اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
الحركة الفاطمية في تثبيت الإمامة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق وأعز المرسلين نبينا محمد بن عبد الله، وعلى آله الطيبين الطاهرين..
أما بعد.. فإن الزهراء في المدة القصيرة التي عاشتها بعد وفاة الرسول الأعظم لعبت دوراً مهماً جداً في تثبيت الإمامة، والتأكيد على هذا الأساس العظيم من أسس الإسلام التي قام عليها وقد دعت إليها في كل حركة قامت بها سواء كانت حركة رفض لفرض الواقع الجديد أو بيان لما هو واجب الأمة تجاه قادتها.
لذلك فقد اخترت أن تكون مقالتي هذه بعنوان: الحركة الفاطمية في تثبيت الإمامة.
وهي مقالة تحليلية للدور الذي قامت به الزهراء صلوات الله عليها.
وعليه نقول: إنه بعد اغتصاب الحكم من الإمام علي صلوات الله عليه، كان على أمير المؤمنين مواجهة انحراف الأمة التي علم من رسول الله أنها ستنقلب عليه بعد مبايعتها له بل إنها ستمارس أبشع أنواع الظلم على أهل البيت وخصوصاً على سيدة النساء صلوات الله عليها.
ولما كان رسول الله قد هيء لهذه المواجهة ببيان حق علي وما هو عليه بل وبيان منزلة الزهراء وكيف أنها هي مدار سخط الله ورضاه حتى لا تعذر الأمة بعد ذلك بمخالفاتها التي مورست بحقها ولبيان أن من تبايعه الزهراء هو المنصوب وهو صاحب الحق ومن تسخط عليه مغتصب ظالم ومن هنا كانت مواجهة أهل البيت جميعاً من خلال الحركة الفاطمية التي قامت بها الصديقة الطاهرة ، وهنا جاءت مسألة فدك لتحتل الصدارة في السياسة العلوية الجديدة، فإن الحركة الفاطمية التي رسم الإمام خطوطها بإتقان وكان الدور الفاطمي يتلخص في أن تبين الزهراء للأمة عدم صلاحية من توثب لخلافة رسول الله بغير حق من خلال بيانها أنهم لا يعلمون أحكام الدين ولا يعرفون القضاء فكيف يخلفون رسول الله في بيان الأحكام وتربية الأمة على أمور لا يعرفونها فقد طالبت الصديقة أبا بكر بما انتزعه منها من أموال وجعلت المطالب وسيلة للمناقشة في المسألة السياسية، وقد هيأت مسألة فدك فرصة لا تعوض للإدلاء برأيها في الحكومة القائمة، وكان لابد لها أن تدلي بتصريحاتها أمام الناس، لإفهامهم بأن اللحظة التي عدلوا فيها عن علي إلى أبي بكر كانت لحظة هوس وشذوذ. وأنهم بذلك أخطأوا وخالفوا كتاب ربهم عز وجل.
وقد حاولت تبيان أحقية الإمام في قيادة الأمة بعد الرسول صلى الله عليه و آله وسلم وقد تجلى ذلك في خطبتها التي ألقتها في مسجد أبيها صلى الله عليه وأله وسلم، على مسمع ومرأى من المسلمين وبضمنهم الحكومة الجديدة، فكان مما قالته: "أم أنتم أعلم بخصوص القرآن وعمومه من أبي وأبن عمي؟" وقالت أيضاً: "أبعدتم من هو أحق البسط والقبض"(1).
حيث أوضحت أن علياً أعلم الناس بعد النبي صلى الله عليه و أله بمعرفة الرسالة وأحكامها وقوانينها، وهو لذلك أحق برعاية شؤون الأمة التي صنعها الوحي الإلهي.
وقد كشفت ألاعيب الحكومة الجديدة على الشرع المقدس، واجتهاداتهم التي لا علاقة لها بأهداف الرسالة..
وهذه النقاط الثلاثة هي التي استهدفتها فاطمة في مطالبتها الحيثية بفدك، وليس لها وراء ذلك هدف مادي رخيص، كما يعتقد البعض من مؤرخي حياتها.
وفي الحركة الفاطمية توفر أمران لا يتهيأن لأمير المؤمنين فيما لو وقف ذات الموقف: الأول: أن السيدة الزهراء أقدر بظروف فجيعتها الخاصة ومكانتها من أبيها على استثارة العواطف وإيصال المسلمين بروح أبيها العظيم صلوات الله عليهما وأيامه الغراء وتجنيد مشاعرهم لقضايا أهل البيت .
