، كان على أمير المؤمنين عليه السلام مواجهة انحراف الأمة التي علم من رسول الله أنها ستنقلب عليه بعد مبايعتها له بل إنها ستمارس أبشع أنواع الظلم على أهل البيت وخصوصاً على سيدة النساء صلوات الله عليها. ولما كان رسول الله صلى الله عليه وآله قد هيء لهذه المواجهة ببيان حق علي وما هو عليه بل وبيان منزلة الزهراء عليها السلام وكيف أنها هي مدار سخط الله ورضاه حتى لا تعذر الأمة بعد ذلك بمخالفاتها التي مورست بحقها ولبيان أن من تبايعه الزهراء هو المنصوب وهو صاحب الحق ومن تسخط عليه مغتصب ظالم ومن هنا كانت مواجهة أهل البيت جميعاً من خلال الحركة الفاطمية التي قامت بها الصديقة الطاهرة عليها السلام، وهنا جاءت مسألة فدك لتحتل الصدارة في السياسة العلوية الجديدة، فإن الحركة الفاطمية التي رسم الإمام عليه السلام خطوطها بإتقان وكان الدور الفاطمي يتلخص في أن تبين الزهراء للأمة عدم صلاحية من توثب لخلافة رسول الله بغير حق من خلال بيانها أنهم لا يعلمون أحكام الدين ولا يعرفون القضاء فكيف يخلفون رسول الله في بيان الأحكام وتربية الأمة على أمور لا يعرفونها فقد طالبت الصديقة عليها السلام أبا بكر بما انتزعه منها من أموال وجعلت المطالب وسيلة للمناقشة في المسألة السياسية، وقد هيأت مسألة فدك فرصة لا تعوض للإدلاء برأيها في الحكومة القائمة، وكان لابد لها أن تدلي بتصريحاتها أمام الناس، لإفهامهم بأن اللحظة التي عدلوا فيها عن علي عليه السلام إلى أبي بكر كانت لحظة هوس وشذوذ. وأنهم بذلك أخطأوا وخالفوا كتاب ربهم عز وجل. وقد حاولت تبيان أحقية الإمام عليه السلام في قيادة الأمة بعد الرسول صلى الله عليه و آله وسلم وقد تجلى ذلك في خطبتها التي ألقتها في مسجد أبيها صلى الله عليه وأله وسلم، على مسمع ومرأى من المسلمين وبضمنهم الحكومة الجديدة، فكان مما قالته: "أم أنتم أعلم بخصوص القرآن وعمومه من أبي وأبن عمي؟" وقالت أيضاً: "أبعدتم من هو أحق البسط والقبض"(1). حيث أوضحت أن علياً عليه السلام أعلم الناس بعد النبي صلى الله عليه و أله بمعرفة الرسالة وأحكامها وقوانينها، وهو لذلك أحق برعاية شؤون الأمة التي صنعها الوحي الإلهي. وقد كشفت ألاعيب الحكومة الجديدة على الشرع المقدس، واجتهاداتهم التي لا علاقة لها بأهداف الرسالة.. وهذه النقاط الثلاثة هي التي استهدفتها فاطمة عليها السلام في مطالبتها الحيثية بفدك، وليس لها وراء ذلك هدف مادي رخيص، كما يعتقد البعض من مؤرخي حياتها. وفي الحركة الفاطمية توفر أمران لا يتهيأن لأمير المؤمنين عليه السلام فيما لو وقف ذات الموقف: الأول: أن السيدة الزهراء عليها السلام أقدر بظروف فجيعتها الخاصة ومكانتها من أبيها على استثارة العواطف وإيصال المسلمين بروح أبيها العظيم صلوات الله عليهما وأيامه الغراء وتجنيد مشاعرهم لقضايا أهل البيت عليهم السلام. الثاني: أنها مهما اتخذت منازعتها من أشكال فلن تكتسب لون الحرب المسلحة فقد أراد الإمام عليه السلام أن يسمع الناس يومئذ صوته من فم الزهراء ويبقى هو بعيداً عن ميدان المعركة ينتظر اللحظة المناسبة للاستفادة منها، وأراد أيضاً أن يقدم لأمة القرآن كلها الحركة الفاطمية برهاناً على بطلان الخلافة القائمة وقد تم للإمام ما أراد حيث عبرت الزهراء عليها السلام عن الحق العلوي تعبيراً واضحاً. وهناك عدة مظاهر تتلخص الحركة الفاطمية فيها: أولاً: إرسالها رسول ينازع أبا بكر في مسألة الميراث ويطالب بحقوقها وهذه الخطوة الأولى التي انتهجتها الزهراء عليها السلام تمهيداً لمباشرتها العمل بنفسها، وقد تقدمت المطالبة بالإرث على دعوى النحلة لأن دعوى الإرث أقرب الطريقين إلى استخلاص الحق، لثبوت التوارث بميراثها من أبيها الذي يشمل فدكاً في معتقد الخليفة لعدم إطلاعه على النحلة وليس في هذه المطالبة مناقضة لدعوى نحلة فدك إطلاقاً لأن المطالبة بالميراث لم تتجه إلى فدك خاصة وإنما تعلقت بتركة النبي صلى الله عليه وآله وسلم عامة. ثانياً: مواجهتها بنفسها له في اجتماع خاص وقد أرادت بتلك المقابلة أن تشتد في طلب حقوقها من الخمس وفدك وغيرهما لتعرف مدى استعداد الخليفة للمقاومة. ثالثاً: خطبتها في المسجد بعد عشرة أيام من وفاة أبيها صلوات الله عليهما. رابعاً: حديثها مع أبي بكر وعمر حينما زارها بقصد الاعتذار منها وإعلان غضبها عليهما وأنهما أغضبا الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم بذلك، حين قالت: "اللهم إني أشهدك فاشهدوا يا من حضرني: أنهما قد آذياني في حياتي وعند موتي. والله لا أكلمكما من رأسي كلمة حتى ألقى ربي فأشكوكما إليه بما صنعتما بي، وارتكبتما مني. فدعا أبو بكر بالويل والثبور: وقال: "يا ليت أمي لم تلدني!! فقال عمر: عجباً للناس كيف ولوك أمرهم وأنت شيخ قد خرفت! تجزع لغضب امرأة؟ وقاما وخرجا(2). خامساً: خطابها الذي ألقته على نساء المهاجرين والأنصار حين اجتماعهن عندها. مما جعل النساء يعدن قولها على رجالهن فجاء إليها قوم من وجوه المهاجرين والأنصار معتذرين فقالوا: "يا سيدة النساء، لو كان أبو الحسن ذكر لنا هذا الأمر من قبل أن نبرم العهد، ونحكم العقد لما عدلنا إلى غيره. فقالت: إليكم عني! فلا عذر بعد تعذيركم، ولا أمر بعد تقصيركم"(3). سادساً: وصيتها بأن لا يحضر تجهيزها ودفنها أحد من خصومها وكانت الوصية هي الإعلان الأخير من الزهراء عليها السلام عن نقمتها على الخلافة القائمة. نتائج الحركة الفاطمية: لقد فشلت الحركة الفاطمية لأنها لم تطح بحكومة الخليفة في زحفها الأخير الخطير الذي قامت به في اليوم العاشر من وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولا ريب في أن شخصية الخليفة المغتصب من أهم الأسباب التي أدت إلى ضلال الأمة، لأنه من أصحاب المكر والخديعة. فقد عالج الموقف بمكر ودهاء بعدما علم بجهل الأمة، وهذا ما أنقذه من السقوط. فبينما هو يذوب رقة في جوابه للزهراء عليها السلام ، وإذا به يطوي نفسه على نار متأججة تندلع بعد خروج الزهراء عليها السلام من المسجد فيقول: "أيها الناس ما هذه الدعة، ومع كل قالة أمنية؟ أين كانت هذه الأماني في عهد نبيكم؟ فمن سمع فليقل، ومن شهد فليتكلم، كلا بل هو ثعالة شهيده ذنبه"(4). ـ فهو يقصد أن الثعلب هو الإمام علي والذنب هي سيدة النساء عليهما السلام ـ فإن الانقلاب من اللين والهدوء إلى الغضب والغيظ يدلنا على مقدار ما أوتي من سيطرة على مشاعره وقدرته على مسايرة الظرف وتمثيل الدور المناسب في كل حين. ونجحت معارضة الزهراء عليها السلام لأنها جهزت الحق بقوة قاهرة، وأضافت إلى طاقته على الخلود في ميدان الجهاد المذهبي طاقة جديدة، وقد سجلت هذا النجاح في حركتها كلها وفي محاورتها مع أبي بكر وعمر عند زيارتهما لها بصورة خاصة وقد ذكرنا ما قالته لهما سابقاً. فسلام عليها يوم ولدت ويوم استشهدت ويوم تبعث حية. المصادر: (1) دلائل الإمامة ـ للطبري ـ ص117 والسقيفة وفدك ـ للجوهري ـ ص 144 وشرح الأخبار ـ للقاضي النعمان ـ ج3 ص37 والاحتجاج ـ للطبرسي ـ ص137 وبحار الأنوار ج 29 ص226. (2) بحار الأنوار ج43 ص204 واللمعة البيضاء ـ للتبريزي ـ ص141 وبيت الأحزان ـ للشيخ عباس للقمي ـ ص 172 وصحيفة الزهراء عليها السلام ـ للشيخ جواد القيومي ـ ص178. (3) بحار الأنوار ج43 ص161 وبيت الأحزان ـ للشيخ عباس القمي ـ ص175 واللمعة البيضاء ـ للتبريزي الأنصاري ـ ص851 والإحتجاج ـ للطبرسي ـ ج1 ص149. (4) دلائل الإمامة ـ للطبري ـ ص123والسقيفة وفدك ـ للجوهري ـ ص104 وبحار الأنوار ج29 ص226 وفدك في التاريخ ـ للسيد محمد باقر الصدر ـ ص67 ومكاتيب الرسول ـ للأحمدي ـ ج1ص118وشرح نهج البلاغة ـ للمعتز لي ـ ج16 ص215. |
قبسات من حياة الإمام الحسن (عليه السلام)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصلاة وسلام على أشرف خلق الله وأعز المرسلين سيدنا محمد بن عبد الله وعلى آله الطيبين الطاهرين.. وبعد.. الإمام الحسن بن علي بن أبي طالب «عليه السلام»، هو ثالث الأئمة وسيد شباب شهداء أهل الجنة، وريحانة المصطفى «صلى الله عليه وآله» وربيبه، والإمام المختزن للعلم الإلهي، يفيض العلم من جنبيه، منذ كان صبياً صغيراً،فأنظر إلى تلك الحادثة حين أجاب الأعرابي الذي أزدرى منه حين أشار النبي «صلى الله عليه وآله» للإمام الحسن «عليه السلام» وهو ما زال صبياً كي يجيب ذاك الإعرابي، فما كان من الأعرابي إلا أن قال: «وهو لا يأتي ـ أي النبي «صلى الله عليه وآله» ـ ويأمر صبياً يكلمني؟!.. فابتدر الحسن «عليه السلام» قائلاً: «مهلاً يا أعرابي: ما غبياً سألت وأبن غبي *** بل فقهياً أذن وأنت الجهول فإن تك قد جهلت فإن عندي *** شفاء الجهل ما سأل السؤول وبحراً لا لقسمه الدوالي *** تراثاً كان أورثه الرسول لقد بسطت لسانك، وعدوت طورك، وخادعتك نفسك، غير أنك لا تبرح حتى تؤمن إن شاء الله تعالى »..