الثاني: أنها مهما اتخذت منازعتها من أشكال فلن تكتسب لون الحرب المسلحة فقد أراد الإمام أن يسمع الناس يومئذ صوته من فم الزهراء ويبقى هو بعيداً عن ميدان المعركة ينتظر اللحظة المناسبة للاستفادة منها، وأراد أيضاً أن يقدم لأمة القرآن كلها الحركة الفاطمية برهاناً على بطلان الخلافة القائمة وقد تم للإمام ما أراد حيث عبرت الزهراء عن الحق العلوي تعبيراً واضحاً.
وهناك عدة مظاهر تتلخص الحركة الفاطمية فيها:
أولاً: إرسالها رسول ينازع أبا بكر في مسألة الميراث ويطالب بحقوقها وهذه الخطوة الأولى التي انتهجتها الزهراء تمهيداً لمباشرتها العمل بنفسها، وقد تقدمت المطالبة بالإرث على دعوى النحلة لأن دعوى الإرث أقرب الطريقين إلى استخلاص الحق، لثبوت التوارث بميراثها من أبيها الذي يشمل فدكاً في معتقد الخليفة لعدم إطلاعه على النحلة وليس في هذه المطالبة مناقضة لدعوى نحلة فدك إطلاقاً لأن المطالبة بالميراث لم تتجه إلى فدك خاصة وإنما تعلقت بتركة النبي وسلم عامة.
ثانياً: مواجهتها بنفسها له في اجتماع خاص وقد أرادت بتلك المقابلة أن تشتد في طلب حقوقها من الخمس وفدك وغيرهما لتعرف مدى استعداد الخليفة للمقاومة.
ثالثاً: خطبتها في المسجد بعد عشرة أيام من وفاة أبيها صلوات الله عليهما.
رابعاً: حديثها مع أبي بكر وعمر حينما زارها بقصد الاعتذار منها وإعلان غضبها عليهما وأنهما أغضبا الله ورسوله وسلم بذلك، حين قالت: "اللهم إني أشهدك فاشهدوا يا من حضرني: أنهما قد آذياني في حياتي وعند موتي.
والله لا أكلمكما من رأسي كلمة حتى ألقى ربي فأشكوكما إليه بما صنعتما بي، وارتكبتما مني.
فدعا أبو بكر بالويل والثبور: وقال: "يا ليت أمي لم تلدني!!
فقال عمر: عجباً للناس كيف ولوك أمرهم وأنت شيخ قد خرفت! تجزع لغضب امرأة؟ وقاما وخرجا(2).
خامساً: خطابها الذي ألقته على نساء المهاجرين والأنصار حين اجتماعهن عندها.
مما جعل النساء يعدن قولها على رجالهن فجاء إليها قوم من وجوه المهاجرين والأنصار معتذرين فقالوا: "يا سيدة النساء، لو كان أبو الحسن ذكر لنا هذا الأمر من قبل أن نبرم العهد، ونحكم العقد لما عدلنا إلى غيره.
فقالت: إليكم عني! فلا عذر بعد تعذيركم، ولا أمر بعد تقصيركم"(3).
سادساً: وصيتها بأن لا يحضر تجهيزها ودفنها أحد من خصومها وكانت الوصية هي الإعلان الأخير من الزهراء عن نقمتها على الخلافة القائمة.
نتائج الحركة الفاطمية:
لقد فشلت الحركة الفاطمية لأنها لم تطح بحكومة الخليفة في زحفها الأخير الخطير الذي قامت به في اليوم العاشر من وفاة النبي وسلم ولا ريب في أن شخصية الخليفة المغتصب من أهم الأسباب التي أدت إلى ضلال الأمة، لأنه من أصحاب المكر والخديعة.
فقد عالج الموقف بمكر ودهاء بعدما علم بجهل الأمة، وهذا ما أنقذه من السقوط.
فبينما هو يذوب رقة في جوابه للزهراء ، وإذا به يطوي نفسه على نار متأججة تندلع بعد خروج الزهراء من المسجد فيقول: "أيها الناس ما هذه الدعة، ومع كل قالة أمنية؟ أين كانت هذه الأماني في عهد نبيكم؟ فمن سمع فليقل، ومن شهد فليتكلم، كلا بل هو ثعالة شهيده ذنبه"(4). ـ فهو يقصد أن الثعلب هو الإمام علي والذنب هي سيدة النساء عليهما السلام ـ فإن الانقلاب من اللين والهدوء إلى الغضب والغيظ يدلنا على مقدار ما أوتي من سيطرة على مشاعره وقدرته على مسايرة الظرف وتمثيل الدور المناسب في كل حين.
ونجحت معارضة الزهراء لأنها جهزت الحق بقوة قاهرة، وأضافت إلى طاقته على الخلود في ميدان الجهاد المذهبي طاقة جديدة، وقد سجلت هذا النجاح في حركتها كلها وفي محاورتها مع أبي بكر وعمر عند زيارتهما لها بصورة خاصة وقد ذكرنا ما قالته لهما سابقاً.
فسلام عليها يوم ولدت ويوم استشهدت ويوم تبعث حية.
المصادر:
(1) دلائل الإمامة ـ للطبري ـ ص117 والسقيفة وفدك ـ للجوهري ـ ص 144 وشرح الأخبار ـ للقاضي النعمان ـ ج3 ص37 والاحتجاج ـ للطبرسي ـ ص137 وبحار الأنوار ج 29 ص226.
(2) بحار الأنوار ج43 ص204 واللمعة البيضاء ـ للتبريزي ـ ص141 وبيت الأحزان ـ للشيخ عباس للقمي ـ ص 172 وصحيفة الزهراء ـ للشيخ جواد القيومي ـ ص178.
(3) بحار الأنوار ج43 ص161 وبيت الأحزان ـ للشيخ عباس القمي ـ ص175 واللمعة البيضاء ـ للتبريزي الأنصاري ـ ص851 والإحتجاج ـ للطبرسي ـ ج1 ص149.
(4) دلائل الإمامة ـ للطبري ـ ص123والسقيفة وفدك ـ للجوهري ـ ص104 وبحار الأنوار ج29 ص226 وفدك في التاريخ ـ للسيد محمد باقر الصدر ـ ص67 ومكاتيب الرسول ـ للأحمدي ـ ج1ص118وشرح نهج البلاغة ـ للمعتز لي ـ ج16 ص215.
اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصلاة وسلام على أشرف خلق الله وأعز المرسلين سيدنا محمد بن عبد الله وعلى آله الطيبين الطاهرين..
وبعد..
الإمام الحسن بن علي بن أبي طالب «»، هو ثالث الأئمة وسيد شباب شهداء أهل الجنة، وريحانة المصطفى «» وربيبه، والإمام المختزن للعلم الإلهي، يفيض العلم من جنبيه، منذ كان صبياً صغيراً،فأنظر إلى تلك الحادثة حين أجاب الأعرابي الذي أزدرى منه حين أشار النبي «» للإمام الحسن «» وهو ما زال صبياً كي يجيب ذاك الإعرابي، فما كان من الأعرابي إلا أن قال: «وهو لا يأتي ـ أي النبي «» ـ ويأمر صبياً يكلمني؟!.. فابتدر الحسن «» قائلاً: «مهلاً يا أعرابي:
ما غبياً سألت وأبن غبي *** بل فقهياً أذن وأنت الجهول
فإن تك قد جهلت فإن عندي *** شفاء الجهل ما سأل السؤول
وبحراً لا لقسمه الدوالي *** تراثاً كان أورثه الرسول
لقد بسطت لسانك، وعدوت طورك، وخادعتك نفسك، غير أنك لا تبرح حتى تؤمن إن شاء الله تعالى »..الخ »([1]).
إن الكلمات لتعجز عن مدحه، والأقلام تجف عن ذكر فضائله، فأني أتوجه إليه في هذه الأبيات:
أبا محمد يا مجتبى عن الخلق والورى *** وسليل محمد للعلى والمجد آرتقى
إيمانك حفظ الدين والعلم وبك *** مزايا وأخلاق النبي الهاشمي المصطفى
تقلبت في الأصلاب الشامخة لم *** تنجسك الجاهلية بطهرك أبداً أبدا
أنت من نور علياً وفاطمة معاً *** كنتم أنوار تطوف بالعرش الله تألقا
ولي من أولياء الله في الأرض *** منارة بنورها فؤاد المحب قد تعلقا
هذه الشخصية الفذة التي واجهت الكثير من أصابع الاتهام في حياته وحتى بعد استشهاده، وهو الإمام الذي كان له دور مهم في إرساء الدين والحفاظ على بيضة الإسلام وحفظ الشيعة بعد استشهاد أمير المؤمنين «».