الخ »([1]). إن الكلمات لتعجز عن مدحه، والأقلام تجف عن ذكر فضائله، فأني أتوجه إليه في هذه الأبيات: أبا محمد يا مجتبى عن الخلق والورى *** وسليل محمد للعلى والمجد آرتقى إيمانك حفظ الدين والعلم وبك *** مزايا وأخلاق النبي الهاشمي المصطفى تقلبت في الأصلاب الشامخة لم *** تنجسك الجاهلية بطهرك أبداً أبدا أنت من نور علياً وفاطمة معاً *** كنتم أنوار تطوف بالعرش الله تألقا ولي من أولياء الله في الأرض *** منارة بنورها فؤاد المحب قد تعلقا هذه الشخصية الفذة التي واجهت الكثير من أصابع الاتهام في حياته وحتى بعد استشهاده، وهو الإمام الذي كان له دور مهم في إرساء الدين والحفاظ على بيضة الإسلام وحفظ الشيعة بعد استشهاد أمير المؤمنين «عليه السلام». ففي الفترة التي سبقت استبصاري كنت أسمع من مشايخ أهل السنة عندما كانت العامة تسألهم في موضوع تعدد الزوجات فكان هؤلاء المشايخ يردون عليهم: «إن الإمام الحسن بن علي «عليه السلام» كان كثير الزواج ومطلاقاً لدرجة أن أمير المؤمنين «عليه السلام» قال فيه: «إن الحسن مطلاقاً فلا تنكحوه»([2]).. هذه إحدى الشبهات التي كنت أتعجب منها، وقد روي أن الإمام الحسن «عليه السلام» تزوج بسبع مائة امرأة، أو بأربع مائة أو بثلاث مائة..([3]). إلا أنني لم أكن أعرف وقتها أن الإمام الحسن «عليه السلام» كان معصوماً. والشبهة الثانية التي وردت علي: كانت بعد استبصاري حيث إن الكثير من الشيعة يعيب على الإمام «عليه السلام» صلحه مع معاوية وهذا نقص عند البعض يجب تسويته، فمن هنا اخترت لمقالتي عنوان: «ظلامة الإمام الحسن عليه السلام» وعليه نقول: بالنسبة لشبهة الأولى التي تقول: أن الإمام الحسن «عليه السلام» كان مطلاقاً، فهذه التهمة يرد عليها العديد من التساؤلات: ألف: إن أولاد الإمام الحسن «عليه السلام» يبدأ عددهم من اثني عشر ليصل كحد أقصى إلى اثنان وعشرون ولداً بين ذكر وأنثى، وهذا ما لا يتناسب مع العدد الكبير للزوجات الذي تم ذكره أعلاه، وبالتالي هذا العدد من الأولاد ليس بحاجة إلى كل هذه النساء ليتم استيلادهم فيكفي لذلك واحدة واثنتان.. ويظهر جلياً: أن الإمام الحسن «عليه السلام» لم يكن عقيماً وإلا لم يولد له كل هذه الأولاد، ولا يمكن أن يكون كل هذا العدد الكبير من الزوجات كلهن عقيمات.. فهل لأحد أن يبين لنا: أين ذهبت كل هذه الولادات التي تناسب كل هذه الزوجات الخيالية؟!! ب: إن من الواضح: أن ما روي عن كثرة زواج الإمام الحسن «عليه السلام» لم يكن للطعن فيه، بل أرادوا أن يظهروا: أن تعدد الزوجات وتطليقهن شيء جائز، وما يفعله سبط الرسول «صلى الله عليه وآله» وهو من الصحابة حسب اعتقادهم مثال يمكن الاقتداء به، على الرغم من حرص الكثيرين على إيجاد أي حجة ولو كانت تافهة ليعيبوا على أهل البيت «عليهم السلام»، إلا أنهم في هذا المجال لم يكونوا بصدد التعريض ولكن بصدد التعليل. ج: لقد عرف عن هذا الزمن ـ أي عهد النبوة وما بعدها ـ التسهيلات للزواج بأكثر من امرأة لأسباب متعددة، وحري بنا إيضاح، أن الاقتران بأكثر من امرأة ليس خاصية للإمام الحسن «عليه السلام» بل عدد كبير من الصحابة منهم عمر، وعثمان، والزبير الخ.. وينقل الرواة: أن عمر بن الخطاب، كان ينوي الزواج من فتاة بني هلال، إلا أنه زوجها فيما بعد لابنه عاصم. وفي نص هذه الرواية: «وود عمر من فوره لو تزوج هو نفسه هذه الفتاة، وإنها لخليقة أن تكون له زوجاً، إلا أنه كبر وعلت سنه وفاتته الرغبة والميل»([4]). د: وقد رووا عن أمير المؤمنين علي «عليه السلام» قوله: «إن حسناً مطلاق فلا تنكحوه». ومن البديهي القول: إن هذا من المحال، وذلك لأن الكثير من الروايات التي وردت عن النبي وأهل البيت «صلوات الله عليهم أجمعين» تمنع الطلاق دون أسباب وجيهة. ومنها: «إن أبغض الحلال عند الله الطلاق»([5]). ومنها: «فإن الطلاق يهتز منه العرش»([6]). فهل يا ترى يكون الإمام المعصوم، وسبط الرسول «صلى الله عليه وآله» بهذه الأخلاق؟!! وهل يجعل من المكروه طريقاً يستأنس به؟!! وكلمة يعبث بها كما يشاء؟!! لدرجة أنه يؤذي تلك النسوة المطلقات. وبعد كل هذا: ألا يصبح جلياً للجميع أن هذه المرويات موضوعة على الإمام الحسن «عليه السلام»، انتقاصاً من قدره وتقليلاً من شأنه ليضعوه عن مرتبته التي رتبه الله فيها، يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره.. أما بالنسبة للشبهة الثانية، فقد دخلت في عدة نقاشات مع الكثير من الناس ومن بينهم بعض الإخوة المستبصرين والبعض من الموالين الذين يعيبون على الإمام الحسن «عليه السلام» صلحه مع معاوية، ولم يلتفت هؤلاء إلى أن نفس الاعتراض هو خروج عن الولاية لو كان المعترض ملتفتاً لهذه اللوازم والتي منها نقص العلم والحكمة الخ.. وبالتالي هي قول بعدم العصمة، وإن هذه الشبهةناشئة عن عدم معرفة بالظروف التي أحاطت بالإمام «عليه السلام»، وقصور في قراءة الصلح وأهداف العظيمة التي حققها «عليه السلام» منه. وعلى ما أذكر: إن أحد الأصدقاء من المستبصرين الذين أعرفهم وكان ذلك في أول مرحلة من بحثه عن الحقيقة، وجه إلي سؤالاً، هو: «لماذا وضع الإمام الحسن «عليه السلام» يده بيد معاوية، وهو من هو من حيث المكر والخبث والدهاء، والأكثر كرهاً لأهل البيت «عليهم السلام»؟!!..» فحاولت