ففي الفترة التي سبقت استبصاري كنت أسمع من مشايخ أهل السنة عندما كانت العامة تسألهم في موضوع تعدد الزوجات فكان هؤلاء المشايخ يردون عليهم: «إن الإمام الحسن بن علي «» كان كثير الزواج ومطلاقاً لدرجة أن أمير المؤمنين «» قال فيه: «إن الحسن مطلاقاً فلا تنكحوه»([2])..
هذه إحدى الشبهات التي كنت أتعجب منها، وقد روي أن الإمام الحسن «» تزوج بسبع مائة امرأة، أو بأربع مائة أو بثلاث مائة..([3]).
إلا أنني لم أكن أعرف وقتها أن الإمام الحسن «» كان معصوماً.
والشبهة الثانية التي وردت علي: كانت بعد استبصاري حيث إن الكثير من الشيعة يعيب على الإمام «» صلحه مع معاوية وهذا نقص عند البعض يجب تسويته، فمن هنا اخترت لمقالتي عنوان: «ظلامة الإمام الحسن »
وعليه نقول:
بالنسبة لشبهة الأولى التي تقول:
أن الإمام الحسن «» كان مطلاقاً، فهذه التهمة يرد عليها العديد من التساؤلات:
ألف: إن أولاد الإمام الحسن «» يبدأ عددهم من اثني عشر ليصل كحد أقصى إلى اثنان وعشرون ولداً بين ذكر وأنثى، وهذا ما لا يتناسب مع العدد الكبير للزوجات الذي تم ذكره أعلاه، وبالتالي هذا العدد من الأولاد ليس بحاجة إلى كل هذه النساء ليتم استيلادهم فيكفي لذلك واحدة واثنتان..
ويظهر جلياً: أن الإمام الحسن «» لم يكن عقيماً وإلا لم يولد له كل هذه الأولاد، ولا يمكن أن يكون كل هذا العدد الكبير من الزوجات كلهن عقيمات..
فهل لأحد أن يبين لنا: أين ذهبت كل هذه الولادات التي تناسب كل هذه الزوجات الخيالية؟!!
ب: إن من الواضح: أن ما روي عن كثرة زواج الإمام الحسن «» لم يكن للطعن فيه، بل أرادوا أن يظهروا: أن تعدد الزوجات وتطليقهن شيء جائز، وما يفعله سبط الرسول «» وهو من الصحابة حسب اعتقادهم مثال يمكن الاقتداء به، على الرغم من حرص الكثيرين على إيجاد أي حجة ولو كانت تافهة ليعيبوا على أهل البيت «»، إلا أنهم في هذا المجال لم يكونوا بصدد التعريض ولكن بصدد التعليل.
ج: لقد عرف عن هذا الزمن ـ أي عهد النبوة وما بعدها ـ التسهيلات للزواج بأكثر من امرأة لأسباب متعددة، وحري بنا إيضاح، أن الاقتران بأكثر من امرأة ليس خاصية للإمام الحسن «» بل عدد كبير من الصحابة منهم عمر، وعثمان، والزبير الخ..
وينقل الرواة: أن عمر بن الخطاب، كان ينوي الزواج من فتاة بني هلال، إلا أنه زوجها فيما بعد لابنه عاصم.
وفي نص هذه الرواية: «وود عمر من فوره لو تزوج هو نفسه هذه الفتاة، وإنها لخليقة أن تكون له زوجاً، إلا أنه كبر وعلت سنه وفاتته الرغبة والميل»([4]).
د: وقد رووا عن أمير المؤمنين علي «» قوله: «إن حسناً مطلاق فلا تنكحوه».
ومن البديهي القول: إن هذا من المحال، وذلك لأن الكثير من الروايات التي وردت عن النبي وأهل البيت «صلوات الله عليهم أجمعين» تمنع الطلاق دون أسباب وجيهة.
ومنها: «إن أبغض الحلال عند الله الطلاق»([5]).
ومنها: «فإن الطلاق يهتز منه العرش»([6]).
فهل يا ترى يكون الإمام المعصوم، وسبط الرسول «» بهذه الأخلاق؟!! وهل يجعل من المكروه طريقاً يستأنس به؟!! وكلمة يعبث بها كما يشاء؟!! لدرجة أنه يؤذي تلك النسوة المطلقات.