أن ألخص له الأفكار الأساسية التي دفعت بالإمام «عليه السلام» لعقد الصلح مع معاوية من خلال توطئة عن وضع العراق وبنود الصلح، وأخيراً كيفية فضح الإمام «عليه السلام» لمعاوية، وقد بدأت كلامي كالآتي: «بعد أن بويع الإمام الحسن «عليه السلام» بالخلافة بعد أبيه، ورث مجتمعاً نخرته الفرقة والشقاق وظهرت فيه عدة فرق وأحزاب، وكان أخطرها الخوارج الذين هم إحدى أعظم المصائب التي برزت في العراق. فهم أناس سطحيون، وجهلة مغرورون، وهم يتوهمون أنهم هم المسلمون والإسلام حكر عليهم، فكانوا سبب نكسة صفين، وكانوا من أعظم أسباب زرع بذرة الشقاق في العراق، مما هيأ الأرضية المناسبة لمعاوية كي يخترق جبهة العراق، وذلك بإرسال الجواسيس والعملاء المزودين بالأموال الطائلة لشراء الذمم والضمائر ولبث الشائعات المغرضة بهدف تدمير الروح المعنوية للناس. فأصبح وضع الكوفة مضطرباً إلى حد كبير وتردى الوضع الداخلي الأمني بحيث إن الإمام الحسن «عليه السلام» كان يحترز من كثير من أهل الكوفة، فكان يرتدي تحت ملابسه درعاً، لأن الخوارج وعملاء معاوية كانوا كثيرين وكان احتمال تعرضه للاغتيال من قبلهم كبيراً، وقد حدثت ثلاث محاولات لاغتياله. ولم يكن الإمام الحسن «عليه السلام» يثق بأفراد جيشه وقادته بسبب ضعف ولاء الكثير منهم وقلة طاعتهم، بينما كان جيش معاوية تام الطاعة والولاء وعلى أتم الاستعداد لتنفيذ الأوامر من القيادة. كل هذه العوامل أدت إلى ضعف قوى أهل الكوفة وتفرق كلمتهم، وظهور الكثير من المنافقين والخونة، وساد أهل الكوفة الطمع في أن يسير معاوية معهم بسيرته مع أهل الشام وكان هذا من أهم أسباب ارتخائهم وتخاذلهم عن النهوض لقتاله. وهكذا فلن يمكن للإمام الحسن «عليه السلام» أن يكون أفضل حظاً من أبيه «عليه السلام» فيما لو قاتل بأهل الكوفة بعد أن اشتدت الفرقة وظهرت الخيانة بينهم، وضعفت شوكتهم عن ذي قبل، فهزيمته إذن في المعركة مع جيش الشام كانت سوف تكون هزيمة نكراء وقد تنتهي بمقتله ومقتل أهل بيته «عليهم السلام» وخيرة أصحابه. وعندما كانت الترتيبات تجري في المعسكرين استعداداً للحرب أرسل معاوية مندوباً عنه إلى الإمام الحسن «عليه السلام»، وقال له: «أعرض الصلح على الحسن بن علي ودعه يكتب ما يشاء من الشروط وأنا أقبلها كلها. وبعد أن كتب الإمام الحسن «عليه السلام» شروطه في وثيقة الصلح أقسم معاوية بكل الأيمان المغلظة، وأشهد الله ورسوله على أنه سوف ينفذ كل الشروط بدقة وأنه سوف يعمل بكتاب الله وسنة النبي «صلى الله عليه وآله»، وأنه لن يعين خليفة من بعده بل ترجع الخلافة للإمام «عليه السلام» ومن بعده إلى الإمام الحسين «عليه السلام»، وأنه لا يطلب من الإمام الحسن «عليه السلام» إلا تسليم الأمر له مدة حياته». وكانت الشروط التي كتبها الإمام الحسن«عليه السلام» في وثيقة الصلح: 1 ـ يسلم الأمر إلى معاوية بشرط أن يعمل بكتاب الله وسنة النبي«صلى الله عليه وآله». 2 ـ ترجع الخلافة بعد معاوية إلى الحسن«عليه السلام»وإذا حدث له حدث فإلى الحسين «عليه السلام». 3 ـ يوقف معاوية لعن أمير المؤمنين «عليه السلام» ولا يذكره إلا بالخير. 4 ـ تقديم بنو هاشم في العطايا على بني أمية. 5 ـ أن يكون أصحاب علي «عليه السلام» وشيعته في أمان أينما يكونوا..»([7]). لقد خطط الإمام الحسن «عليه السلام» لمعاهدة الصلح بوعي ودقة تامين، ولكن بعض من أصحابه لم يفهموا ما أراد الإمام «عليه السلام»، ولم يتقبلوا منه هذه الخطوة، وكانوا يقولون له: «يا عار المؤمنين»!! فيقول «عليه السلام»: «العار خير من النار». وقال له رجل: «السلام عليك يا مذل المؤمنين» فقال«عليه السلام»: «لست بمذل المؤمنين، ولكني كرهت أن أقتلكم على الملك»([8]). إن هذه الإهانات كانت توجه إلى حبيب رسول الله «صلى الله عليه وآله» الذي قال فيه: «اللهم إني أحبه فأحبه»([9])، لقد جهلوا قدره ومقامه. ومع هذا فقد لجأ الإمام الحسن «عليه السلام» إلى البيان بإظهاره شيء من آياته، فقد ورد عن جابر بن عبد الله: «أنه لما وقع عليه من أصحابه ما وقع ـ أي على الإمام الحسن «عليه السلام» ـ وألجأه ذلك إلى مصالحة معاوية، فصالحه، واشتد ذلك على خواص أصحابه، فكنت أحدهم فجئته فعذلته، فقال: «يا جابر، لا تعذلني، وصدق رسول الله «صلى الله عليه وآله»، في قوله: «إن ابني هذا سيد، وإن الله تعالى يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين». فكأنه لم يشف ذلك صدري فقلت: «لعل هذا شيء يكون بعد، وليس هذا هو الصلح مع معاوية، فإن هذا هلاك المؤمنين وإذ به وضع يده على صدري وقال: «شككت وقلت كذا». قال «عليه السلام»: «أتحب أن استشهد رسول الله «صلى الله عليه وآله» الآن حتى تسمع منه؟!! فعجبت لقوله، إذ سمعت هدة، وإذ بالأرض من تحت أرجلنا انشقت، وإذ رسول الله «صلى الله عليه وآله» وعلي وجعفر وحمزة قد خرجوا منها «عليهم السلام»، فوثبت مذعوراً فقال الحسن «عليه السلام»: «يا رسول الله، هذا جابر، وقد عذلني بما قد علمت». فقال «صلى الله عليه وآله»: «يا جابر، إنك لا تكون مؤمناً حتى تكون لأئمتك مسلماً، ولا تكون عليهم برأيك معرضاً، سلم لابني الحسن ما فعل، فإن الحق فيه، إنه دفع عن حياة المسلمين بما فعل، وما كان فعله إلا عن أمر الله، وأمري الخ..»