وبعد كل هذا: ألا يصبح جلياً للجميع أن هذه المرويات موضوعة على الإمام الحسن «»، انتقاصاً من قدره وتقليلاً من شأنه ليضعوه عن مرتبته التي رتبه الله فيها، يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره..
أما بالنسبة للشبهة الثانية، فقد دخلت في عدة نقاشات مع الكثير من الناس ومن بينهم بعض الإخوة المستبصرين والبعض من الموالين الذين يعيبون على الإمام الحسن «» صلحه مع معاوية، ولم يلتفت هؤلاء إلى أن نفس الاعتراض هو خروج عن الولاية لو كان المعترض ملتفتاً لهذه اللوازم والتي منها نقص العلم والحكمة الخ.. وبالتالي هي قول بعدم العصمة، وإن هذه الشبهةناشئة عن عدم معرفة بالظروف التي أحاطت بالإمام «»، وقصور في قراءة الصلح وأهداف العظيمة التي حققها «» منه.
وعلى ما أذكر: إن أحد الأصدقاء من المستبصرين الذين أعرفهم وكان ذلك في أول مرحلة من بحثه عن الحقيقة، وجه إلي سؤالاً، هو: «لماذا وضع الإمام الحسن «» يده بيد معاوية، وهو من هو من حيث المكر والخبث والدهاء، والأكثر كرهاً لأهل البيت «»؟!!..»
فحاولت أن ألخص له الأفكار الأساسية التي دفعت بالإمام «» لعقد الصلح مع معاوية من خلال توطئة عن وضع العراق وبنود الصلح، وأخيراً كيفية فضح الإمام «» لمعاوية، وقد بدأت كلامي كالآتي:
«بعد أن بويع الإمام الحسن «» بالخلافة بعد أبيه، ورث مجتمعاً نخرته الفرقة والشقاق وظهرت فيه عدة فرق وأحزاب، وكان أخطرها الخوارج الذين هم إحدى أعظم المصائب التي برزت في العراق.
فهم أناس سطحيون، وجهلة مغرورون، وهم يتوهمون أنهم هم المسلمون والإسلام حكر عليهم، فكانوا سبب نكسة صفين، وكانوا من أعظم أسباب زرع بذرة الشقاق في العراق، مما هيأ الأرضية المناسبة لمعاوية كي يخترق جبهة العراق، وذلك بإرسال الجواسيس والعملاء المزودين بالأموال الطائلة لشراء الذمم والضمائر ولبث الشائعات المغرضة بهدف تدمير الروح المعنوية للناس.
فأصبح وضع الكوفة مضطرباً إلى حد كبير وتردى الوضع الداخلي الأمني بحيث إن الإمام الحسن «» كان يحترز من كثير من أهل الكوفة، فكان يرتدي تحت ملابسه درعاً، لأن الخوارج وعملاء معاوية كانوا كثيرين وكان احتمال تعرضه للاغتيال من قبلهم كبيراً، وقد حدثت ثلاث محاولات لاغتياله.
ولم يكن الإمام الحسن «» يثق بأفراد جيشه وقادته بسبب ضعف ولاء الكثير منهم وقلة طاعتهم، بينما كان جيش معاوية تام الطاعة والولاء وعلى أتم الاستعداد لتنفيذ الأوامر من القيادة.
كل هذه العوامل أدت إلى ضعف قوى أهل الكوفة وتفرق كلمتهم، وظهور الكثير من المنافقين والخونة، وساد أهل الكوفة الطمع في أن يسير معاوية معهم بسيرته مع أهل الشام وكان هذا من أهم أسباب ارتخائهم وتخاذلهم عن النهوض لقتاله.
وهكذا فلن يمكن للإمام الحسن «» أن يكون أفضل حظاً من أبيه «» فيما لو قاتل بأهل الكوفة بعد أن اشتدت الفرقة وظهرت الخيانة بينهم، وضعفت شوكتهم عن ذي قبل، فهزيمته إذن في المعركة مع جيش الشام كانت سوف تكون هزيمة نكراء وقد تنتهي بمقتله ومقتل أهل بيته «» وخيرة أصحابه.
وعندما كانت الترتيبات تجري في المعسكرين استعداداً للحرب أرسل معاوية مندوباً عنه إلى الإمام الحسن «»، وقال له: «أعرض الصلح على الحسن بن علي ودعه يكتب ما يشاء من الشروط وأنا أقبلها كلها.
وبعد أن كتب الإمام الحسن «» شروطه في وثيقة الصلح أقسم معاوية بكل الأيمان المغلظة، وأشهد الله ورسوله على أنه سوف ينفذ كل الشروط بدقة وأنه سوف يعمل بكتاب الله وسنة النبي «»، وأنه لن يعين خليفة من بعده بل ترجع الخلافة للإمام «» ومن بعده إلى الإمام الحسين «»، وأنه لا يطلب من الإمام الحسن «» إلا تسليم الأمر له مدة حياته».
وكانت الشروط التي كتبها الإمام الحسن«» في وثيقة الصلح:
1 ـ يسلم الأمر إلى معاوية بشرط أن يعمل بكتاب الله وسنة النبي«».
2 ـ ترجع الخلافة بعد معاوية إلى الحسن«»وإذا حدث له حدث فإلى الحسين «».
3 ـ يوقف معاوية لعن أمير المؤمنين «» ولا يذكره إلا بالخير.
4 ـ تقديم بنو هاشم في العطايا على بني أمية.
5 ـ أن يكون أصحاب علي «» وشيعته في أمان أينما يكونوا..»([7]).
لقد خطط الإمام الحسن «» لمعاهدة الصلح بوعي ودقة تامين، ولكن بعض من أصحابه لم يفهموا ما أراد الإمام «»، ولم يتقبلوا منه هذه الخطوة، وكانوا يقولون له: «يا عار المؤمنين»!!
فيقول «»: «العار خير من النار».
وقال له رجل: «السلام عليك يا مذل المؤمنين»
فقال«»: «لست بمذل المؤمنين، ولكني كرهت أن أقتلكم على الملك»([8]).
إن هذه الإهانات كانت توجه إلى حبيب رسول الله «» الذي قال فيه: «اللهم إني أحبه فأحبه»([9])، لقد جهلوا قدره ومقامه.
ومع هذا فقد لجأ الإمام الحسن «» إلى البيان بإظهاره شيء من آياته، فقد ورد عن جابر بن عبد الله: «أنه لما وقع عليه من أصحابه ما وقع ـ أي على الإمام الحسن «» ـ وألجأه ذلك إلى مصالحة معاوية، فصالحه، واشتد ذلك على خواص أصحابه، فكنت أحدهم فجئته فعذلته، فقال: «يا جابر، لا تعذلني، وصدق رسول الله «»، في قوله: «إن ابني هذا سيد، وإن الله تعالى يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين».
فكأنه لم يشف ذلك صدري فقلت: «لعل هذا شيء يكون بعد، وليس هذا هو الصلح مع معاوية، فإن هذا هلاك المؤمنين وإذ به وضع يده على صدري وقال: «شككت وقلت كذا».
قال «»: «أتحب أن استشهد رسول الله «» الآن حتى تسمع منه؟!! فعجبت لقوله، إذ سمعت هدة، وإذ بالأرض من تحت أرجلنا انشقت، وإذ رسول الله «» وعلي وجعفر وحمزة قد خرجوا منها «»، فوثبت مذعوراً فقال الحسن «»: «يا رسول الله، هذا جابر، وقد عذلني بما قد علمت».
فقال «»: «يا جابر، إنك لا تكون مؤمناً حتى تكون لأئمتك مسلماً، ولا تكون عليهم برأيك معرضاً، سلم لابني الحسن ما فعل، فإن الحق فيه، إنه دفع عن حياة المسلمين بما فعل، وما كان فعله إلا عن أمر الله، وأمري الخ..»([10]).
إلا أن الإمام الحسن «» ما كان محتاجاً لذلك لو أن وعي الناس لحقائق الأمور كان أفضل ورؤيتهم لواقع الحال كانت أجلى، وبما أن الإمام الحسن «» هو المعصوم فعلمه من الله عز وجل، وصلحه مع معاوية ما كان إلا لفضحه بشكل صارخ أمام الأمة الإسلامية وإثبات زيف كل ادعاءته، بل وكشف الهوية الإجرامية والانحراف المتأصل في طبيعته، فقد كان «» يعرف طبيعته واستعجاله للأمور واستعداده لقبول شرط أن يحصل على السلطة.
وفعلاً إن أول ما قام به معاوية هو: «إنه وضع الشروط تحت قدميه، وأثبت بذلك أنه ليس أكثر من مجرد سياسي ماكر غادر لا عهد له ولا ميثاق، فقد خاطب أهل الكوفة قائلاً: «والله ما قاتلتكم لكي تصلوا وتصوموا وتحجوا وتؤدوا الزكاة، وأني لأعلم أنكم تفعلون ذلك، ولكن قاتلتكم لأتأمر عليكم».
لقد كان كل شرط من الشروط التي كتبها الإمام الحسن «» في ورقة الصلح جرساًَ مدوياً يقرع الآذان ليقول: يا مسلمون.. استيقظوا من غفلتكم، وأفهموا جيداً من هو معاوية».
عندها سكت صديقي وقال: «السلام على أبا محمد الحسن، يوم ولد، ويوم مات ويوم يبعث حياً، فهو محي الدين ومعز المؤمنين. انتهى
([1]) إثبات الوصية ص13، والكافي ص463، ودلائل الإمامة ص68، الخرائج والجرائح ج9 ص23، ومناقب ابن شهر اشوب ج4 ص7، وعيون المعجزات ص62، ووكشف الغمة ج1 ص557، والصراط المستقيم ج ص177، ومدينة المعاجز ص205 و 27، ووسائل الشيعة ج8 ص55، وإثبات الهداة ج2 ص556، والثاقب في المناقب ص317: وفي الكل ورد باختلاف يسير.
([2]) المبسوط ج6 ص3، البحر الرائق ج3 ص412، خلاصة عبقات الأنوار ج4 ص236، النهاية في غريب الحديث ج43 ص135، ولسان العرب ج10 ص226، ومجمع البحرين ج3 ص75.
([3]) البداية والنهاية ج8 ص38.
([4]) ابن الجوزي ص65، وابن عبد الحكم ص17، وشذرات الذهب ج1 ص119، والخليفة الزاهد عمر بن عبد العزيز ص18، وقد وردت الرواية باختلاف بسيط.
([5]) الوسائل ج15 ص267، والكافي ج2 ص96.
([6]) وسائل الشيعة (ط آل البيت) ج22 ص9، ومكارم الأخلاق ص197، وعوالي اللآلي ج2 ص139، وكنزالعمال ج9 ص691.
([7]) الصواعق المحرقة ج2 ص399.
([8]) مختصر تاريخ ابن عساكر ج ص35 وتاريخ الخلفاء للسيوطي ص158، والحقائق من الصواعق ص81.
([9]) الصواعق المحرقة ص137، وصحيح البخاري ج3 ص31، وصحيح مسلم ج ص1500، وسنن الترمذي ج5 ص620، وسند البزار ج4 ص98، والمعجم الكبير للطبراني ج3 ص13، والمعجم الأوسط للطبراني ج2 ص207، والمستدرك على الصحيحين ج3 ص185، ومصابيح السنة ج4 ص186، وترجمة الإمام الحسن «» ص40، وتاريخ الإسلام ج4 ص36، والبداية والنهاية ج8 ص38، ومجمع الزوائد ج9 ص180، وتاريخ الخلفاء للسيوطي ص188.
([10]) معالم الزلفى ص414، والثاقب في المناقب ص306.
اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
بسمه تعالى
اللهم صل على محمد وآل محمد
أخي العزيز، يا علي مدد..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أما بعد..
لا بد لأحد أن ينفي التشيع عن أحد عنده في شبهة فعل أو قول الإمام أو تصرفه، فهو شيعي ولكنه مشتبه مضلل، وعلى الغير، أن يبين له خطأه، أما أن تنفي تشيعه فهذا ما قد ينفره منك، من هنا كان يجب توضيح الفكرة.
ولكم الأجر والثواب
شكراً
اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
أضف إلى ذلك يا أخي العزيز صحيح أن الإمام قد استشهد، ولكن الموت أعم قولاً وهو مقتبس من قوله تعالىالسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حياً) وأضف كذلك قوله تعالىولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل هم أحياء)، أما بالنسبة لشهادة النبي هو صحيح وأنا قد فاتني مثل هذه الملاحظة فأجركم عظيم عند الله وتقبل الله طاعتكم.
اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
اللهم صل على محمد و آل محمد و عجل فرجهم و اهلك أعدائهم
ظلامة الإمام الحسن عظيمة و يكفي من ظلاماته في عصرنا الحاضر كونه أسيراً بين من يهدم القبور و يكفرنا لمجرد طلب التبرك من ضريحه المقدس و ليس رسول الله (ص) و أئمة البقيع بأفضل حالاً منه .
و لكن لا أظن أن في الشيعة ( في الوقت الحاضر ) من ينكر صواب الإمام الحسن (ع) في صلحه و الأسباب التي حملته إلى ذلك فهو عندنا إمام معصوم واجب الطاعة .
و أما الفئة التي عيرت عليه صلحه فهي ذات الفئة التي انقلبت على أبيه أمير المؤمنين في صفين , و ذات الفئة التي دعت أخيه للبيعة ثم انقلبت عليه في كربلاء .
و لكن أن يرد هذا السؤال على لسان باحث عن الحق فهو طبيعي لإزالة الشبهات و قد يكون جزء من البحث عن الحقيقة .
اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
اقتباس
والشبهة الثانية التي وردت علي: كانت بعد استبصاري حيث إن الكثير من الشيعة يعيب على الإمام «» صلحه مع معاوية وهذا نقص عند البعض يجب تسويته، فمن هنا اخترت لمقالتي عنوان: «ظلامة الإمام الحسن »
اقتباس
لكن أن يرد هذا السؤال على لسان باحث عن الحق فهو طبيعي لإزالة الشبهات و قد يكون جزء من البحث عن الحقيقة .
بسمه تعالى
لم انتقد البحث نقدي كان ان الشيعة تعيب على الامام
فقولي هو ان الشيعي هو الذي يتبع الامام ويطيعه ولا يغلطه في اي امر مهما كان و الا فليس بشيعي
توقيع ياعلي مدد
ياعلي مدد
ايا زهراء كيف لُطمتِ وخدّك مقبلُ الرسول
وكيف بالسياط ألموك وأنت بضعة الرسول
وكيف يا زهراء يعصروك وصدرك مشكى الرسول
اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
نعم اخي الفاضل السيد المستبصر .... هذا أيضاً ما فهمته من تعليق الأخت الفاضلة*"يا علي مدد"
وهي قطعاً لا تقصد ما ذهبت إليه..
على كل حال نشكر طرحكم القيم أخي السيد الفاضل ... ودمت موفقاً ببركة أهل البيت(ع)
توقيع حفيد الزهراء
يااااااا زهراء
سقَانِي غيثُها حبًّا فريدا ... فَطارَ القلبُ في الدنيا طروبا
أنا ما عشتُ إلا من هواها ... ولولاها لما كنتُ الحبيبا
سأستوحي حروف الشعر منها ... لأبقى من معانيها قريبا
هي السحرُ الذي أعطى وجودي... وأعطاني من الدنيا نصيبا
اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
نعم اخي الفاضل السيد المستبصر .... هذا أيضاً ما فهمته من تعليق الأخت الفاضلة*"يا علي مدد"
وهي قطعاً لا تقصد ما ذهبت إليه..
على كل حال نشكر طرحكم القيم أخي السيد الفاضل ... ودمت موفقاً ببركة أهل البيت(ع)
توقيع حفيد الزهراء
يااااااا زهراء
سقَانِي غيثُها حبًّا فريدا ... فَطارَ القلبُ في الدنيا طروبا
أنا ما عشتُ إلا من هواها ... ولولاها لما كنتُ الحبيبا
سأستوحي حروف الشعر منها ... لأبقى من معانيها قريبا
هي السحرُ الذي أعطى وجودي... وأعطاني من الدنيا نصيبا
اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
أشكر لكم تتبعكم للبحث، ولكي أكد على ما قلته أننا لا ننفي التشيع عمن عنده شبهة من الشيعة وهؤلاء أشخاص موجودين، وأعطي مثالاً آخر: حين يتكلم بعض من الشيعة: وقد لا يقبلوا سكوت الإمام علي () حين هجموا على داره وفيه الزهراء () وقد جرى ما جرى، فهل يمكن أن أقول أن هذا المشتبه ليس بشيعي؟! أم أقول أن هذا الشيعي مشتبه ويجب أن أبين له سكوت الإمام لمصلحة ما؟!.
هو لم يستطيع أن يفهمها لقصور في وجهة نظره..
أختي العزيزة.. يجب علينا أن نتفهم هؤلاء ولا أن نرميهم بعدم التشيع.. وكل ما قصدته وعلمته من خلال كلمك أنك لا تعيبين على البحث، ولكن يجب أن لا نعتقد بضلال كل من قصر عقله عن فهم الإمام..