([10]). إلا أن الإمام الحسن «عليه السلام» ما كان محتاجاً لذلك لو أن وعي الناس لحقائق الأمور كان أفضل ورؤيتهم لواقع الحال كانت أجلى، وبما أن الإمام الحسن «عليه السلام» هو المعصوم فعلمه من الله عز وجل، وصلحه مع معاوية ما كان إلا لفضحه بشكل صارخ أمام الأمة الإسلامية وإثبات زيف كل ادعاءته، بل وكشف الهوية الإجرامية والانحراف المتأصل في طبيعته، فقد كان «عليه السلام» يعرف طبيعته واستعجاله للأمور واستعداده لقبول شرط أن يحصل على السلطة. وفعلاً إن أول ما قام به معاوية هو: «إنه وضع الشروط تحت قدميه، وأثبت بذلك أنه ليس أكثر من مجرد سياسي ماكر غادر لا عهد له ولا ميثاق، فقد خاطب أهل الكوفة قائلاً: «والله ما قاتلتكم لكي تصلوا وتصوموا وتحجوا وتؤدوا الزكاة، وأني لأعلم أنكم تفعلون ذلك، ولكن قاتلتكم لأتأمر عليكم». لقد كان كل شرط من الشروط التي كتبها الإمام الحسن «عليه السلام» في ورقة الصلح جرساًَ مدوياً يقرع الآذان ليقول: يا مسلمون.. استيقظوا من غفلتكم، وأفهموا جيداً من هو معاوية». عندها سكت صديقي وقال: «السلام على أبا محمد الحسن، يوم ولد، ويوم مات ويوم يبعث حياً، فهو محي الدين ومعز المؤمنين. انتهى ([1]) إثبات الوصية ص13، والكافي ص463، ودلائل الإمامة ص68، الخرائج والجرائح ج9 ص23، ومناقب ابن شهر اشوب ج4 ص7، وعيون المعجزات ص62، ووكشف الغمة ج1 ص557، والصراط المستقيم ج ص177، ومدينة المعاجز ص205 و 27، ووسائل الشيعة ج8 ص55، وإثبات الهداة ج2 ص556، والثاقب في المناقب ص317: وفي الكل ورد باختلاف يسير. ([2]) المبسوط ج6 ص3، البحر الرائق ج3 ص412، خلاصة عبقات الأنوار ج4 ص236، النهاية في غريب الحديث ج43 ص135، ولسان العرب ج10 ص226، ومجمع البحرين ج3 ص75. ([3]) البداية والنهاية ج8 ص38. ([4]) ابن الجوزي ص65، وابن عبد الحكم ص17، وشذرات الذهب ج1 ص119، والخليفة الزاهد عمر بن عبد العزيز ص18، وقد وردت الرواية باختلاف بسيط. ([5]) الوسائل ج15 ص267، والكافي ج2 ص96. ([6]) وسائل الشيعة (ط آل البيت) ج22 ص9، ومكارم الأخلاق ص197، وعوالي اللآلي ج2 ص139، وكنزالعمال ج9 ص691. ([7]) الصواعق المحرقة ج2 ص399. ([8]) مختصر تاريخ ابن عساكر ج ص35 وتاريخ الخلفاء للسيوطي ص158، والحقائق من الصواعق ص81. ([9]) الصواعق المحرقة ص137، وصحيح البخاري ج3 ص31، وصحيح مسلم ج ص1500، وسنن الترمذي ج5 ص620، وسند البزار ج4 ص98، والمعجم الكبير للطبراني ج3 ص13، والمعجم الأوسط للطبراني ج2 ص207، والمستدرك على الصحيحين ج3 ص185، ومصابيح السنة ج4 ص186، وترجمة الإمام الحسن «عليه السلام» ص40، وتاريخ الإسلام ج4 ص36، والبداية والنهاية ج8 ص38، ومجمع الزوائد ج9 ص180، وتاريخ الخلفاء للسيوطي ص188. ([10]) معالم الزلفى ص414، والثاقب في المناقب ص306. |
بسمه تعالى
اقتباس:
اقتباس:
فالنبي صل الله عليه واله سممته اليهودية وابوها لعنة الله عليهما حتى قضى شهيدا فالاولى قول شهيد بدل مات ووفاة اقتباس:
فالامام عند الشيعة معصوم وقول المعصوم وفعله وتقريره حجة قال رسول الله صل الله عليه واله الحسن والحسين امامان قاما او قعدا والذي يعيب تصرف من الامام فليس بشيعي ولا يعرف معنى العصمة اجرك الله على البحث اخ السيد المستبصر |
بسمه تعالى
اللهم صل على محمد وآل محمد أخي العزيز، يا علي مدد.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. أما بعد.. لا بد لأحد أن ينفي التشيع عن أحد عنده في شبهة فعل أو قول الإمام أو تصرفه، فهو شيعي ولكنه مشتبه مضلل، وعلى الغير، أن يبين له خطأه، أما أن تنفي تشيعه فهذا ما قد ينفره منك، من هنا كان يجب توضيح الفكرة. ولكم الأجر والثواب شكراً |
أضف إلى ذلك يا أخي العزيز صحيح أن الإمام قد استشهد، ولكن الموت أعم قولاً وهو مقتبس من قوله تعالى:(السلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حياً) وأضف كذلك قوله تعالى:(ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل هم أحياء)، أما بالنسبة لشهادة النبي صلى الله عليه وآله هو صحيح وأنا قد فاتني مثل هذه الملاحظة فأجركم عظيم عند الله وتقبل الله طاعتكم.
|
اللهم صل على محمد و آل محمد و عجل فرجهم و اهلك أعدائهم
ظلامة الإمام الحسن عظيمة و يكفي من ظلاماته في عصرنا الحاضر كونه أسيراً بين من يهدم القبور و يكفرنا لمجرد طلب التبرك من ضريحه المقدس و ليس رسول الله (ص) و أئمة البقيع بأفضل حالاً منه . و لكن لا أظن أن في الشيعة ( في الوقت الحاضر ) من ينكر صواب الإمام الحسن (ع) في صلحه و الأسباب التي حملته إلى ذلك فهو عندنا إمام معصوم واجب الطاعة . و أما الفئة التي عيرت عليه صلحه فهي ذات الفئة التي انقلبت على أبيه أمير المؤمنين في صفين , و ذات الفئة التي دعت أخيه للبيعة ثم انقلبت عليه في كربلاء . و لكن أن يرد هذا السؤال على لسان باحث عن الحق فهو طبيعي لإزالة الشبهات و قد يكون جزء من البحث عن الحقيقة . متابعون لبحثكم القيم . |
اقتباس:
اقتباس:
لم انتقد البحث نقدي كان ان الشيعة تعيب على الامام عليه السلام فقولي هو ان الشيعي هو الذي يتبع الامام ويطيعه ولا يغلطه في اي امر مهما كان و الا فليس بشيعي |
نعم اخي الفاضل السيد المستبصر .... هذا أيضاً ما فهمته من تعليق الأخت الفاضلة*"يا علي مدد"
وهي قطعاً لا تقصد ما ذهبت إليه.. على كل حال نشكر طرحكم القيم أخي السيد الفاضل ... ودمت موفقاً ببركة أهل البيت(ع) |
نعم اخي الفاضل السيد المستبصر .... هذا أيضاً ما فهمته من تعليق الأخت الفاضلة*"يا علي مدد"
وهي قطعاً لا تقصد ما ذهبت إليه.. على كل حال نشكر طرحكم القيم أخي السيد الفاضل ... ودمت موفقاً ببركة أهل البيت(ع) |
أشكر لكم تتبعكم للبحث، ولكي أكد على ما قلته أننا لا ننفي التشيع عمن عنده شبهة من الشيعة وهؤلاء أشخاص موجودين، وأعطي مثالاً آخر: حين يتكلم بعض من الشيعة: وقد لا يقبلوا سكوت الإمام علي (عليه السلام) حين هجموا على داره وفيه الزهراء (عليها السلام) وقد جرى ما جرى، فهل يمكن أن أقول أن هذا المشتبه ليس بشيعي؟! أم أقول أن هذا الشيعي مشتبه ويجب أن أبين له سكوت الإمام لمصلحة ما؟!.
هو لم يستطيع أن يفهمها لقصور في وجهة نظره.. أختي العزيزة.. يجب علينا أن نتفهم هؤلاء ولا أن نرميهم بعدم التشيع.. وكل ما قصدته وعلمته من خلال كلمك أنك لا تعيبين على البحث، ولكن يجب أن لا نعتقد بضلال كل من قصر عقله عن فهم الإمام.. |
أحسنتم بارك الله فيكم...
نسألكم الدعاء. |
هل تخلو الأرض من حجة..
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسوله محمد وآله الطاهرين.. وبعد.. هل تخلو الأرض من حجة؟ هذا السؤال يطرح نفسه، فقد يأتي على ذهن أحدهم، كيف أن الله تعالى ترك الأرض بدون حجة بعد عيسى «عليه السلام»، ومن هو الذي لولاه لانتهى الخلق بدونه، ومن هو المبلغ بعده حتى وصل الأمر إلى النبي الأعظم محمد «صلى الله عليه وآله». وللإجابة على هذا التساؤل، أورد هذه الإجابة لسماحة السيد آية الله جعفر مرتضى العاملي في صدد جوابه على هذا التساؤل في ما يلي: قال الله سبحانه عن الذين كفروا: ﴿كُلَّمَا ألْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأتِكُمْ نَذِيرٌ * قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللهُ مِنْ شَيْءٍ﴾. وقال تعالى: ﴿وَإِنْ مِنْ أمَّةٍ إِلاَ خَلاَ فِيهَا نَذِيرٌ﴾. 1 ـ علماً أن هناك روايات كثيرة تدل على أنه قد كان في الفترة فيما بين النبي عيسى (عليه السلام) ونبينا الأعظم«صلى الله عليه وآله»، حجج: أوصياء، وأنبياء أو علماء وقد ذكرت بعضها أسماءهم كما سترى ونذكر من هذه الروايات العامة والمصرحة ببعض أسماء هؤلاء، كما سيأتي: غاية الأمر أن بعضهم قد يتستر على هذا الأمر، كما هو الحال بالنسبة لأبي طالب (عليه السلام) كما سنرى، أو يغيب عن الأنظار كما دلت عليه الروايات أيضاً.. وقد يكون هذا العالم الحجة على الناس داخلاً في جملة أهل الإيمان، حين يكونوا كثيرين.. فلا يميز التاريخ لنا شخصه، ولا يصرح لنا باسمه. وقد جاء في الروايات: أنه لا تخلو الأرض من حجة لله، إما ظاهر مشهور، وإما غائب مستور.. والأحاديث الدالة على هذا المعنى كثيرة جداً، فلتراجع في مصادرها. 2 ـ وفي نهج البلاغة، أن الإمام علياً «عليه السلام»، قال: ولم يخل الله سبحانه خلقه من نبي مرسل، أو كتاب منزل، أو حجة لازمة، أو محجة قائمة، رسل لا تقصر بهم قلة عددهم، ولا كثرة المكذبين لهم، من سابق سمى له من بعده، أو غابر عرّفه مَن قبلَه، على ذلك نسلت القرون، ومضت الدهور، وسلفت الآباء، وخلفت الأبناء، إلى أن بعث الله نبيه محمداً «صلى الله عليه وآله».. 3 ـ ومن الأنبياء الذين تذكر الروايات: أنهم بعثوا قبل رسول الله «صلى الله عليه وآله»، خالد بن سنان الذي بعث قبل النبي «صلى الله عليه وآله» بخمسين سنة.. وتذكر الروايات: أنه نبي ضيعه قومه. 4 ـ وأورد في إكمال الدين وإتمام النعمة حديثاً عن النبي «صلى الله عليه وآله»، ذكر فيه الأنبياء: عيسى، ثم يحيى، ثم العزير، ثم دانيال«عليهم السلام»، ، إلى أن قال: وكانت الفترة بين النبي عيسى«عليه السلام»، ومحمد «صلى الله عليه وآله»، أربعماية سنة، وثمانين سنة، وأولياء الله يومئذ في الأرض ذرية (أنشوا بن مكيخا) يرث ذلك منهم واحد بعد واحد، ممن يختاره الجبار. 5 ـ وذكر حديثاً طويلاً آخر عن النبي «صلى الله عليه وآله»، وفي آخره يقول: وأوصى عيسى إلى شمعون بن حمون الصفا، وأوصى شمعون إلى يحيى بن زكريا، وأوصى يحيى بن زكريا إلى منذر، وأوصى منذر إلى سليمة، وأوصى سليمة إلى بردة، ثم قال رسول الله «صلى الله عليه وآله»، ودفعها إليّ بردة، ودفعتها أنا إليك يا علي. وستأتي الإشارة إلى أن ذكر يحيى «عليه السلام»ـ إن لم يكن اشتباهاً من الراوي، فإنه جار وفق الرواية التي ذكرها المسعودي من أن يحيى «عليه السلام» قد كان بعد عيسى «عليه السلام»وكذلك الرواية التي رواها الصدوق في إكمال الدين، وهي المتقدمة برقم (4). 6 ـ وحين سئل الإمام الصادق «عليه السلام»، عن المجوس، قال«عليه السلام»: ما من أمة إلا خلا فيها نذير، وقد بعث إليهم نبي بكتاب من عند الله، فأنكروه وجحدوا كتابه.. 7 ـ وفي نص آخر: أن عيسى «عليه السلام» قد أوصى إلى شمعون بن حمون «عليه السلام»، فلما مضى شمعون غابت الحجج بعده فاشتد الطلب، وعظمت البلوى الخ.. وغيبة الحجج ليس معناه أنهم لم يكونوا موجودين، بل المراد هو تخفّيهم عن أعين الجبارين، ويوضح ذلك ذيل الرواية التالية: 8 ـ وفي نص آخر عن الإمام الصادق «عليه السلام»، قال: كان بين عيسى «عليه السلام»، وبين محمد «صلى الله عليه وآله» خمس مئة عام، منها مئتان وخمسون عاماً ليس فيها نبي، ولا عالم ظاهر. قلت: فما كانوا؟! قال: كانوا متمسكين بدين عيسى«عليه السلام». قلت: فما كانوا؟! قال: مؤمنين. ثم قال«عليه السلام»: ولا تكون الأرض إلا وفيها عالم. 9ـ قال المسعودي، بعد أن ذكر في كتاب: إثبات الوصية جملة من أحوال المسيح «عليه السلام»: وأوصى إلى شمعون، وأمرهم بطاعته، وسلم إليه الاسم الأعظم والتابوت، وذكر بعد شمعون يحيى بن زكريا «عليه السلام»، ثم منذر بن شمعون، ثم دانيال، ثم قال: وروي في خبر آخر: أن العزير ودانيال كانا قبل المسيح، ويحيى بن زكريا «عليهم السلام».. 10 ـ ومما نذكره هنا. هو أن الروايات قد أشارت إلى أن أبا طالب قد كان من الأوصياء، فقد روي أنه قد قيل لأمير المؤمنين (عليه السلام): من كان آخر الأوصياء قبل النبي «صلى الله عليه وآله»؟ فقال: أبي. 11 ـ عن درست بن أبي منصور: أنه سأل أبا الحسن الأول ـ الإمام الكاظم «عليه السلام» ـ : أكان رسول الله «صلى الله عليه وآله» محجوجاً بأبي طالب؟ فقال: لا. ولكنه كان مستودعاً للوصايا، فدفعها إليه. فقال: قلت: فدفع إليه الوصايا على أنه محجوج به؟!.. فقال: لو كان محجوجاً به ما دفع إليه الوصية. قال: قلت: فما كان حال أبي طالب؟!.. قال: أقر بالنبي وبما جاء به، ودفع إليه الوصايا، ومات من يومه.. وإذا كان أبو طالب من الأوصياء فكيف يكون حال عبد المطلب أيضاً الذي يحشر وعليه هيبة الملوك، وسيماء الأنبياء.. 12 ـ قال الصدوق في هذا الكتاب يعني الفترة: إنه لم يكن بينهم رسول، ولا نبي، ولا وصي ظاهر مشهور، كمن كان قبله. وعلى ذلك دل الكتاب المنزل: إن الله عز وجل بعث محمداً «صلى الله عليه وآله» على حين فترة من الرسل، من الأنبياء والأوصياء. ولكن قد كان بينه وبين النبي عيسى «عليه السلام»، أنبياء وأئمة مستورون خائفون، ومنهم خالد بن سنان العبسي نبي، لا يدفعه دافع، ولا ينكره منكر، لتواطي الأخبار بذلك عن الخاص والعام، وشهرتهم عندهم؛ وكان بين مبعثه ومبعث نبينا «صلى الله عليه وآله» خمسون سنة. وبعدما تقدم نقول: إن كان ثمة من فترة فيما بين عيسى «عليه السلام»، ونبينا الأعظم «صلى الله عليه وآله»، فإنما هي فترة انقطاع الرسل.. أما الأنبياء فكانوا يبعثون، وأما الأوصياء فكانوا موجودين أيضاً، يحضرون أو يغيبون، حسبما تقتضيه الأمور.. بل قد يقال: إن المراد بالفترة، هي فترة غيبة أولئك الأوصياء، حينما كان يستفحل فيها الفساد والانحراف. وعلى كل حال، فإن هناك أحاديث أخرى رواها السنة والشيعة، تدخل في هذا السياق، غير أننا نكتفي نحن هنا بهذا القدر.. والحمد لله، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين.. |
اقتباس:
من انا او انت حتى ننفي التشيع عن هذا او هذا نرجع الى كلام الله تعالى وكلام الائمة عليهم السلام ونرى الذي يرد كلام الامام ما يكون في الكافي، بإسناده عن عبد الله الكاهلي قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): لو أن قوما عبدوا الله وحده لا شريك له، و أقاموا الصلاة، و آتوا الزكاة، و حجوا البيت، و صاموا شهر رمضان ثم قالوا الشيء صنعه الله و صنع رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم): لم صنع هكذا و كذا، و لو صنع خلاف الذي صنع، أو وجدوا ذلك في قلوبهم لكانوا بذلك مشركين، ثم تلا هذه الآية: «فلا و ربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم - ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت و يسلموا تسليما» ثم قال أبو عبد الله(عليه السلام): عليكم بالتسليم. يقول السيد الطبطبائي في تفسيرالميزان واعلم أن هناك روايات تطبق الآيات أعني قوله: فلا و ربك لا يؤمنون إلى آخر الآيات على ولاية علي (عليه السلام) أو على ولاية أئمة أهل البيت (عليهم السلام)، و هو من مصاديق التطبيق على المصاديق، فإن الله سبحانه و رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) و الأئمة من أهل البيت (عليهم السلام) مصاديق الآيات و هي جارية فيهم. عن أبي بصير عن أبي عبد الله –عليه السلام- في قول الله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلّا تَخافُوا وَ لا تَحْزَنُوا) قال: هم الأئمّة و يجري فيمن استقام مِن شيعتنا و سلّم لأمرنا عن الامام الحسن عليه السلام في جواب رجل قال له :اني من شيعتكم يا عبد الله ان كنت لنا في اوامرنا وزواجرنا مُطيعا فقد صدقت ,وان كنت خلاف ذلك فلا تزد في ذنوبك بدعواك مرتبةً شريفه لست من اهلها ,لاتقل انا من شيعتكم ,ولكن قل انا من مواليكم ومُحيبيكم ومُعادي اعدائكم وانت في خيرٍ وال خير. عن الصادق عليه السلام : ليس من شيعتنا من قال بلسانه وخالفنا في اعمالنا وآثارنا . وعنه عليه السلام : قوم ٌ يزعمون اني امامهم ,والله ما انا لهم بامامٍ ,لعنهم الله , كلما سترت سترا هتكوه , اقول :كذا و كذا فيقولون :انما يعني كذا وكذا , انما أنا امام من اطاعني . اكتفي بهذا لك الحكم اخ السيد المستبصر وعذرا لقطع بحثك وعذرا للاطالة اللهم صل الله على محمد وال محمد وعجل فرجهم |
شكراً لكم يا أختاه، وأرجو من الله لك دوام التوفيق لما في فائدة لنا ولغيرنا ونفع الله بك المؤمنين والمؤمنات، ولكم مني جزيل الشكر على كل ما تؤديه لنا ولغيرنا من النصيحة.
والسلام عليكم ورحمة من الله وبركاته. أخوكم في الله السيد المستبصر. |
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق وأعز المرسلين سيدنا محمد وآله الطاهرين: أما بعد. الأخت المشتركة (يا علي مدد).. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. أريد أولاً أن أشكر لك هذا الإهتمام في الدفاع عن ما ترينه أنه حقاً، وأشكر الله تعالى أن جعلي لي أخوة ينصحون لي حين يرون كبواتي وهفواتي.. ولكن عندي تساؤل صحيح هذا ما يريده الإمام من شيعته، ولكن أنظري في نفس الحديث الذي أتيتي به كدليل، ماذا قال الإمام عليه السلام:(ولكن قل أنا من مواليكم ومُحيبيكم ومُعادي أعدائكم وأنت في خيرٍ وال خير.) وهذا ما أراده الإمام عليه السلام أن نبين خطأ من عنده شبهة وأن لا نخرجه من حبه وتوليه للأئمة عليهم صلوات الله.. أضف إلى ذلك: السيل الكبير من الروايات التي رويت عن الأئمة التي ترشدنا إلى كيفية التعامل مع أيتام آل محمد.. وكلنا على ما أظن من أيتامهم.. لذلك فإن البحث في طريق التعبيد لهؤلاء الشيعة المضللين هو واجب شرعي على كل من عرف الإمام، وليس فينا كما أعرف من عرف الإمام حق المعرفة: " يا علي ما عرفك إلا الله وأنا"، فإذا كان كل من يدعي التشيع للأئمة عليهم صلوات الله، ويقتفي آثرهم فهو كسلمان رضوان الله عليه. الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وآله: سلمان منا أهل البيت. ولكن عمار ومقداد وأبو ذر لم يصلوا لتلك المرحلة مع عظم موقعهم ومحبتهم لأهل البيت عليهم السلام. فكيف نوصل من هم أدنى وأدنى وأدنى من هؤلاء الصحابة الخلص من شيعة وأيتام آل محمد بأن نخرجهم من حبهم لآل البيت عليهم السلام لشبهة أعتقد بها. أم يكون من واجبي أن أظهر له مقام الإمام الحقيقي وأعرفه عليه وأبين له من خلال هذه الأحاديث وغيرها مما ذكرت روايات واستشهدت به من أقوال، وهناك غيرها التي كما قلت سابقاً مما يحث على أن ندفع بالناس إلى ركوب سفينة النجاة وهم محمد وآل محمد عليهمالسلام. من هنا أختي الكريمة (يا علي مدد) كان هدفي، وهو أن أبين للآخر حقيقة العقيدة، بالكلام اللين والسطور التي لا تخلو من الحنو والمحبة: لكي نكون دعاة للأهل البيت عليهم السلام بغير ألسنتنا، وأن نكون زيناً لهم لا شيناً عليهم. أرجو من الله ينفع بك المؤمنين.. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته أخوكم في الله السيد المستبصر.. |
الساعة الآن »10:50 